البديع
البديع المختصر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته،ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} آل عمران/ 120،وقال تعالى : { يائها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } النساء / 1 ،وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب /70 ، 71 وبعـــــد :
فهذه الحلقة الأولى في موضوع ( البديع ) والتي ستكون بعنوان ( تمهيد )
إن لله الأسماء الحسنى، والصفات العليا، فلا يسمي نفسه إلا بأكمل الأسماء وأجلها، ولا يصف ذاته العلية إلا بأبلغ وصف وأنماه، وأفضله وأزكاه، فله الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وهو سبحـانه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }[الشورى:11]، فكل صفة كمال فالله أولى بالاتصاف بها، وكل صفة نقص فالله منزه عنها.
وقال تعالي: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الأعراف 180وقال تعالي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}طه8 وقال تعالي: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}الحشر 24 ، وقال تعالى : {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (البقرة 117)
وفي الصحيح:( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا
وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ)[ متفق عليه (البخاري 7392-مسلم2677)وفي رواية مسلم "أنه وتر يحب الوتر".]
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: والصواب الذي عليه جمهور العلماء أن قول النبي صلى الله عليه و سلم (إن لله تسعة وتسعين أسما من أحصاها دخل الجنة ) معناه أن من أحصى التسعة والتسعين من أسمائه دخل الجنة ليس مراده أنه ليس له إلا تسعة وتسعون أسما فإنه في الحديث الآخر الذي رواه أحمد وأبو حاتم في صحيحه (...أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب غمي وهمي إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرحا قالوا : يا رسول الله أفلا نتعلمهن قال : بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن ) [ مسند احمد (4318) صحيح ابن حبان (972).]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (تمهيد)
وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت نفسك)[ مسلم (1118) ]؛ فأخبر أنه صلى الله عليه وسلم لا يحصى ثناء عليه, ولو أحصى جميع أسمائه لأحصى صفاته كلها فكان يحصي الثناء عليه؛ لأن صفاته إنما يعبر عنها بأسمائه. [ درء تعارض العقل والنقل دار الكتب العلمية - بيروت –ج3ص332]
قال ابن القيم: وقوله "أو استأثرت به في علم الغيب عندك " دليل على أن أسماءه أكثر من تسعة وتسعين, وأن له أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره, وعلى هذا فقوله:إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة؛ لا ينفي أن يكون له غيرها, والكلام جملة واحدة؛ أي له أسماء موصوفة بهذه الصفة؛ كما يقال لفلان مائة عبدا أعدهم للتجارة, وله مائة فرس أعدها للجهاد, وهذا قول الجمهور؛ وخالفهم ابن حزم فزعم أن أسماءه تنحصر في هذا العدد.[ شفاء العليل ,ابن القيم ج3ص1356(طبعة دار الصميعي)وذكر ابن حجر رد على ابن حزم في فتح الباري(باب مائة اسم غير واحد).]
ومن ضمن هذه الأسماء ما ورد في السنة ب(اسم الله الأعظم) له سبحانه وتعالى, وقد أنكره البعض, وزعم البعض الآخر أنه في القسم الذي استأثر الله به في علم الغيب,وغاب عنهم أنه قد ورد صريحاً في السنة في أحاديث منها الصحيح ,ومنها ما لم يصح علي ما سيأتي أن شاء الله.
قال الشوكاني-رحمه الله-: قد اختلف في تعين اسم الله الأعظم على نحو أربعين قولاً قد أفرده السيوطي بالتصنيف ، وسينتظم الـحديث إن شاء الله في هذا الموضوع على النحو الأتي :
أسماء الله كلها حسنى ، أسماء الله توقيفية يجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة.
الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم
العلماء عليها ،موقف العلماء من اسم الله الأعظم.
شرح اسم الله الأعظم ، بدع الاسم الأعظم ، أسماء الله كلها حسنى
المطلب الأول : بيان الأدلة على كون أسماء الله كلها حسنى.[ هذا التقسيم من كتاب معتقد أهل السنة والجماعة بتصرف وزيادة من مصادر أخرى.]
والمقصود بذلك : الآيات التي ورد فيها وصف أسماء الله تعالى بأنها حُسنى: وصف الله تعالى أسماءهُ بالحسنى في أربعة مواضع من القرآن الكريم، وهي:
1- قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا
وذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الأعراف 180
2- قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}الإسراء110.
3- قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} طه8.
4- قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الحشر24.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (تمهيد)
ومعنى "الحسنى": أ- تصريفها: "الحسنى" على وزن فُعْلَى، مؤنَّث الأحسن كالكبرى تأنيث الأكبر، والصُّغرى تأنيث الأصغر. قال ابن منظور: "وتأنيث الأحسن، الحسنى، كالكبرى والصُّغرى،تأنيث الأكبر والأصغر" [ لسان العرب مادة "حسن" 13/ 114، 115 ]
قال القرطبي رحمه الله: سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب، فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله, والحسنى مصدر وصف به[ تفسير القرطبي ج7 ص326 طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت]
ب- المعنى الخاص للكلمة: (الحسن ضد القبح، تقول: أحسنت بفلان وأسأت بفلان أي أحسنت إليه
وأسأتُ إليه)[ نفس المصدر السابق.]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الحسنى: هي المفضَّلة على الحسنة، والواحد الأحاسن)[ مجموع الفتاوى ج6ص141 طبعة دار الوفاء.] فالمعنى: أي البالغة في الحسن غايته، فحسنى على وزن (فُعلى) تأنيث (أفعل) التفضيل.
المعنى العام للآيات:
سبق أن ذكرنا أن الله وصف أسماءه بأنها حُسنى في أربعة مواطن، فالمعنى أي إن أسماء الله هي أحسنُ الأسماء وأجلُّها لإنبائها عن أحسن المعاني و أشرفها.
قال ابن الوزير: "واعلم أن الحسنى في اللغة هو جمع الأحسن لا جمع الحسن، فإن جمعه حسان وحسنة، فأسماء الله التي لا تحصى كلها حسنى، أي أحسن الأسماء، وهو مثل قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الروم 27؛ أي الكمال الأعظم في ذاته وأسمائه ونعوته، فلذلك وجب أن تكون أسماؤه أحسن الأسماء، لا أن تكون. حسنة وحسانا لا سوى؛ وكم بين الحسن والأحسن من التفاوت العظيم عقلا وشرعا ولغة وعرفا"[ العواصم من القواصم 7/ 228طبعة مؤسسة الرسالة بيروت ]
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:تحت هذه الآيات: ثم هنا ثلاثة أقوال :
إما أن يقال : ليس له من الأسماء إلا الأحسن ولا يدعى إلا به، وإما أن يقال : لا يدعى إلا بالحسنى، وإن سمى بما يجوز وإن لم يكن من الحسنى وهذان قولان معروفان .
وإما أن يقال : بل يجوز في الدعاء، والخبر، وذلك أن قوله : { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } ، وقال : { ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى } : أثبت له الأسماء الحسنى، وأمر بالدعاء بها . فظاهر هذا : أن له جميع الأسماء الحسنى .[ مجموع الفتاوى ج6 ص141]
المطلب الثاني:وجه الحسن في أسماء الله الحُسنُ في أسماء الله جاء من وجهين هما:
الوجه الأول: لدلالتها على مسمى الله، فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأجل وأقدس مسمى وهو الله عز وجل.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (تمهيد)
الوجه الثاني: لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالا ولا تقديراً[القواعد المثلي ص13 مكتبة دار المنهاج.]
قال الشيخ عبد العزيز السَّلمان: "فأسماء الله إنما كانت حسنى لدلالتها على أحسن مسمى وأشرف مدلول".
وقال ابن القيم: "أسماؤه- سبحانه وتعالى- كلُّها أسماء
مدح وثناء؛ وتمجيد؛ ولذلك كانت حسنى"[مدارج السالكين ج1ص125دار الكتاب العربي.]
وقال أيضا في جلاء الأفهام: أسماء الرب تعالى كلها أسماء مدح, ولو كانت ألفاظا مجردة لا معاني لها لم تدل على المدح, وقد وصفها الله سبحانه بأنها حسنى كلها فقال {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الأعراف 180
فهي لم تكن حسنى لمجرد اللفظ, بل لدلالتها على أوصاف الكمال, ولهذا لما سمع بعض العرب قارئا يقرأ{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }المائدة 38,قال:ليس هذا كلام الله تعالى فقال القارئ أتكذب بكلام الله تعالى فقال:لا ولكن ليس هذا بكلام الله فعاد إلى حفظه وقرأ و{َاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
فقال الأعرابي:صدقت عز فحكم فقطع ولو غفر ورحم لما قطع[جلاء الأفهام ج1ص172دار العروبة الكويت.]
فأسماؤه عز وجل تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته و إفضاله، ومن حسنها ما فيها من معنى التعظيم والإجلال والإكبار لله سبحانه وتعالى.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} "هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه بأن له الأسماء الحسنى، أي كل اسم حسن، وضابطه أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة وبذلك كانت حسنى، فإنها لو دلت على غير صفة بل كانت علما محضا لم تكن حسنى، ولو دلت على صفة ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أوصفة منقسمة إلى المدح والقدح لم تكن حسنى فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتُق منها، مستغرق لجميع معناها، وذلك نحو "العليم" الدال عليه أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء فلا يخرج عن علمه مثقال ذرَّة في الأرض ولا في السماء، و"الرحيم" الدال على أنه له رحمة عظيمة واسعة لكل شيء، و"القدير" الدال على أن له قدرة عامة لا يعجزها شيء ونحو ذلك. ومن تمام كونها حسنى أنه لا يُدعى إلا بها، ولذلك قال: {فَادْعُوهُ بِهَا} وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، فيقول الداعي مثلا اللّهم اغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، وتب عَلَيَّ يا تواب، وارزقني يا رزاق، والطف بي يا لطيف ونحو ذلك"[ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص351 ]والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (تمهيد)
مثال ذلك: "الحيُّ": اسم من أسماء الله تعالى متضمن للحياة الكاملة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها.[ القواعد المثلي ص13 ]
أسماء الله توقيفية يجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة.
قال الشيخ محمد صالح بن عثيمين رحمه الله: أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها:وعلى هذا فيجب
الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} الإسراء 36,وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}الأعراف33، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه, أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص.[ القواعد المثلي ص23] [ الأنترنت – موقع العقيدة والحياة – اسم الله الأعظم - د أحمد القاضي ]
المقدمة : الاسم والمسمى :
الراجح عند أهل السنة أن يقال: إن الاسم للمسمى ؛ لورود الأدلة بذلك قال الله تبارك وتعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } [ الأعراف: 180 ]، ولا يقال الاسم هو المسمى أو غير المسمى إلا ببيان المعنى الحق إذ إنها تحتمل حقا وباطلا.
فهذه ثلاث صور للمسألة:
الأولى: الاسم غير المسمى.
والثانية: الاسم هو المسمى.
والثالثة: الاسم للمسمى.
فأما الصورتان الأوليان فتحتملان حقا وباطلا، فقول القائل إن الاسم غير المسمى إن أراد أن لفظ الاسم غير الذات وأنه مخلوق، فهذا معنى باطل لأن أسماء الله تعالى من كلامه وكلامه غير مخلوق فأسماء الله غير مخلوقة.
وإن أراد القائل أن أسماء الله غير ذات الله، فهذا
كلام صحيح عقلا ولغة، لأن لفظ زيد مثلا غير زيد
الآكل الشارب.
وأما الصورة الثانية: أن الاسم عين المسمى، فأيضا تحتمل حقا وباطلا، فمن قال إن الاسم عين المسمى وأراد بالاسم الذات وأراد أن ألفاظ أسماء الله مخلوقة، فهذا معنى باطل كما سبق.
وإن أراد أن الاسم عين المسمى بمعنى الاسم لا ينفك عن المسمى ولم يقل بخلق أسماء الله، فهو كلام حق.
وأما الصورة الثالثة: وهي أن الاسم للمسمى فهو كلام واضح لا تلبيس فيه ولا تدليس وليس من الكلمات المحدثة بل الكتاب والسنة يدلان عليه، فقد قال الله تبارك وتعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى }. فالحاصل أن قول القائل إن الاسم عين المسمى أو غير المسمى إن صدر عن إمام من أئمة السنة فيُحمل على المعنى الحق، وإن جرى على لسان إمام من أئمة أهل الكلام فيحمل على المعنى الباطل.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (المقدمة)
وقد انتهيت من دراسة موضوع ( الأسماء الحسنى
في الكتاب والسنة ) إلى النتائج:
1/ إن توحيد الأسماء والصفات هو الذي كثر فيه الخوض بين أهل القبلة.
2/ إن منهج أهل السنة والجماعة في دراسة أسماء الله الحسنى هو الأسلم وألاحكم والأعلم، وهو وسط بين منهج أهل التعطيل وبين منهج أهل التمثيل.
3/ إن أسم ( الله ) هو الاسم الجامع لمعاني أسماء الله الحسنى كلها، ما عُلِم منها، وما لم يُعلم ؛ ولذلك يقال في كل اسم من أسمائه الكريمة: (هو من أسماء الله، ولا ينعكس).
4/ الأسماء الحسنى: كلمات شرعية تدل على ذات الله تعالى تتضمن إثبات صفات الكمال المطلق له جل وعلا، وتنزيهه سبحانه عن كل عيب ونقص.
5/ الراجح عند أهل السنة أن يقال: إن الاسم للمسمى ؛ لورود الأدلة بذلك قال الله تبارك وتعالى: { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } (الأعراف /180).
والاسم: ما حصل به تعيين المسمى، وأي اسم دعوت به فانك قد دعوت الله عز وجل، قال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ
فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً } الإسراء / 110.
6/ ليس من الأسماء الحسنى اسم يتضمن الشر وإنما يذكر الشر في مفعولاته، وأن الذي يضاف اليه سبحانه وتعالى كله خير وحكمة ومصلحة وعدل والشر ليس اليه.
7/ كل لفظ يقتضي التعظيم والكمال لا يكون إلا لله تعالى دون غيره، وما يطلق على الله تعالى من الأسماء لا بُدّ أن يكون في غاية الحسن ؛ لأنّ الله تعالى له أحسن الأسماء وأعلاها.
8/ الإخبار تشتق من الأسماء والصفات والأفعال
الثابتة لله عز وجل وغيرها، ويُخبر عن الله بها، ولا تعد من الأسماء عليها،لان باب الإخبار أوسع الأبواب ، فهو أوسع من باب الأسماء ومن باب الصفات لأنه احتواها وزاد عليها. والإخبار توفيقياً، أما الأسماء والصفات فإنهما توقيفيان. وعليه، فانه لا يجوز الدعاء بكل ما ورد في باب الإخبار، لأن الله تعالى أمر بدعائه بأسمائه الحسنى ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )(الأعراف/180)، فلا يصح الدعاء ﺒ ( يا ساتر)، ويصح ﺒ (يا ستير).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (المقدمة)
9/ أسماء الله الحسنى غير مخلوقة ؛ لأنها من كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام ﷲ جل وعلا غير مخلوق، بل الله جل جلاله هو المسمي نفسه بها.
10/ مذهب أهل السنة والجماعة، أن أسماء الله عز وجل كلها حسنى، كما قال تعالى {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، فهي إعلام وأوصاف، إعلام باعتبار دلالتها على الذات، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وأن كل اسم من أسماء الله تعالى فهو متضمن لصفة وليست كل صفة متضمنة لاسم، ولهذا كانت الصفات أوسع من باب الأسماء، فالاسم ما دل على معنى وذات، والصفة ما دل على معنى.
11/ الاسماء الحسنى، باعتبار دلالتها على الذات فهي مترادفة ؛ لأنها دلت على شيء واحد وهو الله، وأما باعتبار دلالتها على المعنى فهي متباينة ؛ لأن لكل اسم منها معنى غير المعنى في الاسم الآخر.
والمترادف: هو متعدد اللفظ متحد المعنى، والمتباين: هو متعدد اللفظ والمعنى.
12/ الاسم على ضربين:
1. مشتق ( غير جامد ) وهو الاسم الدال على معنى وذات.
2. غير مشتق ( جامد ) وهو الاسم العلم المحض.
وأسماء الله تعالى كلها مشتقة ليس فيها اسم جامد، فهي أسماء مدح، ولو كانت ألفاظا مجردة لا معاني لها لم تدل على المدح. فلا يجوز أن يكون من أسمائه أعلام جامدة لأنّه لا دلالة فيه على شيء من الحسن أصلاً.
تنبيه: إذا قلنا أن أسماء الله مشتقة أي أنها تدل
على ذات ومعنى، وإذا قلنا لا يجوز الاشتقاق في
الأسماء الحسنى، أي لا يصح أن نشتق الاسم من الصفة أو الفعل.
13/ لا يجوز أن يعدّ من الاسماء الحسنى، ما ينقسم مدلوله إلى كامل وناقص،أو خير وشرّ، وكذلك لا يجوز أن يعدّ منها ما لا يحمل معنى الكمال المطلق.
14/ أسماء الله تعالى من أعظم أدلّة التّنزيه ؛ وهي تدلّ على التّنزيه باعتبار وصفها، وتدلّ عليه سبحانه وتعالى باعتبار آحادها.
15/ الأسماء الحسنى كلها من قبيل المحكم المعلوم المعنى وليست من المتشابه. والمحكم هـو البينّ الواضح الذي لا يحتاج في معناه إلى غيره، وذلك لوضوحه. أما المتشابه فهو ما لا سبيل إلى إدراك حقيقته وكنهه. وكل أسمائه تعالى دالة على معانيها وكلها أوصاف مدح وحمد وثناء وهي من قبيل المحكم لأن معانيها واضحة في لغة العرب إنما الكنه والكيفية من ما استأثر الله بعلمه.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (المقدمة)
16/ أهل العلم إذا فسروا الأسماء الحسنى، فإنما هو تقريب ليدلوا الناس على أصل المعنى، أما المعنى بكماله فإنه لا يعلمه أحد إلا الله جل جلاله ؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في دعائه: (لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك).
والناس حين يفسرون أسماء الله جل وعلا فإنهم يفسرون ذلك بما يقرب إلى الأفهام المعنى، أما حقيقة المعنى على كماله فإنهم لا يعونه ؛ لأن ذلك من الغيب، وكذلك الكيفية فإنهم لا يعلمونها ؛ لأن ذلك من الغيب، فالله جل وعلا له الأسماء الحسنى، والصفات العلى.
17/ أسماؤه سبحانه وتعالى أعلام وأوصاف، والوصفية لا تنافي العلمية، بخلاف أوصاف العباد.
18/ دلالة الأسماء الحسنى قسمان:
1- دلالة عامة: وهي الدلالة على العَلَمية والوصفية، وهي دلالة مطلقة من حيث هي أسماء الله الحسنى.
2- دلالة خاصة: وهي تستفاد من كل اسم من أسماء الله الحسنى بعينه، وهي ما دل لفظها على الذات وخصوص صفة، كدلالة: (الرحمن) على ذات الله تعالى وعلى صفة الرحمة.
وهي باعتبار الدلالة اللفظية ثلاثة أنواع:
أ- دلالة مطابقة: وذلك بدلالة الاسم على جميع أجزائه:(الذات والصفات) دلالة اللفظ على كل معناه.
ب- دلالة تضمن:وذلك بدلالة الاسم على بعض أجزائه.
جـ- دلالة التزام: وذلك بدلالة الاسم على غيره من الأسماء أو الصفات التي تتعلق تعلقًا وثيقًا بهذا الاسم وإن كانت خارجة عنه.
19/ ( الله سبحانه وتعالى، لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله لا مثل له، بل له المثل الأعلى، فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال، فالخالق أولى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص، فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزّهًا عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم، فالخالق أولى أن يُنزه عن مماثلة المخلوق وإن حصلت موافقة في الاسم ) ٳھ
20/ الأسماء الحسنى غير محصورة بعدد معين، والحديث ( إن لله تسعة وتسعين إسماً من أحصاها دخل الجنة )،لايفيد أنها محصورة بالتسعة والتسعين، وإنما غاية ما فيه أن هذه الأسماء موصوفة بأن على من أحصاها دخل الجنة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (المقدمة)
21/ ضرورة الالتزام بما ورد في القرآن والسنّة الصّحيحة في تتبع الأسماء الحسنى ؛ لأنّ أسماء الله توقيفيّة ؛ ولا مجال للرأي والاجتهاد فيها، فلا يسمّى الله إلاّ بما سمّى به نفسه، أو سمّاه رسوله. وبهذا يخرج من التتبع كل اسم ورد به النص على سبيل الإخبار أو المقابلة أو التقيد أو الإضافة. و يخرج من التتبع أيضا الأسماء الاصطلاحية ( ما وُضع اصطلاحا ) والقياسية والمشتقة من الصفة أو الفعل.
22/ الاسم المطلق قد يأتي مقيدا، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) (النساء/86)، و(وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (الاحزاب/39)، ففي الآية الاولى كان الاسم مطلقاً، وفي الثانية مقيداً، فالاسم المطلق لو قُيد لا يحتمل نقصا، بأي وجه من الوجوه، أما الاسم المقيد لو أطلق فإنه يوهم نقصاً.
23/ التسمية والدعاء على ثلاثة أقسام:
1- ما يجوز أن يسمى الله سبحانه وتعالى به ويُدعى، وهي الأسماء التوقيفية الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة حصراً.
2-ما يجوز أن يسمى الله سبحانه وتعالى به ولا
يُدعى، وهي الأسماء التي ترد على سبيل الإخبار.
3- ما لا يجوز أن يسمى الله سبحانه وتعالى به ولا يُدعى، وهي الأسماء التي توهم نقصاً أو وهماً.
24/ إن من أسمائه سبحانه وتعالى:
1- ما يطلق عليه مفردا ( الرحمن ). أو مقترنا ( العزيز الوهاب ).
2- ما لا يطلق عليه إلا مقرونا بغيره ( القابض الباسط،الاول الاخر،الظاهرالباطن،المقدم المؤخر ) وهي الأسماء المزدوجة أو (المزدوجة المتقابلة).
25/ الأسماء المضافة مثل: ( عالم الغيب، وبديع
السموات والأرض، وذو الجلال والإكرام، ومقلب القلوب، جامع الناس ) ليست من الأسماء الحسنى المطلقة، بل من الاسماء المقيدة، ولا يصح اشتقاق الاسماء منها.
26/ الأسـماء المتضمنة صفة واحـدة لا تعد اسمًا واحدًا، مثل ( القادر، القدير، المقتدر ).
27/ عدم ثبوت تعيين الأسماء الحسنى مرفوعًا إِلى النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ؛ ولهذا فإنّ أسلم المناهج في تعيينها يقوم على تتبّعها من النّصوص الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة، مع مراعاة قواعد وضوابط تعيين الأسماء.
28/ الأسماء الحسنى غير محصورة بعدد معين.
29/ إن مَن جمع مِن أهل العلم تسعة وتسعين اسما من أسماء الله تعالى، وجمع غيره أسماء أخرى، فوافقه الأول في بعضها، وخالفه في بعض لا يعني ذلك أن ما اختلفا فيه بعضه ليس من أسماء الله لتجاوز ذلك التسعة والتسعين، بل قد يكون ما جمعاه كله من أسماء الله وإن جاوز التسعة والتسعين، وعلى كل فالعبرة في صحة ذلك الاسم أو عدمها قيام الدليل عليه من الكتاب والسنة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العاشرة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان (المقدمة)
30/ إن جَمْع بعض أهل العلم لتسعة وتسعين اسما من أسماء الله الحسنى المذكورة في الكتاب والسنة لا يعني أنهم يرون حصرها في تلك الأسماء التي ذكروها، وإنما مرادهم تقريب هذه الأسماء إلى الراغبين في حفظها وفهمها والعمل بما تقتضيه.
31/ إحصاء الأسماء الحسنى من أعظم الأعمال، والمراد به: 1- إحصاء ألفاظها وعدها.
2- فهم معانيها ومدلولها.
3. دعاء الله سبحانه وتعالى بها أو القيام بحقّها قولاً وعملاً.
قال الله تعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }، والدعاء بها يتناول دعاء المسألة، ودعاء الثناء، ودعاء التعبد. وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها. وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته.
32/ إحصاء أسماء الله الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم، لأن المعلومات القدرية والشرعية صادرة عن أسماء الله وصفاته، ولهذا كانت في غاية الإحكام والإتقان والصلاح والنفع.
33/ ما صح تسمية الله به جاز التعبيد لله به، بل اتفق أهل العلم على استحسان الأسماء المضافة إلى الله كعبد الله وعبد الرحمن وما أشبه ذلك، واتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله تعالى: كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حكى ذلك ابن حزم،ونقله عنه ابن القيّم.
34/ الاسماء الحسنى ينعقد بها اليمين، ويستعاذ بها.
35/ الأسماء الواردة في القراءة الشاذة للقرآن الكريم من الأسماء الحسنى. فالقراءة الشاذة بمنزلة خبر الواحد تفيد العلم والعمل.
36/ الأسماء الواردة في حديث الآحاد الصحيح والحديث الحسن هي من الأسماء الحسنى. لأن كل ما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجب الأخذ به في العقائد وفي الأعمال، أي في جميع مسائل الدين العلمية والعملية، وإن كانت الأحاديث متفاوتة في درجة القبول، لكن كل ما توافرت فيه شروط القبول وجب العمل به. 37/الإلحاد في الأسماء الحسنى محرم لان الله سبحانه وتعالى هدد الملحدين بقوله عز وجل: { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } (الأعراف/180).
38/ إنّ العلم بالله تعالى، وأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، فالاشتغال بفهم هذا العلم اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد من أشرف المواهب.
39/ إن معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى تزيد الإيمان وتقوي اليقين وتدعوإلى محبته، وخشيته ، وخوفه، ورجائه، ومراقبته، وإخلاص العمل له، وهذا هو عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه الحسنى، والتفقه في معانيها. [الأنترنت – موقع الأسماء الحسنى في الكتاب والسنة - الخلاصة في مسألة الاسم والمسمى - تأليف : أكرم غانم إسماعيل تكاي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون بعنوان (المقدمة)
*الأحاديث الواردة في اسم الله الأعظم وتخريجها وحكم العلماء عليها :
سنذكر الأحاديث الثابتة عن النبي محمد صلي الله
عليه وسلم التي ذكرت فيها لفظ اسم الله الأعظم.
الحديث الأول :حديث عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه قال : سمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلا يدعو وهو يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال فقال "والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى".
وفي رواية قال صلي الله عليه وسلم" لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ". [ أخرجه الترمذي(3475), وأبو داود(1493),والنسائي في الكبرى (7619),وابن ماجه(3857),وأحمد في المسند(22848), وابن حبان في صحيحة بترتيب ابن بلبان(891-892),والحاكم(1858),وأبن أبي شيبة في المصنف(29360),ومصنف عبد الرزاق(4178). صححه الحاكم,وابن حبان,والذهبي,والألباني ,قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب قال ابن حجر وهو أرجح من حيث السند(أي في اثبات اسم الله الأعظم (فتح الباري - ج14ص482 - دار طيبة ) .وحسنه السخاوي.]
الحديث الثاني :حديث انس بن مالك رضي الله عنه : أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا
ورجل يصلي ثم دعا اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم " لقد دعا الله [ عزوجل ] باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى " .
وفي رواية "الحنان المنان" وفي رواية "لقد دعا الله باسمه العظيم,الذي إذا دُعي به أجاب, وإذا سئل به أعطى". وفي رواية"والذي نفسي بيده لقد دعا الله ......" وفي رواية" كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم فدعا رجل فقال يا بديع السماوات يا حي يا قيوم إني أسألك فقال أتدرونَ بما دعا ؟ والذي نفسي بيده دعا الله باسمه الذي إذا دعي به أجاب" [ أخرجه أبو داود(1495),الترمذي (3544) , النسائي في الكبرى (1224) ,والبخاري في الأدب المفرد(705),وأحمد في المسند (12226-13595-13824),الحاكم في المستدرك(1856)وقال صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجه,وابن حبان (893),ومصنف ابن أبي شيبة (29361). صححه ابن حبان والحاكم والذهبي والألباني رحمه الله دون لفظة "الحنان"وحسنه ابن حجر والسخاوي.وللحديث طرق كثيرة لمراجعتها راجع كتاب إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم.ل(عبد الفتاح محمود سرور) ]
الحديث الثالث: حديث أبي أمامة عن أبي أمامة : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن في سورة البقرة و آل عمران و طه.
قال القاسم: فالتمستها إنه الحي القيوم.[ أخرجه ابن ماجه (3856),والحاكم في المستدرك (1861),ومعجم الطبراني الكبير(7659) . حسنه الشيخ الألباني رحمه الله,في صحيح ابن ماجه وقال صاحب كتاب إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم(موقوف أصح)ص69]
الحديث الرابع: حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها عن أسماء بنت يزيد : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } وفاتحة سورة آل عمران { الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم } " [ أخرجه الترمذي(3478),وأبو داود(1496),وابن ماجه(3855). والحديث ضعيف فيه عبيد الله بن أبي زياد,وشهر بن حوشب؛ كلاهما ضعيف. وقال الشيخ الألباني :قال الترمذي " حديث حسن صحيح "!كذا قال! وهو من تساهله الذي عرف به!؛ثم قال : نعم؛ للحديث شاهد من حديث أبي أمامة... مرفوعاً نحوه. فهو به حسن،وقد خرجته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (746) .(في صحيح أبي داود طبعة مؤسسة غراس الكويت) ] هذه الأحاديث الصريحة الوارد فيها ذكر لفظ( اسم الله الأعظم)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
موقف العلماء من اسم الله الأعظم :
قد أختلف العلماء في اسم الله الأعظم من حيث وجوده علي أقوال:[ فتح الباري ج14ص483 ]
القول الأول : إنكار وجوده ، المقصود إنكار تعين اسم الله الأعظم باسم معين لأن أسماء الله كلها عظيمة.]
: لاعتقادهم بعدم تفضيل اسم من أسماء الله تعالى على آخر ، وقد تأول هؤلاء الأحاديث الواردة السابقة فحملوها على وجوه :
الوجه الأول : من قال بأن معنى الأعظم هو العظيم وان أسماء الله كلها عظيمة ولا تفاضل بينها.
قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: وقد أنكره قوم كأبي
جعفر الطبري, وأبي الحسن الأشعري, وجماعة بعدهما كأبي حاتم بن حبان والقاضي أبي بكر الباقلاني ؛ ونسبه بعضهم لمالك.
وعللوا ذلك بقولهم: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض، ونسب ذلك بعضهم لمالك لكراهيته أن تعاد
سورة أو تردد دون غيرها من السور لئلا يظن أن بعض القرآن أفضل من بعض فيؤذن ذلك باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل، وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم العظيم وأن أسماء الله كلها عظيمة.
وعبارة أبي جعفر الطبري : اختلفت الآثار في تعيين
الاسم الأعظم، والذي عندي أن الأقوال كلها صحيحة
إذ لم يرد في خبر منها أنه الاسم الأعظم ولا شيء أعظم منه؛ فكأنه يقول كل اسم من أسمائه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم فيرجع إلى معنى عظيم كما تقدم. [ شرح صحيح البخاري لابن بطال –كتاب التعبير-]
الوجه الثاني:المراد بالأعظم أي ؛مزيد ثواب الداعي بذلك الاسم ؛قال ابن حبان الأعظمية الواردة في الأخبار إنما يراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك كما أطلق ذلك في القرآن والمراد به. مزيد ثواب القارئ.
الوجه الثالث:المراد باسم الله الأعظم حالة يكون عليه
الداعي؛ وهي تشمل كل من دعا الله تعالي بأي اسم
من أسمائه؛ إن كان على تلك الحالة.
قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: وقيل المراد بالاسم الأعظم كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به مستغرقا بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى فإن من تأتى له ذلك استجيب له. ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق وعن الجنيد وعن غيرهما.
القول الثاني: قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: وقال آخرون: استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
موقف العلماء من اسم الله الأعظم :
القول الثالث: إثبات وجوده مع اضطراب في تعيينه ,وقد أختلف أهل العلم في تعين اسم الله الأعظم.
قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: وأثبته آخرون معينا واضطربوا في ذلك وجملة ما وقفت عليه من ذلك أربعة عشر قولا :
الأول: الاسم الأعظم "هو"!! وهذا الاسم مردود
على من قاله وسيأتي ذكره في بدع اسم الله الأعظم.
[ فتح الباري ج14ص481 ]
الثاني: "الله" لأنه اسم لم يطلق على غيره، ولأنه الأصل في الأسماء الحسنى ومن ثم أضيفت إليه.[ نفس المصدر السابق. ] اختار هذا القول جمع من السلف والعلماء :
1-وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم هو الله.[ الدرر المنثور للسيوطي (ج1ص23)دار الفكر ]
2-اختاره الإمام جابر بن زيد قال الطبري في تفسيره حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، قال: ثني رجل، عن جابر بن زيد، قال: إن اسم الله الأعظم هو الله، ألم تسمع يقول: ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )الحشر22,23
يقول: تنزيهًا لله وتبرئة له عن شرك المشركين به. قاله الطبري تحت قوله تعالي"هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُالْحَكِيمُ"الحشر24 [(ج24ص305 طبعة الرسالة) , وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وابن الضريس في فضائله وابن أبي حاتم في تفسيره]
3-واختاره الإمامان أبو حنيفة وأبو جعفر الطحاوي
رحمهم الله.
قال أبو جعفر:بعد إن روي الآثار عن رسول الله في اسم الله الأعظم :فهذه الآثار قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متفقة في اسم الله الأعظم أنه الله عز وجل وقد روي عن أبي حنيفة قال ( اسم الله عز وجل الأكبر هو الله)[ شرح مشكل الآثار باب بيان اسم الله الأعظم (ج1ص161)طبعة الرسالة .]
4-وأخرج ابن أبي شيبة،وَابن أبي الدنيا في الدعاء عن الشعبي قال:اسم الله الأعظم ،يا الله[الدرر المنثور للسيوطي.
5- وقال أبو البقاء الفتوحي الحنبلي رحمه الله : فائدتان:
الأولى : أن اسم "الله" علم للذات,ومختص به , فيعم
جميع أسمائه الحسنى .
الثانية : أنه اسم الله الأعظم عند أكثر أهل العلم الذي هو متصف بجميع المحامد .[ الكوكب المنير ج1ص25 ]
6-وقال الشيخ عمر الأشقر – رحمه الله - : والذي يظهر من المقارنة بين النصوص التي ورد فيها اسم الله الأعظم أنّه : ( الله ) ، فهذا الاسم هو الاسم الوحيد الذي يوجد في جميع النصوص التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ اسم الله الأعظم ورد فيها .
ومما يُرجِّح أن ( الله ) هو الاسم الأعظم أنه تكرر في القرآن الكريم ( 2697 ) سبعاً وتسعين وستمائة
وألفين - حسب إحصاء المعجم المفهرس - وورد بلفظ ( اللهم ) خمس مرات ، في حين أنّ اسماً آخر مما يختص بالله تعالى وهو ( الرحمن ) لم يرد ذكره إلا سبعاً وخمسين مرة ، ويرجحه أيضاً : ما تضمنه هذا الاسم من المعاني العظيمة الكثيرة .[ العقيدة في الله ص213 النفائس.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
موقف العلماء من اسم الله الأعظم :
الثالث:"الله الرحمن الرحيم" ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجه[برقم(3895)وضعفه الشيخ الألباني ] عن عائشة أنها "سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمها الاسم الأعظم فلم يفعل، فصلت ودعت: اللهم إني أدعوك الله وأدعوك الرحمن وأدعوك الرحيم وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم" الحديث وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال لها "إنه لفي الأسماء التي دعوت بها" . قال ابن حجر: وسنده ضعيف وفي الاستدلال به نظر لا يخفى.[ فتح الباري ج14ص481.]
الرابع: "الرحمن الرحيم الحي القيوم" لما أخرج الترمذي
من حديث أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين" {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وفاتحة سورة آل عمران {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي وحسنه الترمذي وفي نسخة صحيحة: وفيه نظر لأنه من رواية شهر بن حوشب.[ نفس المصدر السابق. ]
الخامس: "الحي القيوم" أخرج ابن ماجه من حديث أبي أمامة "الاسم الأعظم في ثلاث سور: البقرة وآل
عمران وطه" قال القاسم الراوي عن أبي أمامة:
التمسته منها فعرفت أنه الحي القيوم، وقواه الفخر الرازي
واحتج بأنهما يدلان من صفات العظمة بالربوبية ما لا يدل على ذلك غيرهما كدلالتهما.[ نفس المصدر السابق.]
اختاره ابن القيم قال: وفي تأثير قوله : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث في دفع هذا الداء مناسبة بديعة فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال مستلزمة لها, وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال, ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى : هو اسم الحي القيوم. والحياة التامة تُضاد جميعَ الأسقام والآلام.
ونقصانُ الحياة تضر بالأفعال، وتنافى القيومية، فكمالُ القيومية لكمال الحياة، فالحىُّ المطلق التام الحياة لا يفوتُه صِفة الكمال البتة، والقَيُّوم لا يتعذَّرُ عليه فعلٌ ممكنٌ البتة، فالتوسل بصفة الحياة والقَيُّومية له تأثيرٌ في إزالة ما يُضادُّ الحياة، ويضُرُّ بالأفعال.[ زاد المعاد (ج4 /ص187-188)طبعة الرسالة ]
قال ابن القيم :وقال لي شيخنا يوما لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم.[ مدارج السالكين ج1 ص448 دار الكتاب العربي – بيروت. ]
وقد نسب بعض الباحثين أن شيخ الإسلام قال أن اسم الله الأعظم هو الحي وأن هذا اختياره. وأظن أن الصواب ما قاله ابن القيم رحمهم الله.
السادس: "الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام الحي القيوم" ورد ذلك مجموعا في حديث أنس عند أحمد والحاكم وأصله عند أبي داود والنسائي وصححه ابن حبان.[ فتح الباري ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
موقف العلماء من اسم الله الأعظم :
السابع: "بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام" أخرجه أبو يعلى من طريق السدي ابن يحيى عن رجل من طيئ وأثنى عليه قال: "كنت أسأل الله أن يريني الاسم الأعظم فأريته مكتوبا في الكواكب في السماء". [ نفس المصدر السابق ]
الثامن: "ذو الجلال والإكرام" أخرج الترمذي من حديث معاذ بن جبل قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: يا ذا الجلال والإكرام فقال، قد استجيب لك فسل" واحتج له الفخر[ الفخر الرازي.ذكره في تفسير الفاتحة .]
بأنه يشمل جميع الصفات المعتبرة في الإلهية، لأن في
الجلال إشارة إلى جميع السلوب, وفي الإكرام إشارة إلى جميع الإضافات؛والسلوب: أي بالصفات السلبية أي الصفات التي ورد ذكرها بالنفي، فالسلب هو النفي.
مثل نفي النوم والسِنة قال تعالى" لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ"وكنفي الولد واللغوب والظلم ونحو ذلك.
ولتعلم : أنَّ النفي الوارد في صفات الله ليس نفياً صِرفاً ، وإنما هو نفي متضمن إثبات كمال ضد المنفي لله جل وعلا.
فنافي السنة والنوم: متضمن لإثبات كمال الضد ، وهو كمال الحياة والقيومية وفي نفي الولد: متضمن لإثبات كما الوحدانية. وفي نفي اللغوب ـ وهو التعب ـ إثبات كمال القوة والقدرة و في نفي الظلم إثبات كمال العدل والإضافات: هي الصفات الإضافية، والإضافة هي النسبة والشيء الإضافي هو الشيء النسبي، فهو ليس أمراً وجودياً بل أمر اعتباري معنوي، فالصفة الإضافية هي المعنى الذي لا يعقل إلا بوجود مقابل له، ومثال ذلك القبلية والبعدية والأبوة والبنوة، فالقبلية مثلاً ليست صفة ذاتية للشيء، بل صفة باعتبار ما بعده وكذا الأبوة فهي صفة باعتبار ابنه وإن كان هذا الأب ابناً باعتبار أبيه، فهو اكتسب الصفة بالنسبة لغيره، وليست صفة ملازمة له كيده وطوله ولونه.
ويلاحظ أن هذه الصفات الإضافية لا وجود لها حقيقة، وإنما وجودها عقلي معنوي. [راجع مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام أو الرسالة التدمرية.]
التاسع: "الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث بريدة، وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك.[ فتح الباري ]
العاشر "رب رب" أخرجه الحاكم من حديث أبي الدرداء وابن عباس بلفظ: "اسم الله الأكبر رب رب" وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة "إذا قال العبد يا رب يا رب، قال الله تعالى: لبيك عبدي سل تعط" رواه مرفوعا وموقوفا. [ نفس المصدر السابق والحديث ضعيف جدًّا كما في السلسلة الضعيفة للألباني ( رقم 2693)]
الحادي عشر: "دعوة ذي النون" أخرج النسائي والحاكم عن فضالة بن عبيد رفعه: "دعوة ذي النون في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم قط إلا استجاب الله له".
الثاني عشر: نقل الفخر الرازي عن زين العابدين أنه سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم فرأى في النوم "هو الله الله الله الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم". [نفس المصدر السابق ]
الثالث عشر: هو مخفي في الأسماء الحسنى، ويؤيده حديث عائشة المتقدم "لما دعت ببعض الأسماء وبالأسماء الحسنى. فقال لها صلى الله عليه وسلم: إنه لفي الأسماء التي دعوت بها". [ نفس المصدر السابق]
الرابع عشر: كلمة التوحيد"لا اله إلا الله".[ نفس المصدر السابق]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي ستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
موقف العلماء من اسم الله الأعظم :
قال الشيخ الألباني-رحمه الله-: واعلم أن العلماء اختلفوا في تعيين اسم الله الأعظم على أربعة عشر قولأ ،ساقها الحافظ في "الفتح" ، وذكر لكل قول دليله ، وأكثرها أدلتها من الأحاديث ،وبعضها مجرد رأي لا يلتفت إليه ، مثل القول الثاني عشر ؛ فإن دليله : أن فلاناً سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم ، فرأى في النوم ؛ هو الله ، الله ، الله ، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم!!
ثم قسم الشيخ رحمه الله الأحاديث التي ذكرها
الحافظ فقال: وتلك الأحاديث منها الصحيح " ،
ولكنه ليس صريح الدلالة ، ومنها الموقوف كهذا.
ومنها الصريح الدلالة ؛ وهو قسمان.
قسم صحيح صريح ، وهو حديث بريدة : "الله لا إله إلا هو ، الأحد الصمد الذي لم يلد ... " إلخ ، وقال الحافظ :"وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك " .
وهو كما قال رحمه الله ، وأقره الشوكاني في "تحفة الذاكرين " (ص 52) ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1341)
والقسم الآخر : صريح غير صحيح ، بعضه مما صرح
الحافظ بضعفه
القول الثالث عن عائشة في ابن ماجه (3859) ، وهو في "ضعيف ابن ماجه " رقم (841)؛ وبعضه مما سكت عنه ؛ فلم يحسن! كحديث القول الثامن من حديث معاذ ابن جبل في الترمذي ، وهو مخرج في "الضعيفة" برقم (4520) .
وهناك أحاديث أخرى صريحة لم يتعرض الحافظ لذكرها ولكنها واهية ، وهي مخرجة هناك برقم (2772 و 2773 و 2775)[ سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج13ص279دار المعارف ]
ولعل أرجح الأقوال التي ذكرها الحافظ ابن حجر رحمه الله هي: القول الثاني:"الله جلا جلاله".
والقول الخامس:الحي القيوم".
أما عن صيغة الدعاء باسم الله الأعظم فيدعوا المسلم مره بما ورد في حديث بريدة و يقول" اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد".
ومره بما ورد في حديث انس فيقول" اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم". فيكون جمع بين القولين والله أعلم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي هي بعنوان : *شرح اسم الله الأعظم
المقصود بهذا القسم شرح أرجح الأقوال شرحاً ميسراً وهي:1-الله جلا جلاله: هو المألوه المعبود، المستحق لإفراده بالعبادة، لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال.[ تفسير ابن سعدي 39مؤسسة الرسالة.]
2- الحي القيوم: هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري.[ نفس المصدر السابق ص110.] بدع الاسم الأعظم[ ملخص من كتاب إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم (عبد الفتاح محمود سرور)]
إن المتتبع للحق هو من يقف عند الثابت في الشرع الحنيف ولا يتجاوزه إلي ما سواه,لكن يأبى قوم إلا أن يحيدوا عن المنهج القويم إلي بدع زينها لهم شياطين الإنس والجن, فلم يتركوا باباً في الشرع إلا وابتدعوا فيه.
فبعض الصوفية والطرقية يدعون أشياء في اسم الله الأعظم لا سند لها في كتاب الله ولا حديث صحيح أو ضعيف بل هي من الخرافات.
فيزعمون أن الاسم الأعظم الضمير الغائب (هو).
وانتصر لهذا الاسم الفخر الرازي في تفسيره (1/190-196)في ذلك,وقال في خاتمة الفصل: (ولنختم هذا الفصل بذكر شريف رأيته في بعض الكتب: يا هو ، يا من لا هو إلا هو ، يا من لا إله إلا هو ، يا أزل ، يا أبد ، يا دهر ، يا ديهار ، يا ديهور ، يا من هو الحي الذي لا يموت.
وقال: فوجب أن يكون قولنا : "هو" أعظم الأذكار.
ومن لطائف هذا الفصل أن الشيخ الغزالي رحمة الله عليه كان يقول : "لا إله إلا الله" توحيد العوام ، "ولا إله إلا هو" توحيد الخواص.[ تفسير الرازي]
فهذا الذكر رآه الرازي في بعض الكتب فهي وجادة لا حجة فيها , ولا يدرى هل هو من كتاب منقول من كلام أهل الكتاب,أم هل كتابة ثقة أم ضعيف...ألخ
وهذا الذكر باطل, وتضمن أسماء لا يصح أن تطلق علي المولي عز وجل ، ومن هذه البدع : تقسيم الاسم إلي ظاهر وباطن [ أنظر إتحاف المسلم بما صح في اسم الله الأعظم ]
وكل هذه أباطيل لا يقبلها عقل ولا نقل يعضدها بل هي أكاذيب تدل علي ضلال معتنقها. وهي من أباطيل الصوفية ليتلاعبوا بالبسطاء من الناس لمطامع شخصية لهم فادّعوا أن هناك اسماً أعظم خاص بالإمام علي رضي الله عنه وآخر خاص بالنبي صلي الله عليه وسلم ,وآخر للخضر. وأنهم تلقوا هذه الأسماء من النبي مباشرة . وأيضا ادعوا أن هذا الاسم لا يعطي إلا للأقطاب وهو لفظ مبتدع لا أصل له في الدين.
ومن البدع أيضاً: قول القائل إن في تعليم الاسم
الأعظم فساد العالم,وتحريم تعليمه على آحاد الناس
بدعوى أنه لا يصل إليه إلا الأنبياء والأولياء. ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون (1/411).
وهذا كلام ساقط! بل يستحب لآحاد الناس تعلم أسماء الله الحسنى وفيها اسم الله الأعظم, وقد حث المولى سبحانه وتعالى على ذلك فقال تعالى "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا"الأعراف 180، ورغب في إحصائها وجعل ثواب ذلك الجنة.لذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بأسماء الله ويستعيذ بها في كربه وضيقه. وبوب البخاري رحمه الله (باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها) .
الخلاصة :1-أسماء الله غير محصورة في عدد معين.
2-أسماء الله كلها حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم
وأجل وأقدس مسمى وهو الله عز وجل,ولتضمنها
صفات الكمال والجلال والجمال.3-أسماء الله توقيفية.
4-أصح الأحاديث الواردة في الباب حديث بريدة الأسلمي ثم يليه حديث أنس بن مالك.
5-أرجح الأقوال في اسم الله الأعظم هو "الله",ويليه في القوة "الحي القيوم" ولو جمع العبد بينهم في الدعاء كان أفضل. 6-من بدع الصوفية في ادعاؤهم أن اسم الله الأعظم "هو"وأيضا من بدعهم تقسيم الاسم إلي ظاهر وباطن. [ الأنترنت – موقع العقيدة والحياة – اسم الله الأعظم - د أحمد القاضي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي هي بعنوان :
*منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها :
إن أعظم ما يدعى إليه من العلم: العلم الذي يعرف
العبد بربه سبحانه وتعالى، فإن العبد إذا عرف ربه حق المعرفة فعرف عظيم أسمائه وجليل صفاته علم كيف يعبد الله ويدعو إليه على بصيرة، فمن كان أخبر بغيره كان أعرف بالسبل المقربة إليه وبالطريق الموصلة إليه، يقول ابن القيم رحمه الله في علم الدعوة إلى الله : والبصيرة على ثلاث درجات من استكملها فقد استكمل البصيرة: بصيرة في الأسماء والصفات، وبصيرة في الأمر والنهي، وبصيرة في الوعد والوعيد. [ مدارج السالكين 1/ 124.]
وقد أمرنا الله تعالى أن نتعرف عليه سبحانه، وفي الحديث الصحيح: "تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفْك في الشدة"، وإنما يكون التعرف على الله بالتعرف على أسمائه وصفاته وأفعاله الحسنى، فربنا عز وجل لما عرف نفسه في القرآن الكريم عرفها بما له من الأسماء والصفات، يقول عز وجل: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الحشر: 24]، ومرجع الضمير في قوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ ﴾ [الكهف: 38] إلى سؤال تقديره من هو الرب؟ فكان الجواب بتعريف العبد بربه وأسمائه وصفاته، وهو قوله تعالى من سورة الإخلاص:﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، وفي الآية الأخرى: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾[طه: 49، 50].[ منهج التعرف إلى الله والتعريف به ( 1 - 2 ) د. فريد الأنصاري، مجلة البيان - العدد [179 ] ص، رجب 1423 - أكتوبر 2002.]
*أهمية معرفة معاني أسماء الله تعالى:
تتضح أهمية معرفة أسماء الله إذا عرفنا أن شرف العلم من شرف المعلوم، وعلم الأسماء والصفات يبحث في معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله معرفة توجب تعظيمه وإجلاله، يقول قوام السنة الأصفهاني: قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه: معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها؛ فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجل أن يعامل رجلاً: طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله الذي خلقنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها. [ الحجة في بيان المحجة 1 / 122.]
أن معرفة أسماء الله وصفاته تدعو إلى محبة الله
وهيبته التوكل عليه والإنابة له، وتحيي العبادات القلبية في قلب العبد، يقول العز بن عبد السلام: فهم معاني أسماء الله وسيلة إلى معاملته بثمراتها من: الخوف، والرجاء، والمهابة، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات. [ شجرة المعارف والأحوال/ 1.]
إن معرفة أسماء الله وصفاته يقتضي الإيمان بتوحيد الربوبية والالتزام بتوحيد الألوهية، فبوابة توحيد الأولوهية وعبادة الله حق عبادته هي الإيمان بأسماء الله وصفاته، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله: لا يستقر للعبد قدم في المعرفة بل ولا في الإيمان، حتى يؤمن بصفات الرّب ويعرفها معرفة تخرج عن حدّ الجهل بربه،فالإيمان بالصفات وتعرّفها هوأساس الإسلام،وقاعدة الإيمان،وثمرة شجرة الإحسان،فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان.[ مدارج السالكين، ج 3، ص 347.]
إنه داخل في معنى الإحصاء المشار إليه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة"، متفق عليه، يقول ابن القيم رحمه الله عند بيان مراتب إحصاء أسمائه الَّتي من أحصاها دخل الجنّة: المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها، المرتبة الثّانية: فهم معانيها ومدلولها، المرتبة الثالثة: دعاؤه بها، كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180] ؛ وهو مرتبتان: إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثّاني: دعاء طلب ومسألة[ بدائع الفوائد لابن القيّم 1/ 164.]، وقال أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله: الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التّعداد، وإنّما هو العمل والتعقّل بمعاني الأسماء، والإيمان بها.[ فتح الباري 11/ 226.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي هي بعنوان :*معنى أسماء الله الحسنى:
الاسم ما دلّ على ذات الشّيء وحقيقته، وأسماء الله أعلام وأوصاف، فهي تدل كذلك على صفاته العظيمة سبحانه.
ويتميّز الاسم عن الفعل والحرف بعدة علاماتٍ، منها: الكسرة، التّنوين، والنِّداء؛ أي وقوع الكلمة منادى، ودخول أل، والإسناد إليه؛ أي الإخبار عنه بشيء والحكم عليه بحكم إثبات أو نفي.
والحسنى مؤنّث الأحسن؛ والأحسن أفعل تفضيل من الحسن؛ وهو الجمال والكمال، والمراد أن هذه الأسماء قد بلغت في الحسن غايته وفي الكمال نهايته.
وليعلم أن أسماء الله توقيفية؛ يتوقف فيها على ما
جاءت به النصوص، وهي لابد أن تتضمن الكمال المطلق لله تعالى دون عيب أو احتمال نقص.
مسالك لفهم أسماء الله الحسنى وعبادة الله تعالى بها:
والمقصود بهذا المبحث البحث عن القواعد والوسائل التي يفقه بها العبد أسماء ربه جل وعلا، ويفهم معانيها وما دلت عليه من صفات،وما اقتضته من أحكام، وما ترتب عليها من آثار،وكيفية عبادة الله ودعاءه بها.
ولنضع منهجية تحدد ذلك كان لزامًا أن نعود في بحثنا هذا للأصلين المحكمين: كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لنتلمس منهج القرآن والسنة في عرض أسماء الله تعالى وبيان معانيها وآثارها، ولمعرفة كيف تعبد النبي صلى الله عليه وسلم أعظم العباد بها إلى ربه عز وجل، ثم بيان مسلك السلف الصالح رحمهم الله تعالى في فهمها وتقوية الإيمان بها والتعبد لله عز وجل بمعانيها ودلالاتها.
ولبيان هذا المنهج سنسلك إليه من خـلال المسالك التالية:
المسلك الأول: فهم دلالة معنى اسم الله تعالى من أصله اللغوي:
ببيان اشتقاق الاسم واستعمالاته في كتب اللغة، وفي نصوص الكتاب والسنة؛ ليظهر جليًا أصل المعنى وما استعمل فيه من المعاني.
المسلك الثاني: فهم معنى اسم الله تعالى من خلال ما دل عليه من صفات الله تعالى ؛ وذلك باعتبار ثلاثة دلالات: دلالة المطابقة ، ودلالة التضمن ، ودلالة الالتزام، فدلالة المطابقة للاسم دلالته على الاسم والصفة معًا، ودلالة التضمن دلالته على الاسم وحده، وكل صفة وحدها إن كان الاسم يتضمن الدلالة على أكثر من صفة، ودلالة الالتزام، وهي دلالته على صفة أخرى أو أكثر بغير طريقي المطابقة والتضمن.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العشرون في موضوع ( البديع ) والتي هي إستكمالا للماضية و هي بعنوان :
*معنى أسماء الله الحسنى:
المسلك الثالث: فهم معنى اسم الله تعالى من خلال
شرح أهل العلم له ؛ بالوقوف على عباراتهم في
التعريف بهذا الاسم، ودلالات معانيه أو أحكامه أو آثاره.
المسلك الرابع: معرفة ما دل عليه اسم الله تعالى من تنزيه لله عز وجل:
وهذا يشمل ما تدل عليه بعض الأسماء من تنزيه
مطلق لله عن كل عيب ونقص؛ كاسم الله القدوس والسلام، وما تدل عليه أكثر الأسماء من نفي أعيان النقائص، فاسم الله العليم ينفي الجهل، واسم الله القوي ينفي الضعف، والدلالة الثالثة للأسماء على تنزيه الله تنويهه سبحانه عن الشريك والمثيل سبحانه، فكل اسم بلغ في الكمال غايته وتنزه الله في كل اسم وصفة له عن المثيل، قال سبحانه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].[ راجع رسالة دلالة الأسماء الحسنى على التنزيه، للدكتور عيسى بن عبدالله السعدي.]
المسلك الخامس: فهم آثار اسم الله تعالى من خلال ما ارتبط به في النصوص من مخلوقات أو أحكام:
فكل صفة لها مقتضى وفعل، وفعلها إما لازم، وإما متعدٍّ، ولذلك الفعل تعلق بمفعول هو من لوازمه، وهذا يشمل ما تعلق به الاسم من خلقه سبحانه وأمره وثوابه وعقابه.
فتارة يرتبط ذكر الاسم بعجيب من عجائب خلق الله، أو بآية من آيات الكون، أو حكم شرعي جليل، وبالنظر في ذلك يزداد إيمان العبد بهذا الاسم.
المسلك السادس: فهم كمال معنى اسم الله تعالى من خلال ما اقترن به من أسماء الله الحسنى في نصوص الكتاب والسنة:
فتجمع الأسماء التي اقترن بها الاسم موضع الدراسة،
وينظر في سبب وعلاقة الاقتران من خلال السياق ، وينظر في توارده في نظائر ذلك.
فكثيرًا ما يقترن العفو بالقدير، والعزيز بالحكيم، وفي ذلك من معاني الكمال ما يحتاج إلى تأمل خاص.
المسلك السابع: فهم أسماء الله من خلال ضم بعضها لبعض والنظر فيها كمجموعات متحدة متسقة [ انظر مقال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته وتقوية المراقبة الإلهية بقلم: عبد السلام الأحمر
مجلة البيان - العدد [123 ] ص30 ذو القعدة 1418 - مارس 1998.]
فأسماء تدل على تمجيد الله وإجلاله، وأسماء تدل على إحسانه الله وجماله، وأسماء تدل على سعة علمه وخبرته، وأسماء تدل على عظيم قدرته ونفاذ مشيئته، وهكذا....، حتى يحصل له عمق الفهم وقوة التعبد، ويتعبد مع كل مجموعة من الأسماء بما تقتضي مجتمعة من أخلاق وعبادات، يقول ابن القيم رحمه الله: والمراقبة هي التعبد باسمه: الرقيب، الحفيظ، العليم، السميع، البصير فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة.[ مدارج السالكين 2/ 66.]
وذكرُ الله بأوصاف الجمال موجب للرحمة، وبأوصاف
الكمال موجب للمهابة، وبالتوّحد بالأفعال موجب للتوكل، وبسعة الرحمة موجب للرجاء، وبشدة النقمة موجب للخوف، وبالتفرّد بالإنعام موجب للشكر، ولذلك قال سبحانه: ﴿ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41].[ الكلام للعز بن عبد السلام، نقلاً عن مقال أسماء الله الحسنى الفقه والآثار، بقلم: د. عبدالعزيز آل عبداللطيف، مجلة البيان - العدد [99 ] ص86 - ذو القعدة 1416 - أبريل 1996.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع ( البديع ) والتي هي إستكمالا للماضية و هي بعنوان :
*معنى أسماء الله الحسنى:
المسلك الثامن: معرفة الفروق بين اتصاف الله بهذه الصفة واتصاف العبد بها : فليس الاشتراك في أصل المعنى موجبًا للاشتراك في كماله وكيفيته، بل لله عز وجل المثل الأعلى، فيبحث العبد في تعظيم لله تعالى بكل اسم متأملاً عظيم الفارق بين صفات الله وصفات خلقه، وفي هذا حكي أن بعض الخلفاء أراد أن يكتب جِراية لبعض العلماء، فقال: لا أريده، أنا في جراية من إذا غضب عليّ لم يقطع جرايته عني، قال الله تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ﴾ [العنكبوت: 60].[ الحجة في بيان المحجة 1/ 138.]
وتأمل قول الله تعالى:﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [لقمان: 27]، فلو فنيت البحار ونفدت الأقلام لم تنفد كلمات الله سبحانه، وهذا ابن القيم رحمه الله يقول في بيان جوانب من عظمة اسم الله السميع:
وهو السميع يرى ويسمع كل ما
في الكون من سر ومن إعلان
ولكل صوت منه سمع حاضر
فالسر والإعلان مستويان
والسمع منه واسع الأصوات لا
يخفى عليه بعيدها والداني
المسلك التاسع: فهم سبيل التعبد باسم الله تعالى من
خلال معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهذا يشمل أمرين : أ - استقراء الحالات التعبدية التي شرع فيها النبي صلى الله عليه وسلم التعبد لله بهذا الاسم، فقد يكون صلى الله عليه وسلم جعله ذكرًا حال سجوده أو ركوعه أو عن جهاده أو قبل نومه، وفي ذلك دلالات أخرى لفهم اسم الله تعالى، وكيفية التعبد به؛ فلو تأمل العبد حال سجوده، وارتفاع أسافله وتسفل أعاليه ثم ذكر اسم الله الأعلى حال السجود وجد حلاوة في تذوق معنى هذا الاسم والتعبد لله به.
ب - جمع الأذكار التي ذكر فيها هذا الاسم وتأمل سبب إيراده فيها، وربطه بهذا الحال أو الزمن.
المسلك العاشر: فهم هدي السلف رحمهم الله في التعبد لله بهذا الاسم وأخبارهم في ذلك:
فيبحث في مواعظهم وفي أذكارهم، وتنظر توسلاتهم وأدعيتهم، لنقف على المسلك الصحيح للتعبد بهذا الاسم.
يقول سهل التستري رحمه الله: كان خالي محمد بن سوار يقول لي وأنا ابن ثلاث سنين، قل: الله معي، الله ناظر إلي، الله شاهد علي، ويأمرني أن أكرر ذلك.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع ( البديع ) والتي هي إستكمالا للماضية و هي بعنوان :
*معنى أسماء الله الحسنى:
المسلك الحادي عشر: تربية النفس على التعبد لله بهذا الاسم من خلال:
أ- التوسل إلى الله به في دعاء المسألة: كما قال سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، وهذا يأتي على صورتين:
الأولى: أن يذكر في أول الدعاء توسلاً به، ومنه ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه قال: " اللهمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيء فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شيء أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللهمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شيء، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شيء وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شيء، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شيء، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَاغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ".
والثانية: أن يذكر في آخر الدعاء كالتعليل به، ومنه ما رواه البخاري من حديث أبي بكرٍ رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: " قُلِ اللهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ".
ولكلا الصورتين أحوال:
الحالة الأولى: أن يؤتى بالاسم المطلق، ومن ذلك استعاذة مريم ابنة عمران: ﴿ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ [مريم: 18]،وقوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الممتحنة: 5].
الحالة الثانية: أن يكون دعاء المسألة بالاسم المقيد،
ومن ذلك قوله تعالى عن زكريا عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38]، فاسم الله السميع من الأسماء الحسنى المطلقة ولكنه ورد مقيدًا في هذا الموضع، ومنه ما رواه أبو داود وصححه الألباني من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا قَال: " اللهمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي بِكَ أَحُولُ وَبِكَ أَصُولُ وَبِكَ أُقَاتِلُ ".
الحالة الثالثة: الدعاء بالوصف الذي دل عليه الاسم سواء كان وصف ذات أو وصف فعل، فمن الأول الدعاء بالعزة التي دل عليها اسم الله العزيز فيما رواه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهمَّ إني أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تضلني، أَنْتَ الحي الذي لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ)، ومن الثاني: الدعاء بالفتح الذي دل عليه اسم الله الفتاح في دعاء نوح عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الشعراء: 117، 118].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع ( البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية و هي بعنوان :
*معنى أسماء الله الحسنى:
الحالة الرابعة: أن يكون المدح والثناء بلسان المقال، ويكون دعاء المسألة بلسان الحال، ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ ".
الحالة الخامسة: الدعاء بمقتضى الاسم، كأن يأتي الاسم في سياق الخبر ويراد به الطلب، كقوله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 74].
ب- الاستشفاء بأسماء الله، وهو نوعٌ من الذي قبله، وأفردته لأمرين: الأول: ما يحدث في قلب المبتلى غالبًا من تعلق بالله يجعله يستشعر كثيرًا من معاني أسماء الله وصفاته، والثاني: ما حدث في هذا الباب من محدثات، فمنهم من يكرر اسم من أسماء الله الحسنى بعدد معين لمرض معين، ومنهم من يكتب أسماء الله تعالى على جبين المريض في كل أيام مرضه، وهذا والذي قلبه من الإلحاد في أسماء الله والخروج بها عما يراد منها، وقد قال تعالى: ﴿ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180].
ج- تعبيد الأسماء لله تعالى بهذا الاسم: فيسمى بعبد الرحمن، وأمة الرحمن، ونحوها من الإضافات الجائزة؛ كضيف الله وجار الله وحفظ الله، وأفضلها التعبيد.
د- الإكثار من تسمية الله به في قوله أو كتابته: ويقرنه بما اقترن به من الأسماء في النصوص الشرعية، والحلف بهذا الاسم.
هـ- تحقيق ما يقتضيه من فِعْل المأمورات وترك المحظورات: فاسم الله السميع يقتضي ترك الكلام الذي يغضب الله سماعه، والسميع يقتضي كذلك الإكثار من الكلم الطيب من ذكر وقراءة قرآن ودعوة لله تعالى.
المسلك الثاني عشر: ظهور أثر الاسم في سلوك
العبد وأخلاقه: فالله عز وجل يحب موجب أسمائه وصفاته، فهو عليم ويحب كل عليم، وهو كريم ويحب الكرماء من عباده، وهو سبحانه يكون مع عباده بحسب اتصافهم بما يحبه سبحانه، وهذه هي المعية الخاصة.
فيتصف بالصفات التي يحبها الله تعالى: كالعلم، والعدل، والصبر، والرحمة، والرفق، والإحسان، ونحو ذلك، وينتهي عن الصفات التي يكرهها الله تعالى له مما ينافي عبوديته لله تعالى، كالصفات التي لا يصح للمخلوق أن يتصف بها كالكبر والعظمة والجبروت، يقول ابن تيمية رحمه الله: إن من أسماء الله تعالى وصفاته ما يُحمد العبد على الاتصاف به؛ كالعلم والرحمة والحكمة وغير ذلك، ومنها ما يذم العبد على الاتصاف به كالإلهية والتجبر والتكبر، وللعبد من الصفات التي يُحمد عليها ويؤمر بها ما يمنع اتصاف الربّ به كالعبودية والافتقار والحاجة والذل والسؤال، ونحو ذلك،[ الصفدية 2/ 338. ]
وفي بيان هذا يقول ابن بطّال رحمه الله: طريق العمل بها: أن الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم؛ فإن الله يحب أن يرى حالاها على عبده، فليمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها، وما كان يختص بالله تعالى كالجبار والعظيم؛ فيجب على العبد الإقرار بها، والخضوع لها، وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد: نقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد: نقف منه عند الخشية والرهبة.[ فتح الباري 11/ 229.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع ( البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية و هي بعنوان :
*معنى أسماء الله الحسنى:
المسلك الثالث عشر: معرفة أثر ذلك في تقوية
جناب التوحيد: فيبحث العبد مع كل اسم عن جوانب تقويته للتوحيد والإيمان، وحراسته من الشرك والتنديد، وهذا ما أشار إليه ابن القيم بقوله: لكل صفة عبوديةٌ خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، أعني: من موجبات العلم بها والتحقيق بمعرفتها، [ مفتاح دار السعادة 2/ 90. ]
ويقول ابن القيم رحمه الله مبينًا مدى ارتباط التوحيد بالإيمان بأسماء الله وصفاته، وارتباط الشرك بضد ذلك: كل شرك في العالم فأصله التعطيل، فإنه لولا تعطيل كماله أو بعضه وظن السوء به، لما أشرك به، كما قال إمام الحنفاء وأهل التوحيد لقومه: ﴿ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 86، 87]؛ أي: فما ظنكم به أن يجازيكم وقد عبدتم معه غيره؟ وما الذي ظننتم به حتى جعلتم معه شركاء؟ أظننتم أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟ أم ظننتم أنه يخفى عليه شيء من أحوال عباده حتى يحتاج إلى شركاء تعرفه بها كالملوك؟ أم ظننتم أنه لا يقدر وحده على استقلاله بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟ أم هو قاسٍ فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟ والمقصود: أن التعطيل مبدأ الشرك وأساسه، فلا تجد معطلاً إلا وشركه على حسب تعطيله، فمستقلّ ومستكثرٌ.[ انظر مدارج السالكين 3/ 347.]
ويبين رحمه الله هذا المسلك ممثلاً لذلك ببيان اسمين عظيمين من أسماء الله فيقول: من عبد الله تعالى باسمه الأول والآخر حصلت له حقيقة هذا الفقر؛ فإن انضاف إلى ذلك عبوديته باسمه الظاهر والباطن فهذا هو العارف الجامع لمتفرقات التعبد ظاهرًا وباطنًا، فعبوديته باسمه الأول تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب والوقوف أو الالتفات إليها، وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته، وأنه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد، وعبوديته باسمه الآخر تقتضي أيضاً عدم ركونه للأسباب، فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية، ويبقى الدائم الباقي بعدها، فالتعلق بها تعلق بما يعدم وينقضي، والتعلق بالآخر سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول، فالمتعلّق به حقيق أن لا ينقطع، بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به.[ طريق الهجرتين 1/ 40.]
وأخيرًا:
فأكمل الناس عبودية هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر، فلا تحجبه عبودية اسم عن آخر؛ كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم أو الرحيم، أو يحجبه عبودية اسم الرحيم والعفو والغفور عن اسمه المنتقم.
فإن سما العبد بهذه المسالك وتفقه بها حق الفقه بلغ
رتبة عظيمة من مقامات العبودية لله تعالى، وتوحيده وتعظيمه، "وإذا بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حدٍّ كأنه يكاد يطالع ما اتصف به الرب سبحانه من صفات الكمال ونعوت الإجلال، أحست روحه بالقرب الخاص، حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه وبين ربه، فإن حجابه هو نفسه، وقد رفع الله عنه ذلك الحجاب بحوله وقوته، فأفضى القلب والروح حينئذ إلى الرب، فصار يعبده كأنه يراه".[ راجع تهذيب مدارج السالكين.][الأنترنت – موقع الألوكة - منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها - د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :*أثر أسماء الله الحسنى في حياتنا
روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة، من أحصاها دخل الجنة. وإني أحب لك تعيش في كل يوم مع واحد من هذه الأسماء الكريمة، تعيش معها حياة تنعش قلبك وروحك، وتدفع بجسدك للحركة والمبادرة في الخيرات دون تردد ولا تأخير. افتح قلبك حتى أحدثك عن نادي الكبار، أو عن دورة إيمانية ربانية مدتها ثلاثة شهور وتسعة أيام، أو مائة يوم إلا يوم واحد، إنها مدرسة الأسماء الحسنى، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة، من أحصاها دخل الجنة. وإني أحب لك تعيش في كل يوم مع واحد من هذه الأسماء الكريمة، تعيش معها حياة تنعش قلبك وروحك، وتدفع بجسدك للحركة والمبادرة في الخيرات دون تردد ولا تأخير. إنها أسماء الله؛ أثنى بها على نفسه، ونحن لا نحسن ثناءً عليه: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه:8]، {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110]، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11]. فيا من تبحث عن البركة في عمرك وعملك ومالك وولدك، تعال معي إلى مدرسة البركة الربانية: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك:1]، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14]، {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54]، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:78]. إن العيش مع الاسم الحسن؛ يرفع الهمّ والغمّ والحزن، فلا تبخل على نفسك وعلى أهلك كل يوم من أن تعيش مع واحد من الأسماء الحسنى حتى تحصيها كلها، وإحصاء كل اسم يمرّ بأربعة مراحل، يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله: أحصاها يعني: أولاً: حفظها. ثانياً: عرف معانيها. ثالثا: تخلَّق بمعانيها. وأضاف الإمام ابن القيم الرابعة فقال: أن يدعو الله تعالى بها. فالواجب علينا مع اسم الله اللطيف مثلاً؛ أن نحفظ هذا الاسم بكثرة تكراره؛ لأن الذي يتكرر في النفس يتقرر. وأن نعرف معنى اللطيف، فمن معاني اللطف الرباني: التخفيف والتيسير بالخلق: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]. وأن ندعو الله تعالى باسمه اللطيف: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] بأن نقول مثلاً: اللهم يا لطيف، اجعل بلاءنا خفيفاً، اللهم دبِّر لنا فإنَّا لا نُحسن التدبير، والطف بنا فيما جرت به المقادير. ثم أن نتخلق بمعاني هذا الاسم الكريم بأن نجمع اللطف والذوق الحسن والرقة واللين لخلق الله تعالى، بشرًا كان هذا الخلق أو حيوانًا أو شجرًا، وما أجمل أن يتسمى العبد اللطيف باسم عبد اللطيف، وهذه اللوازم تلزم الأسماء كلها. ونعيدها للأهمية: نحفظ الاسم الحسن من أسماء الله الحسنى، ونفهم معانيه، ونتخلق بهذه المعاني، وندعو الله تعالى بها تبركًا لنجد الإجابة على الفور إن صادف ذلك اسم الله الأعظم لعباد ربانيين: {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :*أثر أسماء الله الحسنى في حياتنا
إن التزامنا بأسماء ربنا سبحانه وتعالى فيه صلاح لمعاشنا ومعادنا على حدٍّ سواء، وماذا نريد أكثر من أن نحصل على الحسنات والبركات في الدنيا والآخرة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
- فاسم الله الرحمن واسمه الرحيم، لو جاءا في حياتنا لرحمنا بعضنا، ولو رحمنا بعضنا لرحمَنا ربنا، وفي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن». - واسم الله العزيز يدعونا لأن نكون أعزة: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:8]. - واسم الله العلي يدعونا لأن نكون أصحاب علو ورفعة وشموخ، وعيب على مسلم يقبل على نفسه السفوف والانحطاط ثم يأتي ليقرأ معنا قول الله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1].
- واسم الله الحق يدعونا لأن ننحاز إلى الله تعالى وأن نتابع الحق ولو على رقابنا، فالحق أحق أن يتبع: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:81].
ـ واسم الله الودود يدعونا لأن نتودد للمؤمنين؛ ليجعل الله تعالى لنا ودًا يوم الدين: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا} [مريم:96]. - واسم الله القدوس يدعونا لأن نحفظ أنفسنا من النجاسات المادية والمعنوية: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:3- 5]. - واسم الله الصمد يدعونا؛لأن نصمد ونثبت في وجه التحديات، ولا نضعف لكثرة ما يطلب منا في سبيل أولادنا وأوطاننا وديننا من طلبات وواجبات. - واسم الله الواسع يدعونا لأن نوسّع آفاق تفكيرنا لنخرج به عن ذواتنا الصغيرة؛ لنحل لغز آلام أمتنا المقهورة، ونفكّ السحر عن أجيال بال الشيطان في أذنها، فلم تنهض لفجر، ولم تتحرك لطلب النصر. - واسم الله القوي المتين يدعونا؛ لأن نطلب القوة في كل شيء؛ قوة البدن والروح والفكر: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال:60]، وقوة العلم والتعليم: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:63]. - واسم الله الكريم يدعونا لأن ننفق وأن نعطي عطاء من لا يخشى الفقر: «أنفق بلال ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً»، {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان:9]. يا من تطلب كرم ربك والعطاء منه، هلا أظهرت بعض كرمك لخلقه من غير منٍّ ولا أذى. - مع اسم الله الأول ينبغي أن تكون الأول في كل برٍّ ومعروف. - ومع اسم الله الآخر ينبغي أن تكون عند الشرور والفتن في آخر الصفوف، ولا يزال أقوام يتأخرون عن الطاعة حتى يؤخّرهم الله، ولا يزال أقوام يتقدمون إليها حتى يقدّمهم الله. - مع اسم الله العفو ينبغي أن تصفح عن خلق الله تعالى، وأن تقبل عذرهم وتتجاوز عن زلاتهم وتنسى تقصيرهم في حقك؛ لأنه من صفح عن الخلق صفح عنه الخالق: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة:237].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :*أثر أسماء الله الحسنى في حياتنا
- مع اسم الله السلام نكثر من طرح السلام على إخواننا، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه يغدو إلى السوق يوميًا دون أن يشتري شيئًا، فلما سألوه عن سرّ ذلك قال: "إنما نغدو إلى السوق يوميًا من أجل السلام"، لكنه سلام مع المؤمنين الموحدين، لا سلام مع الكفرة المعتدين من اليهود والصليبيين. - مع اسم الله المنتقم الجبار نقف في وجوه المجرمين: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} [الشورى:41]، {فاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال:12]، {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور:2]. - نحن باسم الله نحيا ونعبد، وإن غفلنا تبنا ورجعنا. - باسم الله نبدأ كل أمر من الأمور. - بسم الله نقرأ القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]. - وباسم الله نصلي. - باسم الله نأكل ونشرب. - باسم الله نداعب الصغار ونعاشر النساء. - باسم الله نقود السيارة والطيارة وسفينة النجاة: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود:41]. - باسم الله نكفّن موتانا. - وباسم الله نصلّي عليهم، وباسم الله يُدفنون. إنها الأسماء الحسنى معنا من الميلاد إلى الوفاة، أو الاستشهاد، فهلا جددنا العلاقة معها لنفتح بها البلاد والعباد. - باسم الله نضرب عدو الله العظيم لأنه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ} [الأنفال:17]. - باسم الله الغني نطلب غنى الله، ونُغني عباده عن المسألة. - باسم الله المعطي نطلب عطاء الله ونعطي عباده من عطائه. - باسم الله الهادي نطلب هدى الله ونسعى لأن نكون حملة الهداية لخلق لله: "اللهم اجعلنا هداة مهديين، ولا تجعلنا ضالين ولا مضلين". - باسم الله الشكور نشكر به ربنا، ونسعى لشكر خلق الله على الإحسان؛ لأنه: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس». - باسم الله البديع نتدبر بديع خلق ربنا، ونسعى إلى الإبداع والتقدم في كل مصالح الحياة. وإذا شرح الله صدرك وأحصيت أسماء ربك الحسنى حفظًا وفهمًا وعملاً ودعاءً؛ فقد أحصيت العلوم كلها، يقول ابن القيم: "العلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19]". أما الدعاء بالأسماء الحسنى فإننا نخصص لكل اسم حاجة تليق به؛ روى الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء الكرب: «أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك...» هذه المقدمة ولك أن تدعو بعدها بما شئت. اللهم يا رحيم ارحمنا، ويا اللطيف الطف بنا، ويا ذا العفو اعفُ عنا، ويا متين اشدد أزرنا، ويا حفيظ احفظنا، ويا فتاح افتح علينا، ويا شافي اشفنا، ويا رزاق ارزقنا،ويا وليّ تولَّ أمرنا،ويا عليُّ ارفع شأننا. [ الأنترنت - موقع طريق الإسلام م- حمد سعيد بكر ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان : *آيات ورد فيها "بديع"
قال تعالى {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }﴿١١٧ البقرة﴾ وقال {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ }﴿١٠١ الأنعام﴾
وقال {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ }﴿٩ الأحقاف﴾ وقال {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ }﴿٢٧ الحديد﴾
البديع عده كثير من العلماء أنه اسم من اسماء الله الحسنى تقول اللغة : إن الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء أو اقتداء، والإبداع في حق الله : هو إيجاد الشئ بغير ألة ولا مادة ولا زمان ولا مكان، وليس ذلك إلا لله ، والله البديع الذي لا نظير له في
معنيان الأول :
الذي لا نظير له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في مصنوعاته فهو البديع المطلق، ويمتنع أن يكون له مثيل أزلا وابدا .
والمعنى الثاني : أنه المبدع الذي أبدع الخلق من غير مثال سابق .
وحظ العبد من الاسم : الأكثار من ذكره وفهم معناه فيتجلى له نوره ويدخله الحق تبارك وتعالى في دائرة الإبداع، ومن أدب ذكر هذا الاسم أن يتجنب البدعة ويلازم السنة.
والبديع:خالق الأشياء بلا مثال سابق، ولا نظير له في ذاته وصفاته.
حديث أنس قال: كنت جالساً مع النبي في المسجد ورجل يصلي، فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، الحنّان المنّان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيّوم. فقال النبي : «دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سئل به أعطى» [ الأنترنت – موقع المعاني ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان : *آيات ورد فيها "بديع"
*هل المبدع اسم من اسماء الله الحسنى أم صفة من صفاته ؟ من المعلوم أن أسماء الله تعالى توقيفية كما هو عند أهل السنة والجماعه ومعنى ذلك أنه أي يتوقف في إثباتها أو نفيها على ما جاء في النص الثابت من الكتاب والسنة ، وأن يكون الاسم قد أتى فيهما على هيئة الاسم لاعلى هيئة الفعل أو ما يشتق من الاسم.
وكلنا يعلم أن أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين , وأن جمهور العلماء _ رحمهم الله _ على ذلك , لكن الزيادة على حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( إن لله تسع وتسعين ... الحديث ) أوجدت أشكالا لدى معظم من يسأل مثل هذه الأسئلة
وقد صرح كثير من علماء السلف _ رحمهم الله - بضعفها كا لداودي وابن كثير وابن حجر وابن الوزير وغيرهم .بل صرح شيخ الإسلام بإن هذه الزيادة ليست عند أهل المعرفة بالحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم , بل ذكره الوليد عن سعيد بن عبد العزيز أو عن بعض شيوخه .
فهذه الزيادة إذا _ والأمر كذلك_ لا يعتمد عليها في إثبات أسماء لله تعالى لم ترد في النصوص الشرعية .
فليس الرشيد ولا الصبور ولا البديع( على إطلاقه ) من أسماء الله لإنها لم ترد بها النصوص الشرعية , حتى وأن وردت في تعداد أسماء الله في هذه الزيادة
وقد ورد بديع السموات والأرض مقيدا في النصوص
ومن هنا -والله أعلم- أن المبدع ليس من الأسماء الحسنى لعدم الدليل فيما أعلم ، وماجاء في معناه من النصوص (وهو البديع) لم يأت على هيئة الاسم وإن كان يصح الإخبار به عن الله لكون الله هو الخالق البديع المبدع كما في قوله تعالى (بديع السماوات والأرض) ومن المعلوم أن باب الإخبار عن الله أوسع من باب الأسماء .
- ولهذا نجد أن بعض العلماء كابن تيميه رحمه الله استعمل هذا الاسم في مواضع متعددة من كتبه على سبيل الإخبار لا التسمية
وأن بن القيم رحمه الله : يرى أن هذا الاسم لايخبر به إلا عن الله تعالى ، ولم يعده من أسمائه تعالى الحسنى كما يقول رحمه الله : (وكذلك مبدع الشيء وبديعه لا يصح إطلاقه إلا على الرب كقوله (بديع السماوات والأرض) الإبداع إيجاد المبدع على غير مثال سبق ) .
وقال ابن القيم في " قواعد في الأسماء والصفات " : الاسم من أسمائه له دلالات دلالة على الذات والصفة بالمطابقة ، ودلالة على أحدهما بالتضمن ، ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم .
وبيَّن ابن القيم " أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته ... فالرَّبّ لم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله ؛ لأنه كامل بذاته وصفاته ، فأفعاله صادرة عن كماله ، كَمُل فَفَعَل .
وقال ابن جرير في تفسيره : القول في تأويل قوله تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) : يعني جل ثناؤه بقوله : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) ، مُبْدِعها.
ومعنى" المبدع " : المنشئ والْمُحْدِث مَا لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد .
وقد نَقَل ابن كثير قول ابن جرير بِطوله ، ثم قال : وهذا من ابن جرير ، رحمه الله ، كلام جيد وعبارة صحيحة . اهـ .
فإن لم يثبت أن " الْمُبْدِع " اسم لله عزّ وَجَلّ ، فهو صِفَة ، وهو كما قال ابن القيم رحمه الله : مُبْدِع الشيء وبديعه لا يصح إطلاقه إلاَّ على الرَّبّ ، كقوله : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) .والإبداع : إيجاد المبدَع على غير مثال سَبق . اهـ . [الأنترنت – موقع المشكاة ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : *آيات ورد فيها "بديع"
*البديع : صفة من صفات الله على القول الراجح
البديع صفة إتصف بها الله سبحانه وتعالى وحده دون أن يشبهه شيء، وهذه الصفة يُدركها الإنسان عندما يقوم بتأمل خلق الله، فلن يجد لأي كائن مثيل له في الدنيا، بل أن كل الأشياء الجميلة تأتي من أصل خلق الله سبحانه وتعالى. [الأنترنت – موقع ملزمتي - 95- اسم الله البديع ]
من أسماء الله الحسنى وصفاته" البديع" وقد ورد
هذا الاسم في القرآن الكريم في قوله تعالى:
﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)﴾(سورة البقرة)
والبديع: على وزن فعيل بمعنى مُفعِل ؛ أي مُبدع السماوات والأرض. والإبداع: أن تصنع شيئاً على غير مثالٍ سابق، ومن دون أن تتلقى من أحد معلومة ما. وإذا أردنا أن نبحث فيما يصنعه الإنسان، فإنه من حيث يريد أو لا يريد، من حيث يشعر أو لا يشعر ؛ إنه يقلِّد، فإذا قال صنعت غواصة ؛ فلا شك أنها تقليد غير ناجح للسمكة. وإذا صنع طائرة ؛ فلا شك
أنه تقليد غير ناجح للطائر.
وقال أحد المؤلفين : إنّ أرقى طائرة صُنِعت حتى اليوم ؛ لا ترقى إلى مستوى الطائر، فالطائرة تقليد للطائر. والغواصة تقليد للسمكة. وأيُّ شيء صنعه الإنسان لو دققت فيه لرأيته قد قلّد به شيئاً مما في الطبيعة من إبداع الله تعالى، لكنَّ الله سبحانه وتعالى خلق الكون على غير مثال سابق ؛ فمَن قال إنَّ الأرض ينبغي أن تكون كُرة ؟ ومن قال إنَّ الأرض ينبغي أن تدور حول نفسها، وأن تدور حول الشمس؟ ومن خلق الضوء ؟ من جعل الشمس منبعاً حرارياً وضوئياً ؟ من أعطى الماء صفاته وخصائصه ؟ ومن أعطى الهواء صفاته وخصائصه ؟ من أعطى كل عنصر خصائصه ؟ لو أنّ العناصر كلها تذوب في درجة واحدة ؛ أي تنصهر في درجة واحدة، لرأيت الكون كله غازاً، أو صلباً، أو مائعاً ؛ فلَوْ أنَّ هذا الكون، وما فيه من مجرات، ومن كازارات، ومن مذنبات، ومن كواكب، ومن نجوم، بعدده ومسافاته البينيّة وحركته المتوازنة، هذا الكون بدقائقه، والأرض بما عليها، يعني مثلاً: على مرأى من الخلق كلهم، أوراقُ الأشجار؛ فهل تعتقد أنه في الإمكان أن ترسم لنا ورقةً ليس لها أصل في الكون؟ أوراق كبيرة وصغيرة، مسننة وملساء وخشنة، انسيابية ومخططة، ذات لون داكن ولون فاقع وألوان متداخلة لو أردت أن ترسم أنواع الأوراق التي خلقها الله عزٌ وجل، بل إنّ أوراق أيَّةِ شجرة واحدة هل تتشابه ؟ واللهِ يارب لو تشابهت ورقتا زيتون لما سُمّيتَ الواسع هذا ما قاله أحد العارفين.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : أمثلة على إبداع البديع
ومثال آخر : وجوه البشر؟! هل في الأرض كلها
والتي يعيش ستة الآف مليون إنسان على وجهها، هل في الأرض كلها وجه إنسان مشابه لوجه إنسان آخر ؟ مستحيل، والشيء الثابت الآن أنَّ لِكُل إنسان رائحة خاصة ؛ وهذه الرائحة هي أساس معرفة الكلاب البوليسية للمُجرم، الإنسان له رائحة واحدة
تميزه عن غيره ولا يتفق اثنان في رائحة جسميهما.
الجلد له رائحة عطرية ؛ هذه الرائحة لكل إنسان رائحة خاصة به. ولِكُل إنسان إيقاع صوتي خاص به. كم موجة ؟ ولِكُل إنسان قزحية خاصة به. ولِكُل إنسان بصمة خاصة به. ولِكُل إنسان تركيب دم خاص به " البلازما " ؛ بل إنّ أحدث البحوث أنّ هناك ما يسمى (بالزُمر النسيجية)؛ يعنى نسيج الإنسان نسيج خاص به فكما أن الدم زُمرٌ زُمر، ولكن زمر الدم محدودة ؛ بينما الزُمر النسيجية غير محدودة، حتى الآن وصلوا إلى اثنين ونصف مليار زُمرة يعني لا يُشبِهُكَ في الكون كله إلا إنسانٌ واحدٌ وقد يكتشفون بعد حين أنّ كل إنسان له زُمرة نسيجية واحدة. هذا الذي يدعو علماء الطب إلى تفسير ظاهرة أنّ هذا الجسم رفض هذه الكُلْية، أن هذا الجسم رفض هذا العضو لاختلاف الزُمر النسيجية، أليس هذا إبداعاً ؟.
ولإبداع يعني إبداعاً لا حدود له، أما الإنسان لو
أراد مثلاً أن يرسم وجهاً، فلو كلَّفنا رسَّاما أن يرسم وجهاً يرسم وجه اثنين.. ثلاثة مختلفة عن بعضها، وبعد ذلك ينضب الإبداع من ذهنه وتأتي رسوماته متشابهة، ومهندسو السيارات يصممون أشكال السيارات، مرة خطوط منحنية، مرةً خطوط متعامدة، مرةً خطوط انسيابية، وبعد حين يعودون إلى الشكل السابق فإبداعهم ينضب. أما الله سبحانه وتعالى بديع السماوات والأرض فهو واسع حكيم، أضرب بعض الأمثلة: فوجه الإنسان، ولون قزحية عينه، ورائحة جلده، وتركيب دمه، ونبرة صوته، وبصمة إبهامه هذه كُلُها هويات شخصيّة. فيما قبل كنا
نعتقد أن البصمة وحدها هوية !
أشياء كثيرة في الإنسان يتميّز بها عن غيره فالله سبحانه وتعالى بديع السماوات والأرض وبديع كل شيء.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : أمثلة على إبداع البديع
شيءٌ آخر هام جداً، لو أنك اطّلعت على أنواع الأسماك التي في البحار؛ لو تصفحت كتاباً مصوراً فيه أنواع الأسماك، لأخذَك العَجَب العُجاب. فحتى الآن الإحصائيات بالنسبة للأسماك تفيد وجود مليون نوع من السمك، وأيُّ شكل يخطر في بالك موجود، سمكة على شكل كرة موجودة، على شكل سيف موجودة، شفافة موجودة، فسفورية موجودة لها أهداب موجودة، لها أرجل موجودة، سمكة على شكل مزهرية موجودة سمكة تدافع عن نفسها بأن تفرز مادة كالحبر تخفي وجودها موجودة سمكة تحارب أعداءها بالكهرباء بآلاف الفولطات موجودة، حيتان كبيرة موجودة، وأسماك صغيرة للزينة موجودة، لو أردت أن تقف عند تنوّع الأسماك فشيء مذهل ولا ينتهي، لا يُعدُّ ولا يُحصى. لو أردت أن تقف عند أنواع الطيور؛ فأشكالها، وأصنافها، وأنواعها، وسلالاتها شيء يأخذ بالألباب. أنواع الألوان، أنواع الورود، وقد أطلعني أحد الأصدقاء على كتاب مؤلف من ثمانية عشر مجلداً كل مجلّد سماكتهُ لا تقلّ عن ثمانية سنتمتر وكل ورقة مخصصة لنوع من أنواع الأبصال كل هذا المجلد لأنواع الأبصال فقط بعضهم يقول: هناك ثلاثة آلاف نوع من أنواع القمح وقرب مدينة دوما بمحافظة دمشق هناك مركز للبحوث الزراعية أطلعني مهندس أنّ في هذا المركز ثلاثمئة نوع من العنب. وما من فاكهة وما من خضرة وما من محصول وما من شجر مثمر إلاّ وهو مئات الأنواع بل آلاف الأنواع، هذا كله يُجسِّد اسم البديع، والأنواع لا تُحصى.
مرةً كنت بمعرض للحشرات بالقاهرة وهو بناء ضخم مؤلف من مجموعة قاعات، في كل غرفة وعلى الأربعة
الجدران ثُبتت حشرات مصبّرة وليس هناك حشرة مثل أختها، ولا فراشة مثل أختها تنوع في الخلق لا
يصدقه عقل، هذا معنى قول الله عزّ وجل: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾
أوراق الأشجار، أنواع الأشجار، أنواع الأخشاب، أنواع النباتات، أنواع الروائح، أنواع الأسماك، أنواع الأطيار، أنواع الفواكه ذرات الثلج ؛ من معاني البديع الأولى ؛ أنٌه بديع في ذاته ومعنى بديع في ذاته ؛ أيْ لا يُشبهه شيء، أو ليس كمثله شيء. وبديع في خلقه، فهو خلَق الخلق على غير شكل وعلى غير مثال سابق، ومن دون أن يُعلِّمُهُ أحد. وبديع في أفعاله فالإنسان أحيانا يأخذ احتياطات جمّة لكن يُفاجأ بتصرف لم يكُن في الحسبان، فالبديع إذاً اسمٌ من أسماء الله، اسم لِذاتِهِ و اسمٌ لِصفاته واسمٌ لأفعاله.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : البدعة في اللغة
البدعة لها معنيان : معنىً لغوي، ومعنىً شرعي ؛ فالمعنى اللغوي كل شيء جديد اسمه بدعة، والمعنى الشرعي ؛ من أحدث في الدين ما ليس فيه فهو مُبتدع: من ابتدع شيئاً يُيَسِّر على المصلين صلاتهم فهو شيءٌ جيّد، فنْقلُ الصوت بدعة، لكنها تقدم خدمات جُلى لرواد المساجد. مثلا تدفئة المكان تدفئةً مركزيةً لم تكن من قبل هذه بدعة. تكييف المكان لم يكن من قبل هذه بدعة. فهناك بدعة حسنة ؛ حينما تُقدّم شيئاً مريحاً جيداً، يَحُلْ بعض مشكلات المجتمع، من دون أن يُخالف نصاً شرعياً فهذه بدعة حسنة. وأما البدعة السيئة فهي التي خالفت أمراً محرّماً فالبدعة اللغوية قد تكون صالحةً، وقد تكون طالحةً، وقد تكون حياديةً وقد تكون موقوفةً. ما معنى صالحة ؟ ما معنى طالحة ؟ ما معنى حيادية ؟ وما معنى موقوفة ؟ البدعة الموقوفة جهازٌ قد يُستخدم استخداماً جيداً، وقد يُستخدم استخداماً سيِّئاً ؛ فمثلا لو أنٌك اقتنيت آلة تصوير وصوَّرت بها بعض المناظر الطبيعية، كبعض أنواع الأشجار، وكنت جغرافياً، وصورت بعض أنواع الخُلْجان، وأنواع الجُزر، وألَّفت كتاباً ووضعته بين أيدي الطلاب ؛ فهذه الآلة استخدمتها في نقل مظاهر الطبيعة إلى كتب مدرسية، فهذه الآلة استخدمتها استخداماً مشروعاً ؛ فهي بدعة لكنَّ استخدامها الجيّد جعلها مقبولة. ولو أنٌك صوّرت بها مناظر لا تُرضي بها الله عزّ وجلّ وطبعتها وروّجتها ؛ فهذا شيءٌ مُحرّم.
فإذاً هذه الآلة صالحة أو طالحة، وهذا موقوف على نوع استعمالها. وهناك بدعة حيادية ؛ لو اخترعت صنفاً من الطعام ؛ لو أضفت بعض التوابل إلى بعض المطعومات، وجعلت منه طبقاً لم يُصنع من قبل هذا لا حرام، ولا حلال ؛ مُباح، بدعة مُباحة. والبدعة المُحرّمة إذا اصطدمت مع نصٍ شرعيّ. وهذا كُلُهُ متعلّق في البدعة اللغوية ؛ يعني شيءٌ جديد لم يكن من قبل.
