أداء الحديث بين اللفظ والمعنى

بسم الله الرحمن الرجيم

أداء الحديث بين اللفظ والمعنى

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )[1].

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )[2].

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )[3].

أما بعد :فهذه الحلقة الأولى في موضوع أداء الحديث بين اللفظ والمعنى وهي بعنوان : مقدمة

  إن شرف العلم بشرف قائله فالقرآن الكريم بالنسبة لغيره من الكلام كذات الله بالنسبة للذوات المخلوقة فهو أشرف العلوم على الإطلاق وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: بالنسبة لكلام البشر، كذات محمد صلى الله عليه  وسلم بالنسبة للذوات الأخرى، فهو أشرف العلوم بعد القرآن الكريم، وهو المصدر الثاني من مصادر التشريع بل السنة المطهرة هي شارحة للقرآن ومفسرة له، ومقيدة لما ورد في القرآن الكريم من إطلاق، ومخصصة لما ورد فيه من عام.

روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي[4] من حديث أبي نجيح العرباض بن سارية - رضي الله عنه – قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون، قلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا؟ قال: ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وأن تأمر عليكم، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا علينا بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ).

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها )[5].

وقال سفيان بن عيينة: ليس من أهل الحديث أحد إلا وفي وجهه نضرة لهذا الحديث[6].

وقال الشافعي: أهل الحديث في كل زمان كالصحابة في زمانهم.

وقال أيضا: إذا رأيت صاحب حديث فكأني رأيت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم[7].

والعلم هو: قال الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره ليس بعلم ولو أن الأمة رجعت إلى كتاب ربها سبحانه وتعالى، وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم لعادت لها عزتها وكرامتها وسؤددها، لكن الأمة ابتعدت عن المعين الصافي فتحكمت الأهواء والبدع فيها، وتحكم الظلمة ودعاة السوء فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وسبب هذا البحث المتواضع أنني عندما وقفت أمام بعض النصوص في رواية الحديث وأدائه، لفت نظري ما ذهب إليه بعض الصحابة وبعض التابعين والأئمة في الرواية باللفظ وآخرون بالمعنى، فتمنيت أن تجمع هذه النصوص في مكان واحد ويرجح المذهب الحق فكان البحث أسأل الله أن يجعله علما نافعا وعملا صالحا آمين.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية في موضوع أداء الحديث بين اللفظ والمعنى وهي بعنوان :

*مفهوم أداء الحديث بين اللفظ والمعنى:

معنى "أداء" في اللغة هو: أدّى الشيء: أوصله، والاسم الأداء وفلان أحسن أداءً، وأدّى دَينَهُ تأديةً: أي قضاء.

وأما قوله عز وجل: ( أن أدّوا إلىّ عباد الله إني لكم رسول أمين ) فهو من قول موسى لذوي فرعون، معناه: سَلِّمُوا إلىّ بني إسرائيل .. وقيل بمعنى: استمعوا إليّ[8].

أما معنى "الأداء" اصطلاحا فهو: البلاغ كما ورد في عدة روايات عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نضّر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره ).

وفي رواية أخرى: ( نضّر الله امرأً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمع ).

وفي ثالثة: ( نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها )[9].

وتأتي كلمة "أدّى" بمعنى: حدّث، وروى، وأخرج، وأورد، وساق الحديث.

قال الخطيب البغدادي: "وبلّغه" مكان "أدّاه"[10]

وقال أبو سعيد: كنا نجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم: عسى أن نكون عشرة نفر نسمع الحديث فما منا اثنان يؤديانه غير أن المعنى واحد[11].

والحديث معناه في اللغة: الجديد.

وفي الاصطلاح: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة[12].

*شروط أداء المحدث من حفظه:
قال ابن الصلاح: شدد قوم في الرواية فأفرطوا، وتساهل فيها آخرون ففرطوا، ومن مذاهب التشديد مذهب من قال: لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره، وذلك مروي عن مالك وأبي حنيفة، وأبو بكر الصيدلاني المروزي.

ومنها مذهب من أجاز الاعتماد في الرواية على كتابه ...[13]

وقال السيوطي: وقد شدد قوم في الرواية فأفرطوا 0 أي بالغوا – وتساهل فيها آخرون ففرطوا – أي قصروا[14].

وقال السخاوي: قال مروان بن محمد الفزاري: ثلاثة لا غنى للمحدث عنها: الحفظ، الصدق، وصحة الكتب، فإن أخطأه الحفظ، وكان فيه ما عداه لم يضره.

وقال أيضا: قال ابن معين: ينبغي للمحدث أن يتزن بالصدق ، ويرتدى بالكتب.

وقال أيضا: سئل مالك: أيؤخذ العلم عمن لا يحفظه وهو ثقة صحيح؟ قال: لا ، قلت له: أنه يخرج كتابه ويقول هو سماعي، قال: أما أنا أرى ألا يحمل عنه، فإني لا آمن أن يكتب في كتابه ما ليس منه ..[15]

ثم قال السخاوي: وسواء حدث من كتابه ابتداء ، أو حفظ من كتابه ، ثم حدث من حفظه ، لكن قد كان شعبة ربما نص على أن حفظه من كتابه لئلا يتوهم[16].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان :

الشروط التي ذكروها لصحة أداء المحدث وقبول روايته  بعد ثبوت عدالته ودقة حفظه

تتمثل في الآتي:

( 1 ) أن يكون الراوي معروفا عند أهل العلم بطلب الحديث وصرف العناية إليه.

قال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: لا يؤخذ العلم إلا عمن شهد له بطلب الحديث

وقال شعبة: خذوا العلم من المشتهرين.

وقال عبد الله بن عون: لا نكتب الحديث إلا ممن كان عندنا معروفا بالطلب.

وقال خارجة بن مصعب: خذوا العلم عمن العلم بيشكه - أي حرفته -.

وقال أبو الزناد: أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون لا يؤخذ عنهم العلم، كان يقال: ليس هم من أهله.

وقال مالك: أدركت بهذا البلد رجالا من بين المائة ونحوها يحدثون الأحاديث لا يؤخذ منهم ، ليسوا بأئمة، فقال ابن وهب لمالك: وغيرهم دونهم في السن يؤخذ ذلك منهم؟ قال: نعم ، ويجب أن يكون حفظه مأخوذا عن العلماء لا عن الصحف.

وقال سليمان بن موسى: لا تأخذوا العلم من الصحفيين.

وكان ثور بن يزيد: لا يفتي الناس صحفي، ولا يقرئهم مصحفي[17].

( 2 ) أما إذا أراد التحديث من كتابه فيشترط أن يكون سمع الحديث وكتبه وأتقن كتابته ثم حفظ من كتابه فلا بأس حينئذ بروايته:

قال عبد الله بن إدريس: كان أبي يقول احفظ وإياك الكتاب فإذا حفظت فاكتب، فإن احتجت يوما أو شغل قلبك وجدت كتابك.

قال وكيع: وأما سفيان فكان يحفظ من كتابه ثم يجيء فيحدثنا[18].

( 3 ) أن يكون ضابطا لما سمعه وقت سماعه متحفظا على شيخه:

قال شعبة: كنت أجلس إلى قتادة فإذا سمعته يقول سمعت فلانا وحدثنا فلان كتبت فإذا قال: قال فلان، وحدث فلان، لم أكتب[19].

وقال عبد الرحمن بن مهدي: الحفظ هو الاتقان[20].

( 4 ) التثبت من الرواية حال الأداء، ورواية ما لا يرتاب في حفظه ويتوقف عما عارضه الشك فيه:

سمع أبو موسى الغافقي، عقبة بن عامر الجهني يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قال أبو موسى: إن صاحبكم هذا لحافظ أو هالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر ما عهد إلينا أن قال: عليكم بكتاب الله وسترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني، ومن قال على ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار، ومن حفظ شيئا فليحدث به[21].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان :الشروط التي ذكروها لصحة أداء المحدث وقبول روايته بعد ثبوت عدالته ودقة حفظه

وعن ابن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أما بعد فإني أريد أن اقول قد قدر أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فيمن وعاها وعقلها وحفظها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته، ومن

خشي أن لا يعيها فإني لا أحل لأحد أن يكذب علي[22].

وقال محمد بن سيرين: التثبت نصف العلم.

وقال أبو زرعة الدمشقي: رأيت أبا مهر يكره للرجل أن يحدث إلا أن يكون عالما بما يحدث ضابطا له.

وقال أحمد بن حنبل: الحديث شديد فسبحان الله ما أشده - أو كما قال – ثم قال: يحتاج إلى ضبط وذهن - وكلام يشبه هذا - ثم قال: لا سيما إذا أراد أن يخرج منه إلى غيره. – قلت أي شيء تعني بقولك: يخرج منه إلى غيره؟ قال: إذا حدث، ثم قال: هو ما لم يحدث مستور، فإذا حدث خرج منه إلى غيره – وكلام نحو هذا - [23].

وقال خلف بن سالم: سماع الحديث هين والخروج منه شديد[24].

وقال أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله: من لم يهب الحديث وقع فيه.

وقال عبد الرحمن بن مهدي: يحرم على الرجل أن

يروي حديثا في أمر الدين حتى يتقنه ويحفظه كالآية من القرآن وكاسم الرجل[25].

وقال السخاوي: قال مروان بن محمد الفزاري: ثلاثة لا غنى للمحدث عنها الحفظ، الصدق، وصحة الكتب، فإن أخطأ، الحفظ، وكان فيه ما عداه لم يضره[26].

( 5 ) معرفة النحو:

عن شعبة قال: من طلب الحديث ولم يبصر العربية كمثل رجل عليه برن وليس له رأس[27].           وعن حماد بن سلمة قال: مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة ولا شعير فيها[28].

وروى الخليلي في الارشاد عن العباس بن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه،قال جاء عبد العزيز الدراوردي في جماعة إلى أبي ليعرضوا عليه كتابا،فقرأ لهم الدراوردي، وكان رديء اللسان يلحن، فقال أبي: ويحك يا دراوردي أنت كنت إلى إصلاح لسانك قبل النظر في هذا الشأن أحوج منك إلى غير ذلك[29].

وشكا سيبويه حماد بن سلمة إلى الخليل فقال له: سألته عن حديث هشام بن عروة عن أبيه في رجل رعف فانتهرني، وقال أخطأت إنما هو رعف بفتح العين، فقال الخليل: صدق أتلقى بهذا الكلام أبا أسامة وعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو

واللغة وما يسلم به من اللحن والتصحيف[30].

وقال الأوزاعي: أعربوا الحديث، فإن القوم كانوا عربا[31].

وقال ابن كثير: ينبغي لطالب الحديث أن يكون عارفا بالعربية قال الأصمعي: "أخشى عليه إذا لم يعرف العربية أن يدخل في قوله" ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه[32]. وقال ابن الصلاح: فحق علي طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من

شين اللحن والتحريف ومعرتهما[33].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان : الشروط التي ذكروها لصحة أداء المحدث وقبول روايته  بعد ثبوت عدالته ودقة حفظه

والبحث فيه مذهبان:

المذهب الأول: يذهب أصحابه إلى وجوب أداء الحديث باللفظ.

المذهب الثاني: يذهب أصحابه إلى جواز أداء الحديث بالمعنى.

وتفصيل ذلك ما يلي:

المذهب الأول:

مذهب القائلين بوجوب الرواية باللفظ

أداء القائلين بوجوب أداء الحديث باللفظ:

احتج أصحاب هذا المذهب بأدلة منها:

1)               الاتفاق على أن الشرع قد ورد بأشياء كثيرة قصد فيها الاتيان باللفظ والمعنى جميعا مثل التكبير والتشهد والآذان والشهادة.

2)               احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (نضّر الله امرأ سمع منا حديثا فأداه كما سمعه)

3)               احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي علمه إذا أخذ

مضجعه يقول: " آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت " في الكلمات المشهورة فقال الرجل " وبرسولك الذي أرسلت " فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " وبنبيك الذي أرسلت " لم يسوغ لمن علمه الاداء مخالفة اللفظ.

