الخــــبير

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

    إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }  آل عمران  / 120 { ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }النساء  / 1  { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب  / 70 ، 71  وبعد :  فهذه الحلقة الأولى في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته

إن أجلّ المقاصد وأنفع العلوم: العلم بمعاني أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، فإن التعرّف على الله تعالى من خلال تعلم أسمائه وصفاته يورث العبد محبة الله وخشيته، ويوجب له تعظيمه وإجلاله. قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  -رضي الله عنه- : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ ). [ رواه البخاري (2736) ومسلم  (2677) ] وفي رواية: ( لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِنَّ اللهَ وِتْرٌ، يُحِبُّ الْوِتْرَ )  البخاري (6410) ومسلم (2677) ] والحفظ والإحصاء يكون بمعرفتها لفظاً ومعنى والقيام بحقها والدعاء بها.

قال ابن القيم  -رحمه الله- : في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها

 دخل الجنة، وهذا هو قطب السعادة ومدار النجاة والفلاح

المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها

المرتبة الثانية: فهم معانيها، ومدلولها

المرتبة الثالثة: دعاؤه بها كما قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) وهو مرتبتان:

أحدهما: دعاء ثناء وعبادة.

والثاني: دعاء طلب ومسألة، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته

العلا، وكذلك لا يسأل إلا بها، فلا يقال: يا موجود، أو يا شيء أو يا ذات اغفر لي وارحمني، بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسلا إليه بذلك الاسم. [ بدائع الفوائد1/ 164]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته

ولنا مع هذا الموضوع المهم عدة محاور ووقفات:

 المحور الأول: خطورة الجهل بالله وأسمائه وصفاته:

مع أهمية هذا الجانب وجلالة قدره، إلا أنك تلحظ غفلة عنه، وتقصيرا في معرفة وتعلم  أسماء الله وصفاته، وإهمال التعبّد والدعاء بها، وضعف الالتفات إلى ما تقتضيه هذه الأسماء الحسنى من الآثار والثمرات؛ قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [الزمر: 67]

قال شيخ الإسلام  -رحمه الله- : الجهل بالله سُمٌّ مُهلك[ شرح العقيدة الأصفهانية (ص: 166)] وَفِى الجهلِ قَبْلَ الموْتِ مَوْتٌ لأَهْلِه. . . وَأَجْسَامُهُمْ، قَبْلَ القُبُورِ، قُبُورُ وَأَرْوَاحُهُمْ في وَحْشَةٍ مِنْ جُسُومِهم. . . وَلَيْسَ لَهُمْ حَتَّى النُّشُورِ نُشُورُ

1- أجهل الناس من لم يعرف ربه :

كل إنسان يستنكف أن ينسب إلى الجهل  أو يقال له يا جاهل!. . . تخيل إنسانا لا يعرف أباه ولا يعرف صفاته ولا أسمائه، فما بالك بمن جهل ربه؟!

لو توصل الإنسان إلى أعلى درجات العلم الدنيوي ولم يتعرف على ربه فهو أجهل الناس

قال ابن القيم  -رحمه الله- : لو عرف العبدُ كلَّ شيء ولم يعرف ربه، فكأنه لم يعرف شيئا[ إغاثة اللهفان( 1/ 68)]

2 - الجهل بالله سبب كل جريمة  على وجه  الأرض :

إنَّ أغلظ الحجب عن الله هو الجهل به؛ فالمرء عدو ما يجهل، فمن لا يعرفون الله يكرهونه، من لا يعرفون الله يعبدون الشيطان من دونه

قَالَ بشر الحافي: لو فكّر النَّاس فِي عَظمَة الله مَا عصوه[ مفتاح دار السعادة (1/ 180)] - فما كفر مَن كفر إلا لجهله بالله

- وما ضل من ضل إلا لجهله بالله - وما قصَّر من قصَّر، ولا أعرض من أعرض، ولا انتكس من انتكس إلا لجهله بالله - وما عصى من عصى، ولا تجرأ متجرأ، ولا حارب الله من حاربه إلا لجهله بالله، قال تعالى: { مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج: 74]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته - محاور ووقفات

3- الجهل بالله أظهر  دليل على موت القلب وفساده:

قال ابن القيم  -رحمه الله- : القلب الميت الذى لا حياة به، هو قلب مَن لا يعرف ربه، ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته ولذاته؛ ولو كان فيها سخط ربه وغضبه. [إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 9)]

المحور الثاني: أهمية  العلم بأسماء الله وصفاته:

1-  العلم بأسماء وصفاته أشرفُ العلوم وأفضلُها وأعلاها مكانةً وأجلُّها شأناً، وشرف العلم وفضلُه من شرف معلومه، ولا أشرف وأفضل من العلم بالله وأسمائه وصفاته الواردة في الكتاب والسنة، ولهذا فإنَّ الاشتغال بفهمه والعلم به والبحث عنه اشتغال بأشرف المطالب وأجلِّ المقاصد.

قال ابن القيم  -رحمه الله- : العلم بِاللَّه وأسمائه وَصِفَاته هُوَ أشرف الْعُلُوم على الإطلاق وَهُوَ مَطلُوب لنَفسِهِ ومُرَاد لذاته قَالَ الله تَعَالَى:

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12]

فَهَذَا الْعلم هُوَ غَايَة الْخلق الْمطلُوبَة[ مفتاح دار السعادة (1/ 178)]

وقال  -رحمه الله- : شرف الْعلم تَابع لشرف معلومه لوثوق النَّفس بأدلة وجوده وبراهينه ولشدة الْحَاجة إِلَى مَعْرفَته وَعظم النَّفْع بهَا وَلَا ريب أنَّ أجلَّ مَعْلُوم وأعظمه وأكبره هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَالمين. [ مفتاح دار السعادة (1/ 86)]

2- أول  فرض على العباد توحيد الله، ولا يتم إلا بالعلم بالله وأسمائه وصفاته:أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبِيدِ. . . مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيدِ[ معارج القبول بشرح سلم الوصول (1/ 29)]

يقول قوام السنة الأصفهاني  -رحمه الله- : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَوَّلُ فَرْضٍ فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ مَعْرِفَتُهُ فَإِذَا عَرَفَهُ النَّاسُ عَبَدُوهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله}. فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْرِفُوا أَسْمَاءَ اللَّهِ وَتَفْسِيرَهَا فَيُعَظِّمُوا اللَّهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ.

قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ إِلَى رَجُلٍ أَوْ يُزَوِّجُهُ أَوْ يُعَامِلُهُ طَلَبَ أَنْ يَعْرِفَ اسْمَهُ وَكُنْيَتَهُ، وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَسَأَلَ عَنْ صَغِيرِ أَمْرِهِ وكبيره، فَالله الَّذِي خلقنَا ورزقنا وَنحن نرجوا رَحْمَتَهُ وَنَخَافُ مِنْ سَخَطِهِ أَوْلَى أَنْ نَعْرِفَ أَسْمَاءَهُ وَنَعْرِفَ تَفْسِيرَهَا[ الحجة في بيان المحجة (1/ 134)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته - محاور ووقفات

3- العلم بأسماء الله وصفاته هو أساس الإسلام وقاعدة الإيمان

يقول ابن القيم  -رحمه الله- : لَا يَسْتَقِرُّ لِلْعَبْدِ قَدَمٌ فِي الْمَعْرِفَةِ - بَلْ وَلَا فِي الْإِيمَانِ - حَتَّى يُؤْمِنَ بِصِفَاتِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَيَعْرِفَهَا مَعْرِفَةً تُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْجَهْلِ بِرَبِّهِ، فَالْإِيمَانُ بِالصِّفَاتِ وَتَعَرُّفُهَا: هُوَ أَسَاسُ الْإِسْلَامِ، وَقَاعِدَةُ الْإِيمَانِ، وَثَمَرَةُ شَجَرَةِ الْإِحْسَانِ، فَمَنْ جَحَدَ الصِّفَاتِ فَقَدْ هَدَمَ أَسَاسَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَثَمَرَةَ شَجَرَةِ الْإِحْسَانِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ

الْعِرْفَانِ[ مدارج السالكين (3/ 324)]

ويقول الشيخ السعدي  -رحمه الله- : حقيقة الإيمان، أن يعرف الرب الذي يؤمن به، ويبذل جهده في معرفة أسمائه وصفاته، حتى يبلغ درجة اليقين، وبحسب معرفته بربه يكون إيمانه، فكلما ازداد معرفة بربه ازداد إيمانه وكلما نقص، نقص. وأقرب طريق يوصله إلى ذلك، تدبر صفاته وأسمائه من القرآن. [ تفسير السعدي (ص: 35)]

4- تمام العبادة وكمالها متوقف على معرفة الله

قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]

قال الشيخ السعدي  -رحمه الله- : تمام العبادة، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم[ تفسير السعدي (ص: 813)]

5- مدار القرآن على  ذكر أسماء الله وصفاته وآثارها

القرآنُ كلّه يدعو الناسَ إلى النظر في صفات الله وأفعالِه وأسمائه؛ قال شيخ الإسلام  -رحمه الله- : القرآن فيه من ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة[ درء تعارض العقل والنقل (5/ 310)]

6- فاضل الله تعالى بين آيات القرآن وسوره  لما احتوته من ذكر أسمائه وصفاته

 قال شيخ الإسلام  -رحمه الله- : الآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته أعظم قدرا من آيات المعاد، فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك؛ كما في حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ  -رضي الله عنه- ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ ) قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ ) قَالَ: قُلْتُ: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: (وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ)[ رواه مسلم (810)]

وأفضل سور القرآن سورة أم القرآن، كما في حديث أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى  -رضي الله عنه- ، أنه قال: قَالَ لِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي القُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. . . . قَالَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}. هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ )[رواه البخاري (4474)] وقد ثبت في الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- من غير وجه أن: {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن[ روى ذلك البخاري (6643)] من حديث أبي سعيد  -رضي الله عنه- ، ومسلم(811) و (812) من حديث أبي الدرداء وأبي هريرة -رضي الله عنهما-.

وثبت في الصحيح أنه بشر الذي كان يقرأها ويقول: إني لأحبها لأنها صفة الرحمن: بأن الله يحبه[ رواه البخاري (7375) ومسلم (813)] من حديث عائشة  -رضي الله عنها- ؛ فبين أن الله يحب من يحب ذكر صفاته

 سبحانه وتعالى، وهذا باب واسع.[ درء تعارض العقل والنقل (5/ 312)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته - محاور ووقفات

المحور الثالث: ثمرات  معرفة الله تعالى والعلم بأسمائه وصفاته

1- أطيب ما في الدنيا

قال ابن القيم  -رحمه الله- : ما طابت الدنيا إلا بمعرفة الله ومحبته، ولا الجنة إلا برؤيته ومشاهدته.[ مدارج السالكين(3/ 292)]

وقال شيخ الإسلام  -رحمه الله- : مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها؟ قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله تعالى ومعرفته وذكره. [ الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 48)]

2- على قدر علم العبد بربه على قدر خشيته له

قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]

وهذا ما يسمى بهيبة الجلال، فإنها متعلقة بذات الله وصفاته، وكلما كان عبده به أعرف وإليه أقرب، كانت هيبته وإجلاله في قلبه أعظم، وهي أعلى من درجة خوف العامة[ مدارج السالكين (1/ 512)]

وقال أحمد بن عاصم: من كان بالله أعرف كان له أخوف[ مدارج السالكين (3/ 317)]

قال ابن القيم  -رحمه الله- : كلما كان العبد بالله أعرف كان له أشد خشية، وكلما كان به أجهل كان أشد غرورا به وأقل خشية.[ إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 256)] وها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ تقول عَائِشَة  -رضي الله عنها- : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَمَرَهُمْ، أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ، قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: ( إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا ) [ رواه البخاري (20)]

3- من كان لله أعرف كان له أشد وأكثر حبا

قال ابن القيم  -رحمه الله- : كل من عرف الله أحبه، وأخلص العبادة له ولا

 بد، ولم يؤثر عليه شيئا من المحبوبات، فمن آثر عليه شيئا من المحبوبات فقلبه مريض[ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 68)]                                                                                            قال ابن القيم  -رحمه الله- : من كان بالله سبحانه وأسمائه وصفاته أعرف، وفيه أرغب، وله أحب، وإليه أقرب وجد من الحلاوة في قلبه ما لا يمكن التعبير عنه، ومتى ذاق القلب ذلك لم يمكنه أن يقدم عليه حبا لغيره، وكلما ازداد له حبا ازداد له عبودية وذلا، وخضوعا ورقا له، وحرية عن رق غيره. [ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 198)]

قال الشيخ السعدي  -رحمه الله- : معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته وخشيته، وخوفه ورجائه، وإخلاص العمل له، وهذا عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله، إلا بمعرفة أسمائه وصفاته، والتفقه في فهم معانيها  [ تفسير السعدي (ص: 35)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته - محاور ووقفات

4- حظ العبد من السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة  على قدر معرفته بربه وطاعته له

قال شيخ الإسلام: العبد نجاتُه وسعادته في أن يعرف ربّه، ويُحبّه، ويُثني عليه[ النبوات لابن تيمية (1/ 407)]

5- من عرف الله رضي به ربا ومن رضي بالله ربا ذاق طعم الإيمان.

عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ  -رضي الله عنه- ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صلى

الله عليه وسلم-  يَقُولُ: ( ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا )[ رواه مسلم (34)]

قال ابن القيم  -رحمه الله- : كلما كان العبد بالله أعرف كان به أرضى فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة لا يخرج عن ذلك البتة كما قال في الدعاء المشهور ( اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك ) [الفوائد لابن القيم (ص: 93)]

6- معرفة الله والعلم بأسمائه وصفاته توجب للعبد دوام ذكره لربه

قال ابن القيم  -رحمه الله- : كلما كَانَ العَبْد بِالله أعرف كَانَ ذكره غير ذكر الغافلين اللاهين، وَفرق بَين من يذكر صِفَات محبوبه الَّذِي قد ملك حبه جَمِيع قلبه ويثني عَلَيْهِ وَبهَا ويمجده بهَا وَبَين من يذكرهَا لفظا لَا يدْرِي مَا مَعْنَاهُ لَا يُطَابق فِيهِ قلبه لِسَانه[ جلاء الأفهام (ص: 452)]

7- لا صلاح للقلوب إلا بمعرفة باريها

قال ابن رجب  -رحمه الله- : لا صلاحَ للقلوبِ حتَّى تستقرَّ فيها معرفةُ اللَّهِ وعظمتُه ومحبّتهُ وخشيتُهُ ومهابتُه ورجاؤه والتوكلُ عليه، وتمتلئ مِنْ ذلك، وهذا هو حقيقةُ التوحيدِ، وهو معنى "لا إله إلا اللَّهُ "، فلا صلاحَ للقلوبِ حتَّى يكونَ إلهُها الذي تألهُه وتعرفُه وتحبه وتخشاه هو اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ[ تفسير ابن رجب الحنبلي (2/ 54) ]

قال ابن تيمية  -رحمه الله- : صلاح القلب في أن يحصل له وبه المقصود الذي خلق له من معرفة الله ومحبته وتعظيمه، وفساده في ضد ذلك، فلا صلاح للقلوب بدون ذلك قط.[ الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 95)]

8- معرفة  الله هي أعظم دوافع خشوع القلب وخضوعه لله

قال ابن رجب الحنبلي   -رحمه الله- : أصلُ الخشوع الحاصلُ في القلبِ، إنَّما هوَ من معرفةِ اللَّه، ومعرفةِ عظمتِهِ وجلاِلهِ وكمالِهِ، فمن كانَ باللَّه أعرفَ كانَ له أخشعَ. وتتفاوتُ القلوبُ في الخشوع بحَسبِ تفاوُتِ معرفَتِهَا لمن خشعت.