مثال للبدعة المحرمة : أن يجلس العريس يوم عرسه على كرسي إلى جانب زوجته أمام المدعوات، الكاسيات العاريات، المائلات، المُميلات وهو مُسلم ؛ مُسلم يجلس أمام جمعٍ غفير من النساء الكاسيات العاريات المائلات المُميلات بحكم التقليد والعادة والضرورة ؟!، هذه بدعة مُحرّمة لأنها اصطدمت مع تحريم إطلاق البصر ومع تحريم إبداء الزينة للأجانب أما إذا إنساناً وفرٌ لِرواد المسجد مايريحهم ؛ ولم يكن على عهد النبي كماءٍ ساخن في الشتاء، وماءٍ بارد في الصيف، فلم يكن على عهد النبي صلى الله عليه و سلم كذلك ؛ لا جامع مكيّف، ولا جامع مدفّأ تدفئةً مركزيةً، ولم يكن هذا الأثاث المريح. فهذه بدعة ؛ لكنها صالحة تقدم خدمات لرواد المساجد.
ولوفرضناً أنه اخترع جهازاً يحلُ بعض المشكلات في البيت لا علاقة له بالحرام والحلال هذه بدعة لكنها بدعة حسنة، أمّا وأن يقف الزوج أمام المدعوات فهذه بدعة سيئة، إذاً هناك بدعة موقوفة على نوع استعمالها، وهناك بدعة مباحة، وهناك بدعة حياديّة لا علاقة لها بالحلال والحرام. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : البدعة في اللغة
والخلاصة إذاً أنّ عندنا بدعة موقوفة، وعندنا بدعة محرمة وبدعة حسنة هذه البدعة اللغوية ؛ ولكن دققوا في (لكن)! (لكن) إنّ البدعة في الدين حرام مائةً في المائة لماذا ؟ لأنّ الله عزّ وجلّ حينما قال:
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(3)﴾ (سورة المائدة)
الدين تام وكامل؛والتمام من حيث العدد، والكمال من حيث النوع. يعني عدد القضايا التي عالجها الدين تام، ولا يقبل الدين موضوعا جديداً، وطريقة المعالجة التي عالجها الدين طريقة كاملة، ولا يقبل الدين تعديلاً طفيفاً لطريقة المعالجة من قوله: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
فإذا ابتدعنا في الدين شيئاً ؛ إنْ في العقيدة، أو في العبادة،أو في المُعاملة،أوفي الأخلاق،أو في السلوك
؛ فهذا بدعة محرّمة لقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(.....إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بدعة وَكُلُّ بدعة ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ) من حديث جابر ، ثُمَّ يَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ وَعَلا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَرَكَ مَالا فَلِأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ وَأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ ) (رواه الترمذي و أحمد) كُلَّ مُحدثةٍ بدعة وكُلَّ بدعة ضلالة وكُلَّ ضلالةٍ في النار، إذاً لدينا شيءٌ مهم جداً وهو أن الأديان قد تزوّر، المبادئ قد تزوّر، المذاهب قد تزوّر، الذي يضمن لي أنني وجهاً لوجه أمام دين جاءني كما نزل ؟ فما الذي يضمن لي أن أتعامل مع دين هو الآن كما جاء في أوّل عهده ؟ أشياءٌ ثلاثة:
ألاّ يُضاف إليه شيءٌ ؛ وألاّ يُحذف منه شيءٌ ؛ وألاّ يُؤوّل تأويلاً ما أراده المشرِّع.
إذا ألغيت التأويل الفاسد، وألغيت إضافة البِدع، وألغيت حذف الأصول، فقد ضمنت أن يستمرّ الدين كما بدأ.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : البدعة في الإصطلاح
فالبدعة ما ليس لها أصل في كتاب الله، ولا في سُنّةِ رسوله، ولا في إجماع المؤمنين يقول الله عزّ وجل: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)﴾(سورة النور)
إذا خالفت أمره، وقعت في فتنة الابتداع. وسيدنا الصديّق رضي الله عنه يقول " إنما أنا متبع ولست بمبتدع "، وبعضهم قال نصائح ثلاث لو أردت أن تكتبها على ظفر لوسعها : اتبع لا تبتدع، تواضع لا ترتفع، تورِع لا يتسع.
البذخ والترف وإنفاق المال من دون جدوى ؛ هذا من صفة الكُفار، لكنّ المؤمنين يقتصدون في كسب مالهم، وفي إنفاق مالهم.
﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)﴾
ويقول الله عز وجل:﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ (الآية 54 من سورة النور)
والله عز وجل يقول في آية ثالثة: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي
رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ (الآية 21 من سورة الأحزاب)
الأسوة الحسنة: أيْ اتباع السُنّة ؛ اقتدِ به في كل أطوار حياتك أي طبّق سنته، مَنْ أمَّرَ السُنةَ على نفسه قولاً وفعلاً، ونَطَقَ بالحِكمة، فقد اتّبَعَ السُنّة، وجعل النّبي عليه الصلاة والسلام أسوةً له.
ومَن أمّر الهوى على نفسه نطق بالبدعة.
لذلك أصحاب البِدع يُقال لهم أصحاب الأهواء إما أن تُحكِّم سُنّة النبي في حياتك، وإما أن تُحكِّم الهوى ؛ إذا حكَّمت الهوى، أصبحت مُبتدعاً، وخرجت عن طريقة الرسول عليه الصلاة والسلام. وإذا حكَّمت السنة في أفعالِك وأقوالِك وسيرتك. فقد كنت مقتدياً بِهدي النّبي صلى الله عليه و سلّم. لا تنسوا أنَّ النّبي عليه الصلاة و السلام يقول:
(( قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ فَافْعَلْ ثُمَّ قَالَ لِي يَا بُنَيَّ وَذَلِكَ مِنْ سُنَّتِي وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ )) (رواه الترمذي) (( فمن أحّب سنتي فقد أحبني و من أحبني كان معي في الجنّة ))
بعض العارفين يقول: " أصول ديننا ثلاثة أشياء ؛ الاقتداء بالنّبي صلى الله عليه وسلّم في الأخلاق
والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النيّة في
جميع الأعمال "وحينما قال الله عزّ وجلّ:﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48)﴾ (سورة آل عمران)
الحِكمةُ: هي السُنّة. يُعلِمُه الكِتاب والحِكمة فالكتاب الأمر الإلهي، أمّا السُنّة كيف طبّق النّبي عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الإلهي. وقال بعضهم في قوله تعالى:﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ (الآية 10 من سورة فاطر) ما هو العمل الصالح ؟ قال بعضهم: الاقتداء برسول الله ؛ العمل الصالح هو أن تقتديَ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وبعضهم قال: عمل قليل في سُنّةٍ خير من اجتهاد كثير في بدعة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : البديع: الذي لا مثيل له
أيها القارئ الكريم: إذا كان الله سبحانه و تعالى بديع السماوات والأرض، هو الذي خلق السماوات والأرض على غير صورة سابقة ومن دون أن يعلِّمه أحد، ابتدع ذوات الأشياء، وابتدع صفات الأشياء وابتدع خصائص الأشياء، وابتدع أحجامها، وأشكالها، وألوانها وحركتها، وسكونها، وابتدع الإنسان، وما حوله من حيوان، وما حوله من نبات، وأشكال لا تُعدّ ولا تُحصى ؛ من خلال تأمُلِكَ لآيات الله في الكون، تستنبط أن الله بديع السماوات والأرض. ويجب أن تعلم أيضاً أن الله سبحانه و تعالى واحدٌ في ذاته، معنى البديع: يعني الذي لا مثيل له والذي لا مُشابه له، والذي ليس كمثله شيء، ليس له مثل لا في ذاته ولافي صفاته، ولا في أفعاله، ولا في خلقه.
ومن ثم فما حظّ العبد من هذا الاسم ؛ ألاّ يكون مُبتدعاً. لكن هناك نقطة دقيقة جداً أتمنى أن نقف عندها قليلاً، الإنسان مُكرّم عند الله عزَّ وجلّ ومن علامات تكريمه عند الله عزَّ وجلّ ؛ أنّه خلقه فرداً لا مُشابِه له، وأنّه سَمَحَ له أن يكون مُشرِّعاً عن طريق ماذا ؟ عن طريق الآيات ذات الطابع الاحتمالي أو الآيات الظنيّة الدلالة ؛ فالعلماء يجتهدون في فهم هذه الآية ذات الدلالة الظنيّة، إذاً كأنّ الإنسان سُمح له أن يُشرّع، أن يجتهد. أن يكون الإنسان مُجتهداً هذا من تكريم الله عزَّ وجلّ. وهو فردٌ لا مثيل له هذا من تكريم الله عزَّ وجلّ، وأن يُعطى الإنسان حُريّة الإرادة وهذا تكريمٌ من الله عزَّ وجلّ، ومن أنواع تكريم الله عزَّ وجلّ أنَّ طبيعة خلق اللّه عزَّ وجلّ- الآن دخلنا في ما له علاقة وشجية بالبحث طبيعة خلق اللّه عزّ وجلّ تُمكّن الإنسان من أن يُبدع في الخلق، فالآن يُقال لك هذا النبات هجين ؛ ما معنى هجين ؟ يعني هناك مخابر مستواها رفيع جداً يأخذون نباتاً ذا خصائص معينّة وِيُزاوِجُونَه بنبات آخر له خصائص معينّة يُنتج نباتاً ثالثاً بخصائص تجمع خصائص النباتين ثمّ يزاوجونه بنبات آخر إلى أن يصلوا إلى أصناف نادرة جداً.
طريقة الخلق، أو تصميم الخلق يُتيح للإنسان أن يبتدع، لقد سمعت أن هناك بقراً شامياً أصيلاً، البقرة الشامية معروفة، وهناك بقر هولندي، من تهجين هذين النوعين وُلدَ صنف يقدّم في اليوم ما يزيد عن ستين كيلواً من الحليب ! أليس هذا إبداعاً ؟ فالله عزَّ وجلّ فيما يخص موضوع الحيوانات، موضوع النباتات أطلق يد الإنسان لتبدع، فهناك أشجار مقزّمة، شجر أرزّ كبير مقزّم في أصيص صغير، الآن هُناك أشجار مثمرة مقزّمة، الآن دخلت والقارئ الكريم في موضوع ؛ يتصل بموضوعنا من باب واحد، أنَّ من تكريم اللّه لهذا الإنسان أنْ مكَّنهُ مِن أنْ يُبدع، وهذا في الخلق، أمّا أن يبتدع في الدين ؛ فهذا محرّم لأنّ الدين كاملٌ.
والدين توقيفي، فالدين هو ما جاء به النّبي ومن بعد وفاة النبي انقطع الوحي.
فنحن مسموح لنا أن نُبدع في الخلق، وليس مسموحاً لنا أن نُبدع في الدين ؛ لأنَّ البدعة في الدين هي ضلالة قولاً واحداً ؛ كلُّ بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كل مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. يقول عليه الصّلاة و السّلام: (مَنْ خَالَفَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ ) عن أبي ذر (رواه أحمد)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : مخالفة الجماعة شبراً بدعة
هناك آية هي أصلٌ في إجماع المسلمين، هي قوله
تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ
جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (115)﴾ (سورة النساء)
فمن خالف الجماعة شبراً، فقد خَلِعَ رِبقة الإسلام من عنقه. وقال ابن عبّاس: " ما أتى على الناس عام إلاّ أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا فيه سنّةً "
يعني كلما جاءنا عام أُحدثت بدعة وأُميتت سنّة، إلى أن تصل إلى وقت -والعياذ باللّه- كُلُهُ بِدع و حقيقة الدين خافية على معظم النّاس.
أحياناً يصبح الدّين عند بعضهم أنغاماً، وعند بعضهم
رقصاً،وعند بعضهم سلوكاً غريباً،وعند بعضهم تمتمات،وعند بعضهم خزعبلات، أهذا هو الدّين ؟!
أيّها القراء الكرام: البطولة أن تتعرّف إلى الدّين من ينابيعه الأصيلة وهي القرآن والسنّة ؛ فأي شيء جاءنا عن غير هذا الطريق فهو بدعة، ولاشك أَنّ هذا العِلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم ولينظر أحد أنه راجع إلى الله شاء أم أبى فليحذر.
﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)﴾ ( سورة الصافات: 24 ) والسؤال عسير، والموقف رهيب.
ورد في بعض الأحاديث: ( من مشى إلى صاحب بدعة ليُوقِّره فقد أعان على هدم الإسلام )
وقيل أيضاً: (عَنْ أَيُّوبَ قَالَ قَالَ أَبُو قِلابَةَ لا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ وَلا تُجَادِلُوهُمْ فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلالَتِهِمْ أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ) لا تجالس أهل الأهواء المبتدعين الذّين أحدثوا في الدّين ماليس فيه لأنّ سيّدنا الصدّيق رضي الله عنه كما قال عليه الصّلاة والسّلام:(لَوْ وُزِنَ إيمَانُ أَبي بَكْرٍ بِإيمَانِ أَهْلِ الأَرْضِ لَرَجَحَ بِهِمْ )(رواه البيهقي في الشُعب)
وقال: ((عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ يَا خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَا إِنَّكَ إِنْ قُلْتَ ذَاكَ فَلَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَجُلٍ خَيْرٍ
مِنْ عُمَرَ )) (رواه الترمذي)
" ما طَلَعت شمسٌ على رجلٍ بعد نبيٍّ أفضل من أبي بكر" ومع ذلك ماذا قال سيّدنا الصدّيق "؟ قال: " إنّني متّبع ولست بمبتدع - في خطبته الأولى - لقد وُلّيت عليكم ولست بخيركم إنْ أحسنت فأعينوني وإن أَسَأْت فقوِّموني إنّما أنا متّبع ولست بمبتدع ".
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : السنة والبدعة
ينبغي أن نتّبع النّبي عليه الصّلاة والسّلام، ولْنُراقب سلوكنا أيّة بدعة تأتينا يجب أن نسأل عن أصلها ؛ فإن لم يكن لها أصل فهي بدعة مردودة لا نقبلها. وقد قال بعض العلماء: " من داهن مبتدعاً سلبه الله تعالى حلاوة السُّنَن "؛ أي شخص مُبتدع بعقيدته، مُبتدع بسلوكه، مُبتدع بعبادته، حذف أشياء، وأضاف أشياء، وبالغ بأشياء، وأخفى الأشياء، وصار مبتدعاً، قال: "من داهن مبتدعاً سَلبه الله تعالى حلاوة الإيمان "، بل إنّه من ضَحِكَ إلى مُبتدع، نَزَعَ الله تعالى منه نور الإيمان مِن قلبه. من ضَحِكَ له، من جالسه، من داهنه، من صاحبه، وقال: من استهان بأدب من آداب الإسلام، عوقب بحرمان السنّة.
إذاً نحن في كل أسماء اللّه الحسنى ؛ حظُّنا منها أن نتخلّق بأخلاق اللّه، إلاّ في هذا الاسم حظُّنا منه ألاّ نبتدع في دينه شيئاً، سمح لنا أن نبتدع في الزّراعة، في النبات، في الحيوان، في خلط الألوان أحياناً في صهر المعادن، فمثلاً نحن بحاجة لمعدن خفيف جداً متين جداً ممكن أن نصنع هذا المعدن من خلط بعض المعادن، معدن خليط، أيُّ خلائط فهذه كلها ابتداع. إبداع: اختراع يعني أنَّ اللّه عزَّ وجلّ أعطى الأشياء خصائص،وسَمَحَ بالتّزاوج،وسَمَحَ بالتفاعل والاندماج، إذاً الإبداع في الصناعة والزراعة من فضل الله علينا ؛ مثلاً تقولون هذا البطيخ الأناناس، هذا بطيخ مُطعّم على نوع لم يكن من قبل. لقد صار هناك تهجين، عملية التهجين في النبات، والحيوان ماهي في الحقيقة إلاّ نوع من الابتداع.
لكن الله عزَّ وجلّ لِوجود خصائص لكل نبات
ولتصميم النبات بحيث يتزاوج سَمَحَ بالابتداع.
أمّا في التّشريع، وفي الدين الابتداع كلّه حرام، قال العلماء: " من استهان بالفرائض قيّض اللّه له مبتدعاً يذكر عنده باطلاً فيُوقِع في قلبه شبهةً ".
وختام المطاف: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(31﴾(آل عمران)
فأنت قد تكون محقاً في تعاملك مع الأشخاص قد تقول عن شخص: بأبسط عبارة لعله غلطان، لعله
مُخطئ، وأنا لا أتورّط معه ؛ فهذا شيء جميل.
لكنّك إذا ثَبُتَ لك نص عن اللّه عزَّ وجلّ، فالله عزّ وجل كتابه حقّ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. إذا ثَبتت لك عن النّبي صلى الله عليه وسلم سُنّة صحيحة ؛ النّبي معصوم. يعني أنت لك جهتان يُمكن أن تطمئنّ إليهما ؛ كتاب اللّه، وسُنّة رسوله. وما سِوى ذلك موقوف على موافقته لكتاب الله و سُنّة رسوله.
كنت ولا زلت أضرب أمثلة دقيقة من أنّك أمام ثلاثة نصوص في حياتك ؛ لو امتدت بك الحياة قروناً طويلة فلن تتبدل ولن تتغير: أمام ثلاثة نصوص، فقط نص للّه عزَّ وجلّ كتابه، ونص لرسوله، ونص لغير رسول الله ؛ أي إنسان كان، إذاً هناك نص للّه خالق الكون وهو القرآن. ونص لرسوله المعتمد وهو النّبي عليه الصّلاة والسّلام. ونصّ لأي مخلوق بعد النّبي. عالم كبير، فهيم، مثقّف، غير مثقّف، شيخ، عَلَم من أعلام الأُمّة، أيُّ إنسان ليس النّبي ؛ فهو صنف ثالث. أنت مع القرآن ليس لك إلاّ أن تفهمه لأنّه قطعّي الثبوت، ومع السُنّة ليس لك إلاّ أن تتحقق من صحّتها، لأنّ الحديث ظنّي الثبوت، وليس لك إلاّ أن تفهمه، ولكنّك فيما سِوى هذين النّصين، ولِيكُن مَن كان القائل، فعليك أن تتحقق من صِحّته وأن تحاول فهمه كما أراد صاحبه، وأن تُقيّمه بالكتاب والسُنّة، هذا هو الدّين هذا هو المقياس.
نحن يجب أن نتوقّع أيّة بدعة دخلت على الدّين في غفلة الزمان ونحذركل الحذر أنت بحاجة إلى مقياس، وبحاجة إلى مراجعة لكل معلوماتك، ولكل خِبراتك، وقياسه بالكتاب والسُنّة. أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون وفَّيْت بعض الشيء من مناقشة موضوع هذا الاسم وبيانه حقيقته.
وكخلاصة مُوجِزَةٍ للبحث أعود فأقول: لقد تحدثت في الصفحات السابقة عن اسم " البديع" فالله سبحانه وتعالى أبدع السماوات و الأرض جُملةً وتفصيلاً، خصائص ماديّة خصائص معنويّة، على غير مثال سابق، ومن دون تعليم من أحد ابتدع الكون كله، وهو بديع، أي فرد في ذاته وفرد في صفاته، وفرد في أفعاله، وفرد في تشريعه، والإنسان له أن يبتدع في الخلق، في التصنيع، وفي مجال الزراعة كذلك في ما سمح الله به أن يفعله، ولكنه بالتأكيد ليس له أن يبتدع في التشريع ؛ لأنَّ كل مُحدثةٍ بدعة، وكُلَّ بدعة ضلالة، وكُلَّ ضلالة في النار. وفرّقنا بينَ البدعة بمعناها اللغوي، وبين البدعة بمعناها الديني والتي يؤكدها قول النبي عليه الصلاة والسلام
[الأنترت – موقع النابلسي اسم الله البديع . لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :
*اسم الله البديع وصفته (الدليل من السنة ):
*عن أنس بن مالك قال : "كنتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم جالسًا ، ورجلٌ قائمٌ يصلِّي ، فلمَّا ركع وسجد وتشهَّد ، دعا ، فقال في دعائهِ : اللهمَّ إني أسالُك بأنَّ لك الحمدُ ، لا إله إلَّا أنتَ ، وحدَك لا شريكَ لك ، المنانُ ، يا بديعَ السماواتِ والأرضِ ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ ، يا حيُّ يا قيومُ ، إني أسالكَ الجنةَ ، وأعوذُ بك من النارِ. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم لأصحابهِ : تدرونَ بما دعا ؟ قالوا : اللهُ ورسولُه أعلمُ .قال : والذي نفسي بيدهِ ، لقد دعا اللهَ باسمهِ العظيمِ" وفي روايةٍ الأعظمِ الذي إذا دعِيَ به ، أجاب ، وإذا سُئِلَ به أعطَى" حديث صحيح .
شرح الحديث : توطئة:بدأ بمقدمة من الثناء على اللَّه تعالى، واستحقاقه الحمد بكل أنواعه، وإثبات وحدانيته
وألوهيته بالعبادة دون غيره، ثم ذكر جملاً من أسمائه الحسنى، مقدمة بين يدي دعائه، فجمع بين التوسل بالعمل الصالح للَّه تعالى، توسّلًا بما له من الكمالات التي لا تُحصى، رجاءً عظيمًا في قبول دعوتِهِ؛ لما شملته من أسمى مطلب في الدنيا والآخرة، وهو مغفرةُ الذنوبِ، واستعاذة من أعظم مرهوب، وهو النار - هنا - أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء - يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر ، وأنه اسم الله الأعظم ، فكان ذكر الله والثناء عليه أنجح ما سأل به حوائجه
*ففي هذا الحديثِ يَحكي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِي اللهُ عنه "أنَّه كان مَع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم جالِسًا ورَجلٌ يُصلِّي، ثمَّ دعا: اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُك بأنَّ لك الحمْدَ لا إلهَ إلَّا أنتَ المنَّانُ"، أي: أنت كثيرُ العَطاءِ لخَلْقِك-أي صاحب النعم المتتالية دون طلب عوض، وغرض.
* المنان الذي ينعم غير مفاخر بالإنعام، وهو المعطي ابتداء، ولله المنة على عباده بإحسانه وإنعامه ورزقه إياهم، ولا منة لإحدٍ عليه تعالى ربنا. قاله :الزجاجي.
* أعظم مِنِنِ المنان رِزْقُه للهدايةِ ،قال تعالى"بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ" الحجرات : 17.
وكم من إنسان بعيد عن دينه منّ الله عليه بالهداية بآية يسمعها أو موقف يعرض عليه؟
ويتصف أيضًا بها الإنسان، لكن يتصف بالمعنى الواحد على طريق المدح، وبالمعنى الثاني على طريق الذم.
*فالأول: الذي هو ممدوح، نحو أن يكون عطاؤه أو مَنُّهُ لوجهِ اللهِ تعالى، ولا لنيلِ عِوض من الدنيا.
قال صلى الله عليه وسلم "إنَّ مِن أَمَنِّ الناسِ عَلَيَّ في صحبتِه ومالِه أبا بكرٍ" رواه أبو سعيد الخدري وهوفي البخاري
ومعناه: أنَّه أكثرُهم جُودًا وسَمَاحةً لنا بنفسِه ومالِه، وليس هو مِن المَنِّ الذي هو الاعْتِدَاد بالصَّنِيعَة؛ لأنَّه أذًى مُبطِلٌ للثَّوَابِ
*والقسم الثاني: وهو أن يمن الإنسان بالعطية، أي:
يذكرها ويكررها، فهو المذموم. ومنه قوله تعالى" لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى "البقرة: 264.
وقال صلى الله عليه وسلم"لا يدخلُ الجنَّةَ منَّانٌ، ولا عاقٌّ، ولا مُدمنُ خمرٍ" رواه عبدالله بن عمرو - صحيح النسائي
"لا يَدخُلُ الجنَّةَ مَنَّانٌ"، أي: الَّذي يَمُنُّ على النَّاسِ في عَطائِه؛ بذِكْرِه لهم، وإظهارِه في النَّاسِ
والمنّ: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها مثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه، وقال بعضهم: المنّ: التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطَى فيؤذيه. قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى" سورة البقرة:264. فإذا أتْبَعَ الصدقةَ منًّا، أو أذًى بَطل أجره.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : *اسم الله البديع وصفته (الدليل من السنة:
"بَديعُ السَّمواتِ والأرضِ"
يوصف الله عزَّ وجلَّ بأنه بَديعُ السَّمواتِ والأرضِ، وهي صفةٌ ثابتةٌ له بالكتاب والسنة.
• الدليل من الكتاب: قوله تعالى" بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "البقرة: 117. أي: خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سابق [ تفسير السعدي ]
مظاهره : حين خلق الله جل جلاله الخلق من آدم إلى أن تقوم الساعة..
جعل الخلق متشابهين في كل شيء.. في تكوين الجسم وفي شكله في الرأس والقدمين واليدين والعينين.. وغير ذلك من أعضاء الجسم.. تماثلًا دقيقًا في الشكل وفي الوظائف.. بحيث يؤدي كل عضو مهمته في الحياة.. ولكن هذا التماثل لم يتم على قالب وإنما تم بكلمة كن.. ورغم التشابه في الخلق فكل منا مختلف عن الآخر اختلافًا يجعلك قادرًا على تمييزه بالعلم والعين.. فبالعلم كل منا له بصمة أصبع وبصمة صوت يمكن أن يميزها خبراء التسجيل.. وبصمة رائحة قد لا نميزها نحن ولكن تميزها الكلاب المدربة.. فتشم الشيء ثم تسرع فتدلنا على صاحبه ولو كان بين ألف من البشر.. وبصمة شفرة تجعل الجسد يعرف بعضه بعضًا.. فإن جئت بخلية من جسد آخر لفظها. وإن جئت بخلية من الجسدنفسه اتحد معها وعالج جراحها.
هذا الاختلاف يمثل لنا طلاقة قدرة الله سبحانه في الخلق على غير مثال.. فكل مخلوق يختلف عمن قبله وعمن بعده وعمن حوله.. مع أنهم في الشكل العام متماثلون.. ولو أنك جمعت الناس كلهم منذ عهد آدم إلى يوم القيامة تجدهم في صورة واحدة.. وكل واحد منهم مختلف عن الآخر.. فلا يوجد بشران من خلق الله كل منهما طبق الأصل من الآخر.. هذه دقة الصنع وهذا ما نفهمه من قوله تعالى"بديع".. والدقة تعطي الحكمة.. والإبراز في صور متعددة يعطي القدرة.. ولذلك بعد أن نموت وتتبعثر عناصرنا في التراب يجمعنا الله يوم القيامة.. والإعجاز في هذا الجمع هو أن كل إنسان سيبعث من عناصره نفسها وصورته نفسها وهيئته نفسها التي كان عليها في الدنيا. ولذلك قال الحق سبحانه"قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ"ق : 4.
"يا ذا الجلالِ والإكرامِ" أي: يا صاحبَ العظَمةِ والكبرياءِ، والإكرامِ.
وقال الخطَّابيُّ « ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ « الجَلالُ مصدرُ الجليلِ، يُقالُ: جَليلٌ بيِّنُ الجَلالَةِ والجلالِ.
الجليل الكبير الذي له أوصاف الجلال؛ فهو الموصوف بصفات المجد، والكبرياء، والعظمة، والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجلُّ وأعلى، وله التَّعظيم، والإجلال في قلوب أوليائه وأصفيائه، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه،
وإجلاله، والخضوع له، والتذلل لكبريائه.
[ تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : *اسم الله البديع وصفته (الدليل من السنة: "بَديعُ السَّمواتِ والأرضِ"
والإكرامُ: مصدرُ أكرمَ يُكرمُ إِكرامًا، والمعنى: أَنَّ الله جَلَّ وعزَّ مُستحقٌّ أنْ يُجَلَّ ويُكرَمَ فلا يُجْحَدُ، ولا يُكفرُ به، وقد يُحتَملُ أَنْ يكونَ المعنى: أَنَّهُ يُكْرِمُ أَهْلَ ولايتِهِ، وَيرْفَعُ درجاتِهم بالتوفيقِ لطاعتِهِ فِي الدُّنيا، ويُجلُّهم بأَنْ يتقبَّلَ أعمالَهم ويرفعَ فِي الجِنَانِ درجاتِهم. [ الألوكة ] وفيه دليل على أن استفتاح الدعاء بقوله الداعي [ يا ذا الجلالِ والإكرامِ ] يكون سببًا في الإجابةوفضل الله واسع.
"يا حيُّ يا قيُّومُ"، أي: مَن يَقومُ بتَصْريفِ شؤونِ الخَلْقِ وتَدْبيرِها؛ فهَذه صِفاتُ الكَمالِ للهِ، وإقرارٌ بالعُبوديَّةِ والرُّبوبيَّةِ.فهذان الاسمان جامعان لصفات الكمال.
فـ الْحَيّ كامل الحياة. وهذا الاسم يتضمن جميع صفات الله - عز وجل - الذاتية.
فالله له الحياة التامة الكاملة التي لا بداية لها ولا نهاية -فهو الأول والآخر-، وله جميع الصفات الذاتية بمعانيها
العظيمة الكاملة التي لا تتم الحياة الكاملة بدونها، والتي ينبغي إثباتها لله - عز وجل - على أكمل وجه وأتمه،
كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والمشيئة، والعظمة، والعزة وغيرها من النعوت الكاملة.
والقيّوم هو كامل القيّوميّة وله معنيان:
المعنى الأول: هو الذي قام بنفسه، وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته.ودليله قوله تعالى"وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" فاطر 15.
المعنى الثاني: هو الذي قامت به الأرض والسموات وما فيهما من المخلوقات، فهو الذي أوجدها وأمدَّها
وأعدَّها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها، فهو الغنيّ عنها من كل وجه وهي التي افتقرت إليه من كل وجه، ودليله قوله تعالى " أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ "الرعد 33 .
فالحيُّ والقيُّوم من له صفة كل كمال وهو الفَعَّالُ لما يريد. فالله هو الغني بذاته، المستغني عن خلقه، المغني لهم، فله - سبحانه - القيومية التامة. .
[ شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :اسم الله البديع وصفته
قال ابن القيم:
فإن "الحياة" مستلزمة لجميع صفات الكمال ولا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة فإذا كانت حياتُهُ تعالى أكملَ حياةٍ وأتمها استلزم إثباتُها إثباتَ كلِّ كمالٍ يضادُ نفيَ كمال الحياة.
وأما "القيوم" فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه، وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته وهذا من كمال قدرته وعزته، فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال والغنى التام والقدرة التامة فكأن المستغيث بهما مستغيث بكل اسم من أسماء الرب تعالى وبكل صفة من صفاته فما أولى الاستغاثة بهذين الاسمين أن يكونا في مظنة تفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإنالة الطلبات[بدائع الفوائد ]
*فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"لقد دَعا اللهَ باسمِه العظيمِ الَّذي إذا دُعِي به أجابَ، وإذا سُئِل به أعطَى"، أي: إنَّ اسْمَ اللهِ الأعظمَ مَذكورٌ في هذا الدُّعاءِ، ولكنَّه لم يُحدِّدْ أيُّ اسمٍ هو مِن هذه الأسماءِ الَّتي ذُكِرَت، وقد يُرادُ به مُجمَلُ الدُّعاءِ. وقد اختُلِفَ في تَحديدِ اسمِ اللهِ الأعظمِ، ولعلَّ أقرب الأقوال أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمَ هو :الله؛ لأنَّه الاسمُ الوحيدُ الذي يوجد في كلِّ النصوصِ التي جاءَ أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمِ ورَدَ فيها، وأيضًا لأنَّه الاسمُ الجامعُ لِلهِ عزَّ وجلَّ الذي يَدلُّ على جَميعِ أسمائِه وصِفاتِه، وقيل: أرجحُ الرِّواياتِ مِن حيثُ السَّندُ هي: "اللهُ لا إلهَ إلَّا هو الأحدُ الصَّمدُ، الذي لم يَلِدْ، ولم يُولَدْ، ولم يكُنْ له كُفوًا أحدٌ"، وقيل: اسمُ اللهِ الأعظمُ هو: "الحيُّ القيُّوم"، وقيل: هو في هاتَينِ الآيتَينِ"وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"البقرة: 163،وفاتحةُ آل عمران
"الم* اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ"
فيكونُ ذلك مِن اختلافِ التنوُّعِ، وقيل غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ للهِ تعالى اسمًا أعْظمَ، وبيانُ فَضلِ الدُّعاءِ والتَّوسُّلِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ باسمِه الأعظمِ، وأنَّه إذا دُعي به أجابَ . [الأنترنت - ملتقى أهل الحديث]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :
*معرفة حال الخالق من خلال اسمه ( البديع ) :
إن النفوس السليمة تكون أكثر اشتياقا من غيرها
لمعرفة حال خالقها، والحديث عن الله -سبحانه وتعالى- أجمل وأروع وأعطر ما تسمع به أذنك، وأعظم ما يسعد به قلبك, فما أشرف العلم بالله!، وما أشرف العلم بأسمائه وصفاته!، فهو بحق أشرف العلوم وأزكاها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “والقرآن فيه من ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة، والآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته أعظمُ قدراً من آيات المعاد، فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأبيّ بن كعب: “أتدري أي آية في كتاب الله أعظم؟” قال: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ), فضرب بيده في صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر”.
وروى البخاري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة، من أحصاها دخل الجنة“.
والاسم الرباني الذي سنعيش معه سوياً في هذه الدقائق من هذا النوع, وهو اسم الله “البديع”.
فالله -عز وجل- هو بديع السموات والأرض, كل ما في الأرض من بشر وشجر وحجر ودواب, وكل ما في السموات من نجم وكوكب, وشمس وقمر, وأجرام وأفلاك, وملك وجان, كل ذلك قد أوجده الله تعالى فأبدع في خلقه, على أفضل ما يكون من صورة, وأكمل ما يكون من هيئة, قال تعالى: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 50], وقال -سبحانه-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين: 4].
والبديع في اللغة: على وزن فعيل بمعنى مُفعِل؛ أي مُبدع السماوات والأرض, وفي لسان العرب: بدع الشيء يبدعه بدعاً وابتدعه: أنشأه وبدأ هو. ومنها جاء معنى البدعة: وهي الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال, ومنها قوله تعالى: (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف: 9] أي لست أول رسول, بل كان هناك رسل قبلي.
والإبداع: أن تصنع شيئاً على غير مثالٍ سابق, فالله -عز وجل- قد أبدع هذا الكون بكل ما فيه على غاية الحسن والإحكام من غير مثال سابق, فالبديع: من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها, ويجوز أن يكون بمعنى مبدع أو يكون من بدع الخلق أي بدأه، كما قال سبحانه-: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة: 117] أي خالقها ومبدعها, فهو -سبحانه- الخالق المخترع لا عن مثال سابق.
وقد يعتقد البعض أن اسم الله “البديع” يعطي نفس الدلالات والمعاني لأسماء أخرى لله -عز وجل-, مثل اسم الله “الخالق”, “البارئ”, “المصور”, وهذا ليس صحيح, فلكل اسم منهم معنى ودلالة خاصة به تفرقه عن غيره, وإن اشتركت أحياناً في معنى عام.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :
*معرفة حال الخالق من خلال اسمه ( البديع ) :
فالخالق الذي خلق المخلوقات من العدم, والبارئ هو الذي خلق الخلق بريئًا من التفاوت والتناقض, والمصور الذي جعل لكل مخلوقٍ هيئة وصورة مختلفة تميزه عن غيره, وأما البديع فهو الذي أبدع الخلق على غير مثال ولا اقتداء بسابق,فهكذا تتقارب معاني تلك الألفاظ، ويتمايزبعضهابملمح دلالي خاصٍّ،كما نرى في اختصاص الإبداع بملمح عدم المثال، وكاختصاص المصوِّر بملمح إنشاء الصورة والهيئة, لكن الاستعمال القرآني الحكيم لهذه الألفاظ يفرِّق بينها تفرقة دقيقة.
وقد ورد اسم البديع مضافاً في كتاب الله تعالى في موضعين, في سورة البقرة (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة: 117], وفي سورة الأنعام (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام: 101] والآيتان كانتا في معرض الرد على من ادعى الولد لله -سبحانه وتعالى-, قال ابن جرير -رحمه الله-: “فمعنى الكلام فسبحان الله أنى يكون لله ولد, وهو مالك ما في السماوات والأرض, تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية, وتقر له بالطاعة, وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه. وهذا منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال, هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته“.
وقد ورد في السنة النبوية من حديث أنس بن مالك؛ قال: سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يقول: “اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك، المـنان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام“. فقال: “لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سُئِلَ به؛ أعطى، وإذا دُعِيَ به؛ أجاب“. لذلك ذهب جمع من أهل العلم على اعتبار أن اسم “البديع” أو “بديع السموات والأرض” هو اسم الله الأعظم؛ لتجلي الكثير من الصفات الربانية فيه.
ومظاهر وصور الإبداع في خلق الله في الكون كثيرة تفوق العد والحصر, ولو نظرنا إلى مثال واحد هو “الإنسان” فعلى وجه الأرض يعيش أكثر من سبعة مليارات من بني آدم, عدد مهول ضخم!! لكن أبدع الخالق في خلقهم فلكل واحد من هؤلاء البشر بصمة أصابع لا تتشابه مع الآخر, ونغمة صوت لا تتطابق مع الآخر, ورائحة جسد تميزها بعض الحيوانات مثل الكلاب البوليسية لا تتشابه مع الآخر, وقرنية عين لا تتشابه مع الآخر, أليس هذا هو الإبداع الرباني والقدرة الإلهية الشاملة؟!.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :
*معرفة حال الخالق من خلال اسمه ( البديع ) :
من أهم استحقاقات الإيمان باسم الله “البديع”: التفكر في الكون وما فيه من نعم ومخلوقات, التفكر في مظاهر الإبداع فيها, وما تورثه في قلب العبد من إيمان وتسليم بوحدانية الله -عز وجل- وقدرته, قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191], فقد خلق الله -سبحانه وتعالى- الكون وخلق الإنسان ليعبد الله ويتفكر في بديع خلقه وكائناته, فلم يخلق أي شيء عبثا, كل مخلوق وله عمله الموكل إليه في هذه الحياة.
إن التفكر والتأمل في خلق الكون من أهم الواجبات الموكلة إلى المسلم؛ لترى عظمة الخالق في إبداع السماوات والأرض, فلولا عظمة الخالق في ترتيب وتنسيق جميع موازين الكون ومقاييسها لاختلت الحياة وفسدت. فهذه المجرات والكواكب والشمس والقمر والنجوم, قال تعالى عنها: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 12], كل له وظيفة ودورانه الخاص, فالأرض تدور حول الشمس بنظام معين وبمقدار مناسب, فلو زاد أوقل هذا المقدار لحدثت الكوارث والمصائب, هذا من عظمة الخالق في خلق الكون وإبداعه.
أيها المؤمن: تفكَّر في خلق البحار والمحيطات والأنهار وما فيها من كائنات بحرية حية, منها ما توصَّل الإنسان إلى معرفته, ومنها لم تعرف بعد, كل منها له وظيفته الخاصة من طعام وشراب وطاعة لله -عز وجل-, تجد في هذه المحيطات بعض المواد التي تشفي من الأمراض, وأيضا تجد فيها كائنات تفيد في تنقيتها وحمايتها من التلوث, وتفكَّر في خلق الجبال وقوتها وصمودها ولكنها تخر خاشعة من خشية الله, وتفكر في السهول والوديان وتكوينها والصحارى الممتدة وما فيها من عظمة الخالق في الإبداع.
لذلك كان من المشاهد المتكررة عبر الزمان أننا نجد من علماء اليهود والنصارى والوثنيين من يعلن إسلامه ويذعن بالتوحيد لله تعالى, بعد أن يُعمل فريضة التفكير في الكون والخلق, فيرى إبداعاً وعظمة تنير ظلمات قلبه, وتوسع ضيق صدره, فيعلن إسلامه, البروفيسور الياباني (يوشيدي كوزاي) سمع قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) [فصلت: 11] تتلى في المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني الذي عقد في القاهرة, ولما سمع تلك الآية نهض مندهشاً وقال: “لم يصل العلم والعلماء إلى هذه الحقيقة المذهلة إلا منذ عهد قريب بعد أن التَقَطِت كاميرات الأقمار الاصطناعية القوية صوراً وأفلاماً حية تظهر نجماً وهو يتكون من كتلة كبيرة من الدخان الكثيف القاتم“!!. ثم أعلن إسلامه .
ومنهم البروفيسور الأمريكي (بالمر) الذي سمع قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) [الأنبياء: 30] في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض 1979م, فقال: “حقاً لقد كان الكون في بدايته عبارة عن سحابة دخانية غازية هائلة متلاصقة ثم تحولت بالتدريج إلى ملايين الملايين من النجوم التي تملأ السماء, ولا يمكن بحال من الأحوال أن ينسب إلى شخص مات قبل 1400 سنة؛ لأنه لم يكن لديه تليسكوبات ولا سفن فضائية تساعد على اكتشاف هذه الحقائق, فلا بد أن الذي أخبر محمداً هو الله” وأعلن البروفيسور (بالمر) إسلامه في نهاية المؤتمر.
ومنهم العالم التايلاندي (تاجاس) المتخصص بعلم الأجنة, والبروفيسور (كيث مور) بعد أن سمعا بآيات أطوار الخلق في سورة المؤمنون, والعالم اليهودي (روبرت جيلهم) والذي يعد من أشهر علماء الأجنة في العالم بسبب عدة المطلقة, بعد أن أفنى عمره في أبحاث تخص البصمة الزوجية للرجل، وتأكد بعد أبحاث مضنية أن بصمة الرجل تزول بعد ثلاثة أشهر. والأمثلة كثيرة لمن قادهم التفكير والتدبر في بديع صنع الله للإيمان به .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :
*معرفة حال الخالق من خلال اسمه ( البديع ) :
إن من تكريم اللّه لهذا الإنسان أنْ مكَّنهُ مِن أنْ يُبدع، وهذا في الصناعة والتفكير والعلوم التجريبية, وورد في الحديث: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”. وإن كان في سنده مقالاً, فإن له شواهد كثيرة تنهض به للقبول.
والإتقان من أبرز صور الإبداع, وتاريخ المسلمين زاخر بالمبدعين في كل المجالات في الطب والرياضيات والعلوم والكيمياء وسائر العلوم, وفي القيادة والتفكير الإنساني, وفي علوم الشريعة كان هناك الأئمة والأفذاذ والعلماء الكبار الذين كانوا في غاية الإبداع والإتقان في مجالاتهم, والواجب على المسلمين حتى يتخلصوا من حالة التخلف الحضاري التي أوقعتهم فريسة سهلة لأعدائهم وأن يبذلوا أقصى ما عندهم من جهد, ويخرجوا كل طاقاتهم الإبداعية؛ لتحقيق نهضة الأمة وإخراجها من كبوتها العارضة.
ونقصد بالإبداع هاهنا الإبداع النافع المفيد في حياة الناس الذي ينشر العمران ويحقق الأمن والطمأنينة بينهم, ويسهل منافعهم, أما أن يكون الإبداع سلماً للدمار ونشر الفواحش وترويج الرذيلة وإضاعة الأوقات ونشر ثقافة السلبية والتفاهة, فهذا ليس من الإبداع في شيء, بل هو إبداع الشيطان في غواية الإنسان.
[الأنترنت - ملتقى الخطباء - الفريق العلمي - عنوان الخطبة - اسم الله البديع ]
* اسم الله البديع
والإبداع : أن تصنع شيئاً على غير مثالٍ سابق, فالله -عز وجل- قد أبدع هذا الكون بكل ما فيه على غاية الحسن والإحكام من غير مثال سابق, فالبديع: من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها, ويجوز أن يكون بمعنى مبدع أو يكون من بدع الخلق أي بدأه، كما قال سبحانه-: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة: 117] أي خالقها ومبدعها, فهو -سبحانه- الخالق المخترع لا عن مثال سابق.
وقد يعتقد البعض أن اسم الله “البديع” يعطي نفس
الدلالات والمعاني لأسماء أخرى لله -عز وجل-, مثل اسم الله “الخالق”, “البارئ”, “المصور”, وهذا ليس صحيح, فلكل اسم منهم معنى ودلالة خاصة به تفرقه عن غيره, وإن اشتركت أحياناً في معنى عام.
فالخالق الذي خلق المخلوقات من العدم, والبارئ هو الذي خلق الخلق بريئًا من التفاوت والتناقض, والمصور
الذي جعل لكل مخلوقٍ هيئة وصورة مختلفة تميزه عن غيره, وأما البديع فهو الذي أبدع الخلق على غير مثال ولا اقتداء بسابق, فهكذا تتقارب معاني تلك الألفاظ، ويتمايز بعضها بملمح دلالي خاصٍّ، كما نرى في اختصاص الإبداع بملمح عدم المثال، وكاختصاص المصوِّر بملمح إنشاء الصورة والهيئة, لكن الاستعمال القرآني الحكيم لهذه الألفاظ يفرِّق بينها تفرقة دقيقة.[ الأنترنت - ملتقى الخطباء - الفريق العلمي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :*تعريف الإبداع
الإبداعُ، هو: الإتيانُ بشيءٍ من غيرِ مثالٍ سَبَق. والله- تعالى- يصف نفسه بـ«بديع السموات والأرض»، أي: منشئ الكون دون مثال. و(بديع): فعيل للمبالغة، وهو خبر مبتدأ محذوف.
كل ما نقوم به نحن البشر، ونسميه إبداعاً، هو في الأصل مبنيٌّ على مثالٍ سابق، ولذا لا يُعَدُّ إبداعاً! حتى أجمل تصميم تم صنعه على وجه الأرض، لا يخرج عن كونه تقليداً لأمثلة سابقة أوجدها الله- تعالى- في الطبيعة، فجاءت منها الزخارفُ النباتية، والهندسية، والحيوانية، وغيرها، من أشكال المخلوقات غير المحدودة. وحتى المراكب التي ابتكرها الإنسان، كالطائرات والسيارات والسفن الفضائية، هي تقليدٌ لما أنشأه الله تعالى، من طيرٍ ودواب، بل إنها مُصَمّمَةٌ على نحوٍ من الأجهزة كالتي جعلها الله في الإنسانِ، إذ تستخدم الماء للتبريد، والوقود للحركة، وما يشبه القلب والرئة،للضخ والتنفس،وحتى العادم هو نفسه كعملية الإخراج عند الإنسان والحيوان.
والكمبيوتر ليس إبداعاً، بل هو تقليدٌ لجزءٍ يسيرٍ من خلقِ الله دماغ الإنسان، وكذا الهواتف والفيديو، وكافة الوسائل السمعية والبصرية، نجد أن تركيبها الفيزيائي الكيميائي من إبداع الله، وما على الإنسان إلا تجميع عناصرها فحسب.
ليس بوسع الإنسان أن يبدع شيئاً حتى لو كان خيالاً، فمثلاً: لو طلبنا إلى أيِّ إنسانٍ عالِمٍ أو فنانٍ أو
مهندسٍ، أن يرسم لنا شكلَ مخلوقٍ ما، فهل يستطيع (خياله) أن يأتي بشيء ليس مبنياً على مثالٍ من خَلقِ الله؟ كلا وألف كلا! بل لا يستطيع أن يتخيّلَ حتى شكلَ حشرةٍ أو فيروسٍ ليس على مثالٍ من صُنع الله.
قال تعالى: «ويخلقُ ما لا تعلمون».
السؤال: هل يستطيع أحدٌ أن يتخيّلَ شيئاً من خلقِ الله الذي لا نعلمه بعد، ولو مجرد تخيُّل، وليس إبداعاً؟ [الأنترنت – موقع الشروق _ عبدالرحيم الميرابي - دكتوراة علمِ النَّفس الإكلينيكي، جامعة باريس الأولى. ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان
*كل ما خلقه الله أوقضاه وقدره فهو ابداع :
وقد جاء الإبداع في كل ما خلقه الله البديع، وجاء قمة الإبداع في خلق الإنسان (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقوىم)، «التين 4»، فالله سبحانه وتعالى بديع السموات والأرض، هو الذي خلقهم على غير صورة سابقة ومن دون أن يعلمه أحد، ابتدع ذوات الأشياء، وصفاتها وخصائصها وأحجامها وأشكالها وألوانها وحركتها وسكونها، وابتدع الإنسان وما حوله
من حيوان ونبات وأشكال لا تعد ولا تحصى.
والله هو الخالق البديع في ذاته، ولا يماثله أحد في صفاته، ولا في حكم من أحكامه، أو أمر من أوامره، فهو البديع المطلق الذي أبدع الخلق من غير مثال سبق، وهو الذي أظهر عجائب صنعته وغرائب حكمته.
والبديع هو الذي خلق كل خلقه بلا تماثل، فمنذ أن خلق الله آدم وحواء وإلى أن تقوم الساعة، لن نجد إنساناً يشبه آخر، لا في الشكل ولا في المضمون، وذلك دليل على طلاقة القدرة وسعة القوالب عند الحق.
وبديع صنع الله في خلق السماوات والأرض، واختلاف ألوان البشر، وتباين ألسنتهم، وفي ذلك من الدلائل ما ينتفع به أهل العلم والفهم، إن من طلاقة قدرة الحق في إيجاد البشر أنهم مختلفون على كثرتهم التي لا تعد ولا تحصى، منذ خلق الله آدم إلي قيام الساعة، فلو جمعنا الناس جميعاً، فلن نجد واحداً يطابق الآخر في أصله أو صورته، إنها دقة الحكمة في الإبراز في صور متعددة.
*تفرد بالخلق من العدم :
فهو جل وعلا بديع السماوات والأرض، وتفرده بالخلق من العدم والإبداع على غير مثال سابق، وتفرده بالتدبير الكوني لخلقه من أخص أوصاف ربوبيته، فلم يترك الخلق هملاً، وإنما قدر لهم ما يصلح أديانهم وأبدانهم، وتفرده بمعاني الكمال المطلق من الغنى والقدرة النافذة والعلم المحيط.
يقول ابن تيمية، ومن أخص أوصاف الرب القدرة على الخلق والاختراع فليس ذلك لغيره أصلاً، وأخص وصف الرب ليس هو صفة واحدة بل علمه بكل شيء من خصائصه وقدرته على كل شيء من خصائصه وخلقه لكل شيء من خصائصه. ومن أدلة الاختراع والعناية الإلهية قوله تعالى: (قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)، فأعطى كل شيء من خلقه الخلق الملائم له.
[الأنترنت – موقع الإتحاد- أحمد محمد (القاهرة) - معنى البديع ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان
* ما المقصود بالإبداع؟
الإبداع في المفهوم التربوي:عرفه تورنس على أنه التعليم الإبداعي عملية تساعد المتعلم على أن يصبح أكثر حساسية للمشكلات وجوانب النقص والثغرات في المعرفة أو المعلومات واختلال الإنسجام وتحديد مواطن الصعوبة وما شابه ذلك والبحث عن حلول والتنبوء وصياغة فرضيات واختبارها وإعادة صياغتها أو تعديلها من أجل التوصل إلى نتائج جديدة ينقلها المتعلم للآخرين.[ الأنترنت – موقع الإبداع ]
*وأما معنى البديع فيعود إلى معان منها:
المعنى الأول:عديم النظير في ذاته
فليس شيء يشبهه، فلا مثيل له في ذاته، ولا في أسمائه ولا صفاته ولا أفعاله، فكل شيء مبدؤه منه، وكل أمر راجع إليه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}. وسياق الآيات التي ورد فيها هذا الاسم أو الوصف لله تعالى، إنما تدل على هذا المفهوم، فهي دعوة لعدم الانشغال بالمخلوقات عن الخالق، وعدم الالتهاء بالتفكر في إبداع المخلوق عن التدبر والتمعن في المبدع سبحانه.. وهي أيضا دعوة لتنزيهه عما نسبه إليه الأفاكون من الصاحبة والولد.
ففي سورة البقرة: سبق هذا الوصف حكاية قول المجرمين {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}، فنسبوا إليه الولد كذبا وزورا وبهتانا، فسبح نفسه ونزهها فقال: {سُبْحَانَهُ} أي تقدس وتنزه عما يصفه به الأفاكون، بل كل ما في الكون مملوك له وخاشع له مذلل {بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن
فَيَكُونُ}. وفي آية الأنعام: كذلك.. فقد سبقها منذ الآية 95 حديث لله تعالى عن نفسه وصفاته وأفعاله وقدرته وعظمته من قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ ۖ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ... } إلى أن نعي على الكافرين جعلهم الجن شركاء له في خلقه، ونسبة الولد له كقول المشركين الملائكة بنات الله، أو قول مشركي اليهود عزير بن الله، وقول مشركي النصارى المسيح ابن الله أو غير ذلك مما نسبوه له كذبا وبهتانا فقال: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }.. فإذا كان بديع السموات وكلها مخلوقة له وليس شيء منها يشبهه، مثل هذا كيف يكون له ولد ولا يصلح أن تكون له صاحبة، بل كل شيء سواه هو خالقه ومنشئه ومبدعه وموجده بعد أن لم يكن موجودا، وهذا من معنى البديع أيضا.
ولهذا قال بعد كل ذلك: {ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ}.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخمسون في موضوع (البديع ) والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
* ما المقصود بالإبداع؟
البديع معناه المتفرد في كل شيء ولا يشبهه شيء، فلا نظير ولا مثيل، ولا مساعد ولا وزير، ولا صاحبة ولا ولد، فلا شيء مثله ولا شيء يشبهه، {قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد}.... يدل على ذلك قدرته في خلقه وإبداعه في كونه.
جمالُ الخَلْقِ يُنبئُ عن جَمالٍ***تكاملَ عند مَنْ خلقَ الجَمالا
تعــالىٰ ربُنا عن كلِّ وصفٍ*** فهذا الخَلْقُ، كيفَ به تعالىٰ؟
ـ المبدع في خلقه.. الذي أوجده لا على مثال سابق.. ولا نموذج متقدم، ولا على هيئة مسبقة... بل أوجده على أجمل صورة وأكمل هيئة، وأتم حكمة، وأحكم نظام {مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ
يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}.(4)
إن أعظم عبادة هي عبادة التفكُّر.. اسبح بعقلك، وانطلق بخيالك، واذهب بفكرك إلى أبعد مدى في هذا الكون الفسيح، وتأمل في خلق الله البديع.
املؤوا عيونكم وقلوبكم بحياة التأمل والتفكر بمخلوقات الله، لتعمر حياتكم بالجمال الذي لا ينتهي. {قل سيروا في الأرض فانظروا}، {أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء}، {قل انظروا ماذا في السموات والأرض}، {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها}
• فما أعظم (التفكر) في ملكوته.
• وما أجمل (النظر) في مخلوقاته.
• وما أفضل (التدبر) في إعجاز آياته.
• وما أمتع (التأمل) في النجوم، في الغيوم، في الليل، في النهار، في الربيع، في الشتاء، في الجبال، في الطيور، في الفراشات، في الزهور، في الأنهار، في الأمطار، في الهواء، في السماء، في الرمال، في التلال، في كل شيء.
ارفــعْ عيونك للسمــاءِ لكــي تــرى*** عقد النجوم يزيّنُ الأفلاكا
والروض فـاح بكلّ عطـر مذهـل***متّعْ عيونكَ كي يزول أساكا
[الأنترنت – موقع أخبارك - بديع السموات والأرض - الحياة في كنف الله وأسمائه ارتقاء، ونقاء، وصفاء.]
* بديع صنع الله في الكون :
خلق الأرض خلق الكون منح الله سبحانه وتعالى الإنسان العقل ودعاه إلى التأمل والتفكير، والنظر في هذا الكون، وجعل له من الأدلة، والبراهين ما يستدل به على وجوده، فكل ما في هذا الكون يدعو إلى الإيمان بالله، حيث يمكن للإنسان معرفة الله وتبين صفاته عن طريق التفكر في مخلوقاته، ليجد بديع إتقانه، وروعة صنعه، وفي نهاية الأمر يصل إلى الاعتراف بوحدانية الله وعظيم قدرته، وقد ذكر القرآن الكثير من الآيات التي تدعو الإنسان إلى النظر في بديع خلق الله، فقد قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) [آل عمران: 190]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : بديع صنع الله في الكون :
بديع صنع الله في الكون خلق الإنسان تظهر قدرة الله، وعظمته في خلق الإنسان، فقد خلق الله آدم عليه السلام من طين، ثمّ خلق حواء من ضلعه، ثمّ تكاثر الإنسان عن طريق تلقيح البويضات في جسم المرأة، بالحيوانات المنوية التي ينتجها الرجل، فيتكون الجنين في رحم الأم، ثمّ تتم عملية الولادة، فقد قال تعالى:(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ*ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [ المؤمنون:12-14]، وقد كرّم الله الإنسان عن سائر المخلوقات ومنحه العقل، وجعله خليفة له في الأرض، ومن آيات إبداع الخالق في جسم الإنسان العدد الكبير من الأجهزة التي تعمل وفق نظام دقيق ومحدد، حيث يقوم كلّ منها بوظيفة معينة، من أجل الحفاظ على حياته، ومن هذه الأجهزة: العين البشرية فهي خير مثالٍ على بديع صنع الله عزّ وجل وهي أحد النعم الكثيرة التي أنعمها الله على الإنسان، فمن خلالها يرى الإنسان عجائب قدرة الله، وإبداع صنعه، حيث تحتوي على عدد هائل من الخلايا، والمستقبلات الضوئية، التي تعمل بشكلٍ دقيق، والتي تبلغ دقتها 576 ميجا بيكسل. عضلة القلب التي تضخ الدم المحمل بالأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم، وذلك وفق نظامٍ دقيق، يعجزعن القيام به أكثر الأجهزة تطوراً، وتعقيداً. خلق السماوات خلق الله عزّ وجل السماوات وأبدع في خلقها، حيث جعلها ثابتة في مكانها دون أعمدة، أو دعائم تسندها، كما أنّه خلق المجرات التي تجري فيها بنظام دقيق ومنظم، وجعل في كلّ مجرة عدداً كبيراً من الكواكب، والشموس، والأقمار، والتي يدور كلّ منها في مداره الخاص به، دون انحراف أو تداخل، كما أنّه خلق الأرض وجعلها تدور حول الشمس، لتنتج الفصل الأربعة وجعلها تدور حول نفسها لينتج عن هذه الحركة تعاقب الليل والنهار، كما أنّه خلق الشمس وجعلها تسير في سرعة ثابتة دون أي زيادة أو نقصان، وأن إي خلل في سرعتها سيؤدي إلى نهاية الحياة على كوكب الأرض. خلق الأرض خلق الله كوكب الأرص وأبدع خلقه، حيث خلق الجبال العظيمة الراسية، والتي تعتبر من أعظم مظاهر كماله وقدرته، فقد خلقها بألوانٍ مختلفة فجعل منها الأبيض والأحمر والأسود، كما أنّه خلق البحار والمحيطات والأنهار، وأبدع خلقها وجعل فيها المخلوقات المتنوعة والمختلفة، وخلق الحيوانات والحشرات والنباتات وجعل لكلّ منها وظيفتها المحددة في هذا النظام، كما أنّه سير الرياح التي تسهم في تلقيح النباتات، وأنزل
الأمطار التي تعتبر مصدر المياه التي تعتمد عليها جميع الكائنات الحية على سطح الأرض.
[الأنترنت – موقع موضوع - بديع صنع الله في الكون بواسطة: نادية أبو رميس ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :
*هل يجوز وصف شخص بأنه " مبدع " ؟
من صفات الله تعالى أنه " بديع السماوات والأرض "كما قال تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )البقرة/ 117.
قال الطبري رحمه الله : " يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ:
( بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) : مُبْدِعُهَا.. ، وَمَعْنَى الْمُبْدِعِ: الْمُنْشِئُ وَالْمُحْدِثُ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَى إِنْشَاءِ مِثْلِهِ وَإِحْدَاثِهِ أَحَدٌ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْمُبْتَدِعُ فِي الدِّينِ مُبْتَدِعًا ، لِإِحْدَاثِهِ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ غَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مُحْدِثٍ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فِيهِ مُتَقَدِّمٌ ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ مُبْتَدِعًا" .انتهى من " تفسير الطبري" ط هجر (2/ 464) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: " بديع السماوات والأرض ؛ أي: خالقهما ومبدعهما ، في غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع ، والنظام العجيب المحكم" انتهى من "تفسير السعدي" (5/303) .
وليس من أسماء الله " البديع " ولا " المبدع " .
جاء في " كتاب صفات الله عز وجل " للشيخ السَّقَّاف (ص: 79) :" وعدَّ بعضُهم (البديع) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ، وفي هذا نظر."
والإبداع في اللغة إحداث الشيء على نحو غير مسبوق ، قال الجوهري: "أبدعت الشيء : اخترعته لا عَلى مثالٍ" انتهى من "الصحاح " (3/ 1183) .
ثانيا : لا حرج في وصف شخص ما بأنه مبدع ، أو وصف عمله بالإبداع ؛ لأن هذا الوصف لا يختص بالله عز وجل ، وإذا قُدِّر أنه مما يطلق على الله جل جلاله خبرا ، أو وصفا ، فإن إبداع كل أحد بحسبه ، كما أن "الخلق" يطلق على الله جل جلاله ، وهو خالق الخلق ، ومالك الملك ، ثم لا يمنع ذلك أن يطلق على المخلوقين ، وخَلْقُ كلِّ أحدٍ ، وإبداعهُ بحسبه .
وقد سمى برهان الدين ابن مفلح الحنبلي شرحه على المقنع بـ " الْمُبْدِعِ فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ " ولايزال العلماء يتداولون هذا الاسم بغير نكير. والله أعلم . [ الأنترنت – موقع سؤال وجواب – المنجد ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان :
*إيحاء الإبداع الإلهي محـفـز للإبداع البشري
قال تعالى: (بديع السموات والأرض) أي أن كل ما أبدعه الخالق الجميل هو إيجاد من عدم لم يكن موجودا فوجد. وأن كل إبداع في الأرض والسماء وما بينهما هو من الله وحده.
الإبداع في اللغة: أبدعتُ الشيء: أي اخترعته على غير مثال سبق.
والمبدع هو: المنشئ أو المحدث الذي لم يسبقه أحد.
وفي القرآن الكريم،قال الله:(بديع السموات والأرض) ، أي خالقها على غير مثال سبق.
فالقرآن محفز على الإبداع في كل آية جاءت فيها دعوة إلى النظر والتأمل. لذلك قال الله تعالى في إبداعه للكون: (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك).
وقال تعالى: (أفلم ينظروا إلى السَّماء فوقهم كيف بنيناها وزيّناها وما لها من فروج).
وقال تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السَّماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت). وهذا ما يجعل الإنسان ينظر ويتفكر في خلق الله سبحانه وتعالى? فلولا إبداع الخالق والترتيب والتنسيق في جميع موازين
الكون لاختلت جميعها.
فإبداع الخالق يتجلى في كل شيء? في السماوات والأرض والجبال والمياه والصحاري والقمر والشمس والفلك والإنسان وكافة الكائنات الحية.
لذلك أثبت الله أنه على كل شيء قدير ولا يحتاج مساعدة ولا معاونة أحد. قال تعالى: (إن الله على كل شيء قدير). فالإبداع وحيثياته يستمد من الله جل جلاله. وحين يبدع الإنسان فإنما يستمد أصول هذا الإبداع من الغريزة المودعة فيه.
وهناك فرق بين الإبداعين الإلهي والإنساني:
أولا: الإبداع الإلهي بلا مثال سابق، بينما يقوم الإبداع الإنساني على مثال سابق، وينسج على منوال موجود.
ثانيا: الإبداع الإلهي كامل لا نقص فيه, أما الإبداع الإنساني فلا يخلو من النقص مهما بدا كاملا.
ثالثا: الإبداع الإلهي منوع في أعلى درجات التنويع .
أما الإبداع الإنساني فمحدود رغم تعدده الظاهر.
فمخترع الطائرة حينما أبدع في اختراع شيء يطير، هو بالتأكيد استحضر هيئة الطير وهو يحلق في السماء, والطائرة هي مثل الطير في الشكل.
وغيره الكثيرون الذين اخترعوا واكتشفوا إبداعهم هم من أمثلة احتذوها وكانت بداية طريق لإبداعهم.
حتى الرسام تجده رأى منظرا إلهيا جميلا حوله بخياله وتصوره ومهارته,وقام بغمس ريشته مع ألوانه وعقله وفكره, حتى وصل إلى أجمل مستوى في الإبداع من حيث المنظر.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان : العلم من الله
ونستنتج من هذا: أن العلم في الإبداع وكيفية الحصول عليه وكيفية تطبيقه إنما هو من ((الله)) الذي علمنا وجعلنا نبحر في ملكوته. قال تعالى: (عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).وقال تعالى:(وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ).
إذن: الإبداع هو: إنشاء إبداع على غير سابقة ويسمى الشيء إبداعا, إذا كان أروع غاية في صفاته وفريدا من نوعه. يقول الشاعر أبو العلاء المعري:
وإني وإن كنت الأخير زمانه*** لآت بما لم تستطعه الأوائل!!
فالإبداع مسؤولية المبدع نفسه، فكل موهبة وطاقة وقدرة آتاك الله إياها أنت مسؤول عنها.
الإنسان يولد وعنده استعداد للإبداع، لأن الله
أودع القدرة لديه في هذا الإبداع.
الإبداع يبدأ طفلا صغيرا ثم ينمو وينضج ويزدهر, وليس للإبداع سن معينة وليس مقصورا على جميع الفئات.
وللإبداع دوره المهم في لذة الاكتشاف، والابتكار في إدهاش الآخرين، واكتشاف قدرات الذات ومواهبها. فالفكرة الإبداعية لا بد وأن تتخطى كل العوائق التي قد تعترض طريقها إلى الإبداع.
قال أحد العلماء: ليس للإبداع حقل معين، فهو يشمل مناحي الحياة كلها وبدون استثناء.
لذلك قيل: جئتُ بأمر ٍ بديع ٍ، أيْ مُحْدَثٍ عَجيِـِبٍ.
إليكم هذه المقتطفات الإبداعية:
1 - الإبداع في الخلق:خلْق الإنسان بحد ذاته إبداع, لأن الله خلقنا من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم عظاما فكسى العظام لحما ثم أنشأنا خلقا آخر.
2 - الإبداع في الصُنع:قال أحد العباقرة المبدعين قديما: الله أبدع في صُنع خلقه للفراشة, فالفراشات لا ترى ألوان أجنحتها الجميلة, ولكن الإنسان هو من يرى صُنع الإله في هذا الإبداع.
3 - الإبداع في المحاكاة : ذكر أحد العلماء أن المحاكاة في الإبداع قد تقودك إلى إبداع من نوع آخر. مثل فكرة الرادار التي جاءت لتُضاهي حيوان الخفاش في حساسيته وقدرته على الإحساس بالآخر, إذن هذه هي محاكاة الإبداع.
4 - الإبداع في البحث: أثبت عالم من العلماء بعد بحث طويل على أن القرآن الكريم هو أجمل إعجاز في هذا الكون ، لمحتوياته ومدلولاته على أن كل شيء في هذا الكون قد سطره الله في هذا الكتاب.
5 - الإبداع في طلب العلم: ابن سينا المعروف بـ (أبو الطب): قال: حفظتُ القرآن وأنا ابن عشر سنين, ثم تعلمت الفلسفة، ثم قرأت ظواهر المنطق، وأخذت أقرأ الكتب بنفسي وأطا لع الشروح، فقرأت كتاب اقليدس,ولما قاربت ست عشرة رغبت في علم الطب فقرأت الكتب المصنفة فيه،ودرست تجارب علم الأمراض
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :
*أربع حجج على استحالة اتخاذه الولد:
قال ابن القيم على الآية : ﴿وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا سُبْحانَهُ﴾ إلى قوله: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾
رد عليهم سبحانه دعواهم له اتخاذ الولد ونزه نفسه عنه ثم ذكر أربع حجج على استحالة اتخاذه الولد:
أحدها: كون ما في السماوات والأرض ملكا له وهذا ينافي أن اتخاذ الولد فيهما ولد له لأن الولد بعض الوالد وشريكه فلا يكون مخلوقا له مملوكا له لأن المخلوق مملوك مربوب عبد من العبيد والابن نظير الأب فكيف يكون عبده تعالى ومخلوقه ومملوكه بعضه ونظيره فهذا من أبطل الباطل وأكد مضمون هذه الحجة بقوله: ﴿كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ﴾ فهذا تقرير لعبوديتهم له وأنهم مملوكون مربوبون ليس فيهم شريك ولا نظير ولا ولد فإثبات الولد لله تعالى من أعظم الإشراك به فإن المشرك به جعل له شريكا من مخلوقاته مع اعترافه بأنه مملوك كما كان المشركون يقولون في تلبيتهم "لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك" فكانوا يجعلون من أشركوا به مملوكا له عبدا مخلوقا والنصارى جعلوا له شريكا هو نظير وجزء من أجزائه كما جعل بعض المشركين الملائكة بناته فقال تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِن عِبادِهِ جُزْءًا﴾ فإذا كان له ما في السماوات والأرض عبيد قانتون مربوبون مملوكون استحال أن يكون له منهم شريك وكل من أقر بأن الله تعالى ما في السماوات وما في الأرض لزمه أن يقوله بالتوحيد ولا بد ولهذا يحتج سبحانه على المشركين بإقرارهم بذلك كقوله: ﴿قُلْ لِمَنِ الأرْضُ ومَن فِيها إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ .
الحجة الثانية: قوله تعالى: ﴿بَدِيعُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ هذه من أبلغ الحجج على استحالة نسبة الولد إليه ولهذا قال في سورة الأنعام بديع السماوات والأرض أني يكون له ولد أي من أين يكون لبديع السماوات والأرض ولد ووجه تقرير هذه الحجة أن من اخترع هذه السماوات والأرض مع عظمهما وآياتهما وفطرهما وابتدعهما فهو قادر على اختراع ما هو دونهما ولا نسبة له إليهما ألبتة فكيف يخرجون هذا الشخص بالعين عن قدرته وإبداعه ويجعلونه نظيرا وشريكا وجزءا مع أنه تعالى بديع العالم العلوي والسفلي وفاطره ومخترعه وبارئه فكيف يعجزه أن يوجد هذا الشخص من غير أب حتى يقولوا إنه ولده فإذا كان قد ابتدع العالم علوية وسفلية فما يعجزه ويمنعه عن إبداع هذا العبد وتكوينه وخلقه بالقدرة التي خلق بها العالم العلوي والسفلي فمن نسب الولد لله فما عرف الرب تعالى ولا آمن به ولا عبده فظهر أن هذه الحجة من أبلغ الحجج على استحالة نسبة الولد إليه
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*أربع حجج على استحالة اتخاذه الولد:
وإن شئت أن تقرر الاستدلال بوجه آخر وهو أن يقال إذ كانت نسبة السماوات والأرض وما فيهما إليه إنما هي بالاختراع والخلق والإبداع أنشأ ذلك وأبدعه من العدم إلى الوجود فكيف يصح نسبة شيء من ذلك إليه بالنبوة وقدرته على اختراع العالم وما فيه لم تزل ولم يحتج فيها إلى معاون ولا صاحب ولا شريك.
وإن شئت أن تقررها بوجه آخر فتقول النسبة إليه بالنبوة تستلزم حاجته وفقره إلى محل الولادة وذلك ينافى غناه وانفراده بإبداع السماوات والأرض وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى بقوله: ﴿وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ فكمال قدرته وكمال غناه وكمال ربوبيته يجعل نسبة الولد إليه ونسبته إليه تقدح في كمال ربوبيته وكمال غناه وكمال قدرته. ولذلك كانت نسبة الولد إليه مسبة له تبارك وتعالى كما ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: "يقول الله تعالى: شتمني عبدي ابن آدم وما ينبغي له ذلك وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك أما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد وأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته" وقال عمر بن خطاب رضي الله عنه في النصارى: "أذلوهم ولا تظلموهم فلقد سبوا الله مسبة ما سبه إياها أحد من البشر" قال تعالى: ﴿وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا ما لَهم بِهِ مِن عِلْمٍ ولا لآبائِهِمْ﴾ الآية.
وأخبر تعالى ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنهُ وتَنْشَقُّ الأرْضُ وتَخِرُّ الجِبالُ هَدًّا﴾ وما ذاك إلا لتضمنه شتم الرب تبارك وتعالى والتنقص به ونسبة ما يمنع كمال
ربوبيته وقدرته وغناه إليه.
الحجة الثالثة: قوله تعالى: ﴿وَإذا قَضى أمْرًا فَإنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ وتقرير هذه الحجة أن من كانت قدرته تعالى كافية في إيجاد ما يريد إيجاده بمجرد أمره وقوله (كن) فأي حاجة به إلى ولد وهو لا يتكثر به من قلة ولا يتعزر به ولا يستعين به يعجز عن خلق ما يريد خلقه وإنما يحتاج إلى الولد من لا يخلق ولا إذا أراد شيئا قال له كن فيكون. وهذا المخلوق العاجز المحتاج الذي لا يقدر على تكوين ما أراد وقد ذكر تعالى حججا أخرى على استحالة نسبة الولد إليه
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*أربع حجج على استحالة اتخاذه الولد:
الحجة الرابعة: كما علمه وعموم خلقه لكل شيء واستحالة نسبة الصاحبة إليه فقال تعالى في سورة الأنعام: ﴿بَدِيعُ السَّماواتِ والأرْضِ أنّى يَكُونُ لَهُ ولَدٌ ولَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ﴾ الآية فأما منافاة عموم خلقه لنسبه الولد إليه فظاهر فإنه لو كان له ولد لم يكن مخلوقا بل جزءا وهذا ينافي كونه خالق كل شيء وبهذا يعلم أن الفلاسفة الذين يقولون بتولد العقول والنفوس عنه بواسطة أو بغير واسطة شر من النصارى وأن من زعم أن العالم قديم فقد أخرجه عن كونه مخلوقا لله وقوله أخبث من قول النصارى لأن النصارى أخرجوا عن عموم خلقه شخصا واحدا أو شخصين ومن قال بقدم العالم فقد أخرج العالم العلوي والسفلي والملائكة عن كونه مخلوقا لله والنصارى لم يصل كفرهم إلى هذا الحد وأما منافاة عدم المصاحبة للولد فظاهر أيضا لأن الولد إنما يتولد من أصلين فاعل ومحل قابل يتصلان اتصالا خاصا فينفصل من أحدهما جزء في الآخر يكون منه الولد فمن ليس له صاحبة كيف يكون له ولد ولذلك لما فهم عوام النصارى أن الابن يستلزم الصاحبة لم يستنكفوا من دعوى كون مريم آلهة وأنها والدة الإله عيسى فيقول عوامهم يا والدة الإله اغفري لي ويصرح بعضهم بأنها زوجة الرب ولا ريب أن القول بالإيلاد يستلزم ذلك أو إثبات إيلاد لا يعقل ولا يتوهم فخواص النصارى في حيرة وضلال وعوامهم لا يستنكفون أن يقولوا بالزوجة والإيلاد المعقول تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا والقوم في هذا المذهب الخبيث أضل خلق الله فهم كما وصفهم الله بأنهم ﴿قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وأضَلُّوا كَثِيرًا وضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾.
الحجة الخامسة: وأما منافاة عموم علمه تعالى للولد فيحتاج إلى فهم خاص وتقريره أن يقال لو كان له ولد لعلمه لأنه بكل شيء عليم وهو تعالى لا يعلم له ولد فيستحيل أن يكون له ولد لا يعلمه وهذا استدلال بنفي علمه للشيء على نفيه في نفسه إذ لو كان لعلمه فحيث لم يعلمه فهو غير كائن ونظير هذا قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهم ولا يَنْفَعُهُمْ﴾ الآية. فهذا نفي لما ادعوه من الشفعاء بنفي علم الرب تعالى بهم المستلزم لنفي المعلوم ولا يمكن أعداء الله المكابرة وأن يقولوا قد علم الله وجود ذلك لأنه تعالى إنما يعلم وجود ما أوجده وكونه ويعلم أنه سيوجد ما يريد إيجاده فهو يعلم نفسه وصفاته ويعلم مخلوقاته التي دخلت في الوجود وانقطعت والتي دخلت في الوجود وبقيت والتي لم توجد بعد وأما شيء آخر غير مخلوق له ولا مربوب فالرب تعالى لا يعلمه لأنه مستحيل في نفسه فهو يعلمه مستحيلا لا يعلمه واقعا إذ لو علمه واقعا لكان العلم به عين الجهل وذلك من أعظم المحال.
فهذه حجج الرب تبارك وتعالى على بطلان ما نسبه إليه أعداؤه والمفترون عليه فوازن بينها وبين حجج المتكلمين الطويلة العريضة التي هي كالضريع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فإذا وازنت بينهما ظهرت لك المفاضلة إن كنت بصيرا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا فالحمد لله الذي أغنى عباده المؤمنين بكتابه وما أودعه من حججه وببيانه عن شقاشق المتكلمين وهذيانات المتهوكين فلقد عظمت نعمة الله تعالى على عبد أغناه بفهم كتابه عن الفقر إلى غيره ﴿أوَلَمْ يَكْفِهِمْ أنّا أنْزَلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إنَّ في ذَلِكَ لَرَحْمَةً وذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾. [الأنترنت – موقع الباحث القرآني - تفسير ابن قيّم الجوزيّة — ابن القيم ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان : *معجزة الثانية الأولى
هل تتصوروا أن كل ما نراه في الكون من حولنا، قد نشأ خلال أقل من ثانية؟ ولكن كيف ذلك؟ وهل أشار القرآن إلى هذه الحقيقة العلمية بوضوح؟ دعونا نقرأ ونكتشف ونسبح الخالق تبارك وتعالى.
لقد حدث كل شيء في الكون خلال أقل من ثانية! الأرض والشمس والمجرات وكل ما في الكون بما فيه أنتَ.. كل شيء حدث وبرز للوجود خلال جزء من الثانية.. وبسرعة كلمح البصر!
هذا ما يُجمع عليه العلماء اليوم ونحن في عام 2015، لأن كل الدراسات العلمية تدل على ذلك.. بل كلما تطور العلم اكتشف حقائق جديدة حدثت خلال هذه الثانية الأولى من عمر الكون، بل إن أحد العلماء يؤكد أن كل شيء قد تم خلال جزء صغير جداً جداً من الثانية بما لا تدركه عقولنا..
والسؤال: لماذا جميع المعادلات الرياضية تؤدي إلى هذه النتيجة؟ ولماذا نجد أن كل شيء قد تم بلمح البصر؟ وهل هذا يدل على إعجاز جديد يتجلى اليوم في كتاب ربنا سبحانه وتعالى؟
دعونا نذهب في هذه الرحلة الإيمانية ونعود لمليارات السنين حيث لم يكن هناك أي شيء (إلا الله عز وجل)، ونعيش ضمن الثانية الأولى من عمر هذا الكون.. إنها معجزة بكل معنى الكلمة، أن نجد كل شيء قد خلق بلمح البصر! ولكن كيف حدث ذلك؟
عندما تطورت وسائل العلم الحديث وبأ العلماء يستخدمون تقنيات متطورة لدراسة نشوء الكون،
واستخدموا المراصد الفلكية والكمبيوتر العملاق وعمليات المحاكاة الهائلة، وصلوا إلى نتائج مذهلة تؤكد أن كل البرامج والمعلومات اللازمة لنشوء الكون وتطوره ونشوء المجرات والكواكب والنجوم... حتى نشوء الكائنات الحية والنبات بما في ذلك الإنسان.. كل هذه المعلومات وُضعت خلال الثانية الأولى فقط من عمر الكون، أي قبل أن يُخلق الكون بمليارات السنين!!
مخطط يمثل عمر الكون منذ الثانية الأولى وحتى يومنا هذا (يقدر العلماء عمر الكون ب 13.7 بليون عام).. وهذه قيمة تقريبية قد تكون القيمة الحقيقة أكبر أو أصغر والله أعلم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*معجزة الثانية الأولى
ويقول العلماء إن البرامج الموجودة في دماغ النحلة مثلاً والتي بواسطتها تقوم بإنتاج العسل وصنع الخلايا.. هذه البرامج تم تصميمها ووضعها منذ الثانية الأولى من عمر الكون!!
المعلومات والقوانين الفيزيائية اللازمة لنشوء بركان أو زلزال... هذه المعلومات والقوانين تم وضعها خلال أقل من ثانية من قبل قوة "مجهولة" يقول العلماء عنها بالحرف الواحد: نحن لا نعرف كيف نشأ الكون، لا نعرف من الذي وضع هذه القوانين، لا نعرف من الذي قام بوضع البرامج الازمة والضرورية لنشوء الحياة على الأرض... نحن لا نعرف أي شيء، إلا شيئاً واحداً: أن كل شيء برز للوجود بشكل مفاجئ وخلال أقل من ثانية!!!
هذه الحقيقة العلمية ذُكرت في القرآن الكريم قبل أن يكتشفها العلماء بأربعة عشر قرناً؟ هل هذا معقول؟
دعونا نتأمل هذه الآيات التي تؤكد جميعها أن عملية الخلق عبارة عن كلمة (كُن)، فهي سريعة جداً وأسرع مما نتصور، قال تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة: 117].. هذه الآية تحدثت عن خلق الكون (السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) وتحدثت عن سرعة تنفيذ الأمر الإلهي بقوله تعالى (كُنْ فَيَكُونُ).
وهناك العديد من الآيات التي تؤكد هذه الحقيقة العلمية، قال تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل: 40].
كذلك نجد قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82].
لقد أخبر القرآن عن خلق الكون (خلق كل شيء) وفق نظام مقدر أي بقوانين محكمة ومنظمة، وفي الوقت نفسه ذكر أن عملية الخلق تتم خلال لمح البصر.. أي خلال جزء من الثانية، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) [القمر: 49-50].
وسبحان الله، كيف يمكن لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يتكلم عن عملية خلق الكون ويعتبرها قد تمت بلمح البصر.. مع العلم أن العلماء فقط اليوم (2015) بدأوا يتحدثون عن سرعة بداية الخلق.. من الذي علمه، أليس هو الله؟
ولكن لماذا ذكر الله هذه الحقيقة العلمية؟ ليدلنا على أن الذي خلق الكون بهذه السرعة الفائقة قادر على إعادة الخلق يوم القيامة بنفس السرعة.. بل بسرعة أكبر!! قال تعالى متحدثاً عن قدرته في إعادة الخلق يوم القيامة: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [النحل: 77].
وبذلك يكون القرآن متفقاً مع المنطق العلمي عندما تحدث عن خلق الكون بلمح البصر، وتحدث عن نهاية الكون بلمح البصر أيضاً، لأن العلماء يؤكدون أن الكون سينتهي بنفس الطريقة التي بدأ بها، ولكن بشكل عكسي (الانسحاق الكبير)
والآن دعونا نتساءل: من أين جاء النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، بهذه المعلومات الدقيقة، كيف علم أن كل شيء قد تم بلمح البصر.. وكيف تنبأ بأن كل شيء سينتهي بلمح البصر، وبما يتفق مع ما يقوله العلماء اليوم؟
إنه الله تعالى القائل في حق هذا النبي الأمي: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3-4].. والحمد لله رب العالمين.[ الأنترنت – موقع اسرار الإعجاز العلمي - بقلم عبد الدائم الكحيل ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الستون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :
*آيات القرآن التي تتكلم عن قدرة الله وبديع صنعه
في سورة البقرة
قال تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107) وقال : {بدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) وقال : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) وقال : {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)
وفي سورة آل عمران :
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)
وقال : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)
وقال : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) وقال : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)
وفي سورة الأعراف :
قال تعالى : {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)
وفي سورة النحل : قال تعالى : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)
وفي سورة طه :
قال تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا(109)يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا(110)وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وفي سورة الأنبياء :قال تعالى:{ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*آيات القرآن التي تتكلم عن قدرة الله وبديع صنعه
وفي سورة الحج :
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)
وفي سورة النمل :
قال تعالى : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75)
وفي سورة القصص :
قال تعالى : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)
وقال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)
وفي سورة العنكبوت :
قال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19)
وفي سورة لقمان :
قال تعالى : { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ
خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)
وقال : { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)
وقال :{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)
وفي سورة السجدة :يقال تعالى : { ُيدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ
السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)
وفي سورة فاطر :قال تعالى : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) وقال : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)
وقال : { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ
تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ
كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*آيات القرآن التي تتكلم عن قدرة الله وبديع صنعه
وفي سورة يس : قال تعالى : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ
(79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)
وفي سورة غافر : قال تعالى : { يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وقال : { هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)
وفي سورة الشورى : قال تعالى : { إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وقال : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)
وفي سورة القمر : قال تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)
وفي سورة الحديد : قال تعالى : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6)
وفي سورة المجادلة : قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)
وفي سورة التغابن : قال تعالى : { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)
وفي سورة الطلاق : قال تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ
أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)
وفي سورة المعارج : قال تعالى : { فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41)
وفي سورة الإنسان : قال تعالى : { نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)
وقال : { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30)
وفي سورة التكوير : قال تعالى : { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ
يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ
الْعَالَمِينَ (29)[الأنترنت – موقع ايات القران التي تتكلم عن قدرة الله ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان : سلسلة من كل آية قرآنية فائدة :
*قال الشيخ العثيمين رحمه الله : على قوله تعالى:
(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) (116) (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (البقرة:117)
الفوائد : من فوائد الآيتين: 1-بيان عتوّ الإنسان وطغيانه، حيث سبَّ الله سبحانه وتعالى هذه السبَّة العظيمة، فقال: إن الله اتخذ ولداً!!! في الحديث الصحيح القدسي: «كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك؛ وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: إنه لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفْئاً أحدٌ» [ أخرجه البخاري ص431، كتاب التفسير، باب 1: حديث رقم 4974 ] فهذا من أعظم العدوان؛ وهو يشير كما تقدم في التفسير إلى ثلاث طوائف: اليهود، والنصارى، والمشركين؛ وقد أبطل الله هذه الدعوى الكاذبة من ستة أوجه:
الوجه الأول : في قوله تعالى: { سبحانه }؛ فإن تنزهه عن النقص يقتضي أن يكون منزهاً عن اتخاذ الولد؛ لأن اتخاذ الولد يقصد به الإعانة، ودفع الحاجة، أو بقاء العنصر؛ والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك؛ ومنزه أيضاً عن المماثلة؛ ولو كان له ولد لكان مثيلاً له.
الوجه الثاني : في قوله تعالى: { بل له ما في السموات
والأرض }؛وعموم ملكه يستلزم استغناءه عن الولد.
الوجه الثالث: في قوله تعالى: {بل له ما في السموات والأرض }، والمملوك لا يكون ولداً للمالك؛ حتى إنه شرعاً إذا ملك الإنسان ولده يعتق عليه؛ فالمملوك لا يمكن أن يكون ولداً للمالك؛ فالله خالق؛ وما سواه
مخلوق؛ فكيف يكون المخلوق ولداً للخالق!
الوجه الرابع : في قوله تعالى: { كل له قانتون }؛ ووجهه أن العباد كلهم خاضعون ذليلون؛ وهذا يقتضي أنهم مربوبون لله عابدون له؛ والعبد لا يكون ولداً لربه.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
سلسلة من كل آية قرآنية فائدة :
الوجه الخامس : في قوله تعالى: { بديع السموات والأرض }؛ ووجهه أنه سبحانه وتعالى مبدع السموات والأرض؛ فالقادر على خلق السموات والأرض قادر على أن يخلق إنساناً بلا أب، كما قال تعالى:{لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس} [غافر: 57] .
الوجه السادس: في قوله تعالى: { إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون }؛ ومن كان هذه قدرته فلا يستحيل عليه أن يوجد ولداً بدون أب.
فبطلت شبهتهم التي يحتجون بها على أن لله ولداً.
2 ــــ ومن فوائد الآيتين: امتناع أن يكون لله ولد؛ لهذه الوجوه الستة.
3ــــ ومنها: عموم ملك الله سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى: { بل له ما في السموات والأرض }.
4ــــ ومنها: أن الله لا شريك له في ملكه؛ لتقديم
الخبر في قوله تعالى: { له ما في السموات والأرض }
؛ وتقديم الخبر يفيد الاختصاص.
5ــــ ومنها: أن كل من في السموات، والأرض قانت لله؛ والمراد القنوت العام ــــ وهو الخضوع للأمر الكوني ــــ؛ والقنوت يطلق على معنيين؛ معنى عام وخاص؛ «المعنى الخاص» هو قنوت العبادة، والطاعة، كما في قوله تعالى: {أمَّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً} [الزمر: 9] ، وكما في قوله تعالى: {وصدَّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين} [التحريم: 12] ، وكما في قوله تعالى: {يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين} [آل عمران: 43] ؛ و«المعنى العام» هو قنوت الذل العام؛ وهذا شامل لكل من في السموات، والأرض، كما في هذه الآية: { كل له قانتون }؛ حتى الكفار بهذا المعنى قانتون لله سبحانه وتعالى؛لا يخرجون عن حكمه الكوني.
6 ــــ ومن فوائد الآيتين: عظم قدرة الله عز وجل ببدع السموات، والأرض؛ فإنها مخلوقات عظيمة.
7ــــ ومنها: حكمة الله سبحانه وتعالى بأن هذه السموات، والأرض على نظام بديع عجيب؛ قال تعالى: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} [الملك: 3] ؛ هذا النظام الواسع الكبير العظيم لا يختل، ولا يتغير على مر السنين، والأعوام؛ فتدل على قدرة باهرة بالغة، وحكمة عظيمة بالغة: كل شيء منظم تنظيماً بديعاً متناسباً، فلا يصطدم شيء بشيء فيفسده؛ ولا يغير شيء شيئاً؛ بل كل سائر حسب ما أمره الله به؛ قال الله تعالى: {وأوحى في كل سماء أمرها} [فصلت: 12 ] ؛ إذاً { بديع السموات والأرض } يستفاد منها القوة، والقدرة، والحكمة.
8ــــ ومن فوائد الآيتين: أن السموات عدد؛ لأن الجمع يدل على العدد؛ وقد بيَّن الله في القرآن، وثبتت السنة، وأجمع المسلمون على أن السماء جرم محسوس؛ وليس كما قال أهل الإلحاد: إن الذي فوقنا فضاء لا نهاية له؛ وأما الأرض فلم تأت في القرآن إلا مفردة؛ لكن أشار الله سبحانه وتعالى إلى أنها سبع في قوله تعالى: {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن} [الطلاق: 12] ؛ وصرحت السنة بذلك في قوله صلى اله عليه وسلم: «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين» [ اخرجه البخاري ص259، كتاب بدء الخلق، باب 2: ما جاء في سبع أرضين، حديث رقم 3198، وأخرجه مسلم ص958، كتاب المساقاة، باب 30: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، حديث رقم 4132 [137] 1610، واللفظ لمسلم.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
سلسلة من كل آية قرآنية فائدة لابن عثيمين :
9ــــ ومن فوائد الآيتين: أن الله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، ولا يمتنع عن أمره شيء؛ لقوله تعالى: { إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون }.
10ــــ ومنها: إثبات القول لله؛ لقوله تعالى: { فإنما يقول له }.
11ــــ ومنها: أن قول الله بصوت مسموع؛ لقوله تعالى: { فإنما يقول له كن فيكون }؛ و{ له } صريحة في توجيه القول للمقول له؛ ولولا أنه يسمعه لما صار في توجيهه له فائدة؛ ولهذا يسمعه الموجه إليه الأمر، فيمتثل، ويكون.
12ــــ ومنها: أن قول الله بحروف؛ لقوله تعالى: { كن }؛ وهي كلمة بحرفين.
فإن قال قائل: كيف يمكن أن نتصور هذا ونحن نقول: ليس كمثله شيء؛ وأنتم تقولون: إنه بحروف؟ قلنا: نعم؛ الحروف هي الحروف؛ لكن كيفية الكلام، وحقيقة النطق بها ــــ أو القول ــــ لا يماثل نطق المخلوق، وقوله؛ ومن هنا نعرف أننا لا نكون ممثِّلة إذا قلنا: إنه بحرف، وصوت مسموع؛ لأننا نقول: صوت ليس كأصوات المخلوقين؛ بل هو حسب ما يليق بعظمته، وجلاله.
13ــــ ومن فوائد الآيتين: أن الجماد خاضع لله
سبحانه وتعالى؛ وذلك لأن قوله تعالى: { وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون } يشمل الأمور المتعلقة بالحيوان، والمتعلقة بالجماد؛ فالجماد إذا قال الله تعالى له: { كن } كان.
14ــــ ومنها: أنه ليس بين أمر الله بالتكوين، وتكونه تراخٍ؛ بل يكون على الفورية؛ وذلك لقوله تعالى: { فيكون }: بالفاء؛ والفاء تدل على الترتيب، والتعقيب.
[ الأنترنت – موقع ستار تايم ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :
*اسماء حسنى بمعنى البديع أو قريبا من ذلك :
قال السعدى : قال تعالى : {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚيُسَبِّحُ لَهُ مَافِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} { هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ } لجميع المخلوقات { الْبَارِئُ } للمبروءات { الْمُصَوِّرُ } للمصورات، وهذه الأسماء متعلقة بالخلق والتدبير والتقدير، وأن ذلك كله قد انفرد الله به، لم يشاركه فيهمشارك. { لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } أي: له الأسماء الكثيرة
جدا، التي لا يحصيها ولا يعلمها أحد إلا الله هو، ومع ذلك، فكلها حسنى أي: صفات كمال، بل تدل على أكمل الصفات وأعظمها، لا نقص في شيء منها بوجه من الوجوه، ومن حسنها أن الله يحبها، ويحب من يحبها، ويحب من عباده أن يدعوه ويسألوه بها
ومن كماله، وأن له الأسماء الحسنى، والصفات العليا، أن جميع من في السماوات والأرض مفتقرون إليه
على الدوام، يسبحون بحمده، ويسألونه حوائجهم، فيعطيهم من فضله وكرمه ما تقتضيه رحمته وحكمته، { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الذي لا يريد شيئا إلا ويكون، ولا يكون شيئا إلا لحكمة ومصلحة.
وقال الطنطاوي في الوسيط : هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( هُوَ الله الخالق) لكل شىء الموجد لهذا الكون على مقتضى حكمته
( البارىء ) أى : المبدع المخترع للأشياء . والمبرز لها من العدم إلى الوجود .
( المصور ) أى : المصور للأشياء والمركب لها ، على هيئات مختلفة ، وأنواع شتى من التصوير ، وهو التخطيط والتشكيل .
( لَهُ الأسمآء الحسنى ) والحسنى تأنيث الأحسن . أى : له الأسماء التى هى أحسن الأسماء لدلالتها على أفضل المعانى . من تحميد . وتقديس . وقدرة . وسمع وغير ذلك من الأسماء الكريمة ، والصفات الجليلة .
( يُسَبِّحُ لَهُ ) - تعالى - وينزهه عن كل سوء ( مَا فِي السماوات والأرض ) من مخلوقات . . .( وَهُوَ العزيز الحكيم ) أى : وهو - عز وجل - الغالب لغيره . الحكيم فى كل تصرفاته .
وقال البغوى : ( هو الله الخالق ) المقدر والمقلب للشيء بالتدبير إلى غيره كما قال : " يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق " ( الزمر - 6 ) ( البارئ ) المنشئ للأعيان من العدم إلى الوجود ( المصور ) الممثل للمخلوقات بالعلامات التي يتميز بعضها عن بعض . يقال : هذه صورة الأمر أي مثاله فأولا يكون خلقا ثم برءا ثم تصويرا . ( له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهوالعزيزالحكيم )
عن معقل بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قال حين يصبح - ثلاث مرات - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث الآيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي فإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ومن قال حين يمسي كان بتلك المنزلة "[ورواه أبو عيسى عن محمود بن غيلان عن أبي أحمد الزبيري بهذا الإسناد ، إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :
*اسماء حسنى بمعنى البديع أو قريبا من ذلك :
وقال ابن كثير : وقوله : ( هو الله الخالق البارئ المصور ) الخلق : التقدير ، والبراء : هو الفري ، وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود ، وليس كل من قدر شيئا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل . قال الشاعر يمدح آخر :ولأنت تفري ما خلقت ***وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
أي : أنت تنفذ ما خلقت ، أي : قدرت بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع ما يريد . فالخلق : التقدير . والفري : التنفيذ . ومنه يقال : قدر الجلاد ثم فرى ، أي : قطع على ما قدره بحسب ما يريده .
