القيوم
بسم الله الرحمن الرحيم
القيوم (المختصر)
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}آل عمران/ 120 وبعـــــد :
فهذه الحلقة الأولى في موضوع القيوم وسيكون عنوانها(مقدمة ومعنى القيوم )
المقدمة : الوجود من أعظم النعم التي أنعم الله به على خلقه ، خلق الخلق من العدم ورباهم بالنعم وهوغني عن العالمين ، وتكرم الكريم بإرسال الرسل وإنزال الكتب وأعظمها آخر كتاب وهو القرآن الكريم والذي يحتوي على علوم عظيمة وأعظمها علم الأسماء والصفات وأعظمها لفظ الجلالة (الله) و(الحي ) و(القيوم) وغيرها ،وغالب العلماء يرجح أن الأسم الأعظم أحد هذه الأسماء الثلاثة،وكثير من المحققين يرجح أن الأسم الأعظم هو( الحي القيوم )
ولهذا كان هذا البحث (القيوم )
إن مشهدَ قيوميَّة القيوم الجامع لصِفات الأفعال مشهد عظيم ، وأن الله قائم على كل شيء وقائمٌ على كلِّ نَفْس، وأنه تعالى هو القائم بنفسه المقيمُ لغيره القائم عليه بتدبيره وربوبيته وقَهْرِه، وإيصال جزاء المحسن إليه وجزاء المسيء إليه، وأنَّه بكمال قيوميَّته لا يَنامُ ولا يَنبغي له أن ينام، يخفِض القِسْطَ ويرفعه، ويُرفع إليه عمَلُ الليل قبل النَّهار وعمَل النَّهار قبل الليل، لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم، ولا يَضِلُّ ولا يَنسى، وهذا المشهد من أرفع مشاهد العارفين؛ وهو
( توحيد الربوبيَّة ) .
المعنى اللغوي للقيوم :
القيم : هو السيد ﴿ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) ﴾ (سورة البينة) أي دين الفطرة، يتطابق هذا الدين مع الفطرة تطابقاً تاماً، أي شيء أمرك الله به أنت مجبول عليه، مفطور عليه، مولف عليه ؛ لذلك لمجرد أن تطيع الله عز وجل تشعر براحة لأنك وجدت فطرتك ،وجاء في لسان العرب : القيامُ: نقيض الجلوس، ومعنى القِيام العَزْمُ ... وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح؛ ومنه قوله تعالى:{الرجال قوّامون على النساء}، وقوله تعالى: إلا ما دمت عليه قائماً؛ أي ملازماًمحافظاً. ويجيء القيام بمعنى الوقوف والثبات.)ا.هـ
وجاء في مفردات ألفاظ القرآن: القيام على أضرب: قيام بالشخص؛إما بتسخير أو اختيار، وقيام للشيء هو المراعاة للشيء والحفظ له، وقيام هو على العزم على الشيء،فمن القيام بالتسخير قوله تعالى: {منها قائم وحصيد} [هود/100، ومن القيام الذي هو العزم قوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} [المائدة/6] ا.هـ
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية في موضوع القيوم وسيكون عنوانها : المعنى الإصطلاحي للقيوم :
هو من أسماء الله تعالى، ورد بصيغة المبالغة على وزن (فيعول) من قام، يقوم بمعنى يدوم، والقيوم: الدائم، وكان من قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: {الْحَيُّ الْقَيُّامُ}
يقول الرازي: إن القيوم مبالغة من القيام، وكمال المبالغة إنما عند الاستغناء به عن كل ما سواه، وافتقار كل ما سواه إليه؛ فثبت بهذا البرهان أنه سبحانه هوالقيوم الحق بالنسبة إلى كل الموجودات
[الأنترنت – موقع مفهوم الأسماء والصفات ]
القيوم يأتي على معنيين الأول :قيام الله بالذات
وبالوصف ، وجميع المخلوقات قيامها بالله وحده ، وهو الذي يمدها بالحياة، وبكل ما تحتاجه
والمعنى الثاني : إقامة الغير والإبقاء عليه، لأن كل مخلوق ما سوى الله مفتقر إلى الله في وجوده وفي استمراره، فالقيوم بذاته الباقي على صفاته هذا من أسماء الذات، أما المقيم لغيره والمثبت لصفاتهم هذا من أسماء الأفعال .
وعلى هذين المعنيين القائم بذاته المقيم لغيره تدور كل عبارات القيوم.
والقيوم القائم بنفسه مطلقاً لا بغيره والباقي أزلاً وأبداً، والقيوم هو القائم بتدبير أمور الخلق وتدبير العالم بجميع أحواله، فهو القائم بأمور خلقه في إنشائهم وتولي أرزاقهم وتحديد آجالهم وأعمالهم وتربيتهم ومعالجتهم والاستجابة لهم ودفعهم إلى ما فيه خيرهم وتأديبهم،هو العليم بمستقرهم ومستودعهم
قال تعالى :﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾( سورة هود الآية: 6 )
والله عز وجل مصدر حياتنا و قيامنا ، القيوم هو الذي يقوم به كل موجود، ولا يتصور وجود مخلوق كائناً من كان إلا بالله عز وجل، ولا يتصور استمرار حياة مخلوق كائناً من كان إلا بالله عز وجل فإذا قرأت آية الكرسي ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ (255) ﴾(سورة البقرة) عرفت ذلك والله تعالى قائم بنفسه كامل في وصفه
من أراد معرفة مقامه فلينظر فيما استعمله الله ، وكل مخلوق قيامه ليس ذاتياً فتأخذه سنة أو نوم ثم يموت والضعف من طبيعتة ، والإنسان قائم بالله وقدرته ، والمؤمن من يرى أن قيامه و حياته كلها بيد الله سبحانه ؛ من هنا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بك يا رب من فجاءة
نقمتك،وتحول عافيتك،وجميع سخطك) [أبو داود عن ابن عمر ]
والعلماء قالوا لا يتصور وجود شيء ولا دوام شيء إلا (بالله)، لذلك أحمق إنسان، وأغبى إنسان هو الذي يقول ( أنا) قالها إبليس:﴿ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ ﴾ ( سورة الأعراف/12 ) فلعنه الله ،و قالها فرعون:﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾( سورة الزخرف الآية: 51 ) فأغرقه الله، وقالها قارون:﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ﴾( القصص الآية: 78 ) فخسف الله به وبداره . وملك الله للكون خلقاً وتصرفاً ومصيراً ؛ الحياة به، ودوامها به، وانتهاؤها به، والقيام به، والدوام به، والانتهاء به. ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [ الأنترنت – موقع موسوعة النابلسي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة في موضوع القيوم وسيكون عنوانها : معنى (القيوم ) في حق الله تعالى :
قال ابن القيم : معنى هذا الاسم (القيوم ) : هو الذي قام بنفسه فلم يحتج إلى أحد، وقام كل شيء به فكل ما سواه محتاج إليه بالذات».( مدارج السالكين).
ويقول في موطن آخر: فالقائم بنفسه أكمل ممن لا يقوم بنفسه، ومن كان غناه من لوازم ذاته فقيامه بنفسه من لوازم ذاته. وهذه حقيقة قيوميته سبحانه. وهو (الحي القيوم) فالقيوم: القائم بنفسه المقيم لغيره وقال في موطن ثالث: وأما (القيوم) فهو متضمن
كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه. وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه، وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته، وهذا من كمال قدرته وعزته».(بدائع الفوائد).
ومن معاني (القيوم) :الباقي الذي لا يزول، وهذا المعنى قد أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى بقوله: لهذا كان اسم (القيوم) يتضمن أنه لا يزول، فلا ينقص بعد كمالِه، ويتضمن أنه لم يزل ولا يزال دائمًا باقيًا أزليًّا أبديّاً موصوفًا بصفاتِ الكمال، من غير حدوثِ نقصِ أو تغيُّرٍ بفسادٍ واستحالةِ ونحو ذلك مما يعتري ما يزول من الموجودات، فإنه - سبحانه وتعالى - «القيوم». ولهذا كان من تمام كونِه قيومًا لا يزولُ أنه لا تأخذه سِنَةٌ ولا نومٌ، فإن السِّنة والنوم فيهما زوال ينافي القيومية، لما فيهما من النقص بزوال كمالِ الحياة والعلم والقدرة، فإن النائم يحصل له من نقص العلم، والقدرة، والسمع، والبصر ، والكلام وغير ذلك ما يظهر نقصه بالنسبة إلى الشيطان. ولهذا كان النوم أخا الموت» [جامع المسائل]
فالقيوم سبحانه هو القائم بنفسه الذي بلغ مطلق الكمال في وصفه، والباقي بكماله ووصفه على الدوام دون تغيير أو تأثير، فقد يكون الحي سميعا لكن يتأثر سمعه مع مرور الوقت، فيفتقر إلى وسيلة إضافية للسماع، فيلزم لاتصافه بكمال السمع أن يكون قيوما في سمعه، له البقاء والكمال فيه على الدوام، وقد يكون الحي بصيرا لكن بصره يتأثر مع مرور الوقت فيفتقر إلى وسيلة إضافية للإبصار، فيلزم لاتصافه بكمال البصر والإبصار أن يكون قيوما في بصره له البقاء والكمال فيه على الدوام، والحي قد يكون متصفا بالصفات لكنه يتأثر بالغفلة والسنات، فتتأثر صفاته وتضمحل وربما ينام أو يموت فتزول وتنعدم، فلو كان قائما دائما لكملت حياته وبقيت صفاته، ولذلك قال تعالى: ( اللهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ .) (البقرة:255)، فأثبت الحياة والقيومية اللازمة لكمال أسمائه وصفاته وأفعاله، وهذا المعنى كله في دلالة القيوم على صفة الذات، أما دلالته على صفة الفعل فالقيومية هنا مردها إلى معنى الربوبية ومنه قوله:( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ.)(الرعد :33)
وعند البخاري من حديث عبدالله بن عباس: ( أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ )[ صحيح البخاري الرقم: 7385 ]
ويوصف الله عزَّ وجلَّ بأنه القَيُّوم والقَيِّم والقَيَّام ، وهو وصفٌ ذاتيٌ ثابت لله بالكتاب والسنة، والدليل من الكتاب: قولـه تعالى:{الله لا إِلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم } البقرة: 255
والدليل من السنة: حديث ابن عباس رضي الله عنهما في دعاء النبي صلى الله عليه وسـلم في تهجده: (... لك الحمد؛ أنت قَيِّم السماوات والأرض ومن فيهن...) ،وقال العلماء: من صفاته القيَّام والقيِّم؛ كما صرح به هذا الحديث، والقَيُّوم بنص القـرآن وقائم،ومنه قولـه تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْس} ٍ؛قال ابن قتيبة: (ومن صفاته: (القَيُّوم) و(القيَّام)، وقرئ بهما جميعاً
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة في موضوع القيوم وسيكون عنوانها:الآثار الإيمانية لاسم الله "القيوم"
يجب أولاً معرفة قدر الدنيا :
الدنيا دار امتحان وهي مليئة بالفتن والأكدار والمنغصات، لذاتها وشهواتها مهلكة، ونعمها زائلة،
إذا حلت أوحلت، وإذا كست أوكست، فلم تَصْفُ لأحد، بل أهلها في شقاء وكبد من كثرة ما فيها من ابتلاءات وآفات،لذلك إذا لم يكن القلب موصولا بربه، عارفا بأسمائه وصفاته، بصيرا بمعانيها ودلائلها واستحقاقاتها،فإنه يعيش وسط هذه الدنيا بأمواج فتنها وبلاياها ونوازلها، بلا طوق إنقاذ ولا سند نجاة، غريق لا محالة، تائه ضائع ساخط،وهذا هو حال كثير من الناس كما قال الله عز وجل { إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ } المعارج: 19 - 22].
ثم يجب على العبد المؤمن حينما يدرك أن الله تعالى قيوم قائم بالقسط والتدبير،ومنفرد بالمشيئة والتقدير ،عنده خزائن كل شيء، لا ينزله إلا بقدر معلوم، وأنه كفيل قائم بأمره ورزقه،أدى ذلك إلى اعتماده على ربه في كل شيء، ووثق به دون كل شيء، وقنع بكل ما جاءه من ربه، وصبر على ما ابتلاه به،فلا يطمع في سواه، ولا يرجو إلا إياه، ولا يشهد في العطاء إلا مشيئته ولا يرى في المنع إلا حكمته، ولا يعاين في القبض والبسط إلا قدرته وقيوميته، فيكثر من دعائه وذكره لاسيما إذا حزبه هم أو لحقه كرب .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كان النّبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمرٌ، وفي رواية أخري إذا حزبه أمرقال: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ " [الترمذي(3565].
فما أحوج القلب لأنوار اسم الله القيوم أن تسطع على حناياه وتطهر روحه من التوكل والتوجه لغير المولى جل وعلا،ما أحوج البشرية المعذبة التي حارت مع نداءات الشرق والغرب، والشيوعية والرأسمالية أن تعرف المالك الحقيقي والمدبر الحقيقي والذي بيده الأمر كله وقائم على كل نفس وخلق ؛ في الكون كله،فكم لهذا الاسم العظيم الأعظم المبارك من آثار إيمانية وظلال ربانية على قلب المؤمن الصادق،وهي الآثار التي لا يسع المؤمن أن يجهلها, أو يتخلى عنها بعد إدراكها ومعرفتها .
ومن أهم هذه الآثار والثمار التي تشرق على قلب المؤمن باسم الله القيوم : عدم جعل الدّنيا في قلب العبد المؤمن وأن يجعلها في يده ، بل يتعامل معها كما يتعامل مع شيء لا يملكه، ولا يتحكم فيه،فوجب عليه أن يقوم بما كلّفه مولاه القيّوم علمًا وعملاً، والله هو القائمٌ بأمره المدبر لشئونه... [تبديد الغيوم في فقه اسم الله "القيوم" -ملتقى الخطباء ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:
الآثار الإيمانية لاسم الله "القيوم" ومن الآثار الإيمانية لاسم الله "القيوم" : الاستغناء عن الخلق ، إن المؤمن متى أعطى هذا الاسم الكريم حقه من العلم والعمل بمقتضاه ، فقد استيقن أن الله تعالى قائم بتدبير أمورالعباد وأرزاقهم وجميع أحوالهم،وقد توكل على ربه،وانقطع رجاؤه من الخلق إلى الله تعالى،واستغنى عما في أيديهم إلى ما في يدي الله تبارك وتعالى
ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين ( الحي القيوم) : التبرؤ من الحول والقوة إلا بالله والافتقار التام لله - عز وجل -وإنزال جميع الحوائج بالله - عز وجل -وإخلاص الاستعانة والاستغاثة والاعتصام لله - عز وجل -وقطع التعلق بالمخلوق الضعيف المربوب لله تعالى المفتقر إلى ربه - عز وجل - الفقر الذاتي التام. ولذا وردت الاستغاثة باسمه (الحي القيوم)، كما جاء في الحديث: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث).
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: انتظم هذان الاسمان صفات الكمال والغنى التام، والقدرة التامة، فكأن المستغيث بهما مستغيث بكل اسم من أسماء (الرب) تعالى وبكل صفة من صفاته ؛ فما أولى الاستغاثة بهذين الاسمين أن يكونا في مظنة تفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإنالة الطلبات[ولله الأسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل ]
ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين الكريمين ( الحي القيوم ) : أن لآثار قيوميته سبحانه بأوليائه وبمن أحبه شأنًا آخر وطعمًا خاصًا يظهر في حفظه ولطفه ورعايته بعباده المتقين،وهذا يقتضي محبة الله - عز وجل- المحبة التامة،والركون إليه، والتعلق به وحده ،والسكون إليه، والرضا بتدبيره..
وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:"هو سبحانه (القيوم) المقيمُ لكلِّ شيءٍ من المخلوقات - طائعِها وعاصيها - فكيف تكون قيوميته بمن أحبَّه وتولاه؛ وآثره على ما سواه، ورضي به من دون الناس حبيبًا، وربّاً، ووكيلا،ً وناصرًا، ومعينًا، وهاديًا؟".[ولله الأسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل ][شرح اسم الله القيوم للدكتور.محمد النابلسي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة في موضوع القيوم وستكون بعنوان: التعبد لله عز وجل باسمه "القيوم":
اعلم أن من حق ربك عليك أن تعرف أسماءه الحسنى , وصفاته العلى ، وتبصر القائم على كل نفس ، الذي قام كل شيء به , وترى الحي القيوم الذي لا ينام أبداً. فإذا عرفت ذلك ؛ قمت بين يدي ربك خاشعاً ذليلاً بالمحبة والتعظيم،وقضيت أوقاتك في طاعته،واستعملت جوارحك في عبادته
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }[ الزمر / ٩ ] .
فسبحان من كل شيء له عابد، ولعزته خاضع , ولرحمته راج ، ولإحسانه محتاج {وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } [ آل عمران / ٨٣ ] .
فارغب يا عبد الله إلى مولاك الكريم بالقيام بحسن الطاعة، ودوام العبادة , تنال الأجر الكبير {وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [ الأحزاب/٧١].
واعلم رحمك الله أنك للبقاء خُلقت ولم تخلق للفناء ،وإنما تُنقل من دار إلى دار لتجزى بعملك، ثم
تستقر في دار القرار حسب ما عملت في الجنة أو النار{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَةِ فَأُوْلَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } [الروم/١٤-١٦].
فاعقل رحمك الله من أنت؟ وعبدُ من أنت؟ ولِـمَ خُلقت؟ وما الذي يريد ربك منك؟ .وإذا عرفت أن ربك هو الحي القيوم، وإليه تنتهي الأمور , وعنده خزائن الأجور , فاعمل له بكل جهد ، ولا تستبق منك باقية في العمل له بطاعته، فقد أعد الله لك بقاءً كريماً لا فناء بعده {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ التوبة /٧٢] .
وقد أهّلَكَ مولاك الكريم لأمر عظيم , ومَقام كريم , ومُلك لا يفنى إن أطعته وعملت بما يحب قال تعالى
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ [ القمر /٥٤-٥٥] .
فأرضه بدوام ذكره وشكره وحسن عبادته ,
فسيرضيك ويسترضيك{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }[ الروم / 6 ]
وإن رغبت عنه وجعلته وراء ظهرك فاعلم أنك لابد باق في عذاب أليم لا يبيد ولا يفنى ، ولا يموت فيه الإنسان ولا يحيا {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُون }[ هود/١١٢-١١٣] .
[كتاب التوحيد ( فقه أسماء الله الحسنى ) - محمد التويجري ]
ومن التعبد لله عزوجل باسمه "القيوم" أن الله كما داوم عليك بإحسانه، وتابع عليك إنعامه، فداوِم
أنت على ذكره , وشكره , وحسن عبادته،ليديم عليك ذلك، ويزيدك من نعمائه {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [ إبراهيم / ٧ ] ، فكن قائماً على نفسك ، بحملها على طاعة الله ,واجتناب معصيته ,واستعمل جوارحك فيما يحبه ربك ويرضاه من العبادة , والدعوة إلى الله , وتعليم شرعه , والإحسان إلى الخلق بالعلم والمال والبدن , ومن أحسن في الدنيا أحسن الله إليه في الدنيا والآخرة {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} الرحمن/٦٠
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:
التعبد لله عز وجل باسمه "القيوم":
واعلم أن من وقف لك ظالماً ثم انصرف عنك وأحسن إليك فإن الله نصرك عليه بل وسمح له أن يحسن إليك , وألهمه قضاء حاجتك , إما أنه خاف منك بالله, أو استحيا منك بالله, أو عطف عليك بالله, فاشكر من سلبه عداوته لك , وسخره لقضاء حاجتك إنه القيوم {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}
(اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ,أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ
,وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ,وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ .أَنْتَ الْحَقُّ,وَقَوْلُكَ الْحَقُّ,وَوَعْدُكَ الْحَقُّ, وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ,وَالْجَنَّةُ حَقٌّ,وَالنَّارُحَقٌّ , وَالسَّاعَةُ حَقٌّ.اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ , وَبِكَ آمَنْتُ , وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ , وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ , وَبِكَ حَاكَمْتُ,فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ , وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ , وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ » متفق عليه [كتاب التوحيد ( فقه أسماء الله الحسنى ) محمد التويجري][الأنترنت – موقع حياة القلوب في معرفة علام الغيوب ]
*السر في ( يا حي يا قيــــوم )
قال تبارك وتقدس : { اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ
الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (255) سورة البقرة
وقال : { اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }(2) سورة آل عمران
وقال سبحانه : {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} 111 سورة طـه
*شفاء الأسقام وذهاب الهموم بالاسم (الحي القيوم)
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة :(ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحتي وإذا أمسيتي يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) رواه النسائي والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب صحيح الإسناد ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير عثمان ابن موهب وهو ثقة ، وحسنه المقدسي في الأحاديث المختارة
وزاد الطبراني ( ولا تكلني إلى أحد من الناس ).
وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل به كرب قال ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) رواه البيهقي والحاكم وصححه .
قال ابن القيم في الوابل الصيب : وفي الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حز به أمر قال : (يا حي يا قيوم برحمتك استغيث ) وفيه أيضا عن أبي هريرة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء فقال سبحان الله العظيم وإذا اجتهد في الدعاء قال يا حي يا قيوم ) .
و عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : أصابني أرق من الليل فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( قل اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حي قيوم يا حي يا قيوم أنم عيني وأهدئ ليلي فقلتها فذهب عني ) رواه الطبراني .
وفي الأحاديث المختارة للمقدسي : عن أنس بن مالك أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يدعو يا حي يا قيوم ) كذلك رواه النسائي أيضا وإسناده صحيح .
وعن أنس رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي ثم دعا اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لقد دعا الله عز وجل باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ) [رواه الأربعة والحاكم وابن حبان في صحيحيهما واللفظ لأبي داود وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم و حسنه في المختارة ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة في موضوع القيوم وستكون بعنوان: حياة القلب وطمأنينته بالحي القيوم :
قال ابن القيم رحمه الله :ومن تجــربـــات السالكين : أن من أدمـــــــن : يا حي يا قيــــوم لا إله إلا أنت ، أورثـــه ذلك حياة القلــب والعــقــل .وكان شيخ الإسلام ابن تيمية شديد اللهج بها جداً ، وسمعته يقول : من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر : يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت ، برحمتك استغيث ، حصلت له حياة القلب ، ولم يمت قلبه [مدارج السالكين 1 / 446 ]
وقال أيضا : وفي تأثير قوله ( يا حي يا قيوم برحمتك استغيث ) في دفع داء الكرب مناسبة بديعة فان
صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال مستلزمة لها وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال
ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى هو اسم {الحي القيوم }
والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شيء من الآفات , ونقصان الحياة يضر بالأفعال وينافي القيومية لكمال الحياة فالحي المطلق التام لا يفوته صفة الكمال البتة , والقيوم لا يتعذر عليه فعل البتة , فالتوسل بصفة الحياة والقيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة ويضر بالأفعال - إلى أن قال - :والمقصود أن لاسم الحي القيوم تأثيرا خاصا في إجابة الدعوات وكشف الكربات .
وقال ابن القيم أيضا : قال لي شيخ الإسلام ابن تيمية يوما : لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب ، وقد قال الغزالي (شعرا ):
أتطلب أن تكون كثير مال *** ويسمع منك قولك في المقال
ويأتيك الغنى وترى سعيدا *** مهابا مكرما وكثير مــــــــال
وتكفى كل حادثة وضـــــر *** من الأمراض وممن كان وبال
فقل يا حي يا قيوم ألـــــــف *** مكملة على مر اللــــــــيالي
بليل أو نهار إن فــــــــــيما *** أشرت إليه يرخص كل غال
فلازم ما ذكرت ولا تدنــــه *** ففيه تبلغ الرتب العـــــــوال
قلت : ولم يرد دليل ثابت على العدد ولكن المراد أن يبالغ الإنسان في قولها واللهج بها .
وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله حيي كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرا لا خير فيهما فإذا رفع أحدكم يديه فليقل يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين ثلاث مرات ثم إذا أراد رد يديه فليفرغ الخير على وجهه ) . أوله في المسند و السنن وعند ابن حبان والحاكم وصححه من حديث سلمان وقد حسنه كثير من أهل العلم مثل ابن حجر قال وسنده جيد وكذلك المنذري ، إنما التضعيف في سند الطبراني . [الأنترنت – موقع نهر الحب ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة في موضوع القيوم وستكون بعنوان: (القيوم ) اسم من أسماء الله الحسنى
قال الله تعالى : { اللَّهُ لاَ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } (سورة البقرة) وقال تعالى : {اللَّهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (سورة آل عمران) وقال عز وجل : {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا } (سورة طه). ومعنى القيوم: البالغ النهاية في القيام بتدبير ملكه، القائم بذاته على الإطلاق، الغني عن غيره، المستند إليه كل ما سواه من الموجودات، فهو قائم بنفسه، سببٌ وقوامٌ لكل ما عداه، ولهذا بولغ في وصفه بالقيام، فقيل: (قيوم) سبحانه: قائم بذاته، مقوّم لسواه، مستغني عن غيره، ولا غنى لغيره عنه، إذ لا قوام للأشياء إلا به، فهو موجدها ومُقوّمها وقائم عليها، ومؤثر فيها. له صفات التقديس والكمال، والسمو والجلال.
وجاء في تفسير النكت والعيون للماوردي "أن اسم
الله القيوم فيه ستة تأويلات:
أحدها: القائم بتدبير خلقه، قاله قتادة.
والثاني: يعني القائم على كل نفس بما كسبت، حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به، لا يخفى عليه شيء منه، قاله الحسن.
والثالث: معنى القائم الموجود، وهو قول سعيد بن جبير.
والرابع: أنه الذي لا يزول ولا يحول،قاله ابن عباس.
والخامس: أنه العالم بالأمور، من قولهم: فلان يقوم بهذا الكتاب، أي هو عالم به.
والسادس: أنه اسم من أسماء الله، مأخوذ من
الاستقامة، قال أمية بن أبي الصلت:
لم تُخلَق السماءُ والنجوم ... والشمسُ معها قمر يقوم
قدّرهَا المهيمن القيوم ........والحشر والجنة والحميم، إلاّ لأمرٍ شأنه عظيم .
و(الحي القيوم) جمعها في غاية المناسبة كما جمعها الله في عدة مواضع في كتابه، وذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال، فالقيوم هو كامل القيومية وله معنيان: هو الذي قام بنفسه، وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته.
وقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات، فهو الذي أوجدها وأمدها وأعدها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها، فهو الغني عنها من كل وجه وهي التي افتقرت إليه من كل وجه، فالحي والقيوم من له صفة كل كمال وهو الفعال لما يريد.
[ الأنترنت – موقع الموسوعة الحرة ] [في ملكوت الله مع أسماء الله" للشيخ عبد المقصود محمد سالم ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العاشرة في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: (القيوم ) اسم من أسماء الله الحسنى
والذي اختاره شيخ الإسلام رحمه الله أن الاسم
الأعظم هو: (الحي القيوم).
قال رحمه الله : واسمه (الحي القيوم) يجمع أصل معاني الأسماء والصفات، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقوله إذا اجتهد في الدعاء . [قاعدة جليلة ص:٩٣]
وقداستلزام اسم الجلال (الحي) للعديد من الصفات والأفعال : قال رحمه الله: وكما أن الحركة مستلزمة للإرادة والحياة، فالحياة أيضا مستلزمة للحركة والإرادة، ولهذا كان أعظم آية في القرآن: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)، فالاسم (الحي) مستلزم لصفاته وأفعاله، وهو من أعظم البراهين العقلية على ثبوت صفات الكمال، والمصحح لها، والمستلزم ثبوتها ونفي نقيضها، كالعلم والكلام والسمع والبصر، وغير ذلك . [قاعدة في المحبة ٢/٣٨٣]
وقال رحمه الله في بيان اشتقاق اسم الجلال (الحي) من صفة الكمال (الحياة) في أثناء رده على من يقول بأن أسماء الله الحسنى لا تدل على الصفات المشتقة منها: قولهم تجري مجرى أسماء، فإن أرادوا بذلك أسماء أعلام أو جامدة وسائرها صفات، فاسم (الحي) و(العالم) اسم مشتق يدل على معنى العلم والحياة، كما يدل القدير على القدرة، وإن أرادوا أنه يسمى بها؛ فلله تعالى أسماء كثيرة، فإنه سبحانه له الأسماء الحسنى . [الجواب الصحيح ٢/ ١٧٤]
وقد قرر رحمه الله ارتباط معنى (القيوم) الذي هو القائم بنفسه المقيم لغيره، بمعنى (الحي) صاحب الحياة الكاملة التي لا يعتريها نقص من موت أو سنة أو نوم، وقد أكد ذلك في العديد من مؤلفاته رحمه الله، ومنها :
قوله : (لا تاخذه سنة ولا نوم ) فنفي أخذ السنة والنوم يتضمن كمال حياته وقيوميته، إذ النوم أخو الموت، ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون مع كمال الراحة، كما لا يموتون . والقيوم القائم المقيم لما سواه، فلو جعلت له السنة أو النوم، لنقصت حياته وقيوميته . [الجواب الصحيح ٢/ ١٢٣، وانظر الاستقامة ١/ ١٢٥]
وقد قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره: (الحي القيَّام) ... وقد تبين أن قراءة الجمهور (القيوم) أتم معنى من قراءة (القيام) .
قال شيخ الإسلام : فتبين أن (القيوم) أبلغ من (القيام)، ذلك يفيد قيامه بنفسه باتفاق المفسرين وأهل اللغة . [جامع المسائل ١/ ٤٠]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان: (القيوم ) اسم من أسماء الله الحسنى
وقال شيخ الإسلام :اسمه سبحانه (القيوم) يقتضي الدوام والثبات والقوة ، ويقتضي الاعتدال والاستقامة [جامع المسائل ٥/ ١٦١]
ثم قال : وقد ظنّ طائفة من النفاة - كبشر المريسي وغيره - أن مرادَهم بذلك أن لا تقوم به الأفعال الاختيارية، ولا يتحرك ونحو ذلك، ورَدَّ عليهم عثمان بن سعيد الدارمي وغيره، وبيَّنوا خطأه فيما فهمه من ذلك عمن نقل ذلك عنه من السلف، وهو إنما نقله عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهذا الإسناد وحدَه مما لا يعتمِد عليه أهل الحديث، فذكروا ضعفَه ، ثمَّ ذكروا عدمَ دلالتِه على ما طلَبَه. وإن كان قد رُوِيَ هذا بغير هذا الإسناد، فبينوا خطأ من فهم ذلك المعنى، وأن المراد بقولهم "لا يزول": أنه دائمٌ باقٍ لا يَنْقُص عن كمالِه فضلاً عن أن يَفْنَى أو يَعْدَم . [جامع المسائل ١/ ٤١]
ثم قال: فلهذا كان اسمه (القيوم) يتضمن أنه لا يزول ، فلا ينقص بعد كماله، ويتضمن أنه لم يزل ولا يزال دائما باقيا أزليا أبديا، موصوفا بصفات الكمال، من غير حدوث نقص،أو تغير بفساد واستحالة ونحو ذلك مما يعتري ما يزول من الموجودات[جامع المسائل ١/ ٥٥] فالحيّ القيوم سبحانه وتعالى الذي لا يزول ولا يأفل، فإن الآفل قد زال قطعًا، واسم "القيوم" تضمن أنه لا يزول، ولا ينقصُ شيءٌ من صفاتِ كمالِه، ولا يفنَى ولا يُعدَم، بل هو الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال موصوفًا بصفاتِ الكمال. وهذا يتضمن كونه قديمًا ، فالقيوم يتضمن معنى القديم، وزيادات صفات الكمال دوامُها الذي لا يدلُّ عليه لفظ القديم.
ويتضمن أيضًا كونَه موجودًا بنفسه، وهو معنى
كونه واجبَ الوجود، فإن الموجودَ بغيره كان معدومًا ثم وُجِدَ، وكل مفعولٍ فهو مُحدَثٌ، وتقديرُ قديمٍ أزلي مفعولٍ كما يقوله بعض المتفلسفة باطلٌ في صريح العقل، وهو خلاف ما عليه جماهير العقلاء المتقدمين والمتأخرين.
فالقيوم الذي لم يزل ولا يزال لا يكون إلاّ موجودًا بنفسه، والموجود بنفسه لا يكون إلاَّ قديمًا واجبَ الوجود، فإن وجودَه لو لم يكن واجبًا لكان ممكنًا، يمكن وجودُه ويُمكِن عدمُه، وما أمكنَ وجودُه وعدمُه لم يكن إلاّ مُحدَثًا كائنًا بعدَ أن لم يكن. فليس هو القيوم الذي لا يزول ، بل لم يزل
ولا يزال . [جامع المسائل ١/ ٥٨-٥٩]
ومن المعاني التي يتضمنها اسم الجلال (القيوم)... معنى الثبات والقوة والعدل، قال رحمه الله في تقرير ذلك: ولما كان (القيام) يقتضي الثبات - وهو ضد الزوال – قال تعالى: (ومن ءايته أن تقوم السماء والأرض بأمره)، وقال: (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا)وهويقتضي الاعتدال مع الثبات، وهو خلقهما معتدلتين، كما قال: (فسواهن سبع سموات)وقال:(ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) والعدل لازم في كل مخلوق،ومأمور به كل أحد . [جامع المسائل ٥/ ١٦١، [الأنترنت – موقع المحجة]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع القيوم وستكون بعنوان: مدار الأسماء الحسنى والصفات العلى كلها على { الحي والقيوم }
قال شارح الطحاوية : قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: [قال تعالى: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ). فنفي السنة والنوم دليل عَلَى كمال حياته وقيوميته، وقال تعالى: (الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ) وقال تعالى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) وقال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) وقال تعالى: (هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُو) وقَالَ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام) الحديث.
لما نفى الشيخ رَحِمَهُ اللهُ التشبيه، أشار إِلَى ما تقع به التفرقة بينه وبين خلقه، بما يتصف به تَعَالَى دون خلقه، فمن ذلك: أنه حي لا يموت؛ لأن صفة الحياة الباقية مختصة به تَعَالَى دون خلقه، فإنهم يموتون.
ومنه: أنه قيوم لا ينام، إذ هو مختص بعدم النوم والسنة دون خلقه، فإنهم ينامون،وفي ذلك إشارة إِلَى أن نفي التشبيه ليس المراد به نفي الصفات بل هو سبحانه موصوف بصفات الكمال، لكمال ذاته.
فالحي بحياة باقية لا يشبه الحي بحياة زائلة، ولهذا كانت الحياة الدنيا متاعاً ولهواً ولعباً (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَان)[العنكبوت:64]، فالحياة الدنيا كالمنام، والحياة الآخرة كاليقظة، ولا يقَالَ: فهذه الحياة الآخرة كاملة، وهي للمخلوق لأنا نقول: الحي الذي الحياة من صفات ذاته اللازمة لها، هو الذي وهب للمخلوق تلك الحياة الدائمة، فهي دائمة بإدامة الله لها، لا أن الدوام وصف لازم لها لذاتها، بخلاف حياة الرب تعالى، وكذلك سائر صفاته، فصفات الخالق كما يليق به، وصفات المخلوق كما يليق به.
وهاذين الاسمين ( الحي القيوم) مذكوران في القُرْآن
معاً في ثلاث سور كما تقدم، وهما من أعظم أسماء الله الحسنى، حتى قيل: إنهما الاسم الأعظم، فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه
، ويدل القيوم عَلَى معنى الأزلية والأبدية ما لا يدل عليه لفظ القديم، ويدل أيضاً عَلَى كونه موجوداً بنفسه، وهو معنى كونه واجب الوجود. والقيوم أبلغ من "القَيَّام" لأن الواو أقوى من الألف، ويفيد قيامه بنفسه، باتفاق المفسرين وأهل اللغة، وهو معلوم بالضرورة.
واقترانه بالحي، يستلزم سائر صفات الكمال، ويدل عَلَى بقائها ودوامها، وانتفاء النقص والعدم عنها أزلاً وأبداً. ولهذا كَانَ قوله:(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)) أعظم آية في القرآن، كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فعلى هذين الاسمين مدار الأسماء الحسنى كلها، وإليهما ترجع معانيها، فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال، فلا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة، فإذا كانت حياته تَعَالَى أكمل حياة وأتمها، استلزم إثباتها إثبات كل كمال يضاد نفيه كمال الحياة.
وأما القيوم، فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه، فلا يحتاج إِلَى غيره بوجه من الوجوه، المقيم لغيره، فلا قيام لغيره إلا بإقامته، فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال أتم انتظام اهـ.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع القيوم وستكون بعنوان: اسم الله الأعظم{ الحي والقيوم }
الآيات الثلاث التي ورد فيها هذان الاسمان الحي القيوم هي:
1ـ آية الكرسي من سورة البقرة: ((اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))[البقرة:255].
2ـوأول سورة آل عمران: ((الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))[آل عمران:1، 2].
3ـ وفي سورة طه قوله تعالى: ((وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)) [طه:111].
وجاء في حديث صحيح عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور: البقرة، وآل عمران، وطه} ثُمَّ شرح ذلك هشام بن عمار -شيخ الإمام البُخَارِيّ بـدمشق بـالشام- فقَالَ: أما البقرة فقوله تعالى: ((اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))[البقرة:255] وأما آل عمران فقوله تعالى: ((الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ))[آل عمران:1، 2]. وأما طه فقوله تعالى:((وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ))
فدل ذلك عَلَى أن هذين الاسمين هما: "الاسم الأعظم"، وإن حقيقة الاسم الأعظم بالتعيين فيه اختلاف، وأن لله تَعَالَى حكمة في إخفاء هذا الاسم وتعيينه، كما أن هنالك حكمة في إخفاء ليلة القدر، ومن حكمة هذا الاسم أن يُدعى الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بجميع أسمائه، لأن من دعا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بجميع أسمائه فقد دعا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى باسمه الأعظم، كما إن من قام رمضان، بل قام العشر، بل قام الوتر من ليالي العشر، فقد أدرك ليلة القدر، فهذا الإخفاء فيه ترغيب وحث وحض حتى يديم الإِنسَان الطاعة.
ولو تأملنا هذه الآيات الثلاث لوجدنا فيها العجب العجيب من المعاني، فمثلاً: آية الكرسي التي تتكون من عشر جمل كلها في تعظيم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وفي توحيده بأنواع التوحيد، ولا سيما في معرفة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وما له من حق عَلَى العباد، ومعرفة عظمته تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
فابتدأها الله بقوله (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)
ولفظ الجلالة: أعرف المعارف، واختلف النحويون في أعرف المعارف فَقَالَ بعضهم: العلم، وقال بعضهم: اسم الإشارة، وقال بعضهم: الضمير، وقال بعضهم: المعرف بـ "الـ"، وكل منهم نظر من زاوية ولكن سيبويه -إمام النحاة- قَالَ: أعرف المعارف لفظ الجلالة "الله"، وقيل: إن سيبويه رؤي في المنام. فقيل: ما حالك عند الله؟ فقَالَ: قد غفر لي، لأني جعلت أعرف المعارف "الله".
واسم الجلالة: "الله" هو أعرف المعارف حقيقة وواقعاً، بحيث أنك مع أي بشر تخاطبه إما باللغة العربية -وهو الله- وإما بأية لغة ينطقها ويعرفها، فإنه هو أعرف المعارف عنده ؛فإذا قلت له: الله ، فإنه يعرف تمام المعرفة ولا يختلط عليه، بخلاف لو قلت مثلاً: الملك أو الكريم أو كذا ... فربما يلتبس عليه ، و"لا إله إلا الله" هي أعظم كلمة ذكر ودعاء، بعث بها رسل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنزلت بها الكتب من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقام لأجلها الجهاد بين الأَنْبِيَاء وأممهم، وبين المؤمنين والكافرين.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: اسم الله الأعظم{ الحي والقيوم }
ثُمَّ قال تعالى: (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) فذكر هذين الاسمين اللذين ترجع إليهما جميع نعوت الجلال والكمال، وجاء هذان الاسمان أيضاً في أحاديث صحيحة عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منها: {كان النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حزبه أمر -يعني أهمه- يقول: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث}، يجمع بين هذين الاسمين معاً -يا حي يا قيوم- وهذه من الأدعية الجوامع التي بإمكان كل إنسان منا أن يحفظها ويرددها أيضاً، فيقول إذا أهمه أمر -يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث، وفي حديث آخر: {أنه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم بعض أصحابه أن يقول: يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث ، أصلح لي شأني كله، لا تكلني إِلَى نفسي طرفة عين} هذا تمام التوكل والتفويض والانقياد لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ولهذا يكون هذا الدعاء حرياً بالإجابة بإذن الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
فهكذا من يقرأ هذه الآيات وهذه الأحاديث، ويستيقن حقيقة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، ويتعرف عَلَى صفات الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فإنه يَعظُم الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- في قلبه، فيخشع له ويخبت وينيب إليه وحده سبحانه لا شريك له، فمن كمال حياته وقيوميته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: أنه لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، ولا يعتريه سهو ولا غفلة، ولا آفة من الآفات التي هي علامات نقص الحياة والقيومية.
ومنه: أنه قيوم لا ينام، وفي ذلك إشارة إِلَى أن نفي التشبيه ليس المراد منه نفي الصفات، بل هو سبحانه موصوف بصفات الكمال؛ لكمال ذاته. وقَالَ : لا يشبهه الأنام، ثُمَّ قَالَ: حي وقيوم، فهذا دليل عَلَى أن المنفي هو التمثيل لاحقيقة الأسماء والصفات
وبعض الشراح من الماتريدية فهموا أن المؤلف لما قَالَ: [لا يشبه الأنام] أنه ينفي الصفات التي ينفونها هم، فالمصنف رَحِمَهُ اللهُ وضح أن الإمام الطّحاويّ لا ينفي الصفات، بدليل أنه بعد نفي التشبيه في الصفات أثبت فقَالَ: [حي لا يموت قيوم لا ينام].
والقيوم: يدل عَلَى معنى الأزلية والأبدية، يعني: عَلَى معنى: ما لا أول له ولا بداية له في الأزل، وعلى معنى: ما لا نهاية له في الأبد، فهو أعظم دلالة من اسم القديم، فإن اسم القديم وإن دل في الاصطلاح -لا في أصل اللغة- عَلَى ما لا أول له، فإنه لا يدل عَلَى ما لا آخر له.
وقد سبق أن الاسم الذي جَاءَ في القُرْآن ويدل عَلَى معنى القديم عند المتكلمين هو اسم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- "الأول"، والأول والآخر فسرها
النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: "{اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء} فالقيوم: يدل عَلَى معنى الأزلية والأبدية بما لا يدل عليه أي اسم...
وكذلك القيوم الغني الغنى المطلق عن كل من عداه، ومع ذلك فإن ما عداه لا يقوم إلا به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو يفيد دوام قيامه وكمال قيامه -كما قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- لما فيه من المبالغة، فهو سبحانه لا يزول ولا يأفل.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: اسم الله الأعظم{ الحي والقيوم }
فالحي: يدل عَلَى كمال الحياة، والقيوم يدل عَلَى كمال الغنى، ومن هذين الاسمين معاً نفهم أن جميع صفات الكمال ونعوت الجلال ترجع إليهما،ولهذا كانت آية: ((اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) أعظم آية في القرآن، كما ثبت ذلك في حديث أبي بن كعب لما سأله النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يا أبا المنذر!أي آية أعظم في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ فَقَالَ له: آية الكرسي. فَقَالَ له: ليهنك العلم أبا المنذر} وهذا دليل عَلَى علم أبي بن كعب-رضي الله عنه- حيث عرف أعظم آية في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فعلى هذين الاسمين مدار الأسماء الحسنى كلها، وإليها ترجع معانيها.
فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال، فلا يتخلف عنها صفة من الصفات إلا لضعف الحياة، فمثلاً: ضعيف القدرة دليل عَلَى أن حياته غير كاملة، وكذلك ضعيف الإرادة، فهذا يدل عَلَى أن حياته غير كاملة، وهكذا كل صفة.
لكن الذي يتحقق فيه كمال الحياة يستلزم أن يكون لديه كمال القدرة، وكمال الإرادة، وكمال الحكمة، فترجع هذه الصفات جميعاً إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويكفي غيرالله أنه فانٍ وهالكٌ وميتٌ، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الحي.
فغير الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لا يمكن أن يكون قيوماً، ولا يمكن أن يكون قَيَاماً؛ لأن غير الله محتاج مفتقر بذاته إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لأنه لولا الله لما وجد ، فهو مفتقر إِلَى الله في إيجاده وفي كل أمر من أموره. فينبغي للمؤمن أن يتأمل في معاني هذين الاسمين، وأن يدعو الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بهما،
وأن يتقرب إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بمعرفة أسمائه وصفاته، ومنها هذان الاسمين: "الحي القيوم "، وهذه المعرفة هي التأمل والتفكر في عظمة الله المستلزمة للإخبات والخشوع والتذلل والرهبة والرغبة إِلَى الله.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع القيوم وستكون بعنوان: إعتقاد بعض الضلاال في هاذين الاسمين { الحي والقيوم }
وقال بعض الضُّلال: مادام أن هذا الاسم فيه خصائص عظيمة فنحن نجعله الاسم الذي يردد في غالب الأذكار عَلَى طريقتهم البدعية التي ورثوها عن قدماء المجوس والهنود وأمم الشرك والضلال.
فتجدهم يقولون: الله حي، الله حي، الله حي، ويرددونها آلاف ومئات المرات، ويرقصون رقصاً شديداً، ويقولون: هذا من خواص هذا الاسم "الحي"، كما يروى عن يحي بن معاذ الرازي كما في ترجمته في الحلية أنه أنشد يقول:
دققنا الأرض بالرقص *** على غيب معانيك
ولا عيب عَلَى الرقص *** لعبد هائم فيك
وهذا دقنا الأرض *** إذا طفنا بواديك .أ ه
إن حقائق اسم الله تَعَالَى ليست لمثل هذه التعبدات الضالة، وليس استخدامها أيضاً فيما يسمى بالرقى أو الحجب، وهو أن يكتب: يا حي يا قيوم، أو الحي عدة مرات، ويظن صاحبه أنه يتحقق بذلك الشفاء أو نحو ذلك، وإنما هي في استشعار عظمة الله تَعَالَى والخضوع والتذلل له وطاعته،
ولهذا نجد أن أبا العلاء المعري - الشاعر الزنديق الذي اعترض حتى عَلَى أحكام الله يقول:
يد بخمس مئين عسجد وديت ***ما بالها قطعت في ربع دينار
وأمثال ذلك من الضلالات أو الشركيات الموجودة في ديوانه.
وقال لما سمع أن هَؤُلاءِ القوم يجلسون ويجتمعون في المساجد، وتحضر لهم الموائد -تهدى لهم من الأمراء والملوك- فإذا أكلوا وشبعوا قاموا يرقصون ويقولون: حي حي، هو هو، إِلَى آخره لما بلغه هذا قال:
أرى جيل التصوف شرجيل *** فقل لهم وأهون بالحلول
أقال الله حين عشقتمـــــوه *** كلوا أكل البهائم وارقصوا لي
وأبو العلاء هذا الزنديق يطعن في الدين؛ لأنه يظن أن هَؤُلاءِ هم أهل الدين.