وبحسبِ تفاوتِ مشاهدةِ القلوبِ للصفاتِ المقتضيةِ للخشوع، فمِنْ خاشع لقوةِ مُطالعتهِ قُربَ اللَّهِ من عبدِهِ واطَلاعِهِ على سِرِّه وضميرِه المقتضي

للاستحياءِ من اللَّهِ تعالى ومراقبتهِ في الحركاتِ والسكناتِ، ومن خاشع

لمطالعتِه لجلالِ اللَّه وعظمتهِ وكبريائهِ المقتضي لهيبتهِ، ومن خاشعِ لمطالعتهِ

لكمالهِ وجمالهِ المقتضِي للاستغراقِ في محبتهِ والشوقِ إلى لقائهِ ورويتهِ، ومن خاشع لمُطالعتهِ شدَّةَ بطشِه وانتقامِه وعقابِه المقتضِي للخوفِ منهُ [ تفسير ابن رجب الحنبلي (2/ 11) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته - محاور ووقفات

10- معرفة الله أعظم سبيل للاستقامة على طريق الله

قال ابن رجب  -رحمه الله- : متى استقامَ القلب على معرفةِ اللهِ، وعلى خشيتهِ، وإجلالهِ. ومهابتهِ، ومحبتهِ، وإرادتهِ، ورجائهِ، ودعائهِ، والتوكُّلِ عليه، والإعراضِ عما سِواه، استقامت الجوارحُ كلُّها على طاعتهِ. [تفسير ابن رجب الحنبلي (2/ 264)]

11- لذة النظر إلى الله سبحانه هي ثمرة معرفته وعبادته في الدنيا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية  -رحمه الله- : أعظم لذات الآخرة لذة النظر

إلى الله سبحانه، وهو ثمرة معرفته وعبادته في الدنيا؛ فأطيب ما في الدنيا معرفته وأطيب ما في الآخرة النظر إليه سبحانه.[ مجموع الفتاوى (14/ 163)]

قال ابن القيم  -رحمه الله- : لذة النظر إليه سبحانه تابعة لمعرفة العباد بربهم ومحبتهم له، فإن اللذة تتبع الشعور والمحبة. فكلما كان المحب أعرف بالمحبوب، وأشد محبة له كان التذاذه بقربه ورؤيته ووصوله إليه أعظم.[ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 33)]

قال ابن الجوزي مبينا أن المحبة تتفاوت على قدر العلم والمعرفة: من لم

يُشَاهد جمال يُوسُف لم يعلم مَا الَّذِي ألم قلب يَعْقُوب[المدهش (ص: 413)]

من لم يبت والحب حشو فؤاده. . . لم يدر كيف تفتت الأكباد

المحور الرابع: كيف نتعبد الله بأسمائه وصفاته؟:

المقصود بالتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته: تحقيق العلم بها ابتداءً، وفقه معاني أسمائه وصفاته، وأن يعمل بها، فيتصف بالصفات التي يحبها الله تعالى: كالعلم، والعدل، والصبر، والرحمة. . ونحو ذلك، وينتهي عن الصفات التي يكرهها له تعالى من عبيده مما ينافي عبوديتهم لله تعالى، كالصفات التي لا يصح للمخلوق أن يتصف بها كالكبر والعظمة والجبروت. . . فيجب على العبد إزاءها الإقرار بها والخضوع لها[ مجلة البيان (99/ 86) مقال للدكتور: عبد العزيز آل عبد اللطيف ( أسماء الله الحسنى الفقه والآثار )]

قال ابن بطّال  -رحمه الله- : طريق العمل بها ( أي أسماء الله ): أن الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم: فإن الله يحب أن يرى حالاها على عبده، فليمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها، وما كان يختص بالله تعالى كالجبار والعظيم: فيجب على العبد الإقرار بها، والخضوع لها، وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد: نقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد: نقف منه عند الخشية والرهبة[ فتح الباري لابن حجر (11/ 226)]

ويقول ابن تيمية  -رحمه الله- : إن من أسماء الله تعالى وصفاته ما يُحمد العبد على الاتصاف به كالعلم والرحمة والحكمة وغير ذلك، ومنها ما يذم العبد على الاتصاف به كالإلهية والتجبر والتكبر، وللعبد من الصفات التي يُحمد عليها ويؤمر بها ما يمنع اتصاف الربّ به كالعبودية والافتقار والحاجة والذل

والسؤال ونحو ذلك[ الصفدية (2/ 338 - 339)]

وقال ابن القيم  -رحمه الله- : لما كان سبحانه يحبّ أسماءه وصفاته: كان أحبّ الخلق إليه من اتصف بالصفات التي يحبها، وأبغضهم إليه: من اتصف بالصفات التي يكرهها، فإنما أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت؛ لأن اتصافه بها ظلم، إذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه؛ لمنافاتها لصفات العبيد، وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية، ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعديه طوره وحدّه، وهذا خلاف صفة العلم والعدل والرحمة والإحسان والصبر والشكر، فإنها لا تنافي العبودية، بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته، إذ المتصف بها من العبيد لم يتعدّ طوره، ولم يخرج بها من دائرة العبودية[ طريق الهجرتين (ص: 129)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته - محاور ووقفات

درجات ومراتب التعبد بأسماء الله وصفاته : التعبد بالأسماء والصفات الحسنى درجات ومراتب، وكلما زاد علم العبد بالله تعالى ارتفع في درجة التعبد، وأكمَلُ الناس عبوديّةً  المتعبِّد بجميع الأسماء والصفاتِ

قال ابن القيم  -رحمه الله- : أكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر، فلا تحجبه عبودية اسم عن عبودية اسم آخر، كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم، أو يحجبه عبودية اسمه المعطي عن عبودية اسمه المانع، أو عبودية اسمه الرحيم والعفو والغفور عن اسمه المنتقم، أو التعبد بأسماء التودد، والبر، واللطف، والإحسان عن أسماء العدل، والجبروت، والعظمة، والكبرياء ونحو ذلك.

وهذه طريقة الكُمَّل من السائرين إلى الله، وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن، قال الله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}. والدعاء بها يتناول دعاء المسألة، ودعاء الثناء، ودعاء التعبد، وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها. وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته[ مدارج السالكين (1/ 420)]

أعظم أنواع المعرفة: معرفة الله تعالى بجلاله وجماله  وكماله :

قال ابن القيم  -رحمه الله- : من أعز أَنْوَاع الْمعرفَة معرفَة الرب سُبْحَانَهُ بالجمال وَهِي معرفَة خَواص الْخلق وَكلهمْ عرفه بِصفة من صِفَاته وأتمهم معرفَة من عرفه بِكَمَالِهِ وجلاله وجماله سُبْحَانَهُ لَيْسَ كمثله شَيْء فِي سَائِر صِفَاته وَلَو فرضت الْخلق كلهم على أجملهم صُورَة وَكلهمْ على تِلْكَ الصُّورَة ونسبت جمَالهمْ الظَّاهِر وَالْبَاطِن إِلَى جمال الرب سُبْحَانَهُ لَكَانَ أقل من نِسْبَة سراج ضَعِيف إِلَى قرص الشَّمْس وَيَكْفِي فِي جماله أَنه لَو كشف الْحجاب عَن وَجهه لأحرقت سُبْحَاته مَا انْتهى إِلَيْهِ بَصَره من خلقه وَيَكْفِي فِي جماله أَن كل جمال ظَاهر وباطن فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَمن آثَار صَنعته فَمَا الظَّن بِمن صدر عَنهُ هَذَا الْجمال[الفوائد لابن القيم (ص: 181)]

المحور الخامس: ثمرات التعبد بأسماء الله وصفاته [ مجلة البيان (99/ 86) مقتبس من مقال للدكتور: عبد العزيز آل عبد اللطيف ( أسماء الله الحسنى الفقه والآثار )]

- الظفر بمعية الله ومحبته :

قال ابن القيم  -رحمه الله- : وَمَنْ وَافَقَ اللَّهَ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ قَادَتْهُ تِلْكَ الصِّفَةُ إِلَيْهِ بِزِمَامِهِ، وَأَدْخَلَتْهُ عَلَى رَبِّهِ، وَأَدْنَتْهُ مِنْهُ، وَقَرَّبَتْهُ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَصَيَّرَتْهُ مَحْبُوبًا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ رَحِيمٌ يُحِبُّ الرُّحَمَاءَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكُرَمَاءَ، عَلِيمٌ يُحِبُّ الْعُلَمَاءَ، قَوِيٌّ يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْقَوِيَّ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، حَتَّى يُحِبَّ أَهْلَ الْحَيَاءِ ، جَمِيلٌ يُحِبُّ أَهْلَ الْجَمَالِ، وَتْرٌ يُحِبُّ أَهْلَ الْوَتْرِ[ الداء والدواء (ص: 67)]

- حسن الخلق وسلامة السلوك :

التعبد بأسماء الله تعالى وصفاته له آثاره الطيبة في حسن الخلق وسلامة السلوك، كما أن تعطيل أسماء الله تعالى وصفاته لا ينفك عن مساوئ الأخلاق ورديء السلوك. ومثال ذلك: أن القدرية النفاة لما كانوا ينفون علم الله تعالى المحيط بكل شيء، ويزعمون أن العبد يخلق فعله نفسه، فالخير هو الذي أوجده العبد وفَعَله على حدّ زعمهم، ودخوله الجنة عوض عمله، فأورثهم ذلك غروراً وعُجباً. قال أبو سليمان الداراني  -رحمه الله- : كَيْفَ يَعْجَبُ عَاقِلٌ بِعَمَلِهِ وَإِنَّمَا يُعَدُّ الْعَمَلُ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ، إِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْكُرَ وَيَتَوَاضَعَ، وَإِنَّمَا يَعْجَبُ بِعَمَلِهِ الْقَدَرِيَّةُ[ حلية الأولياء لأبي نعيم(9/ 263)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

المقدمة : درجات ومراتب التعبد بأسماء الله وصفاته

- السلامة من الآفات والأمراض:

والتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته سبب رئيس في السلامة من الآفات: كالحسد، والكبر، كما قال ابن القيم  -رحمه الله- : لو عرف العبد ربّه بصفات الكمال ونعوت الجلال، لم يتكبر ولم يحسد أحداً على ما آتاه الله؛ فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله؛ فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته[ الفوائد لابن القيم (ص: 158)]

- الرضا والتسليم لما قضاه الله شرعا وقدرا :

والتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته يثمر الموقف الصحيح تجاه ما قضاه الله شرعا وقدرا، فإن الإنسان ظلوم جهول، والله تعالى بكل شيء عليم، وهو سبحانه حَكَمٌ عدْل، ولا يظلم تعالى أحداً، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]

يقول ابن القيم  -رحمه الله- : من صحت له معرفة ربه والفقه في أسمائه وصفاته علم يقيناً أن المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يحصيها علمه ولا فكرته، بل مصلحة العبد فيما كره أعظم منها فيما يحب.[ الفوائد لابن القيم (ص: 91 - 92)]

ويقول أيضاً:. . . فكل ما تراه في الوجود من شر وألم وعقوبة ونقص في نفسك وفي غيرك فهو من قيام الرب تعالى بالقسط، وهو عدل الله وقسطه، وإن أجراه على يد ظالم، فالمسلط له أعدل العادلين، كما قال تعالى لمن أفسد في الأرض: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَاًسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } [الإسراء: 5][ مدارج السالكين (1/ 425)]

يقول ابن القيم  -رحمه الله- : وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما

يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله،

وأسماءه وصفاته، وعرف موجب حكمته وحمده. . .

ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تَعَتّباً على القدَر وملامة له. . . وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم. . . . . . من ذلك؟[ زاد المعاد (3/ 206)]

[ الانترنت – موقع زاد الواعظين - أثر الإيمان بأسماء الله وصفاته – خطبة - كتب بواسطة: اللجنة العلمية ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العاشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان : معنى اسم الخبير:

الدَّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (الخَبِيرِ)[ أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 39) ]

الخبيرُ في اللغةِ من مباني المبالغةِ، فعلُه خَبَرَ يَخْبُرُ خُبْرًا ، وخَبُرْتُ بالأمر: أَي علِمتُهُ ، وخَبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ: إذا عرفتُهُ على حقيقتِهِ.

وعندَ مُسلمٍ من حديثِ أبي موسى رضي الله عنه؛ أنه قال لعائشةَ: "فَمَا يُوجبُ الْغُسْلَ؟ قَالَتْ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ"[ مسلم في كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء (1/ 271) (349) ]، تعني رضي الله عنها؛ أنه سألَ مَنْ يعلمُ الجوابَ بتمامِهِ فالخَبيرُ الذي يَخبُرُ الشيءَ بعلمِهِ [ انظر تفصيل المعنى اللغوي في لسان العرب (4/ 226)، ومفردات ألفاظ القرآن (ص: 273) ]

والخِبْرَةُ أبلغُ مِنَ العِلمِ لأنها عِلْمٌ وزيادةٌ، فالخبيرُ بالشَّيءِ مَنْ عَلِمَه وقامَ بمعالجتِهِ وبيانِهِ، وتجربَتِهِ وامتحانه، فأحاطَ بتفاصيلِهِ الدقيقةِ، وألمَّ بكيفيَّةِ وصفِهِ على الحقيقةِ[انظر بتصرف: الفروق اللغوية لأبي الهلال العسكري (ص: 74) ]

والخبيرُ سبحانَهُ هو العَالِمُ بما كان، وما هو كائنٌ، وما سَيكونُ، وما لو كان

كيف يكونُ؛ وليس ذلك إلا للهِ، فهو الذي لا يَخفَى عليه شَيءٌ فِي الأرضِ ولا فِي السَّماءِ، ولا يتحرَّكُ متحرِّكٌ ولا يسكنُ إلا بعلمِهِ، ولا تستقيمُ حياتُه إلا بأمره وإذنِهِ.

قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]، والله عز وجل خبيرٌ، له جنودُ السماواتِ والأرضِ يُخبرونَهُ بالوقائعِ لِتحقيقِ الحِكمَةِ فِي الخلقِ، وهو عَليمٌ بالأشياءِ قبل إخبارِ الملائِكةِ عنها، وبَعْدَ الإخبارِ عنها.

وعند البخاري من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "يَتَعَاقَبُونَ فيكُمْ مَلاَئِكَةٌ باللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بالنَّهَارِ، وَيَجْتَمعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فيكُمْ، فَيَسْألُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ"[البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر رقم (555)، ومسلم (632) ] ، فسؤالُه سبحانَهُ لهم ليس طلبًا للعلمِ فهو السَّميعُ البصيرُ العليمُ الخبيرُ،

ولكِنْ لإظهارِ شَرَفِ المؤمنِ عند ربِّه، وبيانِ فضلِهِ بين ملائكتِهِ وحَمَلةِ عرشِهِ.

قال ابنُ حجرٍ رحمه الله: "قِيلَ: الحكمةُ فيه: استدعاءُ شهادتِهم لبني آدمَ بالخير، واستنطاقُهم بما يقتضي التَّعطُّفَ عليهم، وذلك لإظهارِ الحِكمَةِ فِي خلق نوعِ الإنسانِ فِي مقابلةِ مَنْ قالَ مِنَ الملائكة: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، أي وقد وُجِدَ فيهم مَنْ يُسبِّح ويُقدِّسُ مثلُكم بنصِّ شهادتِكم"[فتح الباري (2/ 36)، وانظر: الأسماء والصفات للبيهقي (ص: 264)، وتفسير أسماء الله للزجاج (ص: 45) ]

وفِي اللغةِ أيضًا :  [ النهج الأسمى (1/ 267 - 272) ] الخِبْرُ والخُبْرُ والخِبْرَةُ والخُبْرةُ

والمَخْبرَةُ والمخْبُرةُ كُلُّه: العِلمُ بالشَّيءِ، يُقال: من أين خَبَرتَ هذا الأمرَ، أي: مِنْ أينَ علمتَ؟ وقولُهم: لأَخْبُرنَّ خُبْرَكَ: أي لأعلمَنَّ عِلمَك، والخَبَرُ واحِدُ الأخَبارِ ، والخابِرُ: المُخَتَبِرُ المُجرِّبُ، ورَجُلٌ خابِرٌ وخَبِيرٌ: عالمٌ بالخَبَرِ ، وخَبَرْتُ الأمرَ أخبُرهُ إِذا عَرفْتُه على حقيقتِهِ ، والمَخْبَرُ خِلافُ المَنْظَر ، والخبيرُ: العالمُ بالشَّيءِ. وقال الكِسائي: الخَبيرُ الذي يَخْبُر الشَّيءَ بعلمِهِ[اشتقاق أسماء الله للزجاجي (ص: 127)، الصحاح للجوهري (2/ 641)، النهاية (2/ 6)، اللسان (2/ 1090) ] وأنكر أبو علي الفارسي على أبي إسحاقَ الزَّجَّاجِ قولَه إنَّ (الخبيرَ) من قولهم: خَبَرتُ الأرضَ: إذا شققتها، وفلانٌ خَبيرٌ بالشيء إذا كان عالمًا به، وكأنَّه هو الذي بَحَثَ عن ذلك الشَّيءِ حتى شقَّ عنه الأرضَ ، وقال: "وهو عندنا من الخَبرِ الذي يُسمعُ لأَنَّ معنى الخبير العالمُ". وقال: "فالعِلمُ أبدًا مع الخَبَرِ فما حاجةُ أبي إسحاق إلى أَنْ يأخذَهُ من الخَبْرِ والشَّقِّ؟!".[انظر: تفسير الأسماء للزجاج (ص: 45)

الأنترنت – موقع شبكة الألوكة  - معنى اسم الخبير - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الخَبِيرُ : اسم من أَسماء الله عز وجَلَّ:

العالِمُ بما كان وما يكون ، و الخَبِيرُ ذو الخِبَرة الذي يَخْبُرُ الشيءَ بعلْمِهِ ، وفي التنزيل العزيز:الفرقان آية 59 (( فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) ) ، وفي المثل: :- على الخبير سقطت ، و الخَبِيرُ المُخْبِرُ ، و الخَبِيرُ الحَرَّاث ، و الخَبِيرُ النباتُ ، و الخَبِيرُ العشب ، و الخَبِيرُ الوَبر.