وقوله تعالى : ( الخالق البارئ المصور ) أي : الذي إذا أراد شيئا قال له : كن ، فيكون على الصفة التي يريد ، والصورة التي يختار . كقوله : ( في أي صورة ما شاء ركبك ) [ الانفطار : 8 ] ولهذا قال : ( المصور ) أي : الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها .
وقوله : ( له الأسماء الحسنى ) قد تقدم الكلام على
ذلك في " سورة الأعراف " ، وذكر الحديث المروي في الصحيحين عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " . ....
وقوله : ( يسبح له ما في السماوات والأرض ) كقوله ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) [ الإسراء : 44 ] .
وقوله : ( وهو العزيز ) أي : فلا يرام جنابه ) الحكيم ) في شرعه وقدره . وقد قال الإمام أحمد
حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا خالد - يعني : ابن طهمان أبو العلاء الخفاف - حدثنا نافع بن أبي نافع ، عن معقل بن يسار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة
وقال القرطبى : قوله تعالى : هو الله الخالق البارئ
المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم
قوله تعالى : هو الله الخالق البارئ المصور الخالق هنا المقدر . والبارئ المنشئ المخترع . والمصور مصور الصور ومركبها على هيئات مختلفة . فالتصوير مرتب على الخلق والبراية وتابع لهما . ومعنى التصوير التخطيط والتشكيل . وخلق الله الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث خلق : جعله علقة ، ثم مضغة ، ثم جعله صورة وهو التشكيل الذي يكون به صورة وهيئة يعرف بها ويتميز عن غيره بسمتها . فتبارك الله أحسن الخالقين . وقال النابغة :
الخالق البارئ المصور في *** الأرحام ماء حتى يصير دما
وقد جعل بعض الناس الخلق بمعنى التصوير ، وليس
كذلك ، وإنما التصوير آخرا والتقدير أولا والبراية بينهما . ومنه قوله الحق : وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير .
وعن حاطب بن أبي بلتعة أنه قرأ " البارئ المصور " بفتح الواو ونصب الراء ، أي الذي يبرأ المصور ، أي يميز ما يصوره بتفاوت الهيئات . ذكره الزمخشري .
له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم تقدم الكلام فيه .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*اسماء حسنى بمعنى البديع أو قريبا من ذلك :
وقال الطبرى : القول في تأويل قوله تعالى : هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
يقول تعالى ذكره: هو المعبود الخالق، الذي لا معبود تصلح له العبادة غيره، ولا خالق سواه، البارئ الذي برأ الخلق، فأوجدهم بقدرته، المصوّر خلقه كيف شاء،
وكيف يشاء.
قوله: (لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ) يقول تعالى ذكره: لله الأسماء الحسنى، وهي هذه الأسماء التي سمى الله بها نفسه، التي ذكرها في هاتين الآيتين.(يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول: يسبح له جميع ما في السموات والأرض، ويسجد له طوعًا وكرهًا(وَهُوَ الْعَزِيزُ ) يقول: وهو الشديد الانتقام من أعدائه (الْحَكِيمُ )في تدبيره خلقه، وصرفهم فيما فيه صلاحهم.
وقال ابن عاشور :{هُوَ الله الخالق البارىء المصور }
القول في ضمير { هو } المفتتح به وفي تكرير الجملة
كالقول في التي سبقتها . فإن كان ضمير الغيبة ضميرَ شأن فالجملة بعده خبر عنه .
وجملة { الله الخالق } تفيد قصراً بطريق تعريف جزأي الجملة هو الخالق لا شركاؤهم . وهذا إبطال لإلهية ما لا يخلق . قال تعالى : { والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون } [ النحل : 20 ] ، وقال : { أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون } [ النحل : 17 ] ، وإن كان عائداً على اسم الجلالة المتقدم فاسم الجلالة بعده خبر عنه و { الخالق } صفة .
و { الخالق } : اسم فاعل من الخلق ، وأصل الخلق في اللغة إيجاد شيء على صورة مخصوصه . وقد تقدم عند قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السّلام { إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير } الآية [ 49 ] في سورة آل عمران . ويطلق الخلق على معنى أخص من إيجاد الصور وهو إيجاد ما لم يكن موجوداً . كقوله تعالى : { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام } [ ق : 38 ] .
وهذا هو المعنى الغالب من إطلاق اسم الله تعالى { الخالق } . قال في «الكشاف» : «المقدر لما يوجده» . ونقل عنه في بيان مراده بذلك أنه قال : «لما كانت إحداثات الله مقدرة بمقادير الحكمة عبر عن إحداثه بالخلق» ا ه .
يشير إلى أن الخالق في صفة الله بمعنى المحدث الأشياء عن عدم ، وبهذا يكون الخلق أعم من التصوير . ويكون ذكر { البارىء } و { المصور } بعد { الخالق } تنبيهاً على أحوال خاصة في الخلق . قال تعالى : { ولقد خلقناكم ثم صورناكم } [ الأعراف : 11 ] على أحد التأويلين
وقال الراغب : الخلق التقدير المستقيم واستعمل في إيداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء ا ه .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*اسماء حسنى بمعنى البديع أو قريبا من ذلك :
وقال أبو بكر ابن العربي في «عارضة الأحوذي» على «سنن الترمذي» : { الخالق } : المخرج الأشياء من العدم إلى الوجود المقدر لها على صفاتها ( فخلط بين المعنيين ) ثم قال : فالخالق عام ، والبارىء أخص منه ، والمصور أخص من الأخص وهذا قريب من كلام صاحب «الكشاف» . وقال الغزالي في «المقصد الأسنى» : الخالق البارىء المصور قد يظن أن هذه الأسماء مترادفة ولا ينبغي أن يكون كذلك بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود يفتقر إلى تقدير أولاً ، وإلى الإيجاد على وفق التقدير ثانياً ، وإلى التصوير بعد الإِيجاد ثالثاً ، والله خالق من حيث أنه مقدِّر وبارىء من حيث إنه مخترع موجود ، ومصور من حيث إنه مرتبٌ صور المخترعات أحسن ترتيب ا ه .
فجعل المعاني متلازمة وجعل الفرق بينها بالاعتبار ، ولا أحسبه ينطبق على مواقع استعمال هذه الأسماء
و { البارىء } اسم فاعل من بَرَأَ مهموزاً . قال في
«الكشاف» المميز لما يوجده بعضه من بعض بالأشكال المختلفة ا ه . وهو مغاير لمعنى الخالق بالخصوص . وفي الحديث
" من شر ما خلق وذرأ وبرأ " ومن كلام علي رضي الله عنه : لا والذي فلق الحبة وبرأ النَّسَمة ، فيكون اسم البريئة غير خاص بالناس في قوله تعالى : { أولئك هم شر البريئة أولئك هم خير البريئة } [ البينة : 6 ، 7 ] . وقال الراغب : البريئة : الخلق .
وقال ابن العربي في «العارضة» : { البارىء } : خالق الناس من البرَى ( مقصوراً ) وهو التراب خاصاً بخلق جنس الإِنسان ، وعليه يكون اسم البريئة خاصاً بالبشر في قوله تعالى : { أولئك هم شر البريئة أولئك هم خير البريئة .
وفسره ابن عطية بمعنى الخالق . وكذلك صاحب القاموس } . وفسره الغزالي بأنه الموجود المخترع ، وقد علمت أنه غير منطبق فأحسن تفسير له ما في «الكشاف» .
و { المصور } : مكوّن الصور لجميع المخلوقات ذوات الصور المرئية .
وإنما ذكرت هذه الصفات متتابعة لأن من مجموعها يحصل تصور الإِبداع الإلهي للإِنسان فابتدىء بالخلق الذي هو الإِيجاد الأصلي ثم بالبرء الذي هو تكوين جسم الإِنسان ثم بالتصّور الذي هو إعطاء الصورة الحسنة ، كما أشار إليه قوله تعالى : { الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة } [ الانفطار : 7 ، 8 ] ، { الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } [ آل عمران : 6 ] . ووجه ذكرها عقب الصفات المتقدمة ، أي هذه الصفات الثلاث أريد منها الإِشارة إلى تصرفه في البشر بالإِيجاد على كيفيته البديعة ليثير داعية شكرهم على ذلك . ولذلك عقب بجملة { يسبح له ما في السموات والأرض } .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السبعون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*اسماء حسنى بمعنى البديع أو قريبا من ذلك :
واعلم أن وجه إرجاع هذه الصفات الحُسنى إلى ما يناسبها مما اشتملت عليه السورة ينقسم إلى ثلاثة أقسام ولكنها ذكرت في الآية بحسب تناسب مواقع بعضها عقب بعض من تنظير أو احتراس أو تتميم كما علمته آنفاً .
القسم الأول : يتعلق بما يناسب أحوال المشركين
وأحلافِهم اليهود المتألبين على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين بالحرب والكيد والأذى ، وأنصارهم من المنافقين المخادعين للمسلمين .
وإلى هذا القسم تنضوي صفة { لا إله إلا هو } [ الحشر : 23 ] وهذه الصفة هي الأصل في التهيؤ للتدبر والنظر في بقية الصفات ، فإن الإِشراك أصل الضلالات ، والمشركون هم الذين يُغرون اليهود ، والمنافقون بين يهود ومشركين تستروا بإظهار الإِسلام ، فالشرك هو الذي صدّ الناس عن الوصول إلى مسالك الهدى ، قال تعالى : { وما زادوهم غيرَ تتبيب } [ هود : 101 ] .
وصفة { عالم الغيب } [ الحشر : 22 ] فإن من أصول الشرك إنكار الغيب الذي من آثاره إنكار البعث والجزاء ، وعلى الاسترسال في الغي وإعمال السيئات وإنكار الوحي والرسالة . وهذا ناظر إلى قوله تعالى : { ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله } [ الأنفال : 13 ] الآية .
وكذلك ذكر صفات «المَلِك ، والعزيز ، والجبار ، والمتكبر» ، لأنها تناسب ما أنزله ببني النضير من الرعب والخزي والبطشة .
القسم الثاني : متعلق بما اجْتناه المؤمنون من ثمرة النصر في قصة بني النضير ، وتلك صفات : { السلام المؤمن } [ الحشر : 23 ] لقوله : { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } [ الحشر : 6 ] ، أي لم يتجشم المسلمون للغنى مشقة ولا أذى ولا قتالاً .
وكذلك صفتا { الرحمان الرحيم } [ الحشر : 22 ] لمناسبتهما لإِعطاء حظ في الفيء للضعفاء
القسم الثالث : متعلق بما يشترك فيه الفريقان المذكوران في هذه السورة فيأخذ كل فريق حظه منها ، وهي صفات : «القدوس ، المهيمن ، الخالق ، البارىء ، المصور» .
{ المصور لَهُ الاسمآء } . تذييل لما عُدّد من صفات
الله تعالى ، أي له جميع الأسماء الحسنى التي بعضها الصفات المذكورة آنفاً .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع (البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*اسماء حسنى بمعنى البديع أو قريبا من ذلك :
والمراد بالأسماء الصفات ، عبر عنها بالأسماء لأنه متصف بها على ألسنة خلقه ولكونها بالغة منتهى حقائقها بالنسبة لوصفه تعالى بها فصارت كالأعلام على ذاته تعالى .
والمقصود : أن له مدلولات الأسماء الحسنى كما في قوله تعالى : { ثم عرضهم على الملائكة بعد قوله : وعلم آدم الأسماء كلها } [ البقرة : 31 ] ، أي عرض المسميات على الملائكة . وقد تقدم قوله تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} في سورة [ الأعراف : 180 ] .
جملة { يسبح له } الخ في موضع الحال من ضمير { له الأسماء الحسنى } يعني أن اتصافه بالصفات الحسنى يضطر ما في السماوات والأرض من العقلاء على تعظيمه بالتسبيح والتنزيه عن النقائص فكل صنف يبعثه علمه ببعض أسماء الله على أن ينزهه ويسبحه بقصد أو بغير قصد . فالدُهري أو الطبائعي إذا نوّه بنظام الكائنات وأعجب بانتساقها فإنما يسبح في الواقع للفاعل المختار وإن كان هو يدعوه دَهراً أو طبيعة ، هذا إذا حمل التسبيح على معناه الحقيقي وهو التنزيه بالقول ، فأما إن حمل على ما يشمل المعنيين الحقيقي والمجازي من دلالة على التنزيه ولو بلسان الحال . فالمعنى : أن ما ثبت له من صفات الخلق والإِمداد والقهر تدل عليه شواهد المخلوقات وانتظام وجودها .
وجملة { وهو العزيز الحكيم } عطف على جملة الحال وأوثر هاتان الصفتان لشدة مناسبتهما لنظام الخلق .
وفي هذه الآية رد العجز على الصدر لأن صدر السورة مماثل لآخرها .
وروى الخطيب البغدادي في «تاريخه» بسنِده إلى إدريس بن عبد الكريم الحداد قال : قرأت على خلف ( راوي حمزة ) فلما بلغت هذه الآية { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل } [ الحشر : 21 ] إلى آخر السورة قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على الأعْمش . فلما بلغتُ هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على يَحيى بن وثاب ، فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على علقمة والأسود فلما بلغت هذه الآية قالا : ضع يدك على رأسك فإنّا قرأنا على عبد الله فلما بلغنا هذه الآية قال : ضعا أَيديكما على رؤوسكما ، فإني قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغتُ هذه الآية قال لي : ضع يدك على رأسك فإن جبريل لما نزل بها إليَّ قال : ضعَ يدك على رأسك فإنها شفاء من كل داء إلا السام .
والسام الموت . قلت : هذا حديث أغر مسلسل إلى جبريل عليه السلام .
وأخرج الديلمي عن علي وابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قوله تعالى : { لو أنزلنا هذا القرآن } [ الحشر : 21 ] إلى آخر السورة : هي رُقية الصداع ، فهذه مزية لهذه الآيات .
[الأنترنت – موقع {هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَٰلِقُ ٱلْبَارِئُ ٱلْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والسبعون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان : *بديع السماوات والأرض - علامات ودلائل تدل عليه :
كماهومعلوم فإن كل صانع يضع في صنعته
علامات ودلائل تدل عليه؛ حتى لا يدعي أحدٌ أنه
هو المصنِّع زوراً وعدوناً، مثل العلامة التجارية وغيرها من وسائل الحفاظ على الحقوق الادبية، كذلك الله سبحانه وتعالى -وله المثل الأعلى- أودع في مخلوقاته دلائل وعلامات تدل عليه، ومن أهم العلامات التي تدل عليه سبحانه: إتقان الصنعة، وتفردها عن المشابهة بصناعة مثلها، فمن أحب أن يعرف عجزه ويعرف عظمة الخالق سبحانه فليحاول أن يأتي بصنعة تشبه صنعته سبحانه.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ
ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) [الحج : 73].
ويقول سبحانه وتعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ) [الشورى : 29].
ويقول سبحانه وتعالى: (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [الجاثية : 4].
ويقول سبحانه وتعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) [الأنعام : 38].
فمن كانت كذلك صنعته وقدرته كان أحق بالعبادة
ممن سواه، وكان أحق أن يتبع شرعه، لذلك أخوتي أدعوكم وأدعو نفسي إلى التأمل في خلق الله تعالى تأمل عقل واعي يريد الحقيقة فيتبعها.
قال الله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [البقرة : 164].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان : *بديع السماوات والأرض - علامات ودلائل تدل عليه :
يقول الشاعر:
لله في الآفاق آيات لعــلّ ***أقلها هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته ***عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا***حاولت تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى ***من يا طبيب بطبه أرداكا
قل للمريض نجا وعوفي بعدما ***عجزت فنون الطب من عافاكا
قل للصحيح يموت لا من علة ***من بالمنايا يا صحيح دهاكا
قل للبصير وكان يحذر حفرةً ***فهوى بها من ذا الذي أهواكا
بل سائل الأعمى خطا بين الزحـ***ــــام بلا اصطدام من يقود خطاكا
قل للجنين يعيش معزولاً بلا راعٍ ***ومرعى من الذي يرعاكا
قل للوليد بكى وأجهش بالبكا ***لدى الولادة ما الذي أبكاكا
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه ***فاسأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيش يا ثعبان ***أو تحيا وهذا السم يملأُ فاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت ***شهداً وقل للشهد من حلاّكا
بل سائل اللبن المصفى كان ***بين دمٍ وفرثٍ من الذي صفّاكا
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا ميت ***فاسأله من يا حي قد أحياكا
قل للنبات يجف بعد تعهدٍ***ورعايةٍ من بالجفافِ رماكا
وإذا رأيت النبت في الصحراء***يربو وحده فاسأله من أرباكا
وإذا رأيت البدر يسري ناشراً***أنواره فاسأله من أسراكا
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي ***أبعد كل شيء ما الذي أدناكا
قل للمرير من الثمار من الذي ***بالمر من دون الثمار غذاكا
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى ***فاسأله من يا نخل شق نواكا
وإذا رأيت النار شب لهيبها***فاسأل لهيب النار من أوراكا
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً قمم السحاب فسله من أرساكا
وإذا ترى صخراً تفجر بالمياه فسله من بالماء شق صفاكا
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال سرى فسله من الذي أجراكا
وإذا رأيت البحر بالماء الأجاج طغى فسله من الذي أطغاكا
وإذا رأيت الليل يغشي داجياً فاسأله من يا ليل حاك دجاكا
وإذا رأي الصبح يسفر ضاحكاً فاسأله من يا صبح صاغ ضحاكا
ستجيب ما في الكون من آياته عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناكا
ربي لك الحمد العظيم لذاتك حمداً وليس لواحدٍ إلاّكا
يا مدرك الأبصار والأبصار لا تدري له ولكنهه إدراكا
إن لم تكن عيني تراك فإنني في كل شيء أستبين عُلاكا
يا منبت الأزهار عاطرة الشذى ما خاب يوماً من دعا ورجاكا
يا مجري الأنهار عاذبة الندى ما خاب يوماً من دعا ورجاكا
يا أيها الإنسان مهلاً ما الذي بالله جل جلاله أغراكا
[الأنترنت – موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة - بديع السماوات والأرض - فراس نور الحق]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :
* من لطائف الآية: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
.من لطائف القشيري في الآية: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)}. قال عليه الرحمة: البديع الذي لا مثل له، أو هو المنشئ لا على مثال، وكلاهما في وصفه مستحق. والواحد يستحيل له الوَلَدُ لاقتضائه البعضية، والتوحيد ينافيه. اهـ.
.من لطائف الشعراوي في الآية: قال رحمه الله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ}.
والحق سبحانه وتعالى قال في آيات أخرى: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} [غافر: 57].
فإن كنت ترى في نفسك عجائب كثيرة، وكل يوم يعطيك العلم التشريحي أو علم وظائف الأعضاء سرا
جديدا فلا تتعجب من هذا الأمر؛ لأن السماء والأرض إيجاد من عدم، وسبحانه هنا يقول: {بديع} أي أنه سبحانه خلقهما على غير مثال سابق، فمن الناس من يصنع أشياء على ضوء خبرات أو نماذج سابقة، لكن الحق سبحانه بديع السموات والأرض، وقد عرفنا بالعلم أن الأرض التي نعيش عليها وهي كوكب تابع من توابع الشمس، وقديما كانوا يقولون عن توابع الشمس إنها سبعة، ولذلك خدع كثير من العلماء والمفكرين وقالوا: إن السبعة التوابع هي السموات، فأراد الحق أن يبطل هذه المسألة بعد أن قالوا سبعة. فقد اكتشف العلماء تابعا ثامنا للشمس، ثم اكتشفوا التاسع، ثم صارت التوابع عشرة، ثم زاد الأمر إلى توابع لا نعرفها. وأين هذه المجموعة الشمسية من السموات؟ وكلها مجرد زينة للسماء الدنيا، وعندما اكتشفت المجاهر والآلات التي تقرب البعيد رأينا الطريق اللبني أو سكة التبانة ووجدناها مجرة وفيها مجموعات شمسية لا حصر لها، وجدنا مليون مجموعة مثل مجموعتنا الشمسية. هذه مجرة واحدة، وعندنا ملايين المجرات، ونجد عالمًا في الفلك يقول: لو امتلكنا آلات جديدة فسنكتشف مجرات جديدة.
ولنسمع قول الله: {والسماء بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47].
إذن يجب أن نأخذ خلْق السموات والأرض في مرتبة أهم من مسألة خلق الناس.
{بَدِيعُ السماوات والأرض أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام: 101].
وما دام سبحانه بديع السموات والأرض، وهو بقدرته الذاتية الفائقة خلق السموات والأرض الأكبر من خلق الناس، إذن فإن أراد ولدًا لطرأ عليه هذا الابن بالميلاد، ولا يمكن أن يسمى ولدًا إلا إذا وُلد، وسبحانه منزه عن ذلك، ثم لماذا يريد ولدًا، وصفات الكمال لن تزيد بالولد، ولم يكن الكون ناقصًا قبل ادّعاء البعض ان للحق سبحانه ولدًا، إن الكون مخلوق بذات الحق سبحانه وتعالى، والناس تحتاج إلى الولد لامتداد الذكرى، وسبحانه لا يموت؛ مصداقًا لقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88].
والبشر يحتاجون إلى الإنجاب ليعاونهم أولادهم،
وسبحانه هو القوي الذي خلق وهو حي لا يموت؛ لذلك فلا معنى لأن يُدّعى عليه ذلك وما كان يصحّ أن تناقش هذه المسألة عقلا، ولكن الله- لطفا بخلقه- وضّح وبين مثل هذه القضايا.
يقول جل وعلا: {وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ}. وماذا يريد الحق من الصاحبة؟ إنه لا يريد شيئًا، فلماذا هذه اللجاجة في أمر الألوهية؟.
فلا الولد ولا الصاحبة يزيدان له قدرة تخلق، ولا حكمة ترتب، ولا علما يدبر، ولا أي شيء، ومجرد هذا اللون من التصور عبث، فإذا كان الشركاء ممتنعين، والقصد من الشركاء أن يعاونوه في الملك؛ إله يأخذ ملك السماء، وإله آخر يأخذ ملك الأرض. وإله للظلمة، وإله للنور. مثلما قال الاغريق القدامى حين نصّبوا إلهًا للشر. وإلهًا للخير، وغير ذلك. والحق واحد أحد ليس له شركاء يعاونونه فما المقصود بالولد والصاحبة؟ أعوذ بالله! ألا يمتنع ويرتدع هؤلاء من مثل هذا القول: {وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فسبحانه هو الخالق للكون والعليم بكل ما فيه ولا يحتاج إلى معاونة من أحد. اهـ.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع (البديع )
والتي هي بعنوان :
* من لطائف الآية: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
.تفسير الآية رقم (102) : قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)} .مناسبة الآية لما قبلها:
.قال البقاعي: ولما ثبت أنه لا كفوء له بما ذكر من صفاته وأفعاله، وبين فساد أقوال المشركين، وفصل مذاهبهم على أحسن الوجوه، وبين فساد كل واحد منها بأمتن الحجج، فثبت بذلك ما افتتح السورة به من إحاطته بصفات الكمال، قال مشيرًا إلى ذلك كله بمبتدأ خبر بعده أخبار: {ذلكم} أي العالي الأوصاف جدًا الذي لا حاجة له إلى شيء، وكل شيء محتاج إليه {الله} أي الذي له كل كمال {ربكم} أي الموجد لكم والمحسن بجميع أنواع الإحسان، فهي فذلكة ما قبلها وثمرته، لأن من اتصف بذلك كان هو رب الكل وحده والخالق للجميع واستحق العبادة وحده فلذا أتبع ذلك قوله: {لا إله إلا هو} لأن المقام للتوحيد اللازم للإحاطة بأوصاف الكمال التي هي معنى الحمد المفتتح به السورة، وساق قوله: {خالق كل شيء} الذي هو مطلع ما بعده مساق التعليل دليلًا على ذلك، فلما أقام الدليل سبب عنه الأمر بالعبادة فقال: {فاعبدوه} أي وحده، لأن من أشرك به لم يعبده، لأنه الغنى المطلق، ومن كان له الغنى المطلق لا يحسن أن يقبل مشركًا، وختم الآية بقوله: {وهو} ولما كان المقام لنفي احتياجه إلى شيء، قدم قوله: {على كل شيء وكيل} إشارة إلى أن الولد أو الشريك إنما يحتاجه العاجز المفتقر، وأما هو فهو القادر، ومن سواه عاجز، وهو الغني ومن سواه فقير، فكيف يحتاج القدير الغني إلى العاجز الفقير، هذا ما لا يكون، ولا ينبغي أن يتخيله الظنون، وفيه إشارة إلى أن العابد ينبغي أن يتفرغ لعبادته ويقطع أموره عن
غير وكالته، فإنه يكفيه بفضله عمن سواه. اهـ.
.قال الفخر: اعلم أنه تعالى لما أقام الحجة على وجود الإله القادر المختار الحكيم الرحيم وبين فساد قول من ذهب إلى الإشراك بالله، وفصل مذاهبهم على أحسن الوجوه وبين فساد كل واحد منها بالدلائل اللائقة به.
ثم حكى مذهب من أثبت لله البنين والبنات، وبين بالدلائل القاطعة فساد القول بها فعند هذا ثبت أن إله العالم فرد واحد صمد منزه عن الشريك والنظير والضد والند، ومنزه عن الأولاد والبنين والبنات، فعند هذا صرح بالنتيجة فقال: ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل ما سواه فاعبدوه ولا تعبدوا غيره أحدًا فإنه هو المصلح لمهمات جميع العباد، وهو الذي يسمع دعاءهم ويرى ذلهم وخضوعهم، ويعلم حاجتهم، وهو الوكيل لكل أحد على حصول مهماته، ومن تأمل في هذا النظم والترتيب في تقرير الدعوة إلى التوحيد والتنزيه، وإظهار فساد الشرك، علم أنه لا طريق أوضح ولا أصلح منه. اهـ.
[الأنترنت – موقع نداء الإيمان - كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والسبعون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :
*اسـم الله الخـالـق وعلاقته بالبديع
أولاً: ورد اسم الله تعالى الخالق في القرآن مُطلقًا ومُقيدًا، مُعرفًا ومُنونًا، قال اللهُ جلّ وعلا: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر:24]، وقال جل شأنه: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ }[فاطر:3].
لابد في البداية أن نشير إلى أنَّ هذا الاسم الشريف يشير إلى صفة من صفات ربوبية الرب جل وعلا، فإنَّ صفات الربوبية تؤول إلى معانٍ خمس:
الصفة الأولى: صفة الخلق
والصفة الثانية: صفة المُلك
والصفة الثالثة: صفة التدبير والهيمنة
والصفة الرابعة: صفة الإحياء
والصفة الخامسة: صفة الإماتة والبعث والنشور
فلا يكون ربًا من لم يتصف بهذه الصفات، وأضف إليها كذلك صفة الرزق. فصفة الخلق بإحياءِ الموتى وإيجادِ الشيء من العدم وفي نفس الوقت هو سبحانه وتعالى الذي يرزقهم ويتولى أمورهم. أفلا يستحق من اتصف بذلك أن يكون هو الإله فلا يُعبد إلا هو ولا يحب ولا يُجَلُ إلا هو سبحانه وتعالى على هذا الاعتبار. فهو الذي خلق وهو الذي رزق وهو الذي يحي ويميت، وهو سبحانه وتعالى له صفة المُلك وله صفة الهيمنة، إذا كان الله سبحانه وتعالى تفضل على عباده بكل ذلك. ألا يستحق بعد هذا أن يكون هو الإله؟
وقد ورد اسم الله تعالى الخالق مُقيدًاكقوله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:62] خلق سبحانه وتعالى كل شيء فأوجد هذه الأشياء بعد أن كانت في عالم العدم، هو سبحانه وتعالى الذي قدر وجودها وأوجدها وهو على كل شيء وكيل.
اسم الله الخالق في السنة
وقد ورد في السنة إثبات هذا الاسم كذلك، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وصححه الألباني من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله فقالوا: يا رسول الله، غلا السعر، فسعر لنا سعرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق المُسعِّر،وإني لأرجو أن ألقى الله ، ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دمٍ ولا مال) [صححه الألباني]
الشاهد قول النبي (إنَّ اللهَ هو الخالق) وقد ورد
كذلك أن النبي قال: (لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق) [صححه السيوطي في الجامع الصغير]
معنى اسم الله الخالق في اللغة: الخلق في اللغة يدور حول معنيين: المعنى الأول: هو إيجاد الشيء من الشيء، أو إيجاد الشيء من العدم.
أي يأتي الخلق بمعنى الإنشاء والإبداع، ويأتي بمعنى تقدير الشيء. فمن ذلك قولُ الله جل وعلا {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ} [السجدة:7]، وقول الله تعالى {هذَا خَلْقُ اللَّهِ } [لقمان: 1] أي هذه مخلوقات الله {فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [لقمان: 11] فالمعنى هناأصله التقدير وإبداع الشيء من غير أصل.
الخلق قد يأتي أيضًا بمعنى الكذب على اعتبار أن الذي يكذب يُؤلف ويُنشئ كلامًا لا يُطابق الحقيقة لذلك ستأتي {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص:7] يعني افتراء وكذب. ويقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت:17] يعني أنكم تؤلفون وتكذبون وتأتون بهذه الأمور التي لا تتطابق مع الحقيقة. ويقول الله تعالى{ إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء:137]أي إن هذا إلا كذب الأولين.
الخالق في أسماء الله تعالى هو الذي أوجد جميع الأشياء بعد أن لم تكن موجودة، فالخالق هو الذي ركب الأشياء تركيبًا ورتبها بقدرته ترتيبًا، يقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ} [فاطر:3] { هَلْ مِنْ خَالِقٍ} أي هل من مُبدع؟ هل من مُنشئ؟ هل من مُوجد للأشياء؟ من العدم غير الله
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والسبعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
*اسـم الله الخـالـق وعلاقته بالبديع
المعنى الثاني:.هو تقدير الشيء أو تركيبه وترتيبه
يدل عليه قوله تعالى{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} أي قدرناها كذلك{ثم خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًاآخَرَفَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14].
*وقفة مع مسألة مهمة في القضاء والقدر:
كل مخلوق مهما عظم شأنه أو دق حجمه لابد أن يمر بأربعِ مراحل أو مراتب:
المرتبة الأولى: مرتبة التقدير، المرتبة الثانية: مرتبة الكتابة، المرتبة الثالثة: مرتبة المشيئة، المرتبة الرابعة: مرتبة الخلق والإيجاد والتكوين. أي شيء قدره الله تعالى لابد أن يمر بهذه المراتب الأربعة.
أول مرحلة: مرحلة التقدير وحساب المقادير:
وهذه تعني أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى في علمه السابق قدَّر كل شيء قبل تصنيعه. ذكرنا عندما تدارسنا اسم الله تعالى العليم أنه جل وعلا يعلم قبل إيجاد الشيء وصف هذا الشيء وما سيكون وحاله. فالله سبحانه وتعالى يعلم جميع خلقه قبل أن يخلقهم ، وفي نفس الوقت قدر لهم كل شيء قبل أن يُوجدوا. إذًا أول شيء قبل أن يوجد ذلك الشيء كان في علم الله مُقدَّر ثم..
المرحلة الثانية: كُتب في اللوحِ المحفوظ:
هذه هي المرحلة الثانية التي هي مرحلة الكتابة،
فكُتِب فيه تفصيل هذا الخلق وما يلزم لنشأته
وإعداده وهدايته وإمداده وجميع ما يرتبط بتكوينه. ثم بعد ذلك..
المرحلة الثالثة: وهي المشيئة :
ونعني بذلك أن الله سبحانه وتعالى شاء لهذا الشيء أن يوجد في هذا الزمان وهذا المكان فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن.
وبعدها جاءت مرحلة التنفيذ والخلق: وهي المرتبة الأخيرة أن وجد هذا الشيء وقُدَّرَ له كل تفاصيل حياته ، فكانت المرحلة الرابعة، مرحلة خلق الأشياء وتكوينها وتصنيعها وتنفيذها وفق ما قُدر له بمشيئة الله في اللوح المحفوظ.
وقد علق ابن القيم على هذه المراتب في كتابه الماتع
شفاء العليل فقال: "مراتب القضاء والقدر التي من لم يؤمن بها، لم يؤمن بالقضاء والقدر"
وانتبه..فهذه جملة خطيرة.. فأنت حين تقول "أؤمن بالقدر خيره وشره" يجب أن تكون مؤمنا بهذه المراحل إيمانا جازما..تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى قبل أن يقدر الشيء كان يعلمه، وتؤمن بأن كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ، وتعلم علم اليقين أنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وتؤمن بقدرة الله على التقدير ومرحلة الإيجاد.
تؤمن بهذه الأربعة إيمانًا جازمًا لا نقاش فيه ولا جدال وإن لم يدركها عقلك وأن تسلم بترتيب هذه المراحل وتدرجها ولا تعمل فيها عقلك لأنه قاصر عن إدراك مثلها-كما ذكرنا من قبل-.
إذًا معنى الخلق يدور حول معنيين شريفين عظيمين. المعنى الأول معنى الإنشاء وإيجاد الشيء من العدم،
والمعنى الثاني معنى تقدير الشيء وتكوينه على هذه الصفة التي تقدمت معنا.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
*اسـم الله الخـالـق وعلاقته بالبديع
دلالة هذا الاسم على صفة الرب سبحانه وتعالى : اسم الله الخالق يدل على ذاتِ الله المُتصف بصفة الخالقِ.
ويدل باللزوم – أي يلزم من كونه خالقًا- أن يكون هو ابتداءً حي وإلا كيف يخلق وهو ليس بحي ؟!. ويلزم أن يكون هو القيوم الذي به قيام كل شيء ومن ذلك إيجاده من العدم، يقوم به كل شيء ولا يقوم هو سبحانه وتعالى على شيء.
ويلزم من ذلك أن يكون سميعًا بصيرًا، فكيف يخلق
وهو سبحانه وتعالى لا يكون سميعًا لما يخلق، بصيرًا بكل شيء، عليمًا بكل شيء. وكذلك صفة المشيئة والحكمة والقدرة والغنى والقوة إلى غير ذلك من هذه الصفات التي ينبغي أن يتصف بها الخالق.
الدعاء باسم الله تعالى الخالق: دعاء مسألة ودعاء عبادة ، ورد هذا الاسم بهذه الصفة في كثير من نصوص الكتاب والسنة، من ذلك قول الله جل وعلا {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ } [آل عمران: 190-191].
هنا محل الشاهد {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فجعل هذه الصفة في مقام دعاء الثناء، يا رب ما خلقت هذا باطلاً سبحانك أنت الخالق، ثم ثناه بدعاء المسألة فقال فقنا عذاب النار.
ومن هذا أيضا ما ورد في سنن النسائي وصححه الألباني من حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رجلاً من أصحاب النبي قال:إن رجلا من أصحاب النبي قال : قلت - وأنا في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله لأرقبن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة ، حتى أرى فعله ، فلما صلى صلاة العشاء - وهي العتمة - ، اضطجع هويًا من الليل ، ثم استيقظ فنظر في الأفق ، فقال : ربنا ما خلقت هذا باطلا -{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) } [آل عمران:] حتى بلغ إلى - : {إنك لا تخلف الميعاد }، ثم أهوى رسول الله إلى فراشه ، فاستل منه سواكا ، ثم أفرغ في قدح - من إداوة عنده - ماء فاستن ، ثم قام فصلى ، حتى قلت : قد صلى قدر ما نام ، ثم اضطجع ، حتى قلت : قد نام قدر ما صلى ، ثم استيقظ ، ففعل كما فعل أول مرة ، وقال مثل ما قال ، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات قبل الفجر)[الراوي: رجل من أصحاب النبي المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 1166]
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم
الشاهد أنه صلى الله عليه وسلم أول ما فتح عينيه تعبد الله سبحانه وتعالى بعبادة التفكر وهذا سيجعلنا نتوقف عند هذا المعنى مليًا في حظ المؤمن من اسم الله
تعالى الخالق ، وكذلك الدعاء حال النوم كان صلى الله عليه وسلم ربما يقول: (اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها.اللهم إني أسألك العافية)[صحيح مسلم]
وكذلك جاء أيضًا في أذكار الصباح والمساء ،قال أبو صالح رضي الله عنه سمعت رجلاًمن أسلم قال كنت جالسًا عند رسول الله فجاء رجل من أصحابه فقال يارسول الله لدغت الليلة فلم أنم حتى أصبحت ,قال ماذا؟قال عقرب. قال:(أما إنك لوقلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق, أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك إن شاء الله) [إسناده صحيح] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :
حظ المؤمن من اسم الله تعالى الخالق :
أن يمعن نظره ويمتع بصره بخلق الله، لما يحل له النظر إليه من هذا الخلق كما قلنا سنتوقف عند معنى التفكر قليلا مع اسم الله الخالق، فقد جاء في تفسير ابن كثير لآيات التفكر التي أوردناها أن رجلا في الصحراء ليلا نظر إلى السماء فوجدها مُتلألئة بالنجوم فقال "أشهدُ أن لكِ ربًا. اللهم اغفر لي، فغفر الله له". امتلأ قلبه باليقين في هذه اللحظة فنطقها صادقا متعبدا فغفر له.
وكانت أم الدرداء تقول "كان جُلُّ عبادة أبي الدرداء التفكر" على إنَّ أبا الدرداء –رضي اللهُ عنه-كان معروفًا بكثرة صلاته وتسبيحه لكن لعله كان يسبح في إثر التفكر.
عبادة التفكر عبادةٌ عظيمة الشأن –كما ذكرنا قبل ذلك- و نحتاج حين نتدارس اسم الله الخالق أن نحيي هذه السنة، سنة التفكر. فاختلِ بالله سبحانه وتعالى وناجه لتشعر بالرهبة العظيمة وأنت تنظر للسماء وتحدثه وتكلمه جل وعلا، فيكون هناك نوع من الذكر والفكر والشكر يملأ القلب فيتولد اليقين بالله سبحانه وتعالى.
*أن تعلم أنك ميسر لما خلقت له :
في الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الألباني أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية : {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف:172] .
فقال عمر بن الخطاب : سمعت رسول الله سئل عنها ، فقال رسول الله : إن الله خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية ، فقال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية ، فقال : خلقت هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون . فقال الرجل : ففيم العمل يا رسول الله ؟ قال : فقال رسول الله : إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله الله الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار) الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3075
الحديث في الرواية الأخرى، أنَّ الرجل لما قال للنبي
ذلك قال ( اعمل فكلٌ مُيسَّرلِما خُلِقَ له) فالرجل تداخلت عليه المسألة، فالله عدل حكم..
لِمَ يُدخل أناس النار وأناس الجنة؟ الأمر التبس على الرجل ،فلم يجيبه النبي في المسألة بإجابة عقلية، إنما أرشده إلى ما ينبغي عليه أن يُشغلَ ذهنه فيه ، ألا وهو أن يعمل عملاً يُختَم له به ، طالما هولايستطيعُ أن يعلمَ أو يفهم مقادير الله ، ولا يستطيعُ أن يعلمَ ما هو مُقدَّرٌ له ، فلِمَ يُشغِل ذهنه بهذه القضية؟
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
حظ المؤمن من اسم الله تعالى الخالق :
الأمر الثالث : الشكر
أن يشكر العبدُ لخالقه أن منَّ عليه بمثل هذه المنن، هذا الخالق سبحانه وتعالى خلق فسوى، وقدر فهدى لذلك سبح {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)} [الأعلى: 1-2] فأول شيء أن يشكر الله سبحانه وتعالى أن منَّ
عليه بهذه النعم العظيمة، ويسرّها له.
كما في الحديث الذي رواه مُسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي يقول: إنه خلق كل
إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل . فمن كبر الله ، وحمد الله ، وهلل الله ، وسبح الله ،
واستغفر الله ، وعزل حجرًا عن طريق الناس ، أو شوكة أو عظمًا من طريق الناس ، وأمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، عدد تلك الستين والثلاثمائة السُّلامَى . فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار [الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1007]
و يُغني عن هذا كله ركعتين يركعهما من الضحى، لذلك صلاة الضحى لها مقام عظيم جدًا، صلاة الأوابين فإن لم يُصلِّها فعليه أن يسبح الله تعالى، ويحمده ، ويهلله، ويستغفره ، أقل شيء عدد الثلاثمائة وستين مفصل.
يقسمهم يستغفر مائة مرة ، ويسبح خمسين مرة، وهكذا. فقال يمشي يومئذٍ وقد زحزح نفسه عن النار. لأنه شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه هذه.
*من أثرِ الاسم على العبد إيمانه بأنَّ الخالقَ في أوصافه يختلف عن المخلوق.
المعنى الرابع: أن يؤمن بأنَّ الله سبحانه وتعالى
مُخالِفٌ لجميعِ خلقه.{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] يقول النبيُّ ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يقولوا : الله خلق كل شيء . فمن خلقه ؟ [صحيح مسلم]
وقال: "يأتي الشيطان إلى أحدكم فيقول من خلقك؟ فتقول خلقني الله فما زال به حتى يقول: فمن خلق الله؟ قال: فإذا وجدتم ذلك،فليستعذ بالله، ولينتهِ." [صحيح البخاري]
الأمر الأول: يلجأ إلى اللهِ عزّ وجل ويستعيذ به من شرِّ همزات الشياطين
والأمر الثاني: ينتهي. لا يتمادى مع الشيطان في ذلك يُغلِق الباب فورًا.
الأمر الثالث : الذكر ذكرنا {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2)} [الأعلى: 1-2] حقه انه ما دام خلق أن تسبحه وتذكره.
الأمر الرابع: وهو أنك لا تُشبِههه سبحانه وتعالى بما انفرد به فلا ينبغي لك أن تدَّعي لنفسِك أي صفة من صفات الربوبية التي انفرد الله بها ؛ومن هنا يأتي تشنيع العلماء على المصورين .
التصوير هو النحت بالصلصال وغيره بما يضاهي خلق الله، فالنبي قال: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصورون.) [رواه البخاريّ] وفي رواية الامام أحمد قال: (أشدَّ الناس عذابًا يوم القيامة
المصورون يقال لهم أحيوا ما خلقتم.)
ألم تدعوا الخلق؟ هي صنع الله ولا يصح أن يضاهيها ويقول هواية. فبالتالي هذا الأمر باتفاق العلماء هو حرام بلا خلاف. ورخص منهم في غير التماثيل.
وفي صحيح البخاري من حديثِ أبي زُرعة البجلي قال دخلت مع أبي هريرة دارًا بالمدينة فرأى أعلاها مصورًا يصور فقال سمعت رسول الله يقول يعني عن رب العزة أنه قال – عز وجل- (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة.) [صحيح البخاري] فهذا فعل فيه منازعة لله عزوجل يحرم القيام به باتفاق.
الخلاصـة:
إذا اسم الله الخالق يعلمك التفكر وكثرة ذكر ربك الذي خلقك ودبر لك أمرك، وشكره على نعمائه التي امتن بها عليك، وليس أكبر من نعمة الوجود..ومما ينافي هذا الشكر أن تنازعه في صفة الخلق تلك فتدعي لنفسك ما ليس لك أو تضاهيه في خلقه.
[ الأنترنت – الكلم الطيب ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :
*هل الإبداع مهارة نولد بها أو نطورها ؟
في الستينيات من القرن الماضي، أجرى باحث في الأداء الإبداعي يدعى (جورج لاند ) دراسة على 1600 طفل في سن الخامسة، سجل 98% منهم درجات «عالية الإبداع». أعاد الدكتور لاند اختبار كل مادة بعد خمس سنوات على نفس الطلاب عندما أصبحوا في العاشرة من العمر، ليسجل 30% فقط منهم درجات إبداعية! انخفض هذا العدد إلى 12% بحلول سن 15 عاما و2% فقط في عمر 25 عاما، لسبب بسيط اختصره عليكم وهو دور التعليم التقليدي في ترويض العقل حيث «يتم تعلم السلوك غير الإبداعي».
تم اكتشاف اتجاهات مماثلة من قبل مجموعة باحثين آخرين أجروا دراسة شملت 279999 طالبا، أثبتت أنه على الرغم من ارتفاع معدل الذكاء منذ عام 1990، فقد انخفضت درجات التفكير الإبداعي بين الطلاب، وهذا لا يعني أن الإبداع 100% هو تدريب فالوراثة تلعب دورا فيه كذلك، ولكنها ليست المعرقل له، ففقط 22% من التباين (في الإبداع) يرجع إلى تأثير الجينات.
كل هذا لأقول لكم أيها الشباب بأن قول «أنا لست
من النوع الإبداعي» هو عذر ضعيف، لأن كل شخص منا يولد بمستوى من المهارة الإبداعية والفكرية القابلة للتدريب لأن الإبداع بكل بساطة هو مهارة يمكن تحسينها إذا أعدنا النظر في الممارسة والتدريب والتعلم.
ففي عام 1666، كان أحد العلماء الأكثر نفوذاً في التاريخ يتجول في حديقة عندما صُدم بذكاء من شأنه أن يغير العالم أثناء وقوفه تحت ظل شجرة تفاح، رأى السير إسحاق نيوتن سقوط تفاحة على الأرض، وتساءل: «لماذا يجب أن تنزل هذه التفاحة بشكل عمودي على الأرض»، لماذا لا تذهب جانبا، أو إلى
أعلى، ولكن باستمرار إلى مركز الأرض؟ وما الذي يسحبها؟
وهكذا، ولد مفهوم الجاذبية وأصبحت قصة التفاحة أحد الأمثلة الرمزية للحظة إبداعية. إنه رمز للعبقرية الملهمة التي تملأ عقلك عندما تكون الظروف الإبداعية صحيحة.
لكن ما ينسى معظم الناس هو أن نيوتن عمل على أفكاره حول الجاذبية لما يقرب من عشرين عاما، حتى عام 1687 لينشر كتابه الرائد، The Principia: «المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية» لتصبح التفاحة الساقطة مجرد بداية لمجموعة من الأفكار استمرت لعقود... بعدها...نحن كلنا نعم مبدعون في المضمون، ولكن ما ينقصنا هو الإصرار والعزيمة لنبدع...
[ الأنترنت – موقع جريدة عكاظ - وفاء الرشيد، كاتبة سعودية ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان : *الإبداع الدعوي
الإبداع كلمة رنانه تستهوي ذوي الهمم العالية والنفوس التواقه فهم يرون أن الجديد ذو الجودة والأصالة والإتباع هو المحرك لهم لجلب الإهتمام و إحتواء المميزين.
والإبداع الدعوي موضوع جديد في طرحة لكنه متناثر في تجارب العاملين معه فهو يحتاج إلي تجميع و إستقصاء وتوثيق فالله المستعان....
مراحل البناء لرواحل البناء
المرحلة(1): الانتقاء
الأهداف1. شخصية قوية وجذابة 2. ذو أمانة وخلق 3. ملكات وقدرات 4. ذكاء وفهم
الوسائل: وهي الخطوات العملية لتحقيق الهدف
المحدد مسبقا
1. البرامج العامة 2. التفرس والحدس 3. التوصيل 4. الإختبار
المفاهيم: وهي النتاج العملي للبرنامج الزمني الذي يحقق الهدف المطلوب
1. أهمية البيئة 2. الإستفادة من الخبرات 3.البعد عن العزلة
الوسائل الثقافية: وهي الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية كتب تساعد المربي: 1. البرمجة العصبية
2. من يشد خيوطك
المرحلة(2): التعرف
الأهداف: 1. التعرف عن قرب 2. الألفة والمحبة 3. الارتباط الوجداني بالصالحين
الوسائل: 1. جمع المعلومات الشاملة
2. اللقاءات العامة 3. الكسب بالتلطف والاهتمام 4. برامج ترفيهية قصيرة 5. طرح قضايااجتماعية شبابية
المفاهيم:1. الإنسان مدني بطبعه 2. سمات الجليس الصالح
3. المزاح ,التبسم 4. الدين المعاملة
الوسائل الثقافية:1.كيف تكسب أخ في الله-القطان
2. الطريق إلى القلوب-
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمال للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع الدعوي
المرحلة(3): تقوية العلاقة و بناء الثقة
الأهداف: 1. تكوين الانسجام النفسي بين الأستاذ والطالب 2. غرس مفاهيم الإسلام الأساسية
3. البدء في بناء الثقة في نفسية الطالب
الوسائل: 1. زيادة وتركيز اللقاءات
2. إثارة النقاش حول مايهم الطالب
3. طرح المناسب من قضايا الساعة وإبداء وجهة النظر السليمة 4. التأكد من سلامة الطالب من موانع الاهتمام الفرد 5. العمل بوسائل بناء الثقة 6. قضاء الحاجات
المفاهيم: 1. بعض معاني الأخوة في حياة السلف 2. قصة الصديقين 3. أهمية صلاة الجماعة
4. مفهوم الإخلاص 5. صور من سماحة الإسلام
6. الصدق في الأقوال 7. اهتمام الإسلام
بالشباب سيرة سلمة بن الأكوع أهمية القراءة للشباب
الوسائل الثقافية: 1. الأخوة في الله -الراشد 2. صور من حياة الصحابة 3. رجال حول الرسول-خالد 4.الدعوة إلى الله حب- السيسي 5.الأخوة الإسلامية-علوان
المرحلة(4) : إيقاظ الإيمان المخدر
الأهداف: 1. الإرتباط بالصحبة الصالحة عاطفيا
2. هجر العادات الجاهلية وظهور سمات الإيمان على جوارحه . 3. تقبل توجيهات المربي له 4. ربطه بدرس أسبوعي أو التهيئة لذ لك .
الوسائل: 1. التركيز على مواضيع التفكير في آلاء الله 2. الاهتمام بالبرنامج العلمي لهذه المرحلة -طرح قضايا الحب في الله 3. بيان أهمية التناصح 4. بيان فضل مجالس الذكر
المفاهيم: 1. عبادة التفكر-أهميتها و كيفيتها
2. شرح حديث حلاوة الإيمان3. المرء على دين خليله
4. المفهوم الصحيح للعبادة 5. الإيمان-تعريفه وأركانه 6. ما كان الرفق في شيء إلا زانه 7. زيف الحضارة المادية 8. إخلاص العمل لله 9. فضل قراءة القرآن 10. آفات اللسان 11. التناصح في الله
12. تعال بنا نؤمن ساعة 13. حقوق الأخوة 14. فوائد غض البصر
الوسائل الثقافية: 1. حينما يذوق المؤمن حلاوة الإيمان 2. أفراح الروح-ابن القيم 3. توبة صادقة –البريك 4. شريط الجنة والنار- المورعي 5. الرقة والبكاء-المقدسي 6. رياض الصالحين-النووي 7. الله جل جلاله-السيسي 8. الرقائق-الراشد
9. سلسلة أشرطة الشيخ حسن أيوب
10. سلسلة السويدان عن يوم القيامة
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمال للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع الدعوي
المرحلة(5) : تكوين الالتزام الذاتي
الأهداف:1. الوصول بالمدعو إلى مستوى الالتزام الديني 2. إبراز الصورة الشمولية للإسلام
3. إيجاد النفور من المعاصي
الوسائل: 1. التركيز على بناء الجانب العبادي
والإيماني 2. بناء منزلة المراقبة وتقوية الوازع
الديني 3. الاهتمام بالقراءة المجدولة
المفاهيم: 1. الإيمان باليوم الأخر المحرك الدائم للنفس البشرية 2. الحقيقة المغيبة (الإسلام دين شامل) 3. التوازن في حياة المسلم الإنسان-نظرة تحليلية . ثقافة الشاب المسلم كيف ولماذا ؟
4. الجدية في الالتزام بالشرع وأهميتها 5. الأمم السابقة نظرة اعتبار 6. أصول المعاصي
7. الشبهات والشهوات 8. أهمية التثبت وخطورة الانزلاق في هتك الأعراض
9. المسارعة إلى الخيرات 10. سيرة حبيب بن زيد
11. نعم الله على العبد 12. حقيقة السعادة 13. مجاهدة النفس 14. الخوف والرجاء
15. التحذير من المعاصي16. النوافل وأهميتها 17. الاستقامة
الوسائل الثقافية: 1. الهمة طريق القمة-الشريف 2. الرقابة الذاتية 3. سلوك الأدب-الشريف
4. مخافة الله- المورعي 5. ذاتية المؤمن طريق النماء-القطان 6. منهج السلف في تربية النفوس-البلالي 7. الوقت في حياة المسلم-القرضاوي 8. الوقت عمار أو دمار- المطوع 9. الحياة في محراب الصلاة-مشهور 10. العبادة في الإسلام -القرضاوي
المرحلة(6) : البناء الإيماني و العبادي
الأهداف: 1. ترسيخ الإيمان والعقيدة الصحيحة في شخصية المدعو 2. تعميق الولاء لله وللمؤمنين ؛ وارتباط المدعو بالأفراد
الوسائل: 1. الاهتمام بالمواضيع الإيمانية 2. التكليف بحفظ أذكار اليوم والليلة 3. حضور المحاضرات في المساجد ونحوها ؛خاصة إذا كانت لها علاقة بأهداف المرحلة
4. التكليف بحفظ جزء عم وقراءة تفسير آيات محددة منه
5. التكليف بقراءة وتخليص بعض الكتب وكذا الأشرطة 6. بيان حاجة الشاب لإخوانه في الله
المفاهيم: 1. اثر الذنوب على الفرد 2. حلاوة السعادة 3. المفهوم الحقيقي للأخوة 4. عوامل الثبات على الإلتزام 5. خشية النفاق 6. معنى الجدية في الإلتزام 7. العبادات القلبية 8. خفايا النفس البشرية
الوسائل الثقافية: 1. الإرتقاء الإيماني- منوع
2. العبادات القلبية-الشريف 3. كيف أستغل وقتي بجدية 4. الحياة في محراب الصلاة-مشهور 5. الجدية في الإلتزام-المنجد 6. الرقائق – الراشد 7. صور من حياة الصحابة – الباشا إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع الدعوي
المرحلة(7):البناء النفسي والسلوكي
الأهداف: 1. تمثيل المدعو للجدية والجندية
2. تميز المدعو بالأخلاق الفاضلة
3. تحقق مستوى من الإتزان العاطفي
الوسائل: 1. الإهتمام بسير الصالحين 2. مفهوم الطاعة في الإسلام3. تدارس فنون التعامل مع الناس
4. طرح مواضيع النفاق العملي والإعتقادي 5. توضيح المفهوم الشامل للصدق مع الله
6. التركيز على التخلق بالأخلاق الإسلامية
المفاهيم: 1. معرفة الله والأنس به 2. الغضب جذوة من النار 3. الشباب بين الغرائز و الضوابط
4. وقفات مع حديث حلاوة الإيمان
5. مفهوم الطاعة في الإسلام 6. ذنوب الخلوات
7. مفهوم المجاهدة 8. إتباع الهوى 9. فقه الإستشارة 10. ذو الوجهين 11. الحيل النفسية
12. حقيقة الجدية
الوسائل الثقافية: 1. فن التعامل مع الناس-الخاطر 2. حسن الخلق-الحمد3. ضعف الأخلاق دليل ضعف الإيمان-الغامدي 4. التغيير-السويدان
5. خلق المسلم-الغزالي 6. تقوية الثقة بالنفس-موسى 7. الإغراق في الجزئيات- العودة 8. الحيل النفسية- العودة-نهاد درويش
المرحلة (8):تحقيق شمولية الإسلام
الأهداف: 1. وضوح النظرة الشمولية للإسلام عند المدعو 2. غرس الغيرة على الإسلام في نفسية المدعو
3. معرفة المدعو حقيقة الدنيا والآخرة
الوسائل: 1. استغلال الأحداث في إذكاء الحماس والغيرة على الإسلام 2. توضيح دور المسجد في الإسلام
3. عرض حقيقة الدنيا من خلال الأحاديث النبوية
المفاهيم: 1. مفهوم الرياضة في الإسلام 2. الإسلام دين الزمان والمكان 3. صلاح السرائر
4. العلمانية .الصهيونية.الماسونية
5. مداخل الشيطان على الشباب
6. التآمر على الشباب المسلم
7. زيف الحضارة الغربية
الوسائل الثقافية: 1. الإسلام والحياة-القرضاوي
2. قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام
3. الإسلام دين ودولة 4. الشباب والتغيير-يكن 5. صناعة الحياة-الراشد 6. من روائع حضارتنا- السباعي 7. مفاهيم إسلامية- السويدان
8. تهذيب مدارج السالكين-ابن القيم
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمال للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع الدعوي
المرحلة(9):التألم لحال الأمة
الأهداف: 1. غرس الألم والحرقة لحال المسلمين في شخصية المدعو 2. تكوين الحاجة إلى التغيير في بيئته
3. إيجاد القناعة بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الوسائل: 1. إكثار الحديث عن هموم المسلمين ومآسيهم 2. التذكير بالماضي المشرق للمسلمين
3. التفصيل في قضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
4. الترغيب بما عند الله وضرب الأمثلة على حب الشهادة عند الصحابة
5. إثارة السؤال دائما(ما هو الحل المطلوب تجاه الواقع)
6. تربية المدعو على بعض معاني حب الجهاد والاستشهاد
المفاهيم: 1. أهمية التنظيم في حياة المسلم 2. أصول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر3. المخططات الغربية 4. إن الله لا يغير ما بقوم 5. من فقه الواقع
الوسائل الثقافية: 1. من يحمل هم الإسلام – العودة 2. مقومات رجل العقيدة-مشهور
3. سقوط الخلافة- جريشة 4. التبيان في مداخل الشيطان-البلالي 5. آفات على الطريق-نوح
6. الغرباء-العودة 7. أين الخلل – القرضاوي
8. المؤامرة على الإسلام-الجندي
9. ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين-الندوي
المرحلة(10):العمل للإسلام
الأهداف: 1. القناعة التامة بوجوب الدعوة إلى الله 2. ممارسة الدعوة إلى الله برغبة وإهتمام
3. تهيئة المدعو للعمل المنظم
الوسائل: 1. تأصيل أمور الدعوة إلى الله ودراستها 2. تكليف المدعو بالاهتمام بمدعو تتوفر فيه الشروط
3. الوقوف بجوار المدعو وتدريبه بهدوء 4. بناء المدعو حركيا و دعويا
المفاهيم: 1. الدعوة إلى الله وظيفة الرسل
2. العمل الجماعي مفهومة وواقعة
3. الدعوات الفردية والدعوات الجماعية 4. صبر الرسول صلى الله عليه وسلم على أذى قومه5. من يحمل هم الإسلام 6. مشروعية العمل وضروريته
الوسائل الثقافية: 1. الدعوة إلى الله حب-السيسي 2. الصياد الماهر- بادحدح 3. كيف ندعو الناس-صقر
4. رسائل العين 5. المنطلق والعوائق- الراشد
6. رسالة إلى أخي الداعية- القطان 7. المستقبل
لهذا الدين- قطب 8. ماذا يعني انتمائي للإسلام-
يكن 9. آفات على الطريق 10. المسار
المرحلة (11):العمل مع المنهج
الأهداف: 1. قناعته بخط الدعوة وثقته بها
2. قبوله التعاون والانخراط جنديا تحت لوائها
الوسائل: 1. عرض أهم خصائص الدعوة 2. عرض منجزات الدعوة 3. عرض التضحيات4. التعريف بالرجال وتضحياتهم 5. تهيئته لتحمل الأمانة
المفاهيم: 1. مشروعية العمل 2. مفهوم التجرد 3. صفات الجماعة الراشدة 4. دور الشباب في حمل رسالة الإسلام 5. كيف ندعو الناس 6. يا قومي لا
أسألكم عليه أجرا
الوسائل الثقافية: 1. مسافر في قطار الدعوة-الشويخ
2. أثر الحركة الإسلامية في العالم-عزام3. العمل الجماعي مفهومة وواقعة-البشير 4. مشروعية العمل الجماعي عند بن تيميه-عبد الخالق5. أعلام الحركة- العقيل
هذا والله أعلم ، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد فما كان فيه من خير وصواب فمن فضل الله وتوفيقه وما كان من زلل فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان .
[الأنترنت – موقع صيد الفوائد - متفائل / ناصح للسعادة الأسريـــة ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان : *قدرة الله في السماء
لو تأمل الإنسان السماء لوجدها فضاء واسع ينعكس فيه اللون الأزرق مع ضوء الشمس، والمكان الذي تراقبه العيون عند نزول الغيث من السحب الممطرة التي تتراكم في فصل الشتاء، والكثير من دلائل عظمة الله تعالى في خلق السماء، وهناك العديد من الآيات القرآنية التي ذكرت ووصفت فيها السماء ودعت الإنسان إلى تدبرها وعدم الجحود بالخالق عزّ وجل. مظاهر قدرة الله تعالى في السماء مرفوعة بغير عمد قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) [الرعد: 2]. تتجلى عظمة الله تعالى برفع السماء في مسافات شاهقة الارتفاع لا توجد أعمدة تحملها، بل هي عبارة عن سقف مرفوع لا أعمدة تحته ولا شيء يمسكه من فوق؛ بل هي محفوظة بقدرة الله تعالى من أن تقع على الأرض، وبرحمته عزّ وجل على الإنسان. غاية في الحسن قال تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) [الملك: 5]، في هذه الآية الكريمة يتجلى جمال الخالق وإبداعه في خلق السماء؛ فقد زينها بالنجوم المضيئة التي تتلألأ في ظلام الليل لتبعث النور والضياء والجمال، ومع النجوم المضيئة تنجلي وحشة الليل، كما جعل الشهب رجوماً للشياطين. اعتمد الإنسان قديماً في تحديد الأماكن على ما يراه من مجموعات النجوم التي تتشكل مع بعضها، فهناك الكثير من أسماء النجوم المشهورة في الفلك عند العرب. تعدد المخلوقات قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [النحل: 12]. سخر الله تعالى للإنسان العديد من المخلوقات في السماء، مثل خلْق الليل والنهار وتعاقبهما حتى يصلح عيش الإنسان بين الاستمرار على العمل وكذلك الراحة في الليل، وخلْق القمر والشمس في حساب الوقت وتقدير السنين، وكذلك خلْق النجوم، والكواكب، والبرق، والرعد، والغيوم، وكل واحدة من هذه المظاهر تتجلى قدرة الخالق في دقة صنعها. دقة انتظام الكون قال تعالى: ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: 40]. مع تعدد الأجرام السماوية تظهر قدرته عزّ وجلّ في دقة وانتظام الكون وعدم اضطرابه؛ فالشمس لها مدار ومسار محدد لا تنحرف عنه، وكذلك القمر يسير في مدار محدد لا يخرج عنه ويصطدم مع الأقمار والكواكب والنجوم، أي كل الأجرام السماوية تسير بمدار ولا تنحرف عنه، فلو خرجت عن ذلك المسار لعمّت الفوضى واختفت معها الحياة على الأرض التي تكون حينها منثورة إلى أجزاء كثيرة. [الأنترنت – موقع موضوع - بواسطة: كفاية العبادي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان : *الإبداع المعرفي
المعرفة والإبداع هما وجهان لعملة واحدة هي الإبداع المعرفي ؛فالمعرفة هي أساس الإبداع ومدخلاته ، والإبداع هو ناتج المعرفة ومخرجاتها ، وما لم تتوج المعرفة بالإبداع تصبح المعرفة خاملة أكثر قابلية للاندثار والذوبان والنسيان. والإبداع هو عمليات النشاط العقلي المعرفي لمعالجة المعرفة وتوليفها وإعادة صياغتها وإنتاجها لتشكل الناتج الإبداعي المعرفي . المعرفة كالضوء ، كالنور الطبيعي ، هي الضوء والحرارة والرياح والمطر والنسيم والهواء والغذاء والمياه .. هي باختصار الحياة ، والفرق بين الإنسان الذي يعرف والإنسان الذي لا يعرف يعادل الفرق بين الحياة والموت ، والمعرفة التي لا تكلل بالإبداع أو الابتكار أو بالتجديد أو بالتحديث بحل المشكلات الإنسانية والمجتمعية والحياتية هي معرفة منقوصة لا جدوى منها ، والإنسان العارف الذي لا يعيد معالجة المعرفة اقتناءً واستيعاباً وتوليفاً واشتقاقاً وتوليداً للفكر الإبداعي الدينامكي ، يكون إنساناً خاملاً مديناً لنفسه ومجتمعه وحياته ، قال الله تعالى .. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون .. المعرفة تنطوي على العقل الجمعي التراكمي فيها الخشية وفيها التقوى وفيها ناموس الله في الكون وفي الحياة ، المعرفة متعددة الأبعاد ، متشعبة الدروب والمسالك والتأثيرات تغطي كافة مناحي الحياة ، تنمو وتتراكم بالتفعيل ، وتنحسر وتتراجع بالتغافل والتجاهل والإهمال. المعرفة والإبداع المعرفي هما لُب حياة الأفراد والمجتمعات باعتبارهم غاية التنمية وهم وسائلها ، وهما يعيشان ويتجددان ويسموان في أدمغة البشر ، هم مخازنها وهم منتجوها ومبدعوها . يتنامى الإبداع المعرفي بالتلاقح الفكري والانتقال عبر الأجيال من خلال الكتب والمراجع والبرامج والأنشطة والمشروعات والندوات والمؤتمرات في أطرِ من الحريات الأكاديمية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، العلاقات بين المعرفة والإبداع المعرفي والحرية الأكاديمية هي علاقات خطية مطردة ، حيث يزدهر الإبداع المعرفي في سياق من السياسات والعقول المنفتحة الداعمة المرحبة بالاختلاف ، السياق الذي يسمح باستقلال عمليات تقويم الأفكار عن عمليات توليد الأفكار . المعرفة في الغربة وطن ، والإبداع المعرفي هو قيمة العطاء الإنساني المتفرد بقيمه المضافة الذي يشكل أغلى الأصول غير الملموسة ، المعرفة والإبداع المعرفي يفوقان في قيمتهما ومحتواهما وإنجازاتهما قيم الأصول المادية الملموسة كالأرض والنفط والمعادن والمياه ، الإبداع المعرفي هو من يعطي الأصول قيمتها ومنفعتها ودورها الإيجابي في حياة الناس . المعرفة هي أساس التقدم التكنولوجي ، هي صانعته وهي منتجته ، تدين البشرية بكل إنجازاتها وعبر تاريخها كله وعبر إبداعها المعرفي كله على مختلف الأصعدة اقتناءً واستيعاباً وإنتاجاً للمعرفة . المعرفة إبداع والإبداع معرفة وهما وجها الإبداع المعرفي . وفق الله الجميع ،، [الأنترنت – موقع الإبداع المعرفي - د. بكري معتوق عساس - وكيل جامعة أم القرى للأعمال والإبداع المعرفي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :
*الإبداع مفهومه ومستوياته ونظرياته
أولا : مفهوم الابداع
يمكن تعريف الإبداع بأنه أفكار جديدة ومفيدة ومتصلة بحل مشكلات معينة أو تجميع وإعادة تركيب
الأنماط المعروفة من المعرفة في أشكال فريدة ،ولا يقتصر الإبداع على الجانب التكنيكي لأنه لايشمل تطوير السلع و العمليات المتعلقة بها وإعداد السوق فحسب بل يتعدى أيضا الألات و المعدات وطرائق التصنيع و التحسينات في التنظيم نفسه ونتائج التدريب و الرضا عن العمل بما يؤدي إلى إزدياد الإنتاجية
فالإبداع ليس إلا رؤية الفرد لظاهرة ما بطريقة جديدة لذلك يمكن القول إن الإبداع يتطلب القدرة على الإحساس بوجود مشكلة تتطلب المعالجة ومن ثم القدرة على التفكير بشكل مختلف ومبدع ومن ثم إيجاد الحل المناسب.
ثانيا: مستويات الابداع
يظهر الإبداع في العديد من المستويات ومنها :
1-الإبداع على المستوى الفردي: بحيث يكون لدى
العاملين إبداعية خلاقة لتطوير العمل وذلك من خلال خصائص فطرية يتمتعون بها كالذكاء و الموهبة أو من خلال خصائص مكتسبة كحل المشاكل مثلا ،وهذه الخصائص يمكن التدرب عليها وتنميتها ويساعد في ذلك ذكاء الفرد وموهبته.
2. الإبداع على مستوى الجماعات: بحيث تكون هناك جماعات محددة في العمل تتعاون فيما بينها لتطبيق الأفكار التي يحملونها و تغيير الشيء نحو الأفضل كجماعة فنية في قسم الإنتاج مثلا.
3. الإبداع على مستوى المنظمات: فهناك منظمات متميزة في مستوى أداءها وعملها وغالبا ما يكون عمل هذه المنظمات نموذجي ومثالي للمنظمات الأخرى ،وحتى تصل المنظمات إلى الإبداع لابد من وجود إبداع فردي و جماعي. وإن هناك العديد من الباحثين الذين ميزوا بين نوعين رئيسيين من الإبداع على مستوى المنظمات وهما:
1. الإبداع الفني: بحيث يتعلق بالمنتج سواء السلع أو الخدمات ،ويتعلق بتكنولوجيا الإنتاج أي بنشاطات المنظمة الأساسية التي ينتج عنها السلع أو الخدمات.
2. الإبداع الإداري: ويتعلق بشكل مباشر بالهيكل
التنظيمي والعملية الإدارية في المنظمة ،وبشكل غير
مباشر بنشاطات المنظمة الأساسية.
وقد قام (تايلور) بتقسيم الإبداع إلى مستويات مختلفة هي :
1. الإبداع التعبيري (Expressive Creativity): وتكون فيه الأصالة والكفاءة على قدر قليل من الأهمية.
2. الإبداع الإنتاجي (Productive Creativity): وهو الذي يرتبط بتطوير آلة أو منتج أو خدمة.
3. الإبداع الإختراعي (Inventive Creativity): ويتعلق بتقديم أساليب جديدة.
4. الإبداع الإبتكاري (Innovative Creativity): يشير إلى التطوير المستمر للأفكار وينجم عنه اكتساب مهارات جديدة.
5. إبداع الإنبثاق (Emergence Creativity): هو نادر الحدوث لما يتطلبه من وضع أفكار و إفتراضات جديدة كل الجدة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التسعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع مفهومه ومستوياته ونظرياته
ثالثا: أسباب تبني الإبداع في المنظمات يمكن إيجاز هذه الأسباب بما يلي :
1. الظروف المتغيرة التي تعيشها المنظمات اليوم ،سواء أكانت ظروف سياسية أو ثقافية أو إجتماعية أو إقتصادية والتي تحتم على المنظمات الإستجابة لهذه المتغيرات بأسلوب إبداعي يضمن بقاء المنظمة وإستمرارها.
2. يحتم الإبداع الفني و التكنولوجي في مجال السلع و الخدمات و طرق إنتاجها وقصر دورة حياتها على المنظمات أن يستجيبوا لهذه الثورة التكنولوجية وما يستلزمه ذلك من تغييرات في هيكل المنظمة وأسلوب إدارتها بطرق إبداعية أيضا ،مما يمكنها من زيادة أرباحها وزيادة قدرتها على المنافسة و الإستمرار في السوق من خلال ضمانها لحصتها السوقية بين المنظمات المنافسة.
رابعا: نظريات الابداع
قام عدد من العلماء والكُتاب وعلماء الإدارة بطرح أفكار أصبحت تعرف فيما بعد نظريات عرفت بأسمائهم ،إذ قدمت هذه النظريات معالجات مختلفة حول الإبداع ،كما إستعرضت ملامح المنظمات و العوامل المؤثرة . وهذه النظريات المختلفة حول الإبداع هي :
1-نظرية(March & Simon;1958):فسرت هذه
النظرية الإبداع من خلال معالجة المشكلات التي تعترض المنظمات إذ تواجه بعض المنظمات فجوة بين ما تقوم به وما يفترض أن تقوم به ،فتحاول من خلال عملية البحث خلق بدائل ،فعملية الإبداع تمر بعدة مراحل هي فجوة أداء ،عدم رخاء ،بحث و وعي ،وبدائل ،ثم إبداع حيث عزَيا الفجوة الأدائية إلى عوامل خارجية (التغير في الطلب أو تغيرات في البيئة الخارجية)أو داخلية.
2. نظرية (Burns & Stalker;1961): وكانا أول من أكدا على أن التراكيب و الهياكل التنظيمية المختلفة تكون فاعلة في حالات مختلفة ،فمن خلال ما توصلوا إليه من أن الهياكل الأكثر ملائمة هي التي تسهم في تطبيق الإبداع في المنظمات من خلال النمط الآلي الذي يلائم بيئة العمل المستقرة و النمط العضوي الذي يلائم البيئات سريعة التغير ،كما أن النمط العضوي يقوم عن طريق مشاركة أعضاء التنظيم باتخاذ القرارات ،فهو يسهل عملية جمع البيانات و المعلومات ومعالجتها.
3. نظرية (Wilson;1966):قد بين عملية الإبداع من خلال ثلاثة مراحل هدفت إلى إدخال تغيرات في المنظمة وهي:إدراك التغير ،إقتراح التغير ،وتبني التغير وتطبيقه ،ويكون بإدراك الحاجة أو الوعي بالتغير المطلوب ثم توليد المقترحات وتطبيقها ،فإفترضت نسبة الإبداع في هذه المراحل الثلاث متباينة بسبب عدة عوامل منها التعقيد في المهام (البيروقراطية) وتنوع نظام الحفظ ،وكلما زاد عدد المهمات المختلفة كلما إزدادت المهمات غير الروتينية مما يسهل إدراك الإبداع ،بصورة جماعية وعدم ظهور صراعات ،كما أن الحوافز لها تأثير إيجابي لتوليد الإقتراحات وتزيد من مساهمة أغلب أعضاء المنظمة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع مفهومه ومستوياته ونظرياته
4. نظرية (Harvey of Mill;1970):قد إستفادا مما قدمه كلا من (March & Simon) و(Burns & Stalker) ،فانصب تركيزهم على فهم الإبداع من خلال مدى إستخدام الأنظمة للحلول الروتينية-الإبداعية لما يعرف (بالحالة و الحلول) ،فقد وصفوا أنواع المشكلات التي تواجهها المنظمات وأنواع الحلول التي قد تطبقها من خلال إدراك القضية(المشكلة) عن طريق ما تحتاجه من فعل لمجابهتها أو بلورتها (أي كيفية إستجابة المنظمة) أو البحث بهدف تقدير أي الأفعال المحتملةالتي قد تتخذها المنظمة أو إختيار الحل (إنتقاء البديل الأمثل) أو إعادة التعريف بمعنى إستلام معلومات ذات تغذية عكسية حول الحل الأنسب ،إذ تسعى المنظمة إلى وضع حلول روتينية لمعالجة حالات أو مشكلات تم التصدي لهما سابقا (الخبرات السابقة) بينما تسعى لإستحضار حلول إبداعية لم يتم إستخدامها من قبل لمعالجة المشكلات غير الروتينية أو الإستثنائية بتبني الهياكل التنظيمية و
الميكانيكية و العضوية.
كما تناولوا العوامل التي تؤثر في الحلول الإبداعية و الروتينية مثل حجم المنظمة وعمرها ،درجة المنافسة ،درجة التغير التكنولوجي ،درجة الرسمية في الإتصالات ،فكلما زادت مثل هذه الضغوطات يتطلب الأمر أسلوب أكثر إبداعا لمواجهتها.
5. نظرية(Hage and Aiken;1970): تعد من أكثر النظريات شمولية ،إذ أنها تناولت المراحل المختلفة
لعملية الإبداع فضلا عن العوامل المؤثرة فيه ،وفسرت الإبداع على أنه تغير حاصل في برامج المنظمة تتمثل في إضافة خدمات جديدة و حددت
* مراحل الإبداع كالأتي:
*مرحلة التقييم: أي تقييم النظام ومدى تحقيقه لأهدافه وهذا ماجاء به (March & Simon).
*مرحلة الإعداد: أي الحصول على المهارات الوظيفية المطلوبة و الدعم المالي.
*مرحلة التطبيق: البدء بإتمام الإبداع وإحتمالية ظهور المقاومة.
*الروتينية: سلوكيات ومعتقدات تنظيمية.
أما العوامل المؤثرة في الإبداع فمختلفة و بالغة التعقيد لزيادة التخصصات المهنية وتنوعها.
*المركزية *الرسمية *الإنتاج
*الكفاءة و الرضا عن العمل
6. نظرية(Zaltman and others;1973) : تنظرهذه النظرية للإبداع كعملية تتكون من مرحلتين هما: مرحلة البدء و مرحلة التطبيق ولهما مراحل جزئية ويعتبر على أنه فكرة أو ممارسة جديدة لوحدة التبني ، ووصفوا الإبداع على أنه عملية جماعية وليست فردية ،وإعتمدوا على نظرية (Hage and Aiken) إلا أنهم توسعوا في شرح المشكلة التنظيمية وأضافوا متغيرات أخرى هي: العلاقات الشخصية ،أسلوب التعامل مع الصراع.
وحددوا مراحل تفصيلية للإبداع هي:
* مرحلة البدء: * مرحلة ثانوية لوعي المعرفة. * مرحلة ثانوية حول مراحل الإبداع.* مرحلة ثانوية للقرار.
* مرحلة التطبيق * تطبيق تجريبي* تطبيق متواصل
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع مفهومه ومستوياته ونظرياته
خامسا: خصائص و سمات الشخصية المبدعة
1. الذكاء. 2. الثقة بالنفس على تحقيق أهدافه.
3. أن تكون لديه درجة من التأهيل و الثقافة.
4. القدرة على تنفيذ الأفكار الإبداعية التي يحملها الشخص المبدع.
5. القدرة على إستنباط الأمور فلا يرى الظواهر على علاتها بل يقوم بتحليلها ويثير التساؤلات و التشكيك بشكل مستمر.
6. لديه علاقات إجتماعية واسعة ويتعامل مع الأخرين فيستفيد من أراءهم.
7. يركز على العمل الفردي لإظهار قدراته و قابلياته
،فهناك درجة من الأنانية.
8. غالبا ما يمر بمرحلة طفولة غير مستقرة مما يعزز الإندفاع على إثبات الوجود و إثبات الذات ،فقد يكون من أسرة مفككة أو أسرة فقيرة أو من أحياء شعبية.
9. الثبات على الرأي والجرأة والإقدام والمجازفة والمخاطرة ،فمرحلة الإختبار تحتاج إلى شجاعة عند تقديم أفكار لم يتم طرحها من قبل.
10. يفضل العمل بدون وجود قوانين وأنظمة.
11. يميل المبدعون إلى الفضول و البحث وعدم الرضا عن الوضع الراهن.
سادسا: معوقات الإبداع في المنظمات:
بينت بعض الدراسات أن الإبداع على مستوى المنظمة قد يعاني من الإعاقة للأسباب التالية
1. المحافظة على الوضع الإجتماعي وعدم الرغبة في خلق صراع سلبي ناشئ عن الإختلافات بين الثقافة السائدة في المنظمة وبين الثقافة التي يستلزمها التغيير.
2. الرغبة في المحافظة على أساليب وطرق الأداء المعروفة 3. عدم الرغبة في تخفيض قيمة الإستثمار الرأسمالي في سلعة أو خدمة حالية. 4. عدم الرغبة في تغيير الوضع الحالي بسبب التكاليف التي يفرضها مثل هذا التغيير.
5. ثبوت الهيكل البيروقراطي لمدة طويلة وترسخ الثقافة البيروقراطية
وقد أضافت الدكتورة رندة الزهري بعض المعوقات الموجودة في عالمنا العربي وهي:
1. الخوف من الفشل.2. تجنب المخاطر.
3-الإعتياد على الأمور. 4. عدم توافر الحرية.5. مقاومة التغيير. 6. جمود القوانين. 7. انخفاض الدعم الجماعي. 8. فقدان التحفيز. 9. التوبيخ العلني.10. العقاب في حال الفشل.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع مفهومه ومستوياته ونظرياته
سابعا: أساليب التفكير الإبداعي الجماعي
إن هناك العديد من الأساليب التي يمكن للمنظمات إختيار أحدها بما يتلاءم مع طبيعة المشكلة المراد حلها ومن هذه الأساليب
1)العصف الذهني(Brainstorming): والذي إبتكره (أوسبورن) ، ومن الشروط الأساسية اللازم
توافرها لنجاح هذا الأسلوب:
* تجنب نقد أي فكرة. * تشجيع إستعراض أكبر
قدر من الأفكار. * العمل على تنمية الأفكارلأن كل فكرة تولد فكرة أخرى.
ويتطلب هذا الأسلوب أن تجتمع مجموعة ما من الأفراد ويطلب رئيس الجلسة تقديم أكبر عدد ممكن من الأفكار الغريبة و اللاواقعية مع تجنب النقد ومن ثم تدون الأفكار فكرة فكرة ليختار الأنسب منها.
2) أسلوب المجموعات الشكلية أو الصورية
(Nominal Group): وقد أوجده (دلييك و فان دوفان) ، وفي هذا الأسلوب يتم الإبتعاد عن تناول العلاقات بين أفراد المجموعة وإن الهدف الأساسي منه هو التخفيف من حدة سيطرة أفكار أحد أفراد
المجموعة على أفكار الأخرين ، ومن أهم الخطوات المتبعة:
* أن يسجل كل فرد على حدة أفكاره على قصاصة من الورق حول المشكلة المراد معالجتها.
* ثم يتم عرض أفكاره التي يدونها رئيس الجلسة ولاتناقش حتى ينتهي أفراد المجموعة كافة من سرد أفكارهم.
* ثم يفتح النقاش ويمنع النقد.
* بعدها يقوم كل فرد سرا بتقييم الأفكار المعروضة ومن ثم يستعرض رئيس الجلسة الأفكار التي إستحوذت على الإهتمام الأكبر ليعاد التصويت مرة ثانية للوصول إلى قرار نهائي.
3) أسلوب دلفي (Delphi)وقد أوجده (دالكي) وفيه لايتطلب أن يكون الأعضاء من مكان واحد ،وهو عبارة عن سلسلة من الأسئلة ترسل إلى عدد من الخبراء ليبدوا آراءهم في مشكلة ما (كل على حدة) ،ثم تعاد الإجابات لتصنف وترتب حسب توافق الأراء والأفكار وتعاد مرة أخرى إلى المشاركين وتكرر الخطوات السابقة حتى يتفق الجميع على الحلول المطروحة.
وهناك أساليب أخرى تشجع على الإبداع والتفكير الجماعي منها:
* حلقات الجودة(Quality Circles): بحيث يتم
إجتماع مجموعة من العمال المتطوعين ليعالجوا مشكلة ما
ويوصوا بإتخاذ الإجراءات المناسبة لحلها.
* إدارة الجودة الكلية(Total Quality Management): هي عبارة عن فلسفة إدارية تهتم بتحسين المنتج باستمرار من خلال فحص الإجراءات التنظيمية ليكون الهدف الأساسي إرضاء المستهلك وليصبح جميع الأفراد العاملين في المنظمة الواحدة مسؤولين عن تحقيقه.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع مفهومه ومستوياته ونظرياته
ثامنا: الممارسات الإدارية التي تؤثر في الإبداع
1. التحدي:عن طريق تعيين الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة والتي تتصل بخبراته ومهاراته ، وذلك يؤدي إلى توقد شعلة الإبداع لديه ،كما أن التسكين في المكان غير المناسب يؤدي إلى الإحباط والشعور بالتهديد.
2. الحرية : وتتمثل في إعطاء الموظف الفرصة لكي يقرر بنفسه كيف ينفذ المهمة المسندة إليه ، فذلك ينمي الحافز الذاتي وحاسة الملكية لديه ،وفي الواقع نجد بعض المديرين يغيرون الأهداف باستمرار أو أنهم يفشلون في تحديد الأهداف وآخرين يمنحون الحرية بالإسم فقط ويدعون أن الموظفين ليس لديهم المقدرة على التوصل لحلول إبداعية.
3. الموارد: أهم موردين يؤثران على الإبداع هما: الوقت والمال ، وتوزيعهما يجب أن يكون بعناية فائقة لإطلاق شرارة الإبداع عند الجميع ،وعلى العكس فإن توزيعهما بشكل غيرعادل يؤدي إلي تثبيط الهمم ،كما أن مساحة المكان الذي يعمل فيه الموظف كلما كانت واسعة كلما حركت الخيال المبدع أكثر.
4. ملامح فرق العمل: كلما كان فريق العمل متآلفا ومتكاملا كلما أدى ذلك إلى مزيد من صقل مهارات التفكير الإبداعي وتبادل الخبرات ويكون ذلك من خلال :
* الرغبة الأ كيدة للعضو في تحقيق أهداف الفريق .
* مبادرة كل عضو إلى مساعدة الآخرين وخاصة في الظروف الصعبة .
* ضرورة تعرف كل عضو على المعلومات المتخصصة
التي يحضرها الأعضاء الآخرون للنقاش .
5. تشجيع المشرفين: حيث أن معظم المديرين دائما مشغولون ،وتحت ضغط النتائج يفوتهم تشجيع المجهودات المبدعة الناجحة وغير الناجحة ،فلابد من تحفيزالدافع الذاتي حتى يتبنى الموظف المهمة ويحرص عليها ويبدع فيها والمؤسسات الناجحة نادرا ما تربط بين الإبداع وبين مكافآت مالية محددة والمفترض أن يقابل المدير أو المشرف الأفكارالإبداعية بعقل متفتح وليس بالنقد أو بتأخير الرد أو بإظهار رد فعل يحطم الإبداع
6. دعم المنظمة: إن تشجيع المشرفين يبرز الإبداع ، ولكن الإبداع حقيقة يدعم حينما يهتم به قادة المنظمة الذين عليهم أن يضعوا نظاما أو قيما مؤكدة لتقديرالمجهودات الإبداعية واعتبار أن العمل المبدع هو قمة الأولويات ،كما أن المشاركة في المعلومات وفي إتخاذ القرارات والتعاون من القيم التي ترعى الإبداع.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان :
*الإبداع مفهومه ومستوياته ونظرياته
تاسعا: مبادئ الإبداع
لقد وضع الكثير من مدراء الشركات والمنظمات العالمية مجموعة من الآراء الرائدة في مجال الإبتكار والإبداع، وحتى تكون المنظمات نامية، وأساليبها مبدعة وخلاّقة، ينبغي مراعاة بعض المبادئ الأساسية فيها سواء كانوا مدراء أو أصحاب قرار، وهذه المبادئ عبارة عن النقاط التالية :
1. إفساح المجال لأيّة فكرة أن تولد وتنمو وتكبر ما دامت في الإتجاه الصحيح ،وما دام لم يتم القطع بعد بخطئها أو فشلها ،فكثير من المحتملات تبدّلت إلى حقائق وتحوّلت إحتمالات النجاح فيها إلى موفقيّة ،فالإبتكار قائم على الإبداع لا تقليد الآخرين ،لذلك يجب أن يعطى الأفراد حرية كبيرة ليبدعوا، ولكن يجب أن تتركز هذه الحرّية في المجالات الرئيسيّة للعمل وتصبّ في الأهداف الأهم.
2. إن الأفراد مصدر قوة المنظمة ،والاعتناء بتنميتهم ورعايتهم يجعلها الأكبر والأفضل والأكثر إبتكاراً وربحاً ،ولتكن المكافأة على أساس الجدارة واللياقة.
3. احترام الأفراد وتشجّيعهم وتنمّيتهم لإتاحة الفرص لهم للمشاركة في القرار وتحقيق النجاحات للمنظمة ،وذلك كفيل بأن يبذلوا قصارى جهدهم لفعل الأشياء على الوجه الأكمل.
4. التخلّي عن الروتين واللامركزيّة في التعامل ينمي القدرة الإبداعية، وهي تساوي ثبات القدم في سبيل
التقدم والنجاح.
5. تحويل العمل إلى شيء ممتع لا وظيفة فحسب ، ويكون كذلك إذا حوّلنا النشاط إلى مسؤولية ،والمسؤولية إلى طموح وهم.
6. التجديد المستمر للنفس والفكر والطموحات ،وهذا لا يتحقّق إلاّ إذا شعر الفرد بأنّه يتكامل في عمله ،فالعمل ليس وظيفة للفرد فقط بل يستطيع من خلاله أن يبني نفسه وشخصيّته أيضاً ،وإن هذا الشعور الحقيقي يدفعه لتفجير الطاقة الإبداعيّة الكامنة بداخله وتوظيفها في خدمة الأهداف ،فكل فرد هو مبدع بالقوة في ذاته وعلى المدير أن يكتشف مفاتيح التحفيز والتحريك لكي يصنع أفراد مبدعين بالفعل ومن منظمته كتلة خلاّقة.
7. التطلّع إلى الأعلى دائماً من شأنه أن يحرّك حوافز الأفراد إلى العمل وبذل المزيد لأن شعورالرضا بالموجود يعود معكوساً على الجميع ويرجع بالمؤسسة إلى الوقوف على ما أنجز وهو بذاته تراجع وخسارة وبمرور الزمن فشل.
8. ليس الإبداع أن نكون نسخة ثانية أو مكررة في البلد ، بل الإبداع أن تكون النسخة الرائدة والفريدة ،لذلك ينبغي ملاحظة تجارب الآخرين وتقويمها أيضاً وأخذ الجيّد وترك الرديء لتكون أعمالنا مجموعة من الإيجابيّات ،فالمنظمات وفق الإستراتيجية الابتكارية إمّا أن تكون قائدة أو تابعة أو نسخة مكررة، والقيادة مهمة صعبة وعسيرة ينبغي بذل المستحيل من أجل الوصول إليها، وإلاّ سنكون من التابعين أو المكررين وليس هذا بالشيء الكثير.
9. لا ينبغي ترك الفكرة الجيدة التي تفتقد إلى آليات التنفيذ ،بل نضعها في البال ،وبين آونة وأخرى نعرضها للمناقشة، فكثير من الأفكار الجديدة تتولد مع مرور الزمن، والمناقشة المتكررة ربّما تعطينا مقدرة على تنفيذها، فربّما لم تصل المناقشة الأولى والثانية إلى تمام نضجها فتكتمل في المحاولات الأخرى.
10. يجب إعطاء التعلّم عن طريق العمل أهميّة بالغة لأنها الطريق الأفضل لتطوير الكفاءات وتوسيع النشاطات ودمج الأفراد بالمهام والوظائف.
إنّ الميل والنزعة الطبيعية في الأفراد وخصوصاً أصحاب القرار، هو الجنوح إلى البقاء على ما كان، لأنّ العديد منهم يرتاح لأكثر العادات والأعمال الروتينية التي جرت عليها الأعمال وصارت مألوفة لأن التغيير بحاجة إلى همّة عالية ونَفَس جديد خصوصاً وأنّ الجديد مخيف لأنّه مجهول المصير ،والإبتكار بطبيعته حذِر وفيه الكثير من التحدّي والشجاعة لذلك فمن المهم جداً أن يعتقد الأفراد أن أعمالهم الإبداعيّة ستعود بمنافع أكثر لهم وللمنظمة ،كما أنّها ستجعلهم في محطّ الرعاية الأكثر والإحترام الأكبر.
[ الأنترنت – موقع موهوبون موقع المخترعين والمبتكرين العرب ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :
*مشاريع إبداعية لتطوير عمل الأخصائي الاجتماعي
موضوع الإبداع مهم جدا في حياتنا وكثر في الآونة الأخيرة ترديد هذه الكلمة فحبيت أحضر لكم بعض المعلومات عن الإبداع والشخصية المبدعة وبالأخص في البيئة المدرسية.
* ما المقصود بالإبداع؟
لغة: ورد في لسان العرب تعبير بدع الشيء بمعنى أنشأه وبدأه وأبدع الشيء اخترعه على غير مثال .
اصطلاحا : عرف الإبداع بأكثر من ثمانية وعشرين تعريفا ولكني اقتصرت على هذا التعريف وفيه يرى الكاتب أن الإبداع هومزيج من القدرات والاستعدادات والخصائص الذاتية والشخصية التي إذا ما وجدت في بيئة مناسبة يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية لتؤدي إلى نتاجات أصيلة وجديدة سواء بالنسبة لخبرات الفرد السابقة أو خبرات المؤسسة أو المجتمع أو العالم إذا كانت النتاجات من مستوى الإختراقات الإبداعية في أحد ميادين الحياة الإنسانية.
الإبداع في المفهوم التربوي:عرفه تورنس على أنه التعليم الإبداعي عملية تساعد المتعلم على أن يصبح أكثرحساسية للمشكلات وجوانب النقص والثغرات في المعرفة أو المعلومات واختلال الإنسجام وتحديد مواطن الصعوبة وما شابه ذلك والبحث عن حلول والتنبوء وصياغة فرضيات واختبارها وإعادة صياغتها أو تعديلها من أجل التوصل إلى نتائج جديدة ينقلها المتعلم للآخرين.
*السمات الذهنية للشخصية المبدعة
لاشك في أن الشخص المبدع يحمل في ذهنه مجموعة من الخصائص التي تميزه وينفرد بها عن سائر النمطيين والأنشطة الذهنية التي يمتاز بها الشخص المبدع هي:
(1) الإستيعاب التلقائي
(2) الخيال الخصب
(3) القدرة على التعليل والتركيب والتجريد والتعميم
(4) القدرة على النقد
(5) النشاط الإبداعي اللاشعوري
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :
*مشاريع إبداعية لتطوير عمل الأخصائي الاجتماعي
*البيئة المدرسية وتنمية الإبداع
تعد البيئة المدرسية أحد المكونات الأساسية لمفهوم الإبداع والموهبه ومن الأهمية بمكان أن نميز بين بيئة مدرسية غنية بالمثيرات ومنفتحة على الخبرات والتجديدات الخارجية وبين بيئة مدرسية فقيرة ومغلقة لا ترحب بالتجديد والتغيير الذي قد يكون طوعيا أو مفروضا من الخارج وتتطلب عملية تطوير البيئة المدرسية لتصبح بيئة إيجابية ومثيرة للإبداع التعامل مع العناصر الآتية:
أولا : المناخ المدرسي العام
يجب أن تسود الديموقراطية والعدالة والمساواة في
المدرسة وأن يكون الجو المدرسي مشتملا على
العناصر التالية:
(1) تقبل واحترام التنوع والاختلاف في الأفكار والإتجاهات
(2) تقبل النقد البناء واحترام الرأي الآخر
(3) حرية التعبير والمشاركة بالأخذ والعطاء
(4) العمل بروح الفريق وبمشاركة جميع الأطراف ذات العلاقة
(5) ممارسة المواطنة في عدم التردد بطلب الحقوق مقابل القيام بالواجبات
(6) احترام رأي الأغلبية
ثانيا: المناخ الصفي
تحدد العمليات والنشاطات التي تدور داخل الصفوف بدرجة كبيرة ما إذا كانت بيئة مناسبة لتنمية الإبداع والتفير أم لا . ومن الخصائص التي ينبغي توافرها في الصف المثير للتفكير :
(1) الجو العام للصف المبدع المثير بما يحويه من وسائل وتجهيزات وأثاث.
(2) لا يحتكر المعلم معظم وقت الحصة .
(3) الطالب هو محور النشاط ، الصف متمركز حول الطالب.
(4) إحتواء أسئلة المعلم على مهارات تفكير عليا.
(5) ردود المعلم على مداخلات الطلبة حاثة على التغير.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان :
*مشاريع إبداعية لتطوير عمل الأخصائي الاجتماعي
ثالثا :فلسفة المدرسة وأهدافها
لما كانت نقطة الإنطلاق في أي عمل مبدع تبدأ من
وضوح الرؤية والهدف فإن المدرسة التي تنمي الإبداع هي التي توفر فرصا لجميع الأطراف المرتبطة بالعملية التربوية لمناقشة فلسفة التربية وأهدافها من أجل التوصل إلى قاعدة مشتركة ينطلق منها الجميع لتحقيق أهداف واضحة يتصورها هدف تنمية الإبداع
والتفكير لدى الطلبة والمعلمين.
رابعا: مصادر التعلم وفرص اكتشاف المواهب
تعد البيئة المدرسية الغنية بمصادر التعلم وفرص اكتشاف ما لدى الطلبة من استعدادات واهتمامات بمثابة البيئة التحتية لبرامج المدرسة التي تهدف إلى الإبداع والتفكير.
خامسا:أساليب التقييم
إن إدخال أساليب جديدة لتقييم مستوى تقدم الطلبة وإنجازاتهم مثل تقييم المحكمين وتقييم الرفاق والتقييم الذاتي والبطاقة التراكمية وغيرها سوف تنمي من الإبداع في المجال المدرسي.