فأولى بهَؤُلاءِ أن يتأملوا ويتفكروا إذا كَانَ الزنادقة عرفوا أن محبة الله ليست بأن يملؤا بطونهم ويرقصوا له، فكيف بمن يدعون الولاية العظمى، أو القطبية، أو الدرجات العلى ومرتبة الإحسان كما يسمونها؟! [الأنترنت – موقع د سفر الحوالي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع القيوم وستكون بعنوان: القيومية صفةً لله
واسمه تبارك وتعالى القيوم فيه إثبات القيومية صفةً لله، وهي كونه سبحانه قائمٌ بنفسه، مقيمٌ لخلقه، فهو اسم دالٌ على أمرين:
الأول: كمال غنى الرب سبحانه، فهو قائم بنفسه، الغني عن خلقه، كما قال عزَّ وجل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: ( إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضُرِّي فتضروني) وغناه - جلَّ وعلا - عن خلقه غنىً ذاتي، لا يحتاج إليهم في شيء، غني عنهم من كل وجه.
الثاني: كمال قدرته وتدبيره لهذه المخلوقات، فهو المقيم لها بقدرته سبحانه، وجميع المخلوقات فقيرة إليه لا غنى لها عنه طرفة عين، فالعرش، والكرسي، والسموات، والأرض، والجبال، والأشجار، والناس، والحيوان كلها فقيرة إلى الله -عزَّ وجل-، قال الله تعالى: { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ}
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ
إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}
وقال تعالى:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ }، والآيات في هذا المعنى كثيرة، فهو سبحانه
وتعالى المتصرِّف في جميع المخلوقات، المدبِّر لكل الكائنات
وبما تقدَّم يُعْلَم أن هذين الاسمين: الحي القيوم، هما الجامعان لمعاني الأسماء الحسنى، إذ جميع صفات الباري -سبحانه- راجعة إلى هذين الاسمين، فعليهما مدار الأسماء الحسنى، وإليهما ترجع معانيها جميعها، فالحي الجامع لصفات الذات، والقيوم الجامع لصفات الأفعال.
فالصفات الذاتية، كالسمع، والبصر، واليد، والعين، ونحوها راجعة إلى اسمه الحيّ، وصفات الله الفعلية، كالخلق، والرَّزق، والإنعام، والإحياء، والإماتة، ونحوها راجعة إلى اسمه القيوم؛ لأن من دلالاته أنه المقيم لخلقه خلقًا، ورَزقًا، وإحياء، وإماتة، وتدبيرًا، فرجعت الأسماء الحسنى كلها إلى هذين الاسمين.
ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنهما اسم الله الأعظم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل
به أعطى، [خطبة من أسماء الله: الحَيُّ القَيُّومُ للشيخ / وليد بن سالم الشعبان]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع القيوم وستكون بعنوان:
آداب التَّعامل مع اسم الله «القيوم»
من أدب المؤمن مع اسم القيوم أن يعوّد قلبه على الانقطاع عن الخلق مادام يعرف أنَّ كل شيء قائم بالله
، ومن أدب المؤمن مع هذا الاسم أنَّ من عَلِم أنَّ الله هو القيوم للأمور، استراح من كدِّ التدبير، وتعب الاشتغال بغيره، وعاش براحة النَّفس، ولم تكن للدنيا عنده قيمة. [ الأنترنت – موقع موسوعة النابلسي ]
وقال الشيخ السعدي : فالله " الْقَيُّومُ " القائم بنفسه, المقيم لأحوال خلقه. وقد أقام أحوالهم الدينية, وأحوالهم الدنيوية والقدرية.
ستهدأ نفسك و تطمئن حينما تتيقن أن الله قيوم وهو من يقوم بأمورك و شؤونك كلها. لذا فوض أمورك إليه فهو القائم بأمور السماوات والأرض.
تحزن الأم إذا لم تجد من أولادها إعانة على أمورها
ومتطلباتها، والله هو القيوم لو توجهت إليه وطلبت منه سيجعل أبناءها مسخرين قائمين بأمورها.
بعض الأمور العظيمة الثقيلة التي تقض مضاجعنا و تأسر النوم من أعيننا ، ستفرج و تمضي على خير
إذا دعونا الله باسمه القيوم وتعبدناه بيقين.
بشريتنا تعني ضعفنا .. قيومية القيوم تعتي قوته.. سنكون أقوياء حينما نتعبد القيوم و نطلب منه أن يفرج همومنا و كربنا ويعيننا في ديننا ودنيانا.
إن كنت محتاج لحاجة عظيمة وقهرك الضعف فإن القيوم لا ينام و لايعجزه شيء عن عونه لك
و تيسيره لأمرك، كل مافي الأمر أنك بحاجة لجهد في الاستعانة.
ونقول لكل أرملة أو مطلقة أو وحيدة : الله هو القيوم استعيني به في أمورك وسترين عجباً في تدابيره .
لكل من يعاني من ابتلاء أو مرض أو دين أو ينتظر رزقاً معيناً الزم الدعاء باسم الله الحي و القيوم واطلب منه ما تريد و لن يعجزه شيء عن عطاءك.
الله القيوم الذي قام بأمورك منذ أن كنت لاشيء في بطن والدتك ، ولا زال يدبر لك و يعينك فلا تحزن على شيء فقيومته سترافقك حتى مابعد الموت.
عندك هم أو غم أو كرب أو قلق بشأن أمر ما ؟ كرر بيقين ( ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث) فإن لها شأن عظيم في تفريج الكربات
الله القيوم هو القائم بكل أمورنا و بتفاصيل حوائجنا كم نحتاج أن نطلب منه ما نريدو نثق بتدبيره بدلاًمن ندب حظوظنا ومد أعيننا على أرزاقه للغير.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع القيوم وستكون بعنوان:
الأثر النفسي لمعرفة الله باسمه القيوم:
إن نفسك ستطمئن و ستزداد حباً لله القيوم
وستتوكل عليه و تطلب منه وحده تدبير الأمور
هل أدركنا الآن معنى القيوم؟؟؟
حياة الله كاملة ودائمة،وقيوميتة كاملة فيما يختاره لنفسه ويقيم به خلقه .
الحي: فيه اثبات أن من اسماء الله تعالى (الْحَيُّ)، والحي الذي له الحياة الدائمة الكاملة، الذي لم يزل موجوداً بالحياة موصوفاً، لم تحدث له الحياة بعد موت، ولا يعترضه الموت بعد الحياة، تعالى عن ذلك علو كبيراً، والحي: الذي جمع معاني الحياة الكاملة، من السمع والبصر، والقدرة والإرادة وغيرها.
(الحي) اسم من أسماء الله تعالى دل على ذات
الله تعالى وعلى صفة الحياة معا بدلالة المطابقة، وعلى ذات الله وحدها بالتضمن وعلى صفة الحياة وحدها بالتضمن ، ودل على الوجود والبقاء والغني بالنفس والكمال باللزوم، ودل على جميع صفات الذات التزامًا، لأنّ الحياة التامّة لا تكون إلاّ باجتماع صفات الذات.
القيوم: وفيه اثبات أن من اسماء الله تعالى (الْقَيُّومُ) ، والقيوم مبالغة لإثبات كمال قيامه سبحانه وتعالى على الوجه المطلق بنفسه وبخلقه، واسم القيوم يدل على أنه سبحانه كامل فيما يختاره لنفسه من الصفات التي تقوم بمشيئته واختياره وقدرته ، وكذلك له
الكمال فيما يقيم به خلقه.
(القيوم) اسم من أسماء الله تعالى دل على ذات الله تعالى وعلى صفة القيومية معا بدلالة المطابقة، ودل على ذات الله وحدها بالتضمن وعلى صفة القيومية وحدها بالتضمن، ودل على الوجود والبقاء والغنى بالنفس وسائر أنواع الكمال باللزوم.
وإسم الْقَيُّومُ؛ تدخل فيه جميع صفات الأفعال؛ لأنه القيوم الذي قام بنفسه واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقام بجميع الموجودات، فأوجدها وأبقاها، وأَمَدَّهَا بجميع ما تحتاج إليه في وجودها وبقائها، ودلّ على جميع صفات الفعل التزامًا ، لأن القيوميّة المطلقة
لا تكون إلاّ باجتماع صفات الفعل.
ومن أهل العلم من ذهب الى أن الاسم الاعظم هو (الحي القيوم): (فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذادعي به أجاب وإذا سئل به أعطى : هو اسم الْحَيِّ الْقَيُّومِ، قوله تعالى: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) وفيه اثبات انتفاء السنة والنوم في حقه سبحانه وتعالى. فالله سبحانه وتعالى نفى عن نفسه السِنَة والنَوْم لكمال قدرته وقوته وحياته وقيوميته. والقاعدة المقرَّرة عند أهل السنة والجماعة وهي: أنَّ وصف الرب سبحانه وتعالى بالنفي ليس مقصوداً لذاته وإنما هو لإثبات كمال ضد ما نفى. [الأنترنت – موقع كل السلفيين ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العشرون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: خاصية آية الكرسي، وطريقة العمل بها، وكيفية الاستفادة منها:
من خلال الأحاديث والآثار الصحيحة الواردة في
خواص آية الكرسي، يتضح جلياً خاصية هذه الآية الكريمة، فهي الآية التي من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، وهي أعظم آية في كتاب الله – عز وجل – ، ومن قرأها في دُبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ، وهي الآية التي تضمنت اسم الله الأعظم، الثابت في قوله تعالى: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} فقد جمعت هذه الآية المباركة من الفضل والخير، وعظيم النفع ما لا يخفى، وقد دلَّ على ذلك ما ورد في الأحاديث الصحيحة في خواص هذه الآية الكريمة.
ففي حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – تظهر خاصية آية الكرسي في حفظها لمن قرأها
في ليلة، ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
وفي رواية الحديث: "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} حتى تختم الآية، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح".
وقبل ذلك قول الشيطان لأبي هريرة – رضي الله عنه - : "دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها". وفي هذا نص على تحقق النفع بإذن الله تعالى ، وفي بعض الروايات: "إذا قلتهن لم يقربك ذكر ولا أنثى من الجن" ، وفي رواية أخرى: "لا يقربك من الجن ذكر ولا أنثى صغير ولا كبير"
وظهور خاصية آية الكرسي في هذا الحديث لا تخفى، فهي تحفظ من قرأها إذا أوى إلى فراشه، ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
وفي قوله: "لن يزال عليك من الله حافظ" أي: من عند الله، أو من جهة أمر الله، أو من بأس الله ونقمته ، فهي الآية الحافظة – بإذن الله – من كل شيء، وعلى وجه الخصوص الحفظ من الشيطان الرجيم، وختم النبي صلى الله عليه وسلم القول في خاصيتها، بقوله عليه الصلاة والسلام: "أما إنه صدقك وهو كذوب"، وفي بعض الروايات: "صدق الخبيث وهو كذوب"، وفي رواية أخرى: "أوما علمت أنه كذلك؟"
فخاصية آية الكرسي في الحفظ من الشيطان الرجيم أمر ثابت ولا مرية فيه، كما دل عليه الحديث المتقدم ذكره.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: ، طريقة العمل بآية الكرسي ، وكيفية الاستفادة منها:
فكما ورد في الحديث: "إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} حتى تختمها..." ، فالواجب على كل مسلم المحافظة على قراءتها، والعمل بالهدي النبوي الكريم في الحرص على الأخذ بها عند النوم، وفي كل ليلة رغبة في الحصول على خاصيتها في الحفظ – بإذن الله – من كل شيطان، والمحفوظ من حفظه الله،وهو (القيوم ) وهو سبحانه وتعالى خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.
وفي طردها للشيطان الرجيم، وعدم اقترابه من قارئها حتى يصبح من الفضل والخاصية ما لا يخفى على كل أحد؛ فكيف بمن تلعب به الشياطين، وتكدر عليه نومه الذي هو الغاية في راحة البدن.
وقد ذكر البقاعي عند آية الكرسي ما نصه:
"والسر – والله أعلم – في طردها للشيطان في جميع الأوقات: أن المقصود منها – كما بينته في نظم الدر - : الدلالة على مضمون الآية التي قبلها، من تمام القدرة المستلزم للوحدانية، المشتملة للإحاطة بجميع صفات الكمال، مع التصريح بتلك الصفات الثبوتية والسلبية، كلها أو جلها، وذكر الاسم الأعظم، وما يدل عليه فيها .
فلا جرم أن من قرأها، فتنسَّمت أنفاسه من تلك القدرة، ضربت على بيته من سرادقات العظمة، فطردت عنه وعن من شاء من جيرانه الشيطان، وأعلته عن حضيض الآفات، إلى حضرات الرحمن.
وعلى هذا المقصود دلت تسميتها بالكرسي؛ لأنه على قدر مملكة المَلِك، تكون قدرته، وعلى حسب قدرته، يكون علوه وعظمته"
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – يرحمه الله - :
"وهكذا أهل "الأحوال الشيطانية" تنصرف عنهم شياطينهم إذا ذكرعندهاما يطردها مثل آية الكرسي ؛ فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – لما وكله النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة الفطر، فسرق منه الشيطان ليلة بعد ليلة وهو يمسكه فيتوب فيطلقه، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما فعل أسيرك البارحة" فيقول: زعم أنه لا يعود، فيقول: "كذبك وإنه سيعود"، فلما كان في المرة الثالثة، قال: دعني حتى أعلِّمك ما ينفعك: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} إلى آخرها، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صدقك وهو كذوب" وأخبره أنه شيطان ،ولهذا إذا قرأها الإنسان عند الأحوال الشيطانية بصدق أبطلتها، مثل من يدخل النار بحال شيطاني، أو يحضر سماع المكاء والتصدية فتنزل عليه الشياطين وتتكلم على لسانه كلاماً لا يعلم، وربما لا يفقهه..."
ثم ذكر بعض الأحوال الشيطانية وقال: "وإذا قرأت آية الكرسي هناك بصدق بطل هذا، فإن التوحيد يطرد الشيطان..."
والملاحظ في كلام شيخ الإسلام – يرحمه الله – عند قوله: "تنصرف عنهم شياطينهم إذا ذكر عندهم ما يطردها مثل آية الكرسي..."، وقوله: "إذا قرأها الإنسان – يعني آية الكرسي – عند الأحوال الشيطانية بصدق أبطلتها..." إلى أن قال: "فإن التوحيد يطرد الشيطان...".
وهذا هو عين خاصية هذه الآية المباركة، فهي الآية الحافظة – بحفظ الله – والطاردة – بإذن الله – للشيطان الرجيم ، وهي الآية المشتملة على توحيد الله – عز وجل – فلله الحمد والمنَّة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: خاصية آية الكرسي وطريقة العمل بها ، وكيفية الاستفادة منها:
وفي جواهر القرآن عند آية الكرسي ما نصه:
"والآن إذا تأملت جملة هذه المعاني، ثم تلوت جميع آيات القرآن لم تجد جملة هذه المعاني من التوحيد والتقديس، وشرح الصفات العُلى مجموعة في آية واحدة منها...، وهي مشروحة في آية الكرسي...، وقد اشتملت على أجمع المقاصد..."
وعند القرطبي في تفسيره: "وقال ابن عباس –
رضي الله عنهما : أشرف آية في القرآن آية الكرسي. قال بعض العلماء: لأنه يكرر فيها اسم الله تعالى بين مضمر وظاهر ثمان عشرة مرة"
وهذا كله يدل على عظيم شأن آية الكرسي، وعلو مكانتها، ورفيع منزلتها، من بين آيات القرآن الكريم، وفي هذه الخاصية المذكورة من الفضل والخير ما لا يخفى.
فحريٌّ بكل مسلم أن يحرص على حفظها، وتدبرها، والعمل بها، والمداومة على قراءتها،بصدق وإخلاص ، رجاء بركتها، وتحقق نفعها – بإذن الله – وهذا غاية العمل بها، والاستفادة منها؛ كيف لا؟! وهي أعظم آية في كتاب الله – عز وجل - .
وفي حديث أبي أمامة – رضي الله عنه – ما يدل على خاصية عظيمة لهذه الآية المباركة، ويتضح ذلك جلياً في بشارة النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي في دُبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت".
فأي خاصية أعظم من دخول الجنة لمن قرأها في دبر كل صلاة مكتوبة، فما أيسر العمل، وما أعظم الجزاء، فالموفق من وفقه إلى الخير وعمل به طمعاً في أجره وثوابه من الله – عز وجل -. أما من جهة طريقة العمل بهذه الخاصية، وكيفية الاستفادة منها، فمذكورة بنص الحديث الشريف في قوله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت". فما عليك أيها المسلم إلا العمل بهذا التوجيه النبوي الكريم، فيحصل لك بإذن الله – جل وعلا – هذا الفضل العظيم.
فعلى المشتاقين إلى جنات النعيم الاهتمام الشديد، والعناية البالغة بقراءة آية الكرسي بعد الفريضة حتى لا يفوّت عليهم الشيطان الرجيم هذا الخير العظيم، والفضل الكبير.
يقول ابن القيم – يرحمه الله - :
"وبلغني عن شيخنا أبي العباس ابن تيمية – قدَّس الله روحه – أنه قال: "ما تركتها عقيب كلِّ صلاة"
وفي حديث أسماء بنت يزيد بن السَّكن – رضي الله عنها – تظهر خاصية آية الكرسي في اشتمالها على اسم الله الأعظم ،وعلى كل حال فهي آية عظيمة، بل هي أعظم آية في القرآن الكريم والذي يجب التنبيه عليه هو ضرورة الأخذ بها،وتدبرها، والعمل بها، ففي ذلك من الخير والبركة
والفائدة ما لا يعلمه إلا الله وعلى وجه الخصوص ما جاء النص به، والحث عليه في حالات مذكورة، وأوقات معلومة ، فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية، وفي دُبر كل صلاة مكتوبة
[ الأنترنت – موقع خواص أية الكرسي - د.تركي بن سعد بن فهيد الهويمل ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: آية الكرسي هي آية الحفظ
قال د/ عبد الدايم الكحيل :
*آية الكرسي هي آية الحفظ.
إنها آية تستحق أن تكون أعظم آية في كتاب
الله تعالى، لأنها تلخص لنا صفات الله عز وجل، وقدرته على حفظ السماوات والأرض. فلا يعجز عن حفظك أيها المؤمن مهما كانت الظروف التي تمر بها.
*وحدانية الله وملكه
إن أهم حقيقة في هذا الكون هي أن الله واحد ولا إله غيره وأنه حيّ لا يموت، قيوم يقوم على هذا الكون، فهو خالق الكون وهو الذي يحفظه من الفناء، ولذلك بدأت هذه الآية العظيمة بقوله (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) فالله واحد وحيٌّ وقيوم، فلو أهمل الله هذا الكون لحظة لانهار كل شيء، ولكنه بقدرته يقوم على حفظه فهو الحي القيوم.. سبحانه وتعالى.
ومن هنا لابد للحي القيوم أن يتنزّه عن الغفلة أو النوم (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) فهو عز وجل لا تأخذه أقل غفلة (سِنَةٌ) ولا ينبغي له أن ينام.. لأن النوم والغفلة والسِّنة من صفات المخلوقات الضعيفة. ولكن الله تعالى هو الذي خلق الكون و(لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرضِ)، فكل ما نتخيله في هذا الكون هو ملك لله، كيف لا يكون ملكاً له وهو خالق كل شيء، سبحانه وتعالى.
ولكن هل يستطيع أحد أن يشفع لأحد إلا بإذن الله؟ وهل يمكن لمخلوق أن ينفع أحداً إلا بإذن الله ومشيئته وإرادته؟ (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
*علم الله
ولذلك فإن الله يعلم كل شيء، لا تتصور أن الله يخفى عليه أي شيء، كل ما تقوم به أو تفكر به،
أو يخطر ببالك (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) فهو يعلم الأشياء التي تراها أمامك وبين يديك، ويعلم ما خلفك مما لا تتصوره ويعلم ما ينتظرك في المستقبل.. ولكن هل يستطيع أحد أن يعلم شيئاً إلا بإرادة الله تعالى؟ ولذلك قال: (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) فلا تظن أنك ستحصل على أي علم إلا بمشيئة الله تبارك وتعالى.
*كرسي الرحمن
الكون كله بمجراته وكواكبه ونجومه... لا يساوي شيئاً أمام كرسي الله تعالى، والكرسي هنا ليس كما نتخيله! بل إن كل الكون وكل ما نتصوره بعقولنا لا يساوي شيئاً أمام كرسي الرحمن، فالكرسي أكبر وأوسع من السماوات والأرض { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ).
هذه مجرة تحوي أكثر من 100 ألف مليون نجم..
إنها جزء صغير جداً من الكون الذي يحوي أكثر من 100 ألف مليون مجرة.. كل هذا الكون يعتبر نقطة صغيرة لا تكاد ترى أمام كرسي الله تعالى.. فكيف بعرش الرحمن؟ إن تفكير الإنسان يتوقف عند هذا الحد..
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: آية الكرسي هي آية الحفظ
*حفظ الله
لنفرض أن أحد القوانين الكونية مثل قانون الجاذبية اختل قليلاً أو تعطل لمدة ثانية.. ما هي النتيجة؟ سوف ينهار الكون بالكامل!! فمن الذي يحفظ هذا الكون ويحفظ هذه القوانين ويحفظ كل شيء من حولنا؟ إنه الله الذي لا يؤوده ولا يعجزه حفظ السماوات والأرض (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) فهو عليّ أعلى من كل شيء، عظيم أعظم من كل شيء.
وهذه الآية مهمة جداً في حفظ الإنسان من أي مكروه، فعندما تقرأ آية الكرسي فكأنك تقول: يا رب أنت لا يعجزك حفظ السماوات والأرض، فلا يعجزك أن تحفظني في أهلي ومالي وبيتي وديني وصحتي ورزقي... ولذلك دعونا الآن نقرأ الآية كاملة ونحفظها مباشرة ولا ننساها أبداً ونكررها قبل النوم وبعد الاستيقاظ وكلما شعرنا بالخوف.. فهي آية الحفظ من الشر والظلم والضياع...
قال تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤوْدُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [البقرة: 255].
فإذا أردت أن تشفع لأهلك يوم القيامة، وإذا أردت النبي الكريم أن يشفع لك ليغفر الله لك ذنوبك.. فاحرص على حفظ القرآن وبخاصة هذه الآية العظيمة، فالذي يحفظ القرآن ويعمل به يشفع لأهل بيته وبخاصة أبيه وأمه، والذي يحفظ القرآن سوف يكون من أهل الله وخاصته وسوف يكون مع حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.. نسأل الله أن يجمعنا به في جنات النعيم.
[الأنترنت – موقع موسوعة الكحيل للإعجاز العلمي - التفسير الإبداعي لتدبر القرآن وحفظه ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع القيوم وستكون بعنوان:
أربعين فائدة مستفادة من آية الكرسي
قال الشيخ / محمد بن صالح العثيمين: الفوائد :
1. إثبات خمسة أسماء أو ستة - لأني في شك من أجعل (إله) من الأسماء لأنه نكرة هنا - وكل اسم منها دال على صفه .
2. إثبات انفراد الله تعالى بالألوهية في قوله (لا إله إلا هو).
3. الرد على المشركين الذين أثبتوا مع الله إلهاً آخر
بل آلهة.