و الخَبِيرُ نُسالةُ الشعر ، و الخَبِيرُ زَبَدُ أَفواه الإبل. [الانترنت – موقع المعاني   ]

مَعْنَى الاسمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قال ابنُ جريرٍ: في قولِهِ: ﴿ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ﴾: "العليمُ بسرائِرِ عبادِهِ وضمائِرِ قُلوبِهم، الخبيرُ بأمورِهِم الذي لا يَخفَى عنه شَيءٌ"[ جامع البيان (28/ 103)، وانظر أيضًا: (2/ 320) ]

وقال: "خبيرٌ بكل ما يعملونَه ويكسبونَهُ من حَسَنٍ وسيّءٍ، حافظٌ ذلك عليهم ليجازِيَهُم على كلِّ ذلك"[ المصدر السابق (7/ 158) ]

قال الخطابيُّ: "هو العالِمُ بكُنْهِ الشَّيءِ، المُطَّلعُ على حقيقتِهِ كقولِهِ تعالى: ﴿ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 59]. يقال: فلانٌ بهذا الأمرِ خَبِيرٌ، وله به خَبْرٌ، وهو أخبَرُ به من فُلانٍ، أي: أعلَمُ.

إلا أنَّ الخُبْرَ فِي صفةِ المخلوقينَ إنما يُستعملُ فِي نوعِ العِلمِ الذي يَدخُلُه الاختِبارُ، ويُتوَصلُ إليه بالامتحانِ، والاجتهادِ، دُونَ النوعِ المعلوم ببدائِهِ العقولِ.

وعِلمُ اللهِ سُبحانه، سواءٌ فيما غَمضَ من الأشياءِ وفيما لَطُف، وفيما تجلَّى بِهِ منهُ وظَهَر، وإنما تختلفُ مدارِكُ عُلُومِ الآدميين الذين يَتَوصلونَ إليها بمقدِّماتٍ من حِسٍّ، وبمعاناةٍ من نظرٍ وفكرٍ، ولذلك قيل لهم: ليس الخَبَرُ كالمعاينةِ، وتعالى الله عن هذه الصفات عُلوًّا كبيرًا" اهـ[شأن الدعاء (ص: 63) ]

قال الغزَّاليُّ: "(الخبيرُ): هو الذي لا تعزُبُ عنه الأخبارُ الباطنةُ، ولا يجري في المُلكِ والملكُوتِ شَيءٌ، ولا يتحرَّكُ ذرةٌ ولا يسكنُ، ولا يضطرِبُ نَفَسٌ ولا يطمئنُّ، إلا ويكون عندَهُ خَبَرُهُ.

وهو بمعنى (العليمِ)، لكنَّ العِلمَ إذا أُضِيفَ إلى الخفايا الباطنة سُمِّي خِبْرةً، وسُمِّي صاحبُها خَبيرًا" اهـ[المقصد الأسنى (ص: 63) ]

وقال السَّعديُّ: "(العليمُ الخبيرُ) وهو الذي أحاط عِلمُه بالظواهِرِ والبواطِنِ، والإسرارِ والإعلانِ، وبالواجباتِ والمستحيلاتِ والممكناتِ وبالعالمِ العُلويِّ والسُّفليِّ، وبالماضي والحاضر والمستقبلِ، فلا يخفى عليه شيءٌ من الأشياءِ" اهـ [تيسير الكريم (5/ 299) ][ الأنترنت – موقع شبكة الألوكة  - معنى اسم الخبير - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

اسم الله (الخبير) جلّ جلاله :

الخبير سبحانه وتعالى : ورد هذا الاسم العظيم في أكثر من أربعين موضعا فمن ذلك قوله سبحانه وتعالى:

(وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

كذلك قوله جل ثناؤه: ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)

يقول الخطابي رحمه الله في معنى هذا اﻹسم الخبير: العالم بكنه الشيء المطلع على حقيقته.

كذلك يقول اﻹمام الغزالي رحمه الله الخبير : هو الذي ﻻ تعزب عنه اﻷخبار الباطنة فلا يجري في الملك و الملوكت شيء و لا تتحرك ذرة و ﻻ تسكن و

لا تضطرب نفس و ﻻ تطمئن إﻻ و يكون عنده خبرها سبحانه وتعالى.

و هناك فرق بين الخبير و بين العليم: كلاهما يدل على العلم. حينما نقول الله خبير فيدل على علم و عليم أيضاً يدل على علم لكن الخبير هو نوع خاص من العلم يختلف عن معنى اسمه العليم و إن كان يعطي معنى العلم لكن الخبير سبحانه ما يعلمه نوع خاص من العلم جمعه الله سبحانه وتعالى هذا النوع الخاص من العلم أو اسمه الخبير جمعه مع إسمه العليم و هذا يدل على أن العليم يختلف عن الخبير فقال سبحانه(وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

إذاً هناك فرق بين العلم و بين الخبرة. عليم بماذا و خبير بماذا؟ و مالفرق بين العليم و بين الخبير؟

الخبير: يفيد معنى العليم المتصل علمه بكنه اﻷشياء و خفاياها الباطنة أدق اﻷمور. علمه يتصل بأدق اﻷمور بأسرار اﻷشياء بأسرارها بخفاياها الباطنة

العليم: يعلم ظواهر اﻷشياء و باطنها. فيأتي الخبير فيكون علمه أدق و متصل بكل شيء في الباطن و في الخفاء. سبحانه ﻻ يعزب عن علمه شيء في الزمان و ﻻ في المكان و ﻻ في اﻷرض و ﻻ في السماء و ﻻ في البر و ﻻ في البحر و ﻻ في جوف اﻷرض و ﻻ في أطباق الجو فهو خبير بكل شيء سبحانه. ( وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا

رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)

فعلى المؤمن إذا علم معنى هذا اﻹسم العظيم أن يؤمن إيماناً جازما بأن الله تعالى خبير بجميع عباده من الملائكة و الجن و اﻹنس سبحانه ﻻ يخفى عليه شيء: ( إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) كما هو خبير بعباده و بمخلوقاته فهو أيضاً سبحانه خبير بأعماله علمه بهم هو علم بأعمالهم بسرائرهم بضمائرهم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

اسم الله (الخبير) جلّ جلاله :

علمه سبحانه وتعالى بهم في حال إستقامتهم في حال إحسانهم في حال إنحرافهم في أي حال من الأحوال هو بهم عليم سبحانه:

( وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) (وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)

إن أحسنت يعلم الله عنك ذلك و إن أسأت يعلم الله عنك ذلك. فهو الذي يعلم اﻷسرار و يعلم البواطن و يعلم الخفايا و ﻻ تظن أنه يخفى على الله شيء في الأرض و ﻻ في السماء. سبحانه يأتي علمه بأدق اﻷمور.

يأتي معنى الخبير أيضاً أيها الإخوة بمعنى: المخبر باﻷسرار و اﻷحوال الخفية و الباطنة ؛ كيف ذلك و ما دليل ذلك؟

قوله تعالى في سورة التحريم: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا

نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ

قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)

فهو المخبر باﻷسرار و اﻷحوال فهو الذي أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بشأن ما كان من زوجاته كما هو في سبب نزول سورة التحريم و يمكن لكم مراجعتها.

قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تأويل قوله تعالى: (قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) بسرائر عباده، وضمائر قلوبهم، الخبير بأمورهم، الذي لا يخفى عنه شيء.

إذا علمت أنا و أنت بأن الله خبير بأدق ما في قلوبنا بأدق خفايانا ببواطننا

بل ليس ذلك فحسب بل إنه خبير و عليم بما ﻻ تعلمه أنت عن نفسك و ﻻ

أعلمه أنا عن نفسي: (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) يعلم ما أفكر به اﻵن و ما سأفكر به في المستقبل و ما سأفكر فيه بعد دقائق و ماذا سأنطق بعد قليل هو يعلم عن نفسي و أنا ما أعلم عن نفسي و هذا من دقيق علمه سبحانه وتعالى الذي يدل على أنه الخبير سبحانه وتعالى.

يعلم و يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء سبحانه وتعالى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

ما حظك أيها المؤمن من هذا اﻹسم؟:

من علم و أيقن أن الله خبير بأدق اﻷمور و تفاصيلها و أسرارها :

 أولاً: ءامن به إيماناً ﻻ ريب فيه.

ثانياً: راقبه في السر و العلن.

فاشتدت مراقبة هذا العبد لربه الذي يعلم أنه يراه و يسمعه و يعلم ما في

نفسه و ما في قلبه سبحانه وتعالى فإذا علمت ذلك و تيقنت بأن الله خبير بك بأدق أمورك بأدق أسرارك بخفايا قلبك و ضميرك ثم راقبته وثلت إلى درجة اﻹحسان فيعبد هذا العبد ربه كأنه يراه. فمن علم أن الله مطلع على ما يصنع و خبير بما يفعل هذا العبد حمله ذلك على غض بصره حمله ذلك على حفظ فرجه حمله ذلك على إمساك لسانه حمله ذلك على أن يتقي الله في خلواته فلا يعصه و ﻻ يبارزه بالمعاصي و يجعله أهون الناظرين إليه ﻷنه سبحانه خبير: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)

لماذا لم يقل سبحانه إن الله عليم بما يصنعون؟

ﻷن حركة العين و النظرة ﻻ ينتبه إليها كل أحد( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) هناك خائنة للعين ينظر بها العبد إلى حيث نهاه الله إلى حيث حرم الله عليه النظر فهو ينظر و قد ﻻ يشعر أحد به قد يكون فلان من الناس يجلس معك في نفس المكان و ينظر إلى ما حرم الله بالذات في عصر التكنولوجيا و التقنية و هذه اﻷجهزة الذكية قد يجلس بجانبك شخص و ينظر إلى ما حرم الله في جهازه و أنت ﻻ تراه و أنت لا

تعلم و أنت ﻻ تعلم إلى ماذا ينظر لكن من الذي يراه من الذي يراقبه؟

    قد يجلس معك شخص ينظر إلى ما حرم الله في سوق أو في أي مكان و يخونه بصره و نظره و عينه أنت لم تعلم به و ﻻ تشعر به لكن الذي رآه و علمه و علم حركة عينه هو الله الخبير سبحانه لذلك جاء هنا اسمه الخبير مناسباً لغض البصر و لحفظ الفرج.

أيضاً من وقع في فاحشة من الذي يراه من الذي يطلع عليه؟

هو ﻻ يفعل ذلك أمام الناس هو يتخفى وراء الجدران و خلف الستائر و

في الظلام و يظن أن ﻻ أحد يراه لا و الله يراه الخبير و يعلم عن حاله الخبير سبحانه وتعالى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

اسم الله (الخبير) جلّ جلاله :

من آمن بالخبير دفعهُ إيمانه بهذا اﻹسم إلى اﻹلتزام بطاعة الله و طاعة رسوله

 صلى الله عليه وسلم و اﻹلتزام بشرعه و و التسليم لأمره و نهيه فلا يخالف أمر الله تعالى و ﻻ يخالف شرع الله تعالى في قلبه قبل جوارحه قد يطيع العبد الله و قد يكون ظاهره الطاعة لكن باطنه يكون فيه حرج و يكون في نفسه نفور اعتراض على شرع الله و دينه: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)

التسليم القلبي الله تعالى ﻻ ينظر إلى أعمالنا و ﻻ إلى جوارحنا و لكنه ينظر إلى قلوبنا فإذا صلح القلب صلحت الجوارح لكن قد يظهر العبد صلاح جوارجه لكن إﻻ يفضحه الله في يوم و إن أظهر  فما أسر عبد سريرة إﻻ ألبسه الله رداءها إن خير فخير و إن شر فشر فاحذر الخلوات و احذر ذنوب البواطن و ذنوب القلوب فو الله ما خذل العبد إﻻ من أعمال قلبه و من خبيئته التي بينه و بين الله نسأل الله السلامة و العافية.

من علم أن الله خبير اطمأن إلى قضاء الله و قدره :

الله عليم بك عليم بباطنك بقلبك إذاً فهو عليم بقدرتك و تحملك و

استطاعتك لما يقضيه الله عليك و لما يبتليك الله به ﻷنه يعلم عن نفسك

ما لا تعلمه أنت يعلم عن طاقتك و وسعك ما لا تعلمه أنت.

فإذاً الرضا بقضاء الله يكون أثر من آثار اﻹيمان بهذا اﻹسم العظيم :

إيمانك بهذا اﻹسم يجعلك تطمئن إلى أن هلاك المجرمين و الطغاة و الظالمين سيكون لا محالة أليس يراهم الله أليس يعلم ما يفعلون؟

أليس الله خبير بما يعملون؟ :

هو يعلم سبحانه بعلمه و خبرته ما عند هؤلاء الطغاة والمجرمين و ما يكنون في قلوبهم ﻷوليائه و ما يكنون في نفوسهم وصدورهم لعباده و لدينه فلذلك هو يمهلهم و مع هذا اﻹمهال ﻻ إهمال بل سيكون هناك إنتقام شديد من العظيم سبحانه وتعالى العزيز ذو انتقام:(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)

إذاً ﻻ إهمال و لكن إمهال حتى يطول بهم اﻷمد و يكثر بهم الظلم و الطغيان و اﻹجرام ثم يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

اسم الله (الخبير) جلّ جلاله :

إن علمت أن الله خبير بك و بباطنك و بأدق اﻷمور عنك إتقيته من الذنوب و المعاصي و اﻵثام:( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا)

يقول اﻹمام الغزالي : ينبغي للمؤمن إذا علم معنى إسمه الخبير أن يحاسب نفسه و يفتش عن عيوبها و يحذر مزالقها و يخبر خباياها ليكشف عن أمراض القلب التي تردي اﻹنسان صريعا فيقول حظ العبد من ذلك: أن يكون خبيراً بما يجري في عالمه و عالم قلبه و بدنه و الخفايا التي يتصف بها القلب.

بماذا قد يتصف القلب؟ :

قد يتصف بالغش بالخيانة بالتطواف حول العاجلة من الدنيا باظمار الشر و إظهار الخير التجمل بإظهار اﻹخلاص مع اﻹفلاس منه و عنه و هذه اﻷمراض الخفية في القلب ﻻ يعرفها إﻻ ذو خبرة بالغة و قد علم من نفسه و خبر عنها و مارسها و عرف مكرها و تلبيسها و خداعها فماذا يجب عليه؟ أن يحذرها و يشمر لمعاداة هذه النفس و يأخذ الحذر منها فلذلك من العباد جدير بأن يسمى خبيراً .

قد يطلق على عبد من العباد فلان خبير:

قد تكون هذه الخبرة في أمور الدنيا و علوم الدنيا و هذا يحصل؛ قد نقول فلان خبير في الطب و أخر خبير في الهندسة و أخر خبير في الشريعة و هكذاو لكن أعظم الناس خبرة من كان خبيراً بنفسه من كان خبيراً بخفايا نفسه بعيوبها بمزالقها بخيانتها بنفاقها بغشها يعلم منها ذلك فيقومها و يصونها و يوجهها و يرشدها و يأخذ بها إلى طريق الجادة بتوفيق من الله مستعيناً بالله أولاً و آخرا.

 [ الأنترنت – موقع الأستاذة سوزان المشهراوي - ((الخبير)) إلقاء ومراجعة: الأستاذة سوزان المشهراوي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

آيات ورد فيها "الْخَبِيرُ" :

قال تعالى : {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } ﴿١٨ الأنعام﴾

وقال : {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } ﴿٧٣ الأنعام﴾

وقال : {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ﴿١٠٣ الأنعام﴾

وقال : { وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ }﴿١ سبإ﴾

وقال : { قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ }﴿٣ التحريم﴾

وقال : { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }﴿١٤ الملك﴾

وقال : { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }﴿٢٣٤ البقرة﴾

وقال:{فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } ٢٧١ البقرة

وقال:{لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }١٥ آل عمران

وقال : { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }﴿١٨٠ آل عمران﴾

وقال :{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}٣٥ النساء

وقال : { فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }﴿٩٤ النساء﴾

وقال : { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا }١٢٨ النساء

وقال :{وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}١٣٥ النساء

وقال :{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}٨ المائدة

وقال : { وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌبِمَا تَعْمَلُونَ }﴿١٦ التوبة﴾

وقال :{قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ }٩٤ التوبة

وقال : { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}١ هود﴾

وقال : { وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }١١١ هود

وقال : { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا }﴿١٧ الإسراء﴾

وقال :{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًابَصِيرًا }٣٠ الإسراء

وقال :{ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}٩٦ الإسراء

وقال : { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا }﴿٦٨ الكهف﴾

وقال : { كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا }﴿٩١ الكهف﴾

وقال : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ

 لَطِيفٌ خَبِيرٌ } ﴿٦٣ الحج﴾ [ الانترنت – موقع المعاني  - آيات ورد فيها "الْخَبِيرُ" ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الله هو العليم الخبير :

( الله ) تعالى هو الذي اتصف بالعلم و ( العلاّم) و ( يعلم غيب السماوات والأرض) ويعلم ما كان و ما لم يكن، علم مافي السماوات والأرض.