وأخيرا أطرح عليكم السؤال التالي: ( في رأيكم ماهو دورالأخصائي الإجتماعي في تنمية الإبداع بالمدرسة ؟
[الأنترنت – موقع الإبداع - المرجع : نصر هرمز:الشخصية المبدعة، دار عالم الثقافة للنشر والتوزيع]
*نقصد بالإبداع "العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكون مفيدة ومقبولة اجتماعياً عند التنفيذ"
إذاً الإبداع هو إنتاج أفكار جديدة خارجة عن
المألوف، على شرط أن تكون أفكار مفيدة، وقد يكون الإبداع في مجال يجلب الدمار والضرر وهذا لا يسمى إبداع بل تخريب، فلو قلنا أن موظف ابتكر طريقة جديدة لتخفيض التكاليف أو لتعزيز الإنتاج أو لمنتج جديد، فتعتبر هذه الفكرة من الإبداع.
من هو المبدع؟
يظن بعض الناس أن الإنسان المبدع ولد هكذا مبدعاً، وهو مفهوم غير صحيح، وللاختصار أقول كل شخص يستطيع أن يبدع ويبتكر إلا من يأبى!
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان : *صفات المبدعين :
هذه بعض صفات المبدعين،التي يمكن أن تتعود عليها وتغرسها في نفسك، وحاول أن تعود الآخرين عليها أيضاً:
- يبحثون عن الطرق والحلول البديلة ولا يكتفون بحل أو طريقة واحدة.
- لديهم تصميم وإرادة قوية.
- لديهم أهداف واضحة يريدون الوصول إليها.
- يتجاهلون تعليقات الآخرين السلبية.
- لا يخشون الفشل ( أديسون جرب 1800 تجربة قبل أن يخترع المصباح الكهربائي)
- لا يحبون الروتين.- يبادرون. - إيجابيون ومتفاؤلون.
* معوقات الإبداع :-
معوقات الإبداع كثيرة، منها ما يكون من الإنسان نفسه ومنها وما يكون من قبل الآخرين، عليك أن تعي هذه المعوقات وتتجنبها بقدر الإمكان، لأنها تقتل الإبداع وتفتك به.
- الشعور بالنقص ويتمثل ذلك في أقوال بعض الناس: أنا ضعيف، أنا غير مبدع ... إلخ.
- عدم الثقة بالنفس. - عدم التعلم والاستمرار في زيادة المحصول العلمي. - الخوف من تعليقات الآخرين السلبية. - الخوف على الرزق. - الخوف والخجل من الرؤساء. - الخوف من الفشل. - الرضى بالواقع. - الجمود على الخطط والقوانين والإجراءات. - التشاؤم. - الاعتماد على الآخرين والتبعية لهم.
[المرجع : الابداع : مفهومه، معاييره، نظرياته، قياسه، تدريبه، مراحل العملية الإبداعية ، جروان، فتحي عبد الرحمن. دار الفكر ، 2009م . ، التفكير الابتكاري و الابداعي طريقك الى التميز و النجاح، أبو النصر،مدحت محمد.المجموعة العربية ، 2007م .]
*طرق عامة لتنمية التفكير الابداعي للطلاب بداخل الصف :-
1- طريقة حصر الخصائص: تبدأ بتعداد وحصر الحقائق الأساسية للموضوع ، أو الفكرة ، أو الموقف ثم يقوم المتعلم بتغيير كل خاصية دون تدخل من المعلم ، في تحديد التعييرات المقترحة بأية وسيلة ،وتركز هذه الطريقة على إنتاج الفكر مما يجعل أي فكرة تبدو مقبولة حتى وإم كانت غيرواقعية ولابد من مراعاة عدم ممارسة النقد أو التقويم إلا بعد انتهاء التلميذ من طرح جميع أفكاره ثم ننتقل معه إلى التقويم حسب المواصفات ونواحي النقص والحاجات أوالمطالب وقد أوضحها كروافورد بما يلي: ( هي عملية تحديد الخصائص الاساسية للناتج أوالشيء ثم تعديل كل خاصية باكثر من طريقة حتى يتم اختيار أفضل التعديلات المقترحة تمهيداً لوضعها موضع التنفيذ) .
2- طريقة العلاقة القسرية: وتقوم على انتاج الفكرالجديدة عن طريق افتعال علاقة بين شيئين أو موقفين أو فكرتين أو أكثر شريطة أن لا توجد بينهما علاقة في الأصل.
3- طريقة القوائم: وتقوم على طرح مجوعة من الاسئلة التي تشمل على عدد من المعلومات على أن يكون كل سؤال من هذه الاسئلة قابلاً للتعديل ، أو التغيير في نوع معين في موضوع أو شيء أو فكرة وتتضمن القوائم عدةعناصر مثل:
أ ـ وضع استخدامات جديدة للشيء الواحد.
ب ـ استخدام وسائل جديدة للقيام بنفس الطريقة.
ج ـ ادخال تعديلات جديدة على الشيء كتغيير المعنى واللون والحركة والرائحة والشكل.
وقد يحصل الاحتفاظ بخصائص الشيء أو مكوناته مع تكبيرها مثل زيادة الوقت أو التكرار او القوة أو القيمة أو السمك وتصغير بعض خصائص الشيء أومكوناته مثل تقصيرات الوقت أو الاقلال من القوة أو القيمة أو السمك أو استبدال بعض العناصر أو الخصائص أو المكونات مثل استبدال العمليات أو الوظائف أو الايقاع أومصدر القوة ...الخ
كما يمكن اعادة التنظيم والمكونات مثل تغيير الترتيب أو تغيير الجداول أو الايقاع أو وضع السبب محل النتيجة أو العكس.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة المائة في موضوع(البديع )
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: *طرق عامة لتنمية التفكير الابداعي للطلاب بداخل الصف :
4ـ طريقة التحليل الموروفولوجي: وتشمل طريقة الحصر والقوائم وتبدأ بتحليل المشكلة إلى أبعادها الأساسية ، وتحديد الفئات المختلفة التي تنتمي إليها هذه الابعاد ، ثم يقوم المتعلم بربط هذه الفئات بطرق محتملة مؤلفاً مصفوفات ذات العلاقة متداخلة تمكنه من الحصول على عدة طرق محتملة للانتقال من الممكن ثم إلى المفيد ، ويوضح فرينززوكي هذه الطريقة بقوله إنها تقوم على "أساس تقسيم المشكلة إلى متغيراتها المستقلة ، ثم تقسيم تلك المتغيرات إلى أقسامها الفرعية أو الصور المختلفة التي نتخذها في المواقف المتعددة
وللتوضيح نعرض المثال التالي(رسم مربع أو مستطيل وعلى طوله يوضع المتغير الأول وعلى عرضه يوضع المتغير الثاني ثم نرسم خطوطاً تقابل الأقسام الفرعية لكل متغير. فعندها تتكون مربعات أو مستطيلات داخلية وتلك المربعات أو المستطيلات الداخلية يمكن تصورها على أنها حلول مقترحة للمشكلة المعروضة ، فلو أردنا مثلاً ابتكار عبوة جديدة للالبان فإنه يمكن عمل مربع وتوضع على طوله الاشكال المختلفة للإناء وتوضع على عرضه المواد التي يصنع منها الاناء ( العبوة ) بأنواعها المختلفة : ( بلاستيك ، سولفان ، كرتون ..الخ) وهنا ترسم خطوط داخلية وتكون عندها تلك المربعات الداخلية عبارة عن صور متعددة للأواني المحتمل صناعتها أو ابتكارها .
هذا ويمكن أن يكون للمشكلة ثلاث متغيرات مما يستتبع مع ذلك رسماً لمكعب بدلاًمن مربع أو مستطيل
5- طريقة العصف الذهني: وتستخدم للتدريب الجماعي والفردي وهيمن أبرز الطرق الشائعة في تنمية الإبداع وفيها يطلب من المتدربين أن يكتبوا أو يطرحوا أية فكرة قد ترد إلى أذهانهم دون التقيد بشيء على الاطلاق ودون التقيد بأي ةشروط ، وقد ثبتت فاعلية هذه الطريقة في توليد الافكار ، ولقد وضع اسبورن هذه القاعدة بناء على راي المدرسة الترابطية والتي ترى أن الفكر يكون مرتبة بشكل هرمي وأن أكثر القرارات احتمالاً للظهور هي الفكر العادية الشائعةالمألوفة ، وبالتالي فللتواصل إلى الفكر غير العادية الجديدة والأصلية يجب أن تزدادكمية الفكر
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان: قواعد للإبداع :
أما القواعد التي وضعها أسبورن فهي:
1ـ لاتنقد الفكر مباشرة بمجردظهورها بل تؤجل إلى وقت لاحق.
2ـ تخرج كل مالدى الفرد من فكر مهما كانت غريبة أوشادة فكلما زادت غرابتها زادت أصالتها.
3ـ تخرج كل الفكر وباكبر عدد ممكن إذاكلما زادت كمية الفكر زاد احتمال اصالتها.
4ـ تطوير الفكر أو الربط بينها بطرق مختلفة إذ يساعد ذلك على الوصول إلى فكر أخرى جديدة.
5ـ طريقة تآلف الأشتات: تشبة طريقة العصف الذهني من حيث استخدامها في التدريب الفردي والجماعيإلا أن استخدام هذه الطريقة يشترط عدم معرفة أحد أعضاء الجماعة بطبيعة المشكلة موضوع المنافسة إلا المدرب ( القائد) أو الموجه.
كما أن هذه الطريقة ترمي إلى تجنب التمركز حول الذات وبخاصة أن البعض يعتقد أن فكرة تمثل أفضل الحلول مما يؤدي إلى التوقف عن انتاج الفكر.
إن طريقة تآلف الاشتات التي اسسها برنس وجوردن تتبع خطوات لعلاج أي مشكلة أو تنمية التفكير الابداعي وهي ضع المشكلة ـ حلل ـ سر ـ ناقش ـ أذكر الفكره التي تخطر على البال ـ ثم اختر إحدى المشكلات ـ ثم أعد صياغة المشكلةـ واطرح أسئلة ـ اختر أمثلة ـ اربط بين العناصر المتباعدة بعلاقات جديدة خيالية تأملية ـ استخدم نتائج الخطوة السابقة ـ ثم أفحصها جيداً للوصول إلى الحل ـ وأخيرا إذا لم يتم التوصل إلى حل جديد تعاد الخطوات السابقة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان:
*مبادئ تورانس لتنميةمهارات التفكير الابداعي:
1ـ اهتم بالتفكير الابداعي وارفع من قيمته وشجع على الافكار الجديدة وتنمية المواهب الابداعية.
2ـ نمِ حساسية الطلاب للمثيرات البيئية.
3ـ شجع على تناول الاشياء ومعالجة الفكر.
4ـ درب الطلاب على كيفية اختيار كل فكرة بشكل منظم ـ وبفضل البدء من وقت مبكر ـ عليك توضيح كيف يجدد الطلاب المشكلة وكيف يوصلون اختيار وتمحيص كل فكرة كما يمكن استخدام طريقة الاكتشاف كمرشد لهذا العمل.
5ـ نمِ القدرة على التسامح مع الفكر الجديدة ويتط لبذلك السماحة والحلم مع الشخصيات المبتكرة التي قد تزعج أحياناً.
6ـ احذرأن تفرض على الطلاب أنماطاً محددة
7ـ درب الطالب على أن يحترم تفكيره الابداعي وشجعه على أن يعبر عن فكره ،وأن يسجلها في الكراسة.
8ـ زود الطلاب بالمعلومات الابداعية ، وذلك بتعريفهم بطرق الاكتشاف الذاتي والتي هي عبارة عن استراتيجيات لحل المشكلات وضعها عالم الرياضيات Polya وهي : فهم المشكلة ـ وضع المشكلة ـ تنفيذ الخطة ـ اقتراح الحل وفحصه.
9ـ خفف من إحساس الطلاب من الرهبة أمام الروائع الفنية والأدبية والعلمية وعرفهم بالصعوبات التي واجهها المشاهير.
10 ـ شجع التعلم القائم على المبادأة ، ويجب عليك
تقويمه مع تجنب أن يكون المنهج الذي يتعلمه مبالغاً في بنيته.
11ـ ضع لطلابك اسئلة تثيرالمناقشة والجدل.
12ـ ضع لطلابك مشكلات تتحدى قدراتهم.
13ـ وفر للطلاب فترات نشاط ، وفترات راحة وهدوء ، وتذكر تأ ثير عملية التهيؤ الذهني.
14ـ وفر المصادرللطلاب ليتواصلوا من خلالها إلى الفكر والحلول.
15ـ شجع عادة استخلاص المضامين الكاملة للفكر.
16ـ نمِ لدى الطلاب القدرة على النقد البناء.
17ـ شجعهم على أن يكتسبوا المعارف من ميادين
مختلفة ومتنوعة.
18ـ نمِ في نفسك روح المغامرة وذلك بممارسة جميع هذه الافكار بنفسك ولنفسك.
[ المرجع: دليل سلم الابداع ، منتديات ، الوزير التعليمية . ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان:
* طرق وأساليب لتصبح أكثر إبداعاً :-
- مارس رياضة المشي في الصباح الباكر وتأمل الطبيعة من حولك.
- خصص خمس دقائق للتخيل صباح ومساء كل يوم.
- ناقش شخصاً آخر حول فكرة تستحسنها قبل أن تجربها.
- تخيل نفسك رئيس لمجلس إدارة لمدة يوم واحد.
- استخدم الرسومات والأشكال التوضيحية بدل الكتابة في عرض المعلومات.
- قبل أن تقرر أي شيء، قم بإعداد الخيارات المتاحة.
- جرب واختبر الأشياء وشجع على التجربة.
- تبادل عملك مع زميل آخر ليوم واحد فقط.
- ارسم صوراً وأشكالاً فكاهية أثناء التفكير.
- فكر بحل مكلف لمشكلة ما ثم حاول تحديد إيجابيات ذلك الحل.
- قدم أفكاراً واطرح حلولاً بعيدة المنال.
- تعلم رياضة جديدة حتى إن لم تمارسها.
- اشترك في مجلة في غير تخصصك ولم يسبق لك قراءتها.
- غير طريقك من وإلى العمل.
- قم بعمل السكرتير بنفسك، وأعطه إجازة إجبارية!
- قم بترتيب غرفتك، وغسل ملابسك وكيها لوحدك.
- غير من ترتيب الأثاث في مكتبك أو غرفتك.
- احلم وتصور النجاح دائماً.
- قم بخطوات صغيرة في كل عمل، ولا تكتفي بالكلام والأماني.
- أكثر من السؤال.
- قل لا أعرف.
- إذا كنت لا تعمل شيء، ففكر بعمل شيء إبداعي تملء به وقت فراغك.
- ألعب لعبة ماذا لو ..؟
- انتبه إلى الأفكار الصغيرة.
- غيّر ما تعودت عليه.
- احرص أن يكون في أي عمل تعمله شيء من الإبداع.
- تعلم والعب ألعاب الذكاء والتفكير.
- -اقرأ قصص ومواقف عن الإبداع والمبدعين.
- خصص دفتر لكتابة الأفكار ودون فيه الأفكار الإبداعية مهما كانت هذه الأفكار صغيرة.
- افترض أن كل شيء ممكن.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان:*طرق توليد الأفكار:
وصلنا إلى التطبيق العملي، كيف نولد ونبتكر افكار وحلول جديدة، إليك هذه الطرق:
-- حدد هدفاً واضحاً لإبداعك وتفكيرك.
-- التفكير بالمقلوب، أي إقلب ما تراه في حياتك حتى تأتي بفكرة جديدة، مثال: الطلاب يذهبون إلى المدرسة، عندما تعكسه تقول: المدرسة تأتي إلى الطلاب، وهذا ما حدث من خلال الدراسة بالإنترنت والمراسلة وغيرها.
--الدمج، أي دمج عنصرين أو أكثر للحصول على إبداع جديد، مثال: سيارة + قارب = مركبة برمائية، وتم تطبيق هذه الفكرة!
--الحذف، احذف جزء أو خطوة واحدة من جهاز أو نظام إداري، فقد يكون هذا الجزء لا فائدة له.
الإبداع بالأحلام، تخيل أنك أصبحت مديراً لوزارة التعليم مثلاً، مالذي ستفعله؟ أو تخيل أننا نعيش تحت الماء، كيف ستكون حياتنا؟
-- المثيرات العشوائية، قم بزيارة محل للعب الأطفال، أو سافر لبلاد لم تزرها من قبل، أو امشي في مكان لم تراه من قبل، ولا تنسى أن تحمل معك دفتر ملاحظات وقلم لكي تسجل أي فكرة أو خاطرة تخطر على ذهنك.
-- الإبداع بالتنقل، أي تحويل ونقل فكرة تبدو غير
صحيحة أو معقولة إلى فكر جديدة ومعقولة.
زاوية نظر أخرى، انظر إلى المشكلة أو الإبداع أو المسألة من طرف ثاني أو ثالث، ولا تحصر رؤيتك بمجال نظرك فقط.
ماذا لو؟، قل لنفسك: ماذا لو حدث كذا وكذا .. ستكون النتيجة .....
كيف يمكن؟ استخدم هذا السؤال لإيجاد العديد من البدائل والإجابات.
استخدامات أخرى، هل تستطيع أن توجد 20
استخدام آخر للقلم غير الكتابة والرسم؟ جرب هذه
الطريقة وبالتأكيد ستحصل على أفكار مفيدة.
طور باستمرار، لا تتوقف عن التطوير والتعديل في أي شيء.
[المرجع : على الحمادي، سلسلة الإبداع ، علي الحمادي ، شرارة الإبداع]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان:
*هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التربية الإبداعية والابتكار
يتضح في الجولة مع توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في الإبداع والتربية الإبداعية،لكل ذي لُب،أنّ السبْق للإسلام ، في الهداية إلى فن "الإبداع والابتكار"، من حيث التأسيس والرعاية والتنمية،وبرهان ذلك، هذه الحضارة البديعة وبُناتُها منذ عهد الصحابة رضي الله عنهم وقد وضح من خلال هذه الدراسة ما يلي:
# إن هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيه من مقومات الإبداع مالا يوجد في غيره، وهو إذْ يسعى إلى التربية الإبداعية، يهدف إلى خلق الإبداع في أكمل صوره ومواصفاته، إنه الإبداع المؤسَّس على حقائق الإيمان، ثم هو ليس إبداعاً في المادة فحسب، وإنما في كل ما يحقق الخير والنفع للبشرية .
# إن هدى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الإبداع يتوجه إلى رعاية الإبداع رعاية مبكرة، باحتضانه له وتنميته، وصولاً إلى صياغة جيل يكون مهيئا لاستلام زمام القيادة، على درجة عالية من التربية الإبداعية.
# ونظرة فاحصة في هذا الهدي، تُظهر أن كل ما فيه يُنَمّي الإبداع ويُفرز المبدعين، إذا أُحسن فهمُه والالتزامُ به ظاهراً وباطناً .
# إن الإسلام بما فيه من كنوز العلم والمعرفة، دين منفتح على الثقافات والحضارات والعلوم، يواكب كل جديد ويسعى إلى إدماجه والإفادة منه مع الحفاظ على الثوابت.
# أصَّل هذا البحثُ لعلم "التربية الإبداعية" من خلال الرجوع إلى الهدي النبوي الذي يتلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي.
[الأنترنت- الموقع التربوي للأستاذ الدكتور خالد عمران ، موقع تربوي مهتم ومهموم بطرائق التدريس وتكنولوجيا المعلومات - جامعة القدس – فلسطين – الكاتب :الدكتور موسى البسيط ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان:*تربية العقل الإبداعي
عن مغيرة قال: قيل لابن عباس رضي الله عنهما: كيف أصبت هذا العلم؟ قال: «لساناً سؤولاً، وقلباً عقولاً»[ فضائل الصحابة للإمام أحمد بن حنبل 2/502.]
. وعن الحسن، قال: كان عمر رضي الله عنه إذا ذكر ابن عباس قال:"ذلك فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول»[ سير أعلام النبلاء 3/344.]
لم أستغرب هذا التطابق بين كلام عمر بن الخطاب عن عبد الله بن عباس وكلام ابن عباس عن نفسه، ذلك أن ابن عباس حسنة من حسنات الخليفة المحدَّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث اعتنى الخليفة الفاروق بابن عباس لعشر سنوات؛ هي مدة خلافته، أيما اعتناء، وكان ابن عباس حين تولى عمر الخلافة في الخامسة عشرة من عمره تقريباً. فلا غرابة بعد ذلك أنْ يتطابق القولان في الوصف، مما يدلُّ أيضاً على صدق هذا الوصف عليه، إذ لا يمكن الخطأ في مثل هذه الحال.
لم يكن ابن عباس رضي الله عنه عالماً فحسب، ولا مفسراً للقرآن فحسب، لقد كان ظاهرة علمية فريدة،
تعتني بتوليد الأسئلة وإيراد الاعتراضات وتشييد
الحجج والأدلة والغوص في المعاني والعلل. قال سعيد بن جبير: «كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم. وكان يسأله، فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله. فسألهم عن هذه السورة: {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١]، فقال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمده ويستغفره. فقال عمر: يا ابن عباس! تكلم.
فقال: أعلمه متى يموت، أي: فهي آيتك من الموت، فسبح بحمد ربك واستغفره»[سير أعلام النبلاء 3/343.]
وعن ابن عباس قال: «دعاني عمر مع الأكابر، ويقول
لي: لا تتكلم حتى يتكلموا، ثم يسألني، ثم يقبل عليهم، فيقول: ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه!»[ سير أعلام النبلاء 3/345.]
وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «ما رأيت أحداً أحضرَ فهماً، ولا ألبَّ لباً، ولا أكثرَ علماً، ولا أوسعَ حلماً من ابن عباس، لقد رأيتُ عمر يدعوه للمعضلات فيقول: قد جاءت معضلة، ثم لا يجاوز قوله؛ وإن حوله لأهل بدر»[ سير أعلام النبلاء 3/347.]
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولنعم
ترجمان القرآن ابن عباس. ولو أن هذا الغلام أدرك
ما أدركنا، ما تعلقنا معه بشيء»[سير أعلام النبلاء 3/347.]
هكذا كان ابن عباس بين أكابر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يملأ أسماعهم فصاحة وذكاء وأبصارهم توقداً وتوهجاً.
لا شكَّ أن توقد الذهن الذي تحلى به ابن عباس موهبة ربانية منحه الله تعالى إياها، فتوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء له، عن ابن عباس قال: «ضمني النبي إلى صدره، وقال: (اللهم علمه الحكمة)»[ أخرجه البخاري 3/33، كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما، ح3756. ]
غير أن ثمة سبباً آخر تلمسه من تقصي أخباره، تلكم التربية العُمَرية التي كانت تحفّز فيه ملكة الإبداع
والاستنباط، كما كانت تحفه بالأمان وتفرش له بساطاً من الحرية لتساعده على ذلك دون خوف أو قلق. لقد كان عمر بن الخطاب يلام ويعاتب على ذلك، فقال رداً على تلك الملامة والعتاب: «لا يلومني أحدٌ على حب ابن عباس»[ سير أعلام النبلاء 3/346. ]
وتقصي أخبار التربية العمرية لابن عباس لا تسعفه هذه المقالة
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان: *تنمية الاستنباط:
النبط في أصل لفظه هو الماء الذي يستخرج من البئر، قال ابن فارس: «النون والباء والطاء: كلمة تدل على استخراج شيء. واستنبطت الماء: استخرجته، والماء نفسه إذا استخرج نبط»[معجم مقاييس اللغة 5/381.] فالاستنباط استخراج شيء من شيء آخر قد لا يشبهه. ولذا فإن الاستنباط جزء من الإبداع، والعرب تطلق ذلك عليه، قال ابن فارس: «قولهم أبدعت الشيء قولاً أو فعلاً إذا ابتدأته لا عن سابق مثال. والله بديع السماوات والأرض، والعرب تقول: ابتدع فلان الركيَّ إذا استنبطه. وفلان بِدعٌ في هذا الأمر، قال الله تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف: ٩] أي: ما كنت أول»[ معجم مقاييس اللغة 1/210.]
فتأمل العلاقة بين الاستنباط والإبداع، والتي تمثل علاقة الجزء بالكل.
إنَّ أخبار ابن عباس تحمل شواهد على تشجيع الخليفة الفاروق له على الاستنباط، كما سبق ذكر ذلك في تأويل سورة النصر، حين رأى ابن عباس فيها نعيَ النبي صلى الله عليه وسلم، وعن إبراهيم التيمي قال: «خلا عمر بن الخطاب ذات يوم يحدث نفسه، فأرسل إلى ابن عباس، فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد، وكتابها واحد وقبلتها واحدة؟ فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين، إنا أنزل علينا القرآن، فقرأناه وعلمنا فيم أنزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرءون القرآن، ولا يعرفون فيم نزل، فيكون لكل قوم فيه رأي، فإذا كان لكل قوم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا، فزبره عمر وانتهره، فانصرف ابن عباس، ثم دعاه بعد فعرف الذي قال، ثم قال: إيه أعدْ علي»[سنن سعيد بن منصور1/176، كتاب فضائل القرآن، ح42 ]
وفي رواية أخرى لهذه القصة قال ابن عباس رضي الله عنه: «قدم على عمرَ رجلٌ، فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين، قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا. فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة. قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! فانطلقتُ إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فقلت: قد كنتُ نزلتُ من هذا بمنزلة، ولا أراني إلا قد سقطتُ من نفسه، فاضطجعت على فراشي، حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع، فبينا أنا على ذلك، قيل لي: أجب أمير المؤمنين. فخرجتُ، فإذا هو قائم على الباب ينتظرني، فأخذ بيدي، ثم خلا بي، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: يا أمير المؤمنين، إنْ كنت أسأتُ، فإني أستغفر الله وأتوب إليه، وأنزلُ حيث أحببت. قال: لتخبرني. قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقُّوا، ومتى ما يحتقُّوا يختصموا، ومتى ما اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا. قال: لله أبوك! لقد كنتُ أكتمها الناس حتى جئتَ بها»[ سير أعلام النبلاء 3/348.]
وعن يعقوب بن زيد، قال: «كان عمر يستشير ابنَ عباس في الأمر إذا أهمه، ويقول: غص غواص» [ سير أعلام النبلاء 3/346.]
إننا أحوج ما نكون إلى تنمية الاستنباط وتربيته والتشجيع عليه وتهذيبه؛ إذ نحن نهدف إلى تربية العقل الإبداعي، فإن العقل الإبداعي لا يمل من الاستنباط واستخراج الأحكام وإعمال الدلائل والغوص في المسائل، وهذا ما نريده بالتحديد في تربيتنا للناشئة في حلقات القرآن ومجالس العلم والذكر وصفوف الدراسة: أن يتعودوا هذه المهارات، وكما قال ابن القيم رحمه الله: «كثرة المزاولات تعطي الملكات، فتبقى للنفس هيئة راسخة وملكة ثابتة»
[ مفتاح دار السعادة 2/251.]
أيْ إنَّ ممارسة هذه المهارات ستؤدي إلى تحويلها إلى ملكة ثابتة في النفس وعادة لا تنفك عنها. وهذا ما نعنيه بقولنا عقل إبداعي، والذي يختلف عن مجرد التفكير الإبداعي، إذ تهدف التربية الإسلامية إلى أنْ يصبح العقل قادراً على استيعاب المستجدات، واحتواء الآفاق، ورؤية المستقبل، وتقليب المضامين، وإثارة الأسئلة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان: الأسئلة مفاتيح الإبداع:
نحن أمام صنفين من التلاميذ: تلميذ يستوعب ما نعلِّمه ويمضي، فإن لم يستوعبه فإننا سنعيد تعليمه بشكلٍ أو بآخر. وتلميذ يستوعب ما نعلِّمه ثم لا يمضي، بل يستوقفنا كأنه شخصٌ أُغلِق عليه فهمه، فهو يسألُ ثم يسألُ ثم يسأل! إنه تلميذ تتفجر لديه الأسئلة تباعاً، وتتولد عنده الإيرادات والاعتراضات، ويسلك بنا دروباً وعرة ومتشعبة، وتشعر بأنه في حيرة وقلق حتى تُشبع لديه تلك الأسئلة بالإجابات المناسبة. ولكنه في نهاية المطاف لم يستوعب ما نعلمه فحسب، بل هو قد استوعب مفاهيم كل شيء له علاقة بالمسألة التي علمناه إياها. إننا أمام مشروع «تلميذ سؤول» يذكرنا بحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه صاحب اللسان السؤول والقلب العقول، إذ قال: «إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي»[ سير أعلام النبلاء 3/344.]
وقال رضي الله عنه: «لما توفي رسول الله قلت لرجل من الأنصار: هلمَّ نسأل أصحاب رسول الله فإنهم اليوم كثير. فقال: واعجباً لك يا ابن عباس! أترى الناس يحتاجون إليك؛ وفي الناس من أصحاب النبي من ترى؟ فتركَ ذلك، وأقبلتُ على المسألة، فإنْ كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتيه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح عليَّ التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله! ألا أرسلتَ إلي فآتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك. قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي، فقال: هذا الفتى أعقل مني»[ سير أعلام النبلاء 3/342.]
إن قيمة المعارف ليست بفهمها وحفظها فقط، بل بما تثيره في الوجدان والعقل من أسئلة تثوّر المفاهيم وتلتقط خيوط الإبداع، قال الزهري: «العلم خزائن ومفاتيحها السؤال»[جامع بيان العلم وفضله 1/379.]
ولذا فإن من واجبات المحاضن التربوية أنْ تعتني بتربية الناشئة على مفاتيح الإبداع الحقيقية، من خلال تشجيعها وتنميتها والترحيب بها.
لقد كان الفاروق رضي الله عنه هكذا مع النبي صلى
الله عليه وسلم، كما دلت على ذلك العديد من أخباره، كقصته في الحديبية، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤنب على شيء مما يورده عمر رضي الله عنه، وكان بابه مشرعاً لكل الأسئلة والإيرادات، ويجيب عنها جميعاً بما يناسب الحال.
لقد كانت التربية القرآنية تحث على هذا اللون من التربية أيضاً، كما أخبرنا الله عن سؤال إبراهيم الكبير، إذ قال: ربِ أرني كيف تحيي الموتى!
ينبغي أنْ يسود في المحاضن التربوية اعتقادٌ بأنَّ الأسئلة ليست مشكلة، وإنما هي مظهر صحي، يؤشر على النباهة، وينبئ عن عقل إبداعي قادم.
الإبداع والمحاضن التربوية:
لعلي لا أكون مبالغاً إذا قلت إنَّ اهتمام المحاضن التربوية اليوم بتربية العقل الإبداعي ضرورة، فنحن في زمن المتغيرات المتسارعة والانفجار المعرفي والتقني الذي يصنع واقعاً جديداً بكافة مكوناته، من معارف وعلاقات وبيئات ومسالك.
إننا إذ نهتم بتربية العقل الإبداعي فإننا نعدُّ الناشئة ليكونوا أقوياء في عالمهم الجديد، قادرين على قيادته، مؤثرين فيه، متخطين لعقباته، صانعي الحلول لكل مشكلاته، إننا بذلك ننتشلهم أن يكونوا غداً أسارى تحت سيطرة المبدعين في شتى أصقاع الأرض ومن مختلف الديانات والتوجهات، يرسفون في أغلال التأخر والتقليد.
ثم إنَّ تربية العقل الإبداعي ستواجه مشكلة الجمود التربوي والدعوي، بسيل من الحلول المشروعة والجذابة، والتي ستحدث تغييراً إيجابياً في واقع العمل التربوي والدعوي، حيث سيتحول الإبداع من مبادرات متناثرة إلى ثقافة سائدة.
وأول خطوة في تربية العقل الإبداعي أنْ يرى التلميذ فنون الإبداع تتجلى في شخصية معلمه، فهو يتعلمها بالممارسة والمعايشة أولاً وآخراً.
كما أنَّ على الإدارة التربوية أنْ تضع المضمون المناسب لتربية الإبداع في نفوس التلاميذ على اختلاف أعمارهم، إذ لا يكفي في ذلك أنْ تقام بضع دورات في مهارات التفكير الإبداعي، برغم أهميتها، وإنما تصمم لها البرامج المناسبة وترسم لأجلها السياسات الملائمة القادرة على تحقيق هذا الهدف التربوي.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان: *الإبداع وداء الإلف:
في الصفحات الأولى من كتاب الله تنبهنا الآيات الكريمة إلى خطورة الإلف والعادة على انغلاق العقل وجمود التفكير، فلا يقبل الانعتاق ولو كان حقاً، يقول الله تعالى: {وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170]، قال الطبري رحمه الله: «استكبروا عن الإذعان للحقّ، وقالوا: بل نأتمُّ بآبائنا، فنتَّبع ما وجدناهم عليه، من تحليل ما كانوا يُحلُّون، وتحريم ما كانوا يحرّمون»[ تفسير الطبري 3/43.]
من آفات الإلف أنه يضيق الأفق ويقصر النظر ويجمد التفكير، إنه يأسر العقل للماضي ويسوغ له هذا الأسر، ويشوه مفهوم الثبات المتعلق بالمنهج ليجعله مستوعباً للوسائل والأدوات والتقنيات، وإن تربية العقل الإبداعي كفيلة بأن تدفع هذا الداء.
يقوم العقل الإبداعي بإثارة الأسئلة حول المألوفات، ثم هو يقيّمها وينقدها؛ إذ يلزم التفكير الإبداعي أن يسبقه تفكيرٌ ناقد، ثم هو يصنع من تلك المألوفات أشياء غير مألوفة، وهذا هو جوهر الإبداع، ولعلك بهذا تتيقن أنَّ داء الإلف والعادة لا يجتمع والعقل الإبداعي، إذ هما يتناقضان، وعليه فإنَّ على المحاضن التربوية إذا عزمت على تربية العقل الإبداعي - الذي يستنبط ويكثر الأسئلة - أنْ تتنبه لخطورة هذا الداء، فإنَّ التلاميذ إذا عايشوا محضناً خاضعاً لسيطرته فلن تفلح كل وسائل التربية في تكوين ملكة الإبداع، حيث التأثير الأعمق سيكون للمفاهيم التربوية التي تُغرس عن طريق المعايشة. لم يكن ابن عباس رضي الله عنه يجد التشجيع من الخليفة الفاروق فحسب، بل كان يرى الإبداع والاستنباط والاستشراف والخيال منه واقعاً في حياته الإدارية والفكرية، والشواهد على ذلك كثيرة، فعمر رضي الله عنه هو صاحب فكرة جمع القرآن، وهو من دوّن الدواوين وأنشأ «الوزارات» وأسس المدن الإسلامية ذات البعد الثقافي والاجتماعي الخاصين، وله رضي الله عنه نظرات إبداعية في تفاصيل شؤونه الإدارية والفكرية؛ ليس هذا موطن تفصيلها. لا شك أنَّ ذلك سيلقي بظلاله على التربية العقلية لابن عباس وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
[الأنترنت – موقع مجلة البيان - قضايا تربوية - تربية العقل الإبداعي - فايز بن سعيد الزهراني ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة العاشرة بعد المائة في موضوع(البديع )
والتي هي بعنوان: *العوامل المؤثرة في تألق الإبداع
يكاد يكون تعريف الإبداع موحداً عند معظم الباحثين في مجال التربية على مر الأزمان, فهو مزيج من القّدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا وجدت مناسبة يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية لتؤدي إلى نتاجات أصيلة ومفيدة.
يرى تورانس (Torrance) أن "الإبداع عملية تحسس للمشكلات والوعي بمواطن الضعف والثغرات وعدم الانسجام والنقص في المعلومات والبحث عن حلول والتنبؤ بها، وصياغة فرضيات جديدة، واختبار الفرضيات وإعادة صياغتها أو تعديلها من أجل التوصل إلى حلول أو ارتباطات
جديدة باستخدام المعطيات المتوافرة ونقل النتائج للآخرين".
وكما للأشياء من حولنا مقامات فإن للإبداع أيضا مقامه الخاص لدى الباحثين مثل ستيرنبرغ ولو بارت, فلقد خرج كلا من الباحثين (Sternberg&Lubart,1991,1995) بنظرية الإبداع الاستثمارية للأفكار,حيث تشرح الإبداع بصورة اقتصادية وتعتمد على مدى رغبة الأشخاص المبدعين وقدرتهم على الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر عالي بهدف الربح، ولتحقيق هذه الربحية على المبدع أن ينهل من ست موارد هامة وهي:
القدرات التأملية، والمعرفة، وطريقة التفكير، والشخصية، والتحفيز، والبيئة والتي تعتبر من مقومات الفكر الاقتصادي.
قال الحائز على جائزة نوبل في الأدب (وينستون تشرشل), رئيس وزراء بريطانيا لعدة مرات : "مما لاشك فيه أن القيم العظيمة تنطلق من عائلة عظيمة،بل إن أعظم الصفات الإنسانية التي اّبتكرت, استمدت قوتها وثباتها من المنزل" ليصبح المنزل بما فيه العائلة من العوامل المؤثرة في تألق الإبداع, لما تقدمه الأسرة لأطفالها من التنشئة المستمدة من أسس وثوابت قوية, وضمن مناخ تحفيزي يعتمد على التفكير والتشجيع والثقة والقدرة على اتخاذ القرار وتقبل الأفكار، وهذا يعتمد بشكل مباشر على ثقافة الوالدين والظروف العامة للأسرة، وفيما يلي بعض الإرشادات التي تعزز البيئة الأسرية الداعمة للإبداع: تشجيع الفروق الفردية في الميول والقدرات لدى الأطفال والعمل على تدعيمها.
#التعرف على مجالات الإبداع لدى الطفل، وتدعيم اتجاهات إيجابية لديهم نحو مزيد من الإبداع.
#تجنب النقد والسخرية لأوجه القصور، لأن ذلك يؤثر سلباً على التفكير الإبداعي.
#تشجيع الأطفال على اتخاذ القرارات المستقلة, و تدريبهم على حرية الاختيار.
#الابتعاد عن القسوة واستخدام أساليب الضغط والتهديد والتوبيخ والعقاب البدني.
#عدم التفرقة في المعاملة بين الأبناء.
إن التحاق الطفل المبدع بالمدرسة لا يعني انتهاء دور الأسرة, فالأدوار متكاملة ومهمة, فالمدرسة هنا تتولى ما أنجزه الوالدين من أسس التنشئة والتربية وتضيف لانجاز الوالدين موضوع التعليم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد المائة في موضوع(البديع
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*العوامل المؤثرة في تألق الإبداع
والتعليم المتميز لا بد أن يوفر برامج تتضمن المعلومات
الأساسية والنشاطات الاستكشافية والمهارات التي تؤدي إلى أن يحقق المتعلم مستوى متقدم من الإنتاج الإبداعي. ومن أجل الوصول إلى نتائج مثمرة في تطوير تفكير الطفل المبدع داخل المدرسة، على المعلم أن يعمل بجد لخلق جو تفاعلي داخل الصفوف بين الطلبة و تقديم البرامج التربوية المحفزة للتفكير، فالمعلم أهم حلقة في عملية التربية ، ولديه دوراً مهماً في تطوير الإبداع لدى الطلبة وذلك من خلال الإجراءات التالية: 1-تدريب الطلبة على انجاز الأعمال التي تدعم اعتماد الطلبة على أنفسهم.
2-تحفيز دافعيتهم وتنمية مهارات التفكير لدى المتعلمين.
3-تشجيع وتنمية القدرات الإبداعية.
4-تقديم الأنشطة التي تثير خيال الطالب.
5-تدريب الطالب وتشجيعه على البحث والتعمق في المعلومة.
إن جميع الإجراءات السابقة وحدها لا تكفي في تحفيز
ودعم التفكير الإبداعي لدى طلبة المدارس، إلا إذا تم تهيئة الظروف التعليمية المناسبة، حيث تعد البيئة المحيطة عنصرا أساسيا وضروريا لظهور القدرات الإبداعية لدى الأفراد, لذا على المدرسة التي تنشد الإبداع أن تراعي ما يلي:
1-توفير أنشطة تنمي قدرات المتعلم على تحمل التعقيد والغموض.
2-الاهتمام بمراعاة الفروق الفردية لدى الطلبة, 3-الاهتمام بأنماط التعلم لدى المتعلم، وضرورة تنويع النشاطات باختلاف تنوع القدرات.
3-تشجيع الطلبة على التعبير الحر عن الأفكار الجديدة وغير المألوفة وتعزيزها.
4-تعزيز روح التعاون بين الطلبة على استخدام أدوات حل المشكلات الإبداعية بهدف تنمية المهارات والقدرات الإبداعية لديهم.
5-مراعاة المرونة بالأنظمة والقوانين المحددة والتي تعيق الإبداع.
واستكمالاً لدور المدرسة في تنمية الإبداع, يقع على عاتق المعلم الإلمام بثلاث عناصر هامة تسهم مع بعضها البعض في عملية الإبداع وهي:
نواحي الإدراك، والشخصية, والظروف البيئية. وعلى الرغم من تفاوت نظرة المعلمين اتجاه العناصر الثلاث, إلا أنهم يلعبون دوراً هاماً في تطوير عملية الإبداع من خلال الاهتمام بهذه العوامل.
ينتقل المبدع من الأسرة ثم المدرسة وأخيراً إلى المجتمع لتكتمل السلسلة التي تتسع حلقاتها في كل مرحلة، وكل مرحلة هي قاعد أساسية للمرحلة التالية. ولا تقل أهمية المجتمع عن الأسرة والمعلم والمدرسة، حيث يعد المجتمع حجر الزاوية الذي تتفاعل داخله عناصر مختلفة منها : الثقافية ، والاقتصادية ، والدينية ،والسياسية ، والتعليمية وغيرها.
ويشكل المجتمع المحيط الداعم لعملية الإبداع والابتكار وذلك بتوفر بعض العوامل المساعدة مثل:
رعاية المبدعين، وتقبل التجديد والتغيير، وتشجيع الأفراد على البحث والاكتشاف، وتطوير آليات للتنسيق بين سوق العمل والمدارس والجامعات، بالإضافة إلى توفير الدعم المادي والمعنوي للمبدعين.
ومثلما توجد عوامل مؤثرة في تألق الإبداع، توجد بالمقابل معيقات للإبداع يمكن أن تسبب إحباط للمبدع, ومن أهمها:
معيقات بيئية، ومعيقات بصرية وإدراكية، ومعيقات تعبيرية، ومعيقات فكرية، ومعيقات انفعالية.
خلاصة الموضوع تكمن في حاجة الإنسان المبدع إلى رعاية خاصة تبدأ من البيت ثم المدرسة و المجتمع, وكل جهة مسئولة عن تنمية جزئية هامة في شخصية الإنسان المبدع. [ الأنترنت – موقع مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع - الكاتب: فريق تحرير البوابة ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المائة في موضوع(البديع
والتي هي بعنوان: *رأي في طريق الإبداع
مقدمة : لقي مجال الإبداع في العقود الأربعة الأخيرة اهتماماً كبيراً من العلماء والباحثين في ميدان التربية وعلم النفس، حيث تناولت بحوث ودراسات عديدة طبيعة الإبداع ونموه والعوامل المختلفة التي تتدخل في تكوينه. والهدف الرئيسي الذي يبطّن هذه البحوث هو الوقوف على أسباب وكيفية اختلاف بعض الأفراد من حيث طرق تفكيرهم، وأساليب تنظيم ادراكاتهم وتخطيطها وتنفيذها. فقد أدرك الباحثون ضرورة التحرر من القيود التي تفرضها الأهمية المنسوبة للذكاء واختباراته؛ لأن هذه الاختبارات مشبعة بعوامل معرفية معينة، كالقدرة اللفظية والعددية والمكانية، والقدرة على الاستدلال وإدراك العلاقات، في حين تهمل قدرات عقلية أخرى كالأصالة والطلاقة الفكرية والإبداع والمرونة التلقائية والحساسية للمشكلات، وهي قدرات أثبتت بحوث عديدة وجودها وارتباطها بالناتج التحصيلي والإبداعي، وبعض سمات الشخصية عند الأطفال والمراهقين والراشدين..
فمن هو صاحب الشخصية الإبداعية؟ "Creativity"؟ على الرغم من اعتراف العلماء والباحثين بأن الإبداع هو نوع من أنواع النشاط العقلي للفرد، إلا أنهم اختلفوا في طرق معالجته وتحديده.
فمنهم من تناول الإبداع كعملية "As Process" ذات مراحل متعددة تبدأ عموماً بالإحساس بالمشكلة وتنتهي بإشراق الحل.
ومنهم من حدد الإبداع بالناتج الإبداعي الذي يتصف
بالجدة والندرة وعدم الشيوع والقيمة الاجتماعية. وهناك عدد من العلماء الذين تناولوا الإبداع من خلال العوامل المعرفية وغير المعرفية التي تتدخل في تكوينه (نشواتي، 1996، ص135).
وربما كان الاتجاه الأخير من أهم الاتجاهات التي تناولت مفهوم الشخصية الإبداعية؛ لأن أصحاب هذا الاتجاه قد حددوا عدداً من القدرات العقلية التي تتدخل في تكوين الفرد ذي الشخصية الإبداعية، وعدداً من السمات غير العقلية المرتبطة بهذه القدرات، بحيث يمكن التعرف على الأفراد ذوي القدرة على التفكير الإبداعي سواء حققوا ناتجاً إبتكارياً أم لا، الأمر الذي يساعد المعلمين على اكتشاف المتعلمين ذوي الطاقات الإبداعية، فيعمل على رعايتها وتطويرها. إن الأمم المتقدمة تبحث اليوم عن المبتكرين في كل مجال من مجالات المعرفة؛ بل تعمل على أن توجههم وتسهل سبل العمل والإبداع وتعطيهم من اهتمامها وتشجيعها ما يسمح لهم بالانطلاق في آفاق الاختراع والاكتشاف والتقدم. بذلك يجب على الدول العربية بذل قصارى جهدهم واهتماماتهم للعناية بهذا الجانب والعمل على تنميته لدى أبنائهم الطلاب والطالبات حيث أن التعرف على قدرات التفكير الإبداعي من المشكلات الأساسية التي تواجه المسئولين عن العملية التربوية وتطويرها، وأن طرق قياس الإبداع كما يشير شيز 1978 Chase تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث نظراً لتعددها وتباينها وأن مشكلة قياس الإبداع عند الأطفال هي أحد أهم المشكلات في بحوث الإبداع. وبدأ الاهتمام العلمي بدراسة الإبداع في النصف الثاني من القرن العشرين وبشكل ملحوظ بين جميع الأمم المتقدمة أو التي تسير نحو التقدم بخطى سريعة أو بطيئة، وقد حظي هذا الموضوع بالاهتمام في أمريكا وأوربا واليابان. وبدأ الاهتمام بدراسة التفكير الإبداعي والمبتكرين منذ أن أعلن جليفورد 1950 Gilford في خطابه أمام جمعية علم النفس الأمريكية الذي قدم فيه نموذجه عن البناء العقلي الإنساني، وكان ذلك البداية للانطلاق لإجراء البحوث والدراسات العلمية المختلفة في هذا الجانب، حيث أن الأفراد ذوي القدرات الإبداعية يلعبون دوراً هاماً في تطور وتقدم المجتمعات، وأن عملية التقدم والرقى تعتمد على تنمية القدرات والإمكانات والمهارات المختلفة لأبناء المجتمع، وأن التفكير الإبداعي هو الوسيلة الفعالة لتطوير أي مجتمع وتحديثه في ضوء هذه المتغيرات التي يشهدها العصر.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد المائة في موضوع(البديع
والتي هي بعنوان: *رأي في طريق الإبداع
قدرات الإبداع : تتحدد عناصر الإبداع وقدراته فيما يلي (الترتوري والقضاه، 2007؛صبحي،1992) :
1-الطلاقة: وهي القدرة على إنتاج سيل كبير من الأفكار والتصورات الإبداعية في برهة زمنية محدودة،
2-وتنوع الطلاقة إلى: أ.-... طلاقة الكلمات: أي سرعة إنتاج كلمات أو وحدات للتعبير وفقاً لشروط معينة في بنائها أو تركيبها. ب. طلاقة التداعي: أي سرعة إنتاج صور ذات خصائص محددة في المعنى. ت. طلاقة الأفكار: أي سرعة إيراد عدد كبير من الأفكار والصور الفكرية في أحد المواقف. ث. طلاقة التعبير: أي القدرة على التعبير عن الأفكار وسهولة صياغتها في كلمات أو صور للتعبير عن هذه الأفكار بطريقة تكون فيها متصلة بغيرها وملائمة لها. 2- المرونة: وهي قدرة العقل على التكيف مع المتغيرات والمواقف المستجدة، والانتقال من زاوية جامدة إلى زوايا متحررة تقتضيها عملية المواجهة. 3- الأصالة: وتعني تقديم نتاجات مبتكرة تكون مناسبة للهدف والوظيفة التي يعمل لأجلها. أو بتعبير آخر رفض الحلول الجاهزة والمألوفة، واتخاذ سلوك جديد يتوافق مع الهدف المنشود. ويقصد بالأصالة أيضاً: الإنتاج غير المألوف الذي لم يسبق إليه أحد، وتسمى الفكرة أصلية إذا كانت لا تخضع للأفكار الشائعة وتتصف بالتميز. 4- الحساسية للمشكلات: (Sensitivity of Problems) أي القدرة على إدراك مواطن الضعف أو النقص في الموقف المثير، فالشخص المبدع يستطيع رؤية الكثير من المشكلات في الموقف الواحد، فهو يعني نواحي النقص والقصور بسبب نظرته للمشكلة نظرة غير مألوفة، فلديه حساسية أكثر للمشكلة أو الموقف المثير من المعتاد. 5- إدراك التفاصيل: (Elaboration) تتضمن هذه القدرة الإبداعية تقديم تفصيلات متعددة لأشياء محدودة، وتوسيع فكرة ملخصة أو تفصيل موضوع غامض. 6- المحافظة على الاتجاه: (Maintaining Direction) المحافظة على الاتجاه يضمن قدرة استمرار الفرد على التفكير في المشكلة لفترة زمنية طويلة حتى يتم الوصول إلى حلول جديدة.
سمات الشخصية الإبداعية: هناك سمات يتميز بها
المبتكرون من أهمها:
1-الاستقلال والمثابرة 2. الميل للمخاطرة.
2-السيطرة. 4. الثبات الانفعالي. 5. الحساسية النفسية. 6. الاكتفاء الذاتي. 7. الإقدام. 8. التلقائية من تفاعله مع الآخرين 9. التحررمن القيود التقليدية.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المائة في موضوع(البديع
والتي هي بعنوان: مراحل الإبداع:
قدم والاس (Wallas, 1926) وصفاً لأربعة مراحل تمر بها عملية الإبداع.
وتعتبر مرحلتي التفريخ والإلهام مرحلتين خاصتين بهذه العملية دون غيرهما من العمليات النفسية الأخرى، وهي على النحو التالي (توق وعدس وقطامي، 2001):
1) مرحلة التحفيز Preparation : تتضمن هذه المرحلة كل ما يتعلمه الفرد المبتكر خلال حياته والخبرات التي اكتسبها حتى لو كانت عن طريق المحاولة والخطأ. ويمكن القول أن كل ما يتعلمه الفرد في حياته يمكن أن يفيد في عملية التفكير الإبداعي. وإضافة إلى المعلومات الهائلة التي يحملها الفرد المبتكر فإنه يحتاج في أغلب الأحيان إلى تدريب خاص بالأعمال الإبداعية وفق برنامج معد مسبقا. وقد لا يحتاج الفرد في بعض الحالات إلى مثل هذا التدريب والإعداد خاصة في مجال الأدب والشعر. أما في حالات الإبداع العلمي فمن الضروري قبل أن يكون الفرد مبتكرا أن يكون عالماً، ويعتبر التدريب الخاص والإعداد المسبق ضرورة ملحة للابتكار في مجال الفنون؛ لأن المعرفة بالأساليب الفنية تعتبر شرطا ضرورياً لأية عملية ابتكارية في هذا الميدان. وقد تستغرق عملية التحضير سواء كان في مجال الآداب أو العلوم فترة طويلة. كما تحتاج إلى معرفة صحيحة وعميقة بأساليب البحث والنظريات والمعلومات التي سبق أن توصل إليها الآخرون قبله في هذا الميدان، أي أنه من الضروري أن يعرف الأساس الذي يقف عليه لكي يكمل البناء. إن معرفة المبتكر لحاجات تخصصه ونقائص النظريات فيه يقوده إلى الاكتشاف والتجديد في ميدان اختصاصه.
2) مرحلة التفريخ Incubation: لا ينشغل الإنسان المبدع في هذه المرحلة بالمشكلة شعوريا، وتكون عملية التفكير في حالة من عدم النشاط الظاهري ولا يظهر أي تقدم نحو الحل أو الإنتاج الإبداعي. ويعمد المبدع إلى تحويل أنظاره عن المشكلة الرئيسية إلى أشياء أخرى بعد أن مر بمرحلة التحفيز، على أمل أن يهتدي إلى الحل النهائي مع مرور الزمن. وهناك افتراض لم يدعم بعد، يقول بأن المشكلة التي تشغل فكر المبتكر مدة طويلة تظل في حقيقة الأمر نشيطة في منطقة تحت الشعور بعد أن يتركها مؤقتاً، ومع أننا لا نعرف كيف يأتي الحل إلا أن الحل قادم ربما يأتي بعد الاستيقاظ من النوم أو أثناء ممارسة نشاط يومي. ويتباين سلوك المبتكر خلال مرحلة التفريخ من فرد لآخر ومن موقف لآخر، ربما يغلب على سلوك الفرد أثناء هذه الفترة القلق والإثارة مع الشعور بعدم الراحة وحتى الإحباط ويصبح سهل الإثارة يستسلم للعوامل المشتتة، وقد يشعر فرد آخر بالحزن والاكتئاب. إن ممارسة الفرد للاسترخاء أو الكسل أو النوم تحدث لديه نوع من التغيير والذي يمكن أن يقلل من تأثير عوامل الكف أو الدفاع أو التداخل، ويهيئ الفرصة لبزوغ الإبداع من خلال دفعة قوية جديدة وانطلاقة إلى الأمام.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة عشرة مكررة بعد المائة في موضوع (البديع
والتي هي بعنوان: *رأي في طريق الإبداع
3) الإلهام Illumination: يظهر الحل في هذه المرحلة وكأنه جاء بشكل فجائي ومن بعيد، ويكون مصحوبا بحالات عاطفية من النشوة والارتياح. ومرحلة الإلهام ليست مرحلة منفصلة ومستقلة لوحدها، وإنما جاءت وليدة كل الجهود التي قام بها المبتكر خلال المراحل السابقة. فقد يأتي الإلهام خلال النوم إذ ذكر ديكارت العالم الرياضي المشهور أن مبادئ الهندسة التحليلية جاءته على شكل حلمين اثنين. وذكر العالم "فردريك كيكولي " (Fredriek Kekule, 1829 – 1896) بأنه توصل إلى حل مشكلة ترتيب ذرات الكربون والهدروجين في مركب البنزين أثناء الحلم؛ حيث رأى أن هذه الذرات ترقص على شكل حلقة، فقاده هذا الحلم إلى الفكرة المعروفة باسم حلقة البنزين والتي تعتبر إحدى الميادين الهامة في ميدان
الكيمياء العضوية.
4) مرحلة التحقيق Verification :يختبر المبدع في هذه المرحلة صحة وجودة ابتكاره من خلال تجريبه، وربما تجري في هذه المرحلة بعض التعديلات أو التغييرات على الإنتاج الإبداعي من أجل تحسينه وإظهاره بأجود صورة. وعلى الرغم من أن المراحل الأربعة السابقة موجودة في عملية الإبداع، إلا أنه يجدر بنا النظر إلى الإبداع بوصفه عملية ديناميكية متفاعلة مستمرة شأنها شأن الكثير من العمليات النفسية الأخرى. إنها دائما عملية متداخلة المراحل ومتفاعلة وموجودة. وهذا ما يتعارض مع تقسيم عملية الإبداع إلى مراحل متمايزة. ومع هذا فإننا ننظر نظرة خاصة إلى مرحلتي التفريخ والإلهام باعتبارها مرحلتان أساسيتان يلقيان الضوء على العملية الإبداعية نفسها بشكل مباشر.
أشكال مواصلة اتجاه التفكير الإبداعي:
1. المواصلة الزمنية التاريخية: المحافظة على استمرار التتابع الزمني والتاريخي في وصف الحدث، ملتزماً بخط سير متتابع متدرج للفترة الزمنية التي يحدث وفقها الحدث.
2. المواصلة الذهنية: قدرة الفرد على تركيز ذهنه ضمن نفس السياق منذ بداية المشكلة أو الموقف المثير وحتى الوصول إلى حل.
3. المواصلة الخيالية: القدرة على متابعة سير المشكلة ذهنياً وتوضيح العلاقة بين عناصرها.
4. المواصلة المنطقية: المحافظة على المنطق في خطوات السير والمراحل (الترتوري والقضاه، 2007).
*الذكاء والإبداع Intelligence and Creativity:لقد استمالت العلاقة بين الإبداع والذكاء كثيراً من الجهود والأبحاث على مدى 30 سنة الماضية، إلا أن النتائج بقيت مميزة، فكما اختلف النفسيون فيما ينشئ أو يقيس الذكاء، اختلفوا أيضاً فيما ينشئ أو يقيس الإبداع، ولذلك واجهوا مشكلة في إيجاد مقاييس لكل منهما. فمعظم المقاييس كانت مشتتة (Diffuse) وشاملة (Global) ولذلك فشلت في التميز بين مواهب مختلفة أو بين أنواع الإبداع، وكذلك فإن هناك غياباً للاستقلالية بين مؤشرات ودلالات الذكاء (IQ. Indices) وبين بعض اختبارات الإبداع. إن دراسة كل من جاكسون وجاكوب (Jackson and Jacob) حول الذكاء والإبداع قد فسرت على أنها توضح بان الإبداع يعد أعلى مراحل الذكاء، ولكن هذا البحث سرعان ما تصدع، لأنهما تجاهلا عينة الأطفال التي يكون فيها الطفل عالي الذكاء ومرتفع الإبداع معاً، وقد توصلت كذلك دراسات كثيرة إلى نفس النتيجة. إن العلامات العالية على اختبارات الذكاء والدرجات العالية في المدرسة لها صلة ضعيفة (Low Association) بالإبداع، وإن الذكاء ضروري لتحصيل إبداعي، وقد لا يظهر نشاط إبداعي لمرتفعي الذكاء في حين أن منخفض الذكاء يعمل بعكس الإبداع، كما أن هناك عوامل كثيرة غير الذكاء تؤثر في الإبداع، منها: الصحة (Health)، والدافعية (Motivation)، وسلوك التأمل (Study Habits)، والمدرسة، والموارد المالية للعائلة. وقد اقترح البعض أن هناك عوامل وراثية في المواهب الإبداعية وخصوصاً في الرياضيات، حيث أظهرت الملاحظات والدراسات المسحية أن الطلاب الموهوبين رياضياً، غالباً ما يظهرون نشاطاً مبكراً في المراحل العمرية الأولى، وأمثلة ذلك كثيرة (الترتوري والقضاه، 2007).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المائة في موضوع
(البديع والتي هي بعنوان: *البيت والإبداعHome Background and Creativity : لقد عمل علماء النفس على بحث خلفية البيت على إبداع الأفراد، ومن النتائج: أن الأطفال المبدعين لا يقضون أوقاتاً ينعمون بدفء وحب الوالدين، بل على العكس فإن البرودة والاستقلالية في العلاقة عادة ما تسود بين الآباء وأطفالهم المبدعين، وقد يرد ذلك إلى أن نبذ الوالدين لهم قد شجع اتجاهاتهم نحو الطلاقة، وسهل استقلالية تفكيرهم (الترتوري والقضاه، 2007). وعند مقارنة أمهات المبدعين مع غيرهن من الأمهات، فقد أظهرن أنهن أكثر ثقة بالنفس، وأكثر مبادرة يفضلن التغير، أكثر استقلالية، أقل خلطة، وأقل ردعاً، أقل اهتماماً بخلق انطباع محبب، وأقل علاقة تجاه الآخرين. لقد ولد أشخاص مبدعون بالصدفة، أو أنهم فقدوا آباءهم منذ سن مبكرة، وبالرغم من ذلك فإن على الآباء والمربين أن لا يحملوا شكوكاً صحية عن دور الأسرة في الإبداع فعلى الوالدين والمدرسين التحفظ بالحكم على الأطفال (Kokot, 1997). الإبداع في الصف Creativity in the Classroom: إن هناك خصائص مدهشة لدى الأطفال أكثر من الاستطلاع Curiosity فهم يستهلكون طاقات كبيرة في الاكتشاف Exploring والقراءة عن عالمهم وفهمه. لقد شدد "ديوي" Dewey على أن حب الاستطلاع لدى الأطفال يجب أن يكون تنشئة وإن يهذب خشية الانحراف أو الضمور، ولذلك فإن المعلم يمكنه تشجيع الإبداع، وحب الاستطلاع والاستقلال والثقة بالنفس، وأن يعزز مظاهرها بالتوجيه والثناء والتشجيع واستشارة دافعية التعلم (الترتوري والقضاه، 2007). خلق وتطوير الإبداع Stifling Creative Development: إن السبيل إلى تطوير الإبداع لدى الأطفال ليس سهلاً، وإن أكبر اتهام صارم لمؤسسات التعليم أنها تخنق دوافع حب الاستطلاع والإبداع، فقد اتهم بعض النقاد والمفكرين وأصحاب المهن أن المدارس تعلم الطلاب الامتثال Conformists والاستصفاح Stereotyped بدلاً من أصول التفكير والإبداع، وقد ناقش علماء الاجتماع Sociologists أن نظام المكافأة في المدرسة يربي الانقياد وعفوية التكرار أو الحفظ ولا يشجع الإخصاب أو الإنتاج، أو الإبداع. وقد أضاف "مايرز وتورنس" Myers & Torrance أن المدارس في المقام الأول مؤسسات محافظة على الفضيلة تنقل التراث والثقافة لأنها تحفظ المعارف المتراكمة من الثقافة، وبعد ذلك تحاول نقلها إلى الطلاب، وإن تشجيع الأطفال على التفكير الإبداعي يدعوهم إلى تحدي المجتمع، وكل هذه المؤسسات المزعجة. ثم قام "تورنس" Torrance بدراسة الإبداع في المدارس الابتدائية، ووجد أن الإبداع المبكر لدى الأطفال يتميز من خلال التحديق والأفكار الساذجة، ووجد أنهم غير عاديين، وينظر إليهم من قبل المعلم بأنهم متغطرسين وجافين، وبعد أن وصلوا إلى مرحلة الرابعة لاحظ أن الأطفال المبدعين عملوا على الاحتفاظ بأفكارهم لأنفسهم، وبذلك كثيراً من أصالتهم تم تسويتها وإخمادها، وبين أن المبدعين عملوا على الاحتفاظ بأفكارهم لأنفسهم، وبين أن المبدعين في معظم الصفوف قد أعاقتهم إبداعاتهم، ونظر إليهم بأنهم ذوي مشاكل في السلوك ولذلك فقد أوصى بتعليمهم تعليماً خاصاً (الترتوري والقضاه، 2007؛ Davis & Joseph, 2004).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد المائة في موضوع
(البديع والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: *البيت والإبداع
*تنشئة الإبداع في الصفFostering Classroom Creativity:
لقد أدرك التربويون من أمثال "تورنس وسيندي" Torrance, Sidney أن الإبداع يجب أن لا يترك للصدفة، فليس كافياً أن يكون للطفل نظرات ثاقبة ويد رشيقة A deft-hand بل يجب أن تهذب هذه الموهبة وأن ينشأ الطفل على المواظبة والاجتهاد، وقد تساءل المربون والنفسيون عن كيف يمكن تشجيع الإبداع، بدلاً من كيف يمكن تحديد الأفراد مرتفعي الإبداع، وتوصلوا أن هناك كثيراً ما يمكن عمله، وقد حدد "روجرز" Rogers شرطين يؤديان إلى تنامي قدرة الإبداع لدى الفرد، وهما (Sternberg, 2002): الشرط الأول: الأمان النفسي Psychological Safety الشرط الثاني: الحرية النفسية Psychological Freedom ونعني بالأولى أن الأفراد مزودين بـ (الترتوري والقضاه، 2007): - شعور الفرد بأنه جدير بالاحترام. - غياب مناخ التقييم العالي لهم لتخفيض التهديد والشعور بالدفاع. - شعور بالمشاركة الوجدانية Empathic وأن المعلمين يقدرون مشاعرهم. أما الحرية النفسية فإنها تؤدي إلى اتجاهات اختيارية Permissive Attitude نحو الأشخاص وغيرهم، وتسمح لهم بتفكير يتطابق مع أهدافهم، وقد أوصى كل من Holden, Myers, Torrance أن هناك نقاطاً يجب فهمها لتربية الإبداع في الصف، منها (Kokot, 1997): 1- احترام شخصية الطفل تبدأ بجهود التعلم الذاتي. 2- احترام أسئلة وأفكار الطلاب. 3- احترام رفض الطلاب. 4- إعطاء وقت للتخطيط للأنشطة الخيالية Imaginative. 5- عمل مناقشات حرة مثل: عصف ذهني. 6- مشاركة الطلاب أنشطتهم وتضمينها عبارات: جميل ومبدع وإبداع. 7- تشجيع الوعي والإحساس تجاه مؤثرات البيئة لدى الطلاب. التعلم بالاستقصاء يثير إبداع الطلبة: إذا كان تعلم الاستقصاء هو كيفية التعلم، فإن الأطفال ينبغي أن يتدربوا كيفية تعلم الرياضيات والعلوم، والاجتماعيات وغيرها، إن بعض التغيرات البسيطة فيما يفعله المدرس في الحصة الصفية يمكن أن تجعل حصص المباحث دروساً استقصائية من خلال ما يتوقعه ويشجع الطلاب على القيام به ويأمل إنجازه.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* الحصص الاستقصائيةتتميز عن غيرها
إن الحصص الاستقصائية تتميز عن الحصص غير
الاستقصائية بأربعة خصائص (الترتوري والقضاه، 2007): 1- أن الحصة الاستقصائية تركز على المشكلة التي يتوجب على الطلاب حلها، فقد تكون المشكلة السعي نحو تفسير أو نظرية أو تحديد مسار العمل، أو البحث عن طريقة العمل، أو إيجاد شيء ما لتعلم شيء ما، أو أن تكون المشكلة مركبة من ذلك. 2- يتخذ المدرس اتجاهاً حيادياً تجاه أفكار الطلاب وتفسيراتهم ونظرياتهم وأحوالهم، فالتشديد الرئيس في التدريس الاستقصائي هو مساعدة الطلاب على كيفية فحص ملاءمة أفكارهم، ولذلك فإن المعلم حين يتخذ قراراً يبين فيه صحة بعض الأفكار أو النظريات، فإن الطلاب لن تكون لديهم الفرصة لتعلم أن لديهم القدرة على القيام بذلك بأنفسهم. 3- يقرر الطلاب كيفية فحص أفكارهم، فتعلم الاستقصاء يعني تعلم وتحديد ماهية البيانات اللازمة لفحص فكرة ما، أو كيف نجد البيانات، وما الذي تعنيه البيانات، وتحديد ماهية العمليات التي سيتخذونها، وما إذا كانت العمليات فعالة أم لا، كما يتوجب على المعلم أن يتعدى مرحلة استراتيجيات البحث عن نظرية وفحصها، إلى جعل ذلك مشروعاً لهم، وعليه أن يجعلهم مسؤولين عن ذلك. 4- يناقش الطلاب العمليات والاستراتيجيات التي استخدموها، ثم يشجع المعلم الطلاب الذين عملوا من خلال مشكلة ما أن يهتموا بكيفية عملهم في هذا الوقت، أو كيف يمكن تحسين استراتيجيات حل المشكلات استعداداً للمستقبل. عندما يقترح الطلاب طرقاً لفحص أفكارهم، فإنهم مدعوون لتنفيذ الاختبارات المقترحة لتلك الأفكار، وبالتالي فإنهم لا يكتشفون فقط بأنفسهم الخيار الأفضل، ولكنهم كذلك يكسبون خبرة في المهمة العقلية للانتقال من الفكرة إلى فحص الفكرة الخاطئة أو الصحيحة في نهاية الدرس، ثم يقضي المعلم دقائق قليلة في دعوى الطلاب إلى تدبر الطرق التي تناولوها وهم يفحصون أفكارهم، كذلك يمكنهم الاهتمام بطرق أخرى كان يمكنهم التقدم بها، لحفز هذا التفكير والمناقشة. ويمكن للمعلم أن يطرح أسئلة كهذه – ليست جميعها- في نهاية الدرس: - هل الطريقة التي جربتها لاكتشاف شيء معين كانت الأقرب أم الأبعد؟ - هل هناك أية طرق أخرى من الفحص فكرت فيها ولم نجربها هنا؟ - مع هذا النوع من المسألة، كيف تقرر أي الأفكار هي الصحيحة؟ - هل ستفعل أي شيء بشكل مختلف عندما نقدم هذا النوع من الدرس مرة أخرى؟ - كيف تشعر حيال ما فعلته في الدرس؟ لتعلم المعارف والمهارات القابلة للتعميم: 1- كافئ الإنجاز المبدع والتميز المبهر. 2- علم فحص الأفكار. 3- اسمح للطلاب بالانخراط في الاستكشاف العلمي والتجريب. 4- أبعد الإحساس بالخوف. 5- امنح الطلاب الفرص لعمل شيء ما. 6- أعطِ الأطفال فرصة نقل ما تعلموه. 7- شجع الطلاب على اتخاذ خطوة تالية خاصة بهم فيما يتجاوز ما يعرفونه حالياً. 8- شجع إحساس الأطفال بتقدير الذات. 9- استخدم أسئلة مثيرة للتفكير (الترتوري والقضاه، 2007).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*التربية الإبداعية و أثرها في المجتمع
قامت الباحثة الأستاذة / أسماء علي محمد فضل بعمل دراسة رائعة جدا عن التربية الإبداعية وأثرها في المجتمع وتتلخص الدراسة في الإجابة على السؤال الرئيسي التالي:
ما أثر التربية الإبداعية على تقدم المجتمع ورقيه؟
وقد احتوت الدراسة على خمسة مباحث:
المبحث الأول: التفكير الإبداعى (خصائصه ومستوياته وشروطه) وأثرهم على التربية الإبداعية فى المجتمع. المبحث الثانى: أثر مؤسسات التنشئة الاجتماعية فى التربية الإبداعية. المبحث الثالث: معوقات وعقبات التربية الإبداعية. المبحث الرابع: دوافع وحوافر وفوائد التربية الإبداعية. المبحث الخامس: كيفية تطوير شخصية النشء لتفعيل دور التربية الإبداعية.
وختمت هذه الدراسة المهمة بجملة من التوصيات
والمقترحات التى تتعلق بالتربية الإبداعية والتي يجب
أن تراعيها كل من الأسرة والمدرسة، وهذه
التوصيات تكمن فيما يلي:
أولاً: توصيات عامة.
الاهتمام بالتفكير الإبداعي ورفع قيمته، وتشجيع الأفكار الجديدة، وتنمية المواهب الإبداعية.
تشجيع تناول الأشياء ومعالجة الأفكار وتنمية حساسية الأطفال للمثيرات البيئية.
تنمية القدرة على التسامح مع الأفكار الجديدة وتعليم الأطفال كيفية اختبار كل فكرة على شكل منظم.
توفير جواً خلاقاً مريحاً وغير مزعج وعدم فرض أنماطاً محددة على الأطفال.
تعليم الأطفال مهارات تساعدهم على أن يكونوا أكثر وعياً بمشاعر الآخرين، ومراعاتها، وتعليمهم احترام تفكيرهم الإبداعى.
تزويد الأطفال بمعلومات عن العملية الإبداعية، وذلك بتعريفهم طرق الاكتشاف الذاتي.
تخفيف إحساس الأطفال من الرهبة أمام الروائع الفنية والأدبية والعلمية، وتعريفهم بالصعوبات التي واجهها المشاهير.
وضع أسئلة تثير المناقشة والجدل بين الأطفال وتشجيع التعليم الذي يبدأ فيه الطفل بنفسه.
توفير فترات نشاط وفترات هدوء للأطفال وتنمية القدرة على النقد البناء.
تشجيع الأطفال أن يكتسبوا المعارف من ميادين مختلفة ومتنوعة واحترام خيالات الأطفال التي تصدر عنهم. ويقصد بتلك العوامل كل ما يحيط بالطفل من متغيرات متعلقة بالأسرة والمعلمة، ومحتوى المنهج والإدارة المدرسية، ونظام التعليم والمجتمع بصفة عامة، والتي من شانها الإسهام في تنمية أو إعاقة التفكير الإبداعي للطفل.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*التربية الإبداعية و أثرها في المجتمع
ثانياً: توصيات حول تهيئة المناخ المدرسي العام ويتمثل في.
تقبل النقد البناء واحترام الرأي الآخر وتقبل واحترام التنوع والاختلاف في الأفكار والاتجاهات.
ضمان حرية التعبير والمشاركة بالأخذ والعطاء والعمل بروح الفريق، وبمشاركة جميع الأطراف ذات العلاقة.
إيضاح فلسفة التربية وأهدافها لجميع الأطراف المرتبطة بالعملية التربوية(إداريين،معلمين،أطفال،أولياء أمور).
الحرص على المساواة بين الأطفال في المعاملة وتنمية حب الاستطلاع عند الطفل.
إتاحة فرص استثارة الدهشة والاستغراب وإتاحة الفرص للتدريب على حل المشكلات.
تشجيع الأسئلة والتساؤل في جو ديمقراطي تسوده المحبة والاحترام، واحترام خيالات الأطفال التي تصدر عنهم.
اتسامه بالمرونة ومراعاة الفروق الفردية ليسمح لكل
متعلم أن يتقدم حسب قابليته.
أن تتحدى الأنشطة قدرات الأطفال دون التسبب في الإحباط.
أن يراعي الخصائص للأنشطة المتضمنة للمنهج وأن تساعد على حب الاستطلاع، وأن تكون مثيره.
العلاقات المدرسية الإيجابية بين المعلمين والأطفال
والإداريين وأولياء الأمور والمجتمع المحلي.
ثالثاً: توصيات حول دور الأسرة في توفير البيئة الملائمة لإبداع الأبناء
توفير الجو الهادئ داخل الأسرة، بحيث يهيئ للأبناء
فرصة التفكير المستقل.
توفير الرعاية الصحية داخل الأسرة، بحيث تساعد الأبناء على النمو السليم في مختلف جوانب شخصياتهم.
إرشاد الوالدين للأبناء إلى الطريقة المثلى لاستغلال أوقات فراغهم.
اهتمام الأسرة إلى حد كبير بالعلم، وتقديرها لجهود
العلماء والباحثين.
إتباع أسلوب التفاهم والمناقشة الحرة مع الأبناء.
تقبل أفكار الأطفال الغير عادية.
رابعاً: توصيات حول دور المعلم فى التربية الإبداعية.
تقليل كثافة الفصول، وتوفير الجو الصحي داخلها.
إعطاء المعلم الفرصة لاستغلال إمكانياته العقلية والمعرفية، وعدم قيده بقيود تحد من حركته.
اهتمام إدارة المدرسة بالأنشطة والرحلات خارج المنزل.
التخلص من الروتين الذي يسود العملية التعليمية، ويعيق حركتها.
اهتمام إدارة المدرسة بالتفكير الإبداعي والمبدعين من التلاميذ ورعايتهم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة العشرون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*التربية الإبداعية و أثرها في المجتمع
الاهتمام بالجوانب الصحية والنفسية والعقلية للأطفال.
وختمت الباحثة هذه الدراسة بالخاتمة التالية :
لقد أصبحت التربية الإبداعية والتفكير الإبداعى مطلبين مهمين يحتاجهما المدرس مع تلاميذه، والخطيب على منبره، والناقد فى نقاشه، وطالب العمل السياسي، والمجاهد فى العمل الجماهيري، والأمم التى حققت طفرات اقتصادية وعلمية وثقافية وعسكرية ضخمة هى الأمم التى اهتمت بالتربية الإبداعية لأبنائها، وبرعاية المبدعين والموهوبين في شتي المجالات فحققت لشعوبها التقدم والرقى والازدهار.
إن الدراسات حول التربية الإبداعية هى نتيجة تجارب فى الميدان التعليمى استمرت لعشرات السنين والمعلوم أن الإنسان يبدأ فى التعلم عندما يعلم لأن حاجة الإنسان للتربية والتعليم تتواصل مدى الحياة، ونرجو أن تحصل الفائدة من هذه الدراسة، وأن تحظى بالنقد لكي نعدل كل ما يجب تعديله وكل إنسان خطاء، ولكن الغاية من البحث فى المجال التربوى هى تمكين أبنائنا من امتلاك القدرة على الإبداع والتميز، وهذا ما يمكننا من بلوغ أعلى درجات التقدم والتفوق على الحضارات الأخرى.
إن المبادرة يجب أن تكون بيد المفكرين العرب والمسلمين الذين يستطيعون الإبداع وابتكار نظريات جديدة فى مجال التربية الإبداعية تكون ذات جدوى ومنفعة للأجيال القادمة، والاعتماد على مواهب مبدعيها، دون الحاجة إلى اقتباس النماذج الجاهزة من البلدان المتقدمة، ولما لا نحاول القيام بالتجارب على الأفكار الإصلاحية فى مجال التربية الإبداعية على عدة مدارس للتأكد من نجاحها، ثم نشرها على بقية المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى، وبذلك نصبح أمة مجددة ومبدعة بالاعتماد على عقول أبنائها.
إن جميع مؤسسات المجتمع بدءً من الأسرة مروراً بالمدرسة والمسجد ودور العبادة ووسائل الإعلام، وكذلك النوادى الرياضية، وجماعة الأقران كلها مسئولة عن تنشئة أبنائنا تنشئة إبداعية فى كافة المجالات: (العلمية – الفنية – الرياضية – الثقافية – المهنية) فكل فرد يمكن أن يبدع فى مجاله مما يؤدى إلى طفرة غير مسبوقة في المجال الذي يبدع فيه، وذلك سينعكس بالإيجاب على المجتمع بالخير والتقدم والازدهار.
إن كل من برعوا ونبغوا وحصلوا على جوائز عالمية من العرب والمسلمين سواء فى مجال العلوم، قد أبدعوا فى مجالاتهم وحققوا لأنفسهم وأمتهم مجداً تليداً، واسماً رفيعاً سيظل خالداً على مدار التاريخ، وذلك ببذل الجهد والعطاء والصبر والتضحية حتى يصلوا إلى المكانة السامية التى وصلوا إليها.
إن كل شخص على وجه الأرض يملك القدرة ليكون شخصاً مبدعاً وموهوباً، وقد أثبتت الدراسات الحديثة حول التربية الإبداعية أنها يمكن تعلمها والتدريب عليها، ومن ثم المهارة فيها تماماً كما يتعلم أحدنا مهارة الرسم، ويتعلم لاعب كرة القدم مهارة تسجيل الأهداف، أو أن يتعلم أحدنا فن التمثيل، أو يبدع أحدنا فى اختراع يفيد البشرية.
وأنت مدعو معنا للإبداع فى المجال الذي تهواه وتحقق فيه لنفسك ولأسرتك ولمجتمعك المكانة والمنزلة التى تتمناها، فليس معنى أن تخفق مرة فى مجال ما أنك شخص غير ناجح أو غير مبدع، فكثيراً ما أخفق العلماء والمخترعون فى تجاربهم عدة مرات قبل أن يصلوا إلى إنجازات مذهلة خلدها التاريخ، وكل إنسان بداخله طاقات إبداعية لو أحسن استغلالها لانعكس ذلك عليه وعلى المحيطين به بالخير والسعادة والرفاهية.
[الأنترنت – موقع التربية الإبداعية و أثرها في المجتمع / أ.أسماء علي محمد فضل/جامعة أم القرى المملكة العربية السعودية ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة العشرون بعد المائة مكررة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
*دورالتربية الإبداعية في إخراج جيل متميز
لعل هذا هو السؤال الأول الذي ينقدح في ذهن الكثير من الآباء والأمهات عند الحديث عن التربية
الإبداعية، ودورها الفاعل في إخراج جيل متميز في
طباعه، متميز في طريقة تفكيره متميز في نظرته للأشياء، جيل تحتاجه الأمة وتتمناه وهي في أشد الحاجة إليه.
ما هي التربية الإبداعية؟
لعل هذا هو السؤال الأول الذي ينقدح في ذهن الكثير من الآباء والأمهات عند الحديث عن التربية الإبداعية، ودورها الفاعل في إخراج جيل متميز في طباعه، متميز في طريقة تفكيره متميز في نظرته للأشياء، جيل تحتاجه الأمة وتتمناه وهي في أشد الحاجة إليه.
ولعل الإجابة على السؤال، تكمن في شرح مفهوم التربية الإبداعية، فكلما كان المربون أقدر على فهم هذا
المفهوم كلما كانوا أكثر إبداعًا في إيصاله إلى أبنائهم، وأكثر قدرة على ترجمته إلى إجراءات تربوية ومناهج تربوية.
ولأن ديننا الحنيف قد وجهنا إلى الإبداع والتفكر وإعمال العقل، ولأننا نستمد منه أصول تربيتنا لأبنائنا، فنحن الآن نتطلع إلى معرفة مفهوم التربية الإبداعية من الوجهة الإسلامية؛ حتى نتمكن من تأهيل جيل مسلم مبدع، جيل فريد.
فما هو مفهوم التربية الإبداعية إذًا؟ التربية الإبداعية هي التي تهتم بحفظ العقل من الزيغ والافتتان باللهو والهوى، كما تجنبه ما يهدم العقل، ومن جانب آخر تتطلع التربية الإسلامية إلى تنمية الجانب الإبداعي بما يجعل الفرد يُحسن تدبير أموره، ويبدع في مهنته ويرقى بها، حتى يكون أكثر إنتاجاً وأدق عملاً في أقصر وقت وبأقل تكلفة وجهد، وهذا يتطلب عناية بجانب الابتكار، وهو ما سوف يبينه هذا البحث من خلال عناية التربية الإسلامية بالتربية الإبداعية، وحفظ العقل (التربية الإبداعية في منظور التربية الإسلامية، خالد بن حامد الحازمي).
وقد بيّن العديد من المتخصصين في مجال التربية الإبداعية، أن التربية الإبداعية هي: تنشئة الناشئين وإعدادهم على نحو يستطيعون في مجال تخصصاتهم الإيجاد والابتكار والإتقان والتحسين (مقداد يالجن، جوانب التربية الإسلامية، ص 488).
ويعرفه آخر بأن الإبداع: عملية إنتاج شيء جديد سواء كان اختراعًا أو فكرة، ويجب أن يكون أصيلاً وحديثًا (حلمي المليجي، جوانب علم النفس المعاصر، ص 235).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
التربية الإسلامية والإبداع :
لقد اهتمت التربية الإسلامية بالإبداع ودفعت عقول المسلمين إليه، حتى يتمكنوا من تدبر آيات الكون وما فيه ويستخرجوا من تأملهم وتفكرهم وإعمال عقولهم، ما يعود على البشرية جميعًا بالنفع والتقدم.
إن نظرة واحدة متأملة في كتاب الله تبين لنا هذا الحشد من الآيات التي تدعو إلى التأمل والتفكر وإعمال العقل، فيقول ربنا سبحانه: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس:24].
وقال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد:17].
وغيرها من الآيات كثير يدعونا إلى التأمل والتفكر ويحث الآباء والأمهات على أن يتخذوا من الإبداع منهجًا في تربية أبناء الإسلام وآمال الأمة.
فلقد اهتمت التربية الإسلامية بقضية الإبداع اهتمامًا كبيرًا، وفي مجالات عديدة، بما يحقق للإسلام والمسلمين والبشرية النفع والتقدم، كما أنها ضبطت عملية الإبداع بأن وجهتها توجيهًا خيرًا، بعيدًا عن الإفساد والدمار، ونظرًا لكثرة مجالات الإبداع وتنوعها بما لا يسع المقام لذكرها، فهذه بعض النماذج الإبداعية في عدد من المجالات العامة .
(التربية الإبداعية في منظور التربية الإسلامية، خالد بن حامد الحازمي)
مثال ونموذج:
وهذا مثال ونموذج لنوع واحد من أنواع الإبداع التي حث عليها الإسلام، ألا وهو الإبداع العلمي، فلقد جاء الإسلام والناس في جاهلية جهلاء، في عباداتهم واعتقاداتهم وأخلاقهم، وفي علومهم ومعارفهم، حتى إن عدد الذين يقرءون ويكتبون في قريش هم سبعة عشر رجلًا، منهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهم (البلاذري، فتوح البلدان، ص 660).
وجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدد يكتبون، منهم: سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، فكان يكتب العربية والعبرية رضي الله عنهم.
وبعد ما جاء الإسلام تفتقت تلك العقول وأبدعت في تفوقها، وتواصل هذا الإبداع في الأمة، فتولدت علوم ومعارف، ما كان لأحد قبلهم بها معرفة، ومن ذلك: علم أصول الفقه، الذي أول من صنف فيه الإمام الشافعي، وأول من صنف في الفقه الإمام مالك بن أنس، وأول من صنف في غريب القرآن الكريم أبو عبيدة معمر بن المثنى، وأول من عمل العَرُوض هو الخليل بن أحمد، وأول من وضع الإعراب أبو الأسود الدؤلي، وأول من صنف في صنعة الشعر عبد الله بن المعتز (الأوائل، أبو هلال العسكري، ص (253)، بتصرف).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان: *فوائد التربية الإبداعية:
أما فوائد هذه التربية الإبداعية، فهي كثيرة جدًا، ومنها على سبيل المثال:*الابتكار:
يعتبر الابتكار من أبرز ثمار التربية الإبداعية، لما فيه من الاختراع غير المسبوق، فليس عجيبًا أن نرى أبناؤنا في الصف المتوسط قادرون على الاختراع والابتكار وتحويل علوم الرياضيات والفيزياء إلى مخترعات، ليس عجيبًا أن نراهم يحاولون ذلك بحب وحماسة، طالما أننا نغذي عندهم روح الإبداع ونفسح لهم المجال حتى يتقدموا ونشجعهم على ذلك وندعمهم.
فالابتكار لا يأتي في أغلب الأحوال وأظهرها إلا من أولئك الذين تلقوا تربية نموذجية متفوقة، أو أُتيحت لهم الفرصة للتعلم والتفكير، سيما إذا كان ذلك في إطار توجيه تربوي متألق فاعل.
لذلك فإن الدراسات النفسية تقرر أن الأطفال أفضل ما يتعلمون عندما يُعْطَون الفرصة للتعلم بطرائق تتناسب مع قابليتهم وحوافزهم، وبالتالي فإنه حين يغير المعلمون من طرقهم في التعليم إلى طرق ذات معنى يتوافق مع قابلية الطلاب، فإنما يحققون فيهم التربية الإبداعية المتألقة (الإبداع وتربيته، فاخر عاقل، ص (152)).
#التطوير: دائم التفكير في كيفية تحسين الأشياء، كيف يمكن أن أحسن طريقة مذاكرتي، كيف أنتفع بما أشاهده من برامج، وكيف يمكن إعادة استخدام هذا
الشيء...إلخ.
ما ذكرناه إنما هي روح أبنائنا المبدعين التي تُبث في الأشياء فتبحث دائمًا عن تطويرها، وآلية الاستفادة القصوى منها، إنها روح الإبداع المرفرفة بداخلهم، والتي فتح الآباء نوافذها فحلقت في سماء التطوير والإبداع.
فالتطوير من سمات التربية الإبداعية التي تحقق في أفرادها الميل إلى التطوير والتحسين والبحث عن ذلك مع عدم الوقوف عند المألوف والمعتاد، سيما في المجالات التي يخضع التقدم فيها لتطوير أدواتها، وإجراءاتها، وليس ذلك التطور محصورًا في الآليات الصناعية والكيميائية والفيزيائية والهندسية كما هو اعتقاد كثير من الناس، بل إن مجالات التطور أرحب من ذلك، فهي في الإدارة، وفي اللوائح والأنظمة، وفي طرق وأساليب البحث العلمي، وأدواته، ومنهجيته، وغير ذلك.
والنزعة التطويرية هي من ثمار التربية، إذا أحسنت التربوية استخدام المناهج التربوية والمعرفية التي تحقق ذلك (التربية الإبداعية في منظور التربية الإسلامية، خالد بن حامد الحازمي).
#ترتيب الأولويات: التربية الإبداعية تنمي لدى أبنائنا القدرة على ترتيب الأولويات حسب أهميتها وتأثيرها والحاجة إليها، فنجد اهتماماتهم حسب الأولويات، ويصل الأمر إلى ترتيب كلماتهم ومفرداتهم بحيث يصبح حديثهم أكثر تأثيرًا وترتيبًا وكأننا نتحدث مع شاب كبير، إنها قوة التربية الإبداعية.
ومنهج التربية الإسلامية مبني على ترتيب الأولويات، كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في نزول القرآن الكريم: "إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبداً. ولو نزل لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبداً" (رواه البخاري) (التربية الإبداعية في منظور التربية الإسلامية، خالد بن حامد الحازمي).
#حسن الاختيار: كم من الطلاب يتخرجون من
المرحلة الثانوية، ويقتدون ببعضهم في الالتحاق بالدراسات الجامعية، ثم يكتشف كثير منهم بعد مضي سنتين أو أكثر أنه أساء الاختيار لمجاراة الأتباع والخلان.
وهنا يأتي عمق التربية المدرسية في توليد وتحقيق الإبداع في حسن الاختيار، الذي يحفظ وقت وجهد الإنسان من الضياع والتبديد.
ومنهج التربية الإسلامية يحث أتباعه على حسن
الاختيار، وتَحَمُّل تَبِعَات إساءة الاختيار، لذا علينا أن نربي أبناءنا على أن يعملوا تفكيرهم دائمًا ويوازنوا بين المصالح والمفاسد، ونعلمهم كيف يضعون أهدافهم وكيف يسعون في تحقيقها وكيف يصلون إليها، ونعودهم، بعد أن نعلمهم أن يتحملوا مسئولية اختياراتهم، فنحقق الثنائية الهامة: التعليم والبيان من جهة والتدريب من خلال الصواب والخطأ من جهة أخرى.
وفي الختام
كان ما ذكرناه تفتيح آفاق ووضع لقضية الإبداع في دائرة الضوء وبؤرة التركيز؛ حتى يستشعر الآباء أهميتها وخطورتها ويواصلون البحث والتعرف؛ فيزدادوا خبرة وقدرة وتأهلًا لما يناط بهم من مسئولية التربية الإبداعية.. [الأنترنت – موقع طريق الإسلام - التربية الإبداعية - عمر السبع ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والعشرون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان: *فوائد التربية الإبداعية:
*الإبداع والتربية - مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي
من الطبيعي أن يكون الإبداع ـ في المنهج الإسلامي ـ وسيلة خاصة من وسائل التربية، وبعيداً عن المصطلحات والمدارس المختلفة لتفسير العلاقة بين الإبداع والتربية، فإنه يمكننا القول: إن الإبداع الفني أو الأدبي له تأثيره المتميز على نفسه المتلقي وفكره سواء أدرك المتلقي ذلك أو لم يدركه، إن البهجة أو المتعة التي يخلفها الأثر الأدبي، أو استئناف التفكير في المشاكل أو الصراعات التي يطرحها الفنان، أو اتخاذ موقف من المواقف، إنما ينبع ذلك كله مما نسميه بالتأثير، حتى ولو افترضنا أن الفنان كان جمالياً صرفا، وتلك المصطلحات التي نقرأ عنها في التراث المسرحي القديم عند الإغريق أو الرومان كالتطهير أو التعاطف أو التسامي وما إلى ذلك، إنما ترمز جملتها إلى الأثر التربوي للإبداع، كما تعبر عن التفاعل الوجداني بين ذلك الأثر والمتلقي، ولا نستطيع أن نفصل المضمون الفكري عن الشكل الفني في هذا
التصور، فكلاهما ترجمة متلاحقة للإبداع الصحيح.
والأدب الإسلامي يتمثل ذلك المفهوم، ويوظف إمكاناته المختلفة في إحداث الأثر الإيجابي، المرتبط بذات الأديب المسلم وتصوراته وتطلعاته، ويأتي هذا تلقائياً دون تصنع أو زيف، لأن التكليف يوهي من عرى الإبداع، ويعطل من تأثيره الفعال، ويهبط بمنزله الأديب إلى مرتبة تجعله قاصراً عن القيام بدوره، في تخليص الإنسان من الوثنية والانحراف والتخبط، وتعزله عن دوره الحضاري والاجتماعي.
يقول الدكتور منير مبشور: إن العلاقة بين الإبداع والتربية قد بدئ الاهتمام بها في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وهي تنقسم إلى فترتين رئيستين الأولى يمكن تسميتها بالفترة الانطباعية أو الاستنباطية وهذه تبدأ مع العالم (فرنسيس جالتي) الذي كتب عام 1869 حول موضوع الإبداتع واعتبره عملية وراثة، أما الفترة الثانية فهي الفترة التجريبية أو الاستقرائية التي بدأت مع السلوكين، وبلغت ذروتها بعد تجارب العالم الأمريكي (جلفورد) وهي التجارب المشهورة في أوائل الخمسينيات.. ولا شك أن الفترة الانطباعية تختلف عن التجريبية، وذلك بأن الذين بحثوا في عملية الإبداع ودوافعه استندوا إلى قراءاتهم الخاصة (بالنسبة للانطباعيين) لشخصيات أبطالهم، واستخدموا وسائل الاستنباط والمنطق الداخلي للتوصل إلى خلاصاتهم دون استقراء آراء وأفكار هؤلاء الأبطال أنفسهم بشكل مباشر، بينما ـ على العكس من ذلك ـ توصلت الفترة التجريبية إلى خلاصاتها استناداً لاستجابات أشخاص محددين على أساس دوائر وامتحانات ذكاء أو امتحانات إبداع واستجابات على أنواع.
ومن الضروري التأكيد على أن الطريقة الثانية تستخدم الدوائر والامتحانات لم تؤد بالضرورة إلى نتائج أهم أو حتى أقرب إلى الصحة والقبول، فالمسألة تعود إلى اختلاف فلسفي عميق بين طريقتين في المنهج... إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*الإبداع والتربية - مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي
والقارئ لفلسفة الشاعر الفيلسوف (محمد إقبال ) ـ فلسفة الذات ـ يدرك بعض النقاط التي يلتقي فيها مع (برجسون ) إذ أن إقبال يشير دائماً إلى نمو (الذات ) وجهادها ونموها الدائب نحو الكمال، وانفعالها بما يسميه العشق الذي يتسم بالنقاء والطهر والتفاني والتضحية وخاصة حب الله والمصطفى، وله في ذلك قصائد طوال تنبض بالقوة والحرارة، فالذات المؤمنة العاشقة المجاهدة تتحدى الفناء، وتقهر الصعاب، وتتأبى على الهزيمة.
والأديب المسلم يعايش عقيدة وفكراً وسلوكاً من نوع، وهي تؤثر في مكوناته النفسية والعقلية، وفي قدراته الإبداعية، ومن الطبيعي أن تكون علاقاته الخارجية، وانفعالاته الداخلية، متسمة بلون من الصراعات أو التساؤلات التي تنبعث أساساً من موقفه من الحياة وحركتها وما تموج به من تناقضات وصراعات، وليس من المنطقي أن تكون نفس المؤمن خالية من هذه الحركة الموارة، فهو يرفض ويقبل، ويحب ويكره، ويحلم ويأمل، وينفعل ويعبر، إنه ليس بحيرة ساكنة هادئة نائمة، ومن يتصور غير ذلك فهو واهم، ثم إن هذا الوضع لا يتناقض مع قوة اليقين، واطمئنان النفس، وعمق الإيمان، وعظمة التسليم لله.