4)               احتج أصحاب هذا المذهب بما ورد عن عبد الله بن عمر وعن ابن مسعود وغيرهما من الصحابة ومن أئمة  التابعين وغيرهم، مثل مالك بن أنس في شدة تحرّيهم الرواية باللفظ.

5)               وتهيّب بعض الصحابة – رضوان الله عليهم – فمن بعدهم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه

وسلم وتبديل اللفظ المسموع عنه.

6)                اختلاف نظر الناس، وتباين أفهامهم فإذا أدى اللفظ أمن الغلط، وبقى النص كما هو لمن يأتي بعد.

7)               لا يحتج باختلاف الصحابة في نقل الحديث الواحد بألفاظ مختلفة فإنهم شاهدوا قرائن تلك الألفاظ وأسباب تلك الأحاديث فحفظوا هذا المعاني التي عايشوها على صورتها التي وقعت عليها فجاءت ألفاظهم ترجمة لما وعوا وعايشوا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان : الأدلة على مذهب الوجوب

وفيما يلي عدد من النصوص التي تدل على ما ذكرناه آنفا:

قال القاضي عياض: لا خلاف أن على الجاهل والمتبدئ، ومن لم يمهر في العلم ولا تقدم في معرفة تقديم الألفاظ، وترتيب الجمل، وفهم المعاني، أن لا يكتب ولا يروي، ولا يحكي حديثا إلا على اللفظ الذي سمعه، وأنه حرام عليه التعبير بغير لفظه المسموع، إذ جميع ما يفعله من ذلك تحكم بالجهالة، وتصرف على غير حقيقة في أصول الشريعة، وتقول

 على الله ورسوله ما لم يحط به علما.

وقديما هاب الصحابة رضوان الله عليهم فمن بعدهم الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وتبديل اللفظ المسموع منه ومضى النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وأمر بإيراد ما سمع منه كما سمع[34].

وقال أبو جعفر محمد بن علي: لم يكن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزيد فيه ولا ينقص ولا ولا مثل عبد الله بن عمر، وفي وراية أخرى: كان ابن عمر إذا سمع الحديث لم يزد فيه ولا ينقص منه ولا يجاوزه، ولم يقصر عنه[35].

وقال قتيبة كانوا يقولون: الحفاظ أربعة: إسماعيل بن

عليه ، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع ، ووهيب، كانوا هؤلاء يؤدون اللفظ[36].

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قلنا لزيد بن أرقم يا أبا عمرو ألا تحدثنا؟ فقال: قد كبرنا ونسينا، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد[37].

وحدث حبيب بن عبيد أن أبا أمامة كان يحدث بالحديث كالرجل الذي يؤدي ما سمع.

وعن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى

 الله عليه وسلم من حدث حديثا كما سمع فإن كان

صدقا وبرأ فله، وإن كان كذبا فعلى من ابتدأه.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من سمع حديثا فحدث به كما سمع فقد سلم[38].

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نضّر الله امرأً سمع منا حديثا فأدى كما سمعه قرب مبلغ أوعى من سامع.

وفي رواية أخرى: رحم الله من سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه فإنه رب مبلغ أوعى من سامع[39].

روى المبارك بن فضالة عن الحسن أنه كان يستحب أن يحدث الرجل الحديث كما سمع.

وقيل لأبي عبد الله كان عبد الرحمن حافظا؟ فقال:

كان حافظا، وكان يتوقى كثيرا، وكان يحب أن يحدث بالألفاظ[40].

وكان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول لابن شهاب: أن حالي ليست كحالك؟ فقال له ابن شهاب: وكيف ذلك؟ قال ربيعة: أنا أقول برأيي فمن شاء أخذه فعمل به ومن شاء تركه، وأنت تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فتحفظ في حديثك[41].

وعن المغيرة الضبي قال: أبطأت على إبراهيم، فقال: يا مغيرة ما أبطأك؟ قال: قلت: قدم علينا شيخ، فكتبنا عنه أحاديث، فقال إبراهيم: لقد رأيتنا وما نأخذ الأحاديث إلا ممن يعلم حلالها من حرامها، وحرامها من حلالها وأنك لتجد الشيخ يحدث بالحديث فيحرف حلاله عن حرامه، وحرامه عن حلاله وهو لا يشعر[42].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة السابعة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان : الأدلة على مذهب الوجوب

وروى البيهقي عن الخليل بن أحمد أنه كان يتحفظ من الباء ، والتاء، والياء، في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واستدل بقوله " رب مُبَلِّغ أوعى من سامع" فإذا

رواه بالمعنى فقد أزال عن موضعه معرفة ما فيه[43].

وقال القاضي عياض: ينبغي سد باب الرواية بالمعنى، لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن، كما وقع للرواة كثيرا قديما وحديثا[44].

وقال القاضي عياض أيضاً: ومنعه آخرون وشددوا فيه من المحدثين والفقهاء ، ولم يجيزوا ذلك لأحد، ولا سوغوا إلا الاتيان به على اللفظ نفسه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ، وروى نحوه عن مالك أيضا[45].

وعن مالك أنه كان يتحفظ من الباء ، والياء ، والتاء ، في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم[46].

وقال القاضي عياض: كان عبد الله بن مسعود ،

يمكث السنة لا يقولك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذته الرعدة ، ويقول: أو هكذا ، أو نحوه ، أو شبهه[47].

وعن معن بن عيسى قال: قلت لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله كيف لم تكتب عن الناس وقد أدركتهم متوافرين؟ فقال: أدركتهم متوافرين، ولكن لا أكتب إلا عن رجل يعرف ما يخرج من رأسه[48].

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: ينبغي أن يكتب هذا

الشأن عمن كتب يدري ما كتب صدوق مؤتمن

عليه، يحدث يوم يحدث ويدري ما يحدث[49].

وقال الشافعي حاكيا عن سائل سأله: قد أراك تقبل شهادة من لا تقبل حديثه؟ فقلت لكبر أمر الحديث ، وموقعه من المسلمين، ولمعنى بين . قال: وما هو؟ قلت: تكون اللفظة تترك من الحديث فيختل معناه، أو ينطق بها بغير لفظ المحدث والناطق، بها غير عامد لإحالة الحديث فيحيل معناه فإذا كان الذي يحمل الحديث يجهل هذا المعنى، وكان غير عاقل للحديث فلم يقبل حديثه إذا كان يحمل ما لا يعقل إن كان ممن لا يؤدي الحديث بحروفه، وكان يلتمس تأديته على معانيه، وهو لا يعقل المعنى، قال: أفيكون

عد لا غير مقبول الحديث؟

قلت: نعم إذا كان كما وصفت هذا موضع ظنه بنية يرد بها حديثه وقد يكون الرجل عدلا على غيره ظنينا في نفسه، ولعله أن يخر من بعد أهون عليه من أن يشهد بباطل، ولكن الظنة لما دخلت عليه تركت بها شهادته، فالظنة فيمن لا يؤدي الحديث بحروفه ولا يعقل معانيه أبين منها في المشاهد لمن ترد شهادته له فيما هو ظنين فيه[50].

وروى عن أبي الدرداء أنه إذا فرغ من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا أو نحو هذا، أو شكله.

وكان أنس بن مالك قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مما إذا حدث عنه قال: أو كما قال[51].

وقال القاضي عياض:وقال مالك بن أنس:أما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحب أن يؤتى به على ألفاظه.

وما قاله - رحمه الله – الصواب، فإن نظر الناس مختلف، وأفهامهم متباينة وفوق كل ذي علم عليم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه " ، فإذا أدى اللفظ أمن الغلط، واجتهد كل من بلغ إليه فيه، وبقى على حاله لمن يأتي بعد. وهو أنزه للراوي وأخلص للمحدث[52].

وقال ابن عون أدركت ثلاثة يشردون في الحروف ... القاسم، ورجاء، وابن سيرين[53].

وقال ابن حجر: ولا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه. قال القاضي عياض: ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع لكثير من الرواة قديما وحديثا والله الموفق[54].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الثامنة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان : *إبدال كلمة بأخرى حين الأداء:

روى عن عبيد بن عمير وهو يقص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل المنافق كمثل الشاه الرابضة بين الغنمين، فقال ابن عمر: ويلكم لا تكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين )[55].

وحدث أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام الليل فدخل إلى أهله فألم بهم ثم اضطجع، ولم تقل "نام" فإذا المؤذن وثب، ولم "قام" ثم أفاض على نفسه، ولم تقل "اغتسل"[56].

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من جهنم أو مقعده من النار )[57].

وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا براء كيف تقول إذا أخذت مضجعك؟ قال: قلت الله ورسوله أعلم، قال: إذا أويت إلى فراشك طاهرا فتوسد يمينك ثم قل ( اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أرسلت ) فقلت كما علمني غير أني قلت

"ورسولك" فقال بيده في صدره "وبنبيك" من قالها

من ليلته ثم مات، مات على الفطرة[58].

*تقديم كلمة على أخرى حال الأداء:

روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بني الإسلام على خمس، أن تعبد الله وتكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان )[59].

ثم جاء في رواية أخرى أن رجلا قال: تعبد الله وتكفر بما دونه، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان، قال لا ، أجعل صيام رمضان أخرهن كما

سمعت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم[60].

وروى أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار متعمدا، قاله مرتين، وقال مرة: من كذب علي متعمدا[61].

وعن عاصم ، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أيصلي الرجل في ثوب واحد؟ فقال: أوكلكم يجد ثوبين؟ قال: وسأل رجل عمر: أنصلي في ثوب واحد؟ فقال أوسعوا على أنفسكم إذا وسع الله عليكم، أو إذا وسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم قال عاصم: لا أدري بأيهما بدأ وذكر بقية الحديث[62].

*زيادة حرف أو حذفه:

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخلوا على القوم المعذبين - يعني حجر ثمود - إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم فيصيبكم – أو قال: يصيبكم – مثل ما أصابهم[63].

وحدث سفيان قال: حدثنا الزهري أنه سمع أنس بن مالك يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء، والمزفت أن ينتبذ فيه فقيل لسفيان أن ينبذ فيه؟ فقال: لا ، هكذا قال لنا الزهري " ينتبذ فيه "[64].

وقال الأعمش: كان هذا العلم عند أقوام كان أحدهم لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يزيد فيه واوا أو ألفا أو دالا، وأن أحدهم اليوم يحلف على السمكة أنها سمينة، وأنها لمهزولة[65].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة التاسعة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان :

*إبدال حرف بآخر وإن كانت صورتهما واحدة:

عن معن بن عيسى قال: كان مالك بن أنس يتقي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين التي والذي ونحوهما[66].

وروى البيهقي عن الخليل بن أحمد أنه قال: كان يتحفظ من الباء، والتاء، والياء، في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واستدل بقوله " رب مبلغ أوعى من سامع "[67].

وكان مالك يتحفظ من الباء، والتاء، والياء، في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم[68].

روى محمد بن يحي الذهلي قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالرعب وأوتيت جوامع الكلم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وبينا أنا نائم إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فنثلت في يدي ، " قال محمد بن يحي: هكذا قيدنا عن يزيد بن هارون، وإنما هي فتلت في يدي "[69].

وقال أبو الأسود: ثنا نافع بن يزيد، عن ابن الهاد، أن عبد الله بن دينار حدثه، عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رأى حلة شيراء - قال أبو الأسود: هكذا قال نافع " شيراء " وغيره يقول: " سيراء " – لعطارد بن حاجب، تباع، فقال: يا رسول الله: ابتع هذه الحلة فتلبسها يوم الجمعة، وإذا جاءك الوفد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة .. وذكر بقية الحديث[70].