يعلم العلم كله أوله و آخره وظاهره وباطنه أليس هو سبحانه وتعالى ( الأول الذي ليس قبله شيء، و الآخرُ الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء).. سبحانه وتعالى عليمٌ علماً كبيراً وعظيماً وواسعا ( وسع كرسيه السماوات والأرض).

علماً تعجزُ الخلائق عن إدراكه، علماً فيه الحكمة أليس هو الحكيم؟ علماً فيه كل شيء بالتفاصيل أليس هو الخبير البصير؟ علماً فيه العظمة تبدو في معالمه وأثاره أليس هو اللطيف الخبير البصير الحكيم؟ سبحانه .

إن البشرية تسعى للتعلم والتطور دوماً في حياتها فيما يخص عقلها وبدنها وروحها واقتصادها وسياستها وشؤونها الاجتماعية والتاريخية، وهي تسعى في ذلك كله في الحقيقة لاتعدو أن تكسب ذلك بسمعها أو بصرها أو بقلبها ، بخبرتها أو باطلاعها، أو بمشاهدة الجديد في الحياة، وهذا كله - أعني الحياة والوسائل التي يستخدمونها – التي خلقها وفطرها وأبدعها وصورها وأحسنها وهداها وكمّلها وجعل لها القدرة على التعلم والاكتساب هو الله، اللهُ العليمُ الحكيمُ الخبير ( ألا يعلمُ من خلق وهو اللطيف الخبيرُ).

العلم هو شيء أمر الله به نبيه فقال ( قل رب زدني علماً) فالعلمُ يطلب من الله، فلا أعلمَ منه سبحانه، فسبحانه ما أعلمه وما أحكمه، وهو البصير،

وكفى بربنا خبيراً وبصيرا.

      وتبقى البشرية قاصرة في علمها و إدراكها ومهما وصلت إليه من معلومات أو خبرات فإنها تبقى قاصرة قِصَرَ الانسان في زمانه ومكانه وسمعه وبصره وقلبه وحياته وقدراته، ولو ركب الطائرات وشقت سفنه عباب البحار، وحتى لو خرق الأرض، وشق الجبال، فسوف يبقى الانسانُ قاصراً في علمه ولا علمَ له إلا ما علمه ربه، فقد علمّ الله رب البشرية  ( وعلّم آدم الأسماء كلها )  وهو الذي علّم خلقه بعد ذلك، وجاء ذلك على لسان خليله عليه السلامة  ( هذا  مما علمني ربي)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الله هو العليم الخبير :

  العلمُ من الأشياء التي ميّزت الانسان، ورفعت شأنه، وكان له بها السبق على بقية المخلوقات، وقد كرّم الله هذا الانسان حين وصله بأعظم كتاب ينزلُ من السماء وفيه العلم والحكمة والخبرات وفيه الهدى والشفاء وفيه العز وفيه الصدق وفيه التفصيل الغير ممل، وفيه علمُ الأولين والآخرين، بل فيه العلمُ الأعظم وهو ( العلمُ بالله) ثم الدين والإسلام والايمان والإحسان والملائكة والجن والإنس، وخلق السماوات والأرض، كتابُ العلمُ فيه والعمل به والدعوة إليه والجهادُ به، ونشره، سعادة وراحة وأنس وطمأنينة وفخر وشرف، إذن هو من الكتب التي فيها العلمُ ويحث على العلم، وخاصة

 العلم بالله ( فاعلم أنه لاإله إلا الله).

ولك ان تتصور عظمة السماوات السبع العظيمة، وهذه الأرضين السبع، وتعاقب الليل والنهار ودخول كل واحد منهما في الآخر، وهذه الشمس و ذلك القمرُ والنجوم والأبراج، كل يسبح في فلكه، فهذه الأفلاك وتلك الأملاك، وما فيها من ابداع الخلق والتصوير، وقدرة الله في تسييرها بكل دقة ونظام وإبداع وحفظ ، يدلك دلالة قاطعة على أن الذي خلقها عليم وخبير وبصير وحكيم وحفيظ وقدير. سبحانه وتعالى

لم يترك( العليم الخبير) شاردة  ولا واردة في عقلك أو قلبك أو في ليلك أو نهارك، وحتى في اليابس والرطب، وفي البحر و الأنهار، وسحبها وضبابها،

وجبالها وسهولها، إلا ذكره لك في الكتاب بشكل مباشر أو بالإشارة إليه بقوله سبحانه ( مافرّطنا في الكتاب من شيء).

هذا العلمُ ليس يسبقه جهلٌ، أو علمُ يتغير أويتطور مع الزمان، فهذا شأن العقل البشري، أما الله تعالى فهو ( العليم ) عليم بكل شيء ولكل شيء و أي شيء، وهذا يشمل الزمان والمكان والملك والإنس والجان والأرض والسماوات والأمس واليوم والغد، بل هذا خلْقُه هو ، وهو أعلمُ به، وقد علم خلق السماوات والأرض والخلق كلهم وخيرهم وشرهم ، ومن يؤمن ومن يكفرُ به، وموتهم وحياتهم، وكل شيء، كل شيء خطر على بالك أو لم يخطر، وسواءَ أدركه عقلك أن قصرَ عقلك دونه، فهو سبحانه الذي لايمكن الإحاطة به، علماً إلا بما شاء ولمن شاء، وقتما يشاء، فما أعظمه .

 ( الله ) خبير وهو الخبير فقط، وهو العظيم ( في كونه خبيرا) سبحانه وتعالى، وكونه خبيرا ليس بمعنى اكتساب الخبرة بعد أن لم يكن كذلك، لا والله سبحانه وتعالى ؛ بل هو الخبير اسمه ووصف  بأنه يعلم ظاهر الأمور وباطنها وأولها وآخرها، وأحوالها، وأماكنها و أزمانها ، وما يصلحُ للناس وما

يفسدها، ولذا فهو يقول في كتابه ( فاسأل به خبيرا).

[ الأنترنت – موقع صحيفة الخرج اليوم  الألكترونية - الله العليم الحكيم الخبير  - طارق بن خليفة الخليفة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان : الله هو العليم الخبير :

نماذج من تفسير الطبري لاسمين متقاربين في المعنى والدلالة : العليم الخبير:

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].

قال الطبري: «{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، يقول: إنّ الذي يعلم ذلك كلّه هو الله دون كلّ أحد سواه، إنه ذو علم بكلّ شيء، لا يخفى عليه شيء، خبير بما هو كائن، وما قد كان».

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

قال الطبري: «وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، يقول -تعالى ذكره-: إنّ الله -أيها الناس- ذو علم بأتقاكم عند الله وأكرمكم عنده، ذو خبرة بكم وبمصالحكم، وغير ذلك من أموركم، لا تخفى عليه خافية».

وقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35].

قال الطبري: «يعني -جلّ ثناؤه-: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا} بما أراد الحَكَمان مِن إصلاحٍ بين الزوجين وغيره، {خَبِيرًا} بذلك وبغيره من أمورهما وأمور غيرهما، لا يخفى عليه شيء منه، حافظ عليهم؛ حتى يجازي كلًّا منهم جزاءه، بالإحسان إحسانًا، وبالإساءة غفرانًا أو عقابًا».

التعقيب:

1-يظهر من استقراء هذه المواضع أن الإمام الطبري -رحمه الله- يفسر

الاسم مراعيًا دلالة السياق، وإن كان تفسيره أخصّ من معنى الاسم، وقد

سبق تقرير ذلك في المقالة السابقة.

2. لم يجمع -رحمه الله- الاسمين على نفس التفسير؛ كأن يقول: والله عليمٌ خبيرٌ بحالِ الزوجين، بل جعل العِلْمَ متعلقًا بما أراد الحَكَمان من إصلاح أو غيره، والخبرةَ متعلقةً بأحوال الزوجين عمومًا، مع تضمينه الإشارة إلى المجازاة كنتيجة لخبرته -تعالى- بخفايا خلجات النفوس؛ فهو يُجازي بالإحسان إحسانًا وبالسيئات غفرانًا أو عقابًا، وهذه دقة بالغة منه -رحمه الله-.

وفي آية لقمان: اسم (العليم) تناول المغيبات المذكورة، واسم (الخبير) تناول

ما هو كائن عمومًا وما قد كان.

3. لم ينصّ -رحمه الله- على معنى زائدٍ تحصَّل من مجموع الاسمين، إلا أنه في الآية الأخيرة أشار إلى أنّ كلّ اسم يتناول قدرًا غير ما يتناوله الآخر، إيضاحه: أنه لو كان اسمًا واحدًا كالعليم لتناول علمه بإرادة الحَكَمَيْنِ الإصلاح أو غيره، وتناول أحوال الزوجين، لكن تقصر دلالته عن دلالة الاسمين.

 [ الأنترنت – موقع مركز تفسيرللدراسات القرآنية – عبد الرحمن صا بر ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الله هو العليم الخبير : نماذج من تفسير الطبري لاسمين متقاربين في المعنى والدلالة : العليم الخبير:

ورد اسمه سبحانه (الخبير) في القرآن الكريم "خمسًا وأربعين"مرة تارة مفردًا وتارة مقرونًا باسمه (العليم)، وتارة مقرونًا باسمه (الحكيم)،وتارة مقرونًا باسمه (البصير)،وكثيرًا ما يأتي بقوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أو { خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

المعنى اللغوي لـ (الخبير) :"الخِبْرُ، والخُبْرُ، والخِبرة، والخُبْرةَ كله: العلم بالشيء ورجل خابر، وخبير: عالم بالخبر.

وخبرت الأمر أخبره: إذا عرفته على حقيقته" .

معناه في حق الله تعالى:- قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (الخبير): الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها.

وقال الغزالي رحمه الله تعالى: (الخبير) هو الذي لا تعزب عنه الأخبار

الباطنة ولا يجري في الملك والملكوت شيء ولا يتحرك ذرة ولا يسكن ولا

يضطرب نفس ولا يطمئن إلا ويكون عنده خبره.

وهو بمعنى العليم، لكن العليم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمي خبرة وسمي صاحبها خبيرًا".

من آثار الإيمان باسمه (الخبير) : إن الإيمان بأن الله - تبارك وتعالى - خبير بعباده جميعهم من الملائكة والجن والإنس وغيرهم لا يخفى عليه خافية منهم:

{ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } [فاطر: 31].

والإيمان بأنه خبير بأعمال عباده كما قال سبحانه: { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ

بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحشر: 18]. وأنه خبير بهم في حال استقامتهم وإحسانهم، وفي حال انحرافهم والتوائهم، قال سبحانه: { وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِن اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } النساء: 128 مَنْ عَلِمَ أن الله سبحانه خبير بذلك كله، وآمن به إيمانًا لا ريب فيه ، راقب ربه، وارتدْع عن ذنبه ، الالتزام بطاعة الله ورسوله:{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [المجادلة: 13].

ويمنعنا من مقارفة الذنوب: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ

بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } [الإسراء17] وقد أمرنا بالعدل، معللاً أن

العدل أقرب للتقوى ثم أمر باتقائه معقبًا على ذلك بأنه خبير بأعمالنا: { اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [المائدة: 8].

فإن العالم بأن الله خبير بعمله يدفعه علمه إلى تحقيق العدل، ومراقبة الله - عز وجل - في سره، فلا ينطوي إلا على ما يرضي الله - عز وجل -

وهذا الشعور يدفع المؤمن إلى التخلص من الآفات الباطنة التي لا يعلمها إلا الله - عز وجل - الخبير ببواطن القلوب وخفايا النفوس.

مثل: آفات الرياء والكبر والحسد وغيرها ، الإذعان والاستسلام لأحكام

الله - عز وجل - الشرعية الدينية ، فيما أوجبه وحرمه، وفيما رغب فيه ونهى عنه ؛ لأنه تشريع كامل شامل كله خير ومصلحة للعباد لكونه من لدن عليم خبير حكيم، رحيم لطيف، وأثر اسمه سبحانه (الخبير) جلي فيما شرعه وحكم به ، ذلك أن من معاني الخبير التي مرت بنا العالم بخفايا الأمور وعواقبها وأسرارها، العارف بما يصلح لعباده من الشرائع التي تتضمن ما ينفعهم ويصلح شؤونهم ، قال الله تعالى: { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك: 14]، وسواء ظهرت حكمة التشريع أم خفيت فإن اسمه سبحانه (الخبير) يثمر في القلب الاستسلام لأحكامه عز وجل ، والقطع، فإن فيه الحكمة والمصلحة ولو قصرت العقول عن إداركها لأنها ناشئة عن خبرة وعلم وحكمة ، ولله الأسماء الحسنى  [ الأنترنت – موقع حياة القلوب في معرفة علام الغيوب - اسم الله الخبير - الشيخ -عبد العزيز الجليل ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

   اسم الله: "الخبير"  :

  إن الخبير صرفيا وزنه فَعِيل، ومن معاني فعيل مُفْعِل فخبير بمعنى مُخبِر، ويراد به أنه متكلم، وأن القرآن كلام الله عز وجل، والمعنى الآخر للخبير هو الذي يعلم كل شيء ولا يغيب عن علمه صغيرة ولا كبيرة، وهو العالم بكُنْه كل شيء، ومطلع على كل حقيقة مهما دقت أو خفيت، العليم بدقائق الأمور لا تخفى عليه خافية، يعلم الداء والدواء، العلم بظاهر الأشياء وبواطنها بشكلها وحقيقتها وبجلائلها ودقائقها بما تراه عينك وبما يخفى عنها.

يقول الإمام الغزالي : الخبير هو الذي لا تغرب عنه الأخبار الباطنة، ولا

يجري في الملك والملكوت شيء إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرة ولا تسكن إلا بعلمه ولا تضطرب نفس ولا تطمئن إلا بعلمه، وقيل الخبير: الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا تتحرك حركةٌ ولا تسكن ساكنةٌ في السماء والأرض إلا يعلم مستقرها ومستودعها.

لكن قد يسأل سائل أليس هذا هو العليم ؟ هذا كله يمكن أن يكون شرحا لاسم العليم فمالنا نتحدث عن اسم الخبير بما يشبه اسم العليم ؟

الحقيقة أن العلماء فرقوا بين العليم والخبير.

 فالخبير يفيد معنى العليم، ولكن العليم لا يفيد معنى الخبير، لذلك اسم الخبير هو عليم ومع العلم شيء آخر، وسوف أُوضِّح عن طريق الأمثلة الفرق الدقيق بين العليم والخبير، وهناك آية في القرآن الكريم ورد فيها اسم الخبير، وسأجعلها أساسًا لهذا البحث، وقد ثبت في القرآن لفظ الخبير أكثر من أربعين مرة فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)﴾ [البقرة: الآية 234].

 لو أنني أمسكت هذا الكأس ووضعته في هذا المكان أنتم جميعاً رأيتم أنني نقلته من مكان لآخر فذا هو العلم، ولكن لماذا نقلته ؟

 ما الدوافع التي حملتني على نقله، وما الخواطر التي خطرت ببالي حين نقلته، وماذا أبتغي بنقله، وما الباعث على نقله، علمُك أنه انتقل من مكانٍ لآخر هذا يسمى علماً ، أما الخبير إذا قال الله عز وجل : ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ يعني يمكن أن تعمل عملا لا يشك أحد من الخلق أنه عمل طيب، وتكون النية ليست طيبة فالله خبير بما تعمل، قد تدعي شيئاً وأنت على خلافه، وقد تريد شيئاً في الظاهر، ولكنك في الباطن لا تريده، وقد ترحب وأنت تبغض، وقد تغضب وأنت تحبّ، حقيقة العمل ومؤدّى العمل هي للخبير فهو الذي يعلم ذلك، فالخبرة العلم بدقائق الأمور وببواطنها وبواعثها وبأهدافها البعيدة وبما يخامر فاعلها من مَشاعر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

   اسم الله: "الخبير"  :

 آية ثانية : ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)﴾ [البقرة: الآية 234].

قال تعالى : ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)﴾ [آل عمران: الآية 153].