إن صورة الحياة الهائجة المائجة المضطربة تنعكس على فكر المؤمن ونفسه فتحرك عواطفه ووجدانه، وتثير فكرة، فيبعث صوراً أدبية جميلة تتسم بالحيوية والصدق، وبديهي أن استقراره العقائدي يعصمه من الزيف والزيغ والانحراف، فنحن نقبل من انطباعيين ما يوافق تصورنا، ونرفض ما يتناقض مع مفاهيمنا، ونحترم جهودنا التجريبيين، ونحتفظ بالنسبة لبعض تحليلاتهم استنتاجاتهم، فليس من المعقول أن نقبل وجهة نظر فرويد في الفن على عواهنها، أو تفسيرات (ادرلر )و(ويونج )، فلن يكون الكبت الجنسي دافعاً للإبداع، أو ترجمة لما يحدث في الفن من تسام، ولن يكون تعويضاً عن مركب نقص كامن في الإنسان، وإذا جاز ذلك في بعض الأحوال، فليس من السهل منطقياً قبوله كقاعدة عامة.
ولقد كان الإسلام أصدق تعبيراً وتحليلاً للنفس
الإنسانية، حين جلى صفات القوة والضعف فيها، وحين أوضح العوامل المختلفة التي تحركها سلباً وإيجاباً، وحين ضرب الأمثلة الحية على صدق التصور الإلهي وعظمتة والإنسان كشجرة تؤتي أكلها كل حين بأمر ربها، أو كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.. وعطاء المؤمن الحق حينما يبدع ما هو إلى ثمر طيب لشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، ومن ثم فإن الأدب الإسلامي وفق هذا التصور يمكن أن ينحو بالتربية المنحى الصحيح المؤثر..
لقد اجمع الدارسون في مجال الإبداع والتربية أن القهر
والتسلط والكبت تعطل من القدرات الإبداعية،
وتضع أثرها الهام، وتحرم الكبار والصغار من حب الاستطلاع والفضول والتعجب والدهشة والاستكشاف، والانطلاق في التفكير والتعبير، وإذا كانت هناك رغبة حقيقية في تنمية الإنسان فلا بد لنا قبل كل شيء أن نعطيه حرية التعبير، وحرية الاحتجاج، وحرية المشاركة في إبداء الرأي والقرار، وحرية أن يملك فضول الطفل وحركته، فلا إبداع بدون حرية، والقهر يدفع إلى الهروب وارتداء الأقنعة الزائفة، كما يدفع إلى الإغريق في الرموز والإبهام، ويدفع إلى اليأس والملل، وقد تتولد عنه قيم نفعية جديدة، تضر بالفن وبالتربية معاً، ولكي يؤدي الإبداع دوره البناء في التربية فلا بد له من التربية الصالحة، والهواء النقي، والتحرر من قيود الذل والهوان، والقضاء على بطش السلطة ونزواتها وأهوائها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*الإبداع والتربية - مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي
ولا بد أيضاً من أساليب تربوية، ومناهج دراسية، تلتزم بالقيم العليا التي نزلت من السماء مطهرة صافية منزهة عن جشع الإنسان، ورغاباته الذاتية، وأنانيته المفرطة، وأمانة الكلمة لا تتحقق إلا في ظل العقيدة السمحاء، والحرية الأصلية، فقد ولد الناس أحراراً بالفطرة، لكن الغرور الإنساني، والانحراف الأخلاقي، قد مهد لصنع القيود والأغلال.
ولا يستطيع ناقد أن ينكر ما تحلى به الشعر العربي عندنا من قيم رائدة جعلت أحد النقاد الفرنسيين المعاصريين يقول: (إن الشعر العربي في مجال الإحساس والشعور أنقى شعر عرفة الإنسان: فالأمانة والصدق والشهامة والصداقة واحترام المرأة، وقرى الضيف والكرم، وعظمة النفس والبطولة والفخر، هي بعض ما يتغنى به هذا الشعر، وهو يسمو به فوق شعر الأمم فحوله ونبلاً"
ولهذا كان أسلافنا المسلمون في العصور الإسلامية الأولى يجعلون الشعر عنصراً من أهم عناصر التربية لأبنائهم، إلى جانب السير والمغازي والقرآن الكريم والسيرة والأحاديث، وليس في القيم العليا قديم وحديث، يقول الدكتور زكي نجيب محمود : (بينما الإنسان في وجوده الحضاري لا غناء له عن جوانب كثيرة، كلها أساسي وجوهري لذلك الوجود، إلا أن جانباً واحداً منها هو الذي يتغير مع الزمن تغيراً يصحح به أخطاء نفسه، وذلك هو جانب العلم، وأما سائر الجوانب ففكرة الخطأ ووجوب تصحيحه غير واردة فيها، فالعقيدة الدينية لها عند المؤمن كمال من لحظتها الأولى، لأنها جاءت وحياً، وبهذا يكون معيار القياس بعد ذلك، هو الأصل كما أوحى به، وعلى ذلك فلا يكون للزمن وامتداده قدرة على تكملة ما هو منذ أوله كاملاً، وأما مجالات الإبداع في الفن والأدب، فهي كذلك لا يسهل علينا أن نفاضل فيها بين قديم وجديد مفاضلة نفترض فيها أن ما هو جديد يكون بحكم الضرورة أصح وأكمل مما هو قديم، وذلك لأن الأمر فيها مرهون بموهبة الفنان أو الأديب، وليس ثمة ما يمنع أن تكون أقدم موهبة أعظم من أحداثها، فماذا يمنع ألا يكون في شعراء العرب المعاصرين من يرتفع إلى مستوى شعراء الجاهلية؟؟ وماذا يمنع ألا يكون بين أدباء المسرح اليوم من ينافس سوفو كليس أو شكسبير ؟؟ .. واضح إذن أن هذه الجوانب كلها التي هي بمثابة الروح في الجسد، لا تخضع للتقدم مع ما يتقدم من جوانب الحضارة، وأما الذي يتقدم بحكم طبيعته بحيث يكون
اليوم أصح منه بالأمس فهو العلم ).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والعشرون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: *الإبداع والتربية - مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي
هل نستطيع أن نجرد الإبداع من القيم ؟؟
وإذا كان الإبداع خاوياً من القيم العليا فكيف يؤدي دوره التربوي ؟؟ وهل القيم الإسلامية وقدميتها يقف حائلاً دون جدواها وفعاليتها ؟؟ ثم ما هي حدود تلك القيم ؟؟ إن مفهوم الحرية لدى الماركسيين والوجوديين والنفسيين يختلف عن مفهومها لدى الإسلاميين فهل اختلاف التصور مدعاة للحيرة والارتباك والملل والشطط ؟؟
إن اليقين المستمر في قلب المؤمن . يدفع عنه أذى التصورات الخاطئة والأوهام الفلسفية الجانحة، فهو بمأمن من الخلل النفسي والفكري الذي يتعرض له المتحللون من قيم السماء ومبادئها، ولنتساءل عن أي شيء انجلت تلك المعارك الطاحنة بين الفلاسفة القدامى والمحدثين ؟؟ إن جدلهم الصاخب سيظل محتدماً عبر العصور، إلى أن يتبينوا أن الحق كل الحق في منهج الله.
ثم .. إن الأدب الإسلامي لا يستسلم لوهم الغرور
حينما يعتقد أن الإبداع الفني أو الأدبي هو الوسيلة المثلى للتربية، فالتربية الصحيحة تترعرع في ظل القدوة الحسنة أولاً، وتنمو في إطار الأسرة المسلمة، المدرسة، والمسجد أيضاً وما الفن إلا وسيلة من الوسائل المكملة أو المدعمة لعملية التربية السليمة متى استقام له الطريق ، واتضحت أمامه الرؤية ، وسار في ركب الدعوة الإلهية التي تنشد السعادة والخير للجميع، ولا قيمة لإبداع يثير التمزق والتشتت في الشخصية ، أو يورثها مزيداً من العلل والأسقام.. والله سبحانه وتعالى هو المبدع الأعظم.. هو البديع ..[ الأنترنت – موقع إسلام ويب – المنجد - مدخل إلى الأدب الإسلامي » الإبداع والتربية - د. مولاي المصطفى البرجاوي - تقديم بقلم الأستاذ: عمر عبيد حسنة ]
*عبادة الله باسمه تعالى البديع :
قال الله تعالى: ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [الأنعام: 101] المعاني والدلالات لاسمه تعالى البديع :
الله تعالى أبدع مخلوقاته على غير مثال سابق، وبنظام بديع يدل على أنه الواحد .
ـ والإبداع هو إعجاز فوق الخلق من صنع الله تعالى :
1ـ من أدرك إبداعات الله تعالى في خلقه فقد أدرك أيضًا أن الله تعالى أبدع فيه عقلاً ميزه عن غيره، فليبدع بهذا العقل في أنواع الجهاد نصرةً للبديع سبحانه .
2ـ وإياك والبدع بأن تخترع عبادة لم يشرعها الله
تعالى ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو عبادة شرع أصلها لكنك غيرت في طريقة أداءها .
3ـ ولتبدع في الدنيا ما شئت فإن الله قد أمرك بأعمارها ، فإن الله تعالى قد أمرنا أن نسير في الدين اتباعا في الدنيا لا ابتداعًا .[ الأنترنت – موقع معرفة الله - د. أشرف حجازي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: *الإبداع والتربية - مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي
هل نستطيع أن نجرد الإبداع من القيم ؟؟
*التفكير الإبداعي.. أتحسبه بعيدًا وهو قريب؟!
التفكير.. متغير بلا نهاية، وعين على المستقبل!
إنَّ معظم الإنجازات العلميَّة والتكنولوجيَّة والعسكريَّة التي حققتها البشريَّة في القرن العشرين هي نتاجات
أفكار المبدعين، ولكن العلم في الماضي كان يُصمم لعالم مستقر، أما الآن فإن مجتمعنا يعيش في عالم سريع التغيُّر والتلجلُج والاضطراب، ومليء بأصناف الأمراض، والحروب، وتحيط به تحدِّيات وطموحات محليَّة وعالميَّة، لعلَّ من أهمها الانفجارَ المعرفي والتطور التكنولوجي، والانفتاح على العالم نتيجة سرعة الاتصالات والمواصلات، حتى أصبح العالم قريةً صغيرة، على حدِّ تعبير "ماكلوهان"، كل ذلك يحتاج منا السرعة في تنمية عقليات مُفكِّرة قادرة على حلِّ المشكلات، وبطُرق نقديَّة إبداعيَّة، وتعتبر تنمية هذه العقليَّات المفكرة مسؤولية كل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسات التعليميَّة، قطب رحى لمجالات الحياة كلها، وإن لم يتمَّ تظافر الدولة مع هذه الأخيرة، فإننا سنظلُّ نراوح مكاننا.
مدخل مهم للولوج:
بادئ ذي بَدء، أسوق مجموعة من الشواهد والأمثلة
والآراء الدافعة إلى تطوير الطاقة الكامنة نحو الإبداع والابتكار، في وقت كَثُر فيه الإرجاف والانتقاص من قيمة الإنسان وفعاليته، وأصبحنا نبحث عن العالِم والمبدع والأديب والمثقف، مثلما نبحث عن الإبرة في كومة من القش!
من هنا تأتي أهميَّة ممارسة النقد الذاتي من دون توقُّف، وبإصرار من دون مللٍ ولا رحمة؛ لأن قوانين الكون أعوص وأعقد مما نتصوَّر، وكل ما نحصله من الكون هو في الواقع صورٌ ذهنيَّة فكريَّة لا أكثر، كما حصل مع جيل ما قبل "كوبيرنيكوس"، الذين استرخوا على ظهورهم في كرة أرضيَّة ثابتة هي مركز الكون، وكلُّ الكون يدور حول كوكب تافه؛ عفوًا حول هذا العملاق، إنه الإنسان الذي يختزن كلَّ مبتكراته في حيِّزٍ ضيِّق، لكن عوائق عِدة تحول دون إبرازها.
لكن كما قال القائل:
لاَ تَحْسَبِ الْمَجْدَ تَمْرًا أَنْتَ آكِلُهُ
لَنْ تَبْلُغَ الْمَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبْرَا
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والعشرون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: *الإبداع والتربية - مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي،هل نستطيع أن نجرد الإبداع من القيم ؟؟
• ليس العيب أن تسقط ولكن العيب أن تبقى حيث تسقط، واعلم أن البحر الهادئ لا ينشئ بحَّارًا
ماهرًا،الحياة تحمل العديد من المتناقضات والأضداد: الضياء مع الظلام، العدل مع الظلم، المشكلات مع الحلول، وجود المشكلات أمرٌ طبيعي، ويدل على وجود عمل له خاصية التفاعل والاستمراريَّة والتجديد والنهوض، الحياة مليئة بالحجارة، فلا نجعلها تعثر مسيرتنا، بل الواجب جمعها لبناء مدرج وسُلَّم نحو النجاح!
• لا تخشَ الفشل، واعلم أن الإنسان مهما طالت
شهرته الآفاق في الإبداع والمعرفة العلميَّة والأدبيَّة والإنسانيَّة عامة، لا بد وأن تنغصه فترات حالكة، وهذا من طبيعة النقص التي تعتريه، وقديمًا قال العماد الأصفهاني: "إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابًا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد لكان يستحسن، ولو قدَّم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العِبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".
والمثال المتميِّز في هذا السياق: "أديسون"، جرَّب 1800 تجربة قبل أن يخترعَ المصباح الكهربائي، ويضيف "بيل غيتس": ما أن تحتوي الأخبار غير السارة، لا بصورتها السلبيَّة، بل كدليل على الحاجة إلى التغيير؛ فإنها لن تهزمك؛ إنك تتعلم منها، تفاءلوا بالخير تجدوه.
• لا خوف من التغيير والطريق نحو الجودة، والجودة ليست نتاج الصدفة - على حدِّ تعبير "John Ruskin"- بل تأتي دائمًا نتيجة الجهد الذكي، هي الإرادة لإنتاج شيءٍ متفوق.
• الحياة حُبْلى وستلد العجائب، إذا كنا نعتقد أن جودة التعليم وميزانيَّة البحث العلمي مكلفة، فدعونا نفكِّر بتكلفة الجهل والتخلُّف عن مستجدات العصر!
• يقول ابن قتيبة: "من أراد أن يكون عالمًا، فليطلب
فنًّا واحدًا"؛ أي: تخصُّصًا واحدًا، لكن لو فتحت خيالك العلمي الخصب على توجُّهات علميَّة عِدة، لكان أفضل، والنموذج البارع والشاهد التاريخي في هذا الباب ابن خلدون، وابن رشد، وقِسْ على هذه المرحلة لو حركت بُوصْلتك إلى توجُّه علميٍّ غير تخصُّصك، لكنت عُرْضة للفناء: كالسمكة التي يتم انتشالها من البحر إلى البر؛ ولكن الحيطةَ الحيطة، حذاري من التطاول على تخصُّصٍ غير تخصصك؛ الأيام دول!
• يقول الكواكبي: "الحكيم من يبتهج بالمصائب ليقطف منها الفوائد".
الحكيم أمير نفسه، لا تكن حاطبَ ليلٍ، إياك والعملَ في جُزر منعزلة، بل أَخْذ وعطاء.
• التعليم هو صُلب عمليَّة تنمية الإنسان، والمعرفة هي أداة التعليم المأمول، وكلاهما - التعليم والمعرفة - ليسا سلعًا تُستورد وتستخدم شأنها شأن السيارات أو الملابس أو الأطعمة، بل هما مرتبطان عضويًّا بثقافة و بِنَى مؤسسيَّة وأنشطة لا بد أن تغرسَ في واقعٍ مجتمعيٍّ بَشَريٍّ مُحدد، وتُرْوى وتُرعى؛ حتى تنمو متلائمة مع هذا الواقع وتصير قابلة للعطاء المقبول والمرحَّب به من أبناء هذا الواقع، وهذا لا يعني أن يبقوا قابعين في شرانق مغلقة عليهم، بل أخْذ وعطاء، وأن تطغى الثانية على الأولى["حلم مجتمع المعرفة العربي إما التحقُّق أو الهاوية"؛ د.سليمان إبراهيم العسكري، مجلة العربي، العدد (542)، يناير2004، ص (13).]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* رداءة التعليم هو سرُّ التخلُّف
فرداءة التعليم هو سرُّ التخلُّف التنموي والاقتصادي والعسكري الذي لا يُرقِّع فَتْقه بناءُ المطارات الضخمة، وطُرق السيارات السريعة، أو أسواق
ممتازة أو بيوت فاخرة!
لَيْسَ الْيَتِيمُ الَّذِي قَدْ مَاتَ وَالِدُهُ
بَـلِ الْيَـتِيـمُ يَـتِـيمُ الْعِـلْمِ وَالأَدَبِ
مِن هنا لا يصح في المقابل إطلاق العنان لكلِّ ما هو وارد بعُجَره وبُجَره، يقول أحمد فراج الإعلامي اللبناني : "إسرائيل أخذت من روسيا العلماء، وأخذنا نحن العربَ منها الراقصات"! شتان بين الثرى والثريَّا! شتان بين شمس الضحى ونور السُّهى! شتان بين الدافع للإبداع والمفرمل له! وما أروع قول أحد الشعراء: أَلَمْ تَرَ أَنَّ السَّيْـفَ يَـنـْقُـصُ قَـدْرُهُ إِذَا قُلْتَ إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ العَصَا
• المقاصد لها أحكام الوسائل، وليس شعار الميكافيلليَّة "الغاية تبرِّر الوسيلة"، الذي تبنَّته الصِّهْيَونيَّة النصرانيَّة الأمريكيَّة؛ لقمع كلِّ إبداعٍ مماثل لها، والعراق المثال الصارخ في هذا الباب، الذي تقدَّم بخطًى حثيثة في مجال صنع نخبة من العلماء، فدمَّرتها الآلة الحربيَّة لدول الحلفاء؛ بدعوى وجود أسلحة الدمار الشامل!
ولكن إذا تهيَّجت العواطف أصبحت مساحة العقل ضيِّقة، وبالتالي يضيق التفكير، ومِن ثَمَّ الإبداع!
يقول "برتراند راسل" : "كانت اليابان دولة متخلفة اقتصاديًّا، ولم تكن تشعر أبدًا أنها مُتخلفة ثقافيًّا"، ويقول "مهاتير محمد" - رئيس ماليزيا السابق الذي حقَّقت بلاده أرقامًا مذهلة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع - في الجلسة الافتتاحيَّة لمؤتمر منظمة العالم الإسلامي الذي عُقِد في "كوالالمبور" عاصمة ماليزيا: "إنه ينبغي علينا - نحن المسلمين - أن نوازن بين دراستنا للعلوم الدينيَّة والعلوم الحديثة والرياضيَّات؛ إذ لن يكون مقبولاً دينيًّا على أيِّ نحوٍ أن يظلَّ المسلمون هم الأكثرَ تخلفًا وفقرًا بين شعوب الأرض، بينما صحيح الدِّين والإسلام تحديدًا هو حافز أكيد، وداع إلى اكتساب المعرفة والترقِّي في الحياة، وهذا لن يتأتَّى للمسلمين إلاَّ بإزالة كلِّ ما عَلق بالإسلام
والمسلمين من جهل وخرافات وخُزَعْبلات".
من هنا؛ فالمشكل يكمن في فقدان الثقة، والعزم على الركون والثبات على ما هو مألوف، والخوف من
التغيير، والاستشهاد بما كان متداولاً عند الأقدمين: "فالذي تعرفه خير من الذي تتعرف عليه"
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثلاثون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* رداءة التعليم هو سرُّ التخلُّف
ولله در الشافعي إذ يقول:
نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ***وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا
وَنَهْجُو ذَاالزَّمَانَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ*** وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لهَجَانَا
وَلَيْسَ الذِّئْبُ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِئْبٍ ***وَيَأْكُلُ بَعْضُنَا بَعْضًا عَيَانَا
إن نظرةً سريعة إلى الواقع القائم في العالم العربي والإسلامي كفيلة بأن تجعل الدم يجفُّ في العروق، حيث التسلُّط، ومنع أيِّ شكلٍ من أشكال الابتكار، رغم أن بعضها يتمسَّح بمسوح الحريَّة، يقول جبران إبراهيم جبران : "الإبداع لا يأتلف مع الخوف؛ إذ كلما كتبت عبارة، خِفت وفكَّرتُ في شطبها؛ فإن كتابتك لا تستحق أن تقرأ، يجب على العربي أن يهيئ لنفسه ذلك المناخ الذي يمنع عنه الخوف، فيستطيع أن يقول ما يراه بحريَّة، وإلا فإن تفكيرنا سيظلُّ من الدرجة الثانية[جهاد فاضل؛ "قضايا الشعر الحديث"، الطبعة 1984.]
حذارِ من الانخداع بالغرب واتخاذه قدوةً في هذا المجال، خاصة في هذا العصر الذي يلفظ آخر أنفاسه كوهجة الشمس قبل الغروب؛ لقد ضاعت فيه الحريَّة بمفهومها الصحيح؛ فسياسة الكيل بمكيالين وازدواجيَّة المعايير والمصالح فوق كلِّ اعتبار أقصت كلَّ مبادئ الحريَّة والديمقراطيَّة التي يتبجَّحون بها؛ يقول "ونستون تشرشل" رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية: "الديمقراطية هي أسوأ نظام ما لم يطبَّق على الجميع".
ممنوع حتى التشكيك في الْمَحْرَقة، وإلا شتى صنوف العذاب، فأين حريَّة التعبير، والإبداع، والابتكار؟! أم الأمر حلال لهم حرام علينا؟!
واعلم أخي القارئ الكريم أن البحر يسع الجميع أن يسبح فيه، والسوق واسع، أي بضاعةٍ تدخلها فيه ستجد زبائن يشترونها، فلا تتردد في الإبداع والابتكار والتجديد، ولا تلتفت إلى الانهزاميين أصحاب الرُّؤى المثبِّطة، وضَعْ نصب عينيك شعارًا: "لا شيء مستحيل، فقط المطلوب تحديد الهدف والمسار والإصرار على الوصول، ومن سار على الدرب وصل"، ولا تكن إمَّعة؛ فكثيرًا ما نسمع: لدي رغبة في النجاح والإبداع، لكن سَرعان ما يصطدم ذلك كله بصخرة الواقع اصطدامًا قد لا تجتمع أشلاؤه، أو تلتئم أطرافه، رحم الله الشاعر إذ يقول:
أَعْمَى يَقُودُ بَصِيرًا لاَ أَبَا لَكُمُ
قَدْ ضَلَّ مَنْ كَانَتِ الْعُمْيَانُ تَهْدِيهِ
صحيح أن الواقع مُرٌّ ومليء بالأشواك، لكن لا بد من التثبُّت، ولا تنخدع بما يقرأ ويسمع، يقول الشاعر:
وَلاَ تَحْكُمْ بَأَوَّلِ مَا تَرَاهُ
فَأَوَّلُ طَالِعِ فَجْرٍ كَذَوْبُ
نعم، لا بد من التثبُّت وعدم التسرُّع والاستسلام؛ لأن الناس في هذا الزمان لهم أغراض وأهداف
براغماتية وآنيَّة وأنانية، خاصة بعدما ماج العالم بعضه فوق بعض، واضطرب والتبس الحق بالباطل؛ فاليقظةَ اليقظةَ، والتبصُّرَ التبصُّر!
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* ماهو سرُّ التخلُّف ؟
إن الأفكار الانهزاميَّة تجعل الميدان - عفوًا الحقل - مهددًا بأن يتحوَّل إلى أرض يَبَاب لا تعطي زرعًا ولا عُشْبًا، وتصير عبئًا على مَن يعيشون على ظهرها، هذا ما سطرته أنامل الغدر الأمريكي فيالعالم العربي : مِن قتل العلماء وتصفيتهم، وما تسعى إليه الدول العظمى جاهدة؛ لتبقى الدول المتخلفة عَالةً عليها، وكلُّنا يتذكَّر مقولة "روديار كيبلينغ": "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا".
ويقول "أمبرطو إيكو" الروائي والباحث الإيطالي: "الحضارة الغربيَّة لم تعد لحظة تاريخيَّة ولا منطقة جغرافيَّة، إنما آلة تدور لكي تصرع الجميع، حتى القائمين عليها"
لكن لو استحضرنا فكرة العقل الجمعي والإرادة، لن نلتفت إلى هراء هؤلاء، ورحم الله ابن القَيِّم إذ يقول: "الظبي أشد سعيًا من الكلب، لكنه إذا أحس به التفت، فيضعف سعيه فيدركه الكلب ويأخذه".
إياكم، إياكم أن تلتفتوا لصيحة ناعق أو حديث شامت أو هذيان مخذل؛ فهو هباء لا يملك مقاومة الرياح، فالأرض فاسحةٌ وواسعة، إنما تضيق على أصحاب الهِمم الدنيئة!
عنيت- كما قال أحمد أمين- أن أصف ما حولي مؤثرًا في نفسي، ونفسي متأثرة ومؤثرة بمَن حولي بكل شموخ المعزة، بكل صفات المحبَّة، بكل أوسمة التقدير، بكل سمات الاحترام، أنقل لكم بعض الأفكار عن التفكير الإبداعي، وأؤكِّد أنه ما لم يتمَّ التصويب وإعادة التصويب، وإعادة التشكيل والتنهيج للذهنيَّة المهزومة والفاقدة للأمل في النهوض، فسنبقى نراوح مكاننا ونقطع أحذيتنا ونستبدلها، ونظن أننا نقطع المسافات صوب أهدافنا؛ لذلك فالمشكلة كل المشكلة في ذهنيّتنا، في الوسائل التي تبني شبكة علاقاتنا الاجتماعيَّة ونسيجنا الثقافي، أو في أفكارنا التي تنتج
عالم أشيائنا؛ أي: تنتج وتكرِّس واقعنا الذي نحن فيه.
فمن الضروري أن نعرف ما هو الفكر والتفكير؟ ما هي الموهبة؟ وما هو الإبداع؟ ومن هوالشخص الموهوب؟ فإن معرفتنا لذلك هي الخطوة الأولى في عملية البحث عن الموهبة والإبداع، ثم إن المواهب والإبداع صفات لا تقوم بذاتها، ولا بد من وجود شخص تقوم به، وهذا يستدعي معرفة ما هو التفكير الإبداعي أو الابتكاري؟ من هو الشخص المبدع؟ وما هي جوانب الإبداع فيه؟وكيف نبحث عنها؟ وما الوقت المناسب لاستكشافها؟ هل هي المرحلة الابتدائيَّة، أم مرحلةالروضة، أم غيرها من المراحل؟ ثم ما هي الأدوات المناسبة التي تساعدنا في عمليةالبحث والاستكشاف؟ ما هي النظريات المكتشفة للإبداع ومعيقاته؟ ما هي آليات طُرق بعث الإبداع في النفس البشرية؟ كلها فعلاً إشكالات تستدعي نقاشات ضخمة، وحلقات دراسيَّة مهمة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والثلاثون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: * تعريف الفكر:
مَن يرجع إلى قواميس اللغة والدراسات المنطقيَّة
والعلميَّة التي عرَّفت الفكر وتحدَّثت عنه، يجد أن للفكر تحديدًا واضحًا وتعريفًا دقيقًا في هذه الدراسات والعلوم، ومن المفيد هنا أن نعرض عدَّة تعاريف للفكر كما وردت لبعض أعلام الفكر والعلم واللغة، قال الراغب الأصفهاني: "الفكرة قوَّة مطرقة للعلم إلى المعلوم، والتفكُّر جولان تلك القوَّة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان دون الحيوان، ولا يُقال إلاَّ فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب".
قال - تعالي -: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 219].
قال بعض الأدباء: "الفكر مقلوب عن الفرك، لكن
يستعمل الفكر في المعاني وهو فرك الأمور وبحثها؛ طلبًا للوصول إلى حقيقتها"؛ الراغب الأصفهاني؛ "معجم مفردات ألفاظ القرآن"، مادة فكر، وقال ابن منظور: "الفكر: إعمال الخاطر في شيء"؛ ابن منظور؛ "لسان العرب"، مادة فكر.
التفكير: مميزاته وأنواعه:
تتعدد التعاريف إلى حدِّ التخمة، لكن نعرض لبعضها للوقوف عند قسمات التفكير وملامحه:
يعرف "جروان" التفكير بأنه: سلسلة من النشاطات العقليَّة غير المرئيَّة التي يقوم بها الدِّماغ عندما يتعرَّض لمثير يتمُّ استقباله عن طريق واحدة أو أكثر من الحواس الخمس؛ بحثًا عن معنى في الموقف أو الخبرة، وهو سلوك هادف وتطوري يتشكَّل من داخل القابليَّات والعوامل الشخصيَّة، والعمليَّات المعرفية وفوق المعرفيَّة، والمعرفة الخاصة بالموضوع الذي يجري حوله التفكير"[ جروان، فتحي (1999)؛ "تعليم التفكير: مفاهيم وتطبيقات"، الإمارات: دار الكتاب الجامعي، ص (424).]
ويقف "سعادة جودت" عند جملة من التعريفات المتعددة للتفكير، ويخلص إلى أن التفكير "عبارة عن مفهوم معقَّد يتألف من ثلاثة عناصر تتمثَّل في العمليَّات المعرفيَّة المعقَّدة، وعلى رأسها حل المشكلات، والأقل تعقيدًا: كالفهم والتطبيق، بالإضافة إلى معرفة خاصة بمحتوى المادة أو الموضوع، مع توفُّر الاستعدادات والعوامل الشخصيَّة المختلفة، ولا سيِّما الاتجاهات والميول"[ سعادة جودت، (2003)؛ "تدريس مهارات التفكير"، الأردن: دار الشروق للنشر والتوزيع، ص (40).]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: * مهارات التفكير
أما مهارات التفكير، فهي عمليات محددة تستخدمها عن قصد لمعالجة المعلومات، مثل: تحديد المشكلة، وجمع المعلومات وتنظيمها، ومعالجة المعلومات وتحليلها، ثم اتخاذ القرار، ويمكن التمييز بين الأنواع التالية من التفكير:
1- التفكير التوليدي "الفكر الاجتهادي": وهو الفكر الذي يبدع ويضيف للحياة جديدًا؛ أي: الذي يولد المشاريع الناجحة.
2- التفكير النقدي: وهو القادر على رؤية النقص والأخطاء والعيوب في أيِّ عملٍ قائم، وإن لم يكن قادرًا على إيجاد البدائل المناسبة لما ينقده.
2- التفكير الاستيعابي "الفكر المقلد": وهو الفكر
القادر على استيعاب ما يبدعه الآخرون، وإن لم
يكن قادرًا على الإبداع والتجديد والإضافة والعطاء.
4- التفكير الغامض: وهو التفكير المشوَّش العاجز عن إدراك العلاقات بين الأشياء وحجم كل شيء في الموضوع الذي يفكر فيه، ويعجز أيضًا عن التعبير عما يدور في نفسه من أفكار بصورة واضحة.
5- التفكير المتشكك: وهو تفكير المؤامرة الذي يتشكك في كلِّ عملٍ وفي كل شخص، ويعتقد أن وراء كل شيء مؤامرةً، وأنه المقصود من وراء كل مؤامرة، وأنه لا جدوى من أيِّ عملٍ ولا فائدة من أيِّ محاولة.
6- التفكير المبالغ: وهو التفكير الذي يُعطي كلَّ شيءٍ أضعاف حجمه الحقيقي؛ سواء كان سارًّا أم ضارًّا.
7- التفكير السطحي: وهو التفكير الذي يكتفي بظواهر الأشياء، ولا ينفذ إلى معرفة حقائقها وكنهها.
8- التفكير التحليلي السببي: وهو التفكير المتمعِّن الذي يميل صاحبه إلى البحث عن أسباب كل حادثٍ ومقدماته، ونتائجه ومقاصد القائمين عليه، وما هو الموقف المناسب حيال هذا الحادث، وما دوره هو فيه.
9- التفكير التبريري القدري: وهو التفكير الذي يبادر صاحبه إلى إخلاء نفسه من أيِّ مسؤولية حيال أي أمرٍ يقع ويلقي بتبعة ذلك على الأقدار، ويبرِّر كلَّ تصرُّفٍ منه مهما كانت نتائجه.
10- التفكير الجزئي: وهو التفكير الذي ينظر صاحبه إلى الحدث مبتورًا من سياقه ومنفصلاً عن قاعدته الكلية العامة، الذي هو في الحقيقة جزء منها.
11- التفكير الكلي التجميعي: وهو التفكير الذي يهتمُّ بالنظر في الأمور الكليَّة العامة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان: خصائص الإبداع
هي كالتالية:
أ-الإبداع باعتباره عمليَّة سيكولوجيَّة: هو النظر بطريقة غير مألوفة للأشياء أو الأمور، وأن ترى ما لا يراهالآخرون،أو كل جديد جيِّد ذي جَذوة،كما يدل على القدرة الخارقة على التخيُّل والتأمُّل تمرُّ بخطوات ومراحل محددة:
مرحلة الإعداد Preparation، حيث يقوم المبدع بجمع المعلومات التي يحتاجها لحل تلك المشكلة، ثم تأتي مرحلة الكُمُون أو الاحتضان Incubati ، حيث يشرع المبدع في التفكير في هذه المشكلة وتحليل المعلومات التي لديه بشكل مستمر ولا شعوري، حتى تأتي مرحلة الإشراق Illumination: وهي الخلاصة والحل التي يصل إليها فجأة، وفي أيِّ موقفٍ كان كحلٍّ لتلك المشكلة، بعدها تبدأ مرحلة التحقق Verification من ذلك الحلِّ وَفْق المعايير الموضوعة.
ب- الإبداع باعتباره قدرةً عقليَّة: إذ يرى عددٌ من المختصين أن التفكير الابتكاري عبارة عن مجموعة من القدرات العقليَّة التي يمكن التعرُّف عليها وقياسها بواسطة اختبارات معدة لذلك، ويركز العلماء في قياس التفكير الإبداعي على أربع قدرات، هي:
1-الطلاقة: وهي قدرة المرء على الإتيان بأكبر عدد
ممكن من الفِكر مهما كان نوعها.
2-المرونة: وهي قدرة المرء على الانتقال من فكرة إلى أخرى مهما كانت مستوياتها. 3-الأصالة: هي قدرة المرء على الإتيان بفكرة جديدة لم تخطر على فكر أحدٍ في مجموعته. 4 - التفصيلات: هي قدرة المرء على الإضافة إلى الفكرة الأصيلة لجعلها أكثر رونقًا وجمالاً وملاءمةً لمواجهة مشكلته وإقناع مَن حوله .
ج- الإبداع في ضوء المناخ البيئي المشجِّع على الابتكار؛ حيث حدَّد بعضُ الباحثين هذه البيئة التي يتوافر بها العوامل الميسرة للتفكير الابتكاري، بَدءًا من الأسرة والمدرسة وحتى المجتمع؛ حيث النُّظم والقوانين المشجعة، والاهتمام وتشجيع جميع أنواع الابتكارات والمواهب، فاليونان المعروفة تاريخيًّا بإرثها الفلسفي من تطوير الحرية الشخصيَّة والفرديَّة والفكر الموضوعي[ ريتشارد إي.نيسبت؛ "جغرافية الفكر": كيف يفكِّر الغربيون والآسيويُّون على نحو مختلف، ولماذا؟؛ ترجمة شوقي جلال، عالم المعرفة، العدد (312)، فبراير 2005، ص (48).]
د- الإبداع على ضوء الفكر الفلسفي: الإبداع هو كشف الغطاء عن شيء موجود، وهو قوة لتحويل العالم، الإبداع يجعل العقل كجهاز الرادار ليلتقط كلَّفكرةٍ إبداعيَّة، الإبداع يجعل مشهد غروب الشمس يوحي لك بفكرجديدة،
لكن التعريف الذي أثار انتباهي هو التعريف الجامع البسيط "لجون هارتلي": "امتلاك فكرة جديدة"؛ وحدَّد أربعة معايير للفكرة الجديدة يجب أن تكون شخصيَّة وأصيلة، وذات معنًى ونافعة[ جون هارتلي؛ "الصناعات الإبداعيَّة": كيف تنتج الثقافة في عالم التكنولوجيا والعولمة؟ ترجمة بدر السيد سليمان الرفاعي، سلسلة عالم المعرفة، العدد (338)، أبريل 2007، ص (158).]
خلاصة: الإبداع علم نظري تجريبي ليس نهائيًّا، فبعض ما هو صحيح اليوم قد يلغى غدًا و العكس صحيح.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
ماذا عن التفكير الإبداعي:
يرى بعض العلماء أن ثمَّة فَرْقًا بين الإبداع والابتكار؛ حيث إن الإبداع يتناول الجانب النظري، والابتكار هو الجانب التطبيقي، وبمعنى آخر: إن أية فكرة أصيلة جديدة هي فكرة مبدعة، ولكن إذا تحولت هذه الفكرة إلى واقع حقيقي ملموس، فإنها تتحول إلى ابتكار، ولكن في النهاية يدخل في خانة الصراع
المصطلحي، ليس إلاَّ!
والمهم أن التفكير الإبداعي يرتبط- على حدِّ تعبير"دي بونو" - ارتباطًا وثيقًا بالإبداع، ولكن الإبداع يصف الناتج، أما التفكيرالإبداعي فيصف العمليَّات نفسها.
وعلى ذلك يعرِّف "منير كامل" 1996 التفكير الإبداعي بأنه: "الأسلوب الذي يستخدمه الفرد في إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار حول المشكلة التي يتعرَّض لها"الطلاقة الفكريَّة"، وتتصف هذه الأفكار بالتنوُّع والاختلاف (المرونة)، وعدم التكرار أوالشيوع (الأصالة)".
ويعرف "فتحي جروان" 1999 التفكير الإبداعي بأنه: "نشاط عقلي مركب وهادف، توجهه رغبة قويَّة في البحث عن حلول أوالتوصُّل إلي نتائج أصيلة لم تكن معروفة سابقًا، ويتميَّز التفكير الإبداعي بالشموليَّةوالتعقيد؛ فهو من المستوى الأعلى المعقَّد من التفكير؛ لأنه ينطوي على عناصر معرفيَّةوانفعاليَّة وأخلاقيَّة متداخلة تشكِّل حالةً ذهنيَّة فريدة:
#المكونات العامة للإبداع:
البيئة الإبداعيَّة + العمليَّة الإبداعيَّة + الشخص المبدع + المنتج الإبداعي.
#مكونات التفكير الإبداعي: المعرفة (النظري) +
الرغبة (الدافع والحافز النفسي) + المهارة (القدرة والتمكُّن).
#هل هناك علاقة بين مهارات التفكير الإبداعي والتفكير الناقد؟
أ- التفكير الناقد: يصنف الباحثان"أودل، داني الز" مهارات التفكير الناقد في ثلاث فئات، هي:
1- مهارات التفكيرالاستقرائي؛ أي: التوصُّل إلى تعميمات وقواعد وقوانين من خلال جزئيَّات صغيرة.
2- مهارات التفكير الاستنباطي: وهو عملية قياس منطقي، ويتمُّ فيه التوصُّل إلى نتائج منمقدمات.
3- مهارات التفكير التقييمي: ويعني إصدار حكم حول قيمة بعض الأموروالأفكار .
• معايير التفكير الناقد: حدَّد الباحثان "إيلدر، بول" تلك المعايير في الآتي: "الوضوح، الصحة، الدقة، الرَّبط، العُمْق، الاتِّساع، المنطق" .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والثلاثون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
ماذا عن التفكيرالإبداعي ؟ :
ب- التفكير الإبداعي " الابتكاري":
1-مهارات التفكيرالإبداعي: "الطلاقة، المرونة، الأصالة، الحساسية للمشكلات، الاحتفاظ بالاتجاه".
2- عقبات التفكير الابتكاري: "شخصية، بيئيَّة".
أ- شخصيَّة: "انعدام الثقة، الميل للمجاراة، الحماس
ب- المفرط، التسرُّع، التفكير النمطي، عدم الحساسية".
ب- بيئيَّة: "مقاومة التغيُّر، انعدام التوازن بين التعاون والتنافس، انعدام التوازن بينالجدِّ والفكاهة".
• الفرق بين التفكير الناقد، والتفكير الابتكاري:
1- التفكير الناقد: "متقارب، يقيم أمورًا موجودة، لا يغيِّر شيئًا، منطقي".
2-التفكيرالإبداعي: "متشعب أو متباعد، ينتهك أمورًا موجودة أو منطقيَّة، لا يمكن التنبؤبنتائجه".
هل هناك علاقة بين التفكير الإبداعي والذكاء؟
أ- الأصول التاريخيَّة: يرجع الاهتمام بالذكاء والقدرات العقليَّة إلى تاريخ موغل في القِدَم، ويعود أول قياس للذكاء والقدرات إلى القرن الثاني قبل الميلاد على أيدي الصينيين، وبعد ذلك قدَّم "أفلاطون" على لسان أستاذه "سقراط"، في محاورة الجمهورية نظريةً حول القدرات العقليَّة، وتفترض هذه النظرية أنه يمكن تقسيم البشر إلى ثلاث فئات غير قابلة للتغيُّر، كالمعادن:
الحُكَّام - الفلاسفة: "الذهب"، وهم في أعلى سُلَّم القدرات العقليَّة.
يليهم القادة العسكريون: "الفضة".
ويأتي العمَّال الفلاحون والعُمَّال في ذيل السُّلَّم: "الحديد".
أما "أرسطو"، فربط بين الوظائف العقليَّة والمخ،
وقدَّم تصورًا للذكاء على افتراض أنه يتكون من
ثلاثة جوانب: الأول نظري "مجرد"، والثاني عملي
يتصل بالمهارة، والثالث إنتاجي يتعلَّق بالقدرة على الإبداع والابتكار.
أما في الحضارة العربيَّة والإسلاميَّة، فربما كانت أكثر محاولات دراسة الذكاء مباشرة وعموميَّة هي دراسة ابن الجوزي (510هـ - 597هـ/1110م -1197م) عن الذكاء في كتابه عن "الأذكياء"، وقد ناقش في كتابه هذا قضايا البيئة والوراثة والعلاقة بين التكوين الجسمي والذكاء وأثر المناخ في الذكاء، إلا أن جانبين رئيسين استأثرا باهتمام "ابن الجوزي" عند دراسته للذكاء: الأول هو الذكاء اللفظي، أما الجانب الثاني، فهو الذكاء العملي، أو القدرة على حل المشكلات، والتي تعتمد على إدراك المشكلة وسرعة الاستجابة لها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والثلاثون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
ماذا عن التفكيرالإبداعي ؟ :
أما في الغرب، فلم تبدأ إرهاصاته إلا على يد اثنين
من الأطباء النفسيين الفرنسيين في أواخر القرن
الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وهما Jean Etiene Esquirel : الذي ميَّز بين المرض النفسي والتخلُّف العقلي، وJean Mark Etard: من الآباء المؤسسين لمجال التربية الخاصة؛ فخبرته مع أحد الأطفال الذي يفتقر إلى اللغة وإلى أبسط مهارات الحياة كانت بمثابة جهد منظم لمساعدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة[ د.محمد طه؛ "الذكاء الإنساني": اتجاهات معاصرة وقضايا نقديَّة، سلسلة عالم المعرفة، العدد (330)، أغسطس 2006، ص (17-18)، بتصرُّف يسير.]
ب- التفكير الإبداعي والذكاء: جدليَّة الثابت والمتحوِّل :
لا شك أن العلاقة بينهما عميقة، وتكاد أن تكون
ملتحمة؛ فالمبدع مفكِّر وذكي، إلا أن "الإبداع
يتصف كذلك بالمثابرة والعمل الجاد لشخص نشيط ومَرِن وذي فعالية عالية"[ روشكا الكسندرو؛ "الإبداع العام والخاص"؛ ترجمة: د. غسان عبد الحي أبو فخر، الكويت: عالم المعرفة، 1989م ، ص (72).]
ولا بدَّ من وجود دافعيَّة كشرط أساسي للقيام بأيِّ نشاطٍ عقلي مُبدع، كالحماس والحساسية والانجذاب لما هو غامض، وحُب السؤال، والرغبة في التميُّز والخلق[د. إبراهيم عبد الستار؛ "آفاق جديدة في دراسة الإبداع"، الكويت: وكالة المطبوعات، 1978، ص (95).]
وإنَّ أيَّ عملٍ إبداعي ما هو إلا "عمليَّة خلق شاقَّة
يقوم بها المبدع؛ لكي يحتفظ بتكامله الشخصي أو
بتكامل مجتمعه"[ د.إبراهيم، نفس المرجع، 1978، ص (107).]
وإذا كان التفكير الإبداعي يتصف بقيمته العالية ونتائجه المفيدة للفرد والمجتمع، فهو إذًا يقتصر على استخدام الذكاء بطرقٍ إيجابيَّة تخدم الشخص نفسه من جهة، والآخرين المحيطين به والذين يشاركونه العيش على هذا الكوكب من جهة أخرى، بينما يمكن استخدام الذكاء بطرق سلبيَّة.
فالذي يفكِّر في صنع الأسلحة المدمرة هو شخص ذكي، ولكنه بدلاً من توظيف ذكائه في إبداع صناعات
لفائدة البشريَّة ورفاهيتها، نراه قد صنع أدواتٍ لتدميرها.
لذا؛ فالذي يميِّز بين التفكير الإبداعي والذكاء أنَّ
الأوَّل يقترن بالقِيَم الإنسانيَّة والْمُثُل والأخلاق،
أما الثاني فقد ينحرف عنها أحيانًا.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
هل يقتصر الذكاء "التفكير" على شعبٍ دون آخر، أو فردٍ دون آخر؟
يوجد بلدان متقدمة وأخرى متخلفة.
بالعودة إلى المقولة السابقة لـ "روديار كيبلينغ":
"الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا"، يبدو للوهلة الأولى أن التخلُّف صفة أزليَّة من الصعب الخروج من أتُّونها ومن زلاَّتها، هذا التصور دفع في المقابل "ريتشارد نيسبت" إلى القيام ببعض الأبحاث التجريبيَّة على بعض الأطفال في الغرب والشرق، فرأى أن الأول يتعلم الأسماء أسرع من الأفعال، والثاني يتعلم الأفعال قبل الأسماء، وفسَّر ذلك بأن الغربيون ينزعون إلى تطبيق المنطق الصوري عند الاستدلال، وقد يوقعهم هذا في أخطاء، بينما ينزع أبناء الشرق إلى النظر في القضايا في إطار تناقضاتها، مما يعني اجتماع النقيضين وصولاً للفهم، وبالتالي
وصول إلى حقائق[ ريتشارد إي.نيسبت؛ "جغرافية الفكر"، ص (12).]
لكن المفكِّر "لويس البرتو ماتشادو" أوَّل وزير للذكاء في العالم، يقول: "ليس هناك شعبٌ أذكى من شعبٍ آخر، كما زعم دُعاة العنصريَّة والفوقيَّة على الدوام، وبنوا أمجادهم على ظلم باقي الشعوب"، واستطرد قائلاً: "يمكن لكلِّ فردٍ أن يكون ذكيًّا؛ فالذكاء مهارة قابلة للتعلُّم، وهو حقٌّ طبيعي لكلِّ فردٍ.
ويؤكِّد "ماتشادو" على ثلاثة أمور أساسيَّة، يراها مرتبطة معًا وفي غاية الأهميَّة: هي الحريَّة، والعدالة، والذكاء، كما يُصر على الدور التربوي في بناء مجتمع حرٍّ وعادلٍ وذكي، ويؤكِّد كذلك "أن العبقريَّ ليس رجلاً خارقًا؛ إذ يمكن لكلِّ رجلٍ عادي أن يكون ذلك الرجل الخارق"[ ماتشادو، لويس البرتو؛ ترجمة : د. عادل عبد الكريم ياسين؛ "الذكاء حق طبيعي لكل فرد"، قبرص: دار الشباب للنشر والترجمة والتوزيع، 1989م ، ص (32).]
#أهم معوِّقات التفكير الإبداعي: تتعدد المعوِّقات والمثبطات لكل أشكال الإبداع، لكن يظل أهمها ما يلي:
1- المعوِّق النفسي: يتجلَّى إما في العيش في الخيالات والأوهام والأحلام الفارغة والتعامي عن حقائق الواقع، والخيال مفيد إذا كان بقدر ما يسعى الإنسان إليه من تطوير للواقع وإبداع وتجديد في حدود الممكن، أما إذا حلَّق بصاحبه في أجواء المستحيلات وعاش في ظلاله فقط معرضًا عن العمل، فهو الداء القاتل للفكر، والمرض الفاتك بالعقل، أو الخضوع للطُّرق المألوفة في الحل ومقاومتنا للتغيُّر، معنقص الثِّقة بالنفس وبأفكارنا و تصوراتنا، والخوف من الظهور بمظهر الأغبياء.
2- معوِّق ذهني موروث: يظهر في تقبُّل الأحكام المسبقة دون تمحيصها وفحصها وابتلاعها على عواهنها.
3-المعوِّق البيئي: التربية الأُسريَّة التقليديَّة التي تقتل الإبداع في الطفل فتجعله انطوائيًّا، رحم الله علي بن أبي طالب إذ يقول: أدِّبوا أبناءكم لزمانهم؛ فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"، ثم المدرسة التي تعتمد التفكير التسلُّطي والطريقة الإلقائيَّة في التدريس، دون أن ننسى دور المجتمع "السلطة" التي تقمع كل جديد، ويعمل على استئصاله والسخرية منه مع تراكم التخلُّف الحضاري ردحًا من الزمن، لكن الأخطر من هذا كله هو الجو السياسي المتبَع: "قَمْع الحريَّات، عدم الاهتمام بالبحث العلمي".
4-التواكل الطفيلي: بمعنى أن يعوِّد الإنسان نفسه على أن يفكر الآخرون نيابةً عنه، حتى في أخص أموره، فيصاب بالترهُّل الفكري والجمود العقلي، ويصبح كالنبات الطفيلي الذي يعيش على أغصان شجرة أخرى، وبمجرد أن يذبل ذلك الغصن أو يقطع تنتهي حياة ذلك النبات الطفيلي، وهذا شيء
والمشاورة والاستفادة الإيجابيَّة من الآخرين شيءٌ آخر.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* أهم النظريات الغربيَّة المنبثقة عن التفكير الإبداعي: كل نظرية من هذه النظريَّات تحتاج إلى دراسة معمَّقة، لكن تكفي الإشارة عن العبارة، بل الأكثر من هذا أن الإنسان في حياته اليوميَّة وتفاعلاته المجتمعيَّة أقدر على صُنع نظريَّات أخرى أكثر فاعليَّة ونجاعة، ومنسجمة مع البيئة المحليَّة، لكن لا بأس من استعراضها للاستفادة من إيجابياتها وسلبياتها:
1-نظريَّة القُبَّعات الست:وهو أسلوب إبداع البريطاني ذي الأصل المالطي "إدوارد دي بونو"، والذي نقل
تخصصه من طبيب جراح للمخ إلى الفلسفة، والذي أصبح فيما بعد أشهر اسم في العالم في مجال
2-التفكير وتحليله وأنماطه، وكان من أهم إبداعاته نظرية "القبعات الست" و"التفكير الجانبي".
أ-ماهية القبعات الست: هو تصنيف التفكير إلى
ستة أنواع، واعتبار كلِّ نوعٍ قبعةً يلبسها الإنسان أو يخلعها حسب طريقة تفكيره في تلك اللحظة، ولتسهيل الأمر فقد أعطى "إدوارد" لونًا مميزًا لكلِّ قبعة، وتستخدم في طريقة تحليل تفكير المتحدثين أمامك بناءً على نوع القبعة التي يرتدونها.
ب-آليات عمل القبعات: وهي الفرصة لتوجيه الشخص إلى أن يفكر بطريقة معينة، ثم تطلب منه التحوُّل إلى طريقة أخرى؛ مما يجعل الشخص يفكر دون حواجز، ومن ثَمَّ يتمُّ التغلُّب على الأفكار الانهزاميَّة، وتتكون القبعات من الألوان الفكريَّة
التالية:
• القبعة البيضاء وترمز إلى التفكير الحيادي:تجميع أو إعطاء المعلومات دون نقدها،الإنصات والاستماع الجيد.
• القبعة الحمراء وترمز إلى التفكير العاطفي: يغلب المشاعر والعواطف بعيدًا عن منطق العقل.
• القبعة السوداء وترمز إلى التفكير السلبي:إنه دائمًا في خطٍّ سلبي، ينظر باستمرار إلى النصف الفارغ من الكأس ورغم أنه يبدو منطقيًّا فهو ليس عادلاً باستمرار.
• القبعة الصفراء وترمز إلى التفكير الإيجابي: يعتمد
على التقييم الإيجابي، ويركِّز على احتمالات النجاح،
ويقلل من احتمالات الفشل، عمومًا يتمُّ تغييب الجانب السلبي فيه.
• القبعة الخضراء وترمز إلى التفكير الإبداعي:يرمز إلى التغيير والخروج من الأفكار القديمة والمألوفة، وله أهميَّة كُبْرى عن باقي أنواع التفكير، وأُعطي اللون الأخضر تشبيهًا للون النَّبْتَة التي تبدأ صغيرة ثم تنمو وتكبر، وذلك باستعمال طُرق الإبداع ووسائله، مثل: "ماذا لو...؟!" أو "التفكير الجانبي".
• القبعة الزرقاء وترمز إلى التفكير الموجَّه:لون السماء هو الأزرق وهو شامل يغطي كلَّ الأرض، وهذا هو
التفكير الموجه أو التفكير الشمولي، وكذلك هو لون البحر الذي يرمز للإحاطة والقوة، والذي يميز هذا النوع من التفكير أيضًا[ للتوسع للدراسة المشتركة لكلِّ مِن: الدكتور طارق محمد السويدان، والدكتور:محمد أكرم العدلوني في كتابهما "مبادئ الإبداع"، قرطبة للنشر والتوزيع، الطبعة الثالثة، 2004م، إدوارد دي بونو؛ "تحسين التفكير بطريقة القبعات الست"، دار البشائر الإسلاميَّة، بيروت 1993.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الأربعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* أهم النظريات الغربيَّة المنبثقة عن التفكير الإبداعي:
2- نظريةتريز TRIZ: ولدت نظرية "تريز" في الاتحاد السوفييتي سابقًا على يد العالم "هنري التشلر" Henry Altchuller الذي تنسب له هذه النظرية، تعرف باسم "نظرية الحل الابتكاري للمشكلات".
Teoria Resheiqy Izobreatatelskikh Zadatch، و"هنري التشلر" عالم روسي من أذربيجان، ولد عام 1926م، وتوفي عام 1998م في "طشقند"، أول اختراعاته وهو في (14) من عمره، ماجستير في الهندسة الميكانيكيَّة، كان يعشق السباحة فتمكَّن من تطوير جهاز يساعد على البقاء تحت الماء أطول وقت ممكن.
أ- ماهية نظريَّة TRIZ: هي منهجيَّة منتظمة ذات توجه إنساني تستند إلى قاعدة معرفيَّة تهدف إلى حل المشكلات بطريقة إبداعيَّة.
ب-المفاهيم الأساسيَّة في نظرية تريز وأدواتها: الإستراتيجيَّات الإبداعيَّة، التناقضات، النتاج المثالي النهائي، مصفوفة التناقضات.
ج- مرتكزات ومضامين نظرية تريز:
• كلُّ شيءٍ يتكون من مجموعة من الأجزاء التي تعمل بعضها مع بعض يسمَّى نظامًا.
• تسعى النظم والأشياء في تطورها نحو الكمال أو المثاليَّة.
• عملية التطور نحو المثاليَّة منتظمة وليست عشوائيَّة.
• التطور تحكمه قواعد وقوانين.
• كشف القواعد والقوانين يسهل تطور الأشياء.
3- نظرية تقنية العصف الذهني: في عام 1941 ابتكر العالم ALEX OSBORN طريقة لتوليد الأفكار
الجديدة أطلق عليها اسم"العصف الذهني"، ووضع شروطًا وقواعد لضمان نجاحها:
• لا تنتقد الأفكار.
• الكميَّة تولد النوعيَّة.
• ابنِ على أفكار الآخرين.
• شجِّع الأفكار الكبيرة والمبالغ فيها.
• الأفكار البسيطة قد تولد أفكارًا جيِّدة؛ لأنها تقوم بتوجيه مسار التفكير.
لماذا العصف الذهني؟ لأن العقل يعصف بالمشكلة ويفحصها ويمحصها بهدف التوصُّل إلى الحلول الابتكاريَّة المناسبة لهذه المشكلة.
3-نظرية أسلوب حل المشكلات: فالمشكلة تعني التباين بين الواقع الحالي والحالة المرغوبة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والأربعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* أهم النظريات الغربيَّة المنبثقة عن التفكير الإبداعي:
أما أسلوب حل المشكلات، فيدلُّ على عمليَّة عقليَّة يستخدمالإنسان فيها ما لديه من معارف وخبرات سابقة ومهارات مكتسبة؛ من أجل الاستجابةلمتطلبات موقفٍ غير مألوف، بمعنى آخر: المجهودات لبلوغ هدف ليس لديهم حلٌّ جاهز له، أما إستراتيجيَّات حل المشكلة: "الإحساس بوجود المشكلة، تحديد طبيعةالمشكلة بدقة، التعرُّف على أسباب وعوامل المشكلة، تحديد متطلبات حلِّ المشكلة من مالووقت وإمكانيَّات، وضع خطة لحلِّ المشكلة، بَدء تنفيذ الخطة، متابعة عمليَّة التنفيذ،مراجعة الخطة وتعديلها، تقييم حل المشكلة، التطبيق، التعميم".
• الخصائص الواجب توافرها في الشخص المتميِّز في حلِّ المشكلات:
الاتجاه الإيجابي نحوالمشكلات، الحرص على الدقة، تجزئة المشكلة، التأمل والتخمين، الصبر والمثابرة،الحيويَّة والنشاط، المعرفة والاطلاع .
والجدير بالذكر أن هذه النظريات ليست حلولاً
سِحْريَّة ويعتريها نقص وثغرات، وها هنا ليس مجال نقدها، نتركها لموضوع لاحق إن شاء الله.
• التفكير بين النمط السائد المثبط، وآليَّات السياق التفكيري المستقبلي.
ولنكن صُرحاء مع ذواتنا وأنفسنا، فالتفكير سلاح ذو حدين؛ من جهة قد يكون معرقلاً لكلِّ مسيرة تنمويَّة تقدميَّة، ولكن من جهة أخرى قد يدفع دفعًا إلى الأمام، حتى لا أوصف بالدوغمائيَّة والوثوقيَّة؛ لا بأس مِن عَرْض ما توصَّل إليه "هوارد جاردنر".
أ-التفكير بين النمطيَّة والطغيان: حتى لا نغرق في
الخيال؛ سأعرض لبعض المنغصِّات الأساسيَّة، ويكفي
من القلادة ما أحاط بالعُنُق:
• التفكير من خلال البطل: ويظهر هذا الاتجاه في عَرْض التصوُّر الرسمي، وكأن الأمر بديهي ودون نقاش، مُقدَّس، معصوم لا يخطئ أبدًا؛ مما دفع بالمتثاقفين إلى سدة الفكر والثقافة؛ ليقوموا بدورهم كأبواق تسبِّح بحمد أسيادهم، موهمةً الناسَ بأنها أبواق ذات أبعاد وثِقَل، والعمليَّة التعليميَّة التعلمية التي يقوم فيها الأستاذ بدور الفارس الوحيد في حلبة السباق، دون الأخذ بوجهة نظر التلميذ وقد يفوق أستاذه.
• التفكير الديكتاتوري المتسلِّط: المتمثل في النظام الشمولي النازي الفاشي، ولا أدلَّ على ما صرَّح به توفيق الحكيم إذ يقول: "إن وعيه كان مفقودًا في عهد الحكم الناصري؛ لأن وعيه كان مغيَّبًا ومكبوتًا، والإفراج عنه سيؤهله لضيافة المعتقلات أو محاربته في لقمة عيشه" والنظم البيروقراطية.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والأربعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* أهم النظريات الغربيَّة المنبثقة عن التفكير الإبداعي:
• التفكير الخوارقي غير العلمي: المتمثل في حل المشكلات الشخصيَّة والمجتمعيَّة من خلال وساطة وكرامات الأولياء "موسم سيدي علي بن حمدوش.." أو الذي يبني مشاريعه المستقبليَّة على الرُّؤى والمنامات.
• التفكير الهارب والتفكير بالتسويف: وذلك بتبرير كلِّ آفةٍ أو مشكلة أو أزمة بعوامل خارجيَّة، وإحالتها إلى لجان ثم لجان؛ إذ إن المشكلة ستحل نفسها مع مرور الوقت في انتظار حلٍّ قد يأتي أو لا يأتي!
ب- التفكير في السياق المستقبلي، طموح وتفاؤل: يطرح "هوارد جاردنر" الأنواع الخمسة من التفكير
"العقل"؛ لمواجهة تحدِّيات الحاضر والمستقبل، بحيث
لا تتيح- سواء من الدول أو الأفراد- أن تنعم القلة بالرفاهية والبذخ، والبقية الباقية في البؤس والفقر:
1- العقل المعرفي المنظَّم: هو الذي يملك معرفة متميزة؛ سواء في مجال العلوم أو المهن أو الأدب أو الصناعة، في إطار ما يُسمَّى بالذكاءات المتعدِّدة.
2- التجميع والتربيط: القدرة على تناول معلومات من مصادر معرفيَّة متنوعة؛ ليقوم بإيجاد روابط بينها في وحدة بينيَّة، ولعلَّ أهم إشارة في هذا الباب الاتجاه نحو ما يُسمَّى العمل المتنوع، ولا عجب من مثبط عندما يسعى أحد الطلاب في الحصول على شهادة عُلْيا في تخصص آخر تتعدد العراقيل من هنا وهنالك!
3- العقل الخلاَّق: وهذا العقل لا يمكن أن تبرز معالمه إلاَّ بتجاوز العناصر السابقة الآنفة الذكر، باقتحام آفاق معرفيَّة جديدة، وبِطَرْح أسئلة غير مألوفة؛ بغية الوصول إلى إجابات غير متوقعة.
4- عقلية الاحترام: التي تحترم الاختلافات بين الأفراد والجماعات، ومن جهة أخرى تجاوز الفكر النفعي التسلُّطي الذي يمثله الاتجاه "الكوسمولوجي الدركي" العالمي، كالولايات المتحدة التي تسعى جاهدة إلى قمع كلِّ نتوء فكري وعلمي في بلد من بلدان العالم المتخلف؛ "توجيه التعليم ليخدم أغراضها"، فعلاً تجاوزها في هذه المرحلة صعب للغاية، ولكن حسب الدراسات التفاؤليَّة من الغرب، فهي آيلة في الأقل إلى الذوبان بين أقطاب متعددة.
5- التقييم الذاتي: يعني أن مقاصد العمل ينبغي أن تتجاوز المصالح الخاصة والحسابات التصفويَّة الاستئصاليَّة الضيِّقة، والسعي بتجرُّدٍ تام إلى إفادة الجميع دون تحيُّز[ - د.حامد عمار؛ "توجهات التفكير لعالم المستقبل"، مجلة العربي، العدد (592)، مارس 2008، ص (136- 137).]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والأربعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* أهم النظريات الغربيَّة المنبثقة عن التفكير الإبداعي:
إن تنمية مهارات التفكير الإبداعي، التفكير المستقل: هو سبيل الإنسان لتطوير قدراته على تنقية تصفية المعلومات الواردة إليه؛ للتخلص من المعلومات المغلوطة والملوثة وغير الضروريَّة، والفهم التركيبي للمعلومات الصحيحة هو ما أطلق عليه بعض الباحثين "الصحة المعلوماتية" nformation Hygiène إن هذه الصحة المعلوماتيَّة هي سبيل التحرُّر من عبوديَّة المعلومات والانبهار الساذج بها، وصولاً إلى القدرة على التفكير النقدي فيها، هو طريق المشاركة في إعلام يستشرف آفاقه بعض الباحثين، باعتباره يمثل انتقالاً من عصر المعلومات إلى عصر مفهومي (age conceptuel )، حيث ينتقل الاهتمام من المعلومات كغاية إلى المعلومات كمادة خام تؤسس لإطار مفهومي، ورؤية حول مستقبل الإنسان[ - الدكتور محمد طه؛ "عبودية المعلومات"، هل المعرفة دائمًا قوة؟، مجلة العربي، العدد (592)، مارس 2008، ص ( 153).]
الآن أما آن الوقت للانطلاق؟!
وخلاصة القول أختم بكلام نفيس للدكتورة "زينب حبش": "كل فرد مِنَّا يولد مزوَّدًا بدماغ إلكتروني حي ذي إمكانات لا حدود لها، وكل اختراع أو اكتشاف ما هو إلا نتيجة لدراسة تأمليَّة من أحد الأفراد، أو مجموعة من الأفراد الذين لهم القدرة على الإبداع، أما السِّر الحقيقي فإنه يكمن في التربية، فالذين أبدعوا تعلَّموا مُسبقًا كيف يُفكرون، وهذا مكمن الإبداع".
ثم إن تربية النفس على التفاؤل في أعظم الظروف وأقسى الأحوال منهج لا يستطيعه إلا أفذاذ الرجال، والمتفائلون وحدَهم هم الذين يصنعون التاريخ ويسودون الأمم، ويقودون الأجيال، أما اليائسون والمتشائمون فلم يستطيعوا أن يبنوا الحياة السويَّة، والسعادة الحقيقيَّة في داخل ذواتهم، فكيف يصنعونها لغيرهم؟! أو يبشِّرون بها سواهم؟ وفاقد الشيء لا يعطيه!
وَمُكَلِّفُ الأَشْيَاءِ ضِدَّ طِبَاعِهَا *** مُتَطَلِّبٌ فِي الْمَاءِ جَذْوَةَ نَارِ
[الأنترنت – موقع الألوكة - التفكير الإبداعي.. أتحسبه بعيدًا وهو قريب؟! - د. مولاي المصطفى البرجاوي]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والأربعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*الأدب الإسلامي والإبداع الفني
يدعي بعضُهم أن الأدبَ الإسلاميَّ يحول بين الأديب وبين الإبداع الفني الذي يحقق المتعةَ للقارئ؛ فهو أدبُ وعظٍ وإرشادٍ فقط، وأقول: إن الذين يطلقون هذه المقولة لا يبحثون عن الحقيقة بحثًا علميًا جادًا، وإنما يتأثرون -غالبًا- بما يشاع ويقال. ولكي نناقش هذه القضية لا بد أن نعرف أولا ماذا يقصدون بكلمة الإبداع؟ وهل يفهمون من هذه الكلمة ما نفهمه نحن؟ وإذا كان لهم فهم آخر فمن أين جاءوا به؟ وبعد ذلك يحق لنا أن نُعرِّجَ على الأدب الإسلامي وموقفه من الإبداع الحقيقي الذي حاولوا طمسَه وتحريفَ معناه لحاجة في نفوسهم.
* الإبداع الذي يريدون:
من القضايا التي يكثر الإلحاح على طرحها في هذا الوقت تلك المسماة بـ (مسألة الإبداع)، ويجري طرحها عادة من زاوية الزعم بالحرص على حرية وطلاقة التأليف والتعبير الأدبي والفني؛ لأنه -فيما يقال- يؤدي إلى تقدم وخير الأمة، وعادة ما يأتي طرحُ هذه القضية والدفاع عنها من جهاتٍ ومنابرَ لم يُعهد عنها اهتمامٌ يذكر بالإسلام وبقضاياه. والإبداع عند أصحاب هذا الطرح له قدسية وحصانة مطلقة لا تعلو عليها أي اعتبارات أخرى، وهم يروجون هذا القول بأنه لا يحق لأحد أن يحجر على هذا الإبداع (الذي يختصون وحدهم بتعريفه وتحديده) ولو بالدفع باعتبارات مجافية للدين والقيم والتقاليد والأعراف.
والواقع أن هذه القضية تحيط بها منذ البداية التباسات عديدة؛ فالمثيرون لها يستخدمون لفظة لها وقع خاص وإيحاءات جذابة هي مصطلح «الإبداع» ولا يستخدمون المصطلحات الأدق وصفًا؛ مثل: التأليف، أو التعبير، أو الكتابة، أو حتى التشكيل الفني أو الأدبي، ومصطلح «الإبداع» يُوجِد هالةً من القداسة حول الأعمال الأدبية والفنية؛ كما أنه -وبذكاء- يحصنها من النقد الذي يميز بين الجيد والسيئ؛ ذلك لأنه إذا كان كل ما يقدم في هذه الأعمال يوصف بأنه «إبداع»؛ أي تأليف متفرد متميز وعبقري، فإن يد النقد تغل عنه؛ لأن الناقد -سواء كان ناقدًا للمضمون أو للشكل- لن يرقى إلى مكانة المبدع الذي يفترض (حسب التعريف) أنه في مرتبة أعلى وأسمى.
وهذا الطرح لمصطلح «الإبداع» يرتكز على أصول معينة معروفة في التراث الإنساني منها تصور الشاعر على أنه شخص يتلقى الوحي والإلهام من بعض معبوداتهم أو شياطينهم، أو رؤية الحركة الرومانسية الأوربية للأديب والفنان (كنبي) أو ملهم له رؤية ثاقبة في الكون، والحياة لا يصل إليها سواه من
الأفراد العاديين الذين هم لذلك في مرتبة أدنى منه.
كذلك فإن حركة الحداثة الأدبية والفكرية في الغرب شاركت سابقتها الرومانسية (ولو لاعتبارات جد
مختلفة) في النظر للأديب والكاتب والفنان باعتباره من طينة بشرية أسمى وأرقى؛ ليس لأنه يتلقى الإلهام؛ بل لأنه صاحب إحساس وذوق وقدرات تخيلية أرقى ممن حوله من الناس العاديين المنغمسين في المادة وسياقات الحياة التي أولع دعاة الحداثة بالحط من شأنها..
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*الأدب الإسلامي والإبداع الفني
ويتبين من ذلك أن مصطلح «الإبداع» أو ما يسمونه (الخلق الفني) تحيط به في الاستخدامات الغربية المتنوعة وعلى مدى تاريخ الثقافة الغربية هالة من القداسة من ناحية، وإيحاءات من الناحية الأخرى تضع ذلك «الإبداع» والمنتجين له في مواجهة صدامية عنصرية مع مجتمع ينفرون منه، ويتعالون عليه، ويسعون إلى إيجاد نظام خاص بهم من القيم والرؤى والسلوكيات في مواجهته.
والحق أن مستخدمي وناقلي مصطلح «الإبداع» في الأوساط العربية والإسلامية ينحون بشدة إلى هذا المعنى الأخير، حتى وإن بدا من كلامهم أنهم يقصدون فحسب ذلك التقديس الساذج وغير المسوَّغ للأعمال الأدبية الذي يتجلى في كتاباتهم؛ ففي نهاية المطاف نجد أن المنظور الذي ينطلق منه الحديثُ المكرر والملحّ عن الإبداع والمبدعين في كتابات ناقلي مصطلح «الإبداع» عندنا هو المنظور الحداثي الغربي الذي لا يركز على إلهام ميتافيزيقي للمبدع ولا على رؤية سامية في ذهنه، بل على كونه مبتدعًا لقيم اجتماعية جديدة تقف في مواجهة القيم السائدة الموصوفة بالجمود والتخلف والتقليدية.
وتتضح الصورة أكثر عند طرح هذا الموقف في المجتمعات الإسلامية؛ فإذا كان حداثيو الغرب يطرحون قيمًا جديدة خاصة بنخبتهم في مواجهة ما يسمونه بالقيم البرجوازية السائدة، فربما يكون في هذا الرأي بعض الوجاهة لطبيعة هذه القيم المادية والمتولدة عن مجتمع رأسمالية القرن التاسع عشر. أما عندما يطرح دعاة «الإبداع» المحليون قضية الإبداع فإن القيم المرفوضة والمطلوب إقصاؤها تصبح هي القيم الإسلامية؛ في حين تصبح القيم الجديدة التي يروج لها «المبدعون» من خلال الأعمال الأدبية والفنية هي قيم النخبة الغربية المعنية (النخبة الحداثية) التي تتلخص في معاداة المجتمع القائم ومصادمة قيمه؛ من خلال التركيز مثلا على نبذ العقيدة الدينية وطرح الأخلاق جانبًا، بحجة أنها زائفة أو غير صالحة. وينقل «المبدعون» المحليون هذه المواقف والتصورات بلا تدبر ولا نقد، باعتبارها هي المضمون الوحيد لفكرة «الإبداع» الفني دون
الالتفات إلى كونها نبتَ بيئةٍ معينة وسياق تاريخي وثقافي واجتماعي خاص لا يجوز نقله كنقل النسخة.
إن الإبداع في التراث العربي كان يُنظر إليه دائمًا وعلى مر العصور على أنه مرتبط بالدين، ولا نستطيع أن نتحدث عن إبداع عربي دون أن ندخل في الاعتبار العامل الأساسي وهو الرؤية الإسلامية، إضافة إلى ما تمتاز به الحضارة العربية من مقومات كثيرة.
إن الإبداع أدبًا ونقدًا إذا أسس على الاقتباس من النص الإسلامي، علاوة على ما يمنحه للأدباء من قراءة واعية للقرآن الكريم والحديث الشريف، فإن هذا التأسيس يمثل حصنًا منيعًا أمام محاولات وغارات الاجتياح الثقافي والروحي للأمة، ولكم دفع المسلمون ثمنًا باهظًا للتضاد القائم بين خطابهم الأدبي ورسالتهم العقدية. ثم لمصلحة مَن يَغيب أو يُغيّب إسلامُنا عن أدبنا؟ حتى بلغ الأمر أحيانًا إذا ذُكر الدينُ في معرض الحديث عن الأدب، اشمأزت قلوبٌ كثيرة، وإذا ذكر ما دونه أو من دونه إذا هم يستبشرون.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* موقف الأدب الإسلامي من الإبداع بمعناه الحقيقي:
والحقيقة أن الأدب الإسلامي راعى في التعريف
الموضوع له جانبَ الإبداع الفني؛ فنجد في تعريفه أنه (التعبير الفني الهادف) فكلمة الفني شرط في الأدب، إذ إن من أهم الفوارق بين النص الأدبي وغيره (الإبداع الفني الذي يحقق المتعة)، وهذا الإبداع لا يخضع لشروط مقننة محددة، وإنما هنالك إطار عام متعارف عليه في مجال الأدب؛ من سلامة اللغة، وحسن الأسلوب، وصدق التجربة الشعورية، وجمال التصوير، ثم إن للكاتب أو الشاعر بعد ذلك أن يتفنن في أدبه بما يحقق المتعة الفنية، طولا وقصرًا، رمزًا وإيحاء، أو وضوحًا ومباشرة، وهذا الجانب الفني ليس وقفًا على أحد، بل هو مشاع بين الأدباء على اختلاف مشاربهم ولغاتهم، يبدع فيه من يبدع ويخفق فيه من يخفق، وإذا تحقق في النص الأدبي ذلك الإطار العام للإبداع الفني، فليس من حق أحد من النقاد أن يلغي هذا الجانب في نص ما بسبب اختلاف وجهات النظر.
وعندما يُعنَى الأدب الإسلامي بجانب الإبداع الفني فإنه لا ينطلق في ذلك من التقليد للآخرين، وإنما يعتمد على رؤية إسلامية أصيلة، عُني بها القرآن الكريم في أسلوبه المعجز. كما عني بها أشد العناية الرسول -عليه الصلاة والسلام- أما عناية القرآن الكريم فهي واضحة لكل مسلم يقرؤه بتدبرٍ.
وأما عناية الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجانب الفني فتؤكدها الروايات الصحيحة في هذا المجال. ومن ذلك ما ورد في صحيح مسلم من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعا الشعراء إلى المنافحة عن الإسلام، فأنشده عبد الله بن رواحة فلم يُرْضِ، وأنشد كعب بن مالك فلم يُرْضِ، ثم بعث إلى حسان ودعا له وقال: «إن روح القدس -يعني جبريل عليه السلام- يؤيدك»، ونتساءل هنا: ما الذي جعل الرسول عليه الصلاة والسلام يختار حسان ويفضله على صاحبيه، مع ما نعلم من حبه -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك؟
إن الإجابة الشافية عن هذا السؤال موجودة في
كتب الأدب التي جعلت حسان بن ثابت فحلا من فحول الشعراء، فهو من الشعراء البارزين في سوق عكاظ، وقصصه في التنافس مع فحول الشعراء معروفة، وقد ذكر ابن سلام الجمحي في طبقات فحول الشعراء أن حسان يعد أشعر أهل القرى؛ يعني بذلك مكة والمدينة والطائف، وشعر حسان دليل على قدرته الفنية.
إذن فاختيار الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحسان بن ثابت لم يكن اختيارًا عشوائيًا، وإنما كان مبنيًا على رؤية نقدية واضحة، كيف لا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الخبير بمواطن القوة والضعف في اللغة العربية، أليس هو الذي قدّم حسان عندما جاء إليه وفد تميم، وكان حسان حينها غائبًا، فانتظره حتى جاء فألقى قصيدته المعروفة:
إن الـذوائـب مـن فـهـر وإخـوتـهــم
قـد بـيّـنـوا سـنَّـةً لـلـنـاس تـتَّـبـع
حتى قال وفد تميم: إن هذا الرجل لمؤتى له، لخطيبه أبلغ من خطيبنا وشاعره أشعر من شاعرنا، ومما يؤكد عناية الإسلام بالجانب الفني في الأدب ما نقله السيوطي في (الدر المنثور) أن ثلاثة من كفار قريش هجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قائل لعلي: اهجُ عنا هؤلاء القوم، فقال: إن أذن لي رسول الله فعلت، فقال -عليه الصلاة والسلام- : ليس هناك، ثم دعا الأنصار لذلك فقال حسان: أنا لها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والأربعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* موقف الأدب الإسلامي من الإبداع بمعناه الحقيقي:
لماذا حسان؟؟
لأنه شاعر فحل قادر على تصريف الكلام وصياغته
بأسلوب فني رفيع. ليس هناك تفسير غير هذا، ولو لم يكن مقياس الاختيار فنيًا، لما اختار الرسول -عليه الصلاة والسلام- حسان، ولكنها الإجادة في الشعر قدمت حسان بن ثابت هنا
إذن فالإبداع الفني شرط رئيس لا يمكن التنازلُ عنه من قبل الأديب المسلم، وهذا الإبداع متوفر في الأدب الإسلامي قديمه وحديثه وإنما تجاهله من تجاهل، وعمي عنه من عمي، خاصة بعد أن استحكمت (الشللية) في ساحة الأدب فأصبح التصنيف مبنيًا على آراء شخصية، نصيب العدل والإنصاف فيها قليل.
أما قضية الوعظ والإرشاد فهي من القضايا التي يظلمها كثير من النقاد المعاصرين، فهي ليست عيبًا فنيًا في ذاتها، وإنما تكون عيبًا حينما يقف عندها الأديب فلا يتجاوزها، أو عندما يقدمها إلى الناس خالية من التصوير الفني، والأدب الإسلامي ينظر إلى النصوص الأدبية التي تحمل وعظًا وإرشادًا بمنظار فني دقيق، فإذا توافر فيها الإبداع الفني صياغة، وخيالا وصدقًا في التجربة فهي أدب جميل، وإن كانت وعظًا، وإذا لم يتوافر لها ذلك الإبداع فهي غير مقبولة فنيًا.
إن من الأدب الوعظي ما هو في قمة الإبداع الفني،
وما شعر أبي العتاهية عنا ببعيد، وفرق كبير بين شاعر يتحدث عن الموت حديثًا جامدًا جافًّا، وبين آخر يصور لنا وقع الموت على نفسه تصويرًا يدفعنا إلى التفاعل معه والتأثر به.
إن في حكم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على شعر زهير بن أبي سلمى رؤيةً نقدية جديرة بالاهتمام، وهي مرتبطة بالجانب الفني؛ إذ وصفه بقوله: كان لا يعاظل في كلامه ولا يأتي بوحشي اللفظ ولا يمدح أحدًا إلا بما فيه.
ففي هذه المقولة إشارات نقدية فنية. فكلمة (عاظل) في مدلولها اللغوي تعني الاضطراب وعدم التنسيق، فهي في القاموس تعني تراكم الأشياء فوق بعضها دون ترتيب، فأنت تقول: عظل الجراد، أي ركب بعضه بعضًا، وعاظل فلانٌ في كلامه، أي : عقّده ووالى بعضه فوق بعض وكرَّره، وتقول : عاظل الشاعر في القافية: أي علَّق قافية البيت بما بعده على وجه لا يستقلُّ بالإفادة، وتقول عاظل في الكلام: أي أتى بالرجيع من القول.
فمعنى المعاظلة هنا إخلال بفنية القول، وذلك ما لا يقع فيه الأديب المبدع أو الشاعر المجيد، فهنا مراعاة واضحة للجانب الفني من قبل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومثل ذلك قوله: ولا يأتي بوحشي اللفظ. إنها عبارة دقيقة تدخل في صلب الإبداع الأدبي، ثم يشير عمر بن الخطاب إلى قضية أدبية مهمة تحدّث وما يزال يتحدّث عنها النقاد كثيرًا، ويعدونها شرطًا من شروط الإبداع في النص الأدبي ألا وهي (صدق التجربة الشعورية) فكلمة (لا يمدح أحدًا إلا بما فيه) توحي بهذا الجانب الفني المهم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والأربعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* موقف الأدب الإسلامي من الإبداع بمعناه الحقيقي:
ومن هنا كانت قضية (الإبداع الفني) أصيلة في الأدب الإسلامي؛ إنها تنبع من الرؤية الإسلامية الناضجة للأدب بصفة عامة، وليس قضية عابرة، ولا أمرًا وافدًا علينا، والأدب الإسلامي يرى أن الإبداع الفني ينبثق من التراث الإسلامي أصلا، ثم يفيد من التجارب الحديثة، أي أنه يُبنى على قاعدة أصيلة، فهو ليس قفزًا في الهواء.
إن شبهة إهمال الأدب الإسلامي للإبداع الفني باطلة، وإنما روج لها أدونيس وأمثاله؛ الذين لا ينظرون إلى الماضي، ولا يرتبطون بتراثهم إلا بما يخدم وجهة نظرهم المحددة القائمة على التساؤل الرافض لكل شيء يمت إلى أصالة الأمة الإسلامية القائمة على الدين بصلة، وبهذا يقولون بوجوب تبني المشروع الحداثي الذي يعني أن نتساءل عن الدين والشعر ما هما، أي دين وأي شعر؟؟
أما الأدب الإسلامي فهو يعرف الدين تمامًا، ويعرف الشعر والأدب. ولهذا فهو يشكل نقطة الضوء التي يمكن أن يستدل بها الجيل في سراديب الأدب المعاصر المظلمة.
الأدب الإسلامي أرحب صدرًا وأوسع أفقًا مما
يتصورون. إنه يستوعب كل الهموم وكل التطلعات ولا يضيق بخواطر النفس وخطراتها، وآلامها وآمالها. إن الأدب الإسلامي يحفظ ويحافظ على جماليات الفن وموسيقاه، وصوره وخياله ولغته المتميزة.
*إذا أبدعت بشريتهم، فاين نكون نحن المسلمين؟!
لقد خلق الله الأرض، وأودع فيها ما ينفع الناس، لا فرق في هذا بين مؤمن وكافر، فالرزق الذي ينزل للخلائق من نبع رحمته، وأثر فضله - سبحانه وتعالى - وقد وهب الله - عز وجل - الإنسان القدرة على تطوير الحياة، فبدأ الإبداع البشرى ينهض بوسائل يسيرة، إلى أن وصل العالم اليوم إلى مرحلة من
التقدم واسعة ومذهلة.
كما سخَّر الحق - عز وجل - مبدعين ومخترعين لصنع الأدوات التي تخدم البشرية، حيث تظهر كلَّ يوم اختراعات بشرية تخدم حياة الإنسان، فحلت هذه المخترعات كثيرًا من المشكلات، وابتدأت سلسلة من الابتكارات والاختراعات لم تتوقف حتى كتابة هذا المقال، ولن تتوقف حتى يتوقف تيار هذه الحياة الدنيا.
لقد ساهمت هذه الاختراعات إيجابيًّا في تواصل الحضارات ونهضة المجتمع الإنساني، كما كان لها سلبيات تمثلت في الحروب والنزاعات والاعتداءات المتكررة على حقوق الإنسان وشيوع المكر، والكيد،
والخديعة، والإيذاء بين الناس.
إن الذين قاموا بهذه الإبداعات ليسوا ملائكة؛ إنما هم بشر مثلنا، لم تساعدهم قدراتهم على حسن المعيشة فأرادوا أن ينتقلوا للأفضل والأحسن، فطوَّروا، واخترعوا، وجاؤوا بالأعاجيب، فكل جهد بشري له قيمة تنموية في الحياة يعدُّ إبداعًا نافعًا.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والأربعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:*الإختراعات إبداع
وإذا كان عماد الاختراع هو العقلَ المخترع، الذي يستطيع أن يخترع آلاف المخترعات التي تخدم ملايين البشر، فهل يعنى عجزنا عن الإبداع أننا من طينة غير طينة البشر المخترعين، وأن عقولنا ليست من جنس العقول البشرية المخترعة؟!
إن تاريخنا يكذِّب هذا القول بكل قوة التكذيب.
هل توقُّفنا عن الإبداع، وانسحابُنا من ميدان الاختراع البشرى بسبب ذنوبنا ومعاصينا، ونقص الإيمان في حياتنا؟ وهل أصبح الوقوف في الصفوف الخلفية قدَرنا الثابت الذي لا يقبل التغيير؟
إن قرآننا يدعو إلى التقدم في جميع الميادين، فهل سنعيش ونموت دون أن تكون لنا وقفة استنهاضية، ننظر فيها لكل أوجه الخلل في جسد أمتنا، ونعالج كل مرض في بيئته؛ كي تستقيم أحوالنا ونتقدم، ويرقبنا الآخر بعين الإعجاب؟!
متى ندرك أننا نملك عقلاً يتخيل، ويفكر، ويسعى للتطور بعزم من حديد، ويتطلع لتحسين أوضاع الحياة من حوله؟!
ومتى يقتنع شبابنا بقدرته على العطاء والاختراع، بما يعود بالنفع على البشرية لقرون طويلة ستأتي؟!
ومتى يدرك هذا الرجل الشجاع الذي ينفق دينارًا أو
درهمًا على بناء مبدع أنه يبنى أمة من الإبداع؟!
متى نهتم بنشر الفكر التربوي الإبداعي في مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا؛ لصقل المواهب الإبداعية صقلاً فاعلاً، وصناعة تطورات ملموسة نستفيد منها في حاضرنا ومستقبلنا، فنحن جزء من المنظومة الإبداعية لهذا الكون، ومطلوب منَّا أن نبدع وإلا طردنا التاريخ من ذاكرته؟!
لا بدَّ أن تعمل مؤسساتنا بهدف تنمية الإبداع، والتقدم، والنهضة، وأن تساهم في تغيير نمطية الحياة إلى الأفضل الذي يلائم فطرة الإنسان؛ لنسير على الطريق الذي سار عليه من أبدع وأصلح وأجره على الله.
إن مقياس الاعتزاز بهذا الدين والتعب من أجله هو الأخذ بأسباب العلم والحضارة، ولا مانع من أن نأخذ من غيرنا العلم النافع، والتنمويات المفيدة التي لا تنحرف بفطرتنا عن مسارها الصحيح، ولا تتناقض مع الإسلام كدين وحضارة.
إن أفضل الحلول أن نبحث عن الأفضل، ونتحول إليه بعزيمة وإرادة، هذا التحول لا يحتاج لأن ننتظر بعث جيوش من العبقريات لتقوم بالتحول، وإنما هو أمر يسير في بدايته، وذلك إذا قرر كل واحد منا أن يكون حاضره أفضل من ماضيه، ومستقبله أكثر إشراقًا من حاضره.
كما أننا نملك من القدرات النفسية، والعقلية والجسدية ما يؤهلنا لتخطيطٍ مستقبليٍّ ناجح، وواعد ومضيء، من الصحوة، والعمل، والتقدم، وأن يكون لنا في كل اتجاه إبداعي يخدم الحياة نصيب كبير.
فلنجتهد من الآن في توظيف طاقات قادرة على أن تكون في قلب التطور الحضاري لا على هامشه.
لا يمكن لمن يملك ثوابته الفطرية مثلنا أن يتجرد من إنسانيته وفاعليته، وينسحب من التاريخ الإبداعي، فالفطرة الصادقة أساس قوة الشخصية، وتميزها وتفوقها، وحفاظها على مقوماتها الإبداعية والحضارية.
إن إيماننا بذاتنا وشخصيتنا وقدرتنا على القول والفعل والتغيير، وقوتنا وتكافلنا - هو الذي سيجعل لنا مكانًا لائقًا، أما الأنانية فإنها تمنع التحام صفوفنا، أما الكسل فإنه لا يبشر أصحابه بذرة استشراف للمستقبل.
إن المنهج الإسلامى يرسم لنا أسباب العافية والشفاء، والعودة الصادقة إليه ستجعل لبشريتنا وزنًا كبيرًا في عالم البشر، ولن تضيع أمة توحّد الله وتعظمه وترجوه، بشرط أن نستيقن بقدرة الله - عز وجل - ونصرته، وعونه لعباده المؤمنين، ونحسن التوكل عليه، وتختفي التصورات الهابطة التي تدعي أن شمس أمتنا إلى غياب بلا رجوع. [ الأنترنت – موقع الألوكة - جميلة بنت محمد الجوفان ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:*تحرير العقل من الخرافات
حرّر محمّد صلى الله عليه وسلم عقول البشر بوحي من الله من الخضوع للخرافات والدجل والارتهان للأصنام والمعبودات الباطلة أو التصديق بأفكار مناقضة للعقل كالقول بأن لله ابناً من البشر وبأنه ضحّى به دون
خطيئة أو ذنب منه فداءً للبشر.
خيّم على العقل العربي قبل بعثة النّبي محمّد صلى الله عليه وسلم كثير من الاعتقادات والأساطير التي تناقض العقول السليمة التي لا تقبل ما لم يتوافق معها، ومن أهم ما اعتقده الجاهليون دون إعمال للفكر والعقل هو: اعتقاد النفع والضر في حجارة وأخشاب منحوتة بالأيدي، عبدوها مع الله أو من دونه، وخافوا من انتقامها بزعمهم وخوّفوا الأتباع الذين بدورهم عطّلوا عقولهم عن إدراك الخطأ من الصّواب في مثل تلك الاعتقادات.
فأرسل الله النبي محمّداً صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام الذي كرّم
الإنسان بالعقل وجعله مناط التكليف بواجبات الدين وأوامره ونواهيه، ورفع الإصر والمؤاخذة عن المجنون الذي فقد عقله، والصغير الذي لم يكتمل نموه العقلي، كما دعا وحثّ بل وجازى على إعمال العقل في البحث عن حقائق الكون والعلوم، ونهى وحرّم كل ما من شأنه أن يؤثّر على العقل كالمسكرات بأنواعها.
وأوّل ما بدأ الإسلام بتطهيره من الخرافات والدّجل هو العقيدة التي خاطبت العقل لإقناعه بصواب الحق الذي جاء به القرآن، وبطلان ما عليه الجاهليون من اعتقادات باطلة كاعتقاد تعدد الآلهة، من ذلك قوله تعالى: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 91].
فهذا البرهان الباهر بهذا اللفظ الوجيز الّبين فيه أنّ الإله الحقّ لا بد أن يكون خالقاً فاعلاً، يوصل إلى عابده النفع ويدفع عنه الضّر، فلو كان معه سبحانه إله لكان له خلق وفعل وحينئذ فلا يرضى بشركة الإله الآخر معه بل إن قدر على قهره وتفرده بالإلهية دونه فعل، وإن لم يقدر على ذلك انفرد بخلقه وذهب به كما ينفرد ملوك الدنيا عن بعضهم بعضا بممالكهم؛ وإذا لم يقدر المنفرد على قهر الآخر والعلو عليه فلا بد من أحد أمور ثلاثة:
♦ إمّا أن يذهب كلّ إله بخلقه وسلطانه.
♦ وإمّا أن يعلو بعضهم على بعض.
♦ وإمّا أن يكون كلّهم تحت قهر إله واحد وملك واحد يتصرف فيهم ولا يتصرفون فيه.
وانتظام أمر العالم العلوي والسفلي، وارتباط بعضه ببعض، وجريانه على نظام محكم لا يختلف ولا يفسد، من أدلّ دليل على أن مدبّره واحد لا إله غيره.
فكما يستحيل أن يكون للعالم ربّان خالقان متكافئان؛ يستحيل أن يكون له إلهان معبودان.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:*تحرير العقل من الخرافات
، وأبناء المبدعين
فهذا الإحكام في سياق الدليل على صحّة ما جاء به نبيّ الله محمّد صلى الله عليه وسلم من التّوحيد، وكون الربّ واحداً،
وهو المعبود بحقّ وحده دون سواه، هو أقبل في عقول العقلاء، بخلاف ما ادُّعي من أنّ الإله ثالث ثلاثة، أو أنّ الأصنام تشاركه في ربوبيّته واستحقاقه للعبادة وحده. فأيّ شيء أعظم من هذا التّوحيد الواضح البيّن الذي
لم تكن تعرفه البشرية يوم بُعث نبيّ الرّحمة محمّد صلى الله عليه وسلم وأي عقيدة في الله أوفق للعقل والنظر الصحيح من هذه العقيدة؟[الأنترنت – موقع الألوكة - تحرير العقل من الخرافات وكتبـه، د. عادل بن علي الشدي - د. عبد الرزاق معاش ]
*أبناء المبدعين
لا يزال واقعُنا الإبداعي بما يحمله من آلامٍ كثيرة، وآمالٍ عظيمة، محفزًا لمزيد من العطاء والإنجاز؛ فبيئةُ المبدع التي تحيط به يمكن أن تكون أداةً لنجاحات مستمرة، وعطاءات متواصلة.
فدور المبدع في مجتمعه أن يسعى لتطويره، أما رسالته في بيته، فهي الحب والإنسانية والرحمة، والتوجيه والرعاية، فإذا استطاع كلُّ مبدعٍ في كل مجال من مجالات الحياة أن ينمي مشاعرَ الحب والمودة في بيته، وأن يعزِّزَ الإبداع عند أبنائه، فإنه يؤهِّل هذا البيتَ للطموح والإبداع، ويضمن توجيهَ سلوك أبنائه إيجابيًّا؛ كي تندمج قدراتُهم في عالم التنمية والتقدم.
إن التربية الناجحة تولِّد قوى إبداعية عند الولد، وتعطيه قوةَ الثبات والانطلاق والفاعلية، وتجعله قياديًّا قادرًا على صناعة القرار، وتعوِّده على التكيف الاجتماعي، وإقامة علاقات جيدة مع الناس، وتحوِّله إلى مبدع يمكن الاعتمادُ عليه في تحمُّل المسؤولية، وبناءِ المجتمع، وقيادةِ المستقبل.
إن الكثير من الصغار يستمتعون بتقليد آبائهم، فهم يراقبون تصرفاتهم، فتمنحهم هذه المراقبةُ فرصةً واسعة كي تتفتَّحَ أذهانُهم، وتتهيأَ نفسيتُهم، وتنموَ طموحاتُهم، فيقودون الحياة إذا كبروا وتوفرتْ لهم العناية الإبداعية السليمة.
إن إهمال المبدعين لتربية أبنائهم ينعكس أولاً على رسالة المبدع، وأحيانًا يسيء هذا الإهمالُ إلى شخصيتهم كمبدعين، فتضطرب حياتُهم، وتتعطل مسيرتُهم الإبداعية.
لا ينبغي أن يهتم المبدعُ بنفسه فقط؛ بل بأبنائه وأقربائه، وأبناء مجتمعه، وتلامذته وأصدقائه، فكم من مبدعين انطلقوا بنفس الحماس والجدية والإنتاج الذي انطلق به آباؤهم! وكم من مبدعين تمَّموا النقص الإبداعي عند أبنائهم، فصنعوا منهم رجالاً وأبطالاً!
التفوق الإبداعي مطلبٌ وهدف لكل إنسان يعيش على هذه الأرض، ويكبر هذا الهدفُ ويَعظُم عند أبناء المبدعين؛ لما يرون من تفوُّق آبائهم، وعلوِّ همتهم، ونجاحِ رسالتهم في الحياة؛ فعبقريةُ الآباء تحفز الأبناءَ في معظم الأحوال، فتقوى ثقتُهم بأنفسهم ليصبحوا أكثرَ عطاءً من آبائهم، وينظروا للمستقبل الإبداعي بعين الاستبشار، ويعظم أملُهم في التقدم للأمام.