روى أبو زرعة عن أبي هريرة قال: إني لآخذ بخطام الناقة حتى استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها وقال: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم أصبحنا بصحبة، وأقبلنا بذمة، اللهم أزو لنا الأرض، وسيرنا فيها، إني أعوذ بك من عوثاء السفر، وكآبة المنقلب، قال أبو زرعة: وكان أبو هريرة رجلا عربيا لو شاء أن يقول وعثاء السفر لقال[71].

وحدث سفيان قال: ثنا سليمان  الأعمش، عن عمارة بن عمير عن أبي معمر، عن أبي مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تزجي صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود ) قال سفيان: هكذا قال الأعمش: لا تزجي ويريد لا تجزي[72].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة العاشرة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان : المذهب الثاني:

مذهب القائلين بجواز أداء الحديث على المعنى

الشروط الواجب توافرها فيمن يؤدي الحديث على المعنى:

اشترط العلماء عدة شروط منها:

1)               أن يكون الراوي عدلا، حافظا، مشتغلا بالعلم، فاقدا لوجود تصرف الألفاظ، والعلم بمعانيها، ومقاصدها، ومدلولاتها خبيرا بما يحيل معانيها، بصيرا بمقادير التفاوت بينهما، والعلم بحلال الأحاديث وحرامها.

2)               القطع بأنه أدى معنى اللفظ الذي بلغه.

3)                التساوي في الجلاء و الخفاء بين اللفظ والمعنى.

4)               عدم تغيير ما تضمنته بطون الكتب.

5)               نسيان الحفظ، لأنه تحمل اللفظ والمعنى فنسي أحدهما فيلزمه أداء الآخر.

6)               حفظ اللفظ، ليتمكن من التصرف فيه.

7)               يجوز على طريق الاستشهاد والمذاكرة فقط.

والأربعة الأولى مجمع عليها فإذا تخلف أحدها فإن الرواية بالمعنى تكون حراما ولا تجوز، ويجب أن يؤدي الحديث باللفظ سواء كان عن النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره.

أما الأخيرة فإن الأمر فيها واسع والحمد لله.

وفيما يلي نورد عددا من أقوال العلماء تدل على ما ذكرناه:

قال القاضي عياض: ثم اختلف السلف وأرباب الحديث والفقه والأصول هل يسوغ ذلك لأهل العلم فيحدثون على المعنى أو لا يباح لهم ذلك؟ فأجازه جمهورهم: أن كان ذلك من مشتغل بالعلم، فاقد لوجوه تصرف الألفاظ بمعانيها ومقاصدها، جامع لمواد المعرفة بذلك[73].

وقال الخطابي: يجوز بإزاء مرادف، وقيل: إن كان موجبه علما جاز، لأن المعول على معناه، ولا تجب مراعاة اللفظ، وإن كان عملا لم يجاز.

وقيل: إذا نسى الحفظ فلا بأس بالمعنى.

وقيل عكسه هو والجواز لمن يحفظ اللفظ ليتمكن من التصرف فيه دون من نسيه[74].

وقال القاضي عياض: وجواز ذلك للعالم المتبحر معناه

عندي على طريق الاستشهاد والمذاكرة والحجة وتحريه في ذلك متى أمكنه أولى كما قال مالك، وفي الأداء والرواية آكد[75].

وقال الماوردي : إن نسي جاز، لأنه تحمل اللفظ والمعنى، وعجز عن أداء أحدهما فيلزمه أداء الآخر، لا سيما إن تركه قد يكون كتما للأحكام، فإن لم ينسه لم يجز أن يروده بغيره، لأن في كلامه صلى الله عليه وسلم من الفصاحة ما ليس في غيره[76].

وقال ابن كثير: وأما روايته الحديث بالمعنى: فإن كان

الراوي غير عالم ولا عارف بما يحيل المعنى فلا خلاف

 أنه لا تجوز له روايته الحديث بهذه الصفة.

وأما إن كان عالما بذلك، يصيرا بالألفاظ ومدلولاتها، وبالمترادف من الألفاظ ونحو ذلك. فقد جوز ذلك جمهور الناس سلفا وخلفا، وعليه العمل كما هو المشاهد في الأحاديث الصحاح وغيرها فإن الواقعة تكون واحدة، وتجيء بألفاظ متعددة من وجود مختلفة متباينة[77].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الحاديةعشرة في موضوع أداء الحديث

وهي بعنوان : الأدلة على المذهب الثاني:

مذهب القائلين بجواز أداء الحديث على المعنى:

وقال ابن الصلاح: إذا أراد رواية ما سمعه على معناه دون لفظه فإن لم يكن عالما عارفا بالألفاظ ومقاصدها خبيرا بما يميل معانيها، بصيرا بمقادير التفاوت بينهما فلا خلاف أنه لا يجوز له ذلك، وعليه أن لا يروي ما سمعه إلا على اللفظ الذي سمعه من غير تغيير، فأما إذا كان عالما عارفا بذلك فهذا مما اختلف فيه السلف، وأصحاب الحديث وأرباب الفقه والأصول، فجوزه أكثرهم ولم يجوزه بعض المحدثين وطائفة من الفقهاء والأصوليين من الشافعيين وغيرهم. ومنعه بعضهم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجازه في غيره، والأصح جواز ذلك في الجميع إذا كان عالما بما وصفناه قاطعا بأنه أدى معنى اللفظ الذي بلغه، لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف الأولين وكثيرا ما كانوا ينقلون معنى واحدا في أمر واحد بألفاظ مختلفة وما ذلك إلا لأن معولهم كان على المعنى دون اللفظ، ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب، فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه، فإن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم من ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرج والنصب، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب، ولأنه أن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره والله أعلم[78].

وقال السخاوي: ... فالمعظم منهم جاز له الرواية بالمعنى، إذا كان قاطعا بأنه أدى معنى اللفظ الذي بلغه.

ثم قال: قال الماوردي والروياني: وشرطه أن يكون متساويا له في الجلاء والخفاء، وإلا فيمتنع كقوله صلى الله عليه وسلم " لا طلاق في إغلاق " فلا يجوز التعبير عنه بالإكراه، وإن كان هو معناه، لأن الشارع لم يذكره كذلك إلا لمصلحة، فيقل استنباطه للعلماء[79].

وقال السيوطي: إن لم يكن الراوي عالما بالألفاظ، ومدلولاتها، ومقاصدها خبيرا بما يحيل معانيها، بصيرا بمقادير التفاوت بينهما، لم تجز له الرواية، لما سمعه بالمعنى بلا خلاف، بل يتعين اللفظ الذي سمعه فإن كان عالما بذلك فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول، لا يجوز إلا بلفظه، وإليه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان : *من يرى عدم تخفيف حرف ثقيل أو تثقيل بحرف خفيف وإن كان المعنى فيهما واحدا:

حدث حماد بن زيد، عن يحى بن عتيق، ومعمر، عن الزهري، عن حميد ابن عبد الرحمن، عن أمه كلثوم بنت عقبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نمى خيرا ) قال حماد:سمعت الحديث من رجلين، فقال أحدهما: نمى خيرا خفيفة وقال الآخر: نمى خيرا مثقلة[80].

وروى أبو عبيد القاسم بن سلام قال: ثنا أحمد بن عثما بن المبارك، عن ابن لهيعة قال: حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج، أن سليمان بن يسار، حدثه أن ابن أبي ربيعه أتى بصدقات قد سعى عليها فلما قدم خرج إليه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقرب إليهم تمرا فأكلوا وأبى عمر أن يأكل. فقال له ابن أبي ربيعه والله – أصلحك الله – إنا لنشرب من ألبانها ونصيب منها فقال: يا ابن أبي ربيعه أني لست كهيئتك أنك تتبع أذنابها وتصيب منها فلست كهيئتي.

قال أبو عبيد: لا أدري خفيف" تتبع " او شديد[81]؟

*ضبط حركة اللفظ والمعنى واحد:

حدث محمد بن يحي بن فارس، ومجاهد بن موسى – وهو أتم – قالا: ثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا أبي، عن صالح، قال: ثنا نافع أن عبد الله بن عمر أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللبن والجريد وعمده – قال مجاهد وعمده – خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنائه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده – قال مجاهد: عمده – خشبا وغيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وساق بقية الحديث[82].

وروى أبو حنظلة قال: سألت ابن عمر: كم صلاة السفر؟ قال:ركعتين، قلت وأين قول الله عز وجل (فإن خفتم) ونحن آمنون؟ قال: سنة رسول الله

صلى الله عليه وسلم – أو سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم[83].

وقال البخاري: ثنا علي بن عبد الله قال: ثنا سفيان، عن عمرو، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كِركِرة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   ( هو في النار ) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها قال أبو عبد الله البخاري: قال ابن سلام: كَركَرة[84].

*أداء الحديث على لفظ السماع سواء وافق لغة الراوي أو خالفها

عن الأسود قال: قلت لابن عمر: كيف أصنع بيدي

إذا سجدت؟ قال: ارم بهما حوث وقعتا. قال أبو نصر

– يعني عبد الوهاب – أحد الرواة: " حوث " لغة تميم[85].

ثم عقب الخطيب البغدادي فقال: قلت أراد " ليس من البر الصيام في السفر " وهذا لغة الأشعريين يقلبون اللام ميما فيقولون: رأينا أولئك أمرجال، يريدون الرجال، ومررنا بامقوم. أي القوم، وهي لغة مستفيضة إلى الآن باليمن.

وفي الحديث أن أبا هريرة قال يوم الدار: طاب أمضرب، يريد طاب الضرب[86].

وعن أبي هريرة قال: قلت لعثمان وهو محصور في

الدار: طاب أمضرب يا أمير المؤمنين. قال: عزمت

عليك لتخرجن. فأطعت أميرة المؤمنين فخرجت[87].

وحدث أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قلت لأخيك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت، فقد لغيت ) قال أبو الزناد: وهذه لغة أبي هريرة إنما هو " لغوت "[88].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان :

*وجوب أداء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على لفظه

ويجوز رواية غيره على المعنى:

قال مالك بن أنس: كل حديث للنبي صلى الله عليه وسلم يؤدي على لفظه وعلى ما روى، وما كان عن غيره فلا بأس إذا أصاب المعنى[89]. وفي رواية أخرى: ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعد اللفظ، وما كان عن غيره فأصبت المعنى فلا بأس[90].

وقال أشهب: سألت مالكا عن الأحاديث يقدم فيها ويؤخر والمعنى واحد؟ فقال أما ما كان منها من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أكره ذلك وأكره أن يزاد فيها وينقص منها، وما كان من قول غير رسول الله صلى

الله عليه وسلم فلا أرى بذلك بأسا إذا كان المعنى واحدا[91].

وفي رواية أخرى أن معنا سأل مالكا عن معنى الحديث فقال: أما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأده كما سمعته، وأما غير ذلك فلا بأس بالمعنى.

وحكى ابن الصلاح أنه يمنع في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجوز في غيره[92].

*عدم جواز اختصار الحديث:

عن الخليل بن أحمد قال: لا يحل اختصار حديث النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: ( رحم الله امرأً سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه ).

وفي رواية أخرى عنه قال: لا يحل اختصار الحديث لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( رحم الله امرأً سمع مقالتي فأداها كما سمعها، فمتى اختصر لم يفهم المبلغ معنى الحديث).

وكان مالك لا يرى أن يختصر الحديث إذا كان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل أبو عاصم النبيل: يكره الاختصار في الحديث؟ قال نعم لأنهم يخطئون المعنى[93].

وقال عتبه: قلت لابن المبارك علمت أن حماد بن سلمة كان يريد أن يختصر الحديث فيقلب معناه؟ قال: فقال لي: أوفطنت له[94]؟

وقال ابن الصلاح: هل يجوز اختصار الحديث

الواحد ورواية بعضه دون بعض؟

اختلف أهل العلم فيه، فمنهم من منع ذلك مطلقا بناء على القول بالمنع من النقل بالمعنى مطلقا[95].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان :*وجوب تأدية الحديث على الصواب وإصلاح اللحن والخطأ:

قال رجل للأعشى: إن كان ابن سيرين ليسمع الحديث فيه اللحن فيحدث به على لحنه فقال للأعشى: إن كان ابن سيرين يلحن فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلحن، يقول قومه وفي رواية فقوموه.