4. إثبات صفة الحياة لله –عز وجل- وأنها حياة كاملة لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال ولا توصف بنقص. أما حياتنا فمسبوقة بعدم ملحوقة بزوال ، ولهذا وصفها الله بأنها الدنيا ، لكن حياة الله كاملة من كل الوجوه لقوله : ( الحيّ ) لأن ( أل ) للإستغراق أي : الجامع لمعاني صفات الحياة الكاملة كأنه يقول : لا حي إلا هو وهو كذلك لا حي حياة كاملة إلا لله عز وجل
5. إثبات القيومية لله –عز و جل- لقوله ( القيوم ) وهذا الوصف لا يكون للآدمي ، فليس هناك انسان قائم بنفسه ، وليس فيه انسان قائم على غيره لأنه ما من انسان إلا وهو محتاج إلى غيره ، نحن محتاجون إلى العمال والعمال محتاجون إلينا ، ونحن محتاجون إلى النساء و النساء محتاجه إلينا ، ونحن محتاجون إلى الاولاد و الأولاد محتاجة إلينا ، وليس فيه أحد قائم على غيره القيام المطلق
قد أقوم على غيري لكنه قيام محدود ولهذا قال الله تعالى : ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) .
6. تضمنها لاسم الله الأعظم الثابت في قوله (الحي القيوم) وقد ذكر هذان الاسمان في ثلاثة مواضع من القرآن في الزهراوين (البقرة و آل عمران) و في سورة طه.
7. كمال حياة الله و كمال قيوميته بحيث لا يعتريها أدنى نقص لقوله (لا تأخذه سنة ولا نوم)، لأن الكمال قد يطلق بإعتبار الأغلب الأكثر و إن كان عليه النقص من بعض الوجوه ، لكن إذا نفى النقص فمعناه أن الكمال كمال مطلق لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه ، وهنا النفي حصل بقوله ( لا تأخذه سنة ولا نوم ).
8. إثبات الصفات السلبية لقوله (لا تأخذه سنة ولا نوم) وقوله (ولا يؤده حفظهما)والصفات السلبية ما نفاه الله عن نفسه وهي متضمنة لثبوت كمال ضده.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضيةوالتي هي بعنوان:
أربعون فائدة مستفادة من آية الكرسي
9. عموم ملك الله لقوله (له ما في السماوات وما في الأرض).
10. اختصاص الله تعالى بهذا الملك ويؤخذ من
تقديم الخبر(له ما في السماوات) .
11. اثبات السماوات والأرض لقوله : ( له ما في السماوات ) و أن السماوات عدد و أما كونها سبعاً أو أقل أو أكثر فمن دليل آخر .
12. كمال سلطان الله لقوله (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) ، وهذا غير عموم الملك فقوة السلطان وتمامه أكمل من عموم الملك .
13. إثبات الشفاعة بإذن الله تعالى لقوله (إلا بإذنه) و إلا لما صح الإستثناء ، فلولا أن الشفاعة ثابتة بإذن الله ما صح الإستثناء .
14. اثبات الإذن وهو الأمر لقوله ( إلا بإذنه ) .
15. إثبات علم الله وأنه عام في الماضي و الحاضر والمستقبل لقوله (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم).
16. الرد على القدرية الغلاة لقوله تعالى : (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) فإثبات عموم العلم يرد عليهم ، لأن القدرية الغلاة أنكروا علم الله بأفعال خلقه إلا إذا وقعت .
17. الرد على الخوارج و المعتزلة في اثبات الشفاعة لأن الخوراج و المعتزلة ينكرون الشفاعة العامة التي تكون للرسول و لغيره ، وهي الشفاعة في أهل المعاصي لأن مذهبهم أن فاعل الكبيرة مخلد في النار إذا مات و لم يتب لكن اختلفوا هل هو كافر أو
لا مؤمن ولا كافر ؟.
الخوارج صار عندهم من الشجاعة على الحق لا بالحق أن قالوا : إن فاعل الكبيرة كافر خارج من الاسلام ، و المعتزلة جبنوا عن مخالفة أهل السنة وعن مخالفة الخوارج وقالوا : سنجلس في أثناء الطريق فنقول : إن فاعل الكبيرة في منزلة بين المنزلتين لا نقول مؤمن ولا نقول كافر ، لكن اتفقوا على أنه مخلد في النار ، ولهذا نفوا الشفاعة ، وعموم الآية يرد على الطائفتين : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:
أربعون فائدة مستفادة من آية الكرسي
18. إن الله لا يحاط به علماً كما لا يحاط به سمعاً ولا بصراً لقوله (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء).
19. إننا لا نعلم شيئاً عن مخلوقاته ولا عن ذاته إلا بما علمنا به لقوله : ( و لا يحيطون بشيء من علمه ) على أحد الوجهين في تفسيرها .
20. تحريم تكييف صفات الله لأن الله ما أعلمنا بكيفية صفاته ، فإذا إدعينا علمها فنحن كاذبون .
21. الرد على المعطلة لقوله (و لا يحيطون بشيء من علمه ) لأنهم يقولون : مثلاً إن الله ليس له يد حقيقية فمقتضى ذلك أنهم أحاطوا بنفي شيء من صفاته ، ولكنهم كذبوا في ذلك ، لأن الله أثبت هذا لنفسه ، فادعائهم أن اليد الحقيقية لا تليق بالله أو الوجه الحقيقي أو العين أوما أشبه ذلك هذه دعوى باطلة لأننا نقول : إن العلم نوعان : علم إثبات و نفي ، فلا يمكن أن تنفي شيئاً عن شيء إلا بعلم كما لا يمكن أن تثبت شيئاً لشيء إلا بعلم فأنتم إذاً نفيتم حقائق هذه الصفات فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، فمثلاً لم ينفي الله عن نفسه اليد و لا في آية من القرآن ، ولم ينفه رسوله صلى الله عليه وسلم في حديث من الأحاديث ، ولم ينفها السلف الصالح ، وهم يقولون ننفيها ؟
22. الرد على الممثلة لأنه مادام في الآية رد على المكيفة ففيها رد على الممثلة من باب أولى .
23. إثبات مشيئة الله لقوله (إلا بما شاء).
24. الرد على القدرية المعتزلة ، لأن إحاطة الإنسان بالشيء من صفاته،وصفاته مخلوقة لله، وهم يقولون : إن الله تعالى لا يشاء شيئاً مما يتعلق بالإنسان .
25. عظم الكرسي لقوله (وسع كرسيه السماوات والأرض).
26. عظمة خالقه لأن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق.
27. كفر من أنكر السماوات والأرض لأنه يستلزم تكذيب الله ، أما الأرض فلا أظن أحداً ينكرها ، لكن السماء أنكرها من أنكرها وقالوا : ما فوقنا فضاء لا نهاية له و لا حدود ، و إنما سدوم ونجوم وما أشبه ذلك ،ولاشك أنه كافر بالله العظيم سواء إعتقده الإنسان بنفسه أو بتقليد من يقلده ممن يعظمهم إذا كان عالماً بما دل عليه الكتاب و السنه .
28. إثبات قوة الله لقوله (ولا يؤده حفظهما).
29. انتفاء المشقة عنه –عز و جل- لقوله (ولا يؤده) ، فهذه صفة سلبية فهي كقوله تعالى : ( وما مسنا من لغوب ) .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان:
أربعون فائدة مستفادة من آية الكرسي
30. إثبات ما تتضمنته هذه الجملة ( ولا يؤده
حفظهما ) وهي العلم و القدرة والحياة و الرحمة و الحكمة و القوة .
31. أن السماوات و الأرض تحتاج إلى حافظ لقوله : (ولا يؤده حفظهما ) فلولا حفظ الله لفسدتا : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ).وقوله ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) .وقوله : ( إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا ، و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده )
32. إثبات علو الله الذاتي و الصفتي لقوله (وهو العلي).
33. الرد على الحلولية و على المعطلة النفات ، فالحلولية قالوا : إنه ليس بعال بل هو في كل مكان ، و المعطلة النفاة ، قالو: لا يوصف بعلو و لا سفل و لا يمين ولا شمال ولا إتصال و لا انفصال
34. التحذير من الطغيان على الغير لقوله : ( وهو العلي العظيم ) ولهذا قال الله في سورة النساء : ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً ) فإذا كنت متعالياً في نفسك فاذكر علو الله عز وجل و إذا كنت عظيماً في نفسك فاذكر
عظمة الله .
35. إثبات العظمة لله لقوله (العظيم).
36. إثبات صفة كمال حصلت باجتماع الوصفين وهما العلو و العظمة .
37. يتفرع على أن الملك لله : ألا نتصرف في ملكه إلا بما يرضاه لقوله : ( له ما في السماوات و وما في الأرض ) .
38. أن الحكم الشرعي بين الناس و الفصل بينهم يجب أن يكون مستنداً على حكم الله ، و أن اعتماد الإنسان على حكم المخلوقين و القوانين الوضعية نوع من الإشراك بالله عز وجل .
39. الرضا بقضاء الله عز وجل وقدره لأنك إذا علمت أن الملك لله – عز وجل – قلت: هذا تصرف مالك في ملكه فله أن يفعل ما يشاء ( لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ) ولهذا كان هذا المعنى في تعزية النبي لابنته حيث قال : ( إن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بأجل مسمى )
40. عدم إجاب الإنسان بما حصل بفعله لأن هذا من الله و الملك له سبحانه . [ الأنترنت – موقع د محمد العريفي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: الدعاء الذي لا يكاد يرد
قال ابن قيّم: إِذَا اجَتمَعَ مَعَ الدُّعَاءِ حُضُورَ الْقَلْبِ وَجَمْعِيَّتَهُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ ، وَصَادَفَ وَقْتًا مِنْ أَوْقَاتِ الإِجَابَةِ السِّتَّةِ، وَهِيَ: 1- الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ 2 - وَعِنْدَ الأَذَانِ 3- وَبَيْنَ الأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ 4- وَأَدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَات 5- وَعِنْدَ صُعُودِ الإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى تُقْضَى الصَّلاةُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ 6- وَآخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ .
وَصَادَفَ خُشُوعًا فِي الْقَلْبِ، وَانْكِسَارًا بَيْنَ يَدَيِ
الرَّبِّ، وَذُلًّا لَهُ، وَتَضَرُّعًا، وَرِقَّةً ، وَاسْتَقْبَلَ الدَّاعِي الْقِبْلَةَ ، وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ ، وَبَدَأَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ ثَنَّى بِالصَّلاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثُمَّ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتِهِ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى اللَّهِ ،وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَتَمَلَّقَهُ وَدَعَاهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً ، وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ .
وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ دُعَائِهِ صَدَقَةً ،فَإِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لا يَكَادُ يُرَدُّ أَبَدًا ، وَلا سِيَّمَا إِنْ صَادَفَ الْأَدْعِيَةَ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا مَظَنَّةُ الْإِجَابَةِ، أَوْ أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلاسْمِ الْأَعْظَمِ.
فَمِنْهَا :
مَا فِي السُّنَنِ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ » ، فَقَالَ :« لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» وَفِي لَفْظٍ:« لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ».
وَفِي السُّنَنِ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ، ثُمَّ دَعَا فَقَالَ: « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ». فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى».أَخْرَجَ الْحَدِيثَيْنِ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ .
وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾[ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 163 ] . وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ: ﴿الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَصَحِيحِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : « أَلِظُّوا بَيَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ» - يَعْنِي : تَعَلَّقُوا بِهَا وَالْزَمُوا وَدَاوِمُوا عَلَيْهَا.وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا أَهَمَّهُ الْأَمْرُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ ، قَالَ : « يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ».
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: الدعاء الذي لا يكاد يرد
وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ : « يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ».
وَفِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
« اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمُ فِي ثَلاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ:
الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَطَهَ»، قَالَ الْقَاسِمُ :
فَالْتَمَسْتُهَا فَإِذَا هِيَ آيَةُ ( الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) .
وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَصَحِيحِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : « دَعْوَةُ ذِي النُّونِ، إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ﴿لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ : 87 ]إِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ».
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ صَحِيحٌ .
وَفِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
« أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ أَمْرٌ مُهِمٌّ
، فَدَعَا بِهِ يُفَرِّجُ اللَّهُ عَنْهُ ؟ دُعَاءُ ذِي النُّونِ».
وَفِي صَحِيحِهِ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ :
« هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ؟ دُعَاءِ يُونُسَ»، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ كَانَ لِيُونُسَ خَاصَّةً ؟ فَقَالَ « أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ» : ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ : 88 ] « فَأَيُّمَا مُسْلِمٍ دَعَا بِهَا فِي مَرَضِهِ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فَمَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ أُعْطِيَ أَجْرَ شَهِيدٍ، وَإِنْ بَرِئَ بَرِئَ مَغْفُورًا لَهُ».
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ :
« لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ».
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا نَزَلَ بِي كَرْبٌ أَنْ أَقُولَ : « لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَبَارَكَ
اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».
وَفِي مَسْنَدِهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حُزْنٌ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ،عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ،أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ،سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ،أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ،أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُور صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا ؟ قَالَ: بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا»
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون بعنوان:
الكون يشهد لله بصفاته العلا (القيوم)
يقول بعض المنكرين لأنعم الله أن الله تعالى خلقنا ثم تركنا نفعل ما نشاء !!
…كيف هذا و الله تعالى هو الحى الذي لا يموت .. وهو سبحانه قيوم السموات و الأرض و من فيهن و ما فيهن ، و قيومية الله عز و جل تعنى انه هو وحده القائم على تدبير أرزاق عباده و جميع أحوالهم وهو و حده أيضا المتحكم فى ملكوته فهو خالق السموات و الأرض و هو ممسكهما
يقول تعالى: ( و يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )
و يقول سبحانه : (وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) الروم (25)
ويأتى العلم الحديث ليؤكد لنا الآن على قيومية الله عز و جل على ملكوته فيقول أن لكل مادة يوجد قرين المادة و بالتالى لكل مجرة قرينها و الكون الذى نعيش فيه هو أيضا له قرينه !! و عندما يتفاعل الجسيم مع قرينه أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر و يختفى الإثنان فى شىء يشبه الإنفجار متحولين كليهما الى طاقة معظمها فى صورة أشعة جاما ، و السؤال الذى يحير العلماء هو:
ما الذى يمنع المجرة و قرينها أو الكون و قرينه من الاقتراب من بعضهم البعض و من ثم التبدد و الزوال و لم يجدوا اجابة حتى الآن و لكن نحن كمسلمين نجد الاجابة فى قوله تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) فاطر(41)
و المعنى للآية فى تفسير ابن كثير : أى أنهما بما فيهما من القوة المتماسكة لهما فلا يقدر على دوامهما و ابقائهما إلا هو سبحانه و هو مع ذلك الحليم الغفور
فنحن عندما نتأمل قصص الأنبياء نجد أن كل نبى يأتى بمعجزة من عند الله تعالى لتكون حجة علي قومه
و المعجزة لابد و أن تكون خرقا لنواميس الكون التى هى من خلق الله عز و جل لأن نواميس الكون ألفها الناس و هى تحكمهم و لا يحكمونها و بالتالى فهم لا يستطيعون السيطرة عليها أو تغييرها أو إبطالها
فالنار مثلا ناموسها الكونى الاحراق فلا يستطيع أحد أن يجلس وسط النيران و لا يحترق و مع ذلك حين أمر المولى النار التى ألقى فيها سيدنا ابراهيم عليه السلام بأن تكون بردا و سلاما عليه.. صارت كذلك
و الماء مثلا ناموسه الكونى الاستطراق فلا يستطيع أحد أن يأتى و يشق البحر و لكن الله تعالى شق البحر لموسى عليه السلام و قومه .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: السنن الألهية لايخرقها الا القيوم
قوانين الأسباب أن الذى يموت لا يعود الى الدنيا الا عند قيام الساعة و لا أحد يستطيع أن يحيى الموتى الا أن يبعثهم الله تعالى و بالتالى كانت معجزة سيدنا عيسى عليه السلام هى احياء الموتى و ابراء الأكمه و الأبرص بإذن الله
و لم يألف الناس أن ينشق الجبل عن ناقة عملاقة كناقة سيدنا صالح ... و لم يألفوا أن تتحول العصى الى حية حقيقية تسعى كعصى موسى عليه السلام
وغيرها من آيات تشهد بقيومية الله على ملكوته
فلا يوجد حادث فيه إلا بإيجاده و لا يبقى إلا بمشيئته ، فكل شىء اليه فقير
فهو الصمد الذي تقصده الخلائق كلها فى جميع أحوالها…..و هو القريب المجيب الذي يجيب دعوة الداع و دعوة المضطر و المظلوم،. وهو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شىء …. و من ذا الذي بيده ملكوت كل شىء ، المتصرف فى خلقه بما يشاء من الأمر و النهى و الاعزاز و الاذلال …
هو الملك الحكم العدل الذي يحكم بين عباده فى الدنيا و الآخرة بعدله و قسطه و لا يظلم أحدا
و يؤدى الحقوق الى أهلها لأنه الحسيب الوكيل الذي ما التجأ اليه مخلص الا كفاه ولا اعتصم به مؤمن الا حفظه و وقاه و من يتوكل عليه فهو حسبه .
و من الذي خلقنا و صورنا فأحسن صورنا ..فهو الخالق البارىء المصور …
الذي خلق كل شىء فقدره فأحسن تقديره فبقدرته أوجد الموجودات لأنه القدير .. و بقدرته دبرها و أحكمها و أتقنها فهو المدبر بديع السموات و الأرض وهو العليم .. المطلع على جميع الأشياء خفيها و جليها ، … و هو الذي لو أتاه العبد بقراب الأرض خطايا ثم لقيه لا يشرك به شيئا لأتاه بقرابها مغفرة و يقبل التوبة عن عباده لأنه العفو الغفور التواب فالحمد لله الذى لم يتخذ صاحبة و لا ولدا و لم يكن له شريك فى الملك و لم يكن له ولى من الذل
وهو الذي يرزق خلقه أجمعين و يعينهم على ذلك و يسبب الأسباب فهو الرزاق الذي لا تنفذ خزائنه .. الذى رزق السيدة هاجر و ابنها الرضيع سيدنا اسماعيل عليه السلام ببئر زمزم فى وادى غير ذى زرع حينما تقطعت بهم الأسباب و هو الوهاب .. الكريم .. الجواد .. الفتاح الذي فتح لعباده أبواب الرحمة و المغفرة و الأرزاق و فتح قلوبهم لمعرفته و محبته لأنه الرب الودود الذي يحب أنبيائه و رسله و أتباعهم و يحبونه ….
و هو الحفيظ الذى يرسل حفظة من ملائكته الكرام على من يشاء من عباده ، وهو القائم على حفظ القرآن الكريم الى قيام الساعة فيقول عز من قائل: ( انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون ) ليكون لنا نورا نهتدى به لأنه هو سبحانه الهادى الذي يهدى بنوره من يشاء فالله نور السموات و الأرض ... و الله متم نوره و لو كره الكافر
[منقول عن موقع الواحة( اعداد: هالة أحمد فؤاد ) [الأنترنت – موقع ستار تايمز ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ
ﭧ ﭨ ﭽ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﭼ طه: ١١١
قال السعدى : ينقسم الناس في ذلك الموقف قسمين: ظالمين بكفرهم وشرهم، فهؤلاء لا ينالهم إلا الخيبة والحرمان، والعذاب الأليم في جهنم، وسخط الديان.
والقسم الثاني: من آمن الإيمان المأمور به، وعمل صالحا من واجب ومسنون{فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا }
أي: زيادة في سيئاته { وَلَا هَضْمًا } أي: نقصا من حسناته، بل تغفر ذنوبه، وتطهر عيوبه، وتضاعف حسناته، { وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }
وقال طنطاوي : مؤكد ومقرر لما قبله من خشوع الأصوات يوم القيامة للرحمن ، ومن عدم الشفاعة لأحد إلا بإذنه - عز وجل - .
والفعل ( وَعَنَتِ ) بمعنى ذلت يقال : عنا فلان يعنو عُنوا - من باب سما - إذا ذل لغيره وخضع وخشع ، ومنه قيل للأسير عانٍ لذله وخضوعه لمن أسره .أى : وذلت وجوه الناس وخضعت فى هذا اليوم لله - تعالى - وحده ( الحى ) أى : الباقى الذى له الحياة الدائمة التى لا فناء معها ( القيوم ) أى : الدائم القيام بتدبير أمر خلقه وإحيائهم وإماتتهم ورزقهم . . . وسائر شئونهم .
وهذا اللفظ مبالغة فى القيام . وأصله قيووم بوزن فيعول . . . من قام بالأمر . إذا حفظه ودبره
وخصت الوجوه بالذكر لأنها أشرف الأعضاء ، وآثار الذل أكثر ما تكون ظهورا عليها ... وظاهر القرآن يفيد أن المراد بالوجوه جميعها ،سواء أكانت للمؤمنين أم لغيرهم ،فالكل يوم القيامة خاضع لله تعالى ومستسلم لقضائه،فالألف واللام للاستغراق
قال ابن كثير : قوله - تعالى - : ( وَعَنَتِ الوجوه لِلْحَيِّ القيوم ) قال ابن عباس وغير واحد - من السلف - خضعت وذلت واستسلمت الخلائق لخالقها وجبارها الحى الذى لا يموت . . .
ويرى بعضهم أن المراد بالوجوه التى ذلت وخشعت فى هذا اليوم ، وجوه الكفار والفاسقين ، وإلى هذا المعنى اتجه صاحب الكشاف فقال : المراد بالوجوه وجوه العصاة ، وأنهم إذا عاينوا - يوم القيامة - الخيبة والشقوة وسوء الحساب وصارت وجوههم عانية ، أى : ذليلة خاشعة ، مثل وجوه العناة وهم الأسارى ، ونحوه قوله - تعالى - : ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ ) ويبدو لنا أن القول الأول أقرب إلى الصواب ، لأن جميع الوجوه يوم القيامة تكون خاضعة لحكم الله تعالى ومستسلمة لقضائه . [الأنترنت – موقع الآيات : { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَىِّ ٱلْقَيُّومِ }]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: القيوم المطلق أزلا وأبدا
هو سبحانه القيوم المطلق أزلا وأبدا ..القائم بذاته على الإطلاق .. لا يفتقر في قيامه إلى غيره ..
بل هو المقيم لغيره المستغني بذاته ولا غنى لغيره عنه ولا قوام لأي شيئ إلا به المنزه عن التحيز والحلول المبرأ عن التغير والفتور سبحانه لا يناسب الأشباح ولا يعتريه ما يعتري الأرواح وهو البالغ النهاية في الكمال في ذاته وصفاته وفي تدبير الملك والملكوت ولا قيوم سواه .. ولا يطلق هذا الاسم على غيره ولا يوصف به سواه .. فصيغة المبالغة لقائم ( قوّام ) أما ( قيوم ) فلا يوصف بها إلا الله سبحانه ..
وتتجلى قيومية الله سبحانه في الدنيا لأهل الخبرة والمعرفة بالسنن الكونية فيؤمنون به إيمانا راسخا على النحو الذي أراده الله جل شأنه .. ويشهدون بأنه المعبود بحق دون سواه ..
فمثلا .. إن حياة الإنسان تتوقف على أشياء كثيرة لا دخل لإرادة الإنسان فيها .. ولا تتم حياته إلا بها وكلها فيوضات ونعم من الله القيوم جل جلاله .. مثل إحتياج الإنسان إلى الأوكسجين والماء .. ومثل قيام الوظائف الحيوية لجسم الإنسان دون تدخل ولا فهم وما إلى ذلك من الإنسان ذاته وإحاطة الإنسان بالنعم حوله من شمس و طعام وما إلى ذلك كما قال تعالى : (وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها إن الله لغفور رحيم ) ( النحل : 18 ) ..