إن المبدع هو أول من يشعر بشخصية ابنه، ويعترف
بقدراته وما يناسبه لتفعيل طموحاته، فهناك مِن
المبدعين مَن يراعي ذلك كله، ويهتم بغرس الروح الإبداعية الابتكارية في أبنائه، ويشجعهم على الاطِّلاع المستمر، فالمستقبل الإبداعي هو ثمرة المعرفة الواعية، والاطلاعِ الواسع، والنقدِ البنَّاء.
وهناك من المبدعين من يهمل أبناءه، فعلى الرغم من اندماجهم في عالم الإبداع، إلا أنهم لا يعطون أبناءهم اهتمامًا إبداعيًّا لائقًا.
فإذا حدث أنْ فرَّط المبدع، فإنَّ ابنه أول من يكون ضحيةَ إهماله؛ لذلك فالحوارُ المعرفي بين المبدع وولده يعدُّ ضروريًّا لغرس روح الإبداع عند الولد، على أن يراعي هذا الحوارُ التحفيزي مستوى العمر الذي يعيشه هؤلاء الأولاد، وأن يوجِّه تفكيرَهم للبحث والاكتشاف، ويغذي طموحاتِهم بالإرادة القوية، ويحفزهم للهمة العالية.[ الأنترنت – موقع الألوكة - أبناء المبدعين - د. محمود حسن محمد ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:*إصحب مبدعاً ولا تبال
من عظمة ديننا أنه يأمرنا بأن نتبع الأحسن وأن نصادق المخلصين، ونكون مع الصادقين، ونقتدي بالمتفوقين، والمتميزين؛ لنكون مثلهم أو نقترب من موقعهم الإبداعى المتميز، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
يحتاج الإنسان فى حياته إلى الصديق ليتبادل معه الألفة، والمحبة، ويتعاون معه فى أمور الحياة، فكم من صداقة معرفية واجتماعية جمعت بين شخصين ليس بينهما زمالة أو تقارب فى الأعمار فكانت الثقة المتبادلة بينهما قوية، وبهذه الثقة تطيب العلاقة وتتكامل، ويتراحم أهلها، وكم من مصاحبة علمية وتنموية كان لها أثرها فى تكوين المبدعين، وصناعة القادة.
يميل البشر إلى الصديق الموهوب لكن قل من
يحرص على الاستفادة من موهبته وإبداعاته، ومقياس الاستفادة من هذه الصحبة الإيجابية أن نتقدم معها ونتعلم، وتتغير حياتنا نحو الأفضل، فهناك صداقات سلبية كثيرة لا شغل لأصحابها سوى اللهو واللعب والضحك وتضييع الأوقات فى الأمور الفارغة والأعمال الهابطة.
وإذا كان النجاح فى الصداقة يعتمد على التدقيق فى اختيار الصديق فحري بنا أن نختار الصديق المبدع
الذى يصفو قلبه ويصدق وعده وتؤثر فينا حكمته فمصاحبة هؤلاء تغني عن مصاحبة أهل الغفلة.
تخيل أن فى حياتك صديقاً مبدعاً لا يفارقك أبداً ولا
يتخلى عنك فى أوقات الرخاء أوالشدة وأنت لا تبتعد عنه فتراسله، أو تتصل به، أو تسافر معه، أو تقرأ وتسمع له، وتتلمذ على يديه، وتخيل حجم الاستفادة التى يمكن أن تتحقق لك من وراء صداقتكما التى لا تتباعد ولا تؤثر فيها الأهواء والمصالح الشخصية.
الصديق المبدع بما لديه من فقه وبصيرة وليس ذلك عند كل مبدع يمكن أن يساعدك فى حل مشكلاتك إن كان هناك مشكلات، وحياتنا جميعاً لا تخلو من المشكلات، فالصديق المبدع المتميز يستوعب مشكلاتك وهمومك وأحزانك، ويضع لها الحلول
الإبداعية الملائمة، أو يدل على من يجد لها الحلول.
الصديق المبدع حينما يكون فى غاية النبل والوفاء يعطيك من خبراته وتجاربه الناجحة، ويحفزك إلى الرقى والإبداع، ويوجهك للطريق الإبداعى الصحيح، ويساعدك بالإمكانات اللازمة إن احتجت إليها، ويحرص دائماً على تعليمك ما ينفعك، وتحذيرك مما يضرك.
وحين يكون هذا المبدع من المعدن النفيس فإن مصاحبته تكون كنزاً؛ لأنك كلما اقتربت منه تزداد تحليقا فى سماء الرقى والإبداع.
فإذا حدث أن تفوقت عليه وتميزت بشيء تضيفه إلى عالم الإبداع لن يقلق أو يغضب، أو يحاربك فى إبداعك وتفوقك لأنه يحب الخير لك كما يحب لنفسه ويريد إسعادك.
إذا صاحبت مبدعاً، فكن مقدراً لشخصيته واشكره إذا صنع لك معروفاً أو قدم لك نصيحة، وأعلن احترامك الدائم له، ولما يحمله من العلم، والثقافة، والخبرة الواسعة، والنظرات الواقعية، والأمل فى الحاضر والمستقبل. فإذا تعلمت على يديه، فتحلّ بآداب المتعلم من حسن الإنصات والفهم لما يقول، ومجاهدة النفس كى تبلغ درجته العالية، أو تتفوق على هذه الدرجة. ونصيحتى:إذا وجدت صديقاً مبدعاً ومخلصاً فى علاقته معك، فحاول أن تحافظ على
علاقتك الطيبة معه فلا تفرط فيه، أو تنساه، أو تتخلى عن صداقته لأنه سينفعك ويفيدك.
[الأنترنت – موقع الألوكة - اصحب مبدعاً ولا تبال - د. محمود حسن محمد ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* الخصائص العقلية للإبداع
إذا تفحَّصنا تراث الدراسات النفسية في النصف
الأول من هذا القرن، سنجد أن ما وجه من هذه الدراسات نحو دراسة الإبداع، وتحديد خصائصه العقيلة - قليلٌ بشكل ملحوظ، ولا يتناسب مع أهمية هذا الموضوع، ومما يدل على إهمال دراسة هذا الموضوع - حتى ذلك الوقت - أن مجلة الملخَّصَات السيكولوجية، التي تلخص كل ما يجري من دراسات علم نفس في العالم كله، لم يرد بفهرسها منذ إنشائها في سنة 1927، وحتى سنة 1950 (23سنة) إلا حوالي 186 عنوانًا، من بين 121 ألف عنوان، مما يخص من قريب أو بعيد دراسات الإبداع، أي: بنسبة 2% فقط، وكانت هذه العناوين تدور حول موضوعات مثل الإبداع، التخيُّل، الأصالة، التفكير، كما أنه من بين العديد من الكتب التي ظهرت في علم النفس العام، لم يوجد إلا كتابان اثنان أفرَدا فصولاً مخصصة لهذا الموضوع.
وقد كان أحد أسباب هذا الإهمال هو الاتجاهَ الخاطئ، الذي سلكته دراسات العبقرية المبدعة، حينما ظنت أن الإبداع يتمثل في التفوُّق في الذكاء، الذي كانت عملية إعداد مقاييس واختبارات له ذاتَ نصيب أوفر، من جهد علماء النفس منذ بداية هذا القرن.
ولعل النمط الذي ساد في بناء هذه الاختبارات كان
مسؤولاً - إلى حد كبير - عن أبعاد نظر العلماء،
عن محاولة قياس القدرات الإبداعية، فمعظم هذه الاختبارات يقوم على أساس اختيار الإجابة الصحيحة من بين عدد من الإجابات، أو ما يُسمَّي اصطلاحًابـ (الاختيار من متعدد)، وهو ما يعتمد على التفكير التقديري، بينما يتطلب الإبداع نوعًا من التفكير المنطلق المتشعِّب، الذي يبحث عن إجابات وحلول جديدة ومبتكرة، تكون غير موجودة عادة، فيما نقدمه من إجابات على أسئلة اختبارات الذكاء المألوفة، ونحن حين نضع الشخص المبدع أمام الإنتاج المنتهي بالفعل - نمنعه من أن يُظهِر - بشكل واضح - إبداعه الخاص، الذي يمكن أن يظهر في اختبارات الإبداع.
وربما كان من الصعوبات التي واجهت علماء النفس، عند محاولة دراسة الإبداع أو قياسه: أن أداء المبدعين يختلف بشكل ملحوظ من وقت إلى آخر، وهذا يظهر في بعض الكتابات تحت اسم: (إيقاعات الإبداع)، وهو ما يمثل مشكلة منهجيَّة خطيرة، عند إعداد اختبارات لقياس أعدادٍ؛ فمثل هذه الاختبارات لن تعطي نفس النتائج، حين يعاد تطبيقها في أوقات مختلفة، وبالتالي تصبح غير ثابتة في تقديرها، وهذا عيب أساسي يشين أيَّ أداة للقياس، ولكنه لن يكون هنا راجعًا لخطأ في إعداد الأداة، بقدر ما يكون ناتجًا عن تذبذب مستوى الأداء في الوظيفة التي نقيسها.
وقد يكون من هذه الصعوبات أيضًا التمسكُ بالمفهوم القديم للإبداع، الذي يرى أن قدرة أعداد تتمثل في الأعمال المبتكرة، التي لا جدال في امتيازها وتفرُّدها؛ فمثل هذه الأعمال نادرة الإنتاج إلى حد كبير، كما أنها حين تظهر في شكل اختراعات واكتشافات تظهر بشكل عرَضيٍّ، لدى عدد محدود من الأفراد، وهو أمر تُعتَبَر البيئة هي المسؤولةَ عنه وليس الأفراد، ورغم هذا؛ فإذا تساوت الظروف البيئية أمام كل الأفراد، فستظل هناك فروق كبيرة في الأداء الإبداعي بينهم، ويمكننا أن نلاحظ هذه الفروق الفردية في الأداء الإبداعي بشكل أوضح، إذا تنازلنا في معايير أعداد، وقبلنا حالات على درجات أقل من الأعداد أو الامتيازات، وهذا هو جوهر النظرة الحديثة للإبداع، التي تعتبره متصلاً، أو مقياسًا متدرجًا يتدرج عليه الأفراد زيادة ونقصًا فيما يمتلكون من هذه القدرة، وليس قدرة متفردة توجد كلها، أو لا توجد بالمرَّة عند كل فرد من البشر، وقد ساعد هذا المفهوم الجديد، الذي نما ابتداء من النصف الثاني من هذا القرن، على إمكانية بناء مقاييس للإبداع، تستخدم في دراسته بطريقة كمية على مجموعات متباينة في قدراتها الإبداعية، سواءٌ بين العاديين أم المتفوقين من الناس. [الأنترنت – موقع الألوكة - الخصائص العقلية للإبداع - د. حسن أحمد عيسى المصدر: مجلة المعرفة ( الإبداع في الفن والعلم ) ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* التدين والإبداع : التقاء لا افتراق
"التدين والإبداع لا يلتقيان"، عبارة لطالما ردَّدها الكثير من العاملين في المجالات الفنيَّة والإبداعيَّة كمصوغ فلسفي، يُطلِقون من خلاله لأنفسهم الحريةَ المطلَقة للتعبير عن هذا الإبداع بأشكاله المختلفة، وكأساس فكري نظري يستندون إليه في الدفاع عن الكثير من هذه الأعمال، التي ربما تتعارض مع ثوابت ومقدَّسات الدِّين، حتى انسحبتْ لتكون بمثابة موقف مبدئي للقول بالتعارُض ما بين التديُّن والإبداع، وهو الموقف الذي لا يعدو في حقيقة الأمر عن كونه ردةَ فعلٍ مِن قِبَل هؤلاء تجاه المعايير والضوابط الشرعية، وليس انعكاسًا حقيقيًّا للتعبير عن موقف الدِّين من الإبداع والمبدِعين
ويَستند هؤلاء - في محاولة لتأكيد منطلقهم - إلى
استحضار الكثير من النماذج الواقعيَّة للمبدعين، الذين لم يُعرَف في سلوكهم سلوكُ المتدينين؛ بل على العكس من ذلك، فقد عُرف عنهم التسيبُ، والإفراط السلوكي، وكأنَّ الإبداعَ مرتبطٌ بالانحلال، والحياة العبثيَّة، إلى الدرجة التي ترسَّخت فيها صورةٌ خاصةٌ في أذهان الناس والعوام عن المبدعين، وأضحتْ هناك الكثير من السمات تمثِّل الوجهَ الآخر للمبدِع؛ ومنها أن يكون مثلاً: فوضويًّا، ذا شعر طويل، غيرَ منظم، ومدمنًا لشرب السجائر وربما الخمور، ولا يؤمِن بمؤسَّسة الأسرة، أو غير مبالٍ بها، ولا يشعر بأية مسؤوليةاجتماعية، فهو - بحسب
تصوراتهم – يعيش لفنِّه وإبداعه فحسب.
*المنظور الإسلامي:
وأما في المنظور الإسلامي، فقد كان للقرآن الكريم موقفٌ واضح وصريح من الشعراء، الذين كانوا نموذجًا للإبداع الفني والأدبي في ذاك الوقت؛ حيث قال الله - تعالى -: ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴾ [الشعراء: 224 - 226]، وهو وصف - بكل تأكيد - فيه ذمٌّ لهؤلاء الشعراء الذين لا يستقرُّون على حال؛ بل إنهم ربما يكونون مادةَ إغواء لآخرين يُضلُّونهم الطريقَ، وإن كثيرًا مما يقولونه لا ينطبق
على فعلهم، ولا يعدو عن كونه مجردَ كلامٍ كاذب.
وهو ما دفع بعضَهم للاعتقاد بأن هذه الآيات تمثِّل طعنًا مبينًا، ومبيتًا، وصريحَ العبارةِ في فن الشعر، وأنها موقف عدائي بيِّنٌ - مع سبق الإصرار - وواضح من الشعراء، وحملة تنكيلية وتشويهية بالمبدعين وبإبداعهم وفنِّهم، فكان هؤلاء المتوهمون كمَن يقف عند قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ﴾ [النساء: 43]، وقوله - تعالى -: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴾ [الماعون: 4]، فقد تجاهلوا أن الله - عز وجل - لم يَترك قولَه في الشعراء على عمومه، إذ أتبعه بقوله: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* التدين والإبداع : التقاء لا افتراق
رُوي أن عبدالله بن رواحة، وكعب بن مالك، وحسَّان بن ثابت - من شعراء المسلمين - أتَوْا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزل: ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴾، وقالوا: هلكنا يا رسول الله! فأنزل الله: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾؛ يعني: ذكروا الله كثيرًا في كلامهم، وانتصروا في ردِّ المشركين عن هجائهم؛ كقول حسان في أبي سفيان بن الحارث:
وَإِنَّ سَنَامَ المَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ
بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ العَبْدُ
وَمَا وَلَدَتْ أَفْنَاءُ زُهْرَةَ مِنْكُمُ
كَرِيمًا وَلاَ يَقْرَبْ عَجَائِزَكَ المَجْدُ وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ وَلاَ كَابْنِ أُمِّهِ
وَلَكِنْ هَجِينٌ لَيْسَ يُورَى لَهُ زَنْدُ
وَإِنَّ امْرَأً كَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّهُ
وَسَمْرَاءُ مَغْلُوبٌ إِذَا بَلَغَ الجَهْدُ
وَأَنْتَ امْرُؤٌ قَدْ نِيطَ فِي آلِ هَاشِمٍ
كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ
ويؤكِّد ذلك ما رواه الترمذي وصححه، عن أنس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكةَ في عمرة القضاء، وعبدُالله بن رواحة يمشي بين يديه يقول:
خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
اليَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ
وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
فقال عمر: يا بن رواحةَ، في حرم الله، وبين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول الشعر؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خلِّ عنه يا عمر؛ فإنه أسرعُ فيهم من نضح النبل)).
*التشويه الثقافي:
وهنا يجدر بنا أن نلفت النظرَ إلى أن قضية الإبداع ومفهومَه عند العرب والمسلمين، لا تنفصل عن عمليات التشويه الثقافي، والاختراق الفكري، الذي لعبه الاحتلال في الذهنية الثقافية للمسلمين خلال فترات الاحتلال العسكري، والتي ما زال يمارسها عبر وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة؛ حيث يسعى الغرب - وبشكل دائم - إلى تأطير الكثير من المفاهيم والأفكار بحسب رؤيته ونظرته، ويعمل على ترويجها باعتبارها الوجهَ الأوحد لهذه الأفكار، والتي يختلف كثيرٌ منها في نشأته، ومنطلقاته الفلسفية، من حضارة إلى أخرى.
وهو ما ينطبق على مفهوم الإبداع، الذي أضحى عند العرب والمسلمين انعكاسًا لما هو عليه في الغرب، آخذًا في الوقت ذاتِه أشكالَه، ومعاييرَه، وسماتِه؛ بل انحياز الكثيرين لأدواته، التي - فضلاً عن تعارضها مع الثوابت الإسلامية - تتنافر مع الذوق النفسي لأبناء الحضارة الإسلامية، ومن ذلك مثلاً فن الباليه، الذي تحرِّمه الشريعة الإسلامية، ولا يستسيغه العرب والمسلمون، ويرونه متعة محرَّمة، في حين يتظاهر البعض بتأثُّرهم الشديد به، وانفعالهم معه، لدرجة متابعتنا للغرب، ووصف مثل هذه الحركات بالفن الرفيع والراقي، واعتبار المتابع لما يسمى بالفن الأوبرالي بالمثقف الواعي!
وفي المقابل، فإن فن الإنشاد والتواشيح الموجود في
بلادنا، ويؤثِّر بشكل كبير في قطاعات كبيرة منهم –
لا يعدُّ بالنسبة للغربيين إبداعًا؛ فهو ليس وليدَ بيئتهم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* التدين والإبداع : التقاء لا افتراق
الإبداع المتدين:
وفي هذا الإطار نرفض القول بتحول الأستاذ سيد قطب عن الإبداع، لمجرد التزامه بالمنهج الإسلامي؛ إذ لا يعتبرون إنتاج سيد قطب فيما يخص تفسيره للقرآن الكريم "في ظلال القرآن" إبداعًا، وانحصار إبداعه فقط فيما أنتجه قبل ذلك، وهو قول مغلوط، أُريدَ به فقط تطبيقُ المفهوم الغربي للإبداع، متجاهلين المعنى الحقيقيَّ للإبداع، والذي اختطَّه قطب بمجرد إدراكه لما يجب أن يكون عليه الإبداع في مجتمع يعاني الكثير من الإشكاليات، بعيدًا عن الانسياق خلف هراءات لا تُجدِي ولا تنفع، حتى ولو كانت تعبيرًا عن النفس البشرية؛ فالكثير من الأنفس تعتريها العللُ والأدواء.
ويؤكد ذلك هذه الروائعُ "الزهدية" التي قدَّمها
الشاعر العباسي المعروف "أبو العتاهية"، الذي ما
كان لِيَقدرَ على تقديمها، لولا انتهاجُه لمذهب الزهد.
ومع ذلك، فالإبداع في الإسلام ليس مقصورًا على ما أنتجه المسلمون، أو ما تضمَّن خطابًا مباشرًا للمبادئ الإسلامية، فكلُّ ما قدَّمتْه الإنسانية من إبداع، لا يتعارض مع وحدانية الله - عز وجل - ولا يدعو أو يصوغ للرذيلة، أو يؤصِّل لأيديولوجيات متناقضةٍ مع الفكر الإسلامي - هو في ذاته إبداعٌ مقبولٌ في الإسلام، ما دام أنه يحقق الغاية منه، فيما يخص الارتقاء بمشاعر النفس البشرية، ويَحضُّها على فعل الخير، ويعكس ما بداخلها من آلام، ويَرُدُّ على ما يدور في داخلها من تساؤلات مشروعة، بأساليبَ
ممتعةٍ وراقية.كذلك فإن ثمة اتِّساعًا في مفهوم الإبداع لدى المسلمين، شمل العديد من المجالات التي تميز فيها المسلمون تميُّزًا لفت أنظارَ العالم أجمع؛ ومنها ما أبدعه المسلمون من معمارٍ له خصوصيتُه، حيث راعى طبيعة البيئة العربية، والتقاليد الإسلامية، وابتكار ما عرف بفن المنمنمات، والكتابة بالخط العربي المتميز على الخشب، والجدران، والأرابيسك، والفسيفساء، التي عكستْ -وبصدق-نقاءَ الحس الإسلامي. ويأتي التفوقُ العلمي الذي حقَّقه المسلمون خلال عصور ازدهارهم، شاهدًا حيًّا، ونتيجة عملية على ما أولاه الإسلامُ للإبداع من أهمية، وحثَّ أتباعَه على الخوض في مجالاته المتعددة، فأمَرَهم بالنظر في الآفاق، وحثَّهم على استنباط القوانين الطبيعية، ودعاهم للتفكُّر والتدبُّر في خلق الله؛ بل إنه ربط بين إتقان العمل وحبِّ الله - عز وجل -: ((إن الله يُحبُّ إذا عمِل أحدُكم عملاً أن يتقنه))؛ ولهذا وجدنا أن المسلمين أول مَن اخترعوا الساعة، وأهدوها لشارلمان ملك فرنسا، وأول مَن حاولوا الطيران، وأول مَن اكتشفوا فكرة التصوير الفوتوغرافي، وأول مَن رسموا خريطة للكرة الأرضية.
أما واقعيًّا، فقد قدمَتِ الحضارةُ الإسلامية الكثيرَ من المبدعين، الذين آثروا الحياة الفنية على مدار تاريخها، وما شعراءُ الإسلام الأوائل في زمن الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلا نموذجٌ لهؤلاء المبدعين الذين التزموا بالخط الإسلامي في الإبداع، ثم كان شعراء الدولة الأموية والعباسية، وغيرهم من شعراء الدول الإسلامية المتوالية، ومَن تأمَّل الواقعَ الحديث، فلا يصعب عليه أن يقف على أسماء لا تحصى كثرةً، لجمٍّ غفير من المبدعين، سواء في الأدب أم العلوم الحديثة، وهو ما يؤكد عدم التعارض بين التدين والإبداع.
[الأنترنت – موقع الألوكة - التدين والإبداع: التقاء لا افتراق - أسامة الهتيمي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* الإسلام والقدرة الإبداعية
جاء الإسلام ليُطْلق الطَّاقاتِ الفاعلةَ والمؤثِّرة، ويدفع الإنسان لاكتشاف قوى الكون وأسراره، ويحفز النشاطات العقليَّة والعمليَّة، ويوظِّف مواهب الإنسان توظيفًا حضاريًّا لائقًا بالكرامة الإنسانيَّة، ويقدر التخصُّصات ويشجِّعها ويرعاها؛ ليقوم كل فرد في المجتمع بسد الثغرات في المكان الذي يعمل ويبدع فيه. إنَّ الانطلاق الصَّحيح لبناء القُدْرة الإبداعيَّة ،
الَّتي تنهض بالمجتمع كما يَراها الإسلام - هيَ التَّربية الإيمانيَّة التي تربط المُبْدِع بأصول دينِه، فالإنسان يتحوَّل إلى طاقة هائلة من الإبداع والعطاء عندما يقوم إبداعه على أساس من الإيمان، والصدق، والوضوح، والوعي الصحيح.
فالإسلام هو الدين الوحيد الَّذي رفع شأْن العقل الإنساني، وحثَّ الإنسان على استِخْدامه والنَّظر في الكون وعمارة الأرْض؛ قال الله تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].
*علاقة مصير: إنَّ القدرة الإبداعية هي عصب الحياة، وبها تتحقَّق رفاهية الإنسان، ومجْدُه
واستِقْراره ونَهضتُه، فالحياة على الأرْض تَستحيل بدون وجود مُبْدِعين يَكتشِفون ويخترعون، ويُجدِّدون ويطوِّرون، وينوعون الأنشطة البشريَّة والعمرانيَّة.
ولو أدْرك البشَر أهمِّية المبدِعين، لأصبح بناء المُبْدِع على رأْس الأولويَّات العالميَّة، ولحوَّلوا اللَّيل والنَّهار إلى إبداع؛ فصناعة المبدع هي صناعة للحياة والحضارة.
فالإسلام يوجِّه المبدع ليحرِص على ما ينفعُه، ويستعين بالله ولا يعجِز، ويعالج الندرة الإبداعية لديه، وينقِّي هدفَه الإبداعي من كلِّ ألوان التسلية والتفاخر، أو إشباع الرَّغبة الذاتيَّة.
كما يهتمُّ الإسلام بالمناصحة الإبداعيَّة والحوار
الإبداعي؛ لتتكامل وجهات النظر الإبداعية، فالتَّنسيق بين المُبْدِعين والتَّلاحم بينهم من عوامل النُّضوج الإبداعي وازدهارِه وتفوُّقه.
كما ربط القُرآن الفِعْل الإنساني بالخيريَّة لتحقيق الفلاح؛ قال الله تعالى: {وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
يهتمُّ الإسلام بالبيئة المشجِّعة على الإبداع، ويرغِّب في تَحصيل ثوابِ الدُّنيا والآخِرة لِمَن عمِل صالحًا؛ وذلك ليتحمَّس المبدع للرِّسالة التي يَحملها، ويدخُل عالم النَّجاح الواسِع، فتمتلِئ الحياة بالإيجابيَّة والخير، ولا يتوقَّف قطار الإبداع.
كما أنَّ الإسلام يَبني القُدْرَة الإبداعيَّة برؤيةٍ شُموليَّة متكاملة، لا تُهمل ذرَّة من شؤون النَّفس والمجتمع، ويُحرِّك أبناءَه في إطارٍ من التَّوازن والاعتِدال، الَّذي لا ينحرف بالفِطْرة الإنسانيَّة عن جوهرها الصَّحيح؛ قال تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40].
كما أنَّ الإسلام يحْرس الكيان الإبداعيَّ للمجتمع بالنَّهي عن كل إبداعٍ يؤدِّي إلى إسراف وتبذير، وإهْلاك للنّعم والثَّروات التي يمتلكها الإنسان؛ قال تعالى: {وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141].
فكلُّ إبداع ينفَعُ النَّاس ويَمكُث في الأرض يشجِّع
الإسلام عليه، وكلُّ تقْنية تؤدِّي لازْدِهار الحياة يرغِّب فيها، مع التمسك التَّام بالخصوصيَّة الحضاريَّة التي تحمي مجتمعاتِنا من الانفِلات، وضياع شخصيَّتنا الحضاريَّة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* الإسلام والقدرة الإبداعية (خطوات أساسيَّة) :
# تبْدأ مسيرة القُدْرة الإبداعيَّة في المجتمع بالاهتِمام
بالطِّفْل وتوجيهه لتقدير ذاته؛ كي يتفاعل مع الحياة من حولِه وتتوسَّع مداركه، وهذه هي البداية التي تضعُه على طريق الإبداع، وتَجعل منْه إنسانًا سويًّا متوازنًا، قادرًا في مستقبله على القيادة.
· يكتسب إبداع الشَّباب أهمِّيَّة كبرى في المنهج الإسلامي، فالإسلام يدْعو الشَّباب للعمل، كما أنَّ التَّأهيل القيادي للشَّباب يعني تكوينَهم إبداعيًّا ليقوموا بالنَّهضة، ومساعدتَهم وتوجيههم للتغلُّب على التحدِّيات التي تُحيط بهم، وتوفير المضْمون العلمي القويِّ الَّذي يُحرِّكهم للإبداع.
فالأُمَم الصَّاعدة تصعد من خِلال إبداعات شبابِها،
من خلال إعداد كوادر إبداعيَّة شبابيَّة في جَميع
القطاعات الثَّقافية، والاجتماعية، والتَّربوية، والسياسيَّة.
وكلَّما تعاظمت التَّحدِّيات على واقع أمَّتنا احتاج الأمر إلى يقظة الشَّباب وهمَّتهم، وتشجيعهم على إنتاج التقنيات، وإضافة المنجزات الحضارية إلى الواقع الإنساني؛ حتى لا تتوقَّف حياتنا على استهلاك ما ينتجه الآخر ونبقى في دائرة التبعيَّة.
وحتَّى لا يظلَّ العالم الإسلامي عالةً على غيره، أو يسقُط شبابه فيما سقط فيه غيرُه من الانحراف والسقوط في عالم الأشياء، وينتقل إلى آفاق رحْبة من الإبداع والحضارة، فلا بدَّ أن نَصل بهؤلاء الشَّباب للتمكُّن الإبداعي، ومقياس هذا التمكُّن في المنظور الإسلامي أن ينتقل الإنسان من الظَّلام إلى النُّور، ومن الضَّعف إلى القوَّة، ومن الحيرة والتشتت إلى الثبات واليقين، ومن السُّكون إلى الحركة، ومن الأنانيَّة إلى حبِّ الخير للنَّاس، ومن التأخُّر إلى التقدُّم؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ} [إبراهيم: 1].
· كما تعتمِد القدرة الإبداعيَّة على توْفير السَّعادة الأسريَّة واستقامة العلاقة بين الزَّوجين، ووجود الحوار الزَّوجي النَّاجح والتَّفاهم الأسري الَّذي يعين البيت على التغلُّب على مصاعب الحياة، ويوفِّر الاستقرار للأبْناء؛ كي تنضج ملكاتُهم في جوٍّ من الهدوء والرِّعاية والتَّربية الصَّحيحة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* الإسلام والقدرة الإبداعية *ركائز القدرة الإبداعيَّة:
· تحتاج القُدرة الإبداعيَّة إلى الرِّعاية المؤسَّسية الَّتي
تحتضن إبداعات الأفراد، وتنمي خصائصَ شخصيَّتهم المبدعة، فكلُّ إنسان يُمكن أن يتحوَّل إلى معلِّم بارز من معالم الخير والعطاء، وهذا يتطلَّب فتْح نوافذ واسعة للإبداع؛ ليدخُل منها أصحاب المواهب والتطلُّعات المستقبليَّة.
· ترتيب الأوْلويَّات في حياتِنا، فالاهتمام بصغائر الأمور يضعف الطَّاقة الإبداعيَّة عند الإنسان، ويؤخِّر تقدُّمه وتطوُّره.
· تشجيع القراءة كمدْخل لنهضة إبداعيَّة متجدِّدة بأن تصبح القراءة جزءًا من حياتنا اليومية، فالقراءة ترتقي
بأفهامِنا وأفكارنا، والمبدع القارئ يتقدَّم إبداعُه عن
المبدع غيْر القارئ، وكلاهُما يتقدَّم عمَّن لا يقرأ ولا يُبدع.
· الحفاظ على كيانِنا العقدي والمعرفي للانطِلاق في بناء النَّهْضة المعاصرة، وتَحرير العقْل المسْلم من خموله.
· إعداد القيادات التَّربويَّة الواعية التي تحسن توجيه الطلاب؛ نظرًا لضعْف التَّكوين الإبداعي في عالمنا العربي والإسلامي، بِما يضمن توْفير إبداعات شبابيَّة أصيلة ونافعة.
· تطْوير المناهج التعليميَّة لتسْمح بتنشيط العقْل المبدِع عند الطلاَّب، من خلال التَّعليم والتَّدريب والتَّوجيه السلوكي المنضبط.
· تشجيع السير في الأرض للتعرُّف على الأفكار
الجديدة، وبِناء العلاقات الإنسانيَّة الواسعة.
· أن يلبِّي الإبداع حاجاتِنا التَّنموية والاجتِماعية، ويتدخَّل في علاج أزماتِنا ومشكلاتنا، ويهيِّئ شبابَنا للاستعداد النَّفسي، والتَّفاعُل مع الأفكار، والتَّخطيط لصناعة المستقبل.
· الخروج من دائرة المفاهيم المحدودة، وتشجيع التَّفكير الإبداعي الواسع، واختِبار سلامة توجُّهاتنا الإبداعيَّة بين الحين والحين، والاستفادة من التَّجارب الإبداعيَّة الأكثر تجدُّدًا وشبابًا، وفاعليَّة والتزامًا، بما يضمن نهضة كريمة لكل إنسان.
· إنَّ الإبداع النَّاجح مرآة تعكس طموحات شبابِنا
النهضيَّة، فلا بدَّ من غرْس الرُّجولة في أعماق هؤلاء الشَّباب؛ فالمؤمن القويُّ خيرٌ من المؤمن الضَّعيف؛ وذلك ليصبحوا قادرين على تحمُّل أعباء الحياة ومشقَّاتها ومسؤوليَّاتها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الستون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* الإسلام والقدرة الإبداعية *وقفة صريحة:
لقد آن الأوان، فلا نبدع إلاَّ ما يحقِّق الخير والنَّهضة لهذه الأمَّة، وأن نسلُك طريق التَّبشير الإبداعي الذي يحرِّك الهمم، بدلاً من التيئيس الَّذي يضعف قدراتنا الإبداعيَّة، وستكشف الأيَّام أنَّنا روَّاد القدرة الإبداعيَّة؛ لأننا أمة لا تنسى ما أنعم الله به عليها من الفضل والارتفاع، وعلو الشَّأن، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
إنَّ مساحة العالم الإسلامي واسعة، وقدراته وإمكاناته عالية، فهو قادر على الاستِجابة لمتطلَّبات القدرة الإبداعيَّة، وتجاوُز التحدِّيات التي تحيط به، والمساهمة في دفْع حركة التَّاريخ الإبداعي المعاصر،
وذلك يوم ألا ننسى أنَّنا خير أمَّة أخرجت للناس.
[ الأنترنت – موقع الألوكة - الإسلام والقدرة الإبداعية - د. محمود حسن محمد ]
*نعمة الإبداع
لقد طلب الله - عزَّ وجلَّ - من الإنسان أن يستفيدَ من الطَّاقات الكونيَّة التي أوْدَعها الله - عزَّ وجلَّ - في هذا الكون، وقدَّرها بلطفه، وإرادتِه، وحكمتِه، كما منح الله - عزَّ وجلَّ - العقل لهذا الإنسان ليحسن الاستِفادة من الخيرات التي تقع بين يديْه، فيوظِّفها في إعْمار الأرْض ويُبدع في الاستِفادة منها؛ لأنَّه كلَّما أبْدع ازداد الخيْر بين يديْه وتقدَّمت الحياة، وتطوَّرت على نطاق واسع.
روح الإبداع:
الإبداع نعمة لا نصِل إليها بالاستِعْجال أو الكسل والتَّراخي؛ بل نَحصل عليْها بالسَّعي المنضبط، والهمَّة العالية، والثِّقة بالنَّفس، والإدارة النَّاجحة، والاختِراع المتجدِّد، والطَّاقات الواسِعة، وعِماد نجاحه الاستِخارة والاستشارة؛ لأنَّه ((ما خاب مَن استَخار، وما ندِم من استشار)).
أمَّا أهمِّيَّة الإبداع وضرورته للحياة، فهي تنبع من الرُّؤية الإسلاميَّة التي تشجِّع كلَّ تقدُّم لمن شاء أن يتقدَّم، وتحارب كلَّ تأخُّر لِمن شاء أن يتأخَّر، وتشجِّع كلَّ إبداع منضبِط يَخدم الحياة، فالأُمم لا تقْوى على السَّير إلاَّ إذا أعطت هذه النِّعْمة حقَّها فاخترعت، وابتكرت، وأضافت إلى الحياة تطوُّراتٍ جديدة.
إنَّ حياة المبدع سلسلةٌ لا تتوقَّف من التفاؤل والنَّجاح، من يوم أن يضع قدَمه على أوَّل طريق الإبداع، وهذا فضل يختصُّ الله به مَن يشاء من عبادِه؛ توفيقًا لهم وتكريمًا؛ {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
فالأمل عند المبدِع نعمة؛ لأنَّه يقوي إرادة النهوض في الإنسان، والتطلُّع للأمام نِعمة تقود الآملين لعالم أفْضل وحرِّية أوْسع، فمَن أراد هذه الحريَّة، فليصنعْ لنفسِه شيئًا يليق بشخصيَّته، وليوقِنْ بأنَّه لا خيار له
سوى أن يقوِّي كيانه بِما يحفظ له احترامَه وتقْديره بيْن النَّاس.
والتفكير الإبداعي نعمة؛ فبه يسير الإنسان في طريقِه، ويُحدِّد أهدافه بدقَّة، ويتجنَّب أسباب السُّقوط إذا كان تفكيرُه إيجابيًّا، كما أنَّ التَّفكير يولِّد الحماس والنَّشاط، والفاعليَّة، والاستِبْصار.
والتَّخطيط الإبداعي نعمة؛ لأنَّه يَجعل الأمم والشُّعوب تسير على هدًى وبصيرة، وتتمكَّن من بلوغ أهدافِها بحكمة واعية، ومَن لا أمل له لا أمل فيه، ومَن لا يملك محاولة التقدُّم فلن يكون له مكان فى عالم الغد، كما أنَّ التَّخطيط يساعد المخطط في التصدِّي للمشكلات التي تواجِهُه، وترتيب الأولويَّات التي
يَحتاج إليْها.
والأخذ بالأسباب نِعْمةٌ لا يقدرها قدْرَها إلاَّ مَن عرَف أنَّ روح الحياة في التحرُّك نحو الأفضل، واكتِشاف أسْرار الحياة لإعمارها.
والإيجابيَّة نعمة لأنَّها عطاء وإنجاز لا يعرف التوقُّف، وتنمية الحياة وتطويرها بالعِلْم والمعرفة والهمَّة العالية والعمل.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* الإسلام والقدرة الإبداعية *فوائد الإبداع:
- عندما نبدع تختفي النَّظرة السلبية التي تدعو للانسحاب من الحياة، كما أنَّ الإبداع ينعكس على حالتِنا النفسيَّة، فنشعر دائمًا بالتَّفاؤل والتطلُّع لما هو أفضل.
- عندما نبدع تتعمَّق لدينا الرَّغبة في الوصول للأفضل، فيتحوَّل التَّفكير الدَّاخلي إلى طاقة كبيرة من علو الهمَّة، تستطيع أن تغيِّر أنْماط الحياة في مرحلة قصيرة.
- الإبداع ينمي المهارات ويقوِّي القدرات، وينظم
الطَّاقات كي تعمل بتوازُن وتنتج بغزارة، فتزدهِر الحياة وترتقي،ويتحقَّق الرَّخاء ونتغلَّب على الفقْر والمجاعات، ونحارب البؤس والشقاء.
- الإبداع يبشِّر أصحابَه بإنجازات رائعة في المستقبل وآفاق جديدة، كما أنَّ الحركة الواعية تبدِّد الخوْف من المستقبل؛ لأنَّ ما أمكن إنْجازه اليوم يُمكن إنجازه في عالم الغد،فلسنا بِحاجةٍ للخوْف والقلق من المستقبل.
- بالإبداع ننمِّي الإبداع حيثُ تُعين كثرة الإبداع على توْفير الحلول الإبداعيَّة نتيجة كثْرة التَّفاعُلات والتَّجارب والخبرات التي تفيد الحياة الإنسانيَّة.
- حينما نبدِع نصل لمستوى عال من التَّركيز وقوَّة
الانتباه، فتتحرَّر طاقاتنا من قيود الكسَل والتَّراخي والضَّعف والخوْف فيحول سلبيته إلى إبداع.
- الإبداع يجعل المبدع يؤْمِن بنفسه ويثِق في فاعليَّته، وتتحقَّق هذه الثِّقة من أوَّل خطوة يصنع فيها المرْء شيئًا جديدًا ونافعًا، كما أنَّ الإبداع يساعد المرْء على اكتشاف علاقات جديدةتمكنه من الانطلاق الواسع.
- الإبداع ينمي المعارف الإنسانيَّة، فهو يشجع القراءة والتأليف والتَّعليم، والتدريب والخطابة والحوار، والاتِّصال الثقافي والبحث والاكتِشاف والواقعيَّة، كما أنَّه ينمي روح العمل الجماعيَّة.
- والإبداع يقْبل النَّقد ويَجعل منه وسيلةً لتصحيح
الأحْوال والمواقف والاتجاهات، كما أنَّ الإبداع يشجِّع الإنسان على الاستِفادة من خبرات الآخَرين وقدراتهم.
- الإبداع الملتزِم بالضَّوابط الأخلاقية يحصِّن الأمَّة، ويقف حصنًا منيعًا أمام محاولات تدْمير مقوِّمات الإبداع في مُجتمعاتنا، كما أنَّ الإبداع يصنَع التَّحدي وينشِّط المبدع لعدم الاستِسْلام للضغوط والتحدِّيات.
- وثمرة الإبداع النَّجاح وبناء آفاقٍ جديدة، فالله - عزَّ وجلَّ - لا يضيع عمل عاملٍ أخْلَص وبذل، والنَّجاح نعمة لا يشْعُر بها إلاَّ أهلُها من المتفوقين.
- الإبداع يشرح صدْر المبدع ويُشْعِره بالسَّعادة؛ لأنَّه يُخرجه من روتين الحياة إلى الجِدِّ والنَّشاط، وينقله من الأفكار السيِّئة إلى الأفْكار الإيجابيَّة، فيتحوَّل من الضَّعف إلى القوَّة، ويُحقِّق ذاته ويكون نافعًا لنفسِه ولِمَن حوله، ويتحقَّق له التوازن الانفِعالي والتَّوافق النفسي، والقوَّة العقليَّة والروح الابتكاريَّة.
فهل نشجع تنامي الإبداع في عالمنا العربي والإسلامي لنبني لأمتنامجدًا من الإيمان بالله، الذي يقوينا لنتغلَّب على كل جزئيَّة من جزئيات الفشَل والتأخُّر، والعمل الصالح الذي يؤهِّلنا للاكتشافات والإنجازات، والنَّجاح التنموي الذي يَجعلنا في الصَّدارة.
[ الأنترنت – موقع الألوكة - نعمة الإبداع - د. محمود حسن محمد]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* هل فاتنا قطار الإبداع؟
يسود بين الناس اليوم اعتقاد شائع، بأن الإبداع يبدأ في الظهور في المراحل المبكرة من الحياة، وأن الأشخاص المبدعين تُخلق معهم مواهب الإبداع الكامنة، ومن ثمَّ فإن الأشخاص الذين لا تظهر مواهبهم في سنٍّ مبكرة قد يصابون بالإحباط؛ بل واليأس من مجرَّد الحلم باكتساب أي مواهب جديدة،
فهل هذا الاعتقاد صحيح من وجهة نظر العلم؟
*وراثة الإبداع:
اشتغل الفلاسفة منذ القدم بمحاولة الكشف عن مواطن الإبداع والعوامل المكوِّنة له، وتباينت وجهاتُ النظر إلى حدٍّ كبير، فذهب أفلاطون إلى ربط الإبداع بالوراثة؛ بل جعل الوظائف والقدرات العقلية كلَّها وراثيةً، ثم قسَّم المجتمع في جمهوريته الخيالية أربع طبقات هي: الحكماء، والمحاربون، والعمال، والعبيد، وعندما واجه أفلاطون مشكلة بروز بعض الحالات الإبداعية في الطبقات الدُّنيا من المجتمع، كما هو ملاحظ في كلِّ العصور والمجتمعات، برَّر وجودها بأنها مجرَّد طفرات شاذة تجب إعادتها إلى زمرة الأطفال الموهوبين الذين أوكل إلى الحكماء مسؤولية تربيتهم.
وفي العصر الحديث، وجد بعضُ علماء النفس الغربيين في هذه الفكرة ما يؤيِّد أفكارَهم العنصرية، فأوصى عالم النفس البريطاني "سيرل بيرت" (ت: 1971م) بعزل الطبقات الفقيرة ذات السلالات غير الأصيلة - من وجهة نظره - على اعتبار أن مشكلة الفقر في بريطانيا لا يمكن حلُّها إلا بالحدِّ من نسل طبقات العمَّال المهاجرين من دول متخلِّفة، وقد ثبت - فيما بعدُ - افتقارُ دراسات "بيرت" إلى المنهجية العلمية.
*تعليم الإبداع:
قوبلت نظرية "بيرت" المتطرِّفة بالكثير من الرفض في شرق العالم وغربِه، وكردِّ فعل عليها برزت دراساتٌ أخرى تعطي البيئة والتعليم دورًا جوهريًّا في تحديد القدرات الإبداعية لدى الطفل، إلى الحدِّ الذي جعَل البعضَ يعدُّها العامل الوحيد المكوِّن للذكاء، إذ ذهب "جون واتسون" (ت: 1958م) إلى أن التربية والبيئة الثقافية هما المؤثِّران الوحيدان في قدرة المرء على الإبداع، ويقول في ذلك: "أعطني اثني عشر طفلاً سليمًا ومعافًى، مع ظروف بيئية مناسبة؛ لأؤكِّد لك أنهم قادرون بمحض إرادتهم على تحقيق طموحهم، وستجد فيهم الطبيب، والمحامي، والفنان، والتاجر، والقائد، وحتى اللص والمتسوِّل، وذلك بغضِّ النظر عن ميولهم واستعداداتهم الفطرية أو موروثاتهم".
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* هل فاتنا قطار الإبداع؟*متى يظهر الإبداع؟
لعل القائلين بربط الإبداع بالفطرة يستندون إلى
الكثير من الحالات التي تشير إلى ظهور الإبداع غالبًا في سنٍّ مبكرة، والتاريخ مليءٌ بالأمثلة، فقد بحث "أرسطو" في سرعة السقوط الحرّ وهو في التاسعةَ عشرةَ من عمره، وفاقت شهرةُ "ابن سينا" في الطبِّ شهرة معظم أطباء عصره، وهو لم يتجاوز السابعةَ عشرة، كما بدأ الفيلسوف الإنجليزي "جون لوك" بالكتابة في سنِّ الرابعةَ عشرةَ، والتحق الفيلسوف "ليبنتز" بالجامعة في سنِّ الخامسة عشرة، وأحرز الدكتوراه في سنِّ العشرين.
ولكن، تواجه أصحاب هذه النظرية مشكلةٌ صعبة، فهناك حالات أخرى لم تظهر فيها مواهب أصحابها إلا في سنٍّ متأخرة، إذ لم تظهر موهبة الشعر عند "النابغة الذبياني" إلا في سنِّ الأربعين، مما دفع قومه لتسميته بالنابغة، كما نذكر المفكر المعاصر "يوسف مراد" الذي ترك عالم الفكر والفلسفة في سنِّ الستين، بعد أن اكتشف موهبتَه في الرسم، أما الدكتور "جورج دوما" فقد اعتزل مهنة الطبِّ ليدخل صراعات الفكر والأدب في سنٍّ متأخرة أيضًا، وكتبت الكاتبة التشيلية الشهيرة "إيزابيل اليندي" روايتها الأولى "بيت الأرواح" في عمر يناهز الأربعين.
*وماذا يقول العلم؟
يتفاوت سنُّ ظهور المواهب حسب ميول الأشخاص
المبدعين، ففي الأدب تبدأ المواهب بالظهور في
وقت مبكر جدًّا؛ أي: منذ ما قبل سنِّ المدرسة، بينما قد يتأخَّر سنُّ الإنتاج العلمي إلى سنِّ السادسةَ عشرةَ، وربما يحتاج التفكيرُ الفلسفيُّ إلى نضجٍ أكثرَ فيتأخر إلى سنِّ الخامسةِ والعشرين.
ولتحديد علاقة السنِّ بذروة الإنتاج الإبداعي، قام "جورج بيرد" في أواخر القرن التاسعَ عشرَ بدراسة أكثر من ألف سيرة شخصية للمشاهير، فوجد أن معظم نتاجهم الإبداعي قد ظهر في الفترة الواقعة ما بين سنِّ الثلاثين والخامسة والأربعين، كما استنتج "بيرد" أن الإبداع يرتبط بعاملين أساسيين هما: الخبرة والحماس، فالخبرة تتكون بشكلٍ تراكمي مع التقدُّم في السنِّ، أما الحماسُ فيكون أكثر وضوحًا في السنوات الأولى للشباب، ويؤكِّد ذلك اكتشافٌ حديث لخميرة MAO الموجودة في الدم، والتي تؤدي زيادة تركيزها إلى تراجع الحماس وروح المغامرة، وهي تنخفض غالبًا مع التقدُّم في السنِّ، وقد وجد "بيرد" أن التوازن المثالي بين هذين العاملين يحدث فيما بين الثامنة والثلاثين والأربعين.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*هل فاتنا القطار إذن؟
بعد صراع طويل بين أنصار نظريتي الوراثة والتعليم، يمكننا - أخيرًا - القولُ بأن الاهتمام بدور البيئة والتعليم لا يعني تجاهل دور المورثات على الإطلاق، فقد مرَّ معنا ظهور الكثير من المواهب في سنٍّ مبكرة جدًّا، وقبل بداية تأثر الأطفال بالبيئة أو التعليم، ولكنه لم يثبُت أيضًا - حتى الآن - القولُ بوجود جينات وراثية مسؤولة عن كلِّ استعداد
فطري يمكن اكتشافه.
إذن؛ فالإبداع يبدأ في التكوُّن منذ السنوات الأولى من أعمارنا، حيث تُخلق الاستعدادات الأولية لمواهبنا قبل أن نتأثر بالخارج، ولكنها تحتاج إلى التدريب والتطوير كي تؤتي ثمارها، وإلاَّ فقد تذهب أدراج الرياح، والعملية التربوية الصحيحة تكون قادرة على الكشف عن الاستعدادات الخاصة لدى الطفل بسرعة كبيرة، كما تقوم في الوقت نفسِه بتكوينها عندما تتوفَّر الرغبة والعزيمة؛ لذا فإنه من الخطأ القول بأن الإبداع محكوم بالسنوات الأولى من العمر؛ إذ لا يبعُد أن تنتظر كوامن الإبداع من يخرجها
حتى سنٍّ متأخرة.
وسواء تمَّ اكتشافُ هذه المواهب أم لا، فإن ارتباطها بذروة الإنتاج الواقعة في منتصف العمر لا يعني أن
نبْع الإبداع قابلٌ للنضوب على الإطلاق، إذ يرى بعض الباحثين أن انخفاض الإنتاج مع تقدُّم السنِّ لا يعود فقط إلى الضعف الجسدي، بل أيضًا إلى ما يعانيه مشاهير المبدعين من التزامات اجتماعية ومهنية تفرضها عليهم شهرتهم في المجتمع، ويحفظ لنا التاريخ عشرات الأعمال الإبداعية التي أنجزها أصحابها في سنِّ الشيخوخة، ومنها أعمال الطبيب "ابن النفيس"، والروائي "مارك توين"، والمخترع "غراهام بل".
خلاصة القول: إذا كان السؤال الذي افتتحنا به المقال ما زال يشغل بالك عزيزي القارئ، فتأكَّد من أن فرصة لحاقك بركب المبدعين ما زالت قائمةً، وأن الإرادة إذا التقت بالظروف الملائمة والاستعداد النفسي، فإنها قد تكون قادرة على تحقيق ما يبدو لك مستحيلاً، وذلك بعد توفيق الله.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:* الطريق إلى الإبداع
الإبداع... ما هو؟
هو النظر للمألوف بطريقة غير مألوفة بمزيج مِنَ الخيال والتفكير العلميّ المَرِن، لحلِّ مشكلة أو لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة يَنتج عنها إنتاج متميِّز، غيرُ شائع، يمكِنُ تطبيقُه واستعمالُه.
والإبداع يأتِي بأفكارٍ جديدة، يمكن بها تطوير العمل، وليس بالضرورة أن تكون هناك مشكلة قائمة ليَحُلَّها التفكير الإبداعيّ؛ بل ربَّما يكون الإبداع أحيانًا سببًا في حدوث بعض المشكلات، خُصوصًا أنه يعتمد على إيجاد أو تطوير أفكار، أو أعمال غيرِ مألوفة.
والإبداع نصفان: وِراثيّ ومكتسَب، وليس مِنَ
الضروريِّ أن يكون المبدِع ابنًا لمبدِع، والواقِع يؤكد ذلك؛ بل إن الجانب المكتسَب هو الأهم في العملية الإبداعيَّة.
*الطريق إلى الإبداع
تلعب الأسرة دَورًا خطيرًا في حياة الطفل وشخصيته ومستقبله، فهي إمَّا أن تُسهِمَ في تنمية شخصية الطفل وتطوُّرِها، وتُكْسِبَها اتجاهًا، وقِيَمًا إيجابيَّةً، ومُيولاً علمية مِن خلال ما سنتحدث عنه مِن وسائل، أو تُسهِم في طَمْس شخصية الطفل، وتحطيمها مِن خلال سَلْبيَّتِها، وعدم تقديرها لمواهب طفلها، وإهمالها وعدم اعترافها بقدراته المُبْدعة المُتميِّزة.
إنَّ الاهتمام بالطفل منذ نعومة أظفاره، وتربيتَه على
الإبداع والتفكير الابتكاريّ لَهُو أمْرٌ مهم جدًّا.
وبرغم أنَّ كثيرًا مِنَ الصفات يرثها الطفل، وتؤثِّر في سُلوكه وتفكيره ونفسيته، إلاَّ أنَّ الدراساتِ وأبحاثَ عُلماء الطبّ والنفس، أثْبَتَت أنَّ هناك صفاتٍ عديدةً يكْتَسِبُها الإنسان منَ البيئة التي يتواجَدُ فيها.
إنَّ الطريق إلى الإبداع مِنَ السهل سُلوكُه وتعويدُ الأبناء عليه، وذلك من خلال وسائلَ عديدةٍ نذكر منها:
1 – يَتَوَقَّع دائمًا الأشياءَ غيرَ المتوقَّعة فمثلاً: عندما نطلب منه (3 أرقام)، فسيقول لك 1، 2، 3 مَثَلاً؛ ولكنك تقول له: ولماذا لم تبحث عن 3 أرقام
تليفونات، أو عناوين منازل مثلاً.
2 – تأمُّل الطبيعة كان سببًا في بعض الاختراعات، فالسيارة الفولكس كالحشرة، والسيارة الجاجوار كالفهد، وهكذا الطائرة الهليوكوبتر، ويمكن أن نُعَوِّد أبناءنا على هذا التأمُّل على شاطئ البحر، ووقتِ الغروب، ووقتِ الشروق، وفي الحدائق وغيرها.
3 – ليبحثْ عن الفكرة الجديدة في غير أماكنها المُعتادة؛ كمن يبحث عن أماكنَ للعب واللهو فيفكر في المطبخ، وكيف يلعب فيه بَدَلاً منَ النادي.
4 – عَوِّدِ ابنَكَ على تغيير عاداته اليومية؛ حتى لا
يقع أسيرًا للعادة، ولا يحب التغيير أبدًا، فالروتين
اليومي من معوِّقات الإبداع.
5 – لا تعوِّدِ ابنكَ أن يحصر نفسه في إجابة واحدة للسؤال؛ بل يُعَدِّد الإجابات للسؤال الواحد.
6 – حاول أنْ تسألَ ابنكَ عن أيِّ شيء بِصِيَغٍ مختلفة، وليس بصِيغَة واحدة فقط؛ حتى لا تكونَ صِيغة السؤال خطأ، فتكون الإجابة أيضًا خطأ.
7 – اتْرُكْ لابنِكَ العنان أنْ يسألَ ويجيب عن أسئلة: ماذا لو؟ مثل: ماذا يحدث لو كنتُ عصفورًا فوق شجرة توت؟ ماذا يحدث لو كنتُ قبطان سفينة؟
8 – المرح والمزاح، وليس الكبت والإحباط هما التمهيد للإبداع.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * الطريق إلى الإبداع
9 – اتركْ لابنكَ العنان ليجيب عن سؤال: ما علاقة كذا بكذا؟ فمثلاً: ما علاقة القطة بالثلاجة؟ يقول:
كلاهما متعدد الألوان، ويمكن أن نضع في كليهما
السمك (في بطن القطة، وفي الثلاجة)؛ وذيل القطة
شبيه بموصل (فيشة) الكهرباء.
وهكذا يربط بين ما يفكر فيه، وبين ما يشاهده في الطبيعة، ويربطه بفكرته كربط شاطئ البحر، بسُوق السمك، فهذا كله يُنَمِّي التفكير الإبداعيَّ عند الصِّغَار.
10- ليتخيلِ ابنُكَ أنَّه هو الفكرة الجديدة، أوِ الرسمُ الجديد الذي صنعه، فلو أُتِيحَتْ له الفرصة ليتكلم ويدافع عن نفسه.. يا ترى ماذا يقول، وماذا يطلب؟
11- عَوِّدِ ابنَك أحيانًا أن يفكِّر تفكيرًا طفوليًّا أصغرَ من سِنِّه، فيَحْسُنُ مَثَلاً إذا كان عُمره 10 سنوات أن يمثل ما يمكن أن يقوله طفل الخمس سنوات عن فكرته الجديدة.
12- عَوِّدِ ابنَكَ ألاَّ ينشغلَ بالأمور الثانوية، ويترك الأمور الرئيسة.
13- عَوِّدِ ابنَكَ أن يُجَزِّئَ فكرته، ويبدأ بالمهمِّ، فالأقلَّ، فالأقلَّ.
14- لنعلِّمْ أولادَنا أنَّ الأفكار الجديدة قد تتعرض لاعتراضات، وقد تتعرض لأخطاء، فعدم اليأسِ والإحباطِ حينئذ هو الطريق إلى النجاح بإذن الله، فالمخترِع إديسون جرب 1800 طريقة؛ كُلَّما فشل في طريقة اخترع أخرى، حتى صنع المصباح الكهربائي، فلْنُعَوِّدْهُ الصبرَ إِنْ فشل في الاختبار، أو أحبطه المدرِّسُ، أو سَخِرَ منه أحد أقربائه.
15 – عَوِّدِ ابنَكَ على التفكير في بدائلَ عديدةٍ لأفكارٍ قد تبدو له واضحة جَليَّة خصوصًا عند حل المشكلات.
16 - إنْ قال ابنُكَ فكرة جديدة، أو غريبة؛ فلا تَسْخَرْ أو تُظْهِرِ استغرابًا، فإنْ طلب أن يسافر بالدراجة فقل له: ممكن؛ ولكن ماذا لو تعتب في الطريق الصحراويّ، وكانت أقرب مستشفى على مسافة ساعة مثلاً، وماذا لو حدث كذا وكذا...
17 – التعوُّد على زيارة الأماكن الغريبة؛ كقِمَّة جبل، أو قِمَّة الهرم، أو معرض الأشياء الغريبة، أو زيارة كوخ، أو مغارة وهكذا.
18 – تجنَّبْ نقد طفلِكَ ولَوْمَه كثيرًا، وإن كان لا بُدَّ
منه فليكن قليلاً، وبأسلوب غير مباشر، ليس فيه عنفٌ.
19 – لا ترفض أَيَّ فكرة لابنكَ؛ ولكن أَخرِجْها عن سلبيَّتِها؛ فإن رَفَضَ المذاكرةَ مثلاً فقل له: إنك تعتبر هذا الرفضَ مؤقَّتًا حتى ننتهِيَ من الغداء، ثم تلعب، وبعد ذلك تذاكر دروسك.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * الطريق إلى الإبداع
20 – عَلِّمِ ابنَكَ أنَّه إذا واجهتْهُ مشكلةٌ أو مسألة لم يستطع حَلَّها، فلْيَتْرُكْها ويَشْغَلْ نفسه بأي أمر عضلي؛ كالمشي؛ والسباحة؛ والتأمل؛ والتحدث؛ والصلاة؛ والنوم؛ واللعب؛ والاسترخاء؛ والتنَزُّه؛ والأكل؛ وهناك ستأتيه الأفكار الإبداعية لحلِّ مشكلته إنْ شاءَ الله؛ لأن العلماء يخبروننا بوجود علاقة بين جانبي المخ الأيمن، والذي يختص بالخيال؛ والأيسر والذي يختص بالحركة، فعندما يتحرك الإنسان يُعمِل الجانب الأيسر، ويستريح الجانب الأيمن فيبدأ الخيال بالعمل.
21 – ليمارسِ الطفلُ ما تعلَّمَهُ مثل: اقرأ هذه
(سيارة خاصة – إشارة المرور – اكتب تلغرافًا – الطبق به كم تفاحة – لو قسم علينا التفاح بالتساوي على كم يحصل كل منا وهكذا؟...).
22 – ليتعلمِ الطفلُ مهاراتِ الاستماع والتحدث (ألاَّ يقاطع المُتحدِّث – متى يستمع ومتى يتكلم؟ وكيف يُدْلِي برأيه المخالف لرأي الآخرين؟).
23 – البرلمان الصغير في البيت يُعمِّق مبدأ الشورى، ويُساعد الصغير على الإبداع.
24 – القِصص المصوَّرة تنمِّي الإبداع عند الطفل.
25 – لا بُدَّ مِنَ استيعاب حُبِّ الاستطلاع وكثرة
الأسئلة عند الطفل، والإجابة عن أسئلته بما يناسب عقله.
26 – على الوالدينِ تحبيب الطفل في القراءة بإحضار القصص المصورة و(الشيقة) له، وتشجيعه على القراءة الجَهْرِيَّة، وحُسْن التصويب له عندما يخطئ.
27 – عدم إجبار الطفل على ميول معينة، فليس مِنَ الضروريّ أنَّ ابْنَ المهندس يكون مهندسًا، أو تلقينه عادات الآباء السيئة وغير السيئة.
28 – ينبغي توطيد الصِّلَة بالمدرِّس، وتعريفة دومًا بصفات الابن، والمرجو منه ليكون مبدعًا مُتفتِّح العقل.
29 – ليرى الشيءَ ثم يكتبه، فيُعطَى تفاحةً ويقال
له: اكتب تفاحة، ثم يعطَى المَوْز ويقال له: من صنع الموز؟ فيقول: الله، وهكذا بالتدريب العملي.
30 – تجديد النشاط للطفل دَوْمًا يساعده على أن يكون مبدِعًا، متفتِّحَ الذهن، شديد التركيز.
31 – التَّغْذِية السليمة المناسِبة، تُنمِّي الإبداع، وتقَوِّي الذاكرة، وتَزيد الذكاء.
32 – اللَّعِب، ثم اللعب، ثم اللعب، مُهِمٌّ جدًّا لتنمية الإبداع عند الطفل، خُصوصًا إنْ تركناه على فِطرته وسَجِيَّتِهِ يلعب ما شاء، بلا تسلُّط، أو سخرية.
33 - تشجيع التخيُّل عند الطفل.
34 – ساعدِ الطفل على التفكير الحُرِّ، بلا تسلُّط أو فرض وِجهة نظر معينَّة عليه.
35 – اطْرَح مُشكلة أو أسئلة تثير الاهتمام والتفكير، أو مسألة معيَّنة عليه مع مجموعة من أقرانه في جلسات مفتوحة، ثم تترك له الفرصة معهم؛ ليطرح كل منهم رأيه مع تشجيع الاختلاف البناء، وتقليل أوجه القصور منهم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * الطريق إلى الإبداع
36 – شجِّعِ الطفل على احترام قِيَمِهِ ومواهِبِهِ.
37 – تنمية المهارات بشتى الوسائل حتى لو كانت
محدودةً، فمن عنده مهارة الرسم تُحضِر له الألوان
والورق؛ ليرسُم ويلوِّن ما شاء، ثم يشجِّع ويصوِّب له من طرف خفيّ، ومَن عنده مهارة الإلقاء يشجعه الآباء والمدرسون على ذلك من خلال الإلقاء في
الفصل، وفي الإذاعة المدرسية وهكذا.
38 – ساعده أن يصفِّيَ ذِهنه، ويبتعد عن مسبِّبات القلق، وكلّ ما يشتِّت الذهن.
39 – حفِّزْهُ بتوضيح الهدف من التَّفكير في هذا الموضوع، وأثر ذلك عليه.
40 – لتُعَوِّدِ ابنَك عَرْض أفكاره وإقناعَ الآخرين بها؛ ولكن نَبِّهْهُ إلى اختيار الوقت والشخص والمكان المناسب لطرْحِ أفكاره، فلا يعرض الفكرة لشخص متعب يريد النوم، ولا لأمه أثناء إعدادها الطعام، ويعرض الفكرة في مكانٍ هادئ؛ يسمح للمستمع أن يستمع بكل جوارحه، فلا يعرضها على صديقه في الملعب، أو على المدرس في الفصل أمام التلاميذ وهكذا، وليَعْرِضْها على شخص لا يُحبِطُه، ولا يتكَبَّرُ عليه؛ كبعض المعلِّمين والأقارب، ولْيَتَعَوَّدْ عرض الفكرة بأسلوب (شَيِّق)، ومثيرٍ ومؤدبٍ.
41 – دعْ طِفْلَكَ يَستَمْتِع بِطُفولته، واترُكْه على سجيَّتِه؛ يسأل؛ ويتعلَّم؛ ويلعب؛ ويقلِّد؛ ويعيش عالَمهُ الخاصَّ به، فلا تَحُطَّ من قُدُراتِه، ولا تستَصْغِر من شأنه.
42 – دع طِفْلَك يُجَرِّب ويَستكشف تحت رعايَتِكَ.
43 – لا تَمْنَعْهُ منَ اللَّعِب بِحُجَّة الحِفاظ على سلامته منَ الإصابة، ولا تحبِسْهُ داخلَ جُدران البيت حفاظًا عليه من الاختلاط بغيره، فالمدرسة،
والنادي، والزيارات، والرحلات مُهِمَّة للطفل.
44 – أَتِحْ لطفلِكَ الحوافزَ اللاَّزمة، وذلك بأن تقرَأَ له وتتحدَّثَ وتلعَبَ مَعَهُ، شجِّعْهُ على ممارسة هِواياته، وزوِّدْهُ بالأدوات اللاَّزمة؛ لتنمِية اهتماماتِه الخاصَّة، خُذْه إلى المكتبة العامَّة والمُتْحَف، وعرِّفه على أكبر قدْرٍ من مصادِرِ المعرفة مثل: المراكز التعليمية، والثقافية، وغيرها.
45 – دعِ الطِّفْلَ يُمارِس طُفُولَتَه فإنَّ كون الطِّفل مَوْهوبًا يعنِي تفوُّقًا واضحًا فِي نُمُوِّه الفِكْري، فإذا كان الطفل في الخامسةِ من عمره، فقد تَدُلُّ مُؤشرات الذكاء إلى أن عمره العقلي أكبر من ذلك، أمَّا من الناحية العاطفية فمِنَ المؤكد أنه ما زال طفلاً له رغباته الخاصة بالأطفال، والتي لا يستطيع أن يتجاوزها.
46 – أَحْبِبْ طفلك كما هو عليه، ولا تقيِّدْ حُبَّك له وحنانك عليه بأيَّة شروط معيَّنة، مثل الإنجاز المدرسي كأن يكون الأوَّل على فصله، أو غير ذلك.
47 – شجِّعْهُ على المُجازَفَة، وكافِئْهُ على المُحاوَلَة، بِغَضِّ النَّظَرِ عن مَدَى النَّجاح الَّذِي يُحْرِزُه في ذلك؛ فمِنْ شَأْنِ هذا أن يَحُثَّهُ على بذل المزيد من الجهد في سبيل تحسين إنتاجه.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والستون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * الطريق إلى الإبداع
48 – شجِّعْ طِفلَكَ على أن يُرهِفَ إحساسَهُ لِكُلِّ ما يدور حوله، ويُحيطَ به، وشَجِّعْه على التجربة، والإكثار من الأسئلة.
49 – إنَّ النَّشاطاتِ العلميةَ توفِّرُ فُرصًا طيِّبةً، تُساعد الطفل على أن يُدرِك أن ليستْ كلُّ تجربةٍ ناجحةً، وأن عدم نجاحها لا يعني بالضرورة الفشل، وإن كان من المهمِّ أن نعلِّمه كيف يتجنَّب الفشل إذا كان هذا مُمكِنًا؛ بل ويعتبره حاجة مُلِحَّة إذا تعرَّضت سلامته للخطر، غير أنَّ الحرص الزائد عن حِدِّهِ ليتجنَّبَ الفَشَلَ، يُعيقُه عن أن يتصرَّف بِشكْلٍ واقِعِيٍّ سليم، وقد يُثَبِّطُ هِمَّتَهُ، ويَسْلُبُه زِمام المبادرة.
50 – إنَّ الطِّفل يتعلَّم الكثير بطريق التجربة والخطأ، ومنَ الضروريِّ له أن يجرِّب ويفشل، ثُمَّ يُعيدَ التجربة من جديد، ومع حاجته إلى التوجيه فهو أيضًا بحاجة إلى نجاحٍ يُحرزه بجهده الخاصِّ.
فكم مِن مرَّة وقع فيها وتعثَّر حين حاول المشي لأوَّل مرَّة، وكم جرَّب وعاوَدَ التَّجرِبة من جديد بِدافِعٍ ذاتِي، دون أن يدرِكَهُ اليأسُ والوَهَنُ، حتَّى نجح وأصبح
قادرًا على المشي.
51 – حاول أن تكون شريكًا لِطِفْلِكَ في ألعابٍ مِن شأنها أن تُثِيرَ تَفْكِيرَه، وتُنَشِّط خياله، وكن له معاونًا، بما تظهره من بَشَاشَة وتشجيع، لا ناقدًا يَعُدُّ المثالب، وأوجُهَ النقص.
52 – ضعْ طفلك في موقف يتطلَّب منه التأمُّل، وإعمالَ الفكر، فتَعْرِضُ عليه مشكلة مما يتعرَّض له في حياته، فتقول له مثلاً: ماذا تفعل لو ضللت الطريق إلى البلدة؟ ماذا تفعل لو أصبحتَ مُعَلِّمًا؟ ما أقرب طريقٍ تصل بها إلى مدرستك؟ ماذا تقترح لتجميل حديقة البيت؟ أو ترتيب غُرْفَتِكَ؟ كيف تجعل من عيد ميلادك حفلة مَرِحَة ممتعة؟ فكر في لعبة تتمتَّع بها مع أصدقائك.
53 – لا تَدَعْ فُرصةً تَمُرُّ بك إلاَّ علَّمْتَهُ فيها خِبرةً جديدةً، أوْ توصَّلْتَ معه إلى حقيقةٍ علميَّة، أو حَلٍّ لمشكلة معروضة عن طريق الملاحظة، أو المناقشة، والحوار، مثل ظاهرة جمود الماء في الثلاجة، وذوبانه إذا ترك في الشمس، أو اختفاء السكر حين وضعه في الماء، أو سقوط أوراق الشجر في الخريف، أو نمو البذور إذا توفَّر لَها الماء، والحرارة، والضوء.
54 – وفِّرْ لِلطّفل فرصةً يَخْلُو فيها إلى نفسه يعمَلُ وَحْدَهُ، ويُجَرِّب في مكان هادئ بعيد عن الرَّقابة والتدخُّل، وبدونك أنت قد لا يتوافر لديه الوقت اللاَّزم للنشاط الإبداعيِّ الفرديِّ.
55 – لا تُقاطعْ طفلك إذا كان مستغرقًا في فكرةٍ أوْ عمل، حتَّى وَلَوْ كانَ ذَلِكَ منه لِمُجَرَّد الحصول على ثَنَائِكَ ورِضاك، وكن حريصًا على أن يتابع أفكاره، فتساعده على ذلك عن طريق الأسئلة بالمشاركة معه فتقول: هل يُمكن أن تُعَلِّمَني أن أفعل مِثْلَما تفعل؟ أو هل يمكن لي أن أساعدك في إتمام ما تعمل؟ وهكذا.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السبعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * الطريق إلى الإبداع
56 – لا تقلق إذا كان طفلك يستمتع بالأقاصيص، ونَسْج الخيال، أو المحاكاة، والتقليد، ووفِّر له سببا معقولاً يدفعه إلى التجربة والإبداع.
57 – لا تعلِّمْه أن يُجَزِّئَ عمله فيقوم به على دفعات؛ بلِ اترك له فرصة ينمو بها خياله، ويشتغِلُ عقلُهُ، وهذا لا يعني أن تتركه يعمل دون توجيه منك أو إرشاد؛ ولكن عَلِّمْه المهاراتِ البسيطةَ كيف يستعمل الفُرشاة والدِّهان مثلاً أو يمسك بالقلم، أو يستخدم المِقَصَّ؛ ولكن لا تُصِرَّ عليه، فتُمْسِكَ بيده؛ لتُرِيَهُ كيفَ يرسُمُ زهرة مثلاً، أو تقوم بتصحيح ما رسمه بعد أن ينتهي منه.
58 – يُمكِنُك أن تتقدَّم إليْهِ بِاقتراحات بنَّاءة إذا ظهر أنَّه بحاجة إليها، وغالبًا ما يتم ذلك عن طريقِ أسئلةٍ تُثِيرُ تفكيرَهُ، وتُقَدِّم إليه أفكارًا جديدة أو تقوده إليها، فذلك أفضل بكثير من أن تخبره مباشرة ما يجب عليه عمله.
إن الجهود الإبداعيةَ لا تكون خالصة دون غيرها، والطفل الذي يخشى التأنيب، أو خَلْط الأشياء التي يعمل بها، أو إتلاف بعضها، أو خلط الصحيح بالغلط لن يشعر بنشوة الإبداع، ولذا لا تطلب منه دومًا أن يتقيد بالأناقة في عمله، أو تمنعه من اللعب خشية أن يخلط أدواته أو يكسرها، أو يوسخ ثيابه.
59 – كافِئِ الطفلَ على جهوده الإبداعية؛ بتشْجِيعِك له، والثَّناءِ عليه وبمشاركته سُرورَهُ ومُتْعَتَهُ، وتقدير نتائجه الإبداعيَّةِ حتَّى ولو لم تَصِلْ إلى مُستَوَى الكبار، فما تُبْدِيهِ من سرور وإعجاب لما يُنجِزُهُ، أو يقوم به يُشَجِّعه على الاستمرار في التجربة، والمُضِيِّ فيها، أمَّا إذا قابلتَهُ باللامبالاة وعدمِ الاكتراث فقد تُثَبِّطُ من هِمَّتِهِ، وتقلِّل منَ احتمال بروقِ وَمَضَاتِهِ الإبداعية.
60 – زوِّد طِفْلَك بِالكثير منَ الموادِّ البسيطة النَّافعة، وشجِّعْهُ على استخدامها، وتفحُّصها دون رقابة دائمة، ونقْدٍ مُثَبِّطٍ، أو خوفٍ من أن يؤدِّيَ استخدامُه لها إلى إتلافِ بعضِها، أوِ العَبَث بنظافتها مِمَّا يُسَبِّب له التَّأنِيب، وإذا حَفَّزْتَ طفلَكَ على أن يكون حُرًّا في تَصَرُّفه في هذه المواد البسيطة، تكوَّنَتْ لديْهِ رِقَّة الشعور، ورَهَافَةُ الإحساس، والإطالة في التفكير، والمرونة في العمل، وهذا كلُّه من ضرورات الفكر المبدع في جميع الحقول والميادين.
61 - منَ المُهِمِّ جِدًّا أن تَعْرِفَ أنَّ قُدُرَات الطِّفل الإبداعيَّةَ توجد بالتأكيد عنده قبل أن يلتحق بالمدرسة، والمُعَلِّم غيرُ الواعي قد يعمل على طَمْسِها وضياعها إذا ما كَوَّنَ لديه القناعة بأنَّ تحسُّنَه في المدرسة مرهونٌ بِالطَّاعة التَّامة لأوامرِهِ وتعليماته، وبعدم اللجوء إلى السؤال والمناقشة.
62 – تَقَبَّلْ أفكار الأطفال حتى لو كانت ساذَجَةً، أما إذا كانت مُغْرِقَةً في الخيال، فيقوم الوالدان بتوجيههم إلى الطريق الذي يجعل الفكرة أكثرَ واقعيَّةً وممكِنَةَ التحقيق؛ فقد يقول الطفل: سنستخدم سُلَّمًا للصعود إلى القمر، أو بعد عامين سيختفي نهر النيل من مصر والسودان، ففي هذه الحالة يجب أن توجه هذه الأفكار إلى الاتجاه الصحيح.
63 – لا تَنْهَرْ طفلَكَ إذا سألكَ ماذا تفعل؟ لأن في سؤاله دليلاً على الرغبة في المشاركة، وهنا ينبغي أن تقول له ببساطة عما تفعل، وبذلك تُنَمِّي فيه حُبَّ الاستطلاع، وإن كان هناك إمكانية للمشاركة فشَجِّعْه على ذلك، ولو كانت في أضيق الحدود.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والسبعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* الطريق إلى الإبداع
64 – يجب ألا تَضِيقَ بالأسئلة الكثيرة التي يسألها الطفل، والتي تحتاج إلى إجابات عديدة؛ بل يجب أن تُشَجِّعَه على الأسئلة واللعب بها وتحويرها، فكل ذلك يُسهِم في تَوْسِعَة مداركه، وزيادة معارفه، وقديمًا قالوا: "السؤال مفتاح المعرفة"، وقد أَثبتتْ بعضُ البحوث العلمية أن إطلاق الأسئلة بكثرة حتى وإن لم يتلقَّ الطفل إجابة عنها، يساعده على تنمية الإبداع، ويعطي الفرصة للفرد للإحاطة بجوانب الموضوع، فمَثَلاً قد يسأل الطفل حينما يشاهد سيارة: ما هذه (بتاعت مين – اشتراها بكام – مين بيركبها – بيروح فين)، ويمكن أن تكون هناك أسئلة أخرى في هذا الموضوع، مثل: من أول من اشترى سيارة؟ من صنعها؟ كم سيارة في المدينة؟ وما سرعة السيارة؟ أيها أسرع: السيارة أم القطار؟ ما لون السيارات؟ ما نوع الوقود؟ ما أول سيارة في العالم؟ وفي أي البلاد كانت؟ ويمكن أن يرى الطفل حديقة جميلة فيسأل: ما هذه الأشجار؟ كم شجرة هنا؟ كم ورقة في هذه الأشجار؟ من زرع هذه الأشجار؟ كم عدد الأوراق في كلِّ شجرة؟ ما أوَّل شجرة نبتت في هذه الحديقة؟ أين يذهب الماء بعد سقي الحديقة؟ وهكذا -: مِثْل هذه الأسئلة التي تُفَتِّح ذِهْنَ الأطفال، ومِنَ المَفْرُوض ألاَّ ينزعج الوالدان من مثل هذه الأسئلة التي قد يُلقِيها الأطفال؛ بل يجب أن يَتِمَّ تشجيعُهم على مثل هذا النوع من التفكير والإجابة عنها بما يناسب عقله وسِنَّه.
65 - ما سَبَقَ يَفْرِضُ على الوالِدَيْنِ أن يَزيدا منَ التفاعل مع الأطفال، وهذا يَفْرِض عليهما عدم الانشغال عن أطفالهما بالأعمال، وإقامة المشروعات، وإلاَّ خسروا شيئًا مهمًّا، وهو الأطفال وإبداعاتهم.
66 - أن يهتم الآباء بمُناخ الحريَّة والاحترام والانسجام العائلي، بتوفير جوٍّ منَ الحب والدفء والحنان؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى اطمئنان الأبناء وزيادة دافعِيَّتِهم إلى الإبداع، حيثُ أَثْبَتَتْ بعض البحوث العلميَّة أن الإبداع يَزيدُ في جوٍّ منَ الأمان النفسيِّ.
67 - التقليل من أساليب المحاسبة؛ فالأبناء كثيرو الخطأ، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك مَدْعاة للمحاسبة
على كلِّ خطأ حتَّى ولو كان صغيرًا، وعلى الوالدينِ تشجيعُ الأطفال للاستفادة منَ الأخطاء، ومنح الحرية للتعبير والتشجيع على مُمارستها؛ لأنَّ المبدعينَ أصحاب علاقات دافئة ووثيقةٍ مع آبائهم، وباقي أفرادِ أُسَرِهم من الإخوة والأخوات الكبار والأعمام والعمات، والأخوال والخالات وغيرهم.
68 – العمل على تَنْشِئَة الطفل المستقلِّ ذاتيًّا،
فهذا من أساليب تربية المبدعينَ، ويتحقَّقُ ذلك حِينما نَتْرُكُ الفُرصَة لِلطفل أن يختار لُعبتَه بنفسه، أو أدواتِ المدرسة، أو ملابسَه مع شيء منَ التوجيه البسيط، الذي لا يؤثِّر في الاستِقْلال الذاتِيِّ، كما يتحقق ذلك حينما يسأل الوالدانِ طفلَهما عن رأيه في موضوع ما، ويُعطونه الإحساس بأن رأيه ذو قيمة، وله أهميَّة خاصَّة، كما يمكن أن يطلب منه أن يعلِّلَ أحيانًا هذا الرأي.
69 – تشجيع الطفل على الملاحظة الهادفة لكلِّ ما يحيط به في البيئة، واصطحابه في نزهات إلى الحقول والبيئة بشكل عامٍّ، والتخطيط لعمل رحلات مَيْدانيَّة في البيئة المحليَّة، ودفع الطفل إلى التفكير وجَمْع بياناتٍ ومعلومات وأشياءَ منَ البيئة، ومحاولة تصنيفها وتبويبها ونقدها، وإيجاد العلاقات الظاهرة وغير الظاهرة بينها، وتعويده أنشطة متنوِّعة تُحرِّك نُمُوَّهُ العقليَّ بما يتوافق مع النُّمُوِّ في العلاقات الاجتماعية، التي فرضها المجتمع المدرسيُّ الجديد.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والسبعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* الطريق إلى الإبداع
70 – إمداد الطفل بخِبراتٍ مثيرة تتحدَّى تفكيرَهُ، وتُثير اهتمامه، وتَزيد حُبَّه للاستطلاع؛ كأنْ يَذْكُرَ الوالدانِ لطفلهما كيفيَّةَ انطلاق سُفن الفضاء، أو خُطُوات صناعة السيارات، كذلك تشجيعه على التعلُّم من خبرات الآخَرِين، بحيث لا يترك فرصة تضيع من دون أن يطَّلع ويَستفيدَ مِمَّا توصَّل إليه الآخرون من أعمال وخِبْرات، تجعله يتعرَّف على مشكلات البيئة معطِيًا بعضَ الحلول لها.
71 – تدريب الأطفال على التوقُّع، وإثارة العديد من الأسئلة حولَ الأشياء، فمثلاً إذا كان هناك اتّفاقٌ على مشاهدة برنامج تليفزيونيّ مثل: "عالم الحيوان"، نسأل الطفل عما يتوقع أن يشاهده في هذا البرنامج، ونطلُب منه أن يُعبِّر عن ذلك شفويًّا، وأن يكتب مجموعة من الأسئلة ليس بالضرورة أن يجيب عنها؛ ولكن بالضرورة أن يسأل، مثل: كم عدد الحيوانات في الغابة؟ ما مساحتها؟ لماذا جَفَّتْ بعض الأشجار فيها؟ متى جاءت الحيوانات إلى الغابة؟ كم عدد الأشجار الخضراء؟ كم عدد الصيَّادينَ في الغابة؟ من أين تأتي المياه إلى الغابة؟ لماذا تأكل الحيوانات بعضها؟ ما مِساحة الحشائش الخضراء الموجودة في الغابة؟ لماذا تَحْدُثُ الحرائق في الغابة؟ وهكذا، ويمكن أن يُطلَبَ منَ الطفل بعد مشاهدة البرنامج أن يحكي ما شاهده، وأن يكتب قصة عن أبرز اللَّقَطَاتِ التي شَدَّتِ انتِباهَهُ، وأن يرسُمَ صورة تعبيريَّة عمَّا شاهده في البرنامج.
72 – تعويد الأبناء على الصلاة؛ بل والخشوع فيها، والتركيزِ حين أدائها؛ حيث إن حَصْرَ الذهن بعضَ الوقت تدريبٌ على التركيز، ويُنَمِّي في الطفل قوَّةَ الذاكرة.
73 – تعويد الطفل على التدبُّر في المناظر الطبيعيَّة وتأمُّل قدرة الله، وكذلك تعويده على ذِكْر الله، والاستغفار، وعَدَم النَّظر إلى الحرام، أو التحدث بكلام حرام أوِ الكذب؛ ففي ذلك تَحْدُثُ حالة نفسية عجيبة وسَكِينَة واطمئنان، مما ينتج حافظةً هائلة.
74 – اللَّعب هو إحدى الوسائل الَّتي يَنمُو من خلالها إبداع الأطفال، وهو إحدى الوسائل التي نتعرَّف
بِها على نُمُوِّهمُ الإبداعيِّ، ومِنَ الضروريِّ أن تَسمح الأسرة لهم بمزاولة الألعاب التلقائِيَّة الحُرَّة، الَّتي يزاولها الطفل وقتما شاء.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والسبعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* الطريق إلى الإبداع
75 – اتركْ طفلك يُنجِز أعماله في سهوله وبدون قيد، سواء كانت هذه الأعمال إدخالَ شيئين في بعضهما من الأشكال والمكعبات المختلِفَة، أو نَقْلَ غطاء من صندوق إلى آخَرَ، أو تعديلَ الوسادة من وضع إلى آخَرَ، أو إعادةَ تنظيم كُتُبه وحاجاته الخاصَّة، أوِ المساهمةَ في ترتيب بعض الأدوات المنزلية.
76 – وفِّرْ لِطِفلك خامات؛ كالخشب، والورق، والألوان، والصلصال، وغيرها؛ لكي يستخدمها في إنتاج متنوع، مع تشجيعِ هذا الإنتاج حتى لو بدا تافهًا، فمن الممكن أن يعمل مَرْكبًا منَ الخشب، أو طائرة ورقية، أو شكلَ طائر جارح؛ كالحِدْأَةِ والصُّقُور، أو فَلاحًا يسوق ماشيته في الصباح إلى الحقل، أو شَكْلاً لمدرسة وبها التلاميذ يقفون في طابور الصباح، كل هذه الأعمال قد يعتبرها الكبار غيرَ مفيدة؛ ولكنَّها تُمثِّل قِيمَةً جَيِّدة، ونوعًا من أنواع التفكير والإبداع.
77 – توفير الألعاب التركيبيَّة، ودَفْع الأطفال إلى عمل الصلصال لمزرعة دواجن مثلاً، أو لمنزل القدماء، أو ألعابهم التي كانوا يزاولونها، أو بناء منزل من قطع الخشب، أو إعداد عرائسَ منَ الورَق أو القطن أو الزُّجاجات الفارغة، أو عمل مبنًى معيَّن؛ كمبنى المطافئ، أو مكتب البريد، أو إدارة المرور، أو إعداد بانوراما لوصف أحداثٍ تاريخية، أو مشكلات مختلفة، أو رسم لوحات تُعبِّر عن موضوع معيَّن؛ كإحدى الحروب، أو سوق القرية، أو قوارب الصيد على سطح البُحَيْرة.
78 – تعويد الأبناء التمثيلَ التِّلقائيَّ الَّذي ينطلِق فيه الطفل دون الاستعانَةِ بِنَصٍّ مُحَدَّد، أو ملقِّن يُعطِيهِ المعلومة، ويتحقَّق فيه التعبير التلقائي الحُرُّ، بالإضافة إلى التنفيس عما في نفسه من شُحْناتٍ انفعالية؛ كأنْ يمثِّل مديرًا لإحدى الشركات، أو محاميًا يترافَع أمام المحكمة، أو شرطيًّا ينظم المرور، أو زعيمًا تاريخيًّا، أو
قائدًا عسكريًّا.
79 – اهتمَّ برُسُومات طفلك، أو ما يقوم به من أعمال بسيطة، وبذلك تساعده على الوصول إلى تحسين إنتاجه، والاستمرارِ فيه، فإذا كان يرسُمُ أشكالاً في ورقة، أو في لوحة، فإنه من المفروض أن تُلْقِي نظرةَ استحسان وإعجاب بِما يفعل.
80 – يُروَى أنَّ أَحَدَ النَّاس أرادَ أن يكون مبدِعًا، فجاء إلى ضُفْدَعَة ووضعها أمامَهُ، وقال للضفدعة: (نُطِّي)؛ (أيِ: اقْفِزِي)، فنَطَّت (أي: قفزتْ) فكتب: قلنا للضُّفْدَعَةِ (نُطِّي فنَطَّتْ). ثم قطع يَدَها اليُمْنَى، وقال لها: (نُطِّي فَنَطَّتْ)، فكتب: قطعْنا اليد اليُمْنَى للضُّفْدَعَة، وقلنا لها (نُطِّي فَنَطَّتْ). ثم قَطَعَ يَدَها اليُسْرَى وقال لها: (نُطِّي فَنَطَّتْ)، فكتب: قطعْنا اليَدَ اليُمْنَى واليُسْرَى للضُّفْدَعَة وقلنا لها: (نُطِّي فَنَطَّتْ). ثم قَطَعَ رِجْلَهَا اليُمْنَى، وقال لها: (نُطِّي فَنَطَّتْ بصُعُوبَةٍ)، فكتب: قطعْنا يَدَيِ الضُّفْدَعَةِ ورِجلَها اليُمْنَي، وقلنا لها: (نُطِّي فَنَطَّتْ). ثم قَطَعَ رِجلَها اليُسْرَى وقال لها (نُطِّي فَلَمْ تَنُطَّ)، فكتب: قطعْنا يَدَيِ الضُّفْدَعَةِ ورِجلَيْها وقلنا لها: (نُطِّي فلَمْ تَنُطَّ)، ومن هنا أثبتتِ الدراساتُ أنَّ الضُّفْدَعَةَ إذا قُطِعَتْ يداها ورِجلاها، فإنها تصاب بالصَمَم!!
إنَّنا لا نُرِيدُ لأبنائنا هذا النوعَ منَ الإبداع، الذي لا
مَنْطِقَ فيه ولا عقل، ومن هنا نقول: احْذَرْ أن يكون
ابنُكَ كصاحب الضُّفْدَعَةِ.
ملحوظة: ليس هناك عَلاقةٌ بين الإبداع والتحصيل الدراسيِّ إلاَّ بنسبةٍ قليلة غيرِ ذاتِ قِيمَةٍ؛ فقد يكون المبدِع متأخِّرًا دِرَاسيًّا، وقد يكون صاحبُ الدكتوراه، والشهادات العليا غيرَ مُبدِع في شيء، فتوماس أديسون مخترِعُ المصباح الكهربائي لم يمكثْ في المدرسة سِوَى ثلاثة أشهُر فقط، وأينشتاين لم يكن متفوِّقًا في مادَّة الرياضيات؛ ولكنه بعدَما تحدَّى مُدَرِّسَ الرياضيات بعد أن أهانه، اخترع نظريَّتَهُ المشهورةَ وهي (نظرية النِّسْبِيَّة).
[ الأنترنت – موقع الألوكة – هل فاتنا قطار الإبداع؟ - أحمد دعدوش ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والسبعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* فرق بين الإبداع والابتداع
يقال: أبدع الشَّيء، بمعنى: اخترعه على غير مثالٍ سابق؛ وقد جاء في جمهرة اللغة "وتقول الْعَرَب: لست ببدع فِي كَذَا وَكَذَا، أَي: لست بِأوَّل مَن أَصَابَهُ"، وأبدع الشاعر، بمعنى: جاء بالبديع (المحسنات البديعية)، قال ابن قطاع الصقلي في كتاب الأفعال: "أبدع الرَّجل؛ أتى ببديعٍ مِن قول أو فِعل، وأبدَع اللهُ تعالى الأشياءَ؛ ابتدأ خَلْقها بلا مِثال، وأبدع البعيرُ: كَلَّ وحَسِر"؛ انتهى.
• وابتدع الشَّيء، بمعنى: ابتدأه، وتأتي بمعنى: بَدَّل وغَيَّر، ومنها قيل: ابتدَع فلانٌ في الدِّين، بمعنى: بَدَّل في الدِّين وغيَّر وابتدع في شَرع الله ما لم يُسبق إليه، أو فِعْل لم يكن مِن فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم أو على أصلٍ مِن سنَّته.
والفعل "ابتدع" يَشترك مع "أبدَع" في الأصل المجرَّد الذي هو "بَدَعَ"، وغلب استعماله على الابتداع في الشَّرع والإحداثِ في الدِّين؛ كما طغى في زماننا استعمالُ الفِعل "أبدع" على الابتكار والاختراعِ في الأمور الدنيويَّة دون ابتدَع؛ رغم أنَّ الفعل ابتدع يشارِكه في هذا المعنى مِن حيث دلالتُه العامَّة؛ لذا فإنَّه إذا قيل: إنَّ فلانًا ابتدع بِدعةً، فسيتبادر إلى ذِهن السَّامع أنَّها بدعة في الدِّين، وإذا قيل: إنَّ فلانًا أبدع شيئًا، فسيتبادر إلى ذِهن السَّامعِ أنَّه اخترع اختراعًا أو تفنَّن في ابتكار، ولو قيل: ابتدع فلانٌ وتفنَّن في الاختراع مما يُخترع مِن أمور الدنيا لصحَّ ذلك أيضًا.
• هذا وإنَّ مما يحزُّ في النَّفس ويطعن سُوَيداء القلب أن يَخلط بعضُ أبناء الإسلام بين الابتداع في الدِّين والإبداع الدنيوي؛ ليَفتحوا بذلك ثغرةً يَدخل منها أعداءُ الرحمن وشياطينُ بني الإنسان للطَّعن في دين الواحد الديَّان؛ فبعضُ متعصِّبي وجهلة المسلمين يَفهمون معنى البِدعة فَهمًا خاطئًا، فتجده ينكر على الناس استعمالَ المكيِّف أو الغسَّالة في المنزل، بدعوى أنَّها لم تكن على عهد نبيِّنا عليه أفضل الصلاة والتسليم!
ورغم أنَّهم قلَّة وندرة بين المتديِّنين، فإنَّ أعداء الدِّين يستغلُّون سطحيَّتَهم وسفاهتهم لِلَمْزِ الدِّين والتعميم على المؤمنين.
وذلك الفَهم هو مِن الخَلْط البيِّن والقياس الذي ليس له أصلٌ ولا مقاس؛ فالبدعة تكون في أمور الدِّين لا في أمور الدنيا؛ لذا فمَن زاد شيئًا في دين الله أو سَوَّلتْ له نفسُه أن يضيف قليلًا أو كثيرًا إليه، فقد ابتدع، وأساء وما نفَع، وضلَّ وما اهتدى، وأضاع جهده سدى، فيذم فعله ويستهجن صنيعه وجهله.
وأمَّا مَن أبدع للنَّاس شيئًا من أمور الدنيا؛ ليَستعينوا به في حوائجهم وينقصوا به مِن أعباء الحياة عليهم،
ويغتنموا به أوقاتهم، ويَحفظوا به صحَّتهم وأموالهم - فيُشكر صنيعُه، ويُمدح فعلُه، ويثاب عليه عند ربِّه إن أخلص النيَّةَ وصفَّى الطويَّة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* فرق بين الإبداع والابتداع
• وبهذا يتَّضح أنَّ الابتكار والإبداع الدنيوي يُثاب
صاحبُه، ما لم يكن مضرًّا للنَّاس مهلكًا لهم، أو مناقضًا لأصلٍ من أصول دين الله القويم وصراطِه المستقيم.
• استغلَّ بعضُ أعداء الإسلام من المستشرقين واللَّادينيين والملحِدين وغيرهم فَهْمَ بعض المسلمين الخاطئ لمعنى البِدعة؛ للطَّعن في الإسلام، والسُّخريةِ من المسلمين، وزرع البلابل والشُّبَه في صدور عامَّة المؤمنين، فتجدهم يقولون: إنَّ كلَّ شيء ممنوع في الإسلام، وكل شيء عندهم بدعة؛ لذا لم يتطوَّروا ولم يفلِحوا في دنياهم، وينسبون تخلُّفَ المسلمين إلى الدِّين، فيخدعون بتلك التَّفاهات والسَّخافات ضعافَ النفوس والعقول، ممَّن لا يفرِّقون بين المزابل والحقول، ويوهمونهم بأنَّ التمسُّكَ بالإسلام هو سرُّ تخلُّفهم وذلَّتهم بين الأُمم!