وعن شريك عن جابر عن أبي جعفر قال : لا بأس

بالحديث إذا كان فيه اللحن أن يعربه في رواية: أن تعربه[96].

وعن شريك، عن جابر، عن الشعبي قال: قلت فإني أسمع الحديث ليس بإعراب فأعربه؟ قال: نعم[97].

وفي رواية أخرى: اسمع الحديث ملحونا فأعربه؟ قال: نعم[98].

وقال الأوزاعي: أعربوا الحديث فإن القوم كانوا عربا[99].

وقال الأوزاعي أيضا: كانوا يعربون، إنما اللحن من حملة الحديث فأعربوا الحديث[100].

وروى عفان: قال لي حماد بن سلمه: من لحن في حديثي فليس يحدث عني.

وحدث عفان قال: قال لنا همام: إذا حدثتكم عن

قتادة، فكان في حديثه لحن فقوموه، فإن كان لا يلحن.

وقال الحسن بن علي الحلواني: ما وجدتم في كتابي عن عفان لحنا، فعربوه، فإن عفان كان لا يلحن.

وقال لنا عفان: ما وجدتم في كتابي عن حماد بن سلمه لحنا فعربوه فإن حمادا كان لا يلحن[101].

وقال الأوزاعي: لا بأس بإصلاح اللحن والخطأ في الحديث[102].

وقال السيوطي: والصواب تقريره في الأصل على حاله، مع النضبيب عليه وبيان الصواب في الحاشية فإن ذلك أجمع لمصلحة وأنفى للمفسدة، وقد يأتي من يظهر له وجه صحته، ولو فتح باب التغيير لجسير عليه من ليس بأهل[103].

وقال حماد: ما وجدتم في كتابي عن قتادة لحنا فعربوه فإن قتادة كان لا يلحن.

وقال الأصمعي قال: سمعت حماد بن زيد يقول: من لحن في حديثي فليس يحدث عني.

وحدث علي بن الحسن بن شقيق قال: قلت لعبد

الله بن المبارك: الرجل يسمع الحديث فيه اللحن يقيمه؟ قال نعم، كان القوم لا يلحنون.

وقال النضر بن شميل: كان عوف بن أبي جميلة رجلا لحانا قد كسوت لكم حديثه كسوة حسنة.

وقال أبو عبيد: ما كتبت اللحن في كتابي، وإن لحن المحدث فربما رأيت في كتابي اللحن فأتوهم أني أنا الذي أخطأت[104].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع أداء

الحديث وهي بعنوان :*وجوب تأدية الحديث على الصواب وإصلاح اللحن والخطأ:

وقال عباس بن محمد: قيل ليحي بن معين: ما تقول في الرجل يقوم الرجل حديثه – يعني ينزع منه اللحن - ؟ قال: لا بأس به[105].

وحدث أبو عبيد محمد بن علي قال: سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث يقول كان أحمد بن صالح يقوم كل لحن في الحديث.

وقال عبد الملك بن عبد الحميد الميموني – من ولد ميمون بن مهران – قال: رأيت أحمد بن حنبل يغير اللحن في كتابه.

وقال أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن بهلول قال: سألت الحسن بن محمد الزعفراني عن الرجل يسمع الحديث ملحونا أيعربه؟ قال: نعم.

وكان علي بن المديني يقول وذكر وكيعا واللحن -: كان وكيع يلحن ولو حدثت عنه بألفاظه لكانت عجبا، كان يقول: حتنا مسعر عن عيشة.

وقال سفيان:كان ابن أبي خالد يقول:سمعت المستورد أخي بني فهر،-يلحن فيه– فقلت أنا: أخابني فهر[106].

وقال الخطيب: وهذا اجماع منهم أن اصلاح اللحن جائز[107].

وقال الشعبي: لا بأس بإقامة اللحن في الحديث[108].

وقال محمد بن المثنى: سألت أبا الوليد عن الرجل يصيب في كتابه الحرف المعجم غير معجم، أو يجد الحرف المعجم تغير بعجمة نحو التاء، ثاء، والباء، ياء، وعنده في ذلك التصحيف، والناس يقولون الصواب؟ قال: يرجع إلى قول الناس فإن الأصل الصحة[109].

وسئل أبو عبد الرحمن النسائي عن اللحن في الحديث فقال: إن كان شيئا تقوله العرب – وإن كان في غير لغة قريش – فلا يغير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم – كان يكلم الناس بلسانهم، وإن كان ما لا يوجد في كلام العرب فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلحن[110].

وقال الأصمعي: ان أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار لأنه لم يكن يلحن، فمهما رويت عنه ولحنت فيه، كذبت عليه)[111].

وقال القاضي عياض: الذي استمر عليه عمل أكثر الأشياخ نقل الرواية كما وصلت إليهم وسمعوها ولا يغيرونها من كتبهم حتى اطردوا ذلك في كلمات من القرآن استمرت الرواية في الكتب عليها بخلاف التلاوة المجمع عليها، ولم يجيء في الشاذ من ذلك في الموطأ والصحيحين وغيرها حماية للباب، لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند السماع والقراءة وفي حواشي الكتب، ويقرئون ما في الأصول على ما بلغهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع أداء

الحديث وهي بعنوان :*وجوب تأدية الحديث على الصواب وإصلاح اللحن والخطأ:

ومنهم من يجسر على الإصلاح، وكان أجرأهم على هذا من المتأخرين القاضي أبو الوليد هشان ابن أحمد الكناني الوقشي، فإن لكثرة مطالعته وتفننه كان في الأدب واللغة وأخبار الناس وأسماء الرجال وأنسابهم وثقوب فهمه وحدة ذهنه – جسر على الإصلاح كثيرا، وربما على وجه الصواب، لكنه ربما وهم وغلط في أشياء من ذلك، وتحكم فيها بما ظهر له أو بما رآه في حديث آخر، وربما كان الذي أصلحه صوابا، وربما غلط فيه وأصلح الصواب الخطأ.

وقد وقفنا له من ذلك في الصحيحين والسير وغيرها على أشياء كثيرة وكذلك لغيره ممن سلك هذا المسلك.

وحماية باب الإصلاح والتغير أولى، لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن ويتسلط عليه من لا يعلم، وطريق الأشياخ أسلم مع التبيين: فيذكر اللفظ عند السماع كما وقع، وينبه عليه، ويذكر وجه صوابه، أما من جهة العربية أو النقل أو ورود، كذلك في حديث آخر، أو يقرؤه على الصواب، ثم يقول: وقع عند شيخنا أو في وروايتنا كذا أو من طريق فلان كذا، وهو أولى، لئلا يقول على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.

وأحسن ما يعتمد عليه في الإصلاح أن ترد تلك اللفظة المغيرة صوابا في أحاديث أخرى فإن ذكراها على الصواب في الحديث أمن أن يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.

بخلاف إذا كان إنما أصلحها بحكم ومقتضى كلام

العرب وهذه طريقة أبي علي بن السكن البغدادي في انتقائه رواياه هذي عنده متقنة صحيحة من سائر الأحاديث الآخر الواقعة في الكتاب وغيره[112].

وقال ابن الصلاح: إذا وقع في روايته لحن أو تحريف فقداختلفوا..ومنهم من رأى تغييره وإصلاحه، وروايته على الصواب،روينا ذلك على الأوزاعي وابن المبارك وغيرهما،وهومذهب المحصلين والعلماء من المحدثين[113].

ونقل السخاوي ما ذهب إليه الخطيب البغدادي في إصلاح وتعديل اللحن والخطأ وذكر أنه مذهب المحصلين من العلماء من المحدثين، ويقرأ الصواب من أول وهله[114].

وقال السيوطي: .. والصواب وقول الأكثرين منهم ابن المبارك والأوزاعي والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء وهمام، والنضر بن شميل: أنه يرويه على الصواب لا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به[115].

وقال النووي: أما إذا وقع في الرواية أو التصنيف غلط لا شك فيه فالصواب الذي قاله الجماهير أنه يرويه على الصواب ولا يغيره في الكتاب بل ينبه عليه حال الرواية في حاشية الكتاب فيقول: كذا والصواب كذا[116].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع أداء

الحديث وهي بعنوان :

*أدلة القائلين بجواز أداء الحديث على المعنى:

احتج أصحاب المذهب بأدلة منها:

1)               الاجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانها للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى.

2)               لم يوجب الشرع على الأمة إيراد حديث النبي صلى الله عليه وسلم كله على اللفظ والمعنى، كما ألزم الأمة على التعبد، ورواية ألفاظ الآذان والتشهد وغير ذلك

3)               مما يجري مجراه.

4)               حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( نضر الله امرأً سمع منا حديثا فأداه كما سمعه ) وهو صحيح ليس فيه حجة على الرواية باللفظ ومنه الأداء بالمعنى بدليل تعقيب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ).

وكأنه قال: إذا كان المبلغ أوعى من السامع وأفقه، وكان السامع غير فقيه، ولا ممن يعرف المعنى، وجب عليه تأدية اللفظ ليستنبط معناه العالم الفقيه وإلا فلا وجه لهذا التعليل إن كان حال المبلغ والمبلغ سواء، على أن رواة هذا الحديث نفسه قد رووه على المعنى فقال بعضهم " رحم الله " مكان " نضر الله " و " سمع الله " بدل " امرأ سمع " و " روى مقالتي " بدل " منا حديثا " و " بلغه " مكان " أداه " و " رب مبلغ أفقه من مبلغ " مكان " فرب مبلغ أوعى من سامع " و " رب حامل فقه لا فقه له " مكان " ليس بفقيه " وغيرها ...

وأيضا ليس في الحديث دلالة عدم الجواز، بل غايته الدعوة إلى الأفضل وهذا لا خلاف فيه.

5)               وردّ النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل في الحديث الآخر في قوله " وبرسولك " إلى " وبنبيك الذي أرسلت " ليس فيه دلالة قاطعة لأن لفظ " النبي " أمدح من لفظ " الرسول " ولكل واحد من هذين النعتين موضع، ألا ترى أن اسم " الرسول " يقع على الكافة واسم " النبي " لا يتناول إلا الأنبياء خاصة، وإنما فضل المرسلون من الأنبياء لأنهم جمعوا النبوة والرسالة معا فلما قال: " وبنبيك الذي أرسلت " جاء بأمدح النعت وهو النبوة ثم قيده بالرسالة حين قال: " الذي أرسلت ".

وبيان آخر وهو أن قوله " وبرسولك الذي أرسلت " غير مستحسن لأنه يجتزأ بالقول الأول أن هذا رسول فلان عن أن يقول: الذي أرسله إذ كان لا يفيد القول الثاني إلا المعنى الأول وكان قوله " وبنبيك الذي أرسلت " يفيد الجمع بين النبوة والرسالة وهذا دليل يصلح للمذهبين والله أعلم.

6)               أداء النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم جاءت بألفاظ مختلفة لكن المعنى واحد، وهذا دليل على أن الصحابة كانوا يرون أداء الحديث بالمعنى صحيح أنهم كانوا من البيان والفصاحة أفضل من غيرهم، وأيضا عاينوا أسباب النزول للقرآن والحوادث وعلموا أسباب ورود الأحاديث فعبروا عن هذا الحوادث والمواقف والعبادات كل بما فهم والمعنى واحدا، وغير الصحابة إذا توفرت فيهم الشروط اللازمة فلا يمنع أدائهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى.

7)               القرآن أعظم حرمة، وقد أنزله الله على سبعة أحرف – تسهيلا على الأمة – وغيره من باب الأولى، إذا لم يحل حراما ولم يحرم حلالا، كما سيأتي في أقوال من ذهب إلى هذا المذهب.

8)               منع أصحاب هذا المذهب تغيير المصنفات، بل نص العلماء على أن جواز الرواية بالمعنى في الذي يسمعه في غير المصنفات.