والكون الفسيح بأطرافه المترامية وأسراره المطوية الظاهرة والباطنة يسير في نظام متكامل دقيق لا يقوم إلا بقيومية الله تعالى .. قال تعالى : ( إن الله يمسك السمـــوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد بعده إنه كان حليما غفورا)( فاطر: 41 )
إن القيومية الإلهية اللازمة لإدارة الكون لهي الدليل الأول والأوضـح على وحدانية الله تعالى وأنه ( لا إله إلا هو ) فلا يوجد إله آخر حتى يرينا نفسه ودلائل قدرته .. وقيوميته سبحانه أيضا تتطلب أن يكون له أزلية الحياة سبحانه وتعالى فهو الحي .. وحياته باقية بقاء الأبد الذي لا يعرف الحد .. وذلك من أجل المدد لكل الخلائق والأكوان .. سبحانه .. هو سند المؤمن في كل حركاته وسكناته .. في حياته ومماته....
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: القيوم المطلق أزلا وأبدا
إن خلق الله في نظام دقيق وفقا لقوانين دقيقة
تجعل الكون منظومة متكاملة تشهد بوحدانية الله .. إن وجود هذه القوانين والنواميس الكونية لا تناقض قيومية الله الأبدية الأزلية المستمرة المتصلة على الكون فقوانين نظام العمل بالكون بكل دقائقه هي مخلوقة وفقا لمشيئة الله وليس لها في نفسها أية ذاتية واستمراريتها وتغيرها أو بقاءها إنما هو بإرادة الله تعالى وحفظه ومشيئته فهو سبحانه القائم على كونه وخلقه فلا يترك كونه ولا خلقه لحظة واحدة وذلك لإحتياج الكون والخلق لقيومية الله تعالى وهو الغني بذاته القائم بذاته لا يحتاج إلى أحد ولم يقمه غيره وهو الخالق الذي يقيم غيره ولا حياة ولا قيام لغيره إلا به سبحانه .. هو الأزلي وكل ما دونه متعدد كتكرر هالك .. والدليل على أنه سبحانه القيوم الذي يقوم على ملكه لا يتركه لحظة هو أنه سبحانه يقّدر أحيانا ما يناقض القوانين التي وضعها والتي تتصف بالدقة وعدم الإختلال بالزمن وعدم التأثر بأي شيئ .. فهو سبحانه طلب من عباده الأخذ بالأسباب .. وعندما لا تستجيب الأسباب وتجد أنه لا منفذ ولا مجيب ولا قادر إلا الله الحيي القيوم فيفزع المؤمن بقلب خالص إلى ربه صادق الرجاء قائلا : يا رب .. يا حي يا قيوم بك أستغيث ... عالما بأن الله هو القادر حتى عجزت الأسباب
وهو القائم على كونه في كل لحظة وثانية،يبدل
العسر يسرا واليأس أملا وفرجا ،عندئذ تأتي الأقدار بما يخالف القوانين والنواميس وتشهد قدرة الله وقيوميته في مخالفة النواميس والقوانين بمشيئة الله وإرادته وذلك بوقوع ما كان يظن أنه مستحيل وغير ممكن فتشهد في القلب وترى في الكون رأي العين أنه سبحانه حي قيوم له الأسماء الحسنى ،وأمثلة هذه الأحداث المخالفة للعقل والقوانين الكونية كثيرة،ومنها ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز على سبيل إضاءة الأنوار في طريق الإيمان بقيومية الله تعالى إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان: القيوم المطلق أزلا وأبدا
ولا زالت الدنيا تنطق بقيومية الله تعالى فتجد الأمطار تنزل كالسيول على مناطق كانت نادرة المطر ويحدث الجفاف في أماكن لم تعرف الجفاف أبدا .. دليلا على أن العالم ليس ميكانيكيا ولكنه
يسير بقيومية الخالق سبحانه ..
قيل في بعض كتب العلم : قال بنو اسرائيل لموسى : يا موسى هل ينام ربك ؟ قال : أتقوا الله . فناداه ربه عز وجل : ياموسى سألوك هل ينام ربك فخذ زجاجتين في يديك فقم الليلة .. ففعل موسى فلما ذهب من الليل ثلث نعس فوقع لركبته ثم إنتعش – أي أنتبه – فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فأنكسرتا .. فقال : يا موسى لو أنام لسقطت السموات والأرض فهلكت كما هلكت الزجاجتان في يديك ( ابن كثير 1/309 – وعزاه إلى ابن أبى حاتم من قول بن عباس ) .
وأخيرا وليس آخرا .. فإن قيومية الله تعالى وتصرفه للميلاد والموت والغنى والفقر وسائر الأعمال قائمة على البر والمؤمن والمتمرد والكافر .. ولا يجرؤ متمرد أو كافر أن يتمرد على المصائب التي تحدث له وأن تمرد على منهج الله .. فتمرده هذا هو من باطن خلق الله وإرادته للإختيار الذي أودعه في الإنسان .. سبحانه هو الذي أوجد وأعدم وأغنى وأفقر وأمرض وقهر وشفى المرضي بالصحة سبحانه .. وقيومية الله تعالى بقهره وقوته وحياته وعلمه لا تقدر عليها مادة ولا روح ولا مخلوق .. كل مقهور لإرادته سبحانه في إطار ( ليس كمثله شيئ ) ( الشورى : 11 )
وفي إشارات قرآنية وتلميحات إلهية لكل مؤمن بالله تعالى سبحانه أنه هو القيوم ذكرت عدة قصص قرآنية تدل على وقوع أحداث تخالف القوانين الطبيعية التي وضعها الله سبحانه كدليل قاطع وبيان واضح بأن وجود القوانين الثابتة والوظائف الكونية والحيوية الدقيقة التي يقوم بها الكون والخلق إنما هو وجود مرتبط إرتباطا كاملا بوجود الله وإرادته ومشيئته وقيوميته لا تساير هذه القوانين في أي وقت وفي أي مكان وزمان وقفت القوانين الكونية أمام إرادة الله لتصبح الإرادة هي القانون وتصبح المشيئة هي الواقع الفعلي للأحداث .. لنرى أنه لا قانون ولا أحداث ولا أفعال إلا قانون الإرادة والمشيئة الإلهية المتصف بدوام القيام والقيومية الأبدية الأزلية ..
ومن هذه الإشارات والتلميحات قصة السيدة هاجر رضى الله عنها هي وأبنها وليدها في صحراء جرداء وتتركه وتسعى وراء الأسباب من أجل الماء وتسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط حتى تعبت وتوقفت بها الأسباب وتوجهت إلى الله تعالى بإخلاص ويقين أن الله تعالى القيوم لن يضيعها هي ولا وليدها فيبعث الله الفرج على يد الطفل الضعيف الذي لا يملك من الدنيا شيئا فيضرب الأرض بقدمه فينفجر الماء ويبقى بئر زمزم حتى وقتنا هذا دليلا لأولي الأبصار على قيومية الله تعالى .. قال تعالى : ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون )(ابراهيم : 37 ) ..
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضيتين والتي هي بعنوان: القيوم المطلق أزلا وأبدا
ومن هذه الأنوار القرآنية قصة سيدنا موسى عندما خافت عليه أمه من القتل أمرها الله تعالى أن تلقيه في البحر .. وفي هذا مخالفة واضحة لكل قوانين العقل فكيف ترمي طفل رضيع في خطورة الغرق في البحر تعصف به الريح هنا وهناك دون طعام ولا شراب ولكن إرادة الله القيوم تحول الخطورة إلى سلامة وتحول الريح العاصف والماء الذي يغرق إلى أسباب تحمل الطفل في عناية الله ورعايته إلى بر الأمان ؛ومن آيات الله التي توضح أن إرادته نافذة أن من يبقى على حياته ويطعمه ويشربه هو من خافت منه أمه أن يقتله؛فعاش سيدنا موسى في رحمة الله لا يناله عدو وإن كان في بيته .. أليس الله هو الحي القيوم ؟ قال تعالى : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإن خفتي عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) حتى قال تعالى ( فرددناه إلى أمه كى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون )( القصص : 7-13 ) .. ففي لحظة إلقاء الأم لوليدها في البحر كان هناك في قلبها بعدما تعطلت بها الأسباب أن اليقين بالله هو المنقذ الوحيد فألقته وهي واثقة من ان الله سبحانه يستطيع أن يفعل ما يريد عندما تقف الدنيا عن العطاء .. فهو سبحانه لا ينام أبدا ولا يغفل أبدا ولا يخرج عن علمه وأرادته أي شيئ في الكون ولا الملكوت فإذا لم يرى الناس جميعا فإنه سبحانه يرى .. ويرى ما لا يراه الناس وإن رأوه .. وإن لم تصل عدالة الأرض لتقتص من الظالم فإن عدالة السماء لا تنام ..
يقول تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون . إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) ( ابراهيم : 42 ) ..
وذكر الله تعالى في القرآن الكريم من آيات قيوميته التي تنقض العزائم وتنسخ القوانين جعلهُ النار بردا وسلاما على سيدنا ابراهيم ،وتحويل الماء إلى جبل وجعل الماء ينفجر من الحجر الأصم لسيدنا موسى
كل هذه الآيات القرآنية تدل على أن العالم ليس ميكانيكيا فما حدث من معجزات إن هي إلا بيان لقيومية الله المباشرة لملكه سبحانه ..
قال تعالى مخاطبا سيدنا نوح عليه السلام ( وأصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون ) ( هود : 37 ) فالله يراقبه ويوجهه ولا يتركه يتصرف من تلقاء نفسه ولا يغيب عنه شيئ .. سبحانه قيوم السموات والأرض ..
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: أدب اسم الله الحي القيوم
ما نتعلمه من أدب اسم الله الحي القيوم .. جل جلاله :
(1) لقد دعانا الله سبحانه وتعالى إلى التوكل عليه والإلتجاء إليه والإعتصام به( وتوكل على الحي الذي لا يموت ) فأقطع قلبك عن التعلق بالخلق كي توصله بالخالق .. فإذا علمت أنه سبحانه القائم بأمرك فأستغني به عمن سواه ..
فحسبك لنفسك من التوكل ألا ترى لنفسك ناصرا
غير الله .. ولا لرزقك خازنا غيره ولا لعلمك شاهدا غيره .. فتوكل على الله الحي الغني وأجعله حسبك وعليه معتمدك ..
وإذا علمت أن الله هو القائم بأمرك إستراح قلبك من الهموم والأحزان والغموم .. فمن كان رزقه على الله فلا يحزن ومن كان حسبه الله فلا يخاف ..
فالله القيوم يطمئنا ويخبرنا أنه ( إن نمتم فأنا لا أنام .. فانا الحي القيوم الذي لا ينام ) فإن آمنت بذلك إمتلأ كيانك بالأمن والأمان لإحساسك بقيومية الله التي تحرسك في حياتك والتي يقوم بها الله بأمر الخلق جميعا .. فهو سبحانه يقول هذه الآية مشيرا إلى أنه يا عبدي نم أنت ولا تخش شيئا فإني أحرسك وأرعاك في نومك وفي يقظتك فلا تدع القلق يدخل نفسك .. فنم دون قلق فالله القيوم أنت في حمايته .. فإن كان البعض من الناس يأمن وينام مطمئنا إذا كان على منزله رجلا ساهرا لا ينام فما هو الحال من كان الله حارسه .. قيوم السموات والأرض .. هو الذي يرعاك في أشد اللحظات وأحلك الأوقات .. قال تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولائك لهم الأمن ) ( الأنعام : 82 )
(2) الحب والقرب من الله في ظل اسمه الحي جل
جلاله: إن أحببت مخلوقا فهو لا محالة ميت فبكيته
وحزنت على فراقه .. فما الحال إن أحببت الحي الذي لا يموت .. وما هو حالك إن أحببت الحي القيوم الباقي ..
(3) كون الله هو الحي .. فسبحانه لا تضيع ودائعه
فكل ما ينفق في سبيل الله هو في الحقيقة مدخرا له عند الله الغني الحي القيوم الذي لا تضيع عنده الودائع .. فيا من تخزن المال والغلال .. تأمل اسمه تعالى الحي ..
(4) من حق المنعم عليك القيوم على إيجادك والحفيظ لكل أسباب حياتك والمعطي لك كل ما عليه قيامك وكل شيئ قائم بأمره .. من حقه عليك أن تكون وفيا في حركاتك وسكناتك وفي ظاهرك وفي باطنك لله رب العالمين وألا تكون ظهيرا لأحد دونه .. قال تعالى : ( قال رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرا للمجرمين ).. فيالضيعة الوفاد على موائد اللئام .. يأكلون من خيره وينيبون إلى غيره .. والحساب على الله الحي القيوم .. ومن هنا كان الخوف من الله .. وخشية الله ، قال تعالى : ( ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) وقال تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) وقال سبحانه : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) إن الخوف من الله من المقامات العلية التي لا يقدر عليها إلا من أستحضر في حياة قلبة أن الله سبحانه الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم .. وهو سبب لدخول الجنة ..
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان: أدب اسم الله الحي القيوم
(5) في ظل اسم الله القيوم وفي أنوار قيومية الله سبحانه يجب أن تقطع قلبك عن التعلق بالخلق فإذا أنقطع التعلق بالخلق تماما وصل قلبك إلى التعلق بالخالق القيوم فهو القائم بأمرك فأستغنى به عمن سواه ؛ فيجب على المؤمن أن يكون توكله على الله الغني القيوم وان يكون الله حسبه وعليه معتمده ..فأنت أيها المؤمن مقهور لله فيما لا أختيار لك فيه ومنقاد لحكم الله فيما لك فيه أختيار .. لا تَصرُف لك في نفسك ولا في نبض قلبك ولا في حركة أمعائك ولا في كثر من حالاتك .. ورحمة الله بك أنه بقيوميته جعلك مقهورا فيها دون رأي وإلا فكيف تُنظم التنفس وضربات القلب وأنت نائمٌ .. فقيوميته رحمة وحكمة .. فكيف تتعلق بغير الله ..
ويا من أشركتم بالله تعالى وجعلتم له أندادا .. أين عقولكم في شركاء لا تضر ولا تنفع .. والحق هو المنزه سبحانه بقيوميته فأستغنى بالله عمن سواه من أوثان أو دينا أو مال أو ما دون ذلك ..
(6) يا من كنت عبدا للحي القيوم .. فأستحي من الله فمن كان له رب فعليه أن يستحي فلا يحمل هما للرزق ..
* اسم الله الحي القيوم في ما ورد عن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،عن على – رضى الله عنه – قال : لما كان يوم بدر قاتلت ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو ساجد يقول : يا حي يا قيوم لا يزيد على ذلك شيئ .. ثم رجعت إلى القتال ثم جئت إليه فوجدته يقول ذلك .. فلا أزال أذهب وأرجع وأنظر فأجده لا يزيد على ذلك إلى أن فتح الله علينا بالنصر المبين ..
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إبنته فاطمة رضى الله عنها أن تقول صباحا ومساءا : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ،أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين
وجاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يتهجد بالليل دعا ربه فقال : ( اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد ولك ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه زسلم حق والساعة حق .. اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنيب وبك خاصمت وإليك حاكمت فأغفرلي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ..
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان: اسم الله الحي القيوم في ما ورد عن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى عن أبى على الكتاني – رضى الله عنه – قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله ادع الله ألا يميت قلبي فقال إذا أردت أن يحيا قلبك فلا يموت أبدا فأكثر من ترديد هذا القول وتكراره ( يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت )
*الذكر والدعاء في ظل اسم الله الحي القيوم
يرى بعض العلماء أن ( الحي القيوم ) اسم الله
الأعظم .. مثلما جاؤ في تفسير القرطبي ..
=ويقال أن عيسى عليه السلام كان إذا أراد أن يحي الموتى يدعو بهذا الدعاء : يا حي يا قيوم
=ويقال أن أصف بن برخيا – لما أراد أن يأتي بعرش بلقيس إلى سليمان دعا بقوله : يا حي يا قيوم
=ويقال أن بني اسرائيل سألوا سيدنا موسى عن اسم الله الأعظم فقال لهم : ( إياهيا شراهيا ) يعني ( يا حي يا قيوم )
=ومن الأدعية ما ورد عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم : ( اللهم أسألك بأن الحمد لك لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال
والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك ؛ويسمي حاجته
إن المؤمن إذا فهم معنى هذين الاسمين العظيمين وذكر الله بهما قبل الدعاء وبعده فإن الله عز وجل يستجيب له بشرط أن يكون قد أطاب مطعمه وأخلص في دعائه وكان موقنا بالإجابة ..
وقيل أن كثرة ذكر اسم الله الحي يبرئ من المرض ويهب الحياة السعيدة الفاضلة ..وقيل أن كثرة ذكر اسم الله القيوم يقي من عوارض النسيان ويقوي حفظ البليد وينور قلبه ،وقيل أنهما شفاء لمن يكثر نومه إذا قرأ على رأسه ( آلم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) ..
وتكرار ذكر هاذين الأسمين العظيمين يحي القلوب بإذن الله من الموات ..
وقيل من ذكر ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) من الفجر إلى طلوع الشمس بعث الله في نفسه النشاط وجنبه الخمول والكسل وفتح له باب الفهم والحفظ والعلم والعمل [الانترنت – موقع ياحي ياقيوم- أ د محمد محيي الدين ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : القيوم مع كل من لجأ اليه؛بل لكل خلقه
*التعرف على الله القيوم ودوره في علاج العجب
الله عز وجل قائم علينا وعلى جميع شؤننا.. يحفظنا ويرعانا، ويمدنا بأسباب الحياة لحظة بلحظة. قائم على كل شيء في أجسادنا لنستطيع في النهاية أن ننطق، ونسمع، ونرى، ونضحك، ونبكي... ألم يقل سبحانه : ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ [ النجم: 43 ].
وقائم كذلك على هدايتنا وعصمتنا من الفجور: فكل صلاة نصليها هي بمدد منه، وكذلك كل ذكر نذكره، وكل صالح نقوله، وكل خير نفعله قال تعالى : ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ [ الحجرات: 7 ].
*مريض الرعاية المركزة :
قد يخلد مريض إلى الرعاية وهو بين الحياة والموت.. فهو لا يستطيع الحركة ولا النطق..لديه نقص شديد في الدم،وعدم القدرة على التنفس وضعف في القلب ، وفور دخول هذا المريض إلى قسم الرعاية المركزة يتم إمداده بأنابيب وتوصيلات مختلفة ، واحدة تضخ له الدم،ثانية للتنفس، وثالثة للقلب، ورابعة للتغذية ... .وبمرور الوقت تبدأ حالة المريض في التحسن، ويبدأ في استرداد عافيته... فما السبب في ذلك؟! بلا شك أن ما تم توصيله إليه من إمدادات كان له دور كبير في تحسن حالته، ولو أغلقت محابس تلك الإمدادات لتدهورت صحته مرة أخرى..
ولله المثل الأعلى.. فحالنا مع الله عز وجل وحاجتنا إلى إمداداته المتواليه علينا، أشد من حاجة هذا المريض لما تم توصيله إليه من إمدادات.. فهذا المريض دخل إلى المستشفى وهو يعاني تدهورًا في بعض أجهزة جسمه، أما نحن بدون الله عز وجل فلا قيمة لأي خلية من خلايانا، ولا عضو من أعضائنا، ولا جهاز من أجهزتنا.. فالمدد الإلهي المتواصل لنا يشمل كل ذرة من ذرات أجسامنا، فإن توقف هذا المدد فلن نستطيع أن نستعيده ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر: 2 ].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : من مظاهر القيومية
*تمديدات الرحمة: إن كل نعمة نحن فيها تعكس وجود مدد مستمر من الله عز وجل، يكفل عملها واستمرار وجودها، ولو أغلق باب هذا المدد لانتهى أمر هذه النعمة وتوقف عملها، فلا يوجد لشيء في هذا الكون قوة ذاتية تكفل له الاستمرار في العمل دون مدد من الله عز وجل.
معنى هذا أن كل خير نحن فيه يتوقف وجوده على استمرار المدد من الله في كل لحظة وطرفة عين، وكل نعمة توجد عند شخص ولا توجد عند آخر تعكس وجود مدد إضافي للرحمة الإلهية عند هذا الشخص.
فإن كنت في شك من هذا، فتأمل معي خطاب الله عز وجل لخير البشر محمد عليه الصلاة
والسلام، يقول سبحانه وتعالى له ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [ آل عمران: 159 ].
أى بدون هذه الرحمة وهذا المدد من الله لن تلين لأصحابك ، وعندما وصف الله الخضر وما عنده من علم قال عنه: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [ الكهف: 65 ].
ويذكرنا الله عز وجل بأن يوسف عليه السلام ما كان ليصل إلى ما وصل إليه من تمكين إلا برحمة ومدد من الله عز وجل ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ ﴾ [ يوسف: 56].
فلا نجاة لأحد إلا برحمة ومدد من الله عز وجل... وبهذا أخبر نوح – عليه السلام – ابنه ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ﴾ [ هود: 42، 43 ].
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : من مظاهر القيومية
*عبودية صفة القيومية :
مما لاشك فيه أن كثرة التفكر في هذه الصفة من
شأنها أن تشعر العبد بعظيم حاجته لربه في كل أموره وأحواله، وعند كل قول أو فعل. وتجعله كذلك ينسب أي خير هو فيه لله عز وجل، وأنه لا غنى له عنه طرفة عين.
ومن ثمار اليقين بهذه الصفة أيضًا: دوام الاستعانة بالله وحسن التوكل عليه في كل ما يريد العبد القيام به ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [ هود: 88 ].
*أهم وسائل التعرف على صفة القيومية هي : القرآن والكون:
- فمن خلال قراءتنا للقرآن علينا أن نبحث عن هذه الصفة وآثارها في الكون، كما سيأتى بيانه بمشيئة الله في فصل العلاج بالقرآن.
- أما في الكون: فيمكننا التعرف على آثار هذه الصفة من خلال رؤية الأشياء بعد توقف الإمداد الإلهي عنها وكيف تكون قيمهتا؟! فعلى سبيل المثال: جريان السفن في البحر يتم بقيومية التعهد والرعاية والحفظ من الله عز وجل، فإذا انقطع عنها هذا المدد توقفت في عرض البحر بلا حراك ولا حول ولا قوة ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ
صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [لقمان: 31].
- وعلى مستوى الفرد: فوقوع العبد في الذنب يعكس توقف إمداد العصمة من الله عز وجل، وكذلك فإن التقصير في القيام بواجب ما، يعكس توقف إمداد الإعانة من الله عز وجل ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ [ النساء: 79 ].
- ويمكننا كذلك التعرف على هذه الصفة من خلال إحصاء مواضع المنع، وتوقف الإمداد الإلهي عن بعض النعم، والتي تحدث لكل فرد على حدة، وبصورة شبه يومية، مثل: زيادة ضربات القلب،
شد العضلات، حكة الجلد، ضيق التنفس...
... وخلاصة القول: أن التعرف على صفة القيومية يحتاج إلى مداومة التأمل والتفكر في القرآن من ناحية، والكون من ناحية أخرى.
من هنا تظهر أهمية تخصيص وقت يومي لتتبع مظاهر تلك الصفة من خلال ورد القرآن، وتخصيص وقت آخر لإحصاء مواقف الحياة التي ظهرت فيها آثار صفة القيومية.[الأنترنت – موقع الإيمان أولا - التربية النفسية]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : دلائل وجود القيوم
السؤال: ما هي دلائل وجود الله تعالى( القيوم )، وماهو الطريق المستقيم للإيمان الكامل بالله تعالى؟
الجواب :كل ما في الوجود مما نبصره وما لا نبصره دليل وآية على وجود الله تعالى ، والإنسان بكل ما فيه وكل ما يصدر عنه دليل على وجود خالقه، الله وحده ويمكن أن نجمل بعض الأدلة في الآتي :
أولاً : دليل الفطرة : فخلق كل إنسان ناطق إقرار ودليل بوجود الله تعالى ووحدانيته، وكذلك فكل
مولود يولد على الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
ومهما أحاطت النفس ظلمات الكفر أو الشك فهي في حالة من أحوالها تحس وتشعر بقدرة الله تعالى، من خالقها ومن محييها ومن مميتها ومن رازقها {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } من يجيب المضطر في ظلمات البر والبحر وأجواء السماء وفجاج الأرض إلا الله.{ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا } سورة الأعراف ، فأنت أنت أيها الإنسان دليل على وجود الله خالقك.