ولا يَخفى على العاقل اللَّبيب والمدقِّقِ الأريب أنَّ هذا مِن أعظم الكذب والافتراء، وعين السَّفاهة والغباء، وعكسٌ شائن للحقائق؛ إذ لم يُذلَّ المسلمون إلَّا بعد هوان دينهم عليهم، والإسلام لم يحرِّم الإبداعَ في أمور الدنيا والتفوُّق فيها؛ بل رغَّب في كلِّ نافع، وشجَّع كلَّ عمل فيه خيرٌ ومصلحة للناس؛ فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ النَّاس أنفعُهم للنَّاس))، وقال للصَّحابة عن أمور الدنيا: ((أنتم أعلَم بأمور دُنياكم))؛ [رواه مسلم]؛ وذلك لأنَّ الله أرسله برسالة الحقِّ والإسلام لتبيِّن للناس أمورَ دينهم وكيف يَعيشون به وعليه، ويبيِّن لهم ويبلِّغهم عن خالقهم ما سيكونُ مِن أمورٍ غيبيَّة بعد الموتِ ويوم القيامة، ممَّا يستحيل معرفتُه إلَّا عن طريق النبوَّة والرسالة.
أمَّا أمور الدُّنيا في العموم فالنَّاس أعلم بها وأقدَر على
البحث فيما يَنفعهم ليأتوه وما يضرُّهم فيجتنبوه، ويُستثنى من هذا العموم ما أمَر به المصطفى مِن الأمور المتعلِّقة بالدنيا ممَّا جاء به الكتاب والسنَّةُ المطهَّرة من أمورٍ تنفع الناسَ في دنياهم؛ كالتداوي بالحِجامة والعسَل والإثمد، وغيرها مِن الأمور؛ لأنَّها وإن كانت داخلة في أمور الدنيا، فإنَّ نُصح النبيِّ صلى الله عليه وسلم باستعمالها يدلُّ على نفعها الدنيوي يقينًا؛ ممَّا يَقتضي الاستجابة والتصديق والاستفادة مِن ذلك في التطبيق؛ لأنَّ الوصيَّةَ بها نبعَتْ مِن مِشكاة النبوَّة.
• أمَّا قول الأفَّاكين مِن ملاحدةٍ ولادينيِّين بأنَّ الإسلام حرَّم الإبداعَ والتطوير، فهو عكسٌ للحقيقة، ومغالطةٌ عَقيمة، ومحاولة فاشلة لتغطية شمس الحقِّ بغِشاء الباطل؛ فكلُّ مسلمٍ يرى ما حَلَّ بدِين الله من تغييرٍ وتَمييع، أو تشويه وتبديل وابتداع، نتج عنه تفرُّقُ الحال دون التوحُّد والاجتماع، مع عجزٍ في التفكير الدنيوي والإبداع.
والعجيب في الأمر هو أنَّ أهل الأهواء والبدع كلَّفوا أنفسَهم وعقولَهم الابتداعَ والتغيير فيما هو كامِلٌ لا يحتاج إلى تبديلٍ مِن يوم أَنزل الله سبحانه في قرآنه ومحكَمِ بيانه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]، وعجزوا عن الإبداع والابتكار في أمور الدُّنيا، حتى صار المسلمون مِن أضعف أُمَم الأرض!
ولو أنَّهم صرَفوا مجهوداتهم السَّقيمة العَقيمة التي ابتدعوا بها في دين الله، وشغلوا فِكرَهم ووقتَهم ذاك في الابتداع والتفكير والتطوير الدُّنيوي، لكان خيرًا وأحسن تأويلًا، ولاجتمَعتْ كلمةُ المسلمين على الدِّين الصَّافي، كما اكتمل وتمَّ على عهد خير القرون، بعيدًا عن البِدع والخلافات والخرافات، ولرَفعوا رايةَ الحضارة، وكانوا لأُمَم الأرض مشعلًا ومنارة، ولنالوا عزَّة الدنيا والآخرة.
[الأنترنت – موقع اللوكة - فرق بين الإبداع والابتداع - عبدالقادر بن محمد بنعمان]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والسبعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
العلامات المخلوقة المحكمة الإتقان والإبداع :
فدلالتها من جهة أنها مخلوقة محدثة، ومن جهة إحكامها وإتقانها، قال الله تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات: 20-21]. فلينظر الإنسان إلى آثار قدرة الله فيه والتدبير منذ أن كان نطفة في رحم أمه، ثم تنقله من طور إلى آخر إلى خروجه إلى الدنيا وله من الأعضاء والحواس مما يظهر آثار الإحكام الإلهي.
وهكذا إذا نظر الإنسان في أمر هذا العالم وما فيه من السير الدقيق المنظم البديع، فإنه يحصل له العلم بأن له خالقاً خلقه بعلم وحكمة.
قوله تعالى: اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ [إبراهيم: 32-33].
قال الحافظ ابن رجب: (وأخبر سبحانه وتعالى أنه إنما خلق السموات والأرض ونزل الأمر لنعلم بذلك قدرته وعلمه، فيكون دليلاً على معرفته ومعرفة صفاته، كما قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق: 12])
ومن الأدلة الشرعية على توحيد الربوبية: ... قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ [الأنعام: 1]
قوله تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: 1].
قوله تعالى: قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا
وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الرعد: 16].
وقوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم: 40].
وقوله تعالى: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ [لقمان: 11].
وقوله تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [الطور: 35-36].
وقوله تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم: 65].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والسبعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
* مظاهر إبداع الله في الكون
الله خلق السموات وخلق الكون وخلق الإنسان وأودع فيه العقل الذي ميّزه عن غيره من الكائنات الأخرى، حيث دعاه إلى استخدام العقل في التأمّل والتفكير، والنظر في هذا الكون مبيّناً له الكثير من البراهين والأدلة، للاستدلال على وجود الله، ومعرفته وتبيّن صفاته، وبالتالي الوصول إلى الاعتراف بوحدانية الله عزّ وجل، والإقرار بعظيم قدرته، وفي هذا المقال سنعرفكم على إبداع الله في الكون.
بديع صنع الله في الكون خلق الإنسان يظهر إبداع الله وقدرته في خلق الإنسان، حيث خلق الله آدم من تراب، ثمّ خلق حواء من ضلعه، وبعدها تكاثر البشر عن طريق التزاوج بين الرجال والنساء، وتكوّن الأجنة في رحم المرأة، وقد كرم الله ابن آدم عن سائر المخلوقات فمنحه العقل، واستخلفه في الأرض لإعمارها وبناءها، وقد خلق الله الإنسان وأودع في جسمه الكثير من الأجهزة والأجزاء التي تقوم كلّ منها بوظيفة خاصة، من أجل المحافظة على حياة الإنسان، ومن أهمّ هذه الأجهزة: الرئتان: يصل وزن الرئتين حوالي 1.13كغ، ويحتوي نسيج الرئة فيها على الكثير من الشحوم التي تتمتع بقيمة حرارية عالية، حيث إنّها تعمل على حرق الشحوم، وتوليد كمية كبيرة من الحرارة، وبذلك فهي تمنع تبريد الجسم في الأيام الباردة، وعند استنشاق الأكسجين فإنّه يدخل في 300 حجرة دقيقة داخل الرئتين. عضلة القلب: تضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم، وذلك وفق نظام متقن، تعجزعن القيام به أكثر الأجهزة تطوّراً، وتعقيداً. خلق الأرض خلق الله الأرض وجعلها آية للناظرين، فخلق المسطحات المائية من بحار وأنهار ومحيطات وأبدع صنعها، حيث جعل فيها العديد من الأنواع المختلفة من الأسماك والكائنات الحياة والنباتات، كما أنّه خلق الجبال العظيمات الراسيات التي تعتبر من أجلّ مظاهر القدرة والكمال، فخلقها بألوان وأشكال مختلفة فجعل منها الأبيض، والأسود، والأحمر، وجعل منها ما هو كبير وصغير، وما هو على شكل هضاب وتلال، وقد خلق النباتات، والحيوانات، والحشرات وجعل لها وظائف محددة في هذا الكون، بالإضافة إلى الكثير من المظاهر الكونية الأخرى كنزول الأمطار، وتسيير الرياح، وغيرها.
خلق السموات خلق الله السماوات، وأتقن خلقها بطريقة تجعل الإنسان يقف متأملاً لعظمته وقدرته
وإبداعه عزّ وجل، فقد جعلها ثابتة في مكانها دون وجود دعائم أو أعمدة تسندها، وخلق فيها الكثير من المجرات التي تسير وفق نظام كوني دقيق، وقد خلق الله في كل مجرة مجموعة من الشموس والكواكب التي تدور في مدارات معينة وقد نتج عن كل حركة ظاهرة كونية، ويظهر بديع خلق الله في خلق الأرض وحركتها حول نفسها وما نتج عنها من تعاقب الليل والنهار، وحدوث الفصول الأربعة، كما يظهر بديع صنع الله في السماء في مراحل تكون القمر حيث إنه يبدو كالخيط الرفيع، ثمّ يزداد نوره كلّ ليلة، حتى يصبح بدراً في منتصف الشهر، ثمّ يأخذ بالنقص حتى يعود إلى حالته الأولى ليظهر من خلال ذلك مواقيت العباد في معاشتهم، وعبادتهم، ومناسكهم، بالإضافة إلى خلق الشمس التي تسير في سرعة ثابتة دون نقص أو زيادة، إذ إنّ أي خلل في ذلك سيؤدّي إلى إنهاء الحياة على كوكب الأرض.
[الأنترنت – موقع موضوع - مظاهر إبداع الله في الكون - بواسطة: نادية أبو رميس ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والسبعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
*إبداع الله في الكون
إنّ المُتأمّل في خلق الله -عزّ وجلّ- في الكون، والمُتفكّر في أسرار خلق الله -تعالى- يدرك بجلاءٍ أنّ المولى -سبحانه- متعالٍ عن جميع خلقه في جميع صفاتهم، ويدرك عظمة الخالق وقدرته القادرة؛ فيزداد به معرفةً وحرصاً على تحصيل رضاه، قال -عزّ وجلّ- على لسان أهل الإيمان: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، كما يصلُ الإنسان بنفسه إلى قناعةٍ كاملةٍ بقصوره وضعفه أمام قدرة الله -تعالى- وملكوته، والإسلام دين يدعو إلى إعمال النّظر والتّفكر في آيات خلق الله، ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم، ذلك أنّ فضاءات الكون مليئةً بالأسرار التي تحمل إبداعات المولى -سبحانه- في خلق الكون، ابتداءً من نفس الإنسان التي يعيش بها، وليس انتهاء بخلق السماء بغير عمدٍ؛ فآيات الله لا يحدّها حدّ، ولا يحصيها عدد، وهذا مقالٌ يقف على بعض من جوانب الإبداع في خلق الكون. الإبداع في إحكام خلق المجرّات تؤكّد الدراسات العلمية أنّ الكون يحتوي على البلايين من المجرّات، وأنّ كلّ هذه المجرّات تسير بنظامٍ مُحكمٍ وبديعٍ، بحث لا يمكن أنْ يتطرّق إلى الذهن البشري أنّ نظرية الصدفة هي التي أنتجت هذا النّظام الكوني الموصوف بشدّة الإحكام، وقد تمّ الوصول إلى حقائقٍ بالغةٍ اليقين عن شكل توزيع المجرّات في فضاء الكون، وهو ما يُسمّى بالنسيج الكونيّ، حيث تمّ تحديد المسارات التي تسلكها المجرّات والنجوم بدقّةٍ، حيث اتّضح أنّ كلّ مسارٍ في هذا النّسيج الكوني المُتآلف يتكوّن من آلاف المجرّات، وأنّها قد شُيّدتْ بشكلٍ بالغ الإحكام والدّقة؛ فبالرغم من أنّ الخيوط الكونية تظهر بشكلٍ شديد الدّقة، وعظيم الطّول إلّا إنّها تُحافظ على كونها مشدودةً ومُحكمةً، ومن هنا يدركُ المسلم دلالات القسم الإلهي والوصف الرّباني عندما قال الله سبحانه: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ)، وقد أشار أهل التّفسير إلى أنّ كلمة (الحُبُك) تُشير إلى ذاك النسيج المُحكم، وفي لغة العرب يُقال: حبك الثوب يحبِكه حبكاً؛ أي أجاد نسجه.
الإبداع في رفع السماء من الدلائل الكونية على الإبداع في الكون خلق السماء، حيث دعا المولى -سبحانه- إلى التّفكّر في مظاهر الإبداع في خلق السماء، فقال: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ)، فقد رفع المولى -سبحانه- السموات من غير أعمدةٍ؛ فهو يُمسكها كي لا تسقط على الأرض، وتنتهي الحياة عليها، وفي هذا يقول الحقّ تعالى: (اللَّهُ الَّذي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها)،[٥] وتظهرُ عظمة الإبداع في ذلك من خلال ما أكّده علماء الفلك من أنّ استبدال قوة الجذب التي أودعها الله -عزّ وجلّ- بين السماء والأرض بأعمدةٍ تمنع سقوط السماء على الأرض يحتاج إلى أكثر من مليار عمودٍ، بحث يصل قطر العمود الواحد منها إلى خمسة أمتار، ويفصل بين كلّ عمودٍ وآخرٍ مسافة عمودٍ واحدٍ، وبناءً على تخيّل هذا المشهد فإنّ انعدام الحياة على الأرض حينها أمرٌ حتميّ؛ فسبحان الذي خلق فسوّى، وقدّر فهدى.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والسبعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*إبداع الله في الكون
الإبداع في خلق الإنسان الإنسان جزءٌ من المنظومة الكونية العظيمة، وقد ظهرت آيات الإبداع في خلق الإنسان بشكلٍ جليّ، وقد دعا المولى -سبحانه- الإنسان إلى الالتفات إلى خفايا هذا الإبداع بقوله: (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، وامتنّ الله -تعالى- على خلقه بأنّه أحسن خلقهم؛ فقال الله عزّ وجلّ: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ، ومن أهمّ ما تتجلّى فيه مظاهر الإبداع في خلق الإنسان:
خلق الله للإنسان أبواباً تسعةً؛ هي: العينان، والأذنان، ومنفذان للشّم، والتّنفس في الأنف، وباباً للنّطق والمأكل والمشرب وهو الفم، وجعل له منفذان للتخلص من فضلات الجسم من البول والغائط، وإنّ كل عضو في جسم الإنسان مدعاةٌ للدّهشة، وأخذ العبرة وزيادة المعرفة بعظمة الخالق، وكلّ جزءٍ من تكوين الجسد يحتوي أسراراً عجيبةً من حيث تركيبه ووظيفته وشكله. جعل الله -تعالى- الرأس أعلى ما في جسم الإنسان، وأودع فيه الحواسّ الخمس، وجعل حاسة البصر في مقدمة وجه الإنسان، وكأنّ العينان هما الحارس الأمين والمطّلع الخبير بكلّ ما يحيط هذا البدن، وركّب -عزّ وجلّ- هذه العين من طبقاتٍ سبعٍ، تستقلّ كلّ طبقة منها بوظيفةٍ خاصةٍ، وعمل مُحكم، بحيث لو تعطّلت إحداها عمّا خُلِقتْ لأجله لعَميَ الإنسان، وفقد قدرته على الإبصار، تلك القدرة التي مكنّها الله -عزّ وجلّ- من حفظ نصف مليون صورةً ملونةً يومياً، وحماية لهذه الوظائف العظيمة التي تتولّاها بأمر الله -سبحانه- طبقات العين؛ فقد أوكل المولى -تعالى- للأهداب والأجفان مهمّة حماية وحراسة العينين من الأذى والغبار، فضلاً عن كونهما مظهر زينةٍ وجمالٍ، وجعل للعين ماءً يحفظها من الجفاف، وجعل طبيعة ماء العين مالحاً بدرجة مناسبة لصيانتها من المخاطر. يكشف خلق الله لعظام الإنسان من حيث شكلها ووظائفها مشهداً جديداً ومثيراً في الإبداع العظيم في خلق الإنسان؛ فقد جعل المولى -سبحانه- تركيب العظام قواماً للبدن، وأساساً له، ومعتمداً لاستقامته، وشكّلها بما يستقيم مع بُنية جسده وحاجاته؛ فمنها الصغير ومنها الكبير، وجعلها متفاوة الطول، ومختلفة الانحناء والاستدارة، ومنها ما هو مصمتٌ وآخر مجوّفٌ، ثمّ ركّبها على بعضها لتكون مستنداً لباقي تكوينات الجسد، وجعل بينها مفاصل تتناسب مع الحركة والوظيفة المطلوبة من كلّ جزءٍ من الهيكل العظمي، وشملتْ العناية والإبداع في الخلق تلك المفاصل؛ فشدّها بأوتارٍ عصبية لتؤدّي وظيفتها بإتقانٍ مقصودٍ.
[الأنترنت – موقع موضوع - إبداع الله في الكون بواسطة: الاء جرار ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* قدرة الله في خلق الكون
خلق الكون لا شكّ في أن كلَّ ناظرٍ ومتأمّلٍ للكون يتعجّب من عظيم قدرة الله -تبارك وتعالى- على حسن تدبيره وإنشائه، فالانسجام المُعاين في الكون بالعين المجردة أو بالوسائل المعاصرة، إنما يُشير إلى عظيم قدرة الله في خلق هذا الكون الواسع، وأن هذا الكون بخوارقه ومعجزاته وبكواكبه ومجراته لم يوجد عبثاً، وهو يدلُّ على إتقانٍ وحكمةٍ في خلق ذلك، وليس الإبداع فقط في خلق تلك المجرات وإنشائها، بل أيضاً في وظيفة كل جزئيةٍ منها ودورها البارز في الحياة، فلا تجد شيئاً خُلق دون هدف أو حكمة، بل إن لكل شيءٍ حتى الجمادات وظائف وفق نظامٍ بالغ الدقة، كلُّ ذلك جاء بحكمةٍ من الله وعلمٍ مُسبقٍ أزلي. تعريف الكون يتساءل الكثير من الناس عندما يُطلق لفظ الكون على ماذا يدلُّ ذلك، وربما توهَّم البعض أموراً خارجةً عن المقصود بتلك اللفظة، أو ربما اعتقد البعض أن لفظة الكون تشمل فقط السماء وما يدور فيها، وتلك نظرةٌ قاصرة، حيث إنّ الكون يشتمل على مجموع المخلوقات الكائنة فيه، وجميع ما يتعلّق بها ويرتبط بها من قوى وعمليات متعددة في الزَّمان والمكان، فيشمل ذلك جميع المعارف الإنسانية التي توصَّل لها عن الوجود، وما لم يتوصَّل إليه أيضاً، فمهفوم الكون أوسع مما يتصوره الإنسان، وأكبر مما يتخيله.[١] مظاهر قدرة الله في الكون الناظر في الكون يجد العديد من المظاهر الدَّالة على قدرة الله في خلق الكون وتدبيره، وقد جاءت العديد من الآيات القرآنية في إثبات ذلك، ومنها مثلاً قول الله تعالى: ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ*الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).[٢] ومن دلائل وعلامات ومظاهر قدرة الله في خلق الكون ما يلي:[٣] خلق السموات والأرض وما بينهما فإن من أبرز الدلائل الكونية على عظيم خلق الله وقدرته أن خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ومع تلك السرعة في خلق السماوات والأرض إلا أنّ خلقها كان بأعلى درجةٍ من الإبداع والإتقان، فرفع السموات بلا أعمدة وهو ما لا يمكن تصوُّره من ناحية المنظور البشري، وقد أُشير في كتاب الله إلى أن ذلك كان من إعجاز الله في كونه، وأن الله يتصرَّف في رفع السماوات بأمره فهو يمسكها إمساكاً يليق بجلاله، وبيده حفظها من أن تزول، ولإن زالت لزال معها الوجود كاملاً، قال تعالى: ( إِنَّ اللَّـهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)،[٤] يقول علماء الفلك: (لو حاولنا استبدال قوى الجاذبية التي خلقها الله بين السموات والأرض بأعمدة فإننا نحتاج إلي ما يزيد عن مليار عمود، قطر الواحد منها خمسة أمتار يفصل بين كل منهما مسافة عمود واحد، وأصبحت الحياة على الأرض مستحيلة) وهذا اللأمر لا يُمكن تخيُّل وجوده على الحقيقة إذ تتعذر مع ذلك الحياة، وذلك يدلُّ على عظيم صُنع الله وإبداعه في خلقه. المجرات وما فيها من كواكب ونجوم وأقمار يدلُّ وجود الكواكب العديدة المتوزّعة بين المجرات، والأقمار الكثيرة واسعة الانتشار، والنجوم الهائلة المتلألئة على عظيم خلق الله، حيث تتسع تلك المجرات والكواكب والأقمار والنجوم، وتُبحر في السماء المنظورة المعاينة بسرعةٍ رهيبةٍ، كما تدور في فَلَك السماوات دون أن تصطدم ببعضها
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* قدرة الله في خلق الكون
كل شيءٍ يجري فيما قُدِّر له السير فيه، دون أن يحدث في ذلك خللٌ أو خطأ على كثرة تلك الأقمار والكواكب والنجوم وتعددها، ويتمُّ ذلك وفق نظامٍ متناسقٍ عالي الدقة، قال تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ*وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ*لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)، سخر الله تعالى القمر وجعله آية من آياته ودليلاً على قدرته وعظمته تبارك وتعالى، يستمد القمر نوره من الشمس، ويعكس هذا الضوء على الأرض، ويتحرك وفق نظام دقيق، تحدث بسببه ظاهرة تحوّل القمر من هلال إلى بدر، وينشأ عن ذلك حدوث الليل والنهار والشروق والغروب، وغيرها من الدلائل على قدرة الله تبارك وتعالى في خلق الكون، يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )، وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)، كل هذه الآيات والدلائل تشهد على عظيم قدر الله تبارك وتعالى وقدرته في هذا الكون الشاسع الذي يجري فيه كل شيء وفق نظام دقيق ومحكم قدّره الله سبحانه دون خلل أو اضطراب، فسبحان الله الخالق الذي قدر كل شيء فأحسن تقديره. كلٌّ في فلكٍ يسبحون مما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى ويدلُّ على عظمة خلق الكون قوله عزَّ وجل: (وَهُوَ الَّذي خَلَقَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحونَ)، وتَعني هذه الآية أنَّ كُلَّ جُرمٍ سَماوي سواء كان كوكباً أو نجماً أو قمراً فإنه يَسبَح أولاً في فَلَكِه، ثم يَسبَح في فَلَكِ الجُرم السَّماوي الأكبر منه في الحجم والمرتبة، والذي يُعتبر القائد لمجموعةٍ من الأجرام السماوية، فيسيران في الفلك نفسه، وبعد ذلك يَسبَح الاثنان في فَلَكٍ آخَر أكبَر من الذي كانا يسبحان فيه، ثم تدخل الأجرام الثلاثة في فلكٍ أكبر لجرمٍ آخر، وهكذا دواليك، ومثاله أنَّ القَمَر يَسبح أولاً في فَلَكِ الأرض التي هي أكبر منه في الحجم، ثم يسبح القمر والأرض في فلك الشَّمس التي هي أكبر منهما، والأرض والكَواكِب الأخرى وأقمارها يَسبَحُون كذلك في فَلَك الشَّمس، والمَجمُوعَة الشمسيَّة بكل ما فيها من الأجرام والكواكب والأقمار والنجوم الأُخرى تَسبَح في فَلَكٍ واحِد رئيسيّ هو فلك المجرَّة الكبرى، وتَسبَح هذه المجرة مَع باقي المَجَرَّات الأخرى المَحَليَّة في فلكٍ واحد. يُساوي عدد المجرات ثلاثين مجرَّة، فكلُّها تَسبَح حَول مَركِزِ المَجمُوعَة الَّذي يَقَع بَين مَجَرَّتِنا وَمَجَرَّة المَرأة المُسَلسَلَة وتَسبَح مَجمُوعَتنا المَحَليَّة وما فيها من المجرّات مَع مَجمُوعات مَحَليَّة أُخرَى تحوي مجموعات أخرى من المجرات حَولَ مَركِزٍ يُطلق عليه اسم العُنقُود المَحَلّي، أو حَشد المَجَرَّات المَحَليَّة وهذا الأمر بحدّ ذاته ربما يعجز العقل عن تصوُّره، فضلاً عن القدرة على إيجاد جزءٍ مثله، فما بالك بأن يوجد هو وغيره في غضون ستة أيامٍ فقط، فهل يدلُّ كلُّ ذلك إلا على عظيمٍ - متصرِّفٍ قادرٍ حكيمٍ خبير.
[الأنترنت – موقع موضوع - قدرة الله في خلق الكون بواسطة: Hadi Fehmi]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* قدرة الله على المراقبة دليل على قدرة الله في الخلق
قدرة الله على مراقبة أعمال الناس قدرة الله في الخلق خلق الله عز وجلّ كل ما هو موجود في حياتنا فهو الذي خلق الكون وجميع ما فيه من أشياء وكائنات متحركة كالكائنات الحية البشرية والحيوانية أو جامدة، وهو الذي يدبر أمور مخلوقاته وما تحتاج إليه؛ لأنّ قدرته بمثابة السلطة والحكم المطلق الذي لا يُمكن أن يعلو عليه أي حكم آخر في الكون. يبحث الكثير من العلماء في عصرنا الحالي عن مظاهر قدرة الله عزّ وجلّ وعدله ومدى العلاقة القائمة بينهما، أي أنّهم يحاولون على أرض الواقع إيجاد الأدلة والشواهد على قدرة الله في الخلق، فالله تعالى هو الخالق المتقن والمبدع ومما يدل على ذلك المظاهر التي سنذكرها في هذا المقال. مظاهر قدرة الله في الخلق قدرة الله على الخلق مطلقة وجود الله عزّ وجلّ يسبق وجود أيّ شيء في عالمنا، ومن البديهي أنّه لا يوجد أحد ولا شيء قبل وجود الله عزّ وجلّ الذي الذي خلق وصنع الكون وجميع ما فيه من مخلوقات حية أو جامدة، ولا قوة فوق قوة الله وقدرته العظيمة وسلطته وحكمه ومقدار تدبيره وتسييره لجميع المخلوقات الكونية؛ لأنّ وجوده ليس له بداية أو نهاية مما يجعلنا ذلك استشعار قدرته المطلقة والأبدية. خلق السماوات والأرض وما بينهما الله عزّ وجلّ وحده القادر على امتلاك السماوات والأرض أو التصرف في الكون؛ لأنّه خلق السماوات والأرض والشمس والقمر لتحقيق منافع عديدة للمخلوقات الإنسانية والحيوانية، كما أنّه خلق الشمس والقمر في مدارات محددة تسير وفق نظام دقيق حتى يوم القيامة، وهو الذي رفع السماوات بغير أعمدة ومدَّ الأرض وجعل فيها الأنهار، والبحار، والجبال، والمحيطات وجميع أنواع الثمار، وهو خالق الليل والنهار، والكواكب، والنجوم، والأجرام السماوية. خلق الإنسان وباقي الأحياء خلق الله عزّ وجلّ الإنسان والحيوان والطيور من ماء، بينما خلق الملائكة من نور والجن والشياطين من نار، ومما لا شكَّ فيه أنّ أول إنسان خلقه الله عزّ وجلّ هو آدم الذي بث فيه روحاً وجعله من البشر، وجميع ما في الكون من مخلوقات هي من صنع الله عزّ وجلّ حتى لو تدخل الإنسان في ابتكارها وعملها، فمائدة الطعام التي يصنعها النجار أصلها من الأشجار التي خلقها الله، وكذلك الأمر بالنسبة للمخلوقات الحيوانية كالدجاجة التي أصلها البيضة، فالله عزّ وجلّ هو الذي أوجد الحيوان الأول من جميع الأصناف الحيوانية. خلق الماء والهواء خلق الله عزّ وجلّ الهواء حتى تتنفس جميع الكائنات الحية، ولكي تعمل جميع الآلات المتحركة التي اخترعها الإنسان في عصرنا؛ لأنّ حركتها وعملها يعتمد على حركة الهواء الذي خلقه الله، فمحرك الطائرة يتوقف إذا انعدمت حركة الرياح أو الهواء الذي يخضع لإرادة الله عزّ وجلّ في سيره، كما أنَّه تعالى خلق الماء ونظم دورته بداية من تبخر مياه البحار والأنهار وحتى تكاثف البخار وتكون السحب في السماء بهدف إفادة الإنسان وبث الحياة في الأرض.
قدرة الله على مراقبة أعمال الناس من مظاهر قدرة الله عزّ وجلّ وسلطانه أنّه يستطيع مراقبة جميع أفعال وأقوال المخلوقات البشرية، فهو العالم بما يدور في أذهان جميع الناس من أفكار ومعتقدات في الوقت ذاته كما قال تعالى: (أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ) [العنكبوت: 10]، كما أنّه العالم بلغات جميع المخلوقات ووسائل اتصالها مهما كان عددها ونوعها.[الأنترنت – موقع موضوع - قدرة الله على المراقبة دليل على قدرة الله في الخلق - بواسطة: ساجدة أبو صوي]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
حظ المؤمن من اسم الله البارئ:
أولاً: المؤمن لا بد أن تكون له دراسة جدوى في حياته بشكل عام، يخطط لحياته ولا يعيشها عبثا. فأول ما يستيقظ من نومه يأخذ بكلام العلماء في القيام بـ:..(المشارطة، والمحاسبة، والمعاتبة، والمعاقبة)
التي هي مراتب المحاسبة.
المشارطة: يخطط ليومه من بدايته، يسجل ما يريد إنجازه في يومه ويحاسب نفسه بعد ذلك.
المحاسبة: بعد انتهاء اليوم وقبل أن ينام، يبدأ ينظر في تنفيذ ما اشترطه على نفسه..ويحاسبها فإن وجدها قصرت تأتي مرحلة..
3. المعاتبة: يعاتب نفسه على تقصيرها ويذكرها بالموت والآخرة وأن العمر رأس ماله.
المعاقبة: ثم يعاقب نفسه بأن يحرمها من نزهة مع
الأصدقاء، أو يحرما من شراء شيء تحبه..يعاقبها فيما تحب.
وهكذا في كل يوم..فيصل مع الوقت إلى إحكام نفسه وتأييدها.
ثانيـا: قلنا برأ الشيء بمعنى تخلص..ومنها يسعى المؤمن في تنزيه نفسه من العيوب والنقائص والآفات..وهي التزكية وسوف نفصل فيها لاحقا إن شاء الله.
ثالـثا: الإعذار: فقلنا أن المؤمن لكي يُعذر عند الله عز و جل عليه تلَمُّس الأعذار لغيره.
رابعـا: قلنا البري بمعنى التراب، فتشير لمعنى الذل والانكسار فأي مخلوق من تراب هذا الذي يتكبر وعلامَ؟
خامسـا: تحقيق مبدأ الولاء والبراء:يبرأ فيها معنى
البراءة.. أنه يبرأ من أشياء ويُوالي أشياء
والولاء والبراء يتحقق في عدة معاني منها:
أولا: أن يبرأ إلى الله عز وجل من كل دين يخالف دين الإسلام.
ويبرأ في خاصة نفسه من كل شهوة تخالف أمر ربه.
ويبرأ من كل شبهة تخالف النص الذى ورد عن الله سبحانه وتعالى وعن رسوله.
يبرأ من كل ولاء لغيرِ دين الله وشرعه ومن كل بدعة تخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم
يبرأ من كل معصية تؤثر على محبته لربه وقربه منه..
سادسـا: إذا كان الله عزو جل برأ الخلق وأوجدهم
على هذه الصورة المبدعة المذهلة التي ليس لها مثال سابق فحقها الإتقان فيما تستطيع إتقانه. أخبرنا النبي كما روى ذلك الطبراني الأوسط وصححه الألباني في الصحيح: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" [صححه الألباني] فالدقة في الصنعة هذا من شيم المؤمنين وبها يتلبس العبد باسم الله البارئ. [الأنترنت – الكلم الطيب]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
حظ المؤمن من اسم الله المصور:
توحيد الله سبحانه وتعالى
قلنا أن اسم الله المصور يوجد فيه معنى التمييز. إذا فأول شيء يُراعيه العبد في العمل بهذا الاسم هو تحقيق التوحيد, فلا يتشبه بما انفرد به ربه من صفات الربوبية، ولا يقع في شركِ التمثيل ولا يشبه الله سبحانه وتعالى بصفاتِ البشر على الوجه المذموم
نختم اسم الله المصور بقول الله تعالى:{يَا أَيُّها الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ ِبِرِّبِكَ َاْلَكَرِيم الَِّذِي خِلَقَكَ َفَسّواكَ فَعَدَلَك فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَّك} [لانفطار: 6-8]
كأن الله عز وجل يقول إذا راعيت أنك خلقت في أحسن صورة, فإن المصور حقها عدم الغرور، والغرور يحدث من أن لا يوافق ظنه بربه عمله ثم يقول هذا حسن ظن بالله. ولكن من أحسن الظن أحسن العمل، لذا قالوا في تفسير الآية: ما غرك، قال السلف: غره حلمه وغره ستره فاجترأوا على المعاصي، فهو يقول: { يَا أَيُّها الإِنْسَانُ مَاغَرَّكَ
ِبِرِّبِكَ َاْلَكَرِيم} [الانفطار : 6]
هل غرك أنه أغدق عليك هذه النعم ظاهرة و باطنه؟ إن حق الكريم سبحانه وتعالى أن يعبد ويطاع لا أن يخالف ثم بعد ذلك يجُترأ عليه ويغتر بستره وحلمه!!, إذن حقها أن لا يغتر بل يحُسن الظن بإحسان العمل .[ الأنترنت – الكلم الطيب]
*اقسام البدعة
*تنقسيم البدعة إلى بسيطة ومركبة
تكون البدعة بسيطة إذا كانت مجرد مخالفة يسيرة، لا تستتبع مخالفات أخر، كمن يتبع النفل الفرض بلا
فاصل من تسبيح ونحوه أو يفعل ما يماثل ذلك.
وتكون مركبة إذا اشتملت على عدة بدع تداخلت وصارت كأنها وحدة واحدة، كاعتقاد الشيعة عصمة الإمام وانتشار كثير من البدع بينهم على أساس هذا الاعتقاد، وما شابه ذلك من البدع
*وتنقسيم البدعة إلى كلية وجزئية
تتفاوت البدع فيما بينها من ناحية آثارها، ومن ناحية الخلل الواقع بسببها في الشريعة.
فإذا كانت البدعة لا يقتصر أثرها على المبتدع بل يتعداه إلى غيره كانت كلية لسريانها في كثير من الأمور, أو بين كثير من الأفراد. كبدعة التحسين والتقبيح بالعقل بدلاً من الشرع, وبدع إنكار حجية
خبر الآحاد, أو إنكار وجوب العمل بما يقتضيه ونحو ذلك.
أما إذا كانت قاصرة على المبتدع لا تتعداه إلى غيره فهي بدعة جزئية، كرجل التزم مخالفة للسنة على أنها من الأمور الحسنة في نظر الشرع، ولا يمتد أثر هذه المخالفة إلى غيره لكونه لا يؤبه له، وليس ممن يقتدى بهم فيما يرون من آراء أو يؤدون من أعمال
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*وتنقسم البدعة إلى اعتقادية وعملية
فالاعتقادية كمقالات الجهمية, والمعتزلة, والرافضة, وسائر الفرق الضالة واعتقاداتهم. ومثلها من الفرق التي ظهرت في هذا العصر القاديانية, والبهائية, وكذا جميع الفرق الباطنية المتقدمة كالإسماعيلية, والنصيرية, والدروز, وغلاة الرافضة, وغيرهم من فرق الكفر والبدع والضلال.
أما العملية فتحتها أنواع:
النوع الأول: بدعة في أصل العبادة بأن يحدث عبادة
ليس لها أصل في الشرع, كأن يحدث صلاة غير مشروعة, أو صياماً غير مشروع, أو أعياداً غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها.
النوع الثاني: ما يكون في الزيادة على العبادة المشروعة, كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلاً.
النوع الثالث: ما يكون في صفة أداء العبادة, بأن يؤديها على صفة غير مشروعة، وذلك كأداء الأذكار
المشروعة بأصوات جماعية مطربة، وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
النوع الرابع: ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع, كتخصيص يوم النصف من شعبان وليلته بصيام وقيام، فإذا أصل الصيام والقيام مشروع ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل
*وتنقسم البدعة إلى فعلية وتركية
البدعة من حيث قيل فيها: إنَّها طريقة في الدين مخترعة ـ إلى آخره ـ يدخل في عموم لفظها البدعة التَّرْكِيَّةُ، كما يدخل فيه البدعة غير التَّرْكِيَّةِ فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريماً للمتروك أو غير تحريم، فإنَّ الفعل ـ مثلاً ـ قد يكون حلالاً بالشرع فيحرمه
الإنسان على نفسه أو يقصد تركه قصداً.
فبهذا التَّرْك إما أن يكون لأمر يعتبر مثله شرعاً أو لا، فإن كان لأمر يعتبر فلا حرج فيه، إذ معناه أنَّه ترك ما يجوز تركه أو ما يُطْلب تركُه، كالذي يُحَرِّم على نفسه الطعام الفلاني من جهة أنَّه يضره في جسمه أو عقله أو دينه وما أشبه ذلك، فلا مانع هنا من الترك: بل إن قلنا بطلب التداوي للمريض فإنَّ الترك هنا مطلوب، وإن قلنا بإباحة التداوي، فالترك مباح.
وكذلك إذا ترك ما لا بأس به، حذراً مما به البأس فذلك من أوصاف المتقين، وكتارك المتشابه، حذراً من الوقوع في الحرام، واستبراءً للدِّين والعِرض.
وإن كان الترك لغير ذلك، فإما أن يكون تديناً أو لا، فإن لم يكن تديناً فالتارك عابث بتحريمه الفعل أو بعزيمته على الترك. ولا يسمى هذا الترك بدعة إذ لا يدخل تحت لفظ الحد إلا على الطريقة الثانية القائلة: إنَّ البدعة تدخل في العادات. وأمَّا على الطريقة الأُولى فلا يدخل. لكن هذا التارك يصير عاصياً بتركه أو باعتقاده التحريم فيما أحلَّ الله.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
الترك تدينا
وأمَّا إن كان الترك تديناً فهو الابتداع في الدين على كلتا الطريقتين، إذ قد فرضنا الفعل جائزاً شرعاً فصار
الترك المقصود معارضة للشارع.
لأنَّ بعض الصحابة همَّ أن يُحرِّم على نفسه النوم بالليل، وآخر الأكل بالنهار، وآخر إتيان النساء، وبعضهم هَمَّ بالاختصاء، مبالغةً في ترك شأْن النساء. وفي أمثال ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رغب عن
سنتي فليس مني)) .
فإذاً كلُّ من منع نفسه من تناول ما أحل الله من غير عذر شرعي فهو خارجٌ عن سُنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، والعامل بغير السُّنَّةِ تديناً، هو المبتدع بعينه.
(فإن قيل) فتارك المطلوبات الشرعية نَدْباً أو وجوباً، هل يسمى مبتدعاً أم لا؟
(فالجواب) أنَّ التارك للمطلوبات على ضربين:
(أحدهما) أن يتركها لغير التدين إما كسلاً أو تضييعاً أو ما أشبه ذلك من الدواعي النفسية. فهذا الضرب راجع إلى المخالفة للأمر، فإن كان في واجب فمعصية وإن كان في ندب فليس بمعصية، إذا كان الترك جزئياً، وإن كان كلياً فمعصية حسبما تبين في الأُصول.
(الثاني) أن يتركها تديناً. فهذا الضرب من قبيل البدع حيث تدين بضد ما شرع الله.
فإذاً قوله في الحد: طريقة مخترعة تضاهي الشرعية يشمل البدعة التركية، كما يشمل غيرها، لأنَّ الطريقة الشرعية أيضاً تنقسم إلى ترك وغيره.
وسواءٌ علينا قلنا: إنَّ الترك فعل أم قلنا: إنَّه نفي الفعل.
وكما يشمل الحدُّ الترك يشمل أيضاً ضد ذلك.
وهو ثلاثة أقسام:
قسم الاعتقاد، وقسم القول، وقسم الفعل، فالجميع أربعة أقسام.
وبالجملة، فكل ما يتعلق به الخطاب الشرعي، يتعلق به الابتداع فالبدعة تنقسم باعتبار فعلها إلى فعلية, وتركية، فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريماً للمتروك أو غير تحريم. فإن الفعل مثلاً قد يكون حلالاً بالشرع, فيحرمه الإنسان على نفسه بالحلف أو يتركه قصداً بغير حلف، فهذا الترك إما أن يكون لأمر يعتبر مثله شرعاً أو لا، فإن كان لأمر يعتبر فلا حجر فيه, كالذي يمنع نفسه من الطعام الفلاني من أجل أنه يضره في جسمه, أو عقله, أو دينه وما أشبه ذلك. وكالذي يمنع نفسه من تناول اللحم لكونه مصاباً بمرض الكلى فإنه يهيجه عليه. فلا مانع من الترك. بل إن قلنا يطلب التداوي للمريض كان الترك هنا مطلوباً، فهذا راجع إلى العزم على الحمية من المضرات وأصله قوله عليه الصلاة والسلام: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))
ذلك أن يكسر من شهوة الشباب حتى لا تطغى عليه الشهوة فيصير إلى العنت، وكذلك إذا ترك ما لا بأس به حذراً مما به البأس, كترك الاستمتاع بما فوق الإزار من الحائض خشية الإتيان. فذلك من أوصاف المتقين، وكترك المتشابه حذراً من الوقوع في الحرام, واستبراء للدين والعرض
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*ترك الفعل
وإن كان الترك لغير ذلك فإما أن يكون تديناً أو لا، فإن لم يكن تديناً، فالتارك عابث بتحريمه الفعل, أو بعزيمته على الترك، ولا يسمى هذا الترك بدعة إلا على الرأي القائل: إن البدع تدخل في العادات، أما على الآخر فلا. لكن التارك يصير عاصياً بتركه, أو اعتقاده التحريم فيما أحل الله، وأما إن كان الترك تديناً فهو الابتداع في الدين على كلا الرأيين، إذ قد فرضنا الفعل جائزاً شرعاً فصار الترك المقصود معارضة للشارع في شرع التحليل. كترك كثير من العباد والمتصوفة تناول الطيبات تنسكاً وتعبداً لله بتعذيب النفس وحرمانها. اتبعوا في هذا سنن من قبلهم شبراً بشبر, وذراعاً بذراع كعباد بني إسرائيل، ورهبان النصارى، وهؤلاء أخذوها عن بعض الوثنيين من البراهمة الذين يحرمون جميع اللحوم, ويزعمون أن النفس لا تزكو ولا تكمل إلا بحرمان الجسد من اللذات, وقهر الإرادة بمشاق الرياضات، وكترك أهل الأستانة أكل لحم الحمام فهو يفرخ في مساجدهم وبيوتهم ولا يأكل أحد منه شيئاً, بل يتحرجون من أكله وينكرونه، فإن كان تركهم له تديناً لاعتقادهم حرمته فهو بدعة تركية وإلا فلا، مع عصيانهم باعتقاد التحريم فيما أحل لهم, وفي نحوهم نزل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [المائدة: 87]. فنهى أولاً عن تحريم الحلال, وأشعر ثانياً بأن ذلك اعتداء, وأن من اعتدى لا يحبه الله. لأن بعض الصحابة أراد أن يحرم على نفسه النوم بالليل، وآخر الأكل بالنهار, وآخر أكل اللحم, وآخر إتيان النساء، وبعضهم همَّ بالاختصاء مبالغة في قطع الميل إلى النساء, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما بال أقوام يقول أحدهم: كذا وكذا؟ لكني أصوم وأفطر, وأنام وأقوم, وآكل اللحم, وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) متفق عليه من حديث أنس .
فإذا كل من منع نفسه من تناول ما أحل الله من غير عذر شرعي فهو خارج عن سنة النبي صلوات الله وسلامه عليه. والعامل بغير السنة تديناً هو المبتدع بعينه, وكذلك ترك المطلوبات الشرعية وجوباً أو ندباً يسمى بدعة إن كان الترك تديناً. لأنه تدين بضد ما شرع الله. أما تركها كسلاً أو تضييعاً أو ما أشبه ذلك من الدواعي النفسية فهو راجع إلى المخالفة للأمر, فإن كان في اجب فمعصية وإلا فلا.
مثال الترك تديناً أهل الإباحة القائلون بإسقاط التكليف إذا بلغ السالك عندهم المبلغ الذي حددوه, وذلك هو الضلال البعيد. فإن الله جلت حكمته كلف عباده كافة بما شاء، ولا يسقط التكليف إلا بزوال العقل، فلو بلغ المكلف من مراتب الكمال ما بلغ بقي التكليف عليه إلى الموت، ولم يبلغ أحد من الكمال مرتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا مرتبة أصحابه الأطهار الأخيار، ولم يسقط عنهم من التكليف مثقال ذرة، إلا ما لا طاقة له به, كالزَّمِنِ لا يطالب بالجهاد، والمقعد لا يطالب بالصلاة قائماً، والحائض لا تطالب بالصلاة حال الحيض, وما إلى ذلك من الأعذار، فمن زعم أن التكليف قد يرفعه البلوغ إلى مرتبة ما من مراتب الكمال كما يزعمه أهل الإباحة كان اعتقاده هذا بدعة مخرجة من الدين نعوذ بالله من الضلال. وبعض الروافض الذين يدينون بشهادة الزور لموافقيهم في العقيدة إذا حلف على صدق دعواه .
أما عن البدعة الفعلية فهي كثيرة، ومنها اختراع
أحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزيادة في شرع الله ما ليس منه، كمن يزيد في الصلاة ركعة، أو يزيد في وقت الصيام المحدد من اليوم، أو يصلي في أوقات النهي عن الصلاة، أو يصوم في أوقات النهي عن الصيام، أو يدخل في الدين ما ليس منه من
الآراء أو الأفعال
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
وتنقسم البدعة إلى حقيقية وإضافية
قسم الشاطبي البدعة إلى قسمين: حقيقية, وإضافية. وعرف الحقيقية بأنها ما لم يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب, ولا من سنة, ولا من إجماع, ولا استدلال معتبر عند أهل العلم لا في الجملة ولا في التفصيل . وإن ادعى مبتدعها ومن تابعه أنها داخلة فيما استنبط من الأدلة، لأن ما استند إليه شبه واهية لا قيمة لها. فكأنها هي البدعة حقيقة وما عداها على المجاز . ومن أمثلتها:
أولا: تحريم الحلال, أو تحليل الحرام استناداً إلى
شبه واهية, وبدون عذر شرعي, أو قصد صحيح، روى الترمذي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي. فحرمت عليَّ اللحم فأنزل الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا [المائدة: 87-88])
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله رضي الله عنه قال: (كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك, فرخص لنا بعد ذلك أن نتزوج المرأة بالثواب ثم قرأ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه: (فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد, ولا يستظل, ولا يتكلم, ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مروه فليتكلم, وليستظل, وليقعد, وليتم صومه)) .
وقد تبين من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لفت نظره هذا المنظر أثناء خطبته والناس قعود. رجل قائم في الشمس, فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا المسلك المنافي لرفق ويسر الشريعة السمحة، فأمر بتقويمه وقال:
مروه فليتكلم، وليستظل, وليقعد, وليتم صومه.
فالله غني عن مشقة هذا التي لا فائدة وراءها، وأقره على ما فيه فائدة ولا مشقة معه وهو الصوم.
يقول ابن حجر في الحديث من الفوائد:
(إن كل شيء يتأذى به الإنسان ولو مآلاً مما لم يرد بمشروعيته كتاب أو سنة, كالمشي حافياً, والجلوس في الشمس ليس هو من طاعة الله. فلا ينعقد به النذر, فإنه صلى الله عليه وسلم أمر أبا إسرائيل بإتمام الصوم دون غيره, وهو محمول على أنه لا يشق عليه, وأمره أن يقعد ويتكلم ويستظل) .
وروى البخاري بسنده: عن قيس بن أبي حازم قال: (دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم. فقال: ما لها لا تتكلم؟ قالوا: حجت مصمتة، فقال لها: تكلمي فإن هذا لا يحل. هذا من عمل الجاهلية. فتكلمت فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين) . وفي ذلك ما يفيد أن تحريم الحلال مخالف للشرع, بل من عمل الجاهلية, فإحداثه على أنه مما يقرب إلى الله من البدع. وسواء في ذلك أكان التحريم مؤكداً بيمين أم لا.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والثمانون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
وتنقسم البدعة إلى حقيقية وإضافية
ومما تقدم من الأحاديث نستنتج الأمور الآتية:
1- إن البدع قد بدأت بوادرها في عهد النبوة كما تبين من تحريم أناس بعض ما أحل الله. فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك.
2- إن هذه البدع قد فعلها أصحابها بدافع التقرب إلى الله, فلم يقرهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنها بدعة محدثة.
3- إن ذلك كان في مجال العبادة فعلوها للتزود من الخير, ولكن ليس كل مريد للخير يسلك الطريق الصحيح الموصل إليه.
4- إن الرسول صلى الله عليه وسلم قاوم هذا الاتجاه وقوم هذه المغالاة.
(5) إن ذلك الإحداث والغلو كان منحصراً في أفراد لا جماعات, بخلاف ما وصل إليه حال المسلمين في
هذا الزمان، فإن البدع أصبحت تشكل جماعات وأحزاباً مختلفةكُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون: 53].
أما تحليل الحرام فيتمثل في تلك الآراء الفاسدة التي
تحلل الربا بشبه واهية، أو تفتي بعدم جواز قتل
المرتد، مع ورود الأحاديث الصحيحة في ذلك، استناداً إلى ما لا يجوز الاستناد إليه كما فعل صاحب كتاب الحرية الدينية في الإسلام.
ثانياً: ومن البدع الحقيقية اختراع عبادة ما أنزل الله بها من سلطان, كصلاة سادسة مثلاً بركوعين في كل ركعة أو بغير طهارة.
ثالثاً: ومنها إنكار الاحتجاج بالسنة، أو تقديم العقل على النقل, وجعله أصلاً والشرع تابع له.
رابعاً: ومنها القول بارتفاع التكاليف عند الوصول إلى مرحلة معينة مع بقاء العقل وشروط التكليف، فلا تجب عند ذلك طاعات, ولا تحرم محرمات, بل
يصير الأمر على حسب الهوى والرغبات.
خامساً: ومن هذه البدع تخصيص مكان كبئر, أو شجرة, أو نحوها بخصوصية معينة من اعتقاد جلب خير, أو دفع ضر, بلا استناد إلى خبر صحيح.
أما البدعة الإضافية فقد عرفها الشاطبي بأنها ما لها شائبتان:
إحداهما: لها من الأدلة متعلق، فلا تكون من تلك الجهة بدعة.
والأخرى: ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة
الحقيقية، أي أنها بالنسبة لأحدى الجهتين سنة لاستنادها إلى دليل، وبالنسبة للجهة الأخرى بدعة، لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل، أو لأنها غير مستندة إلى شيء. وسميت إضافية لأنها لم تخلص لأحد الطرفين، لابالمخالفة الصريحة ولا بالموافقة الصريحة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
والفرق بين البدعة الحقيقية والإضافية من جهة المعنى أن الدليل على الإضافية من جهة الأصل قائم, ومن جهة الكيفيات, أو الأحوال, أو التفاصيل لم يقم عليها. مع أنها محتاجة إليه لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة .
ومن أمثلتها: ذكر الله تبارك وتعالى على هيئة الاجتماع بصوت واحد. فالذكر مشروع بل واجب, لكن أداؤه على هذه الكيفية غير مشروع, بل هو بدعة مخالفة للسنة, وعليه يحمل قول ابن مسعود للجماعة الذين كانوا يجتمعون في المسجد وفي أيديهم حصى, فيسبحون ويكبرون بأعداد معينة حيث قال لهم: (والله لقد جئتم ببدعة ظلماً, أو فضلتم أصحاب نبيكم علماً) . ومن أمثلته أيضاً: تخصيص يوم النصف من شعبان بصيام, وليلته بقيام، وإفراد شهر رجب بالصوم أو عبادة أخرى.
فالعبادات مشروعة, ومنها الصوم, لكن يأتي الابتداع من تخصيص الزمان أو المكان إذا لم يأت تخصيص ذلك في كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والبدعة الإضافية أشد خطورة من الحقيقية من
حيث الشبه التي يستند إليها المبتدع في فعلها،
فإنك إذا سألته عن دليل ذلك قال: إنه يذكر الله, ويصوم لله, فهل الذكر والصيام محرمان؟ ومن ثم يستمرئها, ويداوم عليها, وقد لا يتوب منها في الغالب، ذلك أن الشبهات أخطر الأمور على الدين, فهي أخطر من الشهوات وإن كان الجميع خطيراً، لأن إبليس اللعين لما يئس من تضليل المسلمين بالمعاصي دخل عليهم من باب العبادة, فزين لهم البدع بحجة التقرب إلى الله. وهنا مكمن الخطر. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذه المداخل الشيطانية قد جلَّاها ووضحها ابن الجوزي رحمه الله في كتابه تلبيس إبليس فليراجع.
وتنقسم البدعة إلى عبادية وعادية
العبادة هي التي يقصد بها فاعلها التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وقد عرفها السلف بأنها اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال, والأفعال, الظاهرة والباطنة . وهي مبنية على أصلين:
أحدهما: إخلاص العبادة لله وحده.
ثانيهما: تجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما العادية: فهي ما لا يقصد منه التقرب إلى الله تعالى، أي إنها بحسب أصلها الموضوعة له، لم يقصد بها ذلك وإن صح فيها التقرب باعتبار أمر غير لازم لها وهي الأمور الجارية بين الخلق في الاكتساب وسائر المعاملات الدنيوية التي هي طرق لنيل الحظوظ العاجلة، مثل العقود على اختلافها والتصاريف المالية على تنوعها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
وتنقسم البدعة إلى عبادية وعادية :
ولا خلاف بين العلماء في حدوث الابتداع في العبادات ووقوعه, سواء أكانت العبادات أعمالاً قلبية وأموراً اعتقادية، أم كانت من أعمال الجوارح قولاً أو فعلاً. كمذهب القدرية والمرجئة والخوارج والمعتزلة وكذلك مذهب الإباحية .
وإنما اختلف الناس في وقوع الابتداع في العاديات, والذي عليه التحقيق أن البدعة ترجع إلى اختراع عبادة لم تكن معروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يرد بها نقل صحيح، ولا تدل عليها أدلة شرعية معتبرة، فهي أولاً خاصة بما يتعبد به. وإذن فلا ابتداع في العادات, ولا في الصناعات, ولا في وسائل الحياة العامة.
والقائلون بإمكان وقوع البدع في العاديات بنوا قولهم على أن الشريعة جاءت وافية ببيان القوانين التي بها صلاح الناس في أمور المعاش والمعاد، فالعادات كالعبادات كلاهما مشروع، فكما أنا مأمورون في العبادات بأن لا نحدث فيها فكذلك العادات. فإذا جاز إمكان الابتداع فيما هو عبادة جاز فيما هو عادي من الأمور التي يقصد بها صلاح الدنيا. وهذا القول مردود، فإنه لو جاز ذلك لجاز أن تعد كل العادات التي حدثت بعد الصدر الأول من المآكل والمشارب، والملابس والمسائل النازلة بدعاً والتالي باطل.
أما الملازمة فلأن مناط الابتداع حينئذ على إحداث
الطرائق الدينية عبادة كانت أو عادة، وهذه المذكورات كذلك. وأما بطلان التالي فلوجهين:
الأول: أنه لو عدت هذه المذكورات من البدع لكان كل من تلبس بشيء منها مخالفاً لما كان عليه الصدر الأول وهو موجب للذم، وهذا من الشناعة بمكان. فإن العادات من الأمور التي تدور مع الأزمنة والأمكنة, فللناس في كل زمان وفي كل مكان عادات مختلفة، وهم مع كل هذه العادات – حيث حوفظ فيها على القوانين الشرعية الجارية على مقتضى الكتاب والسنة – على تمام الموافقة للصدر الفاضل.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
وتنقسم البدعة إلى عبادية وعادية :
الثاني: إن عدّ هذه بدعاً يؤدي إلى نسبة الحرج
والتضييق إلى الشريعة، فإن في التزام الزي الواحد, والحالة الواحدة، والعادة الواحدة تعباً ومشقة قضت به الشريعة، وإنما كان الالتزام كذلك لاختلاف الأخلاق والأزمنة والبقاع والأحوال .
فإن قال قائل إنه قد جدت بدع في العاديات، نحو
المكوس والمظالم المحدثة، وتقديم الجهال على العلماء في الولايات العلمية، وتولية المناصب الشريفة من ليس لها بأهل بطريق الوراثة، واتخاذ المناخل, وغسل الأيدي بالصابون, ولبس الطيالس, وتوسيع الأكمام وأشباه ذلك من الأمور التي لم تكن في الزمن الفاضل, ولم يفعلها السلف الصالح فإنها أمور جرت في الناس وكثر العمل بها وشاعت وذاعت, فلحقت بالبدع, وصارت كالعبادات المخترعة الجارية في الأمة فقد رده أرباب الطريقة الأولى. قالوا لا نسلم أن هذه المذكورات مما وقع فيه الابتداع لأنها مخالفات للشرع, ومعاصي في الجملة, وليس كل معصية بدعة، سلمنا وقوع الابتداع فيها، لكن لا من حيث كونها عادية، بل من حيث كونها تعبدية. قال في الاعتصام ما محصله: ثبت في الأصول الشرعية أنه لابد في كل عادي من شائبة التعبد، لأن ما لا يعقل معناه على التفصيل من المأمور به أو المنهي عنه فهو المراد بالتعبدي، وما عقل معناه وعرفت مصلحته أو مفسدته فهو المراد بالعادي، فالطهارات، والصلوات، والصيام والحج كلها تعبديات، والبيع, والنكاح, والشراء, والطلاق, والإجارات, والجنايات كلها عاديات لأن أحكامها معقولة المعنى، ولابد فيها من التعبد، إذ هي مقيدة بأمور شرعية لا خيرة للمكلف فيها. فالقسمان مشتركان في معنى التعبد, والابتداع إنما يتصور دخوله في القسم الثاني من جهة التعبد فيه لا من جهة كونه عادة.
فمثل المكوس إذا نظر إليها من جهة كونها عادة، أي أنها ظلم كسائر المظالم. مثل الغصب والسرقة، وقطع الطريق, فلا يدخلها الابتداع إذ هي من هذه الجهة مما يتناولها نهي الشارع عن أكل أموال الناس بالباطل، وليس فيها جهة تشريع، وإنما يتصور دخول الابتداع في المكوس إذا لوحظت من جهة أنها وضعت على الناس كالدين الموضوع, والأمر المحتوم عليهم دائماً، أو في أوقات محدودة, على كيفيات مضروبة بحيث تضاهي المشروع الدائم الذي تحمل عليه العامة, ويؤخذون به, وتوجب على الممتنع منه العقوبة، كما في أخذ زكاة المواشي والحرث وما أشبه ذلك. فإنها من هذه الجهة تكون شرعاً مستدركاً, إذ هي حينئذ تشريع زائد, وإلزام للمكلفين يضاهي إلزامهم الزكاة المفروضة، والديات المضروبة, والغرامات المحكوم بها في الأموال.
ففي المكوس على هذا الفرض جهتان: كونها محرمة كسائر أنواع الظلم, وجهة كونها اختراعاً لتشريع يؤخذ به الناس إلى الموت, كما يؤخذون بسائر التكاليف، فاجتمع فيها نهيان: نهي عن المعصية، ونهي عن البدعة، وليس ذلك موجوداً في البدع العبادية. وإنما يوجد فيها النهي من جهة كونها تشريعاً موضوعاً على الناس، أمر وجوب أو ندب. إذ ليس فيها جهة أخرى تكون بها معصية, بل التشريع نفسه هو الممنوع نفسه، فالعاديات من حيث هي عاديات لا بدعة فيها، ومن حيث يتعبد بها, أو توضع وضع التعبد تدخلها البدعة, وكذا تقديم الجهال على العلماء، وتولية المناصب الشريفة من لا يصلح لها بطريق التوارث هو من هذا القبيل. فإن جعل الجاهل في موضع العالم حتى يصير مفتياً في الدين, أو حاكماً في الدماء, والأبضاع, والأموال مثلاً محرم في الدين، وكون ذلك يتخذ ديدناً حتى يصير الابن مستحقاً لرتبة الأب بطريق الوراثة وإن لم يبلغ رتبة الأب في ذلك المنصب بحيث يشيع ذلك العمل ويطرد ويعده الناس كالشرع الذي لا يخالف فهو بدعة بلا إشكال.
وأما اتخاذ المناخل. فإن فرض كونه مباحاً كما قالوا فإنما إباحته بدليل شرعي فلا ابتداع، وإن فرض كونه مكروهاً كما أشار إليه محمد بن أسلم فوجه الكراهة عنده كونها عدت في الأثر الآتي من المحدثات. والظاهر أن الكراهة من ناحية السرف والتنعم الذي أشار إلى كراهته قوله تعالى: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا... [الأحقاف: 20]. لا من جهة أنه بدعة محدثة، وكذا يقال في باقي الأمثلة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
وتنقسم البدعة إلى عبادية وعادية :
وجملة القول أن الابتداع إن دخل في الأمور العادية فهو لما فيها من معنى التعبد، فرجع الأمر إلى أن الابتداع المذموم لا يكون في العادي المحض، كالمخترعات في أمور الدنيا التي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، وترقى برقى الأمم والشعوب.
ولما كانت بذلك لا يمكن للناس حصر جزئياتها, ويعسر عليهم أن يتقيدوا بجزئيات مخصوصة منها ترك الشارع التصرف لكل أمة تدير شؤونها بما يوافق زمانها, وجاءهم بقواعد كلية تنطبق على كل أمة، وتصلح لكل زمان, فجعل العدل أساس الأعمال. واتقاء الشر مقدماً في أي حال من الأحوال، فمتى كان ذلك قصد الناس في أمورهم الدنيوية فليخترعوا ما شاءوا من الطرق النافعة، وليبتدعوا ما أرادوا من الحيل والأساليب الصحيحة، فإنه لا حجر في ذلك. أما إذا جاوز المخترعون العدل باختراعهم. وانصرفوا إلى الشر والإفساد في ابتداعهم، فتلك سنة سيئة ((ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها)) .
ومما تقدم من الكلام على حكم الابتداع في نحو لبس الثياب, والأكل, والشرب, والمشي, والنوم, يتضح أن هذه أمور عادية, وقد دخلها التعبد, وقيدها الشارع بأمور لا خيرة فيها كنهي اللابس عن إطالة الثوب، وطلب التسمية عند الأكل والشرب, والنهي عن الإسراف فيهما، والنهي عن النوم عارياً على سطح ليس ستر، إلى غير ذلك من القيود التي قيد بها الشارع, فالأمور المذكورة عادية, ومن هذه الجهة لا يدخلها الابتداع، وإنما من الجهة التي رسمها الشارع فيها. فإذا خولف بها الوجه المشروع, واعتبر ذلك ديناً يتقرب به إلى الله تعالى كانت بدعاً, بل هي معصية وابتداع باعتبارين كما سبق في وضع المكوس. فهي باعتبار مخالفتها الأمر والنهي عصيان, ومن حيث التقرب بها إلى الله تعالى من الجهة المضادة للطريق التي رسمها تكون مذمومة. [الأنترنت – موقع الدرر السنية - المشرف العام/ الشيخ علوي بن عبدالقادر السقاف]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* قواعد في البدع والموقف من أهلها
* قواعد في معرفة البدع.
التعرف على البدع أصلٌ للحذر منها، فإن تمييز البدعة وضبطها بضوابط عامة يعين على التعرف على أفراد البدع، ليتأتى الحكم عليها، ويمنع من أن يدخل فيها ما ليس منها، وقد حاول عدد من الباحثين تقصي ضوابط التعرف على البدع، فمقل ومكثر، وقد انتقيت مما ذكره أهل العلم جملة قواعد حسبت أنها أحق ما يحتاج لمعرفته.
1ـ العادة المحضة لا يدخلها الابتداع.
من مقررات اعتقاد أهل السنة اعتقادهم الحكمة في أفعال الله تعالى، فربنا سبحانه حكيم عليم بمصالح خلقه، لا يأمر بشيء إلا لحكمة قد يعرفها العباد وقد يجهلونها.
فالأحكام الشرعية الواضحة العلة والحكمة كالبيع والنكاح ونحوها، تسمى: عادات، أو أمور عادية، وأما المجهولة العلة التي شرعت من أجلها. وإن علمنا شيئاً من مصالحها ـ فهذه هي التعبديات أو الأمور التعبدية. فالعبادات لا إشكال أن الإحداث فيها ابتداع مذموم كما تقدم. وأما العادات فإنها إن تمحضت عادة، ولم يكن فيها شائبة تعبد لم يدخلها الابتداع، وإن كان فيها شائبة تعبد فقد يدخلها الابتداع في هذه الشائبة. ومثال ذلك النكاح، فإنه من العاديات، فإن أحدث في الذي ليس فيه شائبة تعبد منه، لم يكن بدعة مذمومة، مثل إقامة الزواجات في أماكن معينة، وكالتوسع في التكاليف، أو اتخاذ عادة في الاجتماع له ونحو ذلك. وأما إن حصل الإحداث في الذي فيه شائبة التعبد منه، فهو بدعة، كما لو ألغى المهر عن الزوج، وألزمته به المرأة؛ لأن الشرع قيد النكاح بمثل هذا القيد، فلم يكن للمكلف اختيار فيه، بخلاف الأول، فالعادة من حيث هي عادة لا بدعة فيها. ومن حيث التعبد بها أو وضعها وضع التعبد تدخلها البدعة
2ـ كل عبادة وردت مطلقة فتقييدها بدعة.
فالشرع قد حث على عبادات وأطلق وقت أدائها، فصلاة الليل عبادة مشروعة في كل ليلة، وصيام النفل المطلق مندوب إليه كل يوم، فمتى قيدت هذه العبادة، كأن خص القيام بليلة الجمعة مثلاً، أو الصيام بيوم كالجمعة من كل أسبوع، دون معنى يخصه، فإن تخصيصه بذلك بدعة إضافية.
قال أبو شامة: (لا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات
لم يخصصها بها الشرع، بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضّله الشرع، وخصّه بنوع من العبادة، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء
وقال ابن تيمية: (من أحدث عملاً في يومٍ كإحداث صوم أول خميس من رجب، والصلاة في ليلة تلك الجمعة.. فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد القلب؛ وذلك لأنه لابد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله، وأن الصوم فيه مستحب استحبابًا زائدًا.. إذ لو لا قيام هذا الاعتقاد في قلبه لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة) إلى أن قال: (ومن قال إن الصلاة أو الصوم في هذه الليلة كغيرها، هذا اعتقادي، ومع ذلك فأنا أخصّها، فلابد أن يكون باعثه إما موافقة غيره، وإمّا اتباع العادة، وإما خوف اللوم له، ونحو ذلك، وإلا فهو كاذب... فعلمت أن فعل هذه البدع يناقض الاعتقادات الواجبة، وينازع الرسل ما جاؤوا به عن الله)
أما لو استند التقييد إلى سبب معقول، كجعل قراءة القرآن في وقت معين لكونه أفرغ من الأعمال، أو أهدأ من الأوقات؛ بحيث لو زال هذا السّبب لزال التقييد، فإنه لا بأس به، ولا يكون من تقييد العبادة الذي يجعلها بدعة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* قواعد في البدع والموقف من أهلها
3- كل عبادة وردت مقيّدة فإطلاقها بدعة.
تأتي بعض العبادات مقيّدة بسبب معين، أو بمحل
معين، فإذا طردها البعض دائمًا، أو في محل غير ما قيدت به، صارت بدعة من هذا الوجه.
مثال ذلك أن الطواف لم يشرع إلا حول الكعبة، ولم يشرع السعي بين جبلين سوى الصفا والمروة، فلو طاف أحد حول غير الكعبة، أو سعى بين جبلين آخرين فهذه بدعة.
قال ابن رجب: (وليس كل ما كان قربة في عبادة يكون قربة في غيرها مطلقًا، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قائمًا في الشمس، فسأل عنه، فقيل: إنّه نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل وأن يصوم، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقعد ويستظل وأن يتم صومه، فلم يجعل قيامه وبروزه للشمس قربة يوفي بنذرهما... مع أنّ الصيام عبادة في مواضع أخرى كالصلاة والأذان والدعاء بعرفة، والبروز للشمس قربة للمحرم، فدلّ على أنّه ليس كل ما كان قربة في موطن يكون قربة في كل المواطن، وإنّما يتبع في ذلك ما وردت به الشريعة في مواضعها)
4- تغيير الحدود الشرعيّة المقدّرة: بدعة.
الأحكام الشرعية الثابتة المقدرة كأنصبة المواريث، وعقوبات ارتكاب موجبات الحدود جعلها الشارع أحكامًا ثابتة لا تتغيّر ولا تتبدّل، فالتغيير فيها ابتداع في الدين، كمن زاد في الصلاة المفروضة، أو نقص
منها، أو غير أنصبة الزكاة مثلاً.
5- دلالة أفعال النبي صلى الله عليه وسلم.
أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ليست نوعًا واحدًا، بل هي أنواع، فمنها ما يدل على الندب فيسنّ التأسي به فيها، ومنها ما يدل على إباحة الفعل فقط.
فأفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يظهر منها قصد التقرّب إلى الله، وليست بيانًا لأمرٍ وارد في القرآن، قد اختلف أهل العلم في دلالتها، فذهب جمهور أهل العلم على أنها تدل على رفع الحرج والإباحة فقط . وهذا هو الراجح (فإنّ الصحابة رضوان الله عليهم وهم أعلم الناس بالدين، وأحرص الناس على اتباع الرسول في كل ما يقرب إلى الله تعالى كانوا يشاهدون من النبي صلى الله عليه وسلم أفعالاً، ولما لم يظهر لهم فيها قصد التقرّب لم يتخذوها ديناً يتعبدون به ويدعون الناس إليه)
وعليه فقصد التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأفعال ليس مندوبًا ولا مطلوبًا. قال ابن تيمية: (تنازع العلماء فيما إذا فعل صلى الله عليه وسلم فعلاً من المباحات لسبب، وفعلناه نحن تشبّهًا به مع انتفاء ذلك السبب، فمنهم من يستحب ذلك، ومنهم من لا يستحبّه، وعلى هذا يخرج فعل ابن عمر رضي الله عنهما بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في تلك البقاع التي في طريقه لأنّها كانت منزله، لم يتحرّ الصلاة فيها لمعنى في البقعة)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* قواعد في البدع والموقف من أهلها
6- سنّة النبي صلى الله عليه وسلم فعليّة وتركيّة.
(سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما تكون بالفعل، تكون بالترك، فكما كلفنا الله تعالى باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله الذي يتقرب به كذلك طالبنا باتباعه في تركه، فيكون الترك سنة، والفعل سنة، وكما لا نتقرّب إلى الله تعالى بترك ما فعل لا نتقرب إليه بفعل ما ترك، فالفاعل لما ترك، كالتارك لما فعل، ولا فرق بينهما)
وكذلك قد يقع الابتداع بالترك كمن يحرّم على نفسه شيئًا، أو يقصد تركه تدينًا، أو يتدين بضد ما شرع الله تعالى؛ لأن هذا معارضة للشارع، والله تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" [المائدة:87].
ففي الآية أن تحريم الحلال اعتداء لا يحبه الله تعالى
* معاملة المبتدع :
أمر الله تعالى بالعدل مع العدو المخالف، فقال سبحانه: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".[المائدة :8]. وحَرّم الله تعالى إيذاء المؤمنين أو الإساءة إليهم فقال :"والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا" [الأحزاب :58].
فالكلام على الناس, والحكم على أقوالهم وأفعالهم, وتقرير طريقة التعامل معهم, أو الموقف منهم , مبناه العدل, والتزام أُصول وقواعد منهج أهل السنة.
قال ابن تيمية: (ولما كان أتباع الأنبياء هم أهل العلم والعدل , كان كلام أهل الإسلام والسنة مع الكفار وأهل البدع بالعلم والعدل , لا بالظن وما تهوى الأنفس)
وقال: (وأئمة السنّة والجماعة , وأهل العلم والإيمان, فيهم العلم والعدل والرحمة, فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسٌنّة سالمين من البدعة... ويرحمون الخلق فيريدون لهم الخير والهدى والعلم, لا يقصدون الشر لهم ابتداءً، بل إذا عاقبوهم وبيّنوا خطأهم كان قصدهم بذلك بيان الحق, ورحمة الخلق)
ويمكننا من خلال تلمّس مواقف وأقوال أهل العلم أن نبيّن معالم أساسيّة لطريقة التعامل مع المبتدع والموقف منه:
1- فأول هذه القواعد أن البدع متفاوتة وليست مرتبة واحدة , وهذا سبق بيانه, وأصحاب البدع الذين خالفوا السنة في أصول عظيمة ليسوا كمن خالفها في أمور دقيقة , وبناءً عليه يراعى في التعامل مع أصحاب البدع مدى مخالفة بدعهم للسنة.
قال ابن تيميّة: (وأصحاب ابن كُلاّب كالحارث المحاسبي , والقلانسي ونحوهما خير من الأشعريّة , وكلما كان الرجل إلى السلف والأئمة أقرب كان قوله أعلى وأفضل)
وقال: (متكلّمة أهل الإثبات من الكلابيّة والكراميّة والأشعريّة... فهؤلاء في الجملة لا يطعنون في السلف بل قد يوافقونهم في أكثر جمل مقالاتهم. لكن من كان بالحديث من هؤلاء أعلم, كان بمذهب السلف أعلم , وله أتبع , وإنما يوجد تعظيم السلف عند كل طائفة بقدر استنانها وقلة ابتداعها)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* قواعد في البدع والموقف من أهلها
2- إقامة الحجة شرط في التبديع.
فمن أتى ببدعة سواء كانت مكفرة دونها , فإنه لا يحكم عليه بمقتضى هذه البدعة, حتى تقام عليه الحجّة، يقول ابن تيميّة :( إنّي من أعظم الناس نهيًا أن يُنسب معيّن إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرًا تارة , وفاسقًا أخرى , عاصيًا أُخرى , وإني أقرر أن الله غفر لهذه الأمة خطأها , وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبريّة القوليّة , والمسائل العلميّة , وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولامعصية)
3- لا يلزم أن يكون غير المبتدع أفضل منه.
فالتفاوت في درجات العباد , والتفاضل بينهم يكون بحسب تفاضلهم في الأعمال الصالحة , وما يقوم بقلوبهم من إيمان وصدق وإخلاص.
والمبتدع مع أنه قد لا يأثم ببدعته إذا كان متأوّلاً مجتهدًا، أو لم تقم عليه الحجّة، مثلاً.
فإنه لو كان آثماً ببدعته فإن إثمه فيها كسائر المعاصي التي تقع من العباد.
يقول ابن تيميّة: (ليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً، فإن المنازع قد يكون مجّهداً مخطئاً يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته)
فليس مجرد عدم الابتداع معياراً للتفضيل، وإن كان من أسباب الفضل؛ لأن الشخص الواحد قد يجتمع فيه ما يثاب عليه وما يعاقب عليه، والعبرة بالراجح منهما. يقول ابن تيميّة: (إذا اجتمع في شخص واحد خير وشر، وطاعة وفجور، وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بقدر ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة)
وهذا باب من العدل والإنصاف عظيم يمتاز به أهل السنة.
4 – لا يلزم من وقوع الشخص في بدعة، ولا من انتسابه لطريقة مبتدعة أن يخرج عن أهل السنة.
إذ ارتكابه للبدعة متى كان عن اجتهاد تأول لا يجعله مبتدعاً آثماً، مع أنه ينكر عليه ويبيّن خطؤه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)
وقد قرّر ابن تيمية أن كثيراً من مجتهدي السلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة لسبب من الأسباب وهذا جعلهم معذورين، يشملهم قول الله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا". [البقرة:286].
والبدع غير المغلّظة لا يكون مرتكبها خارجا عن أهل السنة وعن الفرقة الناجية، ولو كان آثماً ببدعته قال ابن تيميّة: (وأمّا المرجئة فليسوا من هذه البدع المغلّظة، بل دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة, وما كانوا يُعَدّون إلا من أهل السنة، حتى تغلّظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلّظة)
ووقع بين برهان الدين ابن العلامة ابن القيّم، وبين ابن كثير رحمهم الله تعالى جميعاً منازعة، فقال له ابن كثير: أنت تكرهني لأنني أشعري. فقال له: لو كان من رأسك إلى قدميك شَعْر ما صَدّقك الناس في قولك أنك أشعري وشيخك ابن تيميّة !
فمن كان قوله واعتقاده موافقاَ لمنهج أهل السنة فإنه لا يخرج عنه بمجرّد انتسابه لطائفة معينة تخالف أهل السنة. إذ العبرة بالحقائق والمعاني لا بمجرد الانتسابات والألقاب.
5 – مراعاة المصالح والمفاسد.
الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، وهي ترجح خير الخيرين وتدفع شر الشرين.
ولا يسوغ في هذه الشريعة دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع الضرر الخفيف بتحصيل ضرر عظيم. وهذا الضابط يراعى – مع ما سبق – في طريقة الإنكار والاحتساب، وفي الاجتماع أو الاتفاق على شيء مخصوص، ولهذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج بن يوسف، والمختار بن أبي عبيد الثقفي وغيرهما، لأن تفويت الجمعة والجماعة
أعظم فساداً من الاقتداء بإمام فاجر أو مبتدع
وعلى كل حال فالنظر للمصالح والمفاسد من أصول التعامل مع المبتدع، فينظر في العمل هل مصلحته راجحة بحيث يفضي إلى ضعف الشر، فيكون مشروعاً، أو أنّه يزيد الشر فلا يكون مشروعاً، وهذا بلا شك يتفاوت بتفاوت الأحوال والمصالح.
وبعد، فهنا وقف القلم، وفي كل مسألة مما تقدّم مجال
للقائلين، وموضع بسط للمتناولين، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعُنق!.
[ الأنترنت - صيد الفوائد - حقيقة البدعة والموقف من أهلها - د.هاني بن عبد الله بن جبير]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*آثار أسماء الله الحسنى الوجدانية والسلوكية
إن معرفة الله تعالى، أهم قضية في حياة الإنسان،
والله سبحانه كان ولم يكن شيء معه، استخلف الإنسان في الأرض، وجعل أولى مؤهلات خلافته معرفته لربه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وهذه المعرفة بالنسبة للمسلمين مكانها كتاب الله وسنة نبيه ، وتعجز عنها كل مذاهب الدنيا وفلسفاتها الوضعية.
ولهذا فإن أسماء الله تعالى الحسنى تمثل عنوان التوحيد في القران الكريم، وذلك لما لهذه الأسماء بمدلولاتها ومعانيها من قيمة عليا في إيمان العبد، وتربية وجدانه،? وتهذيب سلوكه، في توجهه لدعاء ربه، ولقد تناولت هذه الأسماء دراسات وشروح، ولكننا ما زلنا بحاجة إلى معرفة آثارها وتنظيمها وجدانياً وسلوكياً، ودراستها دراسة عقدية. ولقد اخترت الكتابة في هذا الموضوع للأسباب التالية:
1- الإيمان بالله تعالى ضرورة فطرية ، وحاجة اجتماعية وعملية تظهر من خلالها آثار الإيمان بأسماء الله الحسنى، في الوجدان والسلوك.
2- الإيمان بالله تعالى يقوم على معرفته بأسمائه الحسنى.
3- أسماء الله تعالى لا يعلمها على حقيقتها إلا هو ، وهو تعالى الذي يعلّمها للإنسان، ويبين لعباده معانيها من خلال آيات القرآن الكريم.
4-القرآن الكريم مرجع أسماء الله الحسنى الأول ،
وهو مرجع الإيمان بها ، وقد عرضها القرآن الكريم عرضاً إيمانياً في سياق توحيد الله، ودعوة عباده للتأثر بها من خلال آثارها الإيمانية الوجدانية والسلوكية.
وإن الدارس لأسماء الله الحسنى وصفاته العليا في تاريخ الفكر العقدي يجد القضايا التالية:
1- إن كتب العقائد العامة تعالج هذه المسألة علاجاً كلامياً، بين فرق المسلمين من حيث معنى الاسم والصفة، وعلاقة الاسم بالمسمى، وعلاقة الصفات بالذات مما جعل مساحة الدراسة للأسماء الحسنى إيماناً وتأثيراً في السلوك غير ظاهر فضلاً عن جفاف مثل تلك الدراسات.
2- تناولت بعض الكتب القديمة المتخصصة بحث هذه الأسماء، على وجه التخصيص والموضوعية، من خلال الاتجاهات التالية،منها على سبيل المثال:
أ-كتاب البيهقي في "الأسماء والصفات"، وهو يدور على الصفات أكثر من إثبات الأسماء بالدراسة، وتناول أسماء الله الحسنى بذكر الأحاديث والآثار الدالة عليها، والمثبتة لها، وقد ذكر في كتابه أحاديث كثيرة معظمها ضعيف.
ب-كتاب "المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى" للغزالي، وقد تناول بحثاً للدلالات الروحية لأسمائه تعالى، وكان بحثه متأثراً بالتصوف.
ج-كتاب "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" للقرطبي، تناول فيه الأسماء الحسنى من حيث دلالاتها اللغوية، وبعض آثارها العامة على الفرد المسلم، وقد بحث فيه كثيراً من الأسماء غير المتفق عليها أصلاً بين العلماء.
د-إجابات ابن تيمية في بعض كتبه، وبخاصة المجلدين الخامس والسادس من كتاب الفتاوى، تناولت هذه الإجابات ردوداً على بعض الأسئلة التي تدور حول الأسماء الحسنى.
هـ-وفي الكتب المعاصرة تناول بعض المُحدَثين قضية الأسماء الحسنى بأسلوب تقليدي لكتب السابقين مع بعض الإضافات الطفيفة، ومنها كتاب "موسوعة الأسماء الحسنى" للشرباصي الذي ذكر فيه مائتين وسبعة عشر اسما بالغ في الأخذ فيها، واعتبر كثيراً مما ينسب لله تعالى اسماً له، وقد كان متأثراً بالإيماءات الصوفية. ومنها أيضاً كتاب محمد الجمل "الأسماء الحسنى" وهو كسابقه إلا أنه التزم فيه بالأسماء الواردة في حديث الترمذي.
وفي حدود إطلاع الكاتب، لم يجد بحثاً يتناول الآثار الوجدانية والسلوكية لأسماء الله الحسنى من القرآن الكريم كدراسة عقدية مستقلة شاملة لأسماء الله الحسنى في القرآن الكريم، مما دفعه لأن يحاول الإسهام في سدّ هذه الفجوة التي تخدم الدراسات العقيدية من القرآن الكريم في باب توحيد الله تعالى ومعرفة أسمائه الحسنى والتوجيه لآثارها الوجدانية والسلوكية .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والتسعون بعد المائة في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*آثار أسماء الله الحسنى الوجدانية والسلوكية
ونظراً لوجود موضوع أسماء الله الحسنى متناثرا في كتب علم التوحيد، وفي صيغة جدلية كلامية، وأبحاث جدلية قليلة الفائدة في هذا الزمن، ونظراً لحاجة زماننا إلى إيمان قوي مؤثر في الوجدان، دافع للسلوك القويم، قائم على معرفة الله بأسمائه الحسنى، أصبح الاتجاه إلى القرآن الكريم ضرورة للإجابة على مثل الأسئلة التالية:
1- ما الأسماء الحسنى التي ذكرها القرآن الكريم، وبأي اعتبار يمكن أن نشتقّها منه؟
2- علام تدل هذه الأسماء بمفرداتها؟
3-هل يمكن تصنيف هذه الأسماء ضمن مباحث
متناسقة ومجموعات متقاربة في المعنى،وكيف؟
4-هل يمكن دراسة هذه الأسماء التي تصقل عندنا مفهوم عقيدة التوحيد، وما الأدوات اللازمة لمثل هذه الدراسة؟
5- ما الآثار المترتبة على الإيمان بأسماء الله الحسنى وجدانياً وسلوكياً، وكيف لنا أن نتربى ونربي المؤمنين على معرفة الله وتعميق الإيمان به، وبآثار أسمائه الحسنى وجدانياً وسلوكياً؟
ونحاول هنا تقديم دراسة عقدية تنطوي تحت عنوان التوحيد وتصنف في أبواب معرفة الله تعالى، وهذا يجعلها متخصصة في دراسة الأسماء الحسنى في القرآن الكريم، من حيث معانيها ودلالاتها وآثارها الإيمانية (الوجدانية والسلوكية)، دون البحث في قضايا علم الكلام المتعلقة بهذه الأسماء بين المدارس الفكرية، والفرق الإسلامية، إلا إذا دعت الحاجة الماسة لذلك، لأن هدف الدراسة هو العودة إلى عقيدة مصطفاه من كتاب الله ، ومعرفته تعالى بأسمائه التي سمى بها نفسه في القرآن الكريم والتأثر بها وجدانياً وسلوكياً. منهجية الكتاب: أ-المنهج الإستقرائي:
1- وذلك بتتبع الآيات الكريمة من القرآن الكريم مباشرة، وتسجيل أسماء الله الحسنى منها.
2-استقراء المسائل والبحوث المتعلقة بأسماء الله
الحسنى، وآثارها من كتب العقيدة والتصوف والتفسير حتى لا تتجاوز تأويلاً لا يتوافق مع فهم النص، مع الانتباه للفكر المدرسي في فهم الآيات لدى المفسرين في مختلف مشاربهم ومدارسهم الكلامية.
3- تصنيف الآيات وتبويبها وتقسيمها وفق مقتضيات البحث، مع مراعاة التسلسل المنطقي لهيكل البحث، وفي مجموعات متقاربة المعاني. استقراء المعاني اللغوية للأسماء الحسنى من معاجم اللغة، واستقراء المعاني الاصطلاحية من كتب علم التوحيد.
ب-المنهج الاستنباطي،وذلك : 1-بتحليل الأسماء الحسنى
من حيث مواردها ومعانيها لغة واصطلاحاً.
2-استنباط الآثار الوجدانية والسلوكية منها وعرضها عرضاً علمياً.[الأنترنت - موقع ملتقى أهل التفسير - مركز تفسير - أسماء الله الحسنى في القرآن الكريم : آثارها الوجدانية والسلوكية - عبد الحميد راجح الكردي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
1) معرفة أسماء الله الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة:
فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة) ومعنى إحصائها كما قال ابن القيم رحمه الله: مراتب إحصاء أسماء الله ثلاث: الأولى: إحصاء ألفاظها ومدلولها.
والثانية: فهم معانيها ومدلولها.
الثالثة: دعاؤه بها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180][ بدائع الفوائد.]
فالجنة سلعة الله الغالية لمَن حفِظ أسماء الله
الحسنى، وعرَف معناها، وعمل بمقتضاها، وتعبَّد لله تعالى بها.
2) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا هي الطريق الرئيسي إلى معرفة الله:
معرفة الله تعالى نوعان:
معرفة عامة: وهي معرفة الإقرار التي يشترك فيها كلُّ الناس، البرُّ والفاجر، والمطيع والعاصي.
ومعرفة خاصة: توجب رقابته والحياءَ منه، ومحبته وتعلُّقَ القلب به، والشوق إلى لقائه، هذه المعرفة الخاصة لا تتأتى إلا بمعرفة الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا.
قال ابن القيم عليه رحمة الله: "وليست حاجة الأرواح
قط إلى شيء أعظم منها إلى معرفة باريها وفاطرها، ولا سبيل إلى هذا إلا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلَمَ، كان بالله أعرف، وله أطلب، وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر، كان بالله أجهل، وإليه أكره، ومنه أبعد، والله يُنزل العبدَ من نفسه حيث يُنزله العبدُ من نفسه، فالسير إلى الله من طريق الأسماء والصفات شأنُه عَجب، وفتحه عجب، صاحبُه قد سِيقَتْ له السعادةُ وهو مستلقٍ على فراشه غَيرَ تَعِب..."[ طريق الهجرتين.]
فلا يستطيع العباد إدراك حقيقة العبودية وتحقيقَها قولًا وفعلًا إذا لم يعرفوا صفات الباري جل جلاله، "فلو أراد أحد أن يتزوج ابنةَ رجل أو أن يزوِّجه أو يعامله، طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغيرِ أمره وكبيره، فالله الذي خلَقَنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه - أَولى أن نعرف أسماءه وصفاته، ونعرف تفسيرها"[ الحجة في بيان المحجة؛ الأصفهاني.]
عن أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، انسُبْ لنا ربَّك، فأنزل الله تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4][رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
3) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا أصلُ كل عبادة: نعم، معرفة الله تعالى أصلُ امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فلا يجتنب ما يُغضب اللهَ، ولا يمتثل ما يحبه الله، إلا مَن عرَف الله؛ ولذلك جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: (فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحِّدوا الله، فإذا عرَفوا الله فأخبِرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وتُرد على فقرائهم...)
4) معرفة أسماء الله الحسنى من أعظم الأسباب لإجابة الدعاء:
قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، يأمرنا الله تعالى أن ندعوَه بأسمائه الحسنى، ووعدنا أن يستجيب لنا؛ حيث قال: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ففارقٌ كبير بين أن تدعو وتقول: اللهم اغفر لي، وبين أن تقول: اللهم يا غفار اغفر لي، وبين أن تقول: اللهم ارحمني، وبين أن تقول: يا رحيم ارحمني، وبين أن
تقول: اللهم ارزقني، وبين أن تقول: يا رزاق ارزقني.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا، دعاه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، فكان يقول: ((اللهم يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلِحْ لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين))[ رواه أحمد والدارقطني، وصححه الألباني في صحيح الجامع.] ، فبدأ صلى الله عليه وسلم في دعائه بالأسماء والصفات المناسبة لدعائه.
وكان يقول: (أسألك بكل اسم هو لك، سمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونورَ صدري، وجلاء حزني، وذَهاب همِّي وغمي...))[ رواه أحمد والترمذي والدارقطني والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.]
، وأخذ العلماء من ذلك كذلك أن دعاء الله تعالى
بأسمائه الحسنى من أعظم أسباب تفريج الكروب، وزوالِ الهموم والغموم.
5) الله تعالى يحب من أحبَّ أسماءه الحسنى وصفاته العلا: قال ابن القيم :
"فمن أعجبِ الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه، وأن تسمع داعيَه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تُعامل غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنسَ بطاعته..."[ الفوائد]
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، فلما رجعوا ذكَروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((سلُوه لأيِّ شيء يصنع ذلك؟))، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أُحبُّ أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أخبِروه أن الله يحبه)[ متفق عليه.
، وفي رواية: (حبُّك إياها أدخَلَك الجنة)[ رواه البخاري معلقًا، ووصله الترمذي.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
وإذا أحببته، تفانيت في طاعته، واشتقت إلى رؤيته؛ فإن موسى عليه السلام حين سمع كلامَ ربه - وكلامُ الله صفة من صفاته - أحَبَّه واشتاق إلى لقائه ورؤيته، وطلب ذلك منه، كما قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143]، أرأيت إذا سمعت عن مخلوق له من صفات الجمال، فإنك تشتاق إلى رؤيته ولقائه، فكيف إذا علمتَ عن الخالق جل وعلا أسماءه وصفاته؟!
6) من عرف أسماء الله الحسنى وصفاته العلا كما ينبغي، فقد عرف كل شيء:
• من عرف أن الله تعالى هو الخالق، عرف أن كل ما دونه مخلوق؛ قال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الزمر: 62].
• من عرف أن الله هو الرزاق، علم أن كل ما دونه مرزوق؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، وكذلك علم أنه لا يملك الرزقَ سواه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ [النمل:64] .
• من عرف أن الله تعالى هو المَلِك، عرف أن كل ما دونه مملوك؛ قال تعالى:﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 17].
• ومن عرف ربَّه بالغنى، عرف نفسه بالفقر؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].
• ومن عرف ربه بالعلم، عرف نفسه بالجهل؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
• ومن عرف ربه بالبقاء، عرف نفسه بالفناء؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27].
• ولهذا قيل: "من عرف ربه، عرف نفسه"، فمن عرف الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، علم أنه بالكمال موصوف، وبالإحسان والجمال والجلال معروف، وعرف أيضًا نفسه بكل نقص وعيب، إلا أن يرزقه الله كمالَ الإيمان والعمل الصالح والعبودية الصادقة، فيذل لعزَّتِه، ويخضع لقوته
[ المعاني الإيمانية في شرح الأسماء الحسنى الربانية؛ وحيد بالي - بتصرف.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
7) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا تورث خشية الله : وكفى بها ثمرة لمن كان يرجو الله والدار الآخرة، فتلك هي حقيقة العلم؛ قال ابن مسعود
رضي الله عنه:
"كفى بخشية الله علمًا، وكفى بالاغترار بالله جهلًا" [ مفتاح دار السعادة؛ ابن القيم.] فمن كان بالله أعرف، كان منه أخوف، ومن كان به أعلم، كان بشريعته أقوم، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]؛ أي: العلماء به.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أشدَّ خشية لله؛ لأنه كان أعلم الناس بالله، كان يقول: ((أنا أعلَمُكم بالله، وأشدُّكم له خشية))[ متفق عليه.] ، والمعنى: أنا أعلمكم بالله؛ ولذلك فأنا أشدكم له خشية.
8) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا سبيل إلى
النجاة من الذنوب والمعاصي والإقبال على الطاعات:
من عرف أن رئيسه في العمل حازمٌ وقوي، حرَص على رضاه وإتقان العمل بين يديه.
ومن عرف رجلًا كريمًا، سعى للوقوف ببابه، والتعرض له في طريقه، وطلب منه حاجاتِه.
ومن عرف شرطيًّا باطشًا، فإنه يخافه أشد الخوف، وإذا ذُكر أمامه ارتعدت فرائصه، ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض، مَن عرَف الجبار القوي القادر العزيز شديد العقاب سريع الحساب، أقبَلَ على طاعته، وما أسرف على نفسه في المعاصي.
قال الحسين بن أحمد الصَّفار: "سئل الشِّبلي – وأنا حاضر -: أي شيء أعجب؟! قال: قلب عرف ربَّه ثم عصاه"[ صفة الصفوة؛ لابن الجوزي.]، فما أسرَفَ العبدُ على نفسه بالمعاصي، وبارَز ربَّه بها، وانتهَك الحرمات في الخلوات، إلا بجهله بأسماء الله وصفاته.
9) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا سبيلٌ إلى الاتصاف بها:
فالله الملِك الحق الرحمن الرحيم العزيز الجبار المتكبر، يحب من عباده أن يتصفوا بصفاته، ويتحلَّوا بها على وجهٍ يليق بهم؛ فهو سبحانه وتعالى: رحيم يحب الراحمين، شكور يحب الشاكرين، كريم يحب المتصدقين، صبور يحب الصابرين، محسن يحب المحسنين، عفوٌّ يحب العافين، تواب يحب التوابين، طيب يحب الطيبين، جميل يحب الجمال، عليم يحب العلم وأهله، حيي ستير يحب أهل الحياء والستر، رفيق يحب الرفق، فأحباب الله هم الذين اتصَفوا بصفاته وتخلَّقوا بها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
10) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا هي الطريق إلى إصلاح القلوب وتزكية النفوس:
إن مما ينبغي أن يعتني به كلُّ إنسان - لا سيما في خِضَمِّ هذه الفتن المتلاحقة، والملهيات المتتابعة - أن يزكي نفسه، ويجلو صدأ قلبه، وقد أمر الله تعالى بذلك، بل ربط الفلاح بذلك، فقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ [الشمس: 9]، وقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14].
وتزكية النفس هي دعوة الأنبياء والمرسلين؛ ولذلك لما دعا موسى عليه السلام فرعون قال له: ﴿ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ﴾ [النازعات: 18]، قال تعالى عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2].
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم معنى التزكية بكلمةٍ جامعة مانعة، لها عَلاقة ساطعة بمعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، حين سأل رجل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ما تزكية المرء نفسَه يا رسول الله؟ فقال: ((يعلم أن الله معه حيث كان))[ رواه البيهقي، وصححه الألباني في الصحيحة.]
وهذه الكلمة هي جِماع الإحسان، وهي تعبدٌ بأسماء الله العليم الرقيب الحسيب الشهيد السميع البصير سبحانه وتعالى[ التعبد بالأسماء والصفات؛ وليد الودعان.]
تلك عشرة كاملة، اقرأها مرةً أخرى وعِها وارعَها وخُذْها بقوة، تفُزْ بالسعادة الكاملة.