9)               الألفاظ المشتركة والمترادفة في اللغة العربية واسعة جدا تسمح بكل سهولة إلى أداء النصوص الحديثية بالمعنى وفق الشروط المعتبرة وبالتالي سيبقى النص كما هو، وسيؤمن الغلط.

10)  إذا قارنا عدد من ذهب إلى وجوب أداء الحديث باللفظ، بعدد من ذهب إلى جواز أداء الحديث على المعنى وجدنا أن عدد أصحاب المذهب الثاني أكثر سواء كان على مستوى الصحابة أو التابعين أو اتباع التابعين أو الأئمة ومن بعدهم من حيث العدد، وأيضا من حيث الاعتبار.

11)  من ذهب إلى وجوب أداء الحديث باللفظ أكثرهم يفضل أداء الحديث باللفظ ولا يوجبه، احتياطا وتهنيبا وهذا أمر طبيعي موجود حتى عند من ذهب إلى جواز أداء الحديث بالمعنى.

وهذه الأدلة لأصحاب هذا المذهب تعتبر مناقشة لأدلة أصحاب المذهب الأول

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع أداء

الحديث وهي بعنوان : وفيما يلي عدد من النصوص استخلصت منها الأدلة السابقة:

قال الخطيب البغدادي: قال كثير من السلف وأهل

التحري في الحديث لا تجوز الرواية على المعنى بل يجب مثل تأدية اللفظ بعينه من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا حذف وقد ذكرنا بعض الروايات ممن ذهب إلى ذلك ولم يفصلوا بين العالم بمعنى الكلام وموضوعه وما ينوب منه مناب بعض وما لا ينوب منابه وبين غير العالم بذلك، وقد ذكر عن بعض السلف أنه كان يروي الحديث على المعنى إذا علم المعنى وتحققه وعرف القائم من اللفظ مقام غيره، وقال جمهور الفقهاء يجوز للعالم بمواقع الخطاب ومعاني الألفاظ رواية الحديث على المعنى، وليس بين أهل العلم خلاف في أن ذلك لا يجوز للجاهل بمعنى الكلام وموقع الخطاب والمحتمل منه وغير المحتمل ، وقال قوم من أهل العلم الواجب على المحدث أن يروي على اللفظ إذا كان لفظ ينوب مناب معناه غامضا محتملا فأما إذا لم يكن كذلك بل كان معناه ظاهرا معلوما وللراوي لفظ ينوب مناب لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم غير زائد عليه ولا ناقص منه ولا محتمل لأكثر من معنى لفظه صلى الله عليه وسلم جاز للراوي روايته على المعنى وذلك يجوز نحو أن يبدل قوله قام بنهض وقال بتكلم وجلس بقعد وعرف بعلم واستطاع بقدر وأراد بقصد وأوجب  بفرض وحظر بحرم ومثل هذا مما يطول تتبعه وهذا القول هو الذي تختاره مع شرط آخر وهو أن يكون سامع لفظ النبي صلى الله عليه وسلم عالما بموضوع ذلك اللفظ في اللسان وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد به ما هو موضوع له فإن علم تجوزه به واستعارته له لم يسغ له أن يروي اللفظ مجردا دون ذكره ما عرفه من قصده صلى الله عليه وسلم ضرورة غير مستدل عليه فإنه ان استدل به على أنه قصد به معنى من المعاني جاز عليه الغلط والتقصير في الاستدلال ووجب نقله له بلفظ الرسول صلى الله عليه وسلم لينظر هو وغيره من العلماء فيه.

فأما الدليل على أنه ليس ذلك للجاهل بمواقع الخطاب وبالمتفق معناه والمختلف من الألفاظ فهو أنه لا يؤمن عليه إبدال اللفظ بخلافه بل هو الغالب من أمره. وأما الدليل على أنه لا يجوز للعالم أيضا رواية المحتمل من اللفظ على المعنى فهو انه إنما يرويه على معنى يستخرجه ويستدل عليه وقد يتوهم ويغلط وقد يصيب، ونحن غير مأمورين بتقليده، وإن أصاب فيجب لذلك روايته إياه على اللفظ ليجتهد العلماء في القول بمعناه اللهم إلا أن يقول الناقل العدل أني قد علمت ضرورة قصد النبي صلى الله عليه وسلم بالمحتمل من كلامه إلى كذا وكذا وأنه أراد ذلك بعينه دون غيره فيقبل قوله ويزول حكم الاجتهاد في معنى اللفظ[117].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع أداء

الحديث وهي بعنوان : النصوص التي استخلصت منها الأدلة السابقة:

ثم عقب الخطيب البغدادي بقوله: ويدل على ذلك أيضا اتفاق الأمة على أن للعالم بمعنى خبر النبي صلى الله عليه وسلم وللسامع بقوله، أن ينقل معنى خبره بغير لفظه وغير اللغة العربية وأن الواجب على رسله وسفرائه إلى أهل اللغات المختلفة من العجم وغيرهم أن يرووا عنه ما سمعوه وحملوه مما أخبرهم به وتعبدهم بفعله على ألسنة رسله سيما إذا كان السفير يعرف اللغتين فإنه لا يجوز أن يكل ما يرويه إلى ترجمان وهو يعرف الخطاب بذلك اللسان لأنه لا يأمن الغلط وقصد التحريف على الترجمان فيجب أن يرويه بنفسه – وإذا ثبت ذلك صح أن القصد برواية خبره وأمره ونهيه إصابة معناه وامتثال موجبه دون إيراد نفس لفظه وصورته، وعلى هذا الوجه لزم العجم وغيرهم من سائر الأمم دعوة الرسول إلى دينه والعلم بأحكامه، ويدل على ذلك أنه إنما ينكر الكذب والتحريف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعبير معنى اللفظ فإذا سلم راوي الحديث على المعنى من ذلك كان مجبرا بالمعنى المقصود من اللفظ وصادقا على الرسول صلى الله عليه وسلم وبمثابة من أخبر عن كلام زيد وأمره ونهيه وألفاظه بما يقوم مقام كلامه وينوب منابه من غير زيادة ولا نقصان فلا يعتبر في أن راوي ذلك قد أتى بالمعنى المقصود وليس بكاذب ولا محرف وقد ورد القرآن بمثل ذلك فإن الله تعالى قص من أنباء ما قد سبق قصصا كرر ذكر بعضها في مواضع بألفاظ مختلفة والمعنى واحدا ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان العربي وهو مخالف لها في التقديم والتأخير والزيادة والنقصان ونحو ذلك.

وقد استدل المنكرون للرواية على المعنى بحصول الاتفاق على أن الشرع قد ورد بأشياء كثيرة قصد فيها الاتيان باللفظ والمعنى جميعا نحو التكبير والتشهد والآذان والشهادة وإذا ان كذلك لم ينكر أن يكون المطلوب بالحديث لفظه بعينه ومعناه جميعا، فيقال لهم وبأي جهة وجب إلحاق رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه بالأذان والتشهد وغير ذلك مما جرى مجراهما؟ فلا يجدون متعلقا في ذلك[118].

ويقال أيضا لو أخذ علينا في رواية حديثه إيراد لفظه ومعناه لوجب أن يوقف عليه توقيفا يوجب العلم ويقطع العذر كالتوقيف لنا على الأذان والتشهد في عدم توقيف بحج[119]. مثله دلالة على فساد ما قلتم ثم يقال لهم ما الفضل بينكم وبين من قال لما حصل الاتفاق على إباحة الترجمة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوامره ونواهيه والاخبار عن جملة دينه وتفصيله وجب كذلك جواز روايته على المعنى باللفظ العربي الذي هو أقرب إلى لفظ النبي صلى الله عليه وسلم من الأعجمي فلا يجدون لذلك مدفعا

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع أداء

الحديث وهي بعنوان : النصوص التي استخلصت منها الأدلة السابقة:

واحتجوا أيضا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( نضر الله امرأ سمع

منا حديثا فأداه كما سمعه )، وبقوله للذي علمه إذا أخذ مضجعه يقول: ( آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت )، في الكلمات المشهورة فقال الرجل: ( وبرسولك الذي أرسلت ) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( وبنبيك الذي أرسلت ) قالوا: لم يسوغ لمن علمه الدعاء مخالفة اللفظ، فيقال لهم: أما الحديث الأول فهو حجة عليكم لأنه قد علل فيه ونبه على ما يقول بقوله صلى الله عليه وسلم: ( فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه ليس بفقيه وإلى من هو أفقه منه، وكأنه قال إذا كان المبلغ أوعى من السامع وأفقه وكان السامع غير فقيه ولا ممن يعرف المعنى وجب عليه تأدية اللفظ ليستنبط معناه العالم الفقيه وإلا فلا وجه لهذا التعليل إن كان حال المبلغ والمبلغ سواء على أن رواة هذا الخبر نفسه قد رووه على المعنى، فقال بعضهم: " رحم الله " مكان " نضر الله "، " ومن سمع " بدل " امرأ سمع " ، " وروى مقالتي " بدل  " من حديثا " " وبلغه " مكان " أداه "، وروى فرب مبلغ أفقه من مبلغ مكان فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه لا فقهِ مكان ليس بفقيه، وألفاظ سوى هذه متغايرة تضمنها هذا الخبر وقد ذكرنا طرقه في الاستقصاء باختلاف ألفاظها في كتاب أفردناه لها والظاهر يدل أن هذا الخبر نقل على المعنى فلذلك اختلفت ألفاظه وإن كان معناها واحدا والله أعلم[120].

وأما رد النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل في الحديث الثاني قوله ورسولك إلى وبنبيك الذي أرسلت فإن النبي أمدح من الرسول ولكل واحد من هذين النعتين موضع ألا ترى أن اسم الرسول يقع على الكافة واسم النبي لا يتناول إلا الأنبياء خاصة وإنما فضل المرسلون من الأنبياء لأنهم جمعوا النبوة والرسالة معا فلما قال وبنبيك الذي أرسلت جاء بأمدح النعت وهو النبوة ثم قيده بالرسالة حين قال الذي أرسلت وبيان آخر وهو أن قوله وبرسولك الذي أرسلك غير مستحسن لأنه يجتزأ بالقول الأول أن هذا رسول فلان عن أن يقول الذي أرسله إذ كان لا يفيد القول الثاني إلا المعنى الأول وكان قوله، وبنبيك الذي أرسلت يفيد الجمع بين النبوة والرسالة فلذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم به ورده إليه والله أعلم[121].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة العشرون في موضوع أداء

الحديث وهي بعنوان : النصوص التي استخلصت

منها الأدلة السابقة:

وعن مكحول قال: دخلنا على واثلة بن الاسقع فقلنا يا أبا الأسقع حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه وهم ولا نسيان فقال هل قرأ أحد منكم الليلة من القرآن شيئا؟ قالوا نعم قال فهل زدتم ألفا أو واوا أوشيئا؟ فقلت إنا نزيد وننقص وما نحن بأولئك في الحفظ فقال هذا القرآن بين ظهركم وأنتم تدرسونه بالليل والنهار فكيف ونحن نحدث بحديث سمعناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين، إذا حدثتكم على معناه فحسبكم[122].

وعن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: كنا نجلس إلى

النبي صلى الله عليه وسلم عسى أن نكون عشرة نفر نسمع الحديث فما منا اثنان يؤديانه غير أن المعنى واحد.

وحدث هشان بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة رضى الله عنها يا بني انه يبلغني أنك تكتب عني الحديث، ثم تعود فتكتبه، فقلت لها أسمعه منك على شيء ثم أعود فأسمعه على غيره، فقالت: هل تسمع في المعنى خلافا؟ قلت: لا، قالت: لا بأس بذلك.

وعن مسروق، عن عبد الله قال: حدث حديثا

فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أرعد وأرعدت ثيابه فقال: أو سببه ذا ، أو نحو ذا[123].