ثانياً دليل العقل :
1-إن الإنسان لم يخلق نفسه ولا أولاده ولا الأرض التي تقله ولا السماء التي تظله، والبشر الذين ادعوا الألوهية من دون الله لم يزعموا لأنفسهم خلقاً ولا نفعاً ولا ضراً { أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين }.
ومن المعلوم والمقطوع به أن شيئاً في الكون لا يحدث من تلقاء نفسه فلم يبق إلا خالقه، الله وحده (أم خُلقوا من غير شئ أم الخالقون)، فلننظر إلى مظاهر الإبداع والعظمة في كل كائن من بشر أو حيوان أو نبات أو جماد، كلها ناطقة بوجود الله
الذي خلقها وحده. ويسمي العلماء هذا الدليل : دليل الإبداع .
وأيضاً هناك دليل العناية :
والناظر في الكون وكل المخلوقات من حوله يرى أنها كلها صغيرها وكبيرها محكومة بسنن وقوانين
في غاية الدقة والنظام ( الشمس والقمر بحسبان ) ( كل في فلك يسبحون ) وما وصل ويصل إليه علم الإنسان في كل زمان ومكان من كشف للسنن وأسرار للعلم كلها تبرهن بالدلالة على وجود الله ويسمي العلماء هذا الدليل : ( دليل العناية ).
ثالثاً دليل الحركة :
في كل أرجاء الكون {وفي أنفسكم أفلا تبصرون } ، من الذي خلق ويهيمن على حركتها وسكونها ونظامها في مستقرها ومجراها، من الذي يمسك بها أن تزول أو تتوقف،{إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهمامن أحد من بعده)فاطر
رابعاً دليل الحدوث :
فلكل واحد من المخلوقات بداية معروفة ونهاية مقدرة، بل وكل عناصر الكون كذلك، فكل ما عدا الله سبحانه أنشأه الله وخلقه من عدم وأحدث وجوده، إننا وغيرنا من المخلوقات لم نكن شيئاً ثم كنا بقدرة الله ومشيئته فمن كوَّنَنا وأحدثنا ؟ إنه الله الواحد { هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاجٍ نبتليه }، وخالق الإنسان ومحدثه هو خالق الكائنات كلها، { الله خالق كل شيء } سبحانه لا نحصى ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه { الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض } {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض }.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : دلائل وجود القيوم
ومن أكبر الأدلة على وجود الله تعالى ولو لم يوجد إلا هو لكفى ما تراه من ضياء وبهاء على وجوه أهل الإيمان والعلم والطاعة، وما تراه من سواد وظلمة على وجوه أهل الكفر والمعصية قال تعالى { والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلما }، قال تعالى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود }
وما أحسن ما قاله الشاعر
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المـــليك
عيون من لجين شاخصات بأبصار هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهد ات بأن الله ليس له شـــــريك.
.[ الأنترنت – موقع إسلام أون لاين- فريق الموقع]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان :
قيومية الله - إمساكه تعالى لقوانين الطبيعة
إن لكل حدث سبب ولكل سببٍ سببٌ يعتمدُ عليه فإذا تتبعنا سلسلة الأسباب لكل حدث على انفراد لوجدنا اننا تقابلنا في النهاية مع أحد قوانين الطبيعة كبداية لسلسلة الأحداث التي تتبعناها ولكننا عند تلك النقطة نجد أنفسنا مجبورين أن نسأل سؤالاً مهما: ما سبب قوانين الطبيعة؟ من الذي يمسك
هذه القوانين حتى لا تنهدم فتنهدم سلاسل
الأسباب المتصلة بها؟ يقول الله تعالى خالق الكون ومدبره في القرءان الكريم :
"إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا "
*وضعه تعالى لقوانين الحفظ
إن المتأمل في قوانين حفظ الطاقة وكمية التحرك الخطية والزاوية وغيرهم من قوانين الحفظ يجد نفسه إن كان نابهاً غير غافل معترفاً أن الأصل في الأشياء هو الزوال! فالطاقة مخلوقة من لاشئ وتتوق أن تعود لأصلها دائماً وهو اللاشئ!
ولو تأملنا نوعاً من الطاقة وهو طاقة الوضع لوجدناها تشير ببنانها إلى هذه الحقيقة الخفية الجلية! نجد أن وضع الارتياح للجسم المقترن بطاقة وضعه أن يكون له أقل طاقة وضع ممكنة.
هكذا الأمر مع طاقة الكون إجمالاً وتفصيلاً. فطاقة الكون أصلها العدم ونقلها من العدم إلى الوجود يحتاج موجد عظيم لا يخضع للزمان والمكان وقوانينهما. هذا الموجد الأعظم هو الله تعالى وهو الذي أنشا الكون من لا شئ وأمسكه ألا يعود لحالته الأصلية مرة أخرة بقيوميته على الكون وحفظه له.
وينبغي عليك أيها المسلم ان تحمد الله أنك
تستيقظ من نومك كل صباح لتجد بيتك هو هو وتجد عربتك هي هي وفي مكانها الذي تركتها فيه بالأمس و ذلك لأنه كما قلنا الأصل دائما هواللاشئ
فالأصل ألا تجد بيتك ولا سيارتك ولكن وجودهما يدل على ذات عليا تقوم على أمر الكون تحفظ لنا الطاقة من الزوال ( والذي يُسمى قانون حفظ الطاقة) .
إن مكتشفي قانون حفظ الطاقة من غير المسلمين استراحت قلوبهم وعقولهم بقانون الحفظ ولكنهم نسوا أو تناسوا هذا السؤال المهم: إذا كان هناك ثمة قانون لحفظ الطاقة, فمن هو الحافظ؟
إنه من العبث الفكري أن نفكر أن القانون هو الذي يحفظ ولكن الحقيقة أن القانون يخبرناعن حفظ الله تعالى للطاقة كخالقٍ لهذا الكون, قيومٍ على أمره, ماسكٍ له أن يزول كما ورد في الآية الكريمة أعلاه.
إمساكه تعالى للكون من الانهيارتحت تأثير الجاذبية
إن الكون إذا تُرك تحت قوى الجاذبية بدون امساك من الله تعالى لهذا الكون أن يتلاشى لتحطم من قبل أن يُولد قال تعالى"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ "
ولكي يتم هذا الإمساك الذي يعادل الجاذبية بل ينتصر عليها فقد قضى الله عز وجل أن يكون مُتَسِعاً اتساعاً محسوباً لحكمة يعلمها قال تعالى : { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ }
فالله تعالى يمنع انهيار الكون بهذا الاتساع وأيضاً يمنع هذا الاتساع من التسبب في انفجار الكون كفقاعة الصابون وذلك بقوى الجاذبية الكونية قال تعالى : { اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ }
الخلاصة: 1-إن الله تعالى لم يخلق الكون ليتركه هملاً كما ادعت بعض الفلسفات القديمة ولكنه قيوم عليه مدبر لأمره.
2- يجب على المسلم أن يشكر الله تعالى باستمرار على قيوميته الدائمة على أمره وأمر الكون من حوله. والله أعلم [الأنترنت – موقع التفكر فريضة إسلامية ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ
معنى كلمة الْأَشْهَادُ في القرآن الكريم
1-الأَشْهَادُ ﴿٥١ غافر﴾ الملائكة
2-وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴿٥١ غافر﴾ يوم القيامة حين تشهد الملائكة والرسل
3-يقوم الأشهاد﴿٥١ غافر﴾ الملائكة و الرّسل و المؤمنون
4-الأشهاد﴿١٨ هود﴾ الأشهاد: الملائكة و النبيون. قيل: كذلك الجوارح.
5-الأشهاد ﴿٥١ غافر﴾ الأشهاد: الملائكة و النبيون. و قيل: الأنبياء والمؤمنون يشهدون على المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم.[الأنترنت – موقع المعاني]
قال ابن كثير :
وهكذا نصر الله [ سبحانه ] نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه على من خالفه وناوأه ، وكذبه وعاداه ، فجعل كلمته هي العليا ، ودينه هو الظاهر على سائر الأديان . وأمره بالهجرة من بين ظهراني قومه إلى المدينة النبوية ، وجعل له فيها أنصارا وأعوانا ، ثم منحه أكتاف المشركين يوم بدر ، فنصره عليهم وخذلهم له ، وقتل صناديدهم ، وأسر سراتهم ، فاستاقهم مقرنين في الأصفاد ، ثم من عليهم بأخذه الفداء منهم ، ثم بعد مدة قريبة فتح [ عليه ] مكة ، فقرت عينه ببلده ، وهو البلد المحرم الحرام المشرف المعظم ، فأنقذه الله به مما كان فيه من الشرك والكفر ، وفتح له اليمن ، ودانت له جزيرة العرب بكمالها ، ودخل الناس في دين الله أفواجا . ثم قبضه الله ، تعالى ، إليه لما له عنده من الكرامة العظيمة ، فأقام الله أصحابه خلفاء بعده ، فبلغوا عنه دين الله ، ودعوا عباد الله إلى الله . وفتحوا البلاد والرساتيق والأقاليم والمدائن والقرى والقلوب ، حتى انتشرت الدعوة المحمدية في مشارق الأرض ومغاربها . ثم لا يزال هذا الدين قائما منصورا ظاهرا إلى قيام الساعة ; ولهذا قال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) أي : يوم القيامة تكون النصرة أعظم وأكبر وأجل .قال مجاهد : الأشهاد : الملائكة
وقال ابن عاشور : وهذا وعْد للمؤمنين بأن الله ناصرهم على من ظلمهم في الحياة الدنيا بأن يوقع الظالم في سوء عاقبة أمره أو بأن يسلط عليه من ينتقم منه بنحوٍ أو أشدَّ مما ظلَم به مؤمناً .
والأشهاد : جمع شَاهد . والقيام : الوقوف في الموقف . والأشهاد : الرسل ، والملائكة الحفَظةُ والمؤمنون من هذه الأمة ، كما أشار إليه قوله : { لتكونوا شهداء على الناس } [ البقرة : 143 ] ، وذلك اليوم هو يوم الحشر ، وشهادة الرسل على الذين كفروا بهم من جملة نصرهم عليهم وكذلك شهادة المؤمنين . [الأنترنت – موقع : إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
من أعظم أهوال يوم القيامة اجتماع الناس في المحشر وانتظارهم فصل القضاء بينهم، وموقفهم فيه طويل، وشديد ومفزع، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 6].
قال ابن كثير- رحمه الله -: يقومون حفاة عراة غرلًا في موقف صعب حرج ضيق ضنك على المجرم ويغشاهم من أمر الله ما تعجز القوى والحواس عنه
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر- رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ قال: "يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ" وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ"
ويكون عرق الناس في ذلك اليوم على قدر أعمالهم. روى مسلم في صحيحه من حديث المقداد بن الأسود- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ"، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ؟ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ، أَمِ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ، قَالَ: "فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا"، قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ-
صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ
قال ابن أبي جمرة : فأشدهم في العرق الكفار ثم أصحاب الكبائر، ثم من بعدهم، والمسلمون منهم قليل بالنسبة إلى الكفار
قال ابن حجر: ومن تأمل الحالة المذكورة عرف عظم الهول فيها، وذلك أن النار تحف بأرض الموقف، وتدنى الشمس من الرؤوس قدر ميل، فكيف تكون حرارة تلك الأرض، وماذا يرويها من العرق حتى يبلغ منها سبعين ذراعًا مع أن كل واحد لا يجد إلا قدر موضع قدمه، فكيف تكون حالة هؤلاء في عرقهم مع تنوعهم فيه، إن هذا مما يبهر العقول ويدل على عظيم القدرة، ويقتضي الإيمان بأمور الآخرة أن ليس للعقل فيها مجال، ولا يُعترض عليها بعقل ولا قياس ولا عادة، وإنما يُؤخذ بالقبول ويدخل تحت الإيمان بالغيب، ومن توقف في ذلك دل على خسرانه، وحرمانه، وفائدة الإخبار بذلك أن ينتبه السامع فيأخذ في الأسباب التي تخلصه من تلك الأهوال، ويبادر إلى التوبة من التبعات، ويلجأ إلى الكريم الوهاب في عونه على أسباب السلامة، ويتضرع إليه في سلامته من دار الهوان، وإدخاله دار الكرامة بمنه وكرمه وهذا الموقف مع شدته وكرب الناس فيه فهو أيضًا موقف طويل جدًّا
مقداره خمسين ألف سنة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع القيوم وستكون بعنوان :
ومن ثمرات الإيمان بالقيام في هذا الموقف العظيم:
أولًا: أن المؤمن ينبغي أن يكون على استعداد للقاء ربه، وألَّا يكون في غفلة، فإن أمامه أهوالًا وأمورًا عظيمة، فهناك الموت وسكراته، والقبر وظلماته، والنفخ في الصور، والبعث بعد الموت، وعرصات يوم القيامة، والميزان، والصراط والنار، قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 1]. روى الترمذي في سننه من حديث أبي ذر- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال : "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ،
وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ"
وروى الترمذي في سننه من حديث أبي سعيد- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الإِذنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفخِ"، فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُم: "قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا".
ثانيًا: أن الكفار وأصحاب المعاصي يُشَدَّدُ عليهم في ذلك اليوم. قال تعالى: ﴿ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26]. وتقدم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن مانعي الزكاة يُعَذَّبُونَ، وأن هذه البهائم تَطَؤُهُم بِأَخفَافِهَا وَأَظلَافِهَا وتنطحهم بقرونها.
ثالثًا: ومن البشائر أن أهوال الآخرة مع شدتها وكرباتها من القبر وظلماته، والنفخ في الصور، وعرصات يوم القيامة، والصراط وغيرها، أن الله بِمَنِّهِ وكرمه يخفِّفها على المؤمن. قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 101، 103]. قال بعض المفسرين: الفزع الأكبر: النفخ في الصور.
وروى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ مِقْدَارَ نِصْفِ يَومٍ مِنْ خَمْسِينَ أَلفَ سَنَةٍ، يُهَوِّنُ ذَلِكَ عَلَى المُؤمِنِينَ كَتَدَلِّي الشَّمْسِ لِلغُرُوبِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ"
رابعًا: إنه في ذلك الموقف العظيم والناس في حر شديد، وبلاء عظيم لا يطاق، يُظِلُّ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَومَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّه سَبعَةً: "إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"
خامسًا: إنه ينبغي للمؤمن أن يكثر من الأعمال الصالحة ويخفيها عن الناس، كان عبد الله بن المبارك يأتي إلى ماء زمزم ويقول: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ"[18] وأنا أشربه لعطش يوم القيامة، ثم شرب.
[ الأنترنت – موقع الألوكة - من أهوال يوم القيامة - د. أمين بن عبدالله الشقاوي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخمسون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : يومَ يقوم الناسُ لرب العالمين
ومن المعاني في قوله تعالى: {يومَ يقوم الناسُ
لرب العالمين}، أي: يقومون من قبورهم بأمر رب العالمين، أن يقال لهم: قوموا فإذا هم قيام ينظرون، كما قال الله تبارك وتعالى: {ثم نُفخ فيه أُخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون} (الزمر: 68).
وقال أهل التفسير: المراد قيامهم من قبورهم لربهم، لفصل القضاء بينهم يوم القيامة، واقفين ليقضي الله تعالى بينهم بحكمه وبعدله.
وأيضا من المعاني: قيامهم بما عليهم من حقوق العباد، بين يدي الله عز وجل، فكلٌ يؤدي الحق الذي عليه، إن أخذ من مال أحد، إن أخذ من عرضه، إن ضربه، إن سبّه بغير حق، كل هذا يؤدى ما عليه غير منقوص، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
وقد جاء في الحديث: أن ذلك اليوم يخفف على العبد المؤمن، فقد روى أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يومَ يقوم الناسُ لرب العالمين مقدارَ نصفِ يوم من خمسين ألف سنةٍ،يهّون ذلك على المؤمنين، كتدلّي الشمس للغروب إلى أن تغرب «[رواه ابن حبان (7333) وأبو يعلى (6025) وقال الهيثمي في المجمع (10/337): رجاله رجال الصحيح، وهو حديث صحيح]
وقال تعالى : {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:46 - 47].
يقول القاسمي رحمه الله تعالى: أي: قيامه عند ربه للحساب.(مَقَامَ) هنا مصدر بمعنى القيام. إذاً: فمعنى (مَقَامَ رَبِّهِ) : قيام الشخص ووقوفه بين يدي الله للحساب، فحينما خاف مقام ربه للحساب ترتب على ذلك أنه في الدنيا أطاعه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.
تفسير آخر لقوله تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) أي: موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب، وذلك لاختصاص الملك يومئذ بالله تعالى، أو هو كناية عن خوف مقام الرب، بمعنى: من حصل له الخوف من مكان أحد يهابه وإن لم يكن فيه، فخوفه بطريق الأولى، يعني: لو أن شخصاً يحصل له الخوف إذا رأى المكان الذي يجلس عليه القاضي أو الملك أو كذا، فيهاب المكان حتى وإن لم يكن جالساً عليه، فلا شك أنه لو كان جالساً عليه فسيكون خوفه أشد بطريق الأولى.
وقال الشنقيطي :هذه الآية الكريمة فيها وجهان معروفان عند العلماء كلاهما يشهد له قرآن:
أحدهما: أن المراد بقوله: (مَقَامَ رَبِّهِ) أي: قيامه بين يدي ربه، فالمقام اسم مصدر بمعنى القيام،
وفاعله على هذا الوجه هو العبد الخائف، وإنما أضيف إلى الرب لوقوعه بين يديه، وهذا الوجه يشهد له قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41]
والوجه الثاني: أن فاعل المصدر الميمي الذي هو المقام هو الله تبارك وتعالى، أي: خاف هذا العبد قيام الله عليه، ومراقبته لأعماله وإحصاءها عليه، ويدل لهذا الوجه الآيات الدالة على قيام الله على جميع خلقه وإحصائه عليهم أعمالهم، كقوله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وقوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد:33] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : القيومية : عطاء من الله للربوبية
عطاء الربوبية للمؤمن وغير المؤمن : تشير إلى التربية والتعهد والتنشئة وضمان مقومات الحياة، ومنها رب الأسرة وربة المنزل. فإذا أطلقت كلمة الرب انصرفت إلى رب كل المخلوقات " الله " جل في علاه. ولأن الرب هو الذي خلق كل المخلوقات واستدعاها إلى الوجود، فإن عطاء الربوبية يشمل خلق المخلوقات ابتداء، ثم رزقهم الذي يضمن لهم استمرار الحياة. والرزق هو كل ماينتفع به: من طعام وشراب وملبس ومسكن، وعقل وعلم وثقافة واكتشاف واختراع...الخ
وكل هذا يتأتى للإنسان بانفعال المخلوقات في الكون له، ولهذا كان من كمال عطاء الربوبية تسخير باقي الكائنات للإنسان، الذي كرمه الله وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. قال تعالى: " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " (سورة الإسراء، الآية 70). ونحن نعمل في الدنيا بالعقل المخلوق لله، الذي يتفكر ويتدبر ويخطط، وبالقوة المخلوقة لله في جوارحنا كاليد والرجل والقوى البدنية عموما، وفي المادة المخلوقة لله، من عناصر الأرض المختلفة، فأي شئ للإنسان ؟ ومع ذلك احترم الله عملنا وقدر أن يكافئنا عليه.
ولكي يكتمل عمل الإنسان في الدنيا فقد سخر الله لنا الجوارح، تنفعل لإرادة صاحبها، مؤمنا كان
أو كافرا. فيد الكافر وبقية جوارحه لا تتأبى عليه حتى وإن استعملها في المعصية. تفعل الجوارح
ذلك، رغم أنها كارهة لفعل الكافر، ولكنها مسخرة. وجوارح الإنسان مثلها مثل باقي المخلوقات مؤمنة بربها، تحب الطاعة وتكره المعصية، لكن عطاء الربوبية يسخرها لصاحبها. ولذلك فإن كان الإنسان الكافر كافرا، فإن أبعاضه مؤمنة: جوارحه وخلايا جسمه وجزيئاته وذراته، كلها تسجد لله مع باقي خلقه. قال تعالى: " أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ " (سورة الحج الآية 18). ويوم القيامة تنفك الجوارح من عقال التسخير فتشهد على صاحبها بالحق. قال تعالى: " يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ " (سورة النور الآية 24).
كما سخر الله للإنسان مافي السماوات ومافي الأرض، تنفعل له وتعطيه نتيجة عمله، وتحبه إن كان مؤمنا وتكرهه إن كان كافرا. قال تعالى: " أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ " (سورة لقمان الآية 20).ليس من شروط التسخير أن يكون الإنسان مؤمنا بالله، ولكن المخلوقات مسخرة لكل إنسان مؤمنا كان أو كافرا، ذاك عطاء الربوبية. فمن جد واجتهد وأحسن استخدام عقله وجوارحه وإمكانيات البيئة حوله حقق المكاسب وارتفع شأنه في هذه الحياة الدنيا. ومن تكاسل عن العمل وركن إلى القعود أو إلى ملذات الحياة تراجع وانهزم. عطاء ربنا (عطاء الربوبية) لكل البشر،لمن أراد الدنيا العاجلة ولمن أراد الآخرة وسعى لها سعيها ، وماكان عطاء ربنا محظورا. قال تعالى:{ مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً ،وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً، كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } هذا عطاء الربوبية.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان :
القيومية : عطاء من الله للألوهية
أما عطاء الألوهية فلا يكون إلا لمن آمن بالإله الواحد ؛يمده الله أولا بالمنهج الذي يصلح به حياته. ثم يمده بالعون على اتباع المنهج. ثم يجزيه الجزاء الأوفى يوم القيامة على صالح عمله. والله لا يكلف بمنهجه إلا من آمن به، لذا جاءت كل الآيات التي تتحدث عن أحكام الدين وتشريعاته مسبوقة بنداء المؤمنين، وليس بنداء الناس. قال تعالى: " يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ " (سورة البقرة الآية 172). وقال تعالى: " يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ( سورة البقرة الآية 183). وغير ذلك كثير.
أما الكافر فلا نصيب له من عطاء الألوهية ، لا تكليف ولا هداية ولا عون ولا جزاء. قال تعالى: " مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ " (سورة الشورى الآية 20).
وقد أبدع الشيخ الشعراوي رحمه الله في شرحه
للفرق بين عطاء الربوبية وعطاء الألوهية وهو يفسر آيات سورة البقرة الخاصة بسيدنا إبراهيم عليه السلام. فعندما طلب إبراهيم ميراث النبوة لذريته، علمه الله أن عهده وشرعه لاينال الظالمين، فذلك عطاء الألوهية، لا يكون إلا للمؤمنين والطائفين والعاكفين والركع السجود.
قال تعالى: " وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ
إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ
وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ " (سورة البقرة الآيتان 124 – 125).