[الأنترنت – موقع الألوكة - أهمية معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا- د. شريف فوزي سلطان]
*آثار التعبد بأسماء الله وصفاته
إن معرفة معاني الأسماء والصفات يحقق آثاراً ظاهرة لمن تعبّد لله بها، ومن هذه الآثار:
1- الأنس بالله ولمّ شعث القلب:
(وذلك إنما هو أثر تجلي الأسماء والصفات الحسنى
على قلب العبد، فترتفع حجب الغفلة والشك
والإعراض، ويتم استيلاء سـلـطــان المـعـرفـة على القلب وقد استولى على العبد نور الإيمان بالأسماء والصفات ومعرفتها، ودوام ذكرهـا، والنظر إلى الواحد الفرد، الأول فليس قبله شيء، الآخر الذي ليس بعده شيء، الظاهر الذي ليس فوقه شيء، الباطن الذي ليس دونه شيء، سبق كل شيء بأوليته، وبقي بعد كل شــيء بآخـريـتــه، وعلا فوق كل شيء بظهوره، وأحاط بكل شيء ببطونه)
(وإذا بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حدٍّ كأنه يكاد يطالع ما اتصف به الرب (سبحانه) من صـفـات الـكــمـال ونـعــوت الإجلال، وأحست روحه بالقرب الخاص، حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقـلـبـــه وبين ربه، فإن حجابه هو نفسه، وقد رفع الله عنه ذلك الحجاب بـحـولـه وقـوتـه، فأفـضـى الـقـلـب والـروح حينئذ إلى الرب، فصار يعبده كأنه يراه) [تهذيب مدارج السالكين، ص 544 ـ 585.]
2- تعظيم الله (سبحانه وتعالى):
فمن شاهد الصفة فلا بد أن يشاهد متعلقاتها، فإن النظر في متعلقاتها يكسب التعظيم للمتصف بها.
فمن شاهد صفة الكلام مثلاً زادته تعظيماً لله (تعالى) ولا بد، إذ لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر، وأشجار العالم كلها أقلام يُكتب بها كلام الرب (جل جلاله) لفنيت البحار ونفدت الأقلام، وكلام الله (عز وجل) لا يفنى ولا ينفد، فمن شاهد الصفات الأخرى بمثل هذه المشاهدة من العلم والقدرة ونحوها، وجال قلبه في عظمتها: ازداد معرفة وتعظيماً لله (سبحانه) [ انظر: تهذيب مدارج السالكين، ص 585.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
3- إدراك مقتضيات الصفات طريق لإثباتها:
فوجود هذا الكون المدبر المحكم الواسع يتطلب ربّاً مالكاً حكيماً عليماً، وكذلك وجود المخلوقات بأنواعها وأشكالها يوجب وجود خالق، ووجود الجناية والتقصير من العبد يوجب إثبات اسم (الغفار).. وغيره من الأسماء والصفات.
4- إدراك أسرار الشريعة وحقيقة الأحكام الشرعية:
فمن كانت له معرفة بأسماء الله وصفاته، واستقرار
آثارها في الخلق والأمر، رأى الخلق والأمر ينتظمان بها أتم انتظام، ورأى سريان آثارها فيها، وعلم ـ بحسب معرفته ـ ما يليق بكماله وجلاله أن يفعله، وما لا يليق، فاستدل بأسمائه على ما يفعله وما لا يفعله، فإنه لا يفعل خلاف موجب حمده وحكمته، وكذلك يعلم ما يليق به أن يأمر به ويشرعه مما لا يليق به، فإذا رأى في بعض الأحكام جوراً أو سفهاً وعبثاً ومفسدة، فليعلم أنه ليس من أحكامه ودينه، وأنه بريء منه ورسوله؛ فإنه إنما أمر بالعدل لا بالظلم، وبالمصلحة لا بالمفسدة، وبالحكمة لا بالسفه) [طريق الهجرتين، ص 76.]
5- الطمأنينة:
والطمأنينة إلى أسماء الرب وصفاته نوعان: أحدهما: طمأنينة إلى الإيمان بها وإثباتها واعتقادها، وطمأنينة إلى ما تقتضيه وتوجبه من آثار العبودية، فمثلاً: التعبد باسم (القدير) يوجب الطمأنينة إلى القَدَر وإثباته، ويقتضي الطمأنينة إلى مواضع الأقدار التي لا قدرة له على دفعها، فيسلِّم لها، ويرضى بها، ولا يسخط، ولا يشكو، ولا يضطرب إيمانه، فلا يأسى على ما فاته، ولا يفرح بما آتاه الله؛ لأن المصيبة فيه مقدرة قبل أن تصل إليه وقبل أن يُخلق.
فهذه طمأنينة إلى أحكام الصفات وموجباتها وآثارها
في العالم، وهي قدر زائد على الطمأنينة بمجرد العلم بها واعتقادها [ الروح، ص 296.]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
أمثلة توضح كيفية التعبد بمعاني الأسماء والصفات:
سنتطرق لبعض الأسماء والصفات، وإلا فإن توضيح
ما مضى لجميع الصفات أمر يطول، ولكن يمكن فهم الأسماء والصفات على ما سنذكره:
1- السميع:
إذا استشعر العبد بقلبه سمعه (سبحانه) لأصوات عباده على اختلافها وجهرها وخفائها، وأنه سواء عنده من أسر القول ومن جهر به، ولايشغله من جهر عن سمعه لصوت من أسر، ولا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه الأصوات على كثرتها واختلافها واجتماعها، بل هي عنده كصوت واحد، فعلم أن الله يسمعه: فلا يقول إلا خيراً، بل يستحي أن يسمع الله من كلامه ما يخزيه ويفضحه عنده، وإنما يشتد في ألا يسمع منه إلا الكلام الحسن، بل ويكثر منه؛ حتى يحظى عند ربه (سبحانه) [ انظر: طريق الهجرتين، ص 76.]
ويستشعر أن الله يـســمـــع كلام أعدائه، وأن الله ليس بغافل عنهم ولا يرضى ما يقولون، فعند ذلك يعلم أن الله معه وأنه ناصره لا محالة، وقد قال ابن القيم في النونية معبراً عن هذا المعنى:
وهو السمـيع يرى ويسمع كل ما
في الكون من سر ومـن إعـلان
ولكل صـــوت منـه سمـع حاضر
فالـســـر والإعــلان مستويــان
والسمع منه واسـع الأصــوات لا
يخفـى عليه بعيدهــا والداني
2- العزيز:
وسنتعرض لطرف مــن معنى هذا الاسم العظيم، وهو مشاهدة عزة الله (سبحانه) في تقديره (تعالى) على عبده بالمعاصي والذنوب.
فيشاهد عزة الله بـــأن قلّب قلبه وصرّف إرادته على ما يشاء (سبحانه)، وحال بين العبد وقلبه وأن يعرف أنه مدبّر مقهور، ناصيته بيد غيره، لا عصمة له إلا بعصمته، ولا توفيق له إلا بمعونته فهو ذليل
حقير، في قبضة عزيز حميد [ انظر: تهذيب مدارج السالكين، ص 132.]
3- الودود:
فهو يحب عباده الصالحين ويحبونه؛ فإن العبد إذا شاهد بقلبه غنيّاً كريماً جواداً، عزيزاً قادراً، كل أحد محتاج إليه بالذات، وهو غني بالذات عن كل ما سواه، وهو ـ مع ذلك ـ يود عباده ويحبهم، ويتودد إليهم بإحسانه وتفضله عليهم: كان له من هذا الشهود حالة صافية خالصة من الشوائب [ انظر: تهذيب مدارج السالكين، ص 559.]
4- السلام: وحقـيـقـــة هـــذه اللفظة (السلام) هي: البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب، فإذا علمت أن الله هو (السلام) فتعلم أن تجاوزه عنك في معصيتك وذنبك سلام من أن تكون عن حاجة منه أو ذل أو مصانعة، كما أن عذابه سلام عن أن يكون ظلماً أو قسوة، بل هــــــو محض حكمته وعدله.
وشرعه ودينه سلام من التناقض والاختلاف والاضـطــراب وخـــلاف مـصلحـة العباد ورحمتهم.
وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق من كونهــا محبة حاجة إليه أو تعلق أو انتفاع بقربه.
فتأمل كيف تضمن اسمه (السلام) كل ما نُزِّه عنه
(تبارك وتعالى)، واستشعر هذا بقلـبـك؛ فإنه يبعث على تعظيم ربك (سبحانه) [ بدائع الفوائد، 2/135، بتصرف.]
5- الجبار:ولاسمه (الجبار) ثلاثة معان:
1-أنه الذي يجبر ضعف الضعفاء من عباده، ويجبر كسر القلوب المنكسرة، فكم جَبَر من كسير، وأغنى من فقير، وأعز من ذليل، فــــإذا عرف العبد هذا المعنى تعبد لله بمقتضاه، وسأله بأن يجبر كسره، ويعينه على عبادته.
2-أنه القهار، فهو يجبر عباده على ما أراد مـمـــا اقتضته حكمته، فيستشعر العبد أن أفعاله بقدرة الله، ويعلم أن أعداء الدين لن يصيبوه إلا بما قضى الله وأراد.
3- أنه العلي بذاته فوق جميع مخلوقاته، فلا يستطـيــع أحد منهم أن يدنو منه، فيبعثه ذلك على تعظيم ربه
وإدراك عزته واستعلائه [ صفات الله (عز وجل) للسقاف، ص 78، بتصرف وزيادات، وانظر: توضيح الكافية للسعدي، ص 40، فقد ذكر معنى رابعاً..] والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.[الأنترنت – موقع لها أون لاين - آثار التعبد بأسماء الله وصفاته - محمد بن عبد الله الزغيبي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي بعنوان:
* حقيقة السماوات والأرض
من المقرر عند أهل الإيمان الراسخ والتوحيد الكامل أن المولى جل وعلا قادر على كل شيء ، وقدرته سبحانه ليس لها حدود ، فله سبحانه مطلق القدرة وكمال الإرادة ، ومنتهى الأمر والقضاء ، وإذا أراد شيئاً كان كما أراد وفي الوقت الذي يريد ، وبالكيفية التي أرادها سبحانه وتعالى .
وقد تواترت النصوص القطعية من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم على تقرير هذا الأمر وبيانه بياناً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض ، ونكتفي هنا بذكر بعض الآيات الدالة على ذلك ، فمن ذلك قوله تعالى : ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) البقرة / 117 .
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: يبين بذلك تعالى كمال قدرته ، وعظيم سلطانه ، وأنه إذا قدر أمراً وأراد كونه فإنما يقول له كن _ أي : مرة واحدة _ فيكون ، أي فيوجد على وفق ما أراد كما قال تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس / 82 ) أ.هـ.
وقال تعالى : ( ...قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) آل عمران / 47
وقال تعالى : ( هو الذي يحي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) غافر / 68 .
وقال تعالى : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) القمر/50 .
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره هذه الآية: وهذا إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه ، كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال : ( وما أمرنا إلا واحدة ) أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة لا نحتاج إلى توكيد بثانية ، فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلاً موجوداً كلمح البصر ، لا يتأخر طرفة عين ،
وهناك آيات أخرى تقرر هذا الأمر وتوضحه .
فإذا تقرر ذلك فلماذا خلق الله جل جلاله السموات والأرض في ستة أيام ؟ .
أولاً :قد ورد في أكثر من آية في كتاب ربنا أن الله جل وعلا خلق السموات والأرض في ستة أيام فمن ذلك قوله تعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ... ) الأعراف / 54 .
ثانياً : ما من أمر يفعله الله إلا وله فيه حكمة بالغة وهذا من معاني اسم الله تعالى " الحكيم " ، وهذه الحكمة قد يطلعنا الله تعالى عليها وقد لا يطلعنا ، وقد يعلمها ويستنبطها الراسخون في العلم دون غيرهم
غير أن جهلنا بهذه الحكمة لا يحملنا على نفيها أو الاعتراض على أحكام الله ومحاولة التكلف والتساؤل عن هذه الحكمة التي أخفاها الله عنا ، قال الله تعالى : ( لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ) الأنبياء / 23 .
وقد حاول بعض العلماء استباط الحكمة من خلق السموات والأرض في ستة أيام :
1-قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " لآية الأعراف ( 54 )
( ... وذكر هذه المدة - أي ستة أيام - ولو أراد خلقها في لحظة لفعل ؛ إذ هو القادر على أن يقول لها كوني فتكون ، ولكنه أراد :
- أن يعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور .
- ولتظهر قدرته للملائكة شيئاً بعد شيء ....
- وحكمة أخرى : خلقها في ستة أيام ؛ لأن لكل شيء عنده أجلا ، وبيّن بهذا ترك معالجة العصاة بالعقاب ؛ لأن لكل شيء عنده أجلاً ... ) ا.هـ.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
* حقيقة السماوات والأرض
2- وقال ابن الجوزي في تفسيره المسمى بـ " زاد المسير " ( 3/162 ) في تفسير آية الأعراف :
(... فإن قيل : فهلا خلقها في لحظة ، فإنه قادر ؟ فعنه خمسة أجوبة :
أحدها : أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده ، ذكره ابن الأنباري .
والثاني : أنه التثبت في تمهيد ما خُلق لآدم وذريته قبل وجوده ، أبلغ في تعظيمه عند الملائكة .
والثالث : أن التعجيل أبلغ في القدرة ، والتثبيت أبلغ
في الحكمة ، فأراد إظهار حكمته في ذلك ، كما يظهر قدرته في قوله ( كن فيكون ) .
والرابع : أنه علّم عباده التثبت ، فإذا تثبت مَنْ لا يَزِلُّ ، كان ذو الزلل أولى بالتثبت .
والخامس : أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء ، أبعد من أن يظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق .
3- وقال القاضي أبو السعود في تفسيره عند آية الأعراف : ( 3/232 ) : ( ... وفي خلق الأشياء مدرجاً مع القدرة على إبداعها دفعة دليل على الاختيار ، واعتبار للنظار ، وحث على التأني في الأمور ) ا.هـ.
وقال عن تفسير الآية ( 59 ) من سورة الفرقان ( 6/226 ) :
( ...فإن من أنشأ هذه الأجرام العظام على هذا النمط الفائق والنسق الرائق بتدبير متين و ترتيب رصين ،
في أوقات معينة ، مع كمال قدرته على إبداعها دفعة لحكم جليلة ، وغايات جميلة ، لا تقف على تفصيلها العقول ... ) أ.هـ.
وبناء على ما سبق اتضح أن الله جلت قدرته وعَظُم سلطانه له مطلق القدرة ، ومنتهى الإرادة ، وكمال
التصرف والتدبير ، وله في كل خلق من خلقه حِكم
بليغة لا يعلمها إلا هو سبحانه ، وكذلك اتضح لك بعض الحِكم والأسرار في خلق المولى سبحانه وتعالى السموات والأرض في ستة أيام ، مع أنه قادر سبحانه أن يخلقها بكلمة " كن " .وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
[الأنترنت – موقع حقيقة السماوات والأرض ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي بعنوان:*الإبداع في السماوات والأرض
أراد المشككون من الفلاسفة أن يباعدوا بين مسمى المراتب الوجودية للكائنات وبين إخراجها من العدم ولذا أقدم هؤلاء على إعطاء الموجودات بعض الأوصاف التي لا تتناسب مع المبادئ الأولية التي تساعد في إيجادها ونقلها من القوة إلى الفعل، ومن هنا فقد عمد أولئك إلى التفريق بين المخلوقات التي يصدق عليها الوجود الفعلي وبين المخلوقات التي لم تدخل حيز الوجود، ولهذه الأسباب ظهر لديهم مصطلح العدم المطلق دون إضافة التعريف المائز بين ما ذهبوا إليه وبين ماهية الأشياء، وعند مجانبة هذا الواقع نرى أن الأبعاد المثالية لمسمى الكائنات التي شاء بعض الفلاسفة أن يسيرها بين الناس قد اتخذت الاتجاه المعاكس الذي يثبت لها المعنى المعبر عن صحة إيجادها دون المجازفة المؤدية إلى حتمية عدمها، وهذا ما ذكره تعالى في أصل الأشياء الذي جعله ثابتاً ثم بين القدرة على التصرف في فروعه، أو من خلال الطرق المختلفة التي تشارك في انتفاء العدم المطلق بعد أن علمت أسباب وجوده في علم الله تعالى دون التفريق بين واقع الأشياء اللاحق وبين أصلها الثابت كما بينا. وتأسيساً لهذا النهج نرى أن القرآن الكريم قد أشار إلى هذا المعنى في كثير من متفرقاته، كما في قوله تعالى: (نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين… على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون) الواقعة 60- 61. وكذا قوله: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً) النساء 133. وقوله: (ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) إبراهيم 19. وكذلك قوله: (في أي صورة ما شاء ركبك) الانفطار 8. وقوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) الإنسان 1. والنكتة ظاهرة في إضافة قوله: (مذكوراً) إلى قوله: (لم يكن شيئاً) حيث إن النفي وقع على الذكر دون الأصل الثابت لأن القرآن منزه عن الزيادة فتأمل ذلك بلطف ثم انظر إلى الآيات آنفة الذكر وستجد أن بينها مشتركات فعلية تدلل على ما ذهبنا إليه. من هنا يظهر أن الصور الملازمة للمواد الأولية للخلق لا يمكن أن تكون مسبوقة بمثال يمهد لمقدماتها الهيئة التي تبدأ منها أو تنتهي إليها، وذلك كون الله تعالى هو المبدع وهو المصور والخالق الذي لا حدود لقدرته، واعتماداً على هذا السرد نلاحظ أن الإيجاد الأول المستطرد في إخراج الأشياء من العدم لا يخضع للزمان أو المكان وإنما يخضع للوجود بمحض الإرادة التكوينية، علماً أن الفلسفة التصويرية تطابق هذا النهج مع التسليم بأن أصل الأشياء يرجع إلى الابتكار المسبق الذي لا يعتمد على مثال سابق كما ذكرنا، وسيمرعليك تفصيل هذا المعنى في تفسير آية البحث وسترى أن كل الأشياء تحدث بمحض إرادته سبحانه دون تدخل العوامل التي تساعد على الإيجاد كالروية أو البديهة، فالأمر ليس أمراً لفظياً بل هو خاضع للإرادة التكوينية، ولأجل التقريب فإن الإنسان لا يأمر عينه لترى أو أذنه لتسمع وإنما القصد يحدد المراد، وإن كان في المثال قياس مع الفارق وإن شئت فاحكم بانتفاء القياس نظراً للتباين بين الخالق والمخلوق. وبناء على ما تقدم نعلم أن جميع الموجودات خاضعة لأمر الله تعالى سواء كانت حاضرة في عالم التكوين أو عالم المشيئة، وفي كلتا الحالتين هي واقعة تحت قيمومة الحق سبحانه دون أن يخفى عليه أصلها أو الوجهة التي ستصير إليها، وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء… هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم) آل عمران 5- 6.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة العاشرة بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي بعنوان:*الإبداع في السماوات والأرض
تفسير آية البحث: قوله تعالى: (بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) البقرة 117. الإبداع إنشاء صنعة على غير مثال سابق، وقوله سبحانه في آية البحث: (بديع السماوات والأرض) أي هو جلت قدرته قد أبدع في خلق سماواته وأرضه، والمبدع هو المحدث للشيء على صورته التي لم يسبقه إلى إيجادها أحد، ولذا سمي المبتدع في الدين بهذا الاسم لإحداثه فيه ما لم يكن قد اشتهر في الأصل، ومن هنا فقد ذم تعالى الذين شرعوا لأنفسهم الرهبانية ولم يحافظوا عليها، علماً أنها كانت مرضية عنده جل شأنه إلا أن الذم وقع عليهم بسبب عدم تشريعه سبحانه لها، وهذا الفعل أقرب إلى من يشرع لنفسه ما يشاء من الأعمال التي يظن أنها تقربه إلى الله زلفى إلا أن حقيقة تلك الأعمال لا تنسجم مع الشرع الإلهي وإن كان ظاهرها يوحي بالملازمة النسبية للدين، وقياساً إلى هذا الوجه تظهر النكتة في قوله تعالى: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) الحديد 27. قوله تعالى: (وإذا قضى أمراً) من آية البحث. أي أتم الأمر وأتقنه على صورته التي ينتهي إليها، والأصل في قضى يرجع إلى انقطاع الشيء، وهو من المشتركات التي يجمعها معنى الفراغ من العمل، وقد ورد هذا المفهوم في كثير من الآيات إلا أن المصاديق اختلفت نظراً للقرينة المصاحبة للسياق، كما في قوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً) الإسراء 4. أي أخبرناهم بذلك، ومنه قوله سبحانه: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) الإسراء 23. أي أمر وشرع ألا تعبدوا… إلخ. وقد يأتي قضى بمعنى الوفاء بالدين، كما في قوله: (فلما قضى موسى الأجل) القصص 29. ويأتي بمعنى الخلق كما في آية البحث، وكما في قوله تعالى: (فقضاهن سبع سماوات) فصلت 12. وهنالك آيات أخرى. أما الأمر فهو كلمة الإيجاد التي يتم بواسطتها الخلق دفعة واحدة وإن كان الجامع يشتمل على مصاديق متعددة ولهذا اختلف المعنى بين الخلق والأمر من الناحية الابتدائية دون النتيجة، وبذلك يظهر السر في قوله تعالى: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) الأعراف 54. والآية تشير إلى المدة التي تم فيها الخلق واستقر على صورته النهائية دون الإضافات المرادة من قوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون… والأرض فرشناها فنعم الماهدون) الذاريات 47- 48. وهذا هو المعنى المراد من الخلق أي ضم الأجزاء بعضها إلى بعض حتى تصل إلى مرحلة الإيجاد التي أطلق عليها سبحانه مصطلح الأمر وبهذا يظهر سبب عطفه على الخلق، وقد يتجلى هذا المعنى بأبهى صورة في خلق الإنسان نظراً للمراحل المتعددة التي يمر بها حتى يصل إلى مرحلة نفخ الروح، وقد بين سبحانه هذه المراحل بقوله: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين… ثم جعلناه نطفة في قرار مكين… ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) المؤمنون 12- 14. ومجموع الآيات يبين أن الخلق المادي انتقل إلى مرحلة الإنشاء التي تدل على وصول الإنسان من الخلق إلى الأمر المتمثل بنفخ الروح، وكما ترى فإن الخلق لا يتطابق مع الأمر في المراحل الأولى دون النتيجة التي أظهرت القدرة على الإيجاد المصاحب للشعور، وهذا نظير قوله تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) آل عمران 59.
من هنا يظهر أن الخلق هو ضم الأجزاء بعضها إلى بعض بلحاظ إرجاعها إلى توسط الأسباب الطبيعية وإن شئت فقل توسط الأسباب الكونية الخاضعة لقانون العلية، أما الأمر فهو وجود الشيء دون تدخل تلك الأسباب، وهذا هو المعنى المراد من آية سورة آل عمران آنفة الذكر التي أشارت إلى خلق آدم من تراب ثم انتقلت إلى مرحلة نفخ الروح، التي عبر عنها تعالى بقوله: (ثم قال له كن فيكون) وهذا المفهوم يتطابق مع آيات سورة قد أفلح… فتأمل ذلك بلطف. من كتاب: السلطان في تفسير القرآن
[الأنترنت – موقع - بديع السماوات والأرض - عبدالله بدر اسكندر كاتب أميركي من أصل عراقي]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الحادية عشرة بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
ونذكر من أسباب استجابة الدعاء ما يلي:
1- الإخلاص لله تعالى؛ قال تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [غافر من الآية:14].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "فأخلِصوا لله وحده
العبادة والدعاء، وخالِفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم" (تفسير ابن كثير: [4/112]).
وقال تعالى مُخبرًا عن محنة نبيه سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف:24].
وكذلك أيضًا؛ نجَّا الله أصحاب الغار بأنهم توسلوا إلى الله تعالى بأعمال صالحة عملوها خالصةً لوجه الله
تعالى وسيأتي معنا الحديث بتمامه.
ولقد نجا الله المشركين حين أخلصوا له الدعاء، لقوله
تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65].
وًعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ، مَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا شَيْءَ لَهُ»، فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا شَيْءَ لَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» (حسن صحيح: رواه النسائي: [3140]، وانظر: الصحيحة: [52]، وأحكام الجنائز: [63] للألباني. وقال: "حسن صحيح").
ويثاب العبد المسلم عن نيته الخالصة لوجه الله تعالى ولو حال القدر دون أن يقع هذا العمل، فعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأنْمَارَيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ وفيه: « «وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثاً فَاحْفَظُوهُ»، قَالَ: «إِنَّمَا الدُّنْيَا لأرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقهُ مَالاً فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِّيَتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ» (أخرجه أحمد: [18031]، قال شعيب الأرنؤوط: "حديث حسن"، والترمذي: [2325]، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع: [3024]، وصحيح الترغيب: [14]).
وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: "كان الربيع يأتي عَلقَمة
يَوم الجمعة فإِذا لَم أَكن ثَمة أرسلوا إليَّ. فَجاءَ مرةً ولَستُ ثَمة فَلقِيني عَلقمةُ وقَال لِي: أَلم تَر مَا جاء بِه الربيع؟ قال: ألم تَر أَكثر مَا يدعو الناس، وما أَقل إِجابَتهُم، وذَلِك أن الله عز وجل لا يَقبَل إلا النَّاخِلةَ مِن الدعاء(أي المخلص من الدعاء ) قُلتُ: أَو لَيس قَال ذَلك عبد الله؟ قال: وما قال؟ قال: قال عبد الله رضي الله عنه: لا يَسمعُ الله مِن مُسمِّع، ولا مِن مُراءٍ، ولا لاعِبٍ، إلا داعٍ دعَا يَثبُتُ مِن قَلبه. قال: فذكرَ عَلقمَة؟ قال: نعم" (رواه البخاري في الأدب المفرد: [606]، وابن أبي شيبة في مصنَّفه: [29270]، والبيهقي في شعب الإيمان: [1096-1097]، وهناد في الزهد: [2/442]، وأبو نعيم في الحلية: [2/118]، وصحّحه الألباني في صحيح الأدب المفرد: [474]).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "أقول هذا الأدب هو أعظم الآداب في إجابة الدعاء، لأن الإخلاص هو
الذي تدور عليه دوائر الإجابة. وقد قال الله تعالى:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، فمن دعا غير مخلص فهو حقيق بأن لا يُجاب، إلا أن يتفضل الله عليه، والله ذو الفضل العظيم" اه (تحفة الذاكرين؛ للإمام الشوكاني: [1/52]).
2- الصدق مع الله.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119].
وعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ،
بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» (رواه مسلم: [1909]، وأبو داود: [1520]، والترمذي: [1653]، وابن ماجة: [2797]، وابن حبان في صحيحه: [3192]).
صدق الغلام في قصة "أصحاب الأخدود" في إرادة الوصول إلى الحق والتضحية في سبيله واستجابة الله له: عن صهيب رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ للمَلِكِ: إنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلَيَّ غُلامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ؛ فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلامًا يُعَلِّمُهُ، وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ، مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب، فَقَالَ: إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ».
«فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَقَالَ: اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ؟ فَأخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ، فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ. فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإن ابْتُلِيتَ فَلا تَدُلَّ عَلَيَّ؛ وَكانَ الغُلامُ يُبْرئُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاء. فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فأتاه بَهَدَايا كَثيرَةٍ، فَقَالَ: مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ إنْ أنتَ شَفَيتَنِي، فَقَالَ: إنّي لا أشْفِي أحَدًا إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى، فَإنْ آمَنْتَ بالله تَعَالَى دَعَوتُ اللهَ فَشفَاكَ، فَآمَنَ بالله تَعَالَى فَشفَاهُ اللهُ تَعَالَى، فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيري؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلامِ، فَجيء بالغُلاَمِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أيْ بُنَيَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرئ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ! فَقَالَ: إنِّي لا أَشْفي أحَدًا، إِنَّمَا يَشفِي الله تَعَالَى».
«فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ فَقيلَ لَهُ: ارجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَليسِ المَلِكِ فقيل لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَوضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينكَ، فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَل، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإلا فَاطْرَحُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ فَسَقَطُوا، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانِيهمُ الله تَعَالَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإنْ رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلا فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ، فانْكَفَأَتْ بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ. فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فعلَ أصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: كَفَانيهمُ الله تَعَالَى».«فَقَالَ لِلمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعيدٍ وَاحدٍ وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ: بسْم الله ربِّ الغُلاَمِ، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني، فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ والله نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ. قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحموهُ فيهَا، أَوْ قيلَ لَهُ: اقتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أنْ تَقَعَ فيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ: يَا أُمهْ! اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ» (رواه مسلم: [3005]، وأحمد في المسند: [23931]، وابن حبان: [873]).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
3- حُسنْ الظنِ بالله.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» (رواه البخاري: [7505]، ومسلم: [2675][2]، وأحمد في المسند: [8178]، والترمذي: [3603]).
وعَنْه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي» (رواه مسلم: [2675][19]، وأحمد في المسند: [9749]، والترمذي: [2388]، وابن حبان: [812]؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه أحمد: [13192] عن أنس رضي الله عنه، تعليق شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح على شرط مسلم").
وعَنْه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ» (أخرجه الترمذي: [3479]، والحاكم في المستدرك: [1817]، وانظر: صحيح الجامع: [245] للألباني).
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ:
ضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِهِ يَبْتَغِي عِنْدَهُنَّ طَعَامًا، فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ»، فَأُهْدِيَتْ إِلَيْهِ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَقَالَ: «هَذِهِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ» (أخرجه الطبراني في الكبير؛ انظر: صحيح الجامع: [1278]، والسلسلة الصحيحة: [1543]؛ عن أبو نعيم في الحلية).
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ:
«قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا» (رواه البخاري: [3653]، ومسلم: [2381]، والترمذي: [3096]).
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ:
"جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، إِلى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً، فَقَالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلُهُ مَعِي، قَالَ: فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا، وَمِنَ الْغَدِ، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّريقُ، لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ، لَهَا ظِلٌّ، لَمْ تَاتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً وَقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ، فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بَغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ -أَوْ مَكَّةَ- قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قلْتُ: أَفَتَحْلُبُ قَالَ: نَعَمْ فَأَخَذَ شَاةً فَقُلْتُ: انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى".
قَالَ الرَّاوِي: "فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرْتَوِي مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟»، قُلْتُ: بَلَى قَالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقُلْتُ: أُتِينَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: «لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا»، فَدَعَا عَلَيْهِ النَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا، أُرَى فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ: إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَجَاف، َجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ: كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا. فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ. قَالَ: وَوَفى لَنَا" (رواه البخاري: [3615]، ومسلم: [2009]).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
4- الاستجابة لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيق الإيمان. لقوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى:
{فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} قال أبو رجاء الخراساني: "فليدعوا لي. وقال ابن عطية: المعنى فليطلبوا أن أجيبهم. وهذا هو باب استفعل أي طلب الشيء إلا ما شذ مثل استغنى اللّه، وقال مجاهد وغيره: المعنى فليجيبوا إليّ فيما دعوتهم إليه من الإيمان، أي الطاعة والعمل
ويقال: أجاب واستجاب بمعنى..
ومنه قول الشاعر:
فلم يستجبه عند ذاك مجي
أي لم يجبه والسين زائدة واللام لام الأمر. وكذا في قوله: {وَلْيُؤْمِنُوا}، وجزمت لام الأمر لأنها تجعل الفعل مستقبلًا لا غير فأشبهت إن التي للشرط. وقيل: لأنها لا تقع إلا على الفعل. قوله تعالى: {وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.. الرشاد خلاف الغي. وقد رشد يرشد رشدًا. ورشد بالكسر يرشد رشدًا، لغة فيه. وأرشده اللّه. والمراشد: مقاصد الطرق. والطريق الأرشد: نحو الأقصد... وقال الهروي: الرُّشد والرَّشد والرشاد: الهدى والاستقامة، ومنه قوله: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}" (الجامع لأحكام القرآن: [1/ 690-691]، ط. دار الحديث - مصر).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.«فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلاَةَ، وَالصِّيَامَ، وَالجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ» {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} بَلْ قُولُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، فَقَالُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}".«فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْمُ، وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، أَنْزَلَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي إِثْرِهَا: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}؛ قَالَ عَفَّانُ: قَرَأَهَا سَلاَّمٌ أَبُو الْمُنْذِرِ: {يُفَرِّقُ}، وَقَالُوا: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} فَصَارَ لَهُ مَا كَسَبَتْ مِنْ خَيْرٍ، وَعَلَيْهِ مَا اكْتَسَبَتْ مِنْ شَرٍّ، فَسَّرَ الْعَلاَءُ هَذَا، {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ: «نَعَمْ».
{رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ: «نَعَمْ»، {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قَالَ: «نَعَمْ»، {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. وفي رواية عند مسلم والترمذي عن ابن عباس نحوه، وفيه: «قَدْ فَعَلْتُ» بدلاً من:«نَعَمْ» (رواه مسلم: [125]، وأحمد في المسند: [9344]، وابن حبان: [139]، ومسلم: [126]؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وأحمد في المسند: [2070]، والترمذي: [2992]؛ عن أبن عباس رضي الله عنهما).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
5- التقرُّب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض.
قال تعالى عن أنبياءه ورسله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء من الآية:90]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: "قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَربِ، وَمَا تَقَرَّبَ إَلِىَّ عَبْدِي بِشْيءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتهُ، كُنْتُ سَمّعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَ بي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدّدتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسْاءَتَهُ» (رواه البخاري: [6502]، وابن حبان في صحيحه: [347]).
وفي رواية عند البزار في مسنده: «ولئن سألني لأعطينه، ولئن دعاني لأجيبنه، ولئن استعاذني لأعيذنه» (رواه البزَّار في مسنده: [8750]).
6- تحري الحلال في المطعم والمشرب والملبس.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُ}، ثُمَّ ذَكَرَ: الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، ثُمَّ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ» (رواه مسلم: [1015]، وأحمد في المسند:
[8347]، والترمذي: [2989]، والدارمي: [2757]).
وذكر الإمام ابن رجب رحمه الله تعالى في معنى هذا الحديث:"إن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبًا طاهرًا من المفسدات كلها: كالرياء، والعجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيبًا حلالاً، فإن الطيب تُوصف به الأعمال، والأقوال، والاعتقادات. والمراد بهذا أنَّ الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالاً، فالعملُ صالح مقبولٌ، فإذا كان الأكلُ غير حلالٍ، فكيف يكون العمل مقبولاً؟ وما ذكره بعد ذَلِكَ من الدعاء، وأنَّه كيف يتقبل مع الحرام، فهوَ مثالٌ لاستبعاد قَبُولِ الأعمال مع التغذية بالحرام" (جامع العلوم والحكم).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحرِّى الحلال:
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]، وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: "مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ: «لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا»" (رواه البخاري: [2431] واللفظ له، ومسلم: [1071]، وأحمد في المسند: [12913]).
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةَ عَلَى فِرَاشِي فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيَهَا» (رواه البخاري: [2432]، ومسلم: [1070]، وأحمد في المسند: [8206]).
وعَنْه رضي الله عنه، قَالَ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ، فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «كُلُوا»، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَهُمْ» (رواه البخاري: [2576]، ومسلم: [1077]). وعنه رضي الله عنه، قَالَ: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تَمْرَةً مِنْ تَمْر الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَخْ كَخْ، إرْمِ بِهَا، أمَا عَلِمْتَ أنَّا لا نَأكُلُ الصَّدَقَةَ؟!» (رواه البخاري: [3072]، ومسلم: [1069]، وأحمد في المسند: [9308]). وفي رواية: «أنَّا لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ».وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:«كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ، فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ. فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ» (رواه البخاري: [3842]، والبيهقي في شعب الإيمان: [5386]، (والخراج: أي يأتيه بما يكسبه والخراج ما يُقرِّره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه. الفتح: [7/154]).
ورُوي في رواية لأبي نُعيم في الحلية وأحمد في (الزهد) فَقِيلَ لَهُ: "يَرْحَمُكَ اللهُ كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ، قَالَ: لَوْ لَمْ تَخْرُجْ إِلَّا مَعَ نَفْسِي لَأَخْرَجْتُهَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»، فَخَشِيتُ أَنْ يَنْبُتُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِي مِنْ هَذِهِ اللُّقْمَةِ" (رواه
البخاري: [3842]، والبيهقي في شعب الإيمان: [5386]).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
7- كثرة الدعاء في الرخاء.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: "قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيْبَ اللهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكُرَبِ، فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَخَاءِ» (أخرجه: الحسن بن سفيان، وأبو نعيم في الحلية: [1/31]، والبيهقي في شعب الإيمان: [5375]، والدينوري في المجالسة، وكنز العمال: [35695]، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع: [4519]، وأحمد: [14481] عن جابر، تعليق شعيب الأرنؤوط: "إسناده قوي على شرط مسلم رجاله ثقات غير ابن خثيم -وهو عبد الله بن عثمان- فصدوق لا بأس به، والدارمي، والحاكم).
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاء، يَعْرِفْك في الشِّدَّةِ» (أخرجه: الترمذي: [3382]، والحاكم في المستدرك: [1997]، وانظر: صحيح الجامع: [6290]).
8- كثرة ذكر الله.
قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب من الآية:35].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «ثَلاثَةٌ لا يَردُّ اللهُ دُعَاءَهُمْ: الذَّاكر الله كَثِيرًا، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَالإِمَامُ الْمُقْسِط» (أخرجه: البيهقي في شعب الإيمان: [6973]، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع: [3064]، والسلسلة الصحيحة: [1211]).
وقال الضحاك بن قيس: "اذكروا الله في الرَّخاء، يذكركُم في الشِّدَّة، وإنَّ يونس عليه السلام كان يذكُرُ الله تعالى، فلمَّا وقعَ في بطن الحوت، قال الله عز وجل: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات:143-144]"، وإنَّ فرعون كان طاغيًا ناسيًا لذكر الله، فلما أدركه الغرق، قال: آمنت، فقال الله تعالى: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91].
وعن رَاشِد بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، فَقَالَ: أَوْصِنِي. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: اذْكُرِ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ يَذْكُرُكِ فِي الضَّرَّاءِ،..." (أخرجه: ابن الجوزي في صفة الصفوة: [1/278]، وأبي داود في الزهد: [217] واللفظ له، وأبو نعيم في الحلية: [1/209]).
وأعظمُ الشدائد التي تنْزل بالعبد في الدنيا الموتُ، وما بَعده أشدُّ منه إنْ لم يكن مصيرُ العبد إلى خيرٍ، فالواجبُ على المؤمن الاستعدادُ للموت وما بعده في حال الصحة بالتقوى والأعمال الصالحة، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:18-19]".
فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه، واستعدَّ حينئذٍ للقاء الله بالموت وما بعده، ذكره الله عندَ هذه
الشدائد، فكان معه فيها، ولَطَفَ به، وأعانه، وتولاَّه، وثبته على التوحيد، فلقيه وهو عنه راضٍ، ومن نسيَ
الله في حال صحته ورخائه، ولم يستعدَّ حينئذٍ للقائه، نسيه الله في هذه الشدائد، بمعنى أنَّه أعرض عنه، وأهمله، فإذا نزل الموتُ بالمؤمنِ المستعدِّ له، أحسن الظنَّ بربه، وجاءته البُشرى مِنَ اللهِ، فأحبَّ لقاءَ الله، وأحبَّ الله لقاءه، والفاجرُ بعكس ذلك، وحينئذٍ يفرحُ المؤمنُ، ويستبشر بما قدَّمه مما هو قادمٌ عليه، ويَنْدَمُ المفرطُ، ويقول: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} [الزمر من الآية:57]" (جامع العلوم والحكم؛ لابن رجب الحنبلي رحمه الله، ط. دار المنار، ص: [194-195] بتصرُّف).
وسيأتى معنا استجابة الله لدعاء المجتمعين في مجالس الذكر.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
9- الدعاء باسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى وصفاته العلى. قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف من الآية:180].ونبي الله موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو ربه فيقول: {فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} [الأعراف من الآية:155].
ويعقوب عليه الصلاة السلام يقول لأبنائه: {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يوسف:98]. وسليمان عليه الصلاة السلام يقول: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص:35].
وعيسى عليه السلام يدعو ربه: {اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة:114].
وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: "أَنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ رَجُلاً يدعو وهو يقول: اللَّهمَّ إِني أسألُكَ بأني أَشْهَدُ أنَّكَ أنْتَ اللهُ، لا إلهَ إلا أنتَ، الأحَدُ الصَّمَدُ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، ولم يكن له كُفُوًا أحَدٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ»" (أخرجه: أحمد: [22952]، تعليق شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح رجاله ثقات رجال
الشيخين"، وأبو داود: [1493]، والترمذي: [3475]، وابن ماجة: [3857]، وصحَّحه الألباني).
وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ الثقفي رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ، الصَّمَدِ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ؛ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: «قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» (أخرجه أحمد في المسند: [18974] واللفظ له، تعليق شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح"، وأبو داود: [985]، والنسائي: [1301]، وصحَّحه الألباني).
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: "أَنَّهُ كانَ مَعَ رَسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، ورجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعَا الرَّجُلُ فقال: اللَّهمَّ إني أَسأَلُكَ بِأنَّ لَكَ الحمدَ، لا إِلهَ إِلا أنْتَ، المَنَّانُ، بَديعُ السَّمَواتِ والأرضِ، ذو الجَلالِ والإِكْرَامِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، فقال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحَابِهِ: «أتَدرونَ بمَ دَعَا؟»، قالوا: اللهُ ورسولُهُ أعلم، قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ دَعا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الذي إِذَا دُعِيَ به أَجَابَ، وإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى» (صحيح: أخرجه أحمد: [13570]، تعليق شعيب الأرنؤوط: "حديث صحيح، وهذا إسناد قوي"، والبخاري في الأدب المفرد: [705]، وأبو داود: [1495]، والترمذي: [3544]، والنسائي: [1300]، وابن ماجة: [3858]، وابن حبان في صحيحه: [893]، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود: [1342]).
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163]، وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ: {الم . اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آلِ عمران:1-2}» (إسناده حسن. أخرجه: أحمد: [27611]، وضعَّفه شعيب الأرنؤوط، وأبو داود: [1496]، والترمذي:[3478]، وابن ماجة: [3855]، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع: [980]، ومشكاة المصابيح: [2291]، والدارمي: [3432]).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِى كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا»، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَتَعَلَّمُ هؤلاء الكلمات؟ قَالَ: «أَجْل يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَن». وفي رواية: «وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا»[2].
وَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ، فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ثَلاَث مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حِتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَث مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِي» (أخرجه: أحمد في المسند: [528]، تعليق شعيب الأرنؤوط: "إسناده حسن"، وأبو داود: [5088]، وابن ماجة: [3869]، والترمذي: [3388]، وابن حبان: [852]، قال شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح"، والحاكم في المستدرك: [1895]، وانظر: صحيح الجامع: [6426]).
قال الإمام القرطبي رحمه الله: "قوله تعالى: {فَادْعُوهُ بِهَا} أي اطلبوا منه بأسمائه، فيُطلَب بكل اسم ما يليق به، تقول: يا رحيم ارحمني، يا حكيم احكم لي، يا رازق ارزقني، يا هادي اهدني، يا فتَّاح افتح لي، يا تَّواب تُب عليّ، وهكذا... فإن دعوت باسم عام قلت: يا مالك ارحمني، يا عزيز احكم لي، يا لطيف ارزقني. وإن دعوت بالأعّمَّ الأعظم فقلت: يا الله، فهو متضمنٌ لكل اسم. ولا تقول: يا رزاق اهدني، إلا أن تريد يا رزاق ارزقني الخير. قال ابن العربي: وهكذا رتِّب دعاءك تكن من المخلصين" (تفسير القرطبي: [7/327]).
ويقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شأن أسماء الله الحسني: "وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما
جاء في الكتاب والسنة، فلا يزاد فيه ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36].
وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].
ولأن تسميته تعالى بما لم يسمِّ به نفسه أو إنكار ما سَمَّى به نفسه، جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك
الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص" (القواعد المثلى؛ للعلامة ابن عثمين رحمه الله، ص: [18]).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة العشرون بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
ومن أمثلة سؤال الله تعالى بصفاته العلى وأفعاله: دعاء الملائكة عليهم السلام لأهل الإيمان: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ . رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [غافر:7-8]. وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»، فَقَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»، قَالَ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا أَيْسَرُ»" (رواه البخاري: [7406]، وأحمد في المسند: [14316]، والترمذي: [3065]، وابن حبان في صحيحه: [7220]).
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "فَقَدْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (رواه مسلم: [486]، وأحمد في المسند: [25655]، وابن ماجة: [3841]، وابن حبان في صحيحه: [1932]).
وعَنْ عَلِىِّ رضي الله عنه؛ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»" (رواه أحمد في المسند: [751]، وأبو داود: [1427]، والترمذي: [3566]، وابن ماجة: [1179]، والنسائي: [1747]، وصحَّحه الألباني).
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» (رواه مسلم: [2708]).
وعَن ربيعَة بن عَامر رضي الله عنه: سَمِعتُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُول: «أَلظُّوا بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام» (أخرجه أحمد: [17596]، تعليق شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح"، والنسائي في الكبرى: [ 7669]، والحاكم في المستدرك: [1836]، والبخاري في التاريخ الكبير، وابن منده، عن ريبعة بن عامر، والترمذي: [3524-3525]، عن أنس رضي الله عنه، انظر: صحيح الجامع: [1250]، والسلسلة
الصحيحة: [1536]، رواه ابن أبي شيبة عن أنس، والحاكم في مسنده: [1837] عن أبي هريرة رضي الله عنه).
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ» (رواه البخاري: [3024]، ومسلم: [1742]، وأحمد في المسند: [19107]، وأبو داود: [2631]، والترمذي:[1678]؛ عن عبد الله بن أوفى رضي الله عنه).
وعن أنس رضي الله عنه، قال: "كان النَّبيُ صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ أنْ يَقول: «اللهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»" (صحيح. أخرجه أحمد: [12107]، تعليق شعيب الأرنؤوط: "إسناده قوي على شرط مسلم"، والبخاري في الأدب المفرد: [683]، والترمذي: [2140]، والحاكم في المستدرك: [1927]، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع: [7987]).
سؤال الله تعالى بكلامه (القرآن): عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ "مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ ثُمَّ سَأَلَ، فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ» (حسن. أخرجه الترمذي: [2917]، والبيهقي في شعب الإيمان:
[2387]، وانظر: صحيح الجامع: [6467]، والسلسلة الصحيحة: [257]).
قال العلامة أبو العلا المباركفوري رحمه الله في شرح الحديث: قوله: "مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ" أي القرآن، "ثم سأل": أي طلب من الناس شيئاً من الرزق، "فاسترجع": أي قال عمران: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. لابتلاء القارىء بهذه المصيبة التي هي سؤال الناس بالقرآن، أو لابتلاء عمران بمشاهدة هذه الحالة الشنيعة وهي مصيبة. «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ»: أي فليطلب من الله تعالى بالقرآن ما شاء الله من أمور الدنيا والآخرة، أو المراد أنه إذا مرَّ بآية رحمة فليسألها من الله تعالى، أو بآية عقوبة فليتعوذ إليه بها منها، و أن يدعو الله عقب القراءة بالأدعية المأثورة، وينبغي أن يكون الدعاء في أمر الآخرة وإصلاح المسلمين في معاشهم ومعادهم"
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والعشرون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
ومما جاء من فضل سؤال الله تعالى بالمعوذتين، عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا عُقْبَةُ! قُلْ»، فَقُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟! فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُقْبَةُ! قُلْ»، قُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ عَنِّي، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ ارْدُدْهُ عَلَيَّ، فَقَالَ: «يَا عُقْبَةُ! قُلْ»، قُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟! فَقَالَ: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» فَقَرَأْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قَالَ: «قُلْ»، قُلْتُ: مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»» فَقَرَأْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عِنْدَ ذَلِكَ: «مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهِمَا، وَلاَ اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهِمَا» (حسن صحيح. أخرجه: أبو داود: [1463]، والنسائي: [5438] واللفظ له، وصحَّحه الألباني).
هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سؤال الله تعالى بالقرآن: عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ. فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِئَةِ، ثُمَّ مَضَى. فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى. فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ..» (رواه مسلم: [772]، وأحمد في المسند: [23367]، وأبو داود: [871]، والترمذي: [262] و[263]، والنسائي: [1664]).
وعَنْ عَمْرِو بن قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَاصِمَ بن حُمَيْدٍ يَقُولُ: "سَمِعْتُ عَوْفَ بن مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَقُمْتُ مَعَهُ فَبَدَأَ، فَاسْتَفْتَحَ مِنَ الْبَقَرَةِ لا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلا وَقَفَ فَسَأَلَ، وَلا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلا وَقَفَ يَتَعَوُّذُ، ثُمَّ رَكَعَ فَمَكَثَ رَاكِعًا بِقَدْرِ قِيَامِهِ، يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ»، ثُمَّ قَرَأَ: آلَ عِمْرَانَ، ثُمَّ سُورَةً سُورَةً يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ" (صحيح. أخرجه: أحمد في مسنده: [23980]، أبو داود: [873]، والنسائي: [1132]، وصحَّحه الألباني).
قال الإمام النووي رحمه الله: "فيه استحباب هذه
الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها، ومذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد" اهـ (النووي شرح مسلم: [3/123]).
وقال البهوتي: "ولأنه دُعاء بخير، فاسْتَوى فيه الفَرْض والنَّفْل" اهـ (منتهى الإرادات؛ منصور بن يونس البهوتي الحنبلي: [1/212]).
وعند أبي داود من طريق مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: "كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَوْقَ بَيْتِهِ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40]، قَالَ: «سُبْحَانَكَ»، فَبَكَى، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي فِي الْفَرِيضَةِ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ" (صحيح. رواه أبو داود: [884]، وصحَّحه الألباني).
وما ثَبَت في الفّرض ثَبَت في النفل إلاّ ما دَلّ الدليل على التفريق بينهما.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
10- التوسُّل إلى الله تعالى بأنواع التوسُّل المشروعة:
قال الراغب : "الوسيلة: التوصل إلى الشيء برغبة،
وهي أخص من الوصيلة لتضمُّنها معنى الرغبة، قال تعالى: {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة من الآية:35]. وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم، والعبادة، وتحرِّي مكارِم الشريعة. وهي كالقربة، والواسِلُ: الراغب إلى الله تعالى" (مفردات غريب ألفاظ القرآن، ص: [871]).
ومعنى قوله تعالى: "{وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ}: أي تقرَّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه" (تفسير ابن كثير: [2/53]، وانظر: قاعدة جليلة في التوسُّل والوسيلة؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية، والتوسُّل أنواعه وأحكامه؛ للشيخ الألباني).
1- التوسُّل إلى الله سبحانه وتعالى بالإيمان به، وبوحيه، والإيمان برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتباعه: قال تعالى عن المؤمنين: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران:53].
2- التوسُّل بأسماء الله تعالى وصفاته؛ لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف من الآية:180].
يقول ابن القيم رحمه الله عن فاتحة الكتاب: "ولما كان سؤال الهداية إلى الصراط المستقيم أجلُّ المطالب ، ونيله أشرف المواهب، علَّم الله عباده كيفية سؤاله، وأمرهم أن يُقدِّموا بين يديه حمده، والثناء عليه، وتمجيده، ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم: توسّل إليه بأسمائه وصفاته، وتوسّل إليه بعبوديته، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما دعاء.
3-ويؤيد الوسيلتان المذكورتان في حديثي الاسم الأعظم، اللذين رواهما ابن حبان في صحيحه، والإمام أحمد والترمذي.
أحدهما: حديث عبد الله بن بريدة رضي الله عنه، عن أبيه رضي الله عنه، قال: "سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يدعو ويقول: وساق الحديث كما تقدَّم معنا، ثم قال: ففيه توسُّل إلى الله بتوحيده، وشهادة الداعي به بالوحدانية، وثبوت صفاته المدلول عليها باسم "الصَّمَدُ"، وهو كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "العالِم الذي كمل عِلمه، القادر الذي كملت قدرته".
وفي رواية عنه: "هو السيِّد الذي كمل سؤدده".
وقال سعيد بن جبير: "هو الكامل في جميع صفاته، وأقواله، وأفعاله. وبنفي التشبيه والتمثيل، بقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الصمد:4]، وهذه عقيدة أهل السنة، والتوسل بالإيمان بذلك والشهادة به هو اسم الله الأعظم".
الثاني: حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رَجُلاً يدعو: وساق الحديث كما تقدَّم، ثم قال: وفيه توسُّل بأسمائه وصفاته. وقد جمعت فاتحة الكتاب الوسيلتين، وهما: التوسُّل بالحمد والثناء عليه وتمجيده، والتوسُّل إليه بعبوديته وتوحيده، ثم جاء سؤال أهم المطالب، وأنجع
الرغائب -وهو الهداية- بعد الوسيلتين.
فالداعي به حقيق بالإجاية؛ ونظير هذا دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كان يدعو به إذا قام يصلى من الليل، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ،وَالسَّاعَةُ حَقٌّ؛ اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلهِي لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ». فذكر التوسُّل إليه، بحمده، والثناء عليه، وبعبوديته له، ثم سأله المغفرة" اه (مدارج السالكين؛ للإمام ابن القيم رحمه الله: [1/ 20-21]، ط. دار التقوى - مصر).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والعشرون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
4- التوسُّل بدعاء الرجل الصالح أو المرأة الصالحة (الحاضر الحي): قال تعالى عن أبناء يعقوب عليه السلام لأبيهم بعد ما فعلوه بيوسف عليه السلام: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ . قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يوسف:97-98].
وعَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ، سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ، فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ، فَبَرَأْتَ مِنْهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ، مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَبَرَأَ مِنْهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ، هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ
يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ،» فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ".
"فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْكُوفَةَ، قَالَ: أَلاَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، قَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ، قَلِيلَ الْمَتَاعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ، مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَبَرَأَ مِنْهُ، إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ، وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ»، فَأَتَى أُوَيْسًا، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِى، قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: لَقِيتَ عُمَرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ" (رواه مسلم: [2542]).
وأيضًا طلب أم الدرداء من زوج ابنتها في حال سفره للحج بأن يدعو لها ولزوجها بخير، ففي (صحيح مسلم) عَنْ صَفْوَانَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ، قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ أَجِدْهُ وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَادْعُ اللهَ لَنَا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ»" (رواه مسلم: [2733]).
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: "قيلَ لَه إنَّ إخوانَك أَتوك مِن البَصرةِ -وهُو يَوْمَئِذٍ بِالزَّاوِيَةِ- لِتدعُو اللَّهَ لَهم قَالَ: اللهُمَّ اغفِر لَنا وارحمنَا وآتنَا فِي الدُنيا حَسنة وفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذاب النَّار. فاستزادُوه فَقال مِثلها، فَقال: إِنْ أُوتِيتُم هَذا فَقد أُوتيتُم خَيرَ الدُنيا والآخِرة" (صحيح الإسناد. رواه ابن أبي شيبة: [6/77]، والبخاري في الأدب المفرد: [633]، وقال الألباني: "صحيح الإسناد").
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان:
*من أسباب استجابة الدعاء
5- التوسُّل إلى الله بحال الداعي؛ قال تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا . يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم3-7].
يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} أي: وهن وضعف، وإذا ضعف العظم، الذي هو عماد البدن، ضعف غيره، {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} لأن الشيب دليل الضعف والكِبَر، ورسول الموت ورائده، ونذيره، فتوسَّل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته" (تفسير الكريم المنان؛ للإمام السعدي: [1/489] ط. أولي النهى، الأولى).
وقال تعالى عن نبيه موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص من الآية:24].
يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: {فَقَالَ} في تلك الحالة، مسترزقًا ربه {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} أي: إني مُفتقِر للخير الذي تسوقه إليَّ وتُيسِّره لي. وهذا سؤال منه بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال، فلم يزل في هذه الحالة داعيًا ربه مُتملِّقًا" (تفسير الكريم الرحمن؛ للإمام السعدي: [1/614]).
وتوسُّل نبي الله يوسف عليه السلام بالافتقار إلى الله ليصرف عنه كيد امرأة العزيز: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ . فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [يوسف:33-34].
يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: "وهذا يدل على أن النسوة جعلن يشرن على يوسف في مطاوعة سيدته، وجعلن يكدنه في ذلك. فاستحب السجن والعذاب الدنيوي على لذة حاضرة توجب العذاب الشديد، {وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} أي: أمل إليهن، فإني ضعيف عاجز، إن لم تدفع عني السوء" (تفسير الكريم الرحمن؛ للإمام السعدي: [1/397]). وتوسَّل سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ربه يوم بدر وغيره
6- التوسل إلى الله تعالى بسابق إحسانه.
قال تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام: {كهيعص . ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا . يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم:1-7].
يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: "{وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} أي: لم تكن يا ربّ تردني خائبًا ولا محرومًا من الإجابة، بل لم تزل بي حفيًا ولدعائي مجيبًا، ولم تزل ألطافك تتوالى عليَّ، وإحسانك واصلاً إليَّ، وهذا توسُّل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقًا، أن يتمم إحسانه لاحقًا" (تفسير الكريم الرحمن؛ للإمام السعدي: [1/489]).
وقوله تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:101].
يقول الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره: "لما أتمَّ الله ليوسف عليه السلام ما أتم من التمكين في الأرض والملك، وأقر عينه بأبويه وإخوته، وبعد العلم العظيم الذي أعطاه الله إياه، قال مقرًا بنعمة الله شاكرًا لها، داعيًا بالثبات على الإسلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ} وذلك أنه كان على خزائن الأرض وتدبيرها ووزيراً كبيراً للملك. {وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ} أي: من تأويل أحاديث الكتب المنزلة وتأويل الرؤيا وغير ذلك من العلم. {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} أي: أدم عليّ الإسلام وثبتني عليه حتى توفاني عليه، ولم يكن هذا دعاء باستعجال الموت، {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} من الأنبياء الأبرار والأصفياء الأخيار" (تفسير الكريم الرحمن؛ للإمام السعدي: [1/406]).
[الأنترنت – موقع من أسباب استجابة الدعاء]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد المئتين في موضوع
(البديع) والتي هي بعنوان:
* مَشْهَدُ الأسْماءِ والصِّفاتِ
وَهُوَ مِن أجَلِّ المَشاهِدِ، وهو أعْلى مِمّا قَبْلَهُ وأوْسَعُ.
والمَطْلَعُ عَلى هَذا المَشْهَدِ: مَعْرِفَةُ تَعَلُّقِ الوُجُودِ خَلْقًا وأمْرًا بِالأسْماءِ الحُسْنى،والصِّفاتِ العُلا، وارْتِباطِهِ بِها، وإنْ كانَ العالَمُ بِما فِيهِ مِن بَعْضِ آثارِها ومُقْتَضَياتِها.
وَهَذا مِن أجَلِّ المَعارِفِ وأشْرَفِها، وكُلُّ اسْمٍ مِن أسْمائِهِ سُبْحانَهُ لَهُ صِفَةٌ خاصَّةٌ، فَإنَّ أسْماءَهُ أوْصافُ مَدْحٍ وكَمالٍ، وكُلُّ صِفَةٍ لَها مُقْتَضًى وفِعْلٌ إمّا لازِمٌ، وإمّا مُتَعَدٍّ، ولِذَلِكَ الفِعْلِ تَعَلُّقٌ بِمَفْعُولٍ هو مِن لَوازِمِهِ، وهَذا في خَلْقِهِ وأمْرِهِ، وثَوابِهِ وعِقابِهِ، كُلُّ ذَلِكَ آثارُ الأسْماءِ الحُسْنى ومُوجِباتُها.
وَمِنَ المُحالِ تَعْطِيلُ أسْمائِهِ عَنْ أوْصافِها ومَعانِيها، وتَعْطِيلُ الأوْصافِ عَمّا تَقْتَضِيهِ وتَسْتَدْعِيهِ مِنَ الأفْعالِ، وتَعْطِيلُ الأفْعالِ عَنِ المَفْعُولاتِ، كَما أنَّهُ يَسْتَحِيلُ تَعْطِيلُ مَفْعُولِهِ عَنْ أفْعالِهِ وأفْعالِهِ عَنْ صِفاتِهِ، وصِفاتِهِ عَنْ أسْمائِهِ، وتَعْطِيلُ أسْمائِهِ وأوْصافِهِ عَنْ ذاتِهِ. وَإذا كانَتْ أوْصافُهُ صِفاتِ كَمالٍ، وأفْعالُهُ حِكَمًا ومَصالِحَ، وأسْماؤُهُ حُسْنًى فَفَرْضُ تَعْطِيلِها عَنْ مُوجَباتِها مُسْتَحِيلٌ في حَقِّهِ، ولِهَذا يُنْكِرُ سُبْحانَهُ عَلى مَن عَطَّلَهُ عَنْ أمْرِهِ ونَهْيِهِ، وثَوابِهِ وعِقابِهِ، وأنَّهُ بِذَلِكَ نَسَبَهُ إلى ما لا يَلِيقُ بِهِ وإلى ما يَتَنَزَّهُ عَنْهُ، وأنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ سَيِّئٌ مِمَّنْ حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ، وأنَّ مَن نَسَبَهُ إلى ذَلِكَ فَما قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، ولا عَظَّمَهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ، كَما قالَ تَعالى في حَقِّ مُنْكِرِي النُّبُوَّةِ وإرْسالِ الرُّسُلِ، وإنْزالِ الكُتُبِ ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إذْ قالُوا ما أنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١] وقالَ تَعالى في حَقِّ مُنْكِرِي المَعادِ والثَّوابِ والعِقابِ ﴿وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] وقالَ في حَقِّ مَن جَوَّزَ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ المُخْتَلِفَيْنِ، كالأبْرارِ والفُجّارِ، والمُؤْمِنِينَ والكُفّارِ ﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أنْ نَجْعَلَهم كالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَواءً مَحْياهم ومَماتُهم ساءَ ما يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: ٢١] فَأخْبَرَ أنَّ هَذا حُكْمٌ سَيِّئٌ لا يَلِيقُ بِهِ، تَأْباهُ أسْماؤُهُ وصِفاتُهُ، وقالَ سُبْحانَهُ ﴿أفَحَسِبْتُمْ أنَّما خَلَقْناكم عَبَثًا وأنَّكم إلَيْنا لا تُرْجَعُونَ فَتَعالى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إلَهَ إلّا هو رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: ١١٥] عَنْ هَذا الظَّنِّ والحُسْبانِ، الَّذِي تَأْباهُ أسْماؤُهُ وصِفاتُهُ.
وَنَظائِرُ هَذا في القُرْآنِ كَثِيرَةٌ، يَنْفِي فِيها عَنْ نَفْسِهِ خِلافَ مُوجَبِ أسْمائِهِ وصِفاتِهِ إذْ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ تَعْطِيلَها عَنْ كَمالِها ومُقْتَضَياتِها.
فاسْمُهُ الحَمِيدُ، المَجِيدُ يَمْنَعُ تَرْكَ الإنْسانِ سُدًى مُهْمَلًا مُعَطَّلًا، لا يُؤْمَرُ ولا يُنْهى، ولا يُثابُ ولا يُعاقَبُ،
وكَذَلِكَ اسْمُهُ الحَكِيمُ يَأْبى ذَلِكَ، وكَذَلِكَ اسْمُهُ المَلِكُ واسْمُهُ الحَيُّ يَمْنَعُ أنْ يَكُونَ مُعَطَّلًا مِنَ الفِعْلِ، بَلْ حَقِيقَةُ الحَياةِ الفِعْلُ، فَكُلُّ حَيٍّ فَعّالٌ، وكَوْنُهُ سُبْحانَهُ خالِقًا قَيُّومًا مِن مُوجَباتِ حَياتِهِ ومُقْتَضَياتِها، واسْمُهُ السَّمِيعُ البَصِيرُ يُوجِبُ مَسْمُوعًا ومَرْئِيًا، واسْمُهُ الخالِقُ يَقْتَضِي مَخْلُوقًا، وكَذَلِكَ الرّازِقُ، واسْمُهُ المَلِكُ يَقْتَضِي مَمْلَكَةً وتَصَرُّفًا وتَدْبِيرًا، وإعْطاءً ومَنعًا، وإحْسانًا وعَدْلًا، وثَوابًا وعِقابًا، واسْمُ البَرِّ والمُحْسِنِ، المُعْطِي المَنّانِ ونَحْوِها تَقْتَضِي آثارَها ومُوجَباتِها.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السادسة والعشرون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * مَشْهَدُ الأسْماءِ والصِّفاتِ
إذا عُرِفَ هَذا، فَمِن أسْمائِهِ سُبْحانَهُ الغَفّارُ، التَّوّابُ، العَفُوُّ فَلا بُدَّ لِهَذِهِ الأسْماءِ مِن مُتَعَلَّقاتٍ، ولا بُدَّ مِن جِنايَةٍ تُغْفَرُ، وتَوْبَةٍ تُقْبَلُ، وجَرائِمَ يُعْفى عَنْها، ولا بُدَّ لِاسْمِهِ الحَكِيمِ مِن مُتَعَلَّقٍ يَظْهَرُ فِيهِ حُكْمُهُ، إذِ اقْتِضاءُ هَذِهِ الأسْماءِ لِآثارِها كاقْتِضاءِ اسْمِ الخالِقِ، الرّازِقِ، المُعْطِي، المانِعِ لِلْمَخْلُوقِ والمَرْزُوقِ والمُعْطى والمَمْنُوعِ،
وهَذِهِ الأسْماءُ كُلُّها حُسْنًى.
والرَّبُّ تَعالى يُحِبُّ ذاتَهُ وأوْصافَهُ وأسْماءَهُ، فَهو عَفْوٌ يُحِبُّ العَفْوَ، ويُحِبُّ المَغْفِرَةَ، ويُحِبُّ التَّوْبَةَ، ويَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إلَيْهِ أعْظَمَ فَرَحٍ يَخْطُرُ بِالبالِ
وَكانَ تَقْدِيرُ ما يَغْفِرُهُ ويَعْفُو عَنْ فاعِلِهِ، ويَحْلُمُ عَنْهُ، ويَتُوبُ عَلَيْهِ ويُسامِحُهُ مِن مُوجَبِ أسْمائِهِ وصِفاتِهِ، وحُصُولُ ما يُحِبُّهُ ويَرْضاهُ مِن ذَلِكَ، وما يَحْمَدُ بِهِ نَفْسَهُ ويَحْمَدُهُ بِهِ أهْلُ سَماواتِهِ وأهْلُ أرْضِهِ ما هو مِن مُوجَباتِ كَمالِهِ ومُقْتَضى حَمْدِهِ.
وَهُوَ سُبْحانَهُ الحَمِيدُ المَجِيدُ، وحَمْدُهُ ومَجْدُهُ يَقْتَضِيانِ آثارَهُما.
وَمِن آثارِهِما مَغْفِرَةُ الزَّلّاتِ، وإقالَةُ العَثَراتِ، والعَفْوُ عَنِ السَّيِّئاتِ، والمُسامَحَةُ عَلى الجِناياتِ، مَعَ كَمالِ القُدْرَةِ عَلى اسْتِيفاءِ الحَقِّ. والعِلْمُ مِنهُ سُبْحانَهُ بِالجِنايَةِ ومِقْدارِ عُقُوبَتِها، فَحِلْمُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ، وعَفْوُهُ بَعْدَ قُدْرَتِهِ، ومَغْفِرَتُهُ عَنْ كَمالِ عِزَّتِهِ وحَكَمْتِهِ، كَما قالَ المَسِيحُ ﷺ ﴿إنْ تُعَذِّبْهم فَإنَّهم عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لَهم فَإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [المائدة: ١١٨] أيْ فَمَغْفِرَتُكَ عَنْ كَمالِ قُدْرَتِكَ وحِكْمَتِكَ، لَسْتَ كَمَن يَغْفِرُ عَجْزًا، ويُسامِحُ جَهْلًا بِقَدْرِ الحَقِّ، بَلْ أنْتَ عَلِيمٌ بِحَقِّكَ، قادِرٌ عَلى اسْتِيفائِهِ، حَكِيمٌ في الأخْذِ بِهِ.
فَمَن تَأمَّلَ سَرَيانَ آثارِ الأسْماءِ والصِّفاتِ في العالَمِ، وفي الأمْرِ، تَبَيَّنَ لَهُ أنَّ مَصْدَرَ قَضاءِ هَذِهِ الجِناياتِ مِنَ العَبِيدِ، وتَقْدِيرُها: هو مِن كَمالِ الأسْماءِ والصِّفاتِ والأفْعالِ. وغاياتُها أيْضًا: مُقْتَضى حَمْدِهِ ومَجْدِهِ، كَما هو مُقْتَضى رُبُوبِيَّتِهِ وإلَهِيَّتِهِ.
فَلَهُ في كُلِّ ما قَضاهُ وقَدَّرَهُ الحِكْمَةُ البالِغَةُ، والآياتُ الباهِرَةُ، والتَّعَرُّفاتُ إلى عِبادِهِ بِأسْمائِهِ وصِفاتِهِ، واسْتِدْعاءُ مَحَبَّتِهِمْ لَهُ، وذِكْرِهِمْ لَهُ، وشُكْرِهِمْ لَهُ، وتَعَبُّدِهِمْ لَهُ بِأسْمائِهِ الحُسْنى، إذْ كَلُّ اسْمٍ فَلَهُ تَعَبُّدٌ مُخْتَصٌّ بِهِ، عِلْمًا ومَعْرِفَةً وحالًا، وأكْمَلُ النّاسِ عُبُودِيَّةً المُتَعَبِّدُ بِجَمِيعِ الأسْماءِ والصِّفاتِ الَّتِي يَطَّلِعُ عَلَيْها البَشَرُ، فَلا تَحْجُبُهُ عُبُودِيَّةُ اسْمٍ عَنْ عُبُودِيَّةِ اسْمٍ آخَرَ، كَمَن يَحْجُبُهُ التَّعَبُّدُ بِاسْمِهِ القَدِيرِ عَنِ التَّعَبُّدِ بِاسْمِهِ الحَلِيمِ الرَّحِيمِ، أوْ يَحْجُبُهُ عُبُودِيَّةُ اسْمِهِ المُعْطِي عَنْ عُبُودِيَّةِ اسْمِهِ المانِعِ، أوْ عُبُودِيَّةُ اسْمِهِ الرَّحِيمِ والعَفُوِّ والغَفُورِ عَنِ اسْمِهِ المُنْتَقِمِ، أوِ التَّعَبُّدُ بِأسْماءِ التَّوَدُّدِ، والبِرِّ، واللُّطْفِ، والإحْسانِ عَنْ أسْماءِ العَدْلِ، والجَبَرُوتِ، والعَظَمَةِ، والكِبْرِياءِ ونَحْوِ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الكُمَّلِ مِنَ السّائِرِينَ إلى اللَّهِ، وهي طَرِيقَةٌ مُشْتَقَّةٌ مِن قَلْبِ القُرْآنِ، قالَ اللَّهُ تَعالى ﴿وَلِلَّهِ الأسْماءُ الحُسْنى فادْعُوهُ بِها﴾ [الأعراف: ١٨٠] والدُّعاءُ بِها يَتَناوَلُ دُعاءَ المَسْألَةِ، ودُعاءَ الثَّناءِ، ودُعاءَ التَّعَبُّدِ، وهو سُبْحانُهُ يَدْعُو عِبادَهُ إلى أنْ يَعْرِفُوهُ بِأسْمائِهِ وصِفاتِهِ، ويُثْنُوا عَلَيْهِ بِها، ويَأْخُذُوا بِحَظِّهِمْ مِن عُبُودِيَّتِها. وَهُوَ سُبْحانُهُ يُحِبُّ مُوجَبَ أسْمائِهِ وصِفاتِهِ.
فَهُوَ عَلِيمٌ يُحِبُّ كُلَّ عَلِيمٍ، جَوّادٌ يُحِبُّ كُلَّ جَوّادٍ، وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، عَفُوٌّ يُحِبُّ العَفْوَ وأهْلَهُ، حَيِّيٌّ يُحِبُّ الحَياءَ وأهْلَهُ، بَرٌّ يُحِبُّ الأبْرارَ، شَكُورٌ يُحِبُّ الشّاكِرِينَ، صَبُورٌ يُحِبُّ الصّابِرِينَ، حَلِيمٌ يُحِبُّ أهْلَ الحِلْمِ، فَلِمَحَبَّتِهِ سُبْحانَهُ لِلتَّوْبَةِ والمَغْفِرَةِ، والعَفْوِ والصَّفْحِ خَلَقَ مَن يَغْفِرُ لَهُ، ويَتُوبُ عَلَيْهِ ويَعْفُو عَنْهُ، وقَدَّرَ عَلَيْهِ ما يَقْتَضِي وُقُوعَ المَكْرُوهِ والمَبْغُوضِ لَهُ، لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ المَحْبُوبُ لَهُ المُرْضِي لَهُ، فَتَوَسُّطُهُ كَتَوَسُّطِ الأسْبابِ المَكْرُوهَةِ المُفْضِيَةِ إلى المَحْبُوبِ.
فَرُبَّما كانَ مَكْرُوهُ العِبادِ إلى ∗∗∗ مَحْبُوبِها سَبَبَ ما مِثْلُهُ سَبَبٌ
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة السابعة والعشرون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات
والأسْبابُ مَعَ مُسَبَّباتِها أرْبَعَةُ أنْواعٍ:
مَحْبُوبٌ يُفْضِي إلى مَحْبُوبٍ، ومَكْرُوهٌ يُفْضِي إلى مَحْبُوبٍ، وهَذانَ النَّوْعانِ عَلَيْهِما مَدارُ أقْضِيَتِهِ وأقْدارِهِ سُبْحانَهُ بِالنِّسْبَةِ إلى ما يُحِبُّهُ وما يَكْرَهُهُ.
والثّالِثُ: مَكْرُوهٌ يُفْضِي إلى مَكْرُوهٍ، والرّابِعُ: مَحْبُوبٌ يُفْضِي إلى مَكْرُوهٍ، وهَذانَ النَّوْعانِ مُمْتَنِعانِ في حَقِّهِ سُبْحانَهُ، إذِ الغاياتُ المَطْلُوبَةُ مِن قَضائِهِ وقَدَرِهِ الَّذِي ما خَلَقَ ما خَلَقَ،ولا قَضى ماقَضى إلّا لِأجْلِ حُصُولِها لا تَكُونُ إلّا مَحْبُوبَةً لِلرَّبِّ مَرْضِيَّةً لَهُ.
والأسْبابُ المُوصِلَةُ إلَيْها مُنْقَسِمَةٌ إلى مَحْبُوبٍ لَهُ ومَكْرُوهٍ لَهُ.
فالطّاعاتُ والتَّوْحِيدُ أسْبابٌ مَحْبُوبَةٌ لَهُ، مُوَصِّلَةٌ إلى
الإحْسانِ، والثَّوابِ المَحْبُوبِ لَهُ أيْضًا.
والشِّرْكُ والمَعاصِي أسْبابٌ مَسْخُوطَةٌ لَهُ، مُوَصِّلَةٌ إلى العَدْلِ المَحْبُوبِ لَهُ، وإنْ كانَ الفَضْلُ أحَبَّ إلَيْهِ مِنَ العَدْلِ، فاجْتِماعُ العَدْلِ والفَضْلِ أحَبُّ إلَيْهِ مِنَ انْفِرادِ أحَدِهِما عَنِ الآخَرِ، لِما فِيهِما مِن كَمالِ المُلْكِ والحَمْدِ، وتَنَوُّعِ الثَّناءِ، وكَمالِ القُدْرَةِ. فَإنْ قِيلَ: كانَ يُمْكِنُ حُصُولُ هَذا المَحْبُوبِ مِن غَيْرِ تَوَسُّطِ المَكْرُوهِ.
قِيلَ: هَذا سُؤالٌ باطِلٌ، لِأنَّ وُجُودَ المَلْزُومِ بِدُونِ لازِمِهِ مُمْتَنِعٌ، والَّذِي يُقَدَّرُ في الذِّهْنِ وُجُودُهُ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ هَذا المَطْلُوبِ المَحْبُوبِ لِلرَّبِّ، وحُكْمُ الذِّهْنِ عَلَيْهِ بِأنَّهُ مَحْبُوبٌ لِلرَّبِّ حُكْمٌ بِلا عِلْمٍ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَبْغُوضًا لِلرَّبِّ تَعالى لِمُنافاتِهِ حِكْمَتَهُ، فَإذا حَكَمَ الذِّهْنُ عَلَيْهِ بِأنَّهُ مَحْبُوبٌ لَهُ، كانَ نِسْبَةً لَهُ إلى ما لا يَلِيقُ بِهِ، ويَتَعالى عَنْهُ.
فَلْيُعْطِ اللَّبِيبُ هَذا المَوْضِعَ حَقَّهُ مِنَ التَّأمُّلِ، فَإنَّهُ مَزِلَّةُ أقْدامٍ، ومَضَلَّةُ أفْهامٍ، ولَوْ أمْسَكَ عَنِ الكَلامِ مَن لا يَعْلَمُ لَقَلَّ الخِلافُ.
وَهَذا المَشْهَدُ أجَلُّ مَن أنْ يُحِيطَ بِهِ كِتابٌ، أوْ يَسْتَوْعِبَهُ خِطابٌ، وإنَّما أشَرْنا إلَيْهِ أدْنى إشارَةٍ تَطَّلِعُ عَلى ما وراءَها، واللَّهُ المُوَفِّقُ المُعِينُ.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثامنة والعشرون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات
(فائدة جليلة) أقسام ما يوصف به الرب تبارك وتعالى
قال ابن القيم : ما يجري صفة أو خبرا على الرب تبارك وتعالى أقسام : أحدها ما يرجع إلى نفس الذات كقولك ذات وموجود وشيء
الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم والقدير والسميع
الثالث: ما يرجع إلى أفعاله نحو: الخالق والرزاق
الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحض ولا بد من تضمنه ثبوتا إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس والسلام
الخامس: ولم يذكره أكثر الناس وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة معينة بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد نحو المجيد العظيم الصمد فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة فمنه استمجد المرخ والغفار وأمجد الناقة علفا ومنه ﴿ذُو العَرْشِ المَجِيدُ﴾ صفة للعرش لسعته وعظمه وشرفه وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترنا بطلب الصلاة من الله على رسوله ﷺ كما علمناه لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول: " اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ولا يحسن إنك أنت السميع البصير" فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه ومنه الحديث الذي في المسند والترمذي: "ألظوا بياذا الجلال والإكرام " ومنه " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام " فهذا سؤال له وتوسل إليه وبحمده وأنه الذي لا إله إلا هو المنان فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته وما أحق ذلك بالإجابة وأعظمه موقعا عند المسئول وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد أشرنا إليه إشارة وقد فتح لمن بصره الله تعالى تفسر الاسم الإلهي العظيم والصمد ولنرجع إلى المقصود وهو وصفه تعالى بالاسم المتضمن لصفات عديدة فالعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال وكذلك الصمد قال ابن عباس هو السيد الذي كمل في سؤدده وقال ابن وائل هو السيد الذي انتهى سؤدده وقال عكرمة: الذي ليس فوقه أحد وكذلك قال الزجاج: الذي ينتهي إليه السؤدد فقد صمد له كل شيء وقال ابن الأنباري: "لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم" واشتقاقه يدل على هذا فإنه من الجمع والقصد الذي اجتمع القصد نحوه واجتمعت فيه صفات السؤدد وهذا أصله في اللغة كما قال : ألا بكر الناعي بخير بني أسد ∗∗∗ بعمرو بن يربوع وبالسيد الصمد
والعرب تسمي أشرافهابالصمدلاجتماع قصد القاصدين إليه واجتماع صفات السيادة فيه.
السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد العفو القدير الحميد المجيد وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن فإن الغنى صفة كمال والحمد كذلك واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما وكذلك العفو القدير والحميد المجيد والعزيز الحكيم فتأمله.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات (فائدة جليلة)
إنه من أشرف المعارف تسليط صفات السلب على
أسماء الله تعالى وأماصفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتا كقوله تعالى: ﴿لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ﴾ فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته وكذلك قوله تعالى: ﴿وَما مَسَّنا مِن لُغُوبٍ﴾ متضمن لكمال قدرته وكذلك قوله: ﴿وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِن مِثْقالِ ذَرَّةٍ﴾ متضمن لكمال علمه وكذلك قوله: ﴿لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ﴾ متضمن لكمال صمديته وغناه وكذلك قوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ﴾ متضمن لتفرده بكماله وأنه لا نظير له وكذلك قوله تعالى:﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ ﴾ متضمن لعظمته وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به وهذا مطرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب ويجب أن تُعلم هنا أمور:
أحدها: أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
الثاني: أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا.
الثالث: أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن الماكر تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة والله أعلم.
الرابع: أن أسماءه عز وجل الحسنى هي أعلام
وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى.
الخامس: أن الاسم من أسمائه له دلالات دلالة على الذات والصفة بالمطابقة ودلالة على أحدهما بالتضمن ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثلاثون بعد المئتين في موضوع (البديع)
والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات (فائدة جليلة) من أشرف المعارف تسليط صفات السلب على أسماء الله تعالى :
السادس: أن أسماءه الحسنى لها اعتباران اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي
بالاعتبار الأول مترادفة وبالاعتبار الثاني متباينة.
السابع: أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع.
الثامن: أن الاسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا ومصدرا ونحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ﴾ ﴿فَقَدَرْنا فَنِعْمَ القادِرُونَ﴾ هذا إن كان الفعل متعديا فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حي.
التاسع: أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل فالرب لم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كمل ففعل والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به
العاشر: إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت ولا تناقض.
الحادي عشر: أن أسماءه كلها حسنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلا وقد تقدم أن من أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق والرازق والمحيي والمميت وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حسنى وهذا باطل فالشر ليس إليه فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل في أفعاله فالشر ليس إليه لا يضاف إليه فعلا ولا وصفا وإنما يدخل في مفعولاته وفرق بين الفعل والمفعول فالشر قائم بمفعوله المباين له لا بفعله الذي هو فعله فتأمل هذا فإنه خفي على كثير من المتكلمين وزلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات (فائدة جليلة)
الثاني عشر: في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة – وقدتقدم بسطه-
الثالث عشر: اختلف النظار في الأسماء التي تطلق على الله وعلى العباد كالحي والسميع والبصير والعليم والقدير والملك ونحوها: فقالت طائفة من المتكلمين: هي حقيقة في العبد مجاز في الرب وهذا قول غلاة الجهمية وهو أخبث الأقوال وأشدها فسادا
الثاني: مقابله وهو أنها حقيقة في الرب مجاز في العبد
وهذا قول أبي العباس الناشئ
الثالث: أنها حقيقة فيهما وهذا قول أهل السنة وهو الصواب واختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما وللرب تعالى منها ما يليق بجلاله وللعبد منها ما يليق به وليس هذا موضع التعرض لمأخذ هذه الأقوال وإبطال باطلها وتصحيح صحيحها فإن الغرض الإشارة إلى أمور ينبغي معرفتها في هذا الباب ولو كان المقصود بسطها لاستدعت سفرين أو أكثر.
الرابع عشر: أن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات: اعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد اعتباره مضافا إلى الرب مختصا به اعتباره مضافا إلى العبد مقيدا به فما لزم الاسم لذاته وحقيقته كان ثابتا للرب والعبد وللرب منه ما يليق بكماله وللعبد منه ما يليق به وهذا كاسم السميع الذي يلزمه إدراك المسموعات والبصير الذي يلزمه رؤية المبصرات والعليم والقدير وسائر الأسماء فإن شرط صحة إطلاقها حصول معانيها وحقائقها للموصوف بها فما لزم هذه الأسماء لذاتها فإثباته للرب تعالى لا محذور فيه بوجه بل ثبتت له على وجه لا يماثله فيه خلقه ولا يشابههم فمن نفاه عنه لإطلاقه على المخلوق ألحد في أسمائه وجحد صفات كماله ومن أثبته له على وجه يماثل فيه خلقه فقد شبهه بخلقه ومن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن أثبته له على وجه لا يماثل فيه خلقه بل كما يليق بجلاله وعظمته فقد بريء من فرث التشبيه ودم التعطيل وهذا طريق أهل السنة وما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد وجب نفيه عن الله كما يلزم حياة العبد من النوم والسنة والحاجة إلى الغذاء ونحو ذلك وكذلك ما يلزم إرادته من حركة نفسه في جلب ما ينتفع به ودفع ما يتضرر به وكذلك ما يلزم علوه من احتياجه إلى ما هو عال عليه وكونه محمولا به مفتقرا إليه محاطا به كل هذا يجب نفيه عن القدوس السلام تبارك وتعالى وما لزم صفة من جهة اختصاصه تعالى بها فإنه لا يثبت للمخلوق بوجه كعلمه الذي يلزمه القدم والوجوب والإحاطة بكل معلوم وقدرته وإرادته وسائر صفاته فإن ما يختص به منها لا يمكن إثباته للمخلوق فإذا أحطت بهذه القاعدة خبرا وعقلتها كما ينبغي خلصت من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين آفة التعطيل وآفة التشبيه فإنك إذا وفيت هذا المقام حقه من التصور أثبت لله الأسماء الحسنى والصفات العلى حقيقة فخلصت من التعطيل ونفيت عنها خصائص المخلوقين ومشابهتهم فخلصت من التشبيه فتدبر هذا الموضع واجعله جنتك التي ترجع إليها في هذا الباب والله الموفق للصواب .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثانية والثلاثون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات (فائدة جليلة)
الخامس عشر: أن الصفة متى قامت بموصوف لزمها أمور أربعة : أمران لفظيان ، وأمران معنويان : فاللفظيان : ثبوتي وسلبي ؛ فالثبوتي : أن يشتق للموصوف منها الموصوف ويخبر بها عنه ، والسلبي: أن لا يعود حكمها إلى غيره ولا يكون خبرا عنه وهي
قاعدة عظيمة في معرفة الأسماء والصفات .
فلنذكر من ذلك مثالا واحدا وهو : صفة الكلام فإنه إذا قامت بمحل كانت هو التكلم دون من لم تقم به وأخبر عنه بها وعاد حكمها إليه دون غيره فيقال : قال وأمر ونهى ونادى وناجى وأخبر وخاطب وتكلم وكلم ونحو ذلك ، وامتنعت هذه الأحكام لغيره فيستدل بهذه الأحكام والأسماء على قيام الصفة به وسلبها عن غيره على عدم قيامها به ، وهذا هو أصل أهل السنة الذي ردوا به على المعتزلة والجهمية وهو من أصح الأصول طردا وعكسا.
السادس عشر: أن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت
حصر ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك" صحيح على الراجح فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه ولهذا قال (استأثرت به ) أي انفردت بعلمه وليس المراد انفراده بالتسمي به لأن هذا الإنفراد ثابت في الأسماء التي أنزل الله بها كتابه ومن هذا قول النبي ﷺ في حديث الشفاعة: "فيفتح علي من محامده بما لا أحسنه الآن "رواه البخاري ومسلم
وتلك المحامد تفي بأسمائه وصفاته. ومنه قوله: "لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك"
رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.
وأما قوله ﷺ: "إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة" رواه البخاري ومسلم
فالكلام جملة واحدة وقوله: "ومن أحصاها دخل الجنة " صفة لا خبر مستقبل والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها وهذا كما تقول : لفلان مائة مملوك وقد أعدهم للجهاد ؛ فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد وهذا لا خلاف بين العلماء فيه.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات (فائدة جليلة)
السابع عشر: أن أسماءه تعالى منها ما يطلق عليه مفردا ومقترنا بغيره وهو غالب الأسماء فالقدير والسميع والبصير والعزيز والحكيم وهذا يسوغ أن يدعى به مفردا ومقترنا بغيره فتقول: يا عزيز يا حليم يا غفور يا رحيم وأن يفرد كل اسم وكذلك في الثناء عليه والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقرونا بمقابله كالمانع والضار والمنتقم فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفو فهو المعطي المانع الضار النافع المنتقم العفو المعز المذل لأن الكمال في اقتران كل اسم من هذه بما يقابله لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية وتدبير الخلق والتصرف فيهم عطاء ومنعا ونفعا وضرا وعفوا وانتقاما وأما أن يثنى عليه بمجرد المنع والانتقام والإضرار فلا يسوغ فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مجرى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد ولذلك لم تجيء مفردة ولم تطلق عليه إلا مقترنة فاعلمه فلو قلت: يا مذل يا ضار يا مانع وأخبرت بذلك لم تكن مثنيا عليه ولا حامدا له حتى تذكر مقابلها.
الثامن عشر: أن الصفات ثلاثة أنواع: صفات كمال وصفات نقص وصفات لا تقتضي كمالا ولا نقصا وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسما رابعا: وهو ما يكون كمالا ونقصا باعتبارين والرب تعالى منزه عن الأقسام الثلاثة وموصوف بالقسم الأول وصفاته كلها صفات كمال محض فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيرا بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص فله من صفة الإدراكات العليم الخبير دون العاقل الفقيه والسميع البصير دون السامع والباصر والناظر ومن صفات الإحسان البر الرحيم الودود دون الرفيق والشفوق ونحوهما وكذلك العلي العظيم دون الرفيع الشريف وكذلك الكريم دون السخي والخالق البارئ المصور دون الفاعل الصانع المشكل والغفور العفو دون الصفوح الساتر وكذلك سائر أسمائه تعالى يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها وما لا يقوم غيره مقامه فتأكد ذلك فأسماؤه أحسن الأسماء كما أن صفاته أكمل الصفات فلا تعدل عما سمى به نفسه إلى غيره كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله
إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: مشهد الأسماء والصفات (فائدة جليلة)
التاسع عشر: أن من أسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ويكون ذلك الاسم متناولا لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها كما تقدم بيانه كاسمه العظيم والمجيد والصمد كما قال ابن عباس: فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره: "الصمد: السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف: الذي قد كمل في شرفه والعظيم: الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه إسناده ضعيف" هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفوا أحد وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار هذا لفظه وهذا مما خفي على كثير ممن تعاطى الكلام في تفسير الأسماء الحسنى ففسر الاسم بدون معناه ونقصه من حيث لا يعلم فمن لم يحط بهذا علما بخس الاسم الأعظم حقه وهضمه معناه فتدبره.
العشرون: وهي الجامعة لما تقدم من الوجوه وهي معرفة الإلحاد في أسمائه حتى لا يقع فيه قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الأسماء الحُسْنى فادْعُوهُ بِها وذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في أسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾
والإلحاد في أسمائه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها
عن الحق الثابت لها وهو مأخوذ من الميل كما يدل عليه مادته ل ح د فمنه اللحد وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال عن الوسط ومنه الملحد في الدين المائل عن الحق إلى الباطل قال ابن السكيت: "الملحد المائل عن الحق المدخل فيه ما ليس منه" ومنه الملتحد وهو مفتعل من ذلك وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ أي من تعدل إليه وتهرب إليه وتلتجئ إليه وتبتهل فتميل إليه عن غيره تقول العرب التحد فلان إلى فلان إذا عدل إليه إذا عرف هذا
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعد المئتين في
موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي
بعنوان: مشهد الأسماء والصفات (فائدة جليلة)
الإلحاد في أسمائه تعالى أنواع :
أحدها: أن يسمى الأصنام بها كتسميتهم اللات من
الإلهية والعزى من العزيز وتسميتهم الصنم إلها وهذا إلحاد حقيقة فإنهم عدلوا بأسمائه إلى أوثانهم وآلهتهم الباطلة
الثاني: تسميته بما لا يليق بجلاله كتسمية النصارى له أبا وتسمية الفلاسفة له موجبا بذاته أو علة فاعلة بالطبع ونحو ذلك
وثالثها: وصفه بما يتعالى عنه ويتقدس من النقائص كقول أخبث اليهود إنه فقير وقولهم إنه استراح بعد أن خلق خلقه وقولهم: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ وأمثال ذلك مما هو إلحاد في أسمائه وصفاته.
ورابعها: تعطيل الأسماء عن معانيها وجحد حقائقها
كقول من يقول من الجهمية وأتباعهم إنها ألفاظ مجردة لا تتضمن صفات ولا معاني فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد ويقولون لا حياة له ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا إرادة تقوم به وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلا وشرعا ولغة وفطرة وهو يقابل إلحاد المشركين فإن أولئك أعطوا أسماءه وصفاته لآلهتهم وهؤلاء سلبوه صفات كماله وجحدوها وعطلوها فكلاهما ملحد في أسمائه ثم الجهمية وفروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد فمنهم الغالي والمتوسط والمنكوب وكل من جحد شيئا عما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله فقد ألحد في ذلك فليستقل أو ليستكثر وخامسها: تشبيه صفاته بصفات خلقه تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة فإن أولئك نفوا صفة كماله وجحدوها وهؤلاء شبهوها بصفات خلقه فجمعهم الإلحاد وتفرقت بهم طرقه وبرأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله فلم يصفوه إلا بما وصف به نفسه ولم يجحدوا صفاته ولم يشبهوها بصفات خلقه ولم يعدلوا بها عما أنزلت عليه لفظا ولا معنى بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات فكان إثباتهم بريئا من التشبيه وتنزيههم خليا من التعطيل لا كمن شبه حتى كأنه يعبد صنما أو عطل حتى كأنه لا يعبد إلا عدما وأهل السنة وسط في النحل كما أن أهل الإسلام وسط في الملل توقد مصابيح معارفهم من: ﴿شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشاءُ﴾ فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته ومتابعة رسوله إنه قريب مجيب.
فهذه عشرون فائدة مضافة إلى القاعدة التي بدأنا بها في أقسام ما يوصف به الرب تبارك وتعالى فعليك بمعرفتها ومراعاتها
[ الأنترنت - موقع الباحث القرآني - تفسير ابن قيّم الجوزيّة — ابن القيم ]
الخاتمة
الحمد لله البديع الذي بنعمته تتم الصالحات ، والحمد لله على إتمام هذا البحث العظيم [ البديع ]
إن اسم الله البديع ليذكرنا بعظمة الله تعالى, الذي خلق هذا الكون فأبدع في صنعه، وأنه إذا أردنا أن
نتخلق بما يتضمنه هذا الاسم من معاني عظيمة؛ فعلينا أن نتأمل ونتفكر في بديع خلق المولى -سبحانه-، ففي كل حركة وسكنة ومخلوق نجد أثر البديع تعالى, كما علينا أن نَفْرِقَ بين الإبداع وبين الابتداع، فنحن مسموح لنا أن نُبدع في الحياة في الصناعة والزراعة والعلوم وغيرها, وليس مسموحاً لنا أن نبتدع في الدين؛ لأنَّ البدعة في الدين ضلالة وكل ضلالة في النار.
وقد بذلت قصارى جهدي وجمعت كل ماله علاقة وجميع النصوص في موضوعه من كلام رب العالمين البديع وكلام رسوله الأمين وأقوال الصحابة والتابعين والعلماء الربانيين المخلصين والمتبعين لحبيبنا صلى الله عليه وسلم ومن سار على دربه ، وما ورد في كلام العرب ، وعزوت كل قول الى قائله ، وهو أشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي ؛ إن اصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله وعلى أتم إستعداد للرجوع إلى الصواب ، والحمد لله مجيب السائلين, وأمان الخائفين, ورجاء الآملين, وهادي الضالين .....
اللهم اجعله علما نافعا وعملا صالحاً متقبلاً ، والصلاة والسلام على إمام الهدى, ونور الدجى, وعلى آله وصبحه وسلم تسليماً كثيراً.
انتهيت من هذا المؤلف في يوم الأحد الثالث من شهر ذي الحجة من العام الهجري 1440ه في منزلي بآل دماس – عراء – بني ظبيان – بمنطقة الباحة – المملكة العربية السعودية
جوال 0555516289
جمع وتأليف : الدكتور / مسفر بن سعيد دماس الغامدي