وكان أنس إذا حدث حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع منه قال: أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن محمد بن سيرين قال: كنت أسمع الحديث من عشرة، المعنى واحد واللفظ مختلف[124].

وعن ابن عون قال: كان الحسن والشعبي وإبراهيم يحدثون بالمعاني[125].

وعن سفيان قال: كان عمرو بن دينار، وابن أبي نجيح يحدثان بالمعاني[126].

وحدث جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يحدث

 بالأحاديث الأصل واحد والكلام مختلف[127].
وقال هشام: قيل للحسن: يا أبا سعيد، إنك تحدثنا بالحديث اليوم، وتحدث من الغد بكلام آخر؟ فقال: لا بأس بالحديث إذا أصبت المعنى.

وعن الحسن قال: لا بأس بتقديم الحديث وتأخيره إذا أصبت المعنى.

وفي رواية أخرى عنه أنه كان لا يرى بأسا أن يقدم أو يؤخر إذا أصاب المعنى[128].

وعن غيلان قال: قلت للحسن الرجل يحدث

بالحديث لا يألو فتكون فيه الزيادة والنقصان؟ قال:

 ومن يطيق ذلك[129].

وقال مرة: إنما الكذب على من تعمده[130].

وقال عمرو بن مرة: إنا لا نستطيع أن نحدثكم الحديث كما سمعناه ولكن عموده ونحوه.

وعن جعفر بن محمد قال: أن رجلين يأتيان من أهل الكوفة فيشددان علي في الحديث فما أجيء به كما سمعته إلا أني أجيء بالمعنى[131].

وقال عبد الرزاق: قلت لسفيان الثوري: حدثنا بحديث أبي الزعراء كما سمعت قال: يا سبحان الله ومن يطيق ذلك؟ إنما نجيئكم بالمعنى.

وقال سفيان مرة: لو أردنا أن نحدثكم بالحديث كما سمعناه ما حدثناكم بحديث واحد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان:النصوص التي استخلصت منها الأدلة السابقة:

وحدث عبد الرزاق قال: قال صاحب لنا لسفيان

الثوري: حدثنا كما سمعت فقال: لا والله ما إليه سبيل وما هو إلا المعنى[132].

وقال أبي بكير: ربما سمعت مالكا يحدثنا بالحديث فيكون لفظه مختلفا بالغداة وبالعشي[133].

وعن علي بن خشرم يقول: كان ابن عيينه يحدثنا، فإذا سئل عنه بعد ذلك حدثنا بغير لفظه الأول والمعنى واحد[134].

وقال أبو رجاء قتيبة: وكان حماد بن زيد يحدث على المعنى، يسأل عن حديث في النهار كذا، أو كذا يغير اللفظ.

وقال يحيى بن سعيد: أخاف أن يضيق على الناس تتبع الألفاظ لأن القرآن أعظم حرمة، ووسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحدا.

وحدث أزهر بن جميل يقول: كنا عند يحيى بن سعيد، ومعنا رجل يتشكك فقال له يحيى: يا هذا الحاكم هذا؟ ليس في يد الناس أشرف ولا أجلّ من كتاب الله تعالى، وقد رخص فيه على سبعة أحرف.

ويقول محمد بن مصعب الفرفساني: أيش تشددون على أنفسكم؟ إذا أصبتم المعنى فحسبكم[135].

وقال سعيد بن عمرو البرذعي: قلت لأبي زرعة إذا سمعتك تذاكر بالشيء عن بعض المشيخة قد سمعته من غيرك فأقول: ثنا أبو زرعة وفلان، وإنما ذاكرتني أنت بالمعنى والإسناد؟ قال: أرجو، قلت فإن كان حديثا طويلا؟ قال فهذا أضيق قلت: فإن قلت: حدثنا فلان وأبو زرعة نحوه؟ فسكت[136].

وأسند البيهقي عن جابر بن عبد الله قال: قال حذيفة: أنا قوم عرب نردد الأحاديث فنقدم ونؤخر[137]

وعن ابن أبي إدريس قال: سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث؟ فقال: أن هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث؟ إذا أصبت المعنى فلم تحل به حراما، ولم تحرم به حلالا فلا بأس[138].

وقال شيخ الإسلام: من أقوى حججهم الاجماع على

جواز شرح الشريعة للعجم بلسانها للعارف به، فإذا

جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى[139].

وقال القاضي عياض في تعليقه على قول مسلم " وأن نفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره إذا أمكن.

قال: اختلف المحدثون والفقهاء والأصوليون في اختصار الحديث والتحدث به على المعنى، وفي الحديث بفصل منه دون كماله فأجاز هذا كله على الجملة قوم، وهو مذهب مسلم[140].

أما ابن العربي في " أحكام القرآن " فقال: إنما يجوز ذلك للصحابة فقط دون غيرهم، لأنا لو جوزناه لكل أحد كنا على ثقة من الأخذ بالحديث والصحابة اجتمع فيهم أمران.

الأول: الفصاحة والبلاغة والجبلة.

الثاني: ومشاهدة أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله.

فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة، واستيفاء المقصود كله[141].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان:النصوص التي استخلصت منها الأدلة السابقة:

وعن الزهري: إذا أصبت المعنى فلا بأس[142].

وقال السيوطي: واستدل لذلك الشافعي بحديث " أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه " قال: وإذا كان الله برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف علمنا منه بأن الكتاب قد نزل لتحل لهم قراءته وإن اختلف لفظهم فيه ما لم يكن اختلافهم إحالة المعنى، كان ما سوى كتاب الله سبحانه أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ، ما لم يحل معناه[143].

وقال ابن الصلاح: ينبغي لمن يروي حديثا بالمعنى أن يتبعه بأن يقول " أو كما قال " أو " نحو هذا " وما أشبه ذلك من الألفاظ، روى ذلك من الصحابة ابن

مسعود، وأبي الدرداء، وأنس رضى الله عنهم[144].

وقال ابن حزم: وليس اختلاف الروايات عيبا في الحديث إذا كان المعنى واحدا[145].

ثم قال السيوطي: وهذا الخلاف إنما يجري في غير المصنفات ولا يجوز تغيير شيء من مصنف وإبداله بلفظ آخر، وإن كان بمعناه قطعا، لأن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص، لما كان عليهم في ضبط الألفاظ من الحرج، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه الكتب، ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس بملك تغيير تصنيف غيره[146].

وقال ابن حجر: وأما الرواية بالمعنى فالخلاف فيها شهير والأكثر على الجواز أيضا، ومن أقوى حججهم الاجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى[147].

وقال القاسمي: اعلم أنه قد رخص في سوق الحديث بالمعنى، دون سياقه على اللفظ جماعة منهم: علي، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو الدرداء، وواثلة بن الاسقع، وأبو هريرة رضي الله عنهم، ثم جماعة من التابعين يكثر عددهم، منهم إمام الأئمة الحسن البصري ثم الشعبي، وعمرو بن دينار، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وعكرمة .. ثم قال: احتج بعضهم لمنع الرواية بالمعنى بحديث " نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها " وبأنه صلى الله عليه وسلم مخصوص بجوامع الكلم، ففي النقل - بعبارة أخرى – لا يؤمن الزيادة والنقصان.

والجواب على الأول: بأن الأداء كما سمع ليس مقصورا على نقل اللفظ، بل النقل بالمعنى من غير تغيير أداء كما سمع، فإن أدى المعنى كما سمع لفظه، وفهمه منه نظيره أن المشاهد والمترجم إذا أدى المعنى من غير زيادة ولا نقصان، يقال أنه أدى كما سمع، وإن كان الأداء بلفظ آخر، ولو سلم أن الأداء كما سمع مقصور على نقل اللفظ، فلا دلالة في الحديث على عدم الجواز، غايته أنه دعاء للناقل باللفظ لكونه أفضل، ولا نزاع في الأفضلية[148].

وقال النووي: وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف المذكورة – أصحاب الحديث والفقه والأصول – يجوز في الجميع إذا جزم بأنه أدى المعنى وهذا هو الصواب الذي تقتضيه أحوال الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم في روايتهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة ثم هذا في الذي يسمعه في غير المصنفات، أما المصنفات فلا يجوز تغييرها[149].

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان: أداء الحديث ناقصا:

احتج أصحاب هذا المذهب بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( نضر الله من سمع مقالتي فلم يزد فيها[150] ) قالوا: وهذا يدل على أن النقصان منها جائز إذ لو لم يكن كذلك لذكره كما ذكر الزيادة[151].

وعن مجاهد قال: نقص من الحديث ولا تزد فيه.

عن يحيى بن معين قال: إذا خفت أن تخطئ في

 الحديث فانقص منه ولا تزد[152].

وروى عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع ( نضر الله من سمع مقالتي فلم يزد فيها فرب حامل كلمة إلى من هو أوعى لها منه[153] ).

وقال الخطيب: قال بعض من أجاز الرواية على المعنى أن النقصان من الحديث جائز إذا كان الراوي قد رواه مرة أخرى بتمامه أو علم أن غيره قد رواه على التمام ولا يجوز له أن لم يعلم ذلك ولم يفعله والمعنى لا يجوز له أن لم يعلم ذلك أن يفعله[154].

وقال الخطيب البغدادي:  فإن كان المتروك من الخبر متضمنا لعبارة أخرى وأمر لا تعلق له بمتضمن البعض الذي رواه ولا شرطا فيه جاز للمحدث رواية الحديث على النقصان وحذف بعضه وقام ذلك مقام خبرين متضمنين عبارتين منفصلتين وسيرتين وتمضيتين لا تعلق لأحدهما بالأخرى فكما يجوز لسامع الخبر الواحد القائم فيما تضمنه مقام الخبرين اللذين هذه حالهما رواية أحدهما دون الآخر فكذلك يجوز لسامع الخبر الواحد القائم فيما تضمنه مقام الخبرين المنفصلين رواية بعضه دون بعض فلا فرق بين أن يكون قد رواه هو بتمامه أو رواه غيره بتمامه أو لم يروه غيره ولا هو بتمامه لأنه بمثابة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق بأحدهما بالآخر، وكذلك لا يجوز لسامع الخبر الذي يتضمن حكما متعلقا بغيره وأمرا يلزم في حكم الدين لا يتبين المقصد منه إلا باستماع الخبر على تمامه وكماله، أن يروي بعضه دون بعض لأنه يدخله فساد وإحالة لمعناه وسد لطريق العلم بالمراد منه فلا فصل في تحريم ذلك عليه بين أن يكون قد رواه غيره مبينا أو هو مرة قبلها أو لم يكن ذلك لأنه قد يسمعه ثانيا منه إذا رواه ناقصا غير الذي سمعه تاما فلا يصل بنصه إلى معناه وقد يسمع روايته له ناقصا من لم يسمع رواية غيره له تاما فلا يجوز رواية ما حل هذا المحل من الاخبار إلى على التمام والاستقصاء اللهم إلا أن يروي الخبر بتمامه غيره ويغلب على ظن راويه على النقصان أن من يرويه له قد سمعه من غيره تاما وأنه يحفظه بعينه ويتذكر بروايته له البعض باقي الخبر فيجوز له ذلك فإن شاركه في السماع غيره لم يجز وكذلك فإنه يجوز أن يرويه ناقصا لمن كان قد رواه من قبل تاما إذا غلب على ظنه أنه حافظ له بتمامه وذاكر له فإما إن خاب نسيانه والتباس الأمر عليه لم يجزأ أن يرويه له إلا كاملا[155].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان: أداء الحديث ناقصا:

وقد كان سفيان الثوري يروي الأحاديث على الاختصار لمن قد رواها له على التمام لأنه كان يعلم منهم الحفظ لها والمعرفة بها.

أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الدينوري بها قال أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ قال أنا الحسين بن محمد المأمون قال ثنا أبو أمية محمد إبراهيم قال سمعت عبد الله بن أبان يقول علمنا سفيان الثوري اختصار الحديث.