بعدها طلب إبراهيم من ربه الرزق والثمرات وخص بدعائه من آمن بالله واليوم الآخر، فعلمه الله أن الرزق لمن آمن ولمن كفر، فذلك عطاء الربوبية. لكن ذلك لايمنع العدل الإلهي في الجزاء، فلمن كفر رزق في الدنيا ثم يضطره الله إلى عذاب النار في الآخرة وبئس المصير،قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ " (سورة البقرة الآية 126) [ الأنترنت – موقع الله ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : الرجال قوامون على النساء
ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭼ النساء: ٣٤
ـ القوامة في اللسان العربي تأتي بمعنى المحافظة، والسياسية،ويشتق منها (القيم ) الذي يسوس الأمور، بل( القوام ) بمعنى العدل مما يعني أن المرشح لابد أن يكون عدلا في نفسه أولا، ثم عادلا مع المرأة
ـ و مما لاينازع فيه عاقل أن كل تجمع لابد فيه من قائد، عليه مسؤولياته و له صلاحياته ، والأسرة تجمع بين جنسين ، الرجل فيها هو المهيأ بما أودعه الله فيه من صفات ، وبما أوجب عليه من النفقات وذاك قوله ( بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ولك أن تراجع أقوال المفسرين لتظفر بفهم دقيق للآية ، بل إن المرأة تتوق إلى هذه القوامة على أصلها الفطري، وتشعر بالحرمان وقلة السعادة حين تعيش مع الرجل الأنثى الذي
يكل إليها هذه القوامة، فتصبح هي القوامة.
ـ لقد خلق الله الناس ذكر او أنثى، زوجين على أساس القاعدة الكلية في بناء هذا الكون، و جعل من وظائف المرأة أن تحمل وتضع وترضع وتكفل ثمرة الاتصال بينها وبين الرجل، وهي وظائف ضخمة أولاً وخطيرة ثانياً، وليست هينة ولا يسيرة بحيث تؤدَّى بدون إعداد عضوي ونفسي وعقلي عميق غائر في كيان الأنثى، فكان عدلاً كذلك أن ينوط بالشطر الثاني - الرجل - توفير الحاجات الضرورية، وتوفير الحماية كذلك للأنثى؛ كي تتفرغ لوظيفتها الخطيرة؛ ولا يحمل عليها أن تحمل وتضع وترضع وتكفل، ثم تعمل وتكد وتسهر لحماية نفسها وطفلها في آن واحد، وكان عدلاً كذلك أن يمنح الرجل من الخصائص في تكوينه العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينه على أداء وظائفه هذه، وأن تمنح المرأة في تكوينها العضوي والعصبي والعقلي والنفسي ما يعينها على أداء وظيفتها تلك، وكان هذا فعلاً . . ولا يظلم ربك أحداً
ـ القوامة تكليف لا تشريف ، ومغرم لا مغنم ، ومسؤولية وقيادة وليست تعسفا واستبدادا ،فقبل آية القوامة أمر الله الرجال بالعشرة بالمعروف وفصل في تحديد معالمها، وبعدها أوضح الرب جل وعلا علاج نشوز الزوجة فلم يكل الرجل إلى حق قوامته المتقرر ، مما يدلل على أن الإسلام يعطي أهمية كبرى لتنظيم ممارسة هذا الحق من قبل الرجل .
ـ القوامة ليست قضية عرف وعادة أو قانون وضعه الرجل للسيطرة على المرأة ،وإنما هو تشريع رباني روعي فيه خصائص الخلق والتكوين لكل منهما ، وروعيت فيه مصلحة الأسرة ، فعلى الرجل والمرأة أن يدركا معنى المصطلح الرباني ، ليقوم الرجل به ، ولتربي المرأة أبناءها الذكور عليه حتى لاتقع شقيقتها الأنثى ضحية لزوج متسلط أو متغنج ، وسينعمان بلا شك بفلاح وفوز قال تعالى : { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون}
وعلى كل منا أن يدرك أن علاقة الرجل بالمرأة تكاملية لا تنافسية فليس بينهما عداء ، وإنما هما الأبوان والزوجان ، والأخوان ، والولدان ( وجعل بينكم مودة ورحمة )[ الأنترنت – موقع د نوال العيد - الكاتب : د. نوال بنت عبدالعزيز العيد ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ (تكريم الإسلام للمرأة ) :
جاء الإسلام والمرأة لا قيمة لها – في الجملة – بما تعنيه هذه الكلمة وإن كانت قاسية لكنها الحقيقة، بل جاء الإسلام والمرأة إنما تعد من سقط المتاع: تباع وتورث وتوهب وتهان، فهي سلعة من السلع التي تتداولها الأيدي، وإنما يحتاج إليها للاستمتاع الجسدي فقط كسائر ما يستمتع به الرجل، ولهذا لا غرابة أن نجد من يدفن ابنته وهي حيّة؛ خشية العار، وما الظن بمجتمع وصل به الحال إلى أن يقتل الرجل فلذة كبده بيديه، وبأبشع صورة للقتل.
لكن لما جاء الإسلام جاء معه بالكرامة للمرأة، وجاء معه بالشرف والتقدير، جاء بما يكفل حقوقها ويحميها من كيد الآخرين وعدوانهم لما في طبيعتها من اللين والرقة واللطافة.
فهي الأم الحنون، وهي الأخت الكريمة، وهي الزوجة الحبيبة، وهي البنت الرقيقة.
ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:أمك،قال:ثم من؟ قال: أمك،قال: ثم من؟
قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك"
وإن الحديث عن تكريم الإسلام للمرأة ليطول، وإنما حسبنا في هذه العجالة أن نذكر شيئاً من ذلك:
لقد أقر الإسلام لها حق التملك ما دام عن طريق مشروع،وأقر لها حق الميراث،وأعطاها الصلاحية التامة في التصرف بأموالها.
كما جعل الإسلام رضاها شرطاً أساساً في صحة زواجها وحرم على الأولياء إكراهها على ذلك. فهي صاحبة القرار في الرضا بالزواج ابتداءً؛ إذ ليس لوليها أن يعضلها ويمنعها من ذلك، فإن فعل انتقلت الولاية إلى من بعده، كما إنها صاحبة القرار في
الرضا بالزوج الذي تقدم لها.
فعن عائشة رضي الله عنها: أن فتاة دخلت عليها فقالت : إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي
خسيسته وأنا كارهة قالت: اجلسي حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها فقالت: يا رسول الله، قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردتُ أن أعْلَمَ أللنساء من الأمر شيء"
كما إن الإسلام أكرم المرأة بتشريع ما يصونها ويحفظ
كرامتها وعفافها، فأمر بالحجاب والستر ونهى عن
السفور والاختلاط.
ومن تكريم الإسلام للمرأة أن هيأ لها أسباب الاستقرار والراحة والأمان، فأوجب على زوجها
النفقة والكسوة والسكن، كما أمره برعايتها والتلطف معها،قال صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن"
بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإنفاق عليها من أفضل النفقات، قال صلى الله عليه وسلم:
"دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة
،ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته
على أهلك، أعظمها الذي أنفقته على أهلك"
وحث الإسلام على التودد إلى المرأة وتحمل ما قد يصدر منها من أذى، وحفظ معروفها، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر".
وبعد فهذا غيض من فيض عن مكانة المرأة ومنزلتها في الإسلام منزلة التكريم،ومنزلة التشريف والوقار.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ
(أسباب القوامة ):
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (النساء: من الآية34). الله سبحانه وتعالى بيّن في الآية الكريمة سببين للقوامة التي جعلها للرجال، وهما:
السبب الأول: قوله سبحانه: (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) وهذا نص من الله تعالى على تفضيل الرجال على النساء؛ بما ركب الله سبحانه في الرجال من صفات وسمات وخصائص اقتضت تفضيل الرجال على النساء، وسواء أكانت تلك الخصائص والصفات من جهة الخلقة التي خلق الله عليها الرجال، أم من جهة الأوامر الشرعية التي تطلب من الرجال دون النساء.
السبب الثاني: في قوله تعالى: (وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).حيث جعل سبحانه وتعالى إنفاق الرجال على النساء سبباً لقوامتهم عليهن؛ إذ إن الرجل
اكتسب خاصية القوامة لكونه القائم على الزوجة من جهة الإنفاق والتدبير والحفظ والصيانة، ولا يرد هنا فرضية إنفاق الزوجة على زوجها مما يجعلها هي صاحبة القوامة؛ إذ إن ذلك مخالف للأصل الذي جعله الشارع، فالأصل أن الإنفاق يكون على الرجل فهو الذي يقوم بالمهر والنفقة والسكن لزوجته، وأما ما شذ عن ذلك فهو مخالف للأصل، إضافة إلى أن الإنفاق سبب من أسباب القوامة، مما يستدعي مراعاة الأسباب الأخرى .
أماضوابط القوامة فيمكن القول بأن ضوابط القوامة الزوجية تتمثل في الآتي: الضابط الأول: أداء الزوج لواجباته ؛ومن الواجبات الشرعية التي يجب على الرجل أداؤها: المهر ، النفقة، المعاشرة بالمعروف
الضابط الثاني: العدل والإنصاف في استخدام هذه الوظيفة: إن قوامة الرجل إنما هي وظيفة شرعية جعلها الشارع للرجل، ومن ثم فإن على الرجل مراعاة النصوص الشرعية عند مباشرة تلك الوظيفة، بأن يكون عادلاً في تعامله منصفاً في معاملته لزوجته مراعياً حقوقاً وواجباتها[الأنترنت – موقع صيد الفوائد - د. محمد بن سعد المقرن (بتصرف )] المصدر : موقع المسلم
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : الانسان وسر القيومية
ان جلوة من تجليات القيومية على الكون،وشعاعاً من نورها مثلما يعمّ الكون بمظاهر(الوحدانية والجلال)
، فانه يبرز على هذا الانسان -الذي يمثل محور الكون وقطبه وثمرته الشاعرة - مظاهر "الاحدية والجمال". وهذا يعني:
ان الكائنات التي هي قائمة بسر القيومية فهي تقوم ايضاً - من جهة - بالأنسان؛ الذي يمثل اكمل مظهر من مظاهر تجلي اسم (القيوم). أي: ان القيومية تتجلى في الانسان تجلياً يجعل منه عموداً سانداً للكائنات جميعاً، بمعنى ان معظم الحِكَم الظاهرة في الكائنات وأغلب مصالحها وغاياتها تتوجه الى الانسان.
نعم ، يصح ان يقال: ان (الحي القيوم) سبحانه قد
أراد وجود الانسان في هذا الكون، فخلق الكون لاجله، وذلك لان الانسان يمكنه ان يدرك جميع الاسماء الالهية الحسنى ويتذوقها بما اودع الله فيه من مزايا وخصائص جامعة.
فهو يدرك - مثلاً - كثيراً من معاني تلك الاسماء بما يتذوق من لذائذ الارزاق المنهمرة عليه، بينما لا يبلغ الملائكة الى ادراك تلك الاسماء بتلك الاذواق الرزقية.
فلأجل جامعية الانسان المهمة يُشعِر(الحي القيوم) الانسان بجميع اسمائه الحسنى، ويعرّفه بجميع انواع احسانه، ويذوّقه طعوم آلائه، فمَنحَه معدةً ماديةً يستطيع بها ان يتذوق ما أغدق عليه من نِعمٍ لذيذة قد بسطها في سُفرة واسعة سعة الارض. ثم وهب له حياة، وجعل هذه الحياة كتلك المعدة المادية تستطيع ان تتنعم بأنواع من النعم المُعَدّة على سُفرة واسعة مفروشة أمامها وتتلذذ بها بما زودها -سبحانه- من مشاعر وحواس لها القدرة ان تمتد - كالايدي - الى كل نعمة من تلك النعم، فتؤدي عند ذلك حقها من انواع الشكر والحمد.
ثم وهب له - فوق معدة الحياة هذه - معدة الانسانية، وهذه المعدة تطلب رزقاً ونعَماً ايضاً.
فجعل العقل والفكر والخيال بمثابة أيدي تلك المعدة
، لها القدرة على بلوغ آفاق أوسع من ميادين الحياة المشهودة ، وعندها تستطيع الحياة الانسانية ان تؤدي ما عليها من شكر وحمد تجاه بارئها حيث تمتد أمامها سُفرةُ النِعَم العامرة التي تسع السماوات والارض
ثم لأجل ان يمدّ امام الانسان سفرة نعمٍ أخرى عظيمة جعل عقائد الاسلام والايمان بمثابة معدة معنوية تطلب ارزاقاً معنوية كثيرة فمدّ سفرة مليئة بالرزق المعنوي لهذه المعدة الايمانية وبَسَطها خارج الممكنات المشاهدة. فضم الاسماء الالهية في تلك السفرة العظيمة.. ولهذا يستشعر الانسان - بتلك المعدة المعنوية - ويتمتع بأذواق رفيعة لا منتهى لها، نابعة من تجليات اسم "الرحمن"واسم "الحكيم"حتى يردد (الحمد لله على واسع رحمته وجليل حكمته).. وهكذا - مكّن الخالق المنعم الانسان - بهذه المعدة المعنوية العظمى - ليستفيد ويغنم نعماً الهية لا حد لها، ولا سيما أذواق محبته الالهية، في تلك المعدة فان لها آفاقاً لا تحد وميادين لا تحصر،وهكذا جعل (الحي القيوم) سبحانه الانسان مركزاً للكون، ومحوراً له، بل سخّر الكون له فمدّ أمامه سفرة عظيمة عظم الكون لتتلذذ انواع معداته المادية والمعنوية.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان :
قيام الكون بسر القيومية على الانسان
اما حكمة قيام الكون بسر القيومية على الانسان - من جهة - فهي للوظائف المهمة الثلاث التي انيطت بالانسان:
الاولى: تنظيم جميع انواع النعم المبثوثة في الكائنات بالانسان وربطها بأواصر المنافع التي تخص الانسان ،كما تنظَّم خرز المسبحة بالخيط، فتُربط رؤوس خيوط النعم بالانسان ومصالحه ومنافعه.
فيكون الانسان بما يشبه فهرساً لأنواع ما في خزائن الرحمة الالهية ونموذجاً لمحتوياتها.
الوظيفة الثانية: كون الانسان موضع خطابه سبحانه بما أودع فيه من خصائص جامعة أهّلته ليكون موضع خطابه سبحانه وتعالى، ومقدّراً لبدائع صنائعه ومعجباً بها، ونهوضه بتقديم آلاء الشكر والثناء والحمد الشعوري التام. على ما بُسط أمامه من أنواع النعم والألاء العميمة.
الوظيفة الثالثة : قيام الانسان بحياته بمهمة مرآة عاكسة لشؤون (الحي القيوم) ولصفاته الجليلة المحيطة، وذلك بثلاثة وجوه :
الوجه الاول: هو شعور الانسان بقدرة خالقه سبحانه المطلقة ودرجاتها غير المحدودة بما هو عليه
من عجز مطلق. فيدرك مراتب تلك القدرة المطلقة بما يحمل من درجات العجز.
ويدرك كذلك رحمة خالقه الواسعة ودرجاتها بما لديه من فقر، ويفهم أيضاً قوة خالقه العظيمة بما يكمن
فيه من ضعف.. وهكذا.
وبذلك يكون الانسان مؤدياً مهمة مرآةٍ قياسية صغيرة لإدراك صفات خالقه الكاملة، وذلك بما يملك من صفات قاصرة ناقصة؛ اذ كما ان الظلام كلما اشتد سطع النور اكثر، فيؤدي هذا الظلام مهمة اراءه المصابيح، فالانسان ايضاً يؤدي مهمة اراءه كمالات صفات بارئه سبحانه بما لديه من صفات ناقصة مظلمة.
الوجه الثاني: ان ما لدى الانسان من ارادة جزئية وعلمٍ قليل وقدرة ضئيلة وتملّك في ظاهر الحال وقابلية على إعمار بيته بنفسه، يجعله يدرك بهذه الصفات الجزئية خالق الكون العظيم ويفهم مدى مالكيته الواسعة وعظيم اتقانه وسعة ارادته وهيمنة قدرته واحاطة علمه.فيدرك ان كلاًمن تلك الصفات انما هي صفات مطلقة وعظيمة لا حدّ لها ولا نهاية. وبهذا يكون الانسان مؤدياً مهمة مرآة صغيرة لأظهار
تلك الصفات وادراكها.
أما الوجه الثالث: من قيام الانسان بمهمة مرآة عاكسة لكمالات الصفات الالهية فله وجهان:
اظهاره بدائع الاسماء الالهية الحسنى المتنوعة وتجلياتها المختلفة في ذاته. لأن الانسان بمثابة فهرس مصغر للكون كله - بما يملك من صفات جامعة - وكأنه مثاله المصغر، لذا فتجليات الاسماء الالهية في الكون عامة نراها تتجلى في الانسان بمقياس مصغر
الوجه الثاني: اداؤه مهمة المرآة العاكسة للشؤون الالهية، أي ان الانسان كما يشير بحياته الى حياة (الحي القيوم) فانه بوساطة ما ينكشف في حياته الذاتية من حواس كالسمع والبصر وامثالها يفهم - ويبيّن للآخرين - صفات السمع والبصر وغيرها من الصفات الجليلة المطلقة (للحي القيوم)
[ كليات رسائل النور - اللمعة الثلاثون - ص: 593 ] [الأنترنت – موقع نافذة النور - قطرة نورية من كليات رسائل النورسي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
قيام الكون بسر القيومية على الانسان
ان الانسان الذي يملك مشاعر دقيقة جداً وكثيرة
جداً - وقد لا تنكشف ضمن حياته وانما عندما يحفَّز او يُثار - فتظهر تلك المشاعر بأشكال متنوعة وانفعالات مختلفة،فانه بوساطة هذه المشاعر الدقيقة والمعاني العميقة يؤدي مهمة عرض الشؤون الذاتية (للحي القيوم) ،فمثلاً: الحب والافتخار والرضى والانشراح والسرور وما شابهها من المعاني التي تتفجّر لدى الانسان في ظروف خاصة، يؤدي الانسان بها مهمة الاشارة الى هذه الانواع من الشؤون الالهية بما يناسب قدسية الذات الالهية
وغناه المطلق وبما يليق به سبحانه وتعالى.
وكما ان الانسان وحدة قياس - بما يملك من جامعية حياته - لمعرفة صفات الله الجليلة، وشؤونه الحكيمة، وفهرس لتجلي اسمائه الحسنى، ومرآة ذات شعور بجهات عدة لذات (الحي القيوم).. كذلك - الانسان - هو وحدة قياس ايضاً لمعرفة حقائق الكون هذا، وفهرس له ومقياس وميزان.
فمثلا : ان الدليل القاطع على وجود اللوح المحفوظ في الكون يتمثل في نموذجه المصغر وهو "القوة الحافظة"لدى الانسان. والدليل القاطع على وجود عالم المثال نلمسه في نموذجه المصغر وهو
"قوة الخيال"لدى الانسان، والدليل القاطع على وجود الروحانيات في الكون ندركه ضمن نموذجها المصغر،وهو "لطائف الانسان وقواه".. وهكذا يكون الانسان مقياساً مصغراً يُظهر عياناً الحقائق الايمانية في الكون بدرجة الشهود.
وهناك مهمات ووظائف وخدمات كثيرة اخرى للانسان فضلاً عمّا ذكرناه؛اذ هو: مرآة لتجلي الجمال الباقي، وداعٍ الى الكمال السرمدي ودالّ عليه. ومحتاجٌ شاكر لأنعم الرحمة الواسعة الابدية.فما دام الجمال باقياً والكمال سرمدياً والرحمة أبدية، فلا بد ان الانسان الذي هو المرآة المشتاقة لذلك الجمال الباقي والداعي العاشق لذلك الكمال السرمدي والمحتاج الشاكر لتلك الرحمة الابدية سيُبعث الى دار بقاء أبدية ليخلد فيها دائماً، ولابد انه سيذهب الى الابد ليرافق الباقين الخالدين هناك ويرافق ذلك الجمال الباقي وذلك الكمال السرمدي وتلك الرحمة الابدية في ابد الاباد. بل يلزم ذلك قطعاً لأن الجمال الابدي لا يرضى بمشتاق فانٍ ومحبٍ زائلٍ. اذ الجمال يطلب محبة تجاهه مثلما يحب نفسه. بينما الزوال والفناء يحولان دون تلك المحبة ويبدلانها الى عداء ،فلو لم يرحل الانسان الى الابد، ولم يبق
هناك خالداً مخلداً فسيجد في فطرته عداءً شديداً
لما يحمل من سر مغروز فيه وهو المحبة العميقة نحو الجمال السرمدي. ان حسناء بارعة الجمال عندما طردت - ذات يوم - احد عشاقها من مجلسها، انقلب عشقُ الجمال لدى العاشق المطرود قبحاً وكرهاً حتى بدأ يسلّى نفسه بقوله: تباً لها ما أقبحها! فانكر الجمال وسخط عليه.
نعم فكما ان الانسان يعادي ما يجهله، فانه يتحرى النقص والقصور فيما تقصر يدُه عنه، ويعجز عن الاحتفاظ به ومسكه.. بل تراه يتحرى فيه عن القصور بشئ من عداء وحقد يضمره، بل يتخذ
مايشبه العداء له.
فما دام الكون يشهد بان المحبوب الحقيقي والجميل
المطلق سبحانه يحبّب نفسَه الى الانسان بجميع اسمائه الحسنى، ويطلب منه مقابل ذلك حباً عظيماً له، فلابد انه سبحانه لايدع هذا الانسان الذي هو محبوبه وحبيبه يسخط عليه، فلا يودع في فطرته ما يثير عداءً نحوه - أي بعدم احداث الاخرة - ولا يغرز في فطرة هذا المخلوق المكرم الممتاز، المحبوب لدى الرب الرحيم والمخلوق اصلاً للقيام بعبادته، ما هو منافٍ كلياً لفطرته من عداء خفي، ولا يمكن ان يحمّل روحه سخطاً عليه سبحانه قط؛ لأن الانسان لا يمكنه ان يداوى جرحه الغائر الناشئ من فراقه
الابدي عن جمال مطلق يحبّه ويقدّره الا بالعداء
نحوه، أو السخط عليه، أو انكاره؛ وكون كفرالكفار
اعداء الله نابع من هذه الزاوية؛لأجل هذا فسيجعل ذلك الجمال الازلي حتماً هذا الانسان الذي هو مرآة مشتاقة اليه مبعوثاً الى طريق أبد الآباد، ليرافق ذلك الجمال المطلق والبقاء والخلود، ولا ريب انه سيجعله ينال حياة باقية في دار باقية خالدة.
وما دام الانسان مشتاقاً فطرةً لجمال باقٍ وقد خُلقَ محباً لذلك الجمال.. وان الجمال الباقي لا يرضى بمشتاق زائل.. وان الانسان يسكّن آلامه وأحزانه الناجمة عما لا تصل اليه يدُه او يعجز عن الاحتفاظ به او يجهله، بتحري القصور فيه بل يسكّنها بعداء خفي نحوه، مسلياً نفسه بهذا العداء..وما دام الكون قد خُلق لاجل هذا الانسان، والانسان مخلوق للمعرفة الالهية ولمحبته سبحانه وتعالى؛وخالق الكون سرمديٌ باسمائه الحسنى وتجلياته باقية دائمة.. فلا بد ان هذا الانسان سيُبعث الى دار البقاء والخلود، ولا بد ان ينال حياة باقية دائمة. هذا وان الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم وهو الانسان الاكمل والدليل الاعظم على الله قد أظهر
جميع ما بيّناه من كمالات الانسان وقيمته ومهمته ومثله، فأظهر تلك الكمالات في نفسه، وفي دينه، بأوضح صورة وأكملها، مما يدلنا على: ان الكائنات مثلما خُلقت لأجل الانسان،أي انه المقصود الاعظم من خلقها والمنتخب منها، فان اجلّ مقصود من خلق الانسان ايضاً وافضل مصطفى منه، بل أروع واسطع مرآة للأحد الصمد انما هو محمد عليه وعلى آله وأصحابه الصلاة والسلام بعدد حسنات أمته...