 قد تجد إنساناً يعمل عملاً طيباً وربما ساق الله له بعض المصائب فتقول:

لِمَ أصيب وأعماله طيبة؟ أنت لا تعلم لأن الله هو الخبير، لم يَسُق الله له هذا الحادث إلا لحكمة بالِغةٍ ورحمة به، فالله بما تعملون خبير، مثلُ آخر؛ طبيب له الحق أن يرى موضع الألم من المرأة، لكنه إن نظر إلى موضع آخر لا تشكو منه فهل على وجه الأرض جهة تكشف خيانة بصره؟ لا... إلا الله، قال تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: الآية 19].

 وقال تعالى:﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ (سورة الحديد: الآية 22).

 فإذا أرسل الله عز وجل مصيبة فلا تحزنوا لمجيئها، ولا تفرحوا بما آتاكم فالله خبير بما تعملون، حكمة الله اقتضت أن يرسل عليكم هذه المصيبة، إنسان صالح هو في حركة انتقال من بيته إلى مسجده وبالعكس رزقه الله تعالى مبلغاً كبيراً من المال هل سيبقى على حاله أم يتغير؟ هذا لا نعلمه، لكن الله يعلمه فالله خبير بما تعملون، عَلِم ما كان وعلمَ ما يكون وعلمَ ما سيكون وعلمَ ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.

إن من عباديَ من لا يصلحه إلا الفقر فإذا أغنيته أفسدت عليه دينه، وإن

 من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فإذا أفقرته أفسدت عليه دينه، فمن الذي يعلم حقيقة النفس، كنت مرة في طريقي فرأيتُ جداراً منهاراً بسبب هبوب عاصفة هوجاء بلغت سرعتها مئة وثمانين كيلومترا في الساعة، فهذا الذي بنى الجدار هل يعرف السرعة التي ينهدم فيها الجدار؟ لا يعرف ونحن إذا أردنا أن نعرف لابد من التجارب، فبعض المعامل من أجل أن تعرف مقاومة الآلات، تضعها في ظروف صعبة بمركَبة تنتقل بِسرعة مئة كيلو متر وأمامها جدار من الإسمنت المسلّح.

طبعًا يحتالون على أن تنطلق من غير سائق ترتطم بهذا الجدار، فيختبرون مقاومة هذا المعدن وهذا الهيكل على سرعة مئة كيلو متر، ماذا فعل بها هذا الصَّدم الشديد؟ وإلى أي مكان وصل هذا الصّدم، ويبنون على هذه التجربة خبرتهم!

إن الإنسان الذي صنع هيكل مركبة وغلّفها وهيَّأها، لا يعرف في حال اصطدامها بِجدار مدى تأثير الجدار فيها إلا بعد الاختبار، فنحن لا نعلم إلا

بالتجربة، فخبرة الله قديمة وخبرة، الإنسان مكتسبة، والدليل أن خلق

الإنسان لم يطرأ عليه أيُّ تغيير منذ خلقه الله سبحانه وتعالى، فالبشر من العصور القديمة وحتى الآن لم يطرأ تغيير على خلقهم.

بينما إذا نظرنا إلى سيارة صنعت سنة ألف وتسعمئة مثلا، ترى بينها وبين التي صنعت سنة ألف وتسعمئة وخمسة وتسعين بَوْناً شاسعاً غير معقول، فالقطار الأول الذي صنع قديماً ألزمهم أن يضعوا إنساناً أمامه كي يحذر الناس حينما يمشي؛ فسرعته كانت تعادل سرعة الإنسان أما الآن فالقطار ينطلق بسرعة ثلاثمئة وستين كيلومترا في الساعة والتطورات لا زالت تأتي بالجديد، فالإنسان خبرته مكتسبة وحادثة أما الله فخبرته قديمة بدليل أن كل شيء خلقه الله خلقه منذ اللحظة الأولى في أبدع صورة وفي أكمل حال ولا زال على صورته وحاله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

   اسم الله: "الخبير"  :

قال تعالى:﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: الآية 88].

 مرة كنت عند أحد إخواننا الكرام الذين يعملون بإصلاح السيارات ورأيت عندهم قطعة ميكانيكيّة مُلقاة على الأرض فقلتُ: ما قِصَّة هذه القطعة ؟ فقال: جاءَت وجبة مركبات فيها هذه القطعة، وبعد عشرة آلاف كيلو مت من استعمال المركبة، تكسر من هذا المكان وأشار إليه، ويوجد فيها منطقة ضعيفة، والذي صمَّم هذه الآلة لم يكن يتخيَّل أنَّ هذا المكان ضعيف على التحمّل وبذل الجهد، ومنها علمت أنّ كلّ تعديل يطرأ على مركبة أو على آلة دليل نقص في الخبرة، والنقص في الخبرة يتلافونه في العام القادم! فالتطويرات التي تطرأ على خبرة الإنسان دليل على أن خبرته ناقصة ومكتسبة وحادثة، أما خلق الله الكامل والذي لا يزال كاملا وسيبقى كاملا دليل على أن خبرة الله قديمة :حليب الأم مثلا فقير من الحديد وهو معدن أساسي جدا في تكوين خضاب الدم، لو فحصنا طحال وليد رضيع نجد أن فيه كمية حديد تكفيه عامين إلى أن يتمكن من أن يأكل غذاءً منوّعا، فمن فعل هذا؟ الخبير، ولماذا جُعل ثقب بين الأُذين والأُذين في القلب، كشفه العالم (بوتال) وهذا الثقب وظيفته أنه مادام الطفل في بطن أمه ولا يلزمه هواء ولا يتنفس والرئة معطلة، لذلك بدل أن يدور الدم إلى الرئة ويعود إلى الأُذين ينتقل من أُذين إلى أُذين، وحينما يولد الطفل تحدث له جلطة لتغلق هذا الثقب كما قال العلماء، وعندها تنتقل الدورة التي كانت من الأذين إلى الأذين فتصبح من الأذين إلى الرئة إلى البُطَين كل هذا من صنع الخبير.

ويلح علينا الآن سؤال هام؛ لماذا لا نجد في أظافرنا وشعورنا أعصاباً

حسية؟ فلو كان الأمر كذلك لاحتجنا إلى الذهاب إلى المستشفى لتقليم

أظافرنا وشعورنا ولاحتجنا إلى تخدير.

 فهذا هو الخبير الذي أعطى كل شيء خلقه، إذ لم يجعل أعصاب الحس في الأظافر ولا في الشعر ولكنّه جعل أعصاب الحس في العظام! فإذا انكسر العظم تألّم الإنسان أشد الألم، فالشعور بالألم أربعة أخماس العلاج!

كذلك لو دققت في خلق الإنسان وفي خلق الحيوان والنبات لرأيت العجب العجاب، لو ترك الفلاح الشجرة بلا سقيا ما الذي يحصل؟ ستستهلك هذه الشجرة ماء الورق ثم ماء الغصن ثم ماء الفروع ثم ماء الجذع ثم ماء الجذور وآخر ماء تستهلكه هو الماء الذي في آخر الجذر، فلو كانت الشجرة تستهلك الماء ابتداءً من الجذور لماتت كل الأشجار لمجرد توقفنا عن سقياها مرة واحدة ولكن الله رحمة بنا جعل الدورة معاكسة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

   اسم الله: "الخبير"  :

ولماذا ينكمش الماء إذا بردناه؟ أما إذا وصل إلى درجة زائد أربعة فيزداد حجمه، هذه الظاهرة لولاها لما كانت حياة على سطح الأرض كل هذا من فعل الخبير، قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ

إِنَّ اللَّهَ خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ (8)﴾ [المائدة: الآية 8].

 حتى العدْل مع الكافر قُربة إلى الله، قد تقرّبه إلى الإيمان حينما تعدل مع الكافر، فهل هذا ابتغاء مرضاتِ الله أو خوف من الإنسان؟ من يكشف ما إذا كان هذا الإحسان صادراً عن خوف من الناس أو عن ابتغاء مرضاتِ الله؛ هو الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

 وفي آية أخرى : ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)﴾ [الأنعام: الآية 18].

 وقوله تعالى :﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: الآية 103]. لو احتال طبيب أسنان على قلع ضرس طفل فمهما يهون على الطفل ومهما يداعبه فإن الطفل يشعر بالألم، إما بألم الحقنة المخدِّرة أو بألم الضرس مباشرة، لكن الله الخبير إذا أراد تبديل أسنان هذا الطفل فهل يتألم هذا الطفل؟لا إطلاقاً فهو لا يشعر بسقوط أسنانه اللبنية وتبديلها.

 ويقول الله تعالى : ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)﴾ [التوبة: الآية 16].

 ورد اسم الخبير كما قلنا في أربعين آية من كتاب الله، والخبير هو الذي

يعلم بالبواعث والخواطر، يعلم الخلفيات والملابسات ويعلم حقيقة كل شيء، ويعلم الاحتمالات فنحن البشر لا نعلم حقيقة الشيء إلا بالتجارب، حتى إذا أردنا صنع دواء نزرعه في الجراثيم كي نتعرف إلى مدى مفعوله، إما أن يقتل تلك الجراثيم فهو فاعل، وإما أن تبقى حية كما كانت فهو غير فاعل، فعلوم البشر كلها أساسها التجربة، لذلك سموه بالعلم التجريبي لكن علم الله وخبرته لا يفتقر إلى التجربة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

  اسم الله: "الخبير"  :

 قال تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [الحج: الآية 63]. في مواضع كثيرة جاء اسم الخبير مقرونا باسم اللطيف فهناك علاقة بين الخبرة واللُّطف.

 آية أخرى : ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى

لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾ [النور: الآية 30].

 فهذا الذي يغض بصره أمام الملأ ويتصنع ثم إذا اختلى بنفسه ومد بصره إلى الحرام، هل يستطيع أحد أن يعرف إخلاص هذا المرء ورياءه؟ لا أحد ولكن اللطيف الخبير أعلم بحاله من نفسه، لذلك قال تعالى في آخر الآية إن الله خبير بما يصنعون.

 إذا علمت أن الله يعلم وهو خبير بِسِرِّك وجهرك وسريرتك وعلانيتك وخَلْوَتِك وجَلْوَتَك وبواعثك وخواطرك ومقاصدك وخلفياتك والمؤدَّى الذي تبتغيه من عملك، وعلمت أن الله خبير وأنك في قبضته، فما التطبيقات العملية لهذا الاسم؟ أنت مكشوف أمامه ولا تخفى على الله منك خافية، علانيتك كسرِّك، وجهرك كسِرِّك، فهذا يجعلك تستقيم على طاعته وألّا تخشى معه أحداً آخر وهذه هي أول ثمرة للإيمان باسم الخبير.

يقول القشيري : من أدب المؤمن مع اسم الخبير أنه مَن عرف أن الله خبير بأفعاله وأقواله وأعماله كان محترزاً في أقواله وأعماله وواثقاً بجميع اختياره وأنه ما قُسم له لن يفوته ومالم يُقسم له لن يُدركه، إذاً أولُ ثمرة الاستقامةُ والرضا والاستسلام، ومن أدرك وأيقن "اسم الخبير" يرى أن جميع الحوادث من الله سبحانه وتعالى، فتهون عليه الأمور بخلاف من يضيف بعض الحوادث إلى الحق وبعضها إلى الخلق، وأنه هو الفعال لما يريد وكل الأمور بيده، من خلال هذا نقول: إنك إذا أيقنت من "اسم الخبير" أنه هو المطلع على سرِّك وهو عليم بِخَفيِّ أمرك وما في صدرك يكفي لرفع همتك إليه واستحضار حاجتك في قلبك من غير أن تنطق بلسانك وهي فكرة دقيقة جداً، عِلْمكَ أن الله مُطَّلِعٌ على قلبك يجعلك تناديه نداءً خفياً كما فعل سيدنا زكريا: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً (3)﴾ [مريم: الآية 3].

 وبعضهم تجده يجهر بالدعاء وكأنه يناجي بعيداً، فالمؤمن إذا عرف اسم الخبير ناجاه في سرِّه وسأله في سرِّه ودعاه في سرِّه، ولم يحتج لرفع صوته بالدعاء،

قبل أن يُلقى إبراهيم في النار، قال له جبريل: أَلَكَ مِنْ حاجةٍ يا إبراهيم؟ قال: منك، قال: لا بل من الله، فقال: علمه بحالي يُغني عن سؤالي.

فإذا كنت يا الله معي في كل حالي فأنا في غنى عن حَمْل زادي، بعضهم ينصح المؤمنين أنّ مَن كانت به حاجة إلى الله أن يقرأ قوله تعالى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)﴾ [الملك: الآية 14].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

  اسم الله: "الخبير"  :

هناك معنى آخر للخبير، فأنت في دنياك تتحرك وهناك أهداف ووسائل سمح بها الشرع لكسب المال وهناك وسائل غير مشروعة، فقد يبدو لك أن هذه الوسائل التي لم يسمح بها الشرع أسرع ونتائجها أضمن وهدفها أكبر وتتوهم أن الطريق التي رسمها الله لك طريق طويلة وهزيلة، فيُقبل هذا الإنسان الجاهل على وسيلة غير مشروعة من أجل كسب المال فيُفاجأ بِتَلَف ماله؛ لماذا يا رب؟ فمِن أجل الوصول إلى دخْلٍ وفير أنت مكلف بتطبيق منهج الله، فالنجاح ليس بالذكاء وإنما بالتوفيق، والتوفيق بالطاعة، فالذي يسرع لوسيلة غير مشروعة ظناً منه أنها موصلة قبل المشروعة فهو واهم لأن الله خبير، وهو الذي أمرك بالإقبال عليه وأن الإنغماس في الشهوات شقاوة وأن كل السعادة بطاعة الله، فكل من اتبع الخبير يسعد.

قال تعالى : ﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾ [الكهف: الآية 28].

 فحينما تسلك منهج الله تقطف الثمار اليانعة وحينما تحيد عن منهج الله تندم أشد الندم لأنك أسأت الظن بالخبير، فيما يخص الآلات الثمينة والمعقدة وعظيمة النفع تعتقد بالبداهة والفطرة دون توجيه أن الذي صنعها هو الوحيد الخبير بها، ولذلك تحتاج لكُتيِّب، فإذا كان هذا في شأن هذه الآلة، فما بالك في شأن نفسك التي تحوي أسراراً وخفايا لا يعلمها إلا الله فهي تحوي أفكاراً وشهوات وروحاً وجسداً وميولات وغرائز وطموحات وقيماً ومبادىء وكلها أمورٌ معقدة جداً، أفلا يجعلنا هذا نقول إن لهذه النفس منهجا يوجهها ويسددها، إنه منهج الله: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: الآية 14].

 الإمام الغزالي رحمه الله تعالى تكلم عن حظ العبد من اسم الخبير فقال:

يجب أن يكون العبد خبيراً بأحواله وبإيمانه وخبيراً بمشاعره وأحوال قلبه والخفايا التي يتصف بها قلبه وخبيراً بإخلاصه واستقامته، فأقرب شيء منك جسمك ونفسك، فلا بد أن تكون خبيرًا بقلبك؛ هذه الخواطر التي تأتيك أمِن قلبك أم من نفسك أم من الشيطان؟ وهل هي وساوس أم إلهامات؟ وهل هذا العمل باعثه الإخلاص أم الرياء؟ ينبغي أن تكون خبيراً بأحوالك ونفسك وقلبك، وكسبِك للمال وإنفاقِه فاسم الخبير يقتضي أن تكون خبيراً بما أنت عليه لأن أول حركة لمعرفة أيّ مشكلة، هي أن تعرفها أنها مشكلة ثم تحددها إذْ إنك لاتترك عملا إلا إذا علمت أنه ذنب فقبل أن تترك الذنوب ينبغي أن تعلم ما الذنوب؟ فأول خطوة نحو إصلاح النفس أن تعرفها وتعرف حقيقتها وألّا تنخدع بها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

  اسم الله: "الخبير"  :

لازلنا مع الإمام الغزالي في الحديث عن حظ العبد مع اسم الخبير قال: يجب أن يكون العبد خبيراً بما يجري في عالمه، وعالمُه هو قلبه وبدنه والخفايا التي يتصف بها القلب من الغش والخيانة والتطوٌاف حول العاجلة وإضمار الشر وإظهار الخير والتجمل بإظهار الإخلاص مع الإفلاس، ولا يعرف ذلك إلا صاحب خبرة بالغة قد خبِر نفسه ومارسها وعرف مكرها وتلبيسها فحاذرها وتشمر لمعاداتها، فذلك العبد جدير بأن يسمى بين العباد خبيرًا، لذلك من عرف أن الله خبير كان بزمام التقوى مشدوداً وعن طريق المنى مصدوداً، وقال أحدهم: من أراد عِزاً بلا عشيرة وهيبةً بلا سلطان وغنىً بلا فقر فليخرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة.