وإن خاف من روى حديثا على التمام إذا أراد روايته

 مرة أخرى على النقصان لمن رواه له قبل تاما ما أن يتهمه بأنه زاد في أول مرة ما لم يكن سمعه وأنه نسي في الثاني باقي الحديث لقلة ضبطه وكثرة غلطه، وجب عليه أن ينفي هذه الظنة عن نفسه لأن في الناس من يعتقد في راوي الحديث كذلك انه ربما زاد في الحديث ما ليس منه، وأنه يغفل ويسهو عن ذكر ما هو منه، وأنه لا يؤمن أن يكون أكثر حديثه ناقصا مبتورا، فمتى ظن الراوي اتهام السامع منه بذلك وجب عليه نفيه عن نفسه.

وإن كان النقصان من الحديث شيئا لا يتغير به المعنى كحذف بعض الحروف والألفاظ والراوي عالم واع محصل لما يغير المعنى وما لا يغيره من الزيادة والنقصان، فإن ذلك سائغ له على قول من أجاز الرواية على المعنى دون من لم يجز ذلك[156].

ثم قال الخطيب البغدادي: وقال كثير من الناس يجوز ذلك للراوي على كل حال ولم يفصلوا والذي نختاره في ذلك أنه إن كان فيما حذف من الخبر معرفة حكم وشرط وأمر لا يتم التعبد والمراد بالخبر إلا براويته على وجهه فإنه يجب نقله على تمامه ويحرم حذفه لأن القصد بالخبر لا يتم إلا به فلا فرق بين أن يكون ذلك تركا لنقل العبادة كنقل بعض أفعال الصلاة أو ترك النقل فرض آخر هو الشرط في صحة العبادة كترك نقل وجود الطهارة ونحوها وعلى هذا الوجه يحمل قول من قال لا يحل اختصار الحديث[157].

*جواز تقطيع المتن الواحد وتفريقه في الأبواب:

قال الخطيب: يجوز تفريق المتن الواحد في موضعين إذا كان متضمنا لحكمين وهكذا إذا كان المتن متضمنا لعبادات وأحكام لا تعلق لبعضها ببعض فإنه بمثابة الأحاديث المنفصل بعضها عن بعض ويجوز تقطيعه وكان غير واحد من الأئمة يفعل ذلك[158].

قال نعيم بن حماد: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال:

أنت الذي تبتر حديثي؟ فقلت: يا رسول الله إن

حديثك ربما دخل في أبواب، فسكت عني.

وفي رواية أخرى عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: أنت الذي تقطع حديثي؟ قال: قلت: يا رسول الله إنه يبلغنا عنك الحديث فيه ذكر الصلاة وذكر الصيام وذكر الزكاة فنجعل ذا في ذ وذا في ذا، قال فنعم إذا[159].

وحدث أبو الحارث قال: رأيت أبا عبد الله – يعني أحمد بن حنبل – قد أخرج أحاديث وأخرج حاجته من الحديث، وترك الباقي، يخرج من أول الحديث شيئا ومن آخره شيئا ويدع الباقي.                                                         إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان: أداء الحديث ناقصا:

وحدث إسحاق بن إبراهيم قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يسمع الحديث وهو إسناد واحد فيجعله ثلاثة أحاديث؟

قال: لا يلزمه كذب، وينبغي أن يحدث بالحديث كما سمعه ولا يغيره[160].

وقال السيوطي: وأما تقطيع المصنف الحديث الواحد في الأبواب بحسب الاحتجاج به في المسائل كل مسألة على حدة فهو إلى الجواز أقرب، ومن المنع أبعد، ثم قال وقد فعله الأئمة مالك، والبخاري، وأبو داوود، والنسائي، وغيرهم[161].

وقال ابن الصلاح: هل يجوز اختصار الحديث الواحد ورواية بعضه دون بعض؟

اختلف أهل العلم ... والصحيح التفصيل، وأنه يجوز ذلك من العالم العارف إذا كان ما تركه متميزا عما نقله غير متعلق به، بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه، فهذا ينبغي أن يجوز وإن لم يجز النقل بالمعنى لأن الذي نقله والذي تركه – والحالة هذه – بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تلعق لأحدهما بالآخر[162].

وقال السخاوي: قال النووي: أنه يبعد طرد الخلاف فيه، وقد فعله من الأئمة أحمد والبخاري، وأبو داوود، والنسائي وغيرهم قديما وحديثا .. ثم قال السخاوي: والتحقيق كما أشار إليه ابن دقيق العيد في شرح الإلمام التفصيل، فإن قطع بأنه لا يخل المحذوف بالباقي فلا كراهة، وإن نزل عن هذه المرتبة ترتيب الكراهة بحسب مراتبه في ظهور ارتباط بعضه ببعض وخفاية[163].

وقال ابن كثير: وهل يجوز اختصار الحديث، فيحذف بعضه، إذا لم يكن المحذوف متعلقا بالمذكور؟ على قولين:

فالذي عليه صنيع أبي عبد الله البخاري: اختصار الأحاديث في كثير من الأماكن وأما مسلم فإنه يسوق الحديث بتمامه، ولا يقطعه.

ثم قال: وعلى هذا المذهب جمهور الناس قديما وحديثا[164].

ثم علق المحقق أحمد شاكر فقال: أي على جواز اختصار الحديث، وعليه عمل الأئمة.

وقال ابن حجر: أما اختصار الحديث، فالأكثرون على

 جوازه بشرط أن يكون الذي يختصره عالما، لأن العالم لا ينقص من الحديث إلا ما تعلق له بما يبقيه منه بحيث لا تختلف الدلالة ولا يحتل البيان حتى يكون المذكور والمحذوف بمنزلة خبرين، أو يدل ما ذكره على ما حذفه بخلاف الجاهل فإنه قد ينقص ما له تعلق كترك الاستثناء[165].

وقال النووي: إذا قدم بعض المتن على بعض اختلفوا في جوازه بناء على جواز الرواية بالمعنى فإن جوزناها جاز وإلا فلا، وينبغي أن يقطع بجوازه إن لم يكن المقدم مرتبطا بالمؤخر[166].                        والأمر واضح في جواز تقطيعه من العالم العارف إذا كان المحذوف ليس له تعلق بالذي لم يحذف وكان بمنزلة خبر مستقل والله أعلم.

ذهب ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي من الحنفية، وروى عن ابن عمر وجوز بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجوز فيه، وقال السلف والخلف من الطوائف منهم الأئمة الأربعة، يجوز بالمعنى في جميعه إذا قطع بأداء المعنى، لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف، ويدل عليه روايتهم القصة الواحدة بألفاظ مختلفة[167]. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد : فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع أداء الحديث وهي بعنوان: أداء الحديث مختصرا:

وقال النووي: إذا أراد رواية الحديث بالمعنى فإن لم يكن خبيرا بالألفاظ ومقاصدها عالما بما يحيل معانيها لم يجز له الرواية بالمعنى، بلا خلاف بين أهل العلم بل يتعين اللفظ وإن كان عالما بذلك[168].

وقال أحمد شاكر: اتفق على أن الراوي إذا لم يكن عالما بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها ولا خبيرا بما يحيل معانيها، ولا بصيرا بمقادير التفاوت بينها لم تجز له رواية ما سمعه بالمعنى، بل يجب أن يحكى اللفظ الذي سمعه من غير تصرف فيه هكذا نقل ابن الصلاح والنووي وغيرهما الاتفاق عليه[169] ..

الخاتمة

لا شك أن لكل أصحاب مذهب أدلتهم القوية ومنطقهم ومعقولهم :

فالقائلون بوجوب أداء الحديث باللفظ، استدلوا بأدلة هي رد في واقع الأمر على أدلة القائلين بجواز أداء الحديث على المعنى.                             والقائلون بجواز أداء الحديث على المعنى استدلوا

بأدلة هي في واقع الأمر رد على أدلة القائلين بوجوب أداء الحديث باللفظ بل بعض الأدلة يصلح أن يستدل به الفريقان وهذا دليل على أن أدلة كلا الفريقين ليست مطلقة.

أما الشروط التي اشترطها أصحاب مذهب القائلين بجواز أداء الحديث على المعنى فإذا تحققت كلها فإن الأمر يصبح قريبا من الرواية باللفظ لكن القطع بتحقيقها فيه صعوبة مثل الشرط الثاني: " القطع بأنه أدى معنى اللفظ الذي بلغه ".

وعلى ضوء ما تقدم لا يمكن أن يرجح مذهب على

آخر على إطلاقه بل يمكن أن يفصل في الأمر فيفرق

بين الناحية العملية والناحية النظرية.

ويفرق بين مذهب الصحابة وغيرهم،ثم بين من يحفظ من التابعين ومن حفظه ليس بالقوي، ثم يفرق بين من جاء بعد التابعين وبين التابعين والصحابة ثم يفرق بين من يؤدي الحديث رواية واحتجاجا وبين من يروي الحديث على وجه التحدث في المجالس أو الوعظ والتذكير أو الاستشهاد، أو المذاكرة، أو الترجمة أو غير ذلك.

أولا: هناك فرق بين الناحية العملية والناحية النظرية فمن الناحية العملية في العصور الأخيرة استقر القول على منع الرواية بالمعنى، وإن أخذ بعض العلماء

بالجواز نظرا.

ثانيا: انقسم الصحابة إلى قسمين:

القسم الأول: أوجبوا أداء الحديث باللفظ زيادة في التحري وخوفا من التبديل والتحريف، وفهما أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم مراد لفظا ومعنى خصوصا التشهد والآذان.

والقسم الثاني: أجازوا أداء الحديث على المعنى، بل عبروا عنه في كثير من الأحاديث بعبارتهم، فهما منهم أن كثيرا من الأحاديث والنصوص ليس مرادا فيها اللفظ، وكانوا بلغاء فصحاء وشاهدوا التنزيل ووقفوا على أسباب النزول والحوادث.

ثالثا: أما التابعون في الجملة فكانوا يحرصون على أداء الحديث باللفظ ولم تختلف ألفاظهم في ذلك إلا بقدر التفاوت بين من يحفظ ومن لا يحفظ أو من كانت ذاكرته قوية وبين من كانت ذاكرته غير قوية وهم أهل فصاحة وبلاغة، وسمعوا ممن شهد أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وسمع ألفاظه.

رابعا: من بعد التابعين كانوا يحدثون بمثل ما سمعوا، وكانوا يمنعون الرواية على المعنى.

خامسا: في العصور الحاضرة لا أحد يجيز أداء الحديث بالمعنى في مجال الرواية والاحتجاج.

سادسا: يمكن السماح بالرواية على المعنى على وجه

التحدث في المجالس والوعظ والتذكير أوالاستشهاد، أو المذاكرة، أو الترجمة، أو الدعوة أو غير ذلك.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المرسلين.

 



[1] النساء/ 1

[2] آل عمران / 102

[3] الأحزاب / 71

[4] الحديث أخرجه أبو داوود في السنن " النكاح – باب في خطبة النكاح 2/238 -239 من حديث عبد الله بن مسعود، وفي – كتاب السنة – باب في لزوم السنة 4/ 201 رقم 4607، جامع التزمذي – كتاب العلم – باب 116 ، سنن ابن ماجه – المقدمة – الباب السادس، سنن الدارمي – المقدمة – الباب 16 ، ومسند أحمد 4/ 1226 ، 127.