[ كليات رسائل النور - اللمعة الثلاثون - ص: 593 ] [الأنترنت – موقع نافذة النور - قطرة نورية من كليات رسائل النورسي ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع القيوم وستكون بعنوان :
“القيومية” “والسببية” وأساس بناء التدين
الدين هو المعيار الأول لمقياس أعمال المؤمن، وعلى ضوء التعاليم الدينية يَقدُم المسلم أو يحجم! لكن على أي أساس يبني الشرع تديّنَ المسلم؟
أيقول لك الدين اتخذ الأسباب ثم ادع، أو اعتمد على الدعاء، وحسبك الله؟!فكّر في تربية الأولاد أولا، وتكاليفها والقدرة عليها، أم أنجب من الأولاد ما كتب لك فالرزق بيد الله ؟! لدراسة ذلك نقف
على بعض ما يأتي: *العلم بين الوحي والعقل
معرفة المجهول تتم بإدراك كُنهه وحقيقته عبر مصادر المعرفة ووسائله. ووسائل الإدراك هي :
السمع والبصر والفؤاد: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً. } ، ومصادر المعرفة اثنان: أولهما الوحي المعني بهداية الخلق إلى ربهم وإرشادهم؛ ولا يهتم بكشف حقائق الطبيعة، كبناء بيت وصنع طائرة..، وترك ذلك للناس.
والمصدر الثاني من مصادر المعرفة هو الكون وما فيه من ظواهر، ويشترك فيه جميع البشر، بخلاف الأول، إذ لا يتوقف إدراكه على إيمان أو وحي، وأقره الإسلام في أدلة وجود الله والإيمان عموماً. {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ...... لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يعقلون } ، { أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ }، ربط القرآن هنا العلم والفهم والكشف بـ التعقل والتفكر والتدبر في هذه المصادر.
*إشكالية العقل والوحي في ثوبه الجديد
من المواضيع التي أصبحت من المسلمات باسم العلم الاطمئنان على جنس الجنين بخبرالطبيب وأجهزته
، وأن درجة الزلزال والفيضان في المنطقة الفلانية ستكون كذا في وقت كذا، والحديث عن التلوث البيئي وأنه أمر قطعي، وتأثير ضعف التغذية وسوء التهوية على النمو المثالي.. فلعل مثل هذه الأمور التي يتم الحديث عنها باسم العلم التطبيقي أو الطبيعي نتيجة التطور العلمي إلى درجة ما لا ينكر؛ من الإشكالات الحديثة التي توقظ من جديد إشكالية العقل والوحي؛ نظرا إلى أن الوحي له موقف معين تجاه هذه الأمور. إذ ثمة عناية ربانية، لا يهتدي لها
العلم التطبيقي.
*الإيمان بقيومية الله والإقرار بسنة السببية
يقتضي الإيمان بالله تعالى وصفَه بكل كمال وتنزيهه عن كل نقص، وذلك دلالة الربوبية والألوهية. وعليه، فإن المسلم يعتقد أن كل شيء في الكون بقدرة الله ومشيئته، وأن الله حي قيوم، وأنه كل يوم في شأن وتدبير. لا ضار ولا نافع إلا هو، وعليه يتوكل المسلم وبه يستعين. وإن الله يصنع الصانع وصنعته. ومن هنا يرتبط القلب بالله ولا يريد إلا رضاه ولايدعو إلا هو،ولهذا يؤمن بالبركة،وبالتوكل ، وبالعناية الربانية وغيرها!
لكن في الوقت نفسه، لا معنى للكلام السابق إلا باتخاذ الأسباب وليس ذلك تناقضا لما قيل،بل إن الله ربط القيومية باتخاذ الأسباب”سنة السببية”. لذلك يُعرف عكس هذه العادة بالخوارق كمعجزة وكرامة أو استدراج. ومن هنا: لا معنى لطلب الرزق من الله دون عمل، “فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة”. ولا معنى للتوكل دون جهد؛ “اعقلها وتوكل”. ويستوي المؤمن وغير المؤمن في السببية، بخلاف القيومية، فإن القدر الكوني يقع مع السببية نسبة (1+1= 2)، ما لا يقع بالاتكال على مجرد البركة والتوفيق والتضرع.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع القيوم وستكون إسنكمالا للماضية والتي هي بعنوان :
“القيومية” “والسببية” وأساس بناء التدين
*إشكالية الفصل بين القيومية والسببية
من ذلك أن الكافر يحقق مأربه باتخاذ أسبابه، وينجح في ذلك رغم كفره ، ولا يحقق المؤمن مأربه
بالقيومية عند انعدام الأسباب، والحضارة المادية خير دليل!!
وهذا يجعل السببية أقرب إلى عين الإنسان من القيومية بحكم المادة، {كلا بل تحبون العاجلة}.
ومن الإشكالية أن عدم التريث والتفطن يجعل الإنسان مغرورا؛ {إنما أوتيته على علم }، اتخذت الأسباب فحققت ما أريد، وظالماً { أنطعم من لو يشاء الله أطعمه } وربما ينحدر الإنسان بذاك نحو الإلحاد {ما علمت لكم من إلهي غيري } { أليس لي ملك مصر.}
ومن الإشكالية أيضا التصوف السلبي، والزهد العجزي، والتقليل من شأن رسم خطط عملية لمئات السنين، وعدم اتخاذ الأسباب باسم القدر أو القيومية.
ومنه أيضا التخدير وعدم الجدية في العمل ، والاهتمام بالشكليات وسفاسف الأمور، ومحاولة إنجازما ينجزه الغير بأوهن الأسباب وأقل الخسائر، والظن بذلك أن الأسباب اتخذت !!
*بماذا يربط المسلم تدينه ؟
حث الإسلام في كثير من الآيات والأحاديث على الزواج مثلا، وعلى التعدد لتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لكن هل المسلم مطالب بربط هذه الآيات والأحاديث (قدر وقيومية) بما هو ظاهر من أعباء الزواج، ومسؤوليات الأولاد، أم عليه أن يعقلها ويعرف مدى أهبته واستعداده الواقعي لذلك “السببية.”؟!
*حث الإسلام كذلك على الدعاء (قيومية) لكن شرط فيه ولا تعتدوا “السببية”، يعني “ولا تعتدوا” لا تدعو بأشياء غير ممكنة عادة كإرجاع الشيخ شابا، وأن تكون باريس عاصمة إيطاليا! وهل يُعِد المسلم ما استطاع من قوة، أم يدعو اللهم دمر وزلزل وأهلك ؟!
يُرى أن العمل بالسببية فقط كفران، والعمل بالقيومية فقط نقصان، والإنسان سيقدم على هذا أو ذاك وفق ظرفه، والمؤمن الحق من وُفق لخير الأمرين، والدنيا ليست في الحقيقة إلا التنازع بين هذا وذاك {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسرواأنفسهم }.
[الأنترنت- موقع إسلام أون لاين - سيكو توري]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الستون في موضوع القيوم وستكون بعنوان :
الفوائد المسلكية من الإيمان باسم الله : (الحي القيوم):
أولاً: محبته سبحانه وحمده وإجلاله وتعظيمه.
ثانيًا: التبرؤ من الحول والقوة والافتقار التام لله - عز وجل - وإنزال جميع الحوائج بالله - عز وجل - وإخلاص الاستعانة والاستغاثــة والاعتصام لله - عز وجل - وقطع التعلق بالمخلوق الضعيف المربوب لله تعالى المفتقر إلى ربه - عز وجل - الفقر الذاتي التام. ولذا وردت الاستغاثة باسمه (الحي القيوم)، كما جاء في الحديث: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: « انتظم هذان الاسمان صفات الكمال والغنى التام، والقدرة التامة، فكأن المسـتغيث بهما مستغيث بكل اسـم من أسماء (الرب) تعالى وبكل صـفة من صـفاته فما أولى الاستغاثة بهذين الاسمين أن يكونا في مظنة تفريج الكـربات وإغـاثة اللهفات وإنالة الطلبات».
ثالثا:ومع ظهور آثار قيوميته سبحانه لكل شيء من المخلوقات جامدها، ومتحركها، فاجرها، وتقيها إلا أن لآثار قيوميته سبحانه بأوليائه وبمن أحبه شأنًا آخر وطعمًا خاصًا يظهر في حفظه ولطفه ورعايته بعباده المتقين، وهذا يقتضي محبة الله - عز وجل - المحبة التامة، والركون إليه، والتعلق به وحده، والسكون إليه، والرضا بتدبيره.. وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «هو سبحانه (القيوم) المقيمُ لكلِّ شيءٍ من المخلوقات - طائعِها وعاصيها - فكيف تكون قيوميته بمن أحبَّه وتولاه؛ وآثره على ما سواه، ورضي به من دون الناس حبيبًا، وربّاً، ووكيلا،ً وناصرًا، ومعينًا، وهاديًا؟»(طريق الهجرتين).
رابعا: لاسم (الحي القيوم) تأثير خاص في إجابة
الدعوات، وكشف الكربات كما جاء في الحديث السابق، وكما جاء في السنن، وصحيح ابن حبان من حديث أنس رضي الله عنه : «أن رجلاً دعا فقال: اللَّهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم. فقال النبي: (لقد دعا باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى)
(انظر _فضلا_ آثار الإيمان باسمه سبحانه الحي. )
خامسًا: الخوف منه سبحانه ومراقبته لأنه القائم على كل نفس، المتولي أمرها، الحافظ لأعمالها الذي لا يخفى عليه شيء من أمرها.
يقول الشوكاني _رحمه الله تعالى _عند قوله تعالى: (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله
شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد) (الرعد 33)
: القائم الحفيظ والمتولي للأمور، وأراد سبحانه نفسه فإنه المتولي لأمور خلقه، المدبر لأحوالهم بالآجال والأرزاق، وإحصاء الأعمال على كل نفس» ( فتح القدير 3/120)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع القيوم وستكون بعنوان :الدعاء باسم الله القيوم دعاء مسألة وعبادة:
ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق مقترنا باسم الله الحي في الأحاديث السابقة، أما دعاء المسألة بالوصف فقد ورد عند البخاري من حديث ابن عباس قال: ( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ الليْلِ يَتَهَجَّدُ قال: اللهمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الحَمْدُ .. اللهمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَوْ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ )
*الدعاء باسم الله القيوم دعاء عبادة :
إذا علم العبد الذليل أن الله تعالى قيوم قائم بالقسط والتدبير ومنفرد بالمشيئة والتقدير عنده خزائن كل شيء، لا ينزله إلا بقدر معلوم، وأنه كفيل بأمره ورزقه، اعتمد على ربه في كل شيء، ووثق به دون كل شيء، وقنع منه بأدنى شيء، وصبر على ما ابتلاه به، فلا يطمع في سواه، ولا يرجو إلا إياه، ولا يشهد في العطاء إلا مشيئته ولا يرى في المنع إلا حكمته، ولا يعاين في القبض والبسط إلا قدرته وقيوميته، فيكثر من دعائه وذكره لاسيما إذا حزبه هم أو لحقه كرب، وتقدم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ( كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ، وفي رواية أخري إذا حزبه أمر قَال: يَا حَيُ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ
وقد ثبت في السنة أن أعظم آية في كتاب الله هي آية الكرسي، ومن أسرار عظمتها اشتمالها على اسم الله الأعظم وهو الحي القيوم، فمن قرأها قبل نومه تكفل الله بحفظه فلا يقربه شيطان حتى يصبح، روى الإمام البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه
وسلم بحفظ زكاة رمضان – وذكر الحديث إلى -
قال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها ، قلت ما هو ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك ، فاقرأ آية الكرسي : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } . حتى تختم الآية ، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح ، فخليت سبيله فأصبحت ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما فعل أسيرك البارحة ) . قلت : يا رسول الله ، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله ، قال : ( ما هي ) . قلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك ، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم : { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } . وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ) . قال : لا ، قال : ( ذاك شيطان ) .
ويؤخذ من هذا الحديث أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن، وأن الكذاب قد يصدق، وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها، وتؤخذ عنه فينتفع بها، وقد علم الشيطان أن استعانة الإنسان بالحي القيوم يبقيه قائما بربه فلا يقدر على القرب منه [ الأنترنت – موقع الراقيا ت ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : لوازم القيومية
واعلم أنه لما ثبت كونه سبحانه قيوما، فهذه القيومية لها لوازم، ويجملها في خمس، أوجزها فيما يلي:
اللازمة الأولى: أن واجب الوجود واحد، وهو الله تعالى، بمعنى أن ماهيته غير مركبة من الأجزاء،
إذ لو كانت كذلك لافتقرت إلى كل جزء منها، وكل جزء غيره سبحانه، والمركب متقوم بغيره، فلا يكون إذا متقوما بذاته، ولا مقوما لسواه،ومن ثم لا يكون على الإطلاق قيوما.
اللازمة الثانية:أن لا يكون سبحانه في محل، فيكون حالا، والحال مفتقر إلى المحل، وإذا كان مفتقرا فلا يكون على الإطلاق قيوما.
اللازمة الثالثة: ما دام أنه سبحانه قيوم، فهو قائم
بنفسه، عالم بذاته، وذاته مؤثرة في غيره، وهذا
يقتضي علمه بكل الموجودات، فكان قيوما عليها.
اللازمة الرابعة: ما دام أنه سبحانه قيوم على كل
ما سواه،فكل ما سواه متقوم به،أي موجود بإيجاده.
اللازمة الخامسة: وما دام أنه سبحانه قيوم بالنسبة إلى كل الممكنات، استند كل الممكنات إليه.
وإذا عرفت هذا، فالقيوم من حيث إنه يدل على تقومه بذاته يدل على وجوده الخاص به، ويدل على استغنائه عن غيره [ الأنترنت – موقع مفهوم الأسماء والصفات ]
* إقتران الأسم القيوم بالاسم الحي
قال تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ.
قال ابن القيم رحمه الله: فهو (الحي القيوم) الذي لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم، مالك السموات والأرض الذي لكمال ملكه لا يشفع عنده أَحد إِلا بإِذنه
وقال: فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال ولا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة فإذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها استلزم إثباتها إثبات كل كمال يضاد نفي كمال الحياة وبهذا الطريق العقلي أثبت متكلمو أهل الإثبات له تعالى صفة السمع والبصر والعلم والإرادة والقدرة والكلام وسائر صفات الكمال، وأما (القيوم) فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته وهذا من كمال قدرته وعزته فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال والغنى التام والقدرة التامة فكأن المستغيث بهما مستغيث بكل اسم من أسماء الرب تعالى وبكل صفة من صفاته فما أولى الاستغاثة بهذين الاسمين أن يكونا في مظنة تفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإنالة الطلبات
وقال أيضاً: معنى اسمه القيوم، وهو الذي قام بنفسه فلم يحتج إلى أحد، وقام كل شيء به، فكل ما سواه محتاج إليه بالذات، وليست حاجته إليه معللة بحدوث، كما يقول المتكلمون، ولا بإمكان، كما يقول الفلاسفة المشاءون، بل حاجته إليه ذاتية، وما بالذات لا يعلل.
وقال في موضع آخر: وأنه تعالى هو القائم بنفسه المقيم لغيره القائم عليه بتدبيره وربوبيته وقهره وإيصال جزاء -المحسن إليه وجزاء المسيء إليه وأنه بكمال قيوميته لا ينام ولا ينبغي له أن- ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يضل ولا ينسى. وهذا المشهد من أرفع مشاهد العارفين، وهو مشهد الربوبية[ الأنترنت – موقع الدرر السنية]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع القيوم وستكون بعنوان : النفخ في الصور وقيام الساعة
قال تعالى:(ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) الزمر68، (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) قال يحيى بن سلام في تفسيره : بلغني أن آخر من يبقى منهم : سيدنا جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ثم يموت جبريل وميكائيل واسرافيل، ثم يقول الله عز وجل لملك الموت : مت يا ملك الموت فيموت وقد جاء هذا مرفوعا في حديث أبي هريرة الطويل على ما يأتي: وقيل هم حملة العرش وجبريل وميكائيل وملك الموت . وعن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يطوى الله السماء والارض يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوى الارض بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون ؟ اين المتكبرون ؟،ثم يقول الله عز وجل ( لمن الملك اليوم ؟ ) فيجيب نفسه المقدسة بقوله (لله الواحد القهار) وفي حديث أبي هريرة : ( ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل فينفخ نفخة الصعق فيصعق من في السموات والارض فإذا إجتمعوا أمواتا جاء ملك
الموت إلى الجبار فيقول ؛ قد مات أهل السماء
والارض إلا من شئت فيقول الله عز وجل وهو أعلم من بقى ؟ فيقول : يا رب : بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقى حملة العرش وبقى جبريل وميكائيل واسرافيل وبقيت أنا فيقول الله عز وجل ليمت جبريل وميكائيل فيقول إسكت إني كتبت الموت على كل من تحت عرشى فيموتان فيقول الله عز وجل : هل بقى من خلقى أحد يا ملك الموت فيقول لايبقى الا انا فيقول له المولى عز وجل مت يا ملك الموت. (ونفخ في الصور فإذا هم من الاجداث الى ربهم
ينسلون ) وهذه هي النفخة الثانية نفخة البعث يخرجون مسرعين وبين النفختين أربعين عاما يخرجون الناس من قبورهم مسرعين ويقول عكرمة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الذين يغرقون في البحر تقتسم لحومهم الحيتان فلا يبقى منهم شئ إلا العظام فتلقيها الامواج الى الساحل فتمكث حينا ثم تصير حائلة أى بالية نخرة ثم تمر بها الإبل فتأكلها ثم تسير الابل فتبعر ثم يجئ قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر فيوقدونه ثم تخمد تلك النار ثم يجئ الريح فيلقى ذلك الرماد على الارض فإذا جاءت النفخة (فإذا هم قيام ينظرون).
ويوم المحشر يكون الناس شباب في سن ثلاثة وثلاثين يقول الله تعالى : مهطعين الى الداع يقول الكافرون (هذا يوم عسر) ويقول ايضا : (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) فيقف العباد عراة غلفا كما ولدتهم أمهاتهم فأول من تنشق عنه الإرض يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم ففي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم ( أنا أول من تنشق عنه الارض يوم القيامة ، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر وأول من يركع ويسجد تحت عرش الرحمن ولا فخر وأول شافع مشفع ولا فخر وأنا سيد الاولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين) وفي حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إذا قامت الساعة أنحط ملك الحسنات وملك السئات فأنشطا كتابا معقودا في عنقه ثم حضر معه واحد سائق والآخر شهيد ) أي أن العبد المؤمن حين يبعث من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له: لاتخف ولا تحزن وأبشر بالجنة التي كنت توعد ، قال فأمن الله خوفه وأقر الله عينه
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع القيوم وستكون إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : النفخ في الصور وقيام الساعة
وفي الحديث الشريف يقول ( إن المؤمن إذا خرج من قبره أستقبله عمله في أحسن صورة وأطيب ريح فيقول هل تعرفني فيقول : لا إن الله قد طيب ريحك وحسن صورتك فيقول كذا كنت في الدنيا : أنا عملك الصالح ركبتك في الدنيا إركبني اليوم ثم تلا قول الله تعالى : ( يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا) وإن الكافر يستقبله عمله في أقبح صورة وأنتن ريح فيقول هل تعرفني ؟لا إلا ان الله قد قبح صورتك ونتن ريحك فيقول : كذلك كنت في الدنيا ويقول الله تعالى :( وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون ) وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أين يكون الناس حينما (تبدل الارض غير الارض والسموات) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها (على الصراط) أخرجه الترمذي والصراط جسر قريب من جهنم ، الكافر يقذف في جهنم والمؤمن يمر على الصراط على قدر عمله ويدخل الجنة باذن الله فمنهم من يمر على الصراط كالبرق والريح ومنهم من يحبو ومنهم من تتخطفهم كلاليب جهنم مثل الكفار والمنافقين.
فهذ اليوم يوم عصيب : يوم يقال فيه للظالم توقف وللمظلوم تقدم يوم تقول الأم لوليدها يا بني كان ثدي لك سقاء وكان بطني لك وعاء وحجرى كان لك غطاء الا أجد معك حسنة ؟ فيقول لا يا أماه إنني أشكو ممن منه تشكين ويقول الأب لإبنه يا بني كنت بك برا وعليك منفقا ألا أجد معك حسنة
فيقول لا يا أبتاه إنني أشكو ممن منه تشكو.
ويوم المحشر في قوله تعالى: (واستمع يوم يناد المنادي من مكان قريب) وقيل أنها صخرة بيت المقدس قال الله تعالى لصخرة بيت المقدس: (لأضعن عليك عرشي ولأحشرن عليك خلقي وليأتينك يومئذ داود راكبا ) رأى بعض العلماء في قوله تعالى:( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب ، قال انه ملك قائم على صخرة بيت المقدس فينادي : أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة ويا عظاما نخرة ويا أكفانا فانية ويا قلوبا خاوية ويا أبدانا فاسدة وياعيونا سائلة قوموا لعرض رب العالمين قال قتادة : المنادي هو صاحب الصور وقيل المنادي هو جبريل عليه السلام من الصخرة من بيت المقدس. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والستون وهي الأخيرة في موضوع القيوم وهي بعنوان : قيام الساعة
وروي من حديث معاذ بن جبل قال: قلت يا رسول الله أرأيت قول الله تعالى :( يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا معاذ ابن جبل لقد سألت عن أمر عظيم ثم أرسل عينه بالبكاء والدموع ثم قال: تحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا قد ميزهم الله من جماعات المسلمين وبدل صورهم فمنهم على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكسون؛ ارجلهم أعلاهم ووجوههم يسحبون عليها وبعضهم عمي يتردون وبعضهم صم بكم لايعقلون. وبعضهم يمضغون ألسنتهم مدلاة على صدورهم يسيل منها القيح من أفواههم وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم وبعضهم مصلبون على جذوع النار وبعضهم أشد نتنا من الجيف وبعضهم يلبسون جلاليب سابغة أي مغطاة من القطران ونوضح ذلك :
1ـ فالذين على صورة القردة فالقتات من الناس يعنى (النمام) 2ـ وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت والحرام.
3ـ وأما المنكسون رؤسهم ووجوههم فأكلة الربا.
4ـ والعمي من يجور في الحكم .
5ـ والصم والبكم الذين لايعقلون الذين يعجبون بأعمالهم.
6ـ والذين يمضغون ألسنتهم هم العلماء والقصاص الذين يخالف قولهم فعلهم.
7ـ والمقطعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران.
8ـ والمصلبون على جذوع النار السعاة بالناس الى الحكام.
9ـ والذين هم أشد نتنا من الجيف الذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق الله في أموالهم.
10ـ والذين يلبسون الجلابيب فأهل الكبر والفخر والخيلاء جلابيب من قطران والعياذ بالله اللهم أجرنا من النار ومن عذاب النار يا عزيز يا غفار. بقلم عبدالرحمن عبدالرحيم [الأنترنت –موقع من مشاهد يوم القيامة ]
فهذه حال العباد يوم القيامة، وهذه مساكنهم، وهم بحسب أعمالهم إليها راجعون: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ
يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)} [الروم]
إن التكاثر في الأموال والأولاد واتباع الشهوات
شغل أهل الدنيا، وألهاهم عن الله والدار الآخرة، حتى حضرهم الموت وهم غافلون عما به فوزهم وفلاحهم: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [التكاثر].[الأنترنت – موقع الكلم الطيب]
وفي ختام هذا الموضوع المهم ( القيوم ) نحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات ، ونسأل الحي القيوم الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد : العافية والمعافاة الدائمة في الدنيا
والآخرة ، وأن يجعله علما نافعا وعملا صالحا متقبلا
إن أحسنت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمع وتأليف الدكتور / مسفر بن سعيد دماس الغامدي