 وقال بعض العلماء : لا يَنال الحظ الأوفر من هذا الاسم الشريف "الخبير"

 إلا من كان خبيراً بدسائس نفسه بصيراً بخدائع حسه، يعرف الفرق بين خطرات الشيطان وإلهامات المَلَك بصيراً بإلهامات الرحمن ووساوس الشيطان، وبعض العلماء لهم دعاء يتعلق باسم الخبير، يقول هذا العالم الجليل: إلهي أنت الخبير بالدقائق والبصائر والمطَّلِع على السرائر والناظر إلى الضمائر تجلَّ لي بنور اسمك الخبير بلا حول مني ولا تدبير، حتى أكون خبيراً بالأمور الغائبة عن الجهال وأنجو من الشرك الخفي وما هو أخفى في الأقوال والأعمال، ويتجلى لي مولاي الخبير نِعْم المولى ونِعْم النصير.

 لذلك فإليك الآية الكريمة :﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾ طه: الآية 7

 فمضمون هذه الآية : من لوازم خبرته أنه يعلم ما خفي عنك.

إن هذا الاسم له تطبيقان أساسيان:

 الأول : أن تعلم أنك مكشوف أمام الله، لا تخفى على الله منك خافية.

 الثاني : أن تكون أنت خبيراً بأحوالك وخواطرك وقلبك وإيمانك ووساوسك وإلهامات الملائكة، فأنت خبير، وأن تعلم أنه خبير عندئذ تتحق لك الفائدة من هذا الاسم الجليل. [الأنترنت - منتديات إنما المؤمنون

 إخوة  - اسم الله: "الخبير"  - كاتب الموضوع / أحمد محمد لبن ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

  اسم الله: "الخبير"  :

الفرق بين قوله تعالى :( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ( وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )

إذا كان السياق في غير العمل ويتكلم عن الإنسان في غير عمل ؛ كالقلب

.. أو السياق في أمور قلبية ،أو في صفات الله عز وجل

يقدم صفة الخبير على العمل، هذا خط عام .إذا كان السياق في عمل الإنسان يقدم العمل ( والله بما تعملون خبير ) يقدم العمل على الخبرة

وإذا كان السياق في أمور قلبية ؛ أو عن الله سبحانه وتعالى يقول(خبير بما تعملون )

• نضرب أمثلة حتى تتضح الصورة :(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ

بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمّ َلَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ  وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * فَآمِنُوا بِاللَّهِ

وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير) .. التغابن.

ذكر العمل فقدمه لأنه ذكر ما يتعلق بالإنسان وعمله فقدم العمل.

في حين قال تعالى :( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْد َأَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) .. النور

لاحظ : النفاق أمر قلبي وليست عملاً فقدم الخبرة

هذه القاعدة العامة إذا :

إن كان الكلام عن عمل الإنسان يقدم العمل على الخبرة

وإذا كان الكلام ليس عن العمل وإنما في أمر قلبي أو الكلام على الله سبحانه وتعالى يقدم الخبرة.

[ الانترنت – موقع منتديات فرسان الثقافة- لمسات بيانيه - أ.د فاضل السامرائى ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان : العليم الخبير :

     ورد اسم الله (الخبير) بتصريفاته خمساً وأربعين (45) مرة في كتاب

 الله، واقترن بـ(البصير) خمس مرات، فهو سبحانه (الخبير البصير)، واقترن بـ(اللطيف) خمس مرات، فهو سبحانه (الحكيم الخبير)، واقترن بـ(العليم) أربع مرات، فهو سبحانه (العليم الخبير)، وانفرد سبعا وعشرين (27) مرة في مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (التغابن: 8)، و{واللّهُ خبِيرٌ بِما تعْملُون} (المنافقون: 11)، و{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ} (النور: 30)، و{إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} (النمل: 88)، و{وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (فاطر: 14)، و{إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}(الأحزاب: 2)، و{وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}(الفرقان: 58).

- لنتدبر الآيات التي ورد فيها (العليم الخبير)!

     كنت وصاحبي في طريقنا إلى المشفى؛ حيث يرقد (بو مساعد) أحد رواد المسجد الذي لا تكاد تفوته صلاة جماعة، فقد غاب عن صلوات العشاء، والفجر، والعصر، ثم أخبرنا الإمام أنه يرقد في المشفى إثر ألم في الصدر، اشتبهوا أنه جلطة خفيفة مرت بسلام، ولكنهم آثروا إبقاءه لإتمام الفحوصات المطلوبة.

- الآيات الأربع التي ورد فيها (العليم الخبير) هي: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ

أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}(التحريم 3

 {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرً}(النساء: 35).

{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}(لقمان: 34).

 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}(الحجرات: 13).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان : العليم الخبير :

- لماذا تقدم (العليم) على (الخبير)؟

- كما في (السميع العليم)، ففي اللغة (الخبير) من يعلم الأمور على حقيقتها،

فهو سبحانه (يعلم) كل شيء، كما هو (يخبر) كل شيء، أي: يعلم حقيقته؛ فالعلم يسبق الخبرة، كما السمع يسبق العلم.

- وماذا عن المعاني في كتب التفسير؟

- آية النساء: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أي: إنه سبحانه عليم بما أراد الحكمان من إصلاح بين الزوجين أو غيره.

بل سبحانه (خبير) بما يريده الحكمان على حقيقته، فهو خبير بحقيقة نواياها وعزمهما ومرادها، وفي ذلك نذير للحكمين بأن يصلحا باطنهما كما هو ظاهر أمرهما، حتى يكتب الله الإصلاح على أيديهم، فإن هما فعلا ذلك نالا الإحسان على إحسانهما.

وفي آية الحجرات أيها الناس إن الله ذو علم بإيمانكم خبير بحقيقة تقواكم، فهو -عز وجل- يكرمكم وفق علمه وخبرته بكم، ليس بزعمكم ودعاواكم، وفي ذلك حث للخلق جميعا بالتزام حقيقة التقوى؛ لأنهم يتعامون مع (العليم الخبير).

     وفي آية لقمان يختم الله الآية التي ذكر فيها ما استأثر بعلمه دون خلقه بأنه -عز وجل- (عليم خبير)، فلاشك أن الذي لديه علم الساعة ونزول الغيث وما في الأرحام ورزق الناس ومماتهم، لاشك أنه (عليم خبير) سبحانه وتعالى، وهذه المذكورات جزء يسير من علمه وخبراته.

إن الإيمان بأن الله هو (العليم الخبير) يدفع العبد إلى إصلاح ظاهره وباطنه، عمله ونيته، عبادته وعقيدته، معاملاته وأخلاقه؛ لأن (العليم الخبير) مطلع عليهم وخبير بكل شيء سبحانه وتعالى. [الأنترنت – موقع الفرقان - العليم الخبير - للكاتب: د. أمير الحداد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان : العليم الخبير :

- لماذا تقدم (العليم) على (الخبير)؟

الفرق بين الخبرة، والمعرفة، والعلم :

المعرفه : المعرفة هي الإدراك والوعي وفهم الحقائق أو اكتساب المعلومة عن طريق التجربة أو من خلال التأمل في طبيعة الأشياء  أو من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين وقراءة استنتاجاتهم، المعرفة مرتبطة بالبديهة

والبحث لاكتشاف المجهول وتطوير الذات وتطوير التقنيات

العلم : هو مجموعة ومنظومة من المعارف المتجانسة والمتناسقة التي يعتمد في الحصول عليها على المنهج علمي دون غيره ،

الخبرة : هى المشاركة في عمل معين أو حدث معين، وغالبا ما يؤدي تكرار هذا العمل أو الحدث إلى تعميق هذه الخبرة وإكسابها عمقا أكبر وعفوية أكبر. لذلك تترافق كلمة خبرة غالبا مع كلمة تجربه.

مفهوم المعرفة :

هي حصيلة الامتزاج الخفي بين المعلومة والخبرة والمدركات الحسية والقدرة على الحكم والمعلومات وسيط لاكتساب المعرفة ضمن وسائل عديدة كالحدس والتخمين والممارسة الفعلية والحكم بالسليقة.و المعرفة هي “الإيمان المحقق الذي يزيد من قدرة الوحدة أو الكيان على العمل الفعال”. وبهذا التعريف يكون التركيز على العمل أو الأداء الفعال وليس على اكتشاف الحقيقة. وهذا ما يحصل في الغالب, حيث إننا نهتم بماذا يمكن أن تعمله المعرفة وليس بتعريف المعرفة ذاتها.

هناك فجوة بين العلم والخبرة :

   العلم حصاد أكاديمي لنظريات مختلفة لعاملين مـروا بالتجربة وقدموا حصاد تجاربهم في كتـب تـدرَّس فـي الجامعات.. ويستفيد الطالب من هذه

التجارب بالقراءة والشرح والتدليل.ولا يمكن لمدرس المادة أن يضع هـذه التجربة العمليـة بحذافيرها ومصاعبها ومصادفتها في الوضع الصحيح، وإنما يجتهد ما أمكن لـه ذلك. وكلما كـان مدرس المـادة أو المحاضـر ملِماً بالحيـاة العملية فإن النظرية تأخذ منحى مختلفاً فكريـاً عـن غيره – الـذي يُدرِّسها دون سابـق علم عملي. ويبقى الفكر محاصراً في كلمات أكاديمية ونظريات مكتوبة ..إن العمــل والخبــرة والتجربـة هـم أساس العلـم وليس العكس .. ولكي يكون العلم مفيداً ومؤثراً فــإن الحيـاة العمليـة تكـون المحك بصقلـه وتنميتــه والإضافة الحقيقية لمحتواه.. وتبقى فجوة كبيرة بين العلم والخبرة.فمثلا طالما أن مدرس الجامعة لم يمارس الحياة العملية ويمر بأحوالها التطبيقية.أن العمل طريق العلم ..والعلم المطبَّق خير من العلم المختزن..

[ الأنترنت – موقع  بيت ما الفرق بين الخبرة، المعرفة، العلم؟ ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الفرق بين المهارة والموهبة وكيف اطور كلا منهما ؟ :

     تمتد المهارة لتشمل مختلف المجالات الحياتية، سواءً في المسارات الأكاديمية والمهنية، والحياتية، حيث نجد مهارات الكتابة، الاستماع والاستيعاب، مهارات التواصل، مهارات العمل مع الفريق ومهارات القيادة وغيرها.

    باختصار، القدرة على القيام بأي شيء على أكمل وجه في أسرع وقت

 وأقل جهد هو مهارة مكتسبة. ونظرًا لسعة مجالاتها، وعدم وجود أيّ معايير أو شروط لامتلاكها فهي قابلة للاكتساب من قبل الجميع دون استثناء، لكنها مع ذلك تتطّلب الكثير من العمل الشاق والوقت لتطويرها. الموهبة يقصد بالموهبة، القدرة الخاصة على القيام بأمر ما، والتي يمتلكها الفرد فطريًا دون أي تمرين أو تدريب.

إنها شيء تبرع في القيام به دون جهد أو عناء يذكر. تولد الموهبة مع

الشخص، وتكون في الغالب مخفية حيث يجب اكتشافها والاعتراف بها في

الوقت المناسب، لأنها أشبه بالمادة الخام التي تحتاج للمعالجة والعناية حتى تنمو وتتطوّر. من الجدير بالذكر أنّ كلّ واحد منا يولد بموهبة خاصّة، ولا تقتصر الموهبة على الحقول الدراسية، إذ قد يمتلك الشخص موهبة في الغناء أو الرسم، أو الطبخ أو التمثيل أو غيرها من المجالات. ولتكتشف موهبة أحدهم (وخاصة الأطفال)، ما عليك سوى مراقبته وهو وحده، إذ سيلجأ مباشرة للقيام بما يبرع فيه ويستمتع به كثيرًا، وتلك في الغالب موهبته الدفينة. ما هو الفرق بين المهارة والموهبة؟ هناك عدد من الفروقات المهمّة التي تميّز المهارة عن الموهبة والتي نذكر منها ما يلي: الموهبة صفة فطرية يولد بها الفرد وملكة خاصة على القيام بأمر معيّن. في حين أنّ المهارة هي خبرة مكتسبة يحصل عليها الفرد بالتعلّم والتدريب. الموهبة هي هبة إلهية لا يد للإنسان في اكتسابها، في حين أنّ المهارة هي مقدرة تحتاج إلى الوقت والجهد لتطويرها.  يقتصر الموهبة الظاهرة على عدد محدود من الناس نظرًا لأن نسبة كبيرة منهم يفشلون في اكتشاف مواهبهم الدفينة. في حين أنّ المهارة قد تُكتسب من قبل أيّ شخص إن هو امتلك القدرة والإرادة ومصادر التعلّم المناسبة. تكون الموهبة مختفية دائمًا، لذا لابدّ من اكتشافها والاعتراف بها ورعايتها لتنمو وتتطوّر.

بعكس المهارة التي تكون ظاهرة ولا تحتاج إلاّ إلى التطوير والتمرين المستمر لتتطوّر. التمرين والتدريب يسهم بشكل ضئيل في تطوير الموهبة إلاّ أنه مع ذلك عنصر أساسي لاكتساب المهارة وتنميتها. اقرأ أيضًا: الفرق بين القيادة والإدارة: أيّهما أفضل؟ اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن خرائط العقل والتفكير وفوائدها وكيفية رسمها اقرأ أيضًا: ما هي مهارات التفكير الإبداعي ؟ كيف تطوّر المهارة؟ كما سبق أن ذكرنا، يمكن لأي شخص اكتساب مهارة في أي مجال يريده من خلال التمرين والتدريب المستمر، ولكنك قد تساءل نفسك: كيف أفعل ذلك؟ كيف أطوّر مهاراتي الحالية أو أكتسب مهارات جديدة؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الفرق بين المهارة والموهبة وكيف اطور كلا منهما ؟ : كيف تطوّر المهارة؟

إليك فيما يلي مجموعة من النصائح التي يمكنك اتباعها لفعل ذلك:

 1- اعثر على دافع عاطفي قوي لتعلّم أو تطوير هذه المهارة: قبل أن تبدأ بتعلّم مهارة جديدة، ابدأ دومًا بسؤال نفسك: "لماذا؟".  لأنك عندما تجيب عن هذا السؤال ويكون لديك سبب قوي للتعلّم (الدافع العاطفي لتحسين نفسك)، في هذه الحالة فقط ستتمكن من التغلب على جميع العقبات التي ستواجهك أثناء مسيرة التعلم. كمثال على ذلك، لنفترض أنّك ترغب باكتساب مهارات القيادة، لو سألت نفسك عن السبب الذي يدفعك لاكتساب هذه المهارة، قد يكون الجواب: "لأنها ستضمن لي الحصول على منصب أفضل في عملي؟" أو: "لأنها تتيح لي امتلاك شركتي

الخاصة؟" وهكذا.

 2- ضع جدولاً زمنيًا والتزم به: لا يمكن للمهارة أن تُكتسب أو تتطوّر من دون التمرين والتدريب المستمرين، لذا لابدّ أن تضع جدولاً زمنيًا للتعلّم وتلتزم به التزامًا تامًّا حتى تحصل على النتائج التي ترغب فيها. يمكنك البدء مثلاً بتحدّي الثلاثين يومًا، حيث تتدرّب على المهارة التي تريدها مدّة ساعة يوميًا لشهر كامل دون انقطاع. ستدهشك النتائج التي ستحصل عليها في نهاية الشهر!

 3- لا تجعل الموهبة عذرًا صحيح أنّ الموهبة قد تسهم في جعلك تكتسب

مهارة ما بسرعة أكبر، لكن لا تجعلها عذرًا للتخاذل والتراجع عن التعلم، كأن تقول: "أنا لستُ موهوبًا في الكتابة، لذا لن أتمكن أبدًا من اكتساب مهارة كتابة التقارير أو المقالات." ضع في حسبانك دائمًا أن الموهبة تقلّل الوقت والجهد لاكتساب المهارة وليس السبب الرئيس وراء امتلاكها.