[5] أخرجه أبو داوود في السنن – كتاب العلم – باب فضل نشر العلم 3/322 رقم 3660 من حديث زيد بن ثابت، والترمذي في الجامع – كتاب العلم – الباب السابع 5/34 وابن ماجه في السنن – المقدمة – الباب 18، المناسك الباب 76 والدارمي في السنن – المقدمة – الباب 24 ، 1/86، وأحمد في المسند 1/347، 3/225 وقال عنه الترمذي: حسن صحيح

[6] قواعد التحديث للقاسمي ص 48

[7] قواعد التحديث ص 49

[8] لسان العرب 14/26، القاموس المحيط 4/298

[9] جامع الترمذي 5/34 رقم 2656 ، 2657 ، 2658 من حديث زيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود ، وابن ماجه 1/86 من رقم 2300 إلى 2360

[10] الكفاية ص 202

[11] الكفاية ص 205

[12] تيسير مصطلح الحديث للطحان ص 14

[13] مقدمة ابن الصلاح ص 102

[14] تدريب الراوي 2/ 92 - 93

[15] فتح المغيث 2/ 228

[16] فتح المغيث 2/ 230

[17] الكفاية ص 161 - 163

[18] الكفاية 164

[19] الكفاية 164

[20] الكفاية 165

[21] الكفاية 166 ، أخرجه أحمد في المسند 4/334 ورجاله ثقات

[22] الكفاية ص 166

[23] الكفاية ص 166 - 167

[24] الكفاية ص 167

[25] الكفاية ص 167

[26] فتح المغيث 2/228

[27] تدريب الراوي 2/ 106 ، مقدمة ابن الصلاح ص 108

[28] تدريب الراوي 2/ 106 ، مقدمة ابن الصلاح ص 108

[29] تدريب الراوي 2/ 107

[30] تدريب الراوي 2/ 106

[31] الإلماع ص 185

[32] الباعث الحثيث ص 144 – 145 ، مقدمة ابن الصلاح ص 107

[33] مقدمة ابن الصلاح 107 - 108

[34] الإلماع ص 174

[35] الكفاية ص 171

[36] الكفاية ص 210

[37] الكفاية ص 171

[38] الكفاية ص 172

[39] الكفاية ص 173 ، ذكره الألباني في "صحيح الجامع" رقم 6640 وعزاه إلى أحمد ، والترمذي وابن حبان ثم قال: صحيح

[40] الكفاية 168

[41] الكفاية ص 169

[42] الكفاية ص 169

[43] تدريب الراوي 2/ 101

[44] تدريب الراوي 2/ 101

[45] الإلماع ص 178

[46] تدريب الراوي 2/ 101 ، الإلماع ص 187 - 179

[47] الإلماع ص 177 ، جامع بيان العلم 1/ 79 ، الجامع 2/ 91

[48] الكفاية ص 169 – 170

[49] الكفاية ص 170

[50] الكفاية ص 170

[51] الجامع 2/ 91 ، جامع بيان العلم 1 / 78 ، 79

[52] الإلماع ص 180

[53] جامع بيان العلم 1/80

[54] نزهة النظر لابن حجر ص 48

[55] الكفاية ص 173

[56] الكفاية ص 174

[57] الكفاية ص 174 ، وأخرجه البخاري في الصحيح في باب العلم والجنائز والأدب وهو في الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل 6/496 من حديث عبد الله بن عمرو ومسلم في كتاب الزهد، والترمذي في الفتن، وابن ماجة في المقدمة والدارمي في المقدمة، وأحمد في المسند 1/70 والنسائي في الكبرى في باب العلم ( تحفة الاشراف 2/234 رقم 890 ).

[58] الكفاية ص 175 ، الإلماع ص 175 – 176 ، أخرجه البخاري في الصحيح كتاب الطهارة باب 79 ، ومسلم في الصحيح كتاب الذكر والدعاء 17: 1 وغيرهما.

[59] الكفاية ص 175 ، أخرجه البخاري في الصحيح كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم 1/ 49 لكنه لم يذكر "أن تعبد الله وتكفر بما دونه" وإنما قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

[60] الكفاية ص 176

[61] الكفاية ص 176 وتقدم تخريجه

[62] الكفاية ص 177

[63] الكفاية ص 177 ، والحديث ذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 7140 وعزاه إلى أحمد ، وابن ماجة وقالك صحيح وذكره في الصحيحه رقم19

[64] الكفاية ص 178 والحديث أخرجه مسلم في الصحيح، كتاب الأشربة 3/1577 رقم 1992 ، وأبو داوود في السنن – كتاب الأشربة، والترمذي في الجامع، كتاب الأشربة وغيرهم.

[65] الكفاية ص 178

[66] الكفاية ص 178

[67] تدريب الراوي 2/101

[68] الكفاية ص 179 ، تدريب الراوي 2/ 101

[69] الكفاية ص 179 ، أخرجه مسلم في الصحيح ، كتاب المساجد 1/ 372 رقم 6 – 8 ، وغيره.

[70] الكفاية ص 179 ، والحديث أخرجه البخاري في الصحيح ، كتاب الجمعة 2/373، رقم 886 ومسلم في الصحيح، كتاب اللباس 3/1638 رقم 2068 وغيرهما.

[71] الكفاية ص 180 ، قال ابن منظور في لسان العرب 2/170 ، 202 عوث: عوثني فلان عن أمر كذا، تعويثا: ثبطني عنه، وتعوث القوم تعوثا إذا تحيروا، وتقول عوثني حتى تعوثت أي صرفني عن أمري حتى تحيرت.

وعث: وعثاء السفر أي مشقته وشدته وقال أبو عبيد هو: شدة النصب والمشقة والحديث رواه مسلم في الصحيح، كتاب الحج 2/978 رقم 1342 بطولة، وأبو داوود في السنن كتاب الجهاد /  72 ، والترمذي في الجامع، كتاب الدعوات / 41 والنسائي في السنن، كتاب الاستعاذة  وابن ماجة في السنن، كتاب الدعاء /2 والدارمي في السنن، كتاب الاستئذان / 14 وأحمد في المسند2/48، 5/82 

[72] الكفاية ص 180 والحديث أخرجه أبو داوود في السنن، كتاب الصلاة 1/226 رقم 855 وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 7101 ، 7102 ثم عزاه إلى أبي داوود والترمذي وأحمد وابن ماجة والنسائي وقال: صحيح.

ومعنى تجزى: تغنى أو تكفى أو تقوم مقامه ( لسان العرب ، أما معنى تزجى فإن زجا من يزجوا وزجوا وزجاء أي تيسر واستقام ( لسان العرب 14/ 354).

[73] الإلماع ص 178

[74] تدريب الراوي 2/102

[75] الإلماع ص 180

[76] تدريب الراوي 2/103

[77] الباعث الحثيث ص 141 تحقيق أحمد شاكر ط الثالثة.

[78] مقدمة ابن الصلاح ص 105 – 106 ط 1398 هـ بيروت

[79] فتح المغيث 2/242 – 243 ط الأولى 1403 هـ .

[80] الكفاية ص 181 ، وذكره الألباني في صحيح الجامع برقم 5255 ثم عزاه إلى أحمد وابن ماجه، وأبي داوود، والترمذي وذكر أنه في الصحيحه رقم 542 ثم قال: صحيح

[81] الكفاية ص 181

[82] الكفاية ص 181 ، أخرجه أبو داوود في السنن، كتاب الصلاة، باب في بناء المساجد 1/ 123 رقم 451.

[83] الكفاية ص 182

[84] الكفاية ص 182 ، أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الجهاد، باب القليل من الغلول 6/ 187 رقم 3074 وزاد: يعني فتح الكاف.

وزاد ابن حجر في الشرح، على ثقل: ما يثقل حمله من الأمتعه.

[85] الكفاية ص 182

[86] الكفاية ص 183

[87] الكفاية ص 183

[88] الكفاية ص 183 ، ذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 750 ثم عزاه إلى مالك وغيره ثم قال صحيح.

[89] الكفاية ص 188

[90] الكفاية ص 189

[91] هامش الإلماع ص 178 وانظر جامع بيان العلم 1/81 الكفاية ص 189.

[92] تدريب الراوي 2/ 101

[93] الكفاية ص 191

[94] الكفاية ص 192

[95] مقدمة ابن الصلاح ص 106

[96] الكفاية ص 194 - 195

[97] الكفاية ص 195 ، الجامع 2/ 80 ، جامع بيان العلم 1/78

[98] الكفاية ص 194 – 195

[99] جامع بيان العلم 1/ 78 ، الكفاية ص 195 ، الإلماع ص 185

[100] الكفاية ص 194 - 195

[101] الكفاية ص 196

[102] جامع بيان العلم

[103] تدريب الراوي 2/ 108

[104] الكفاية ص 196 ، جامع بيان العلم 1/ 81

[105] الكفاية ص 197 ، الجامع 2/ 81، 86 ، جامع بيان العلم 1/80

[106] الكفاية ص 197 ، الجامع 2/81 ، 86

[107] الكفاية ص 198

[108] جامع بيان العلم 1/78 ، الإلماع ص 184

[109] جامع بيان العلم 1/80

[110] الإلماع ص 183

[111] الإلماع ص 184 ، مقدمة ابن الصلاح ص 107 ، الباعث الحثيث ص 144، تدريب الراوي 1/106

[112] الإلماع ص 185 - 187

[113] مقدمة ابن الصلاح ص 108

[114] فتح المغيث 2/264 - 275

[115] تدريب الراوي 2/107

[116] شرح صحيح مسلم 1/ 37

[117] الكفاية ص 198 - 199

[118] الكفاية ص 201 – 202

[119] أي: يغلب الناظر بالحجة

[120] الكفاية ص 202

[121] الكفاية ص 203

[122] الكفاية ص 204 ، الجامع 2/ 87 ، جامع بيان العلم ، 1/ 78 ، 79 ، نوادر الأصول ص 389

[123] الكفاية ص 205

[124] الكفاية ص 206 ، جامع بيان العلم 1/ 79

[125] جامع بيان العلم 1/ 80 ، تدريب الراوي 2/ 100 ، الكفاية ص 206

[126] تدريب الراوي 2/ 101

[127] تدريب الراوي 2/ 100 ، الجامع 2/ 88

[128] الكفاية ص 207 ، الجامع 2/ 88

[129] الكفاية ص 208

[130] الكفاية ص 208 ، تدريب الراوي 2/ 100

[131] الكفاية ص 208

[132] الكفاية ص 209 ، الجامع 2/ 88

[133] الكفاية ص 209 - 210

[134] الكفاية ص 210

[135] الكفاية ص 210 ، الجامع 2/ 88

[136] الكفاية ص 211

[137] تدريب الراوي 2/ 100

[138] تدريب الراوي 2/ 101

[139] تدريب الراوي 2/ 101

[140] الإلماع ص 181 ( الهامش نقلا عن كتاب القاضي عياض "الإكمال لشرح كتاب مسلم" )

[141] تدريب الراوي 2/ 101

[142] الجامع 2/ 88

[143] تدريب الراوي 2/ 99

[144] مقدمة ابن الصلاح ص 106

[145] الاحكام لابن حزم 1/125 ط مطبعة العاصمة بالقاهرة

[146] تدريب الراوي 2/ 102

[147] نزهة النظر ص 48

[148] قواعد التحديث للقاسمي ص 221 ط الأولى سنة 1399 هـ.

[149] شرح مسلم 1/ 36

[150] الكفاية ص 190 ، والحديث رواه الترمذي ، والضياء ، وأحمد، وابن حبان، وابن ماجة والحاكم، وأبو داوود بألفاظ مختلفة لكني لم أجد لفظة "فلم يزد فيها" انظر صحيح الجامع للألباني من رقم 6639 – ى6642 .

[151] كلام الخطيب البغدادي في الكفاية ص 190

[152] الكفاية ص 189

[153] الكفاية ص 190 وتقدم تخريجه

[154] الكفاية ص 190

[155] الكفاية ص 192

[156] الكفاية ص 193

[157] الكفاية ص 190 – 191

[158] الكفاية ص 193

[159] الكفاية ص 193 – 194

[160] الكفاية ص 194

[161] التدريب 2/ 105

[162] مقدمة ابن الصلاح ص 106

[163] فتح المغيث 2/ 256

[164] الباعث الحثيث ص 144

[165] نزهة النظر شرح نخبة الفكر 48 ط 1400 هـ

[166] شرح مسلم 1/ 37 ط دار إحياء التراث - بيروت

[167] تدريب الراوي 2/ 98 - 99

[168] شرح صحيح مسلم 1/ 36

[169] الباعث الحثيث ص 141 ط الثالثة