 4- حدّد ما تريد أن تبرع فيه واتخذ الخطوات الصحيحة للبدء قبل البدء بالتعلّم حدّد بالضبط ما تريده، ولا تباشر بتعلّم أكثر من مهارة في الوقت ذاته، بل ركّز على مهارة واحدة فقط، تعلّمها جيدًا ثمّ انتقل إلى المهارة التي تليها وهكذا. ليس هذا وحسب، فقبل البدء بتعلّم أيّ مهارة جديدة ستجد العديد من المصادر ذات العلاقة، سواءً كانت كتبًا أو دورات عبر الانترنت أو غيرها، وفي خضمّ هذا الكمّ الهائل من المعلومات قد ينتهي بك المطاف دون أن تتعلّم شيئًا، لأنك لا تعلم من أين تبدأ. نصيحتنا لك هي أن تقوم بتجزئة هذه المهارة إلى أقسام صغيرة محدّدة ومفصّلة لتتمكّن من معرفة ما تريده بالضبط. مثلاً، بدلاً من القول أنّك تريد اكتساب مهارة التسويق، حدّد هدفك أكثر، وقرّر أيّ مهارات التسويق التي ترغب بها، إذ هناك التسويق الإلكتروني، والتسويق عبر الهاتف والتسويق المباشر وغيرها. ثمّ ابحث عن المعلومات المتعلقة بهذه الجزئية، وابدأ بتعلّمها حتى تتقنها ثمّ انتقل إلى جزئية أخرى وهكذا.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الفرق بين المهارة والموهبة وكيف اطور كلا منهما ؟ : كيف تطوّر المهارة؟

 5- أحط نفسك ببيئة تعلّم مناسبة لن تتمكّن من الاستمرار في تعلّم مهارة

معيّنة إذا كانت بيئتك المحيطة تحبطك على الدوام. لذا لابدّ لك من أن تحيط نفسك دومًا بالأشخاص الداعمين الذين يشجّعونك على المضي قدمًا نحو هدفك. ليس هذا وحسب، فالعادات السيئة غير الصحية قد تشكّل عائقًا أمام نجاحك أيضًا، لذا احرص على استبدالها بعادات صحية تعزّز تركيزك وطاقاتك لتستثمرها في التعلّم والتمرّن على المهارة الجديدة. كيف تطوّر الموهبة؟ نظرًا لأن الموهبة أمر فطري وهبة إلهية، فهي لا تحتاج إلى ذات الجهد والوقت للتطور كما هو الحال مع المهارة، وتكون تنمية الموهبة في الغالب عملية أكثر إمتاعًا من تعلّم المهارة الجديدة. فما هي يا ترى الطرق التي قد تسهم في تطوير موهبتك؟

1-                   غذّي شغفك يعتبر الشغف وقودًا للموهبة، فكلّما غذيته نمت موهبتك وازدهرت. هناك دومًا أمور تستمتع برؤيتها أو الاستماع لها أو تجربتها، وهذه الأمور هي التي تشكّل شغفك. هل تحب الكتب؟ الأفلام؟ الموسيقى والفنون أم الرياضة والهواء الطلق؟ اسأل نفسك عمّا تستمتع به، ثمّ أحط نفسك به، واستثمر فيه، فشغفك هو أفضل ما يمكن أن تنفق نقودك عليه لأنك في هذه الحالة تستثمر في نفسك وفي نجاحك المستقبلي.

2-                   شارك شغفك مع الآخرين عندما تمارس شغفك، ستشعر بالسعادة، وعندما تتشاركه مع الآخرين ستشعر بسعادة مضاعفة وبالإنجاز، الأمر الذي سيعزّز موهبتك ويدفعك إلى تحسينها وتطويرها أكثر. لا شكّ أنّ أفضل طريقة لتشارك الشغف هي مع أشخاص يمتلكون اهتمامات متماثلة، لأنك بهذه الطريقة ستتعرّف على مصادر جديدة للتعلم، وطرق جديدة للتعبير عن شغفك، بالإضافة إلى الانفتاح على فرص جديدة

لتوسيع هذا الشغف وبالتالي تنمية موهبتك.

 3- اشحذ قدراتك وطوّرها ونقصد هنا القدرات التي تستخدمها في الغالب لمشاركة شغفك والتعبير عن موهبتك. حيث أنّ تطوير هذه القدرات والمهارات سيعمل بدوره على تعزيز موهبتك. ولتتضح لك الصورة أكثر، إليك هذا المثال. لنفترض أنّك تستمتع بالاطلاع على تجارب الآخرين الملهمة أو بتخيّل قصص وأحداث تساعد الآخرين على التخلص من الإحباط والتفاؤل بالحياة. هذا هو شغفك وموهبتك الإبداعية، وحتى تشاركه مع الآخرين، اخترت الكتابة. هنا لابدّ لك من تطوير هذه المهارة من خلال بناء قاعدة مفردات ثرية ولغة سليمة تمكّنك من إيصال أفكارك للآخرين على الوجه الصحيح. ممّا سبق، نلاحظ أنّ كلاّ من الموهبة والمهارة أمران مختلفان، وقد يعتقد البعض أن الموهبة وحدها كافية للنجاح، أو أنّ المهارة وحدها ستحقق لهم طموحاتهم، لكن ذلك ليس صحيحًا تمامًا… نعم قد تحقق لك المهارة وحدها أو الموهبة وحدها نجاحًا يفرحك، لكنّ إن جمعت بينهما فستحقق طموحات ونجاحات أعظم. ابدأ الآن باستكشاف موهبتك ونمّها، وطوّر مهاراتك التي يمكنها أن تعمل يدًا بيد مع هذه الموهبة لتحققّ بذلك طموحات عظيمة وتصل إلى أهدافك التي تتمناها. [ الانترنت – موقع تطوير الذات - ما هو الفرق بين المهارة والموهبة وكيف اطور كلا منهما ؟ ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الحياة تجارب.. العاقل من يتعلم منها :

الحياة مجموعة من التجارب نخوضها مع أناس نلتقيهم، هناك البعض ممن

يخشى خوض التجربة، وهناك آخرون تفرض عليهم التجربة، وهناك فريق ثالث يصنع لنفسه التجربة ويخوضها.

ومما لاشك فيه أنه مع كل تجربة ستلتقي بأناس جدد، هناك أناس عاديون، وآخرون تتمنى لو تلتقيهم، وآخرون تخشى أن تقابلهم، وأناس ستفهم لماذا قابلتهم، وآخرون لا تفهم لماذا التقيت بهم، وفريق ثالث ستهرب منهم.

لكن المؤكد: هناك أناس ستحبهم وتتمنى لقائهم مرات ومرات، وآخرون ستكرههم وتتمنى لو لم تلتق بهم.

ليس من المهم ما هي مشاعرك.. لكن المهم أنك تعرف أن أي تجربة أنت تعيشها مهما كانت بسيطة، أو أي شخص قابلته مهما كان عابرًا.. فليس هناك

أمر يحدث هكذا صدفة، والأمر انتهى للأبد.

إذ لابد أن تترك التجربة فيك بصمة مهما كانت بسيطة أو مرحلية، فإما تركت بصمة في هذا الشخص أو ترك هو فيك هذه البصمة، كل بصمة منهم.. حتى لو لم تحسها في حينها.. لكن هي التي ستخلق منك بمرور الأيام.. إنسان جديد.. بالتأكيد لا يشبهك الآن.

لذا إياك أن تستهين بأي تجربة مهما كانت عادية أو بسيطة ولا تستهن بأبسط لقاء.. لأنك لا تعرف مدى تأثيرهم على روحك وعلى عقلك وعلى نفسك وحياتك كيف ستكون.

لذلك كان أحدهم يقول: فيما يتعلق بكثرة المعلومات والتعرض للخبرات المختلفة في الحياة، رأيت الخلاصةَ في قوله تعالى: «وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (البقرة: 216).

لكن مما لاشك فإن الأمر يحتاج لوعي أن تدرك ما هو نوع البصمة التي

 ستحفر داخلك .. وستغير فيك وفي حياتك وأنت لا تشعر.. لأنه من الممكن أن يكون هناك تراكمات لهذه البصمات تخلق منك إنسان ( مَسخ ) يتغير حتى يرضي الناس فقط، وأنت لا تشعر تجد نفسك مع الوقت تفقد هويتك ومعالم شخصيتك.

ومن الممكن أيضًا أن تخلق هذه البصمات منك إنسانًا جديدًا.. ناضجًا.. قويًا.. تواجه ولا تهرب.. تقع وتقف مجددًا .. تملك خبرات من كل التجارب وكل الناس .. فرق كبير بين الأمرين .. والفيصل وعيك وإرادتك للتغيير.[ الأنترنت – موقع عمرو خالد- الحياة تجارب.. العاقل من يتعلم منها ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

عبر مراحل الحياة تنمو خبرات الإنسان ومهاراته وثقافاته :

” .. حياة الإنسان القائمة على النمو تكوينا وفكرا وتعليما وخبرة، في تدرج مرحلي لاكتساب المعرفة والمال والترقي واكتساب الأصدقاء وتدعيم شبكة العلاقات … تتضمن مجموعة من الفصول التي تحكي قصة هذه الحياة، وللحياة الواحدة قصص وتجارب وخبرات لا تحويها المجلدات، أنماط من الأفكار والرؤى المتشابكة والمتباينة، نهج حياة، سلوكيات صالحة ناجحة وأخرى فاسدة فاشلة،”  تتسم المراحل التي يمر بها النص الروائي بالترابط والتسلسل الطبيعي في عرض الأحداث وتقديم الشخوص الذين يصنع منهم الكاتب بما يمتلكه من أدوات إبداعية وملكات كتابية، الخيال الواسع، القدرة على توظيف اللغة في العمل الروائي، الأسلوب الشيق، السرد المحكم، الإلمام بتفاصيل الأحداث التاريخية والجغرافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والعلمية … ذات العلاقة بموضوع النص المعالج …- يصنع – منهم أبطالا لروايته ليصل من خلالهم إلى تحقيق رسالته وغاياته من صناعة عمله الروائي، يكتشفها القارئ تباعا وهو يغوص في سطور الرواية شيئا فشيئا تدفعه الإثارة ويستدرجه التشويق ويستهويه تسلسل الأحداث وهو في أعلى درجات الاستمتاع والتحفيز، يستكشف المواقع ويطوف بين المدن ويشاهد الآثار وهي تطل من الكلمات، يستنشق غبار المعارك وعبير الأزهار ورائحة المطر، ويصغي إلى حوافر الخيل ويزلزله هدير الطائرات والمركبات والآلات في المصانع، ويعيش مع أبطال الرواية يتعرف على شخصياتهم وهويتهم وهواياتهم وسلوكياتهم وطرق تفكيرهم وأسلوب حياتهم … التي يصوغها قلم الكاتب بتحكم واقتدار، براعة التشويق وصدمة المفاجآت هما فخ الاستدراج الذي يميز الرواية عن غيرها من الأعمال الأدبية، كما أن ترابط الأحداث في العمل الروائي والتسلسل المحكم في عرض الصور واستحالة فصل المشهد الأول للرواية عن المشهد الختامي يمنح الرواية صبغة العمل المترابط المتكامل الذي يستحيل تجاوز أو حذف فصل منه من خارطة القراءة … الاستغراق في المتعة والإلمام بتفاصيل الأحداث والحكم على قيمة النص الأدبية وطبيعته والوصول إلى محتوى الرسالة التي أراد الكاتب إيصالها إلى القارئ، تلزم قارئ النص أو الباحث أو الناقد أو الهاوي قراءة جميع فصول الرواية، ومتى ما جاوز أيا منهم فصلا أو أكثر من فصول النص فسوف يفقد تلك المتعة وما يرافقها من تشويق، ولن يتمكن في المقابل من الحكم على قيمة النص بموضوعية واقتدار ولن يصل إلى أهداف الكاتب، إذ أن فصلا أو أكثر من فصول الرواية بات مفقودا من الخارطة المتضمنة بعضا من تفاصيل الأحداث …

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

عبر مراحل الحياة تنمو خبرات الإنسان ومهاراته وثقافاته :

وحياة الإنسان القائمة على النمو تكوينا وفكرا وتعليما وخبرة، في تدرج مرحلي لاكتساب المعرفة والمال والترقي واكتساب الأصدقاء وتدعيم شبكة العلاقات … تتضمن مجموعة من الفصول التي تحكي قصة هذه الحياة، وللحياة الواحدة قصص وتجارب وخبرات لا تحويها المجلدات، أنماط من الأفكار والرؤى المتشابكة والمتباينة، نهج حياة، سلوكيات صالحة ناجحة وأخرى فاسدة فاشلة، علاقات مثيرة تربطه بعناصر الحياة، مضحكة ومسلية ومبهجة أحيانا، مبكية محزنة مؤلمة في أحيان أخرى، أثره وتأثره بهذا المحيط الواسع، التطور الذي يصاحبه، إنجازاته وفشله في الحياة … قصة الإنسان هذه تتألف من عدد من المشاهد المتسلسلة التي تنقله طبيعيا من مشهد إلى آخر وفق حلقات متتالية ومترابطة ومنطقية يحكم تحركها زمان ومكان، في كل مشهد يعيش دقائقه الزمنية بحواسه فيستوعب تفاصيله ودقائقه وتطوراته وأحداثه بحلوها ومرها، بنجاحها وإخفاقاتها، يستفيد من تجاربها ويتعلم دروسها ويستوعب مضامينها، فينتقل إلى المشهد التالي وقد اكتسب من الأول مهارات وتجارب ودروس وخبرات لا تقدر بثمن في مسيرة الحياة الإنسانية، في هذه المشاهد المترابطة لا يمكن فصل جزء عن الآخر أو تجاوز مشهد من مشاهد الحياة والانتقال إلى ما بعده، وليس المقصود بذلك البعد الزمني الذي يستحيل تجاوزه أساسا، وإنما المقصود من ذلك أحداثه ومستجداته وإفرازاته وحيزه المكاني وتطوراته ومعارفه وما يميزه عن سابقه، ومشاركة الإنسان في صناعة الأحداث وفي صياغتها ومعايشة حركتها ونموها مؤثرا ومتأثرا بها يستفيد من دروسها ويتعلم من مدارسها، في هذه البيئة القائمة على الحركة والتفاعل والترابط يصبح من اليسير على الإنسان فهم أسرار الحياة وتحليل حركة الأحداث وقراءة التطورات الكائنة قراءة سليمة والانتقال تدريجيا في صناعة ومعايشة هذه التطورات … أما في حالة انفصال أو غياب جزء من حياة الإنسان من الممارسة والمعايشة التي تشكل أساس حياته، أو تخلفه وتجاهله وسكونه عن الإسهام في البناء والتطوير والعمل والتعلم ومتابعة ما يحدث في هذا العالم من طفرات علمية وسياسية واقتصادية وبذل الجهد في محاولة فهمها واستيعابها وتحليل الواقع واستشراف المستقبل والإعداد له … فسيؤدي به ذلك إلى الخلل والضعف والجهل، وهذا هو بالضبط ما حدث لمجتمعاتنا النامية التي انتقلت من مشهد الحياة التقليدية المتخلفة على جميع المستويات الفكرية والمعرفية والتكنولوجية والسياسية … بممارساتها ومعايشاتها وأساليبها النمطية إلى مشهد المتلقي المستهلك للثورة العلمية التكنولوجية التقنية الآتية إليه من العالم المتقدم والتي أبقته على جهله وتخلفه بأسرار هذه الصناعات والوسائل والعناصر التكنولوجية الغامضة التي ظل برهة من الزمن غير مؤمن بوجودها أصلا حتى باتت جزءا من حياته يتقلب في نعمائها لكنه عاجز في المقابل عن القيام بنفسه بصناعتها أو حتى بإصلاحها متى ما أصابها القصور أو التلف، ذلك العجز وذلك الخلل والجهل سببه أن عالمنا الناعس انتقل من مشهد كان فيه الأصل والمحور إلى مشهد جديد، أصبح الآخر فيه هو المحور والأصل، المسافة في الطفرة العلمية والتقنية مضمونا ومحتوى أصبحت بمرور الأيام شاسعة، هذه المسافة عجز عالمنا عن ردمها فظل متسمرا كما هو في موقعه يتابع المشاهد الزمنية تتحرك وهو في موقف المتفرج الساكن المتواكل الخامل، لأنه انتقال غير طبيعي تجاهل فيه مشاهد العلم والعمل والإبداع والإسهام في صناعة التقدم ومشاركة عالمه صناعاته وعلومه في فصول رواية الحياة .

[ الأنترنت – موقع الوطن - عبر مراحل الحياة تنمو خبرات الإنسان ومهاراته وثقافاته - سعود بن علي الحارثي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

الحياة ذكاء وخبرة :

بادئ ذي بدء يتعين التمييز بين الخبرة والتجربة، فالتجربة هي عمل أو فعل

 أو تصرف، وبتكرار ذلك تتولد الخبرة، فالعمل تطبيقي بينما الخبرة فكرة

عقلانية وليدة التجارب.

هل الذكاء يصنع الخبرة أم العكس؟ الحقيقة أن الذكاء يوجه نحو الخبرة المثمرة، بيد أن الخبرة توسع من آفاق الذكاء الذي يفترض أن يتوقف عند عمر معين غالباً ما بين (16-25) سنة من عمر الإنسان، لذلك يعتمد الذكاء عند توقفه على الخبرة كي يوسع آفاق امتداده، وفيما يلي بيان ذلك:

يعيش الإنسان وسط علاقات اجتماعية متعددة ومتنوعة، تزوده بحقائق ومعلومات يستند عليها في سلوكه، وهو يواجه نوعين من الحقائق، النوع الأول: هو منظومة القيم السائدة في المجتمع، وهي منظومة معترف بها، وتتفاوت طبيعتها بين النظرية والتطبيق، فهي منصوص عليها في أمهات الكتب الخاصة بموضوعها، ولاسيما كتب علم الأخلاق وفلسفة الأخلاق، ولكن تطبيقها يتفاوت بين فرد وآخر، أما ما هو سائد فهو السلوك المجتمعي الذي يجاوز السلوك الفردي، فيحصل بون يتفاوت بين التقيد بأخلاقيات الجماعة البشرية الخاصة بنظام القيم الاجتماعية، والفرد الذي قد يتربى في أسرة ذات أخلاق رفيعة، ولكنه حينما ينضج ويباشر علاقاته الاجتماعية يصطدم بالوقائع المنافية للقيم التي قد تربى عليها في نطاق أسرته، ولكنه مجبر في الانخراط في علاقات تفرضها ضرورة الحياة الفردية والاجتماعية، وهنا تحصل له الخبرات، فإذا أخطأ الفرد في مسألة معينة فهذا يحصل بسبب انعدام المعلومة الصحيحة حول هذا الخطأ، فإذا أخطأ في الموضوع نفسه ثانية فيمكن تفيسر مرد ذلك بالنسيان الفردي، أما إذا أخطأ ثالثة في الموضوع ذاته فهذه هي الحماقة!

إذاً، تتولد لدى الإنسان خبرات متعددة ومتنوعة تؤهله لكي يعيش في هذه الحياة الاجتماعية، ويقيم علاقات مستمدة من وقائع خبراته الشخصية وأهدافه في المستقبل، والأمر الواجب الاتباع، حصر هذه الخبرات في ميدان المنطق، فيجرى تمييز أنماطها وآثارها، فإذا انتبه إلى مغزى وجودها واستثمر ما هو ملائم لكل ظرف أو وضع فهذا من الحكمة، ويمكن اعتباره من الذكاء، والحياة تشجع على تنمية الذكاء من خلال الخبرات اليومية التي ستصبح فيما بعد خبرات العمر، فيتصرف الإنسان في كل موقف التصرف الذي يراه صحيحاً، فإذا أثبت قابل الأيام أن هذا التصرف صحيح فعلاً فهو موقف مرسوم، أما إذا ثبت خطأ التصرف فلابد من مراجعة مفاهيم ومعايير الخبرات لوزن هذا التصرف في ضوئها.

والخبرة في الحياة تعلم المرء متى يتكلم ومتى يصمت، ومتى يتحرك ومتى يقف، ومتى يقيم علاقات متطورة مع أناس، ومتى يبتعد عن آخرين، فالذكاء الفردي المتولد من هذه الخبرات قابل للنمو والاستدامة، والمراجعة ضرورية للتأكد بأن الظروف ملائمة لهذا التصرف الفردي أو ذاك.

ومن يعتقد بأن الحياة ذكاء وخبرات يكون ناجحاً في حياته، لأنه يصبح يقظاً تجاه الأحداث والمواقف فلا يتسرع بالانسياق وراءها، وإنما يحكمه مخزون خبراته الشخصية فيتصرف بموقف عقلاني مدروس، وهذا هو نهج الأفراد الناجحين في الحياة، فلم يكن النجاح صدفة، وإنما كان نتيجة تخطيط عقلاني متميز للعلاقة بين الذكاء والخبرات. [الأنترنت – موقع  الرائد - الحياة ذكاء وخبرة - د. عبد القادر الشيخلي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان : أقوال عن الخبرة :

*جبران خليل جبران : السلاحف أكثر خبرة بالطرق من الأرانب

*محمد موسى الشريف : التاريخ هو تراث الأمة وكنزها. وهو مقياس عظمتها

في بابي الحضارة والثقافة. وهو ديوانها الذي تحتفظ فيه بذاكرتها. وهو مغترف العبر والعظات لأحداثها. وهو بيانٌ لسيرة عظمائها. وهو ماضيها الذي تستند إليه لحاضر أفضل ومستقبل أجلّ. وهو دراسة أحوال الماضين من الأمم والشعوب الأخرى. وهو وعاء الخبرة البشرية.

*العمر يكسب الخبرة و يكسب العقل الحكمة ( مثل انجليزي )

*الخبرة أم العلم (مثل فرنسي )

*(غاندي) أوقية من الخبرة تساوي أكثر من طن من الوعظ.

*ذو الخبرة يعرف أكثر من العراف ( فيدر)

*يوسف القرضاوي : إن المشتغلين بالتربية والتعليم يقولون بعد دراسة خبرة ومعاناة : إن المعلم هوالعمود الفقري في عملية التربية / وهو الذي ينفخ فيها الروح ، ويجري في عروقها دم الحياة مع أن في مجال التعليم والتربية عوامل شتى ومؤثرات أخرى كثيرة من المنهج إلى الكتاب إلى الإدارة إلى الجو المدرسي إلى التوجيه أو التفتيش وكلها تشارك في التوجيه والتأثير بنسب متفاوتة ولكن يظل المعلم هو العصب الحي للتعليم.

*(توماس اديسون) في الرجل المعدة وحدها يمكن أن تكون راضية تماما . التعطش للمعرفة والخبرة ، والرغبة في المتعة والراحة لا يمكن استرضائهما .

* عصفور الغاب أفضل من عصفور القفص. (مثل إيطالي)

*(مثل برازيلي ) الشجرة الوارفة لا تثمر دوما الفاكهة اللذيذة.

*(مثل تركي ) من مسك لجامه يعرف الحصان خياله.

*قيس عشر مرات وقص مرة واحدة. (مثل روسي )

*(مثل روسي ) لا ينام الثعلب على الشوك إلا مرة واحدة.

*(مثل روماني ) النحلة الجيدة لا تحط على زهرة ذابلة.

*مئة رجل وديع لا يوازنون رجلا مجربا ( مثل فيتنامي )

*(مثل فيتنامي ) من يبغ السفر بسرعة عليه اجتياز الدروب القديمة

*من الوقوع يتعلم الفارس الركوب ( مثل كردي )

*(مثل لاتيني ) ذو الخبرة يعلم أكثر من العراف

*(مثل لاتيني ) خلال العاصفة يعرف الربان

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع (الخبير ) وهي بعنوان :

أقوال عن الخبرة :

*أفضل حداد يطرق أحيانا إصبعه (مثل هولندي )

*( باولو كويلو ) فلتكن شجاعا و تخاطر ، فلا يمكن استبدال الخبرة بأي شيء آخر

*تسلح بالخبرة ، فإن لم تكن تملكها ، فتزود بها من اصحابها ( اليانور روزفلت )

*ينضج الناس من خلال الخبرة إذا واجهوا الحياة بشجاعة و مصداقية ، فهكذا تُكتسب الصفات التي تميز الإنسان ( وليام أوسلر )

*يبدأ الطبيب حياته المهنية بأن يصف عشرين دواء لكل مرض ، و بعد سنوات من الخبرة ينتهي الى ان يصف دواء واحداً لعشرين مرضاً ،

السلاحف اكثر خبرة بالطرق من الارانب ( جبران خليل جبران )

*الخبرة … مدرسة جيدة ، لكن مصروفاتها باهظة ( هاينرش هاينه )

*الشورى و الاستشارة من المبادئ الإسلامية المهمة ، و قد دلتنا الخبرة

أننا كثيراً ما نعثر على حلول عظيمة لدى أشخاص لا نتوقعها منهم . كما أن بعض العقول الجبارة قد تغفل عن أشياء سهلة و قريبة ( جي بول جيتي )

*في اوقات التغيرات السريعة يمكن ان تكون الخبرة ألد اعدائك ، بالخبرة و الممارسة ، يصبح بامكانك تقدير الوقت اللازم لانجاز كل عمل أو مهمة ( هارولد جينين )

*في عالم الاعمال يتم دفع الاجور على صورتين : المال والخبرة .. خذ الخبرة الآن و سوف يأتيك المال لاحقاً

*يا باري القوس بريا ليس يحسنه لا اظلم القوس، أعط القوس باريها

من يدق لدغة الأفعى وإن سلمت منها حشاشته يفزغ من الرسن

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها (ابن عباس )

*من لم يجلس في الصغر حيث يكره، لم يجلس في الكبر حيث يحب ، تعلم من أخطاء الآخرين ( أبو عبيدة الجراح )

*( أرسطو ) اعتبر لمن مضى قبلك، ولا تكن عبرة لمن يأتي بعدك

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان: أقوال عن الخبرة :

*( الأعشى ) لا تقطعن برأي نفسك واستشر من ذاق أحوال الزمان ومارسا ، إن الرجال صناديق مقفلة وما مفاتيحها إلا التجاريب

* (الشبراوي ) السنون أكبر معلم

* ( أوغست ديتوف ) لا احد يثق بالخبراء، ولكن الجميع يصدقونهم

*الأمثال خبرة الشعوب، ونتيجة التفكير السليم، اختزلت إلى صيغة مصغرة.

 ( ريفارول )

*( ستانلي هايغ ) الخبير هو صاحب أكبر معرفة في أصغر موضوع

*( مثل إنكليزي ) تكسب المهارة بالخبرة

* الثور الهرم هو من يجعل الثلم مستقيما ( مثل إيطالي )

*( مثل عربي ) لا يتعلم الإنسان إلا من كسبه

*( مثل عربي ) أعط خبزك للخباز ولو أكل نصفه

*من نهشته الحية يحذر من الرسم الأبلق ( مثل عربي )

*( مثل عربي ) أكبر منك بيوم أعلم منك لسنة

*( محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم) «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»

*ينبغي أن نصدق كل خبير في مجال مهنته ( مونتاني )

*(هنري إتيين )  لا يأتي بالابتكارات إلا الخبراء الشيوخ

*( إدوارد T.  ) قاعةالخبرة المكانية ليست بصرية فقط، ولكنها متعددة الحواس

*( أنتوني روبنز)  النجاح هو نتيجة للرأي الصائبو الرأي الصائب هو نتيجة للخبرةو الخبرة هي نتيجة للفشل في إصدار الأحكام

*الخبرة  هي الاسم الذي يصف به كل شخص أخطائه ( أوسكار وايلد )

*(جون لوي فورنييه ) عندما لا يتوافر لنا الحظبتعين إمتلاك المقومات البدنية للوظيفةإتخاذ هيئة البؤس مسألة خبرة حياتية.

*من المعرفة والخبرة نستمد سلطان الاختيار (سيد قطب)

*(عز الدين شكري فشير) لكن الخبرة لا تقول لى ماذا يتعين علىّ فعله.

*( كتب ألدوس هاكسلي ذات مرة ) : «الخبرة ليست ما يحدث للإنسان، وإنما ما يفعله الإنسان بما يحدث له.»

*إن سعة المعرفة ذريعة إلى سعة الثروة، وإن الخبرة بالدنيا أقصر طريق لخدمة الدين! ( محمد الغزالي )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان: أقوال عن الخبرة :

*( محمد المنسي قنديل ) وجوههم المتعبة فقدت الرغبة فى أى مشاركة حية بينهما، الشطرنج هو فقط الخبرة الصامتة المسموح بها..

*في العزلة كفاءةُ المُؤْتَمَن على نفسه , يكتب العبارة وينظر إلى السقف ثم يضيف : أن تكون وحيداً ,أن تكون قادراً على أن تكون وحيداً هو تربية ذاتيَّة .. العزلة هي انتقاء نوع الأَلم , والتدرّب على تصريف أفعال القلب بحريّة العصاميّ .. أَو ما يشبه خلوَّك من خارجك وهبوطك الاضطراري في نفسك بلا مظلَّة نجاة .. تجلس وحدك كفكرة خالية من حجة البرهان , دون أن تحدس بما يدور من حوار بين الظاهر والباطن .. العزلة مصفاة لا مرآة ترمي ما في يدك اليسرى إلى يدك اليمنى , ولا يتغيَّر شيء في حركة الانتقال من اللا فكرة إلى اللا معنى , لكن هذا العَبَثَ البريء لا يؤذي ولا يجدي : وماذا لو كنتُ وحدي ؟ العزلة هي اختيار المُترَف بالممكنات , هي اختيار الحرّ , فحين تجفّ بك نفسُك , تقول : لو كنتُ غيري لانصرفتُ عن الورقة البيضاء إلى محاكاة رواية يابانية , يصعد كاتبها إلى قمة الجبل ليرى ما فعلت الكواسر والجوارح بأجداده الموتى , لعلِّه ما زال يكتب , وما زال موتاه يموتون لكن تنقصني الخبرة والقسوة الميتافيزيقية تنقصني وتقول : لو كنتُ غيري. – (محمود درويش )

*فلتكن شجاعا وتخاطر فلا يمكن استبدال الخبرة بأي شيء آخر. ( باولو كويلو )

*ليس هناك مضيعة للوقت إذا كنت تستخدم الخبرة بحكمة. ( أوغوست رودان )

*الخبرة بكل بساطة هو الإسم الذي نُطلقه على أخطائنا. ( أوسكار وايلد )

*أثبت علم نفس الجماهير كما أكدت الخبرة، أنه من الممكن التأثير على الناس من خلال التكرار المُلح لإقناعهم بخرافات لا علاقة لها بالواقع. ( علي عزت بيغوفيتش )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان: أقوال عن الخبرة :

*الثقافة ليست محشوة في الكتب فقط .. قد يقرأ أحدهم ألف كتاب ولا يتضاعف مخزونه المعرفي بل على العكس قد يتعب عقله ويفرغ كل ما كان يحويه – هذا إن كان يحوي شيئاً في الأصل – !! العقل السليم هو ما تحتاج فقط لأنك إن ملكته تستطيع أن تحصل على الخبرة والمعرفة من أمّي لا يعرف القراءة والكتابة. – مثل الحسبان ( كاتبة أردنية )

*كل منا اختبر أكثر مما يمكنه فهمه واستيعابه , لذلك نقول دوما بان الخبرة

هي وحدها ما يمكنها أن تؤثر على تصرفاتنا على خلاف الفهم والاستيعاب.

 (مارشال ماكلوهان )

*الخبرة مدرسة جيدة، لكن مصروفاتها باهظة. ( هاينرش هاينه )

*الملل هو طائر الاحلام الذي يضع بيضة الخبرة، وأدنى صوت يجعله يطير بعيدا. ( والتر بنيامين )

*الخبرة ليست هي ما يحدث للانسان بل ما يفعله الانسان بما يحدث له. ( أرخميدس )

*ينضج الناس من خلال الخبرة إذا واجهوا الحياة بشجاعة و مصداقية.

فهكذا تُكتسب الصفات التي تميز الإنسان. ( إليانور روزفلت )

*غرام من الخبرة يوازي طناً من النظريات. ( روبرت سيسل )

*اذا اردت النجاح في الحياة اجعل من المثابرة صديقك الحميم , ومن الخبرة مستشارك الخاص , ومن الحذر اخيك الاكبر , ومن الامل حارسك العبقري. (جوزيف أديسون )

*الخبرة, هي الاسم الذي يصف به كل شخص أخطائه. ( أوسكار وايلد )

*أكبر درس تمنحه لنا الخبرة في الحياة هو أننا لا يجب أبدا أن نثق بالخبراء.

( روبرت سيسل )

* في البدء الحب الأعمى وبعدها الارتباك، صغر السن وانعدام الخبرة بالحياة واهتزاز الثقة في النفس تطيل المراحل وتصعب الانتقال, ولم يكن الانتقال سوى حب مكلف يشكك نصفه الأعمى فيما يراه نصفه البصير ( رضوى عاشور ) [ الأنترنت – موقع أقوال عن الخبرة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

كيف حصلت على الخبرة في الحياة ؟ :

هناط طرق عديدة اخي العزيز مثل :-

1 ـ النظر لتجارب الآخرين من حولك والتعلم منها : والاستفادة من الأحداث التي تحصل للأصدقاء وغيرهم بدلاً من المرور عليها بسرعة ، انظر لمشاكل من حولك جيداً وخذ منها العبرة وفكر كيف كان بالإمكان تجاوزها

2 ـ القراءة المكثفة في شتى مجالات الحياة : وما نعنيه بالقراءة هي القراءة

الجادة وليس قراءة المجلات الهابطة. اقرأ في شتى الكتب الثقافية

والاجتماعية وغيرها وحاول أن تكتسب الكثير من المعلومات من خلالها .

3 ـ الاستفادة من أهل الخبرة : فقد يكون حولك جد أو جدة أو والد أو والدة لديهم خبرة وتجارب كثيرة في مشاكل الحياة وأحداثها الصعبة .. استمعي إليهم وتعلم من قصص حياتهم واستفيد .

4 ـ حضور الدورات الاجتماعية والنفسية : التي تساعدك على تطوير ذاتك ومهاراتك وتقوي شخصيتك وتكسبك خبرة أكثر في شؤون الحياة .

5 ـ تقوية صلتك بالله ورفع مستوى إيمانك : وهو الأهم ، فكلما ازدادت

صلتك بالله وتوكلك عليه كلما وفقك الله للقرارات الصائبة وأرشدك للحق بإذنه. وكلما كنت معه وقت الرخاء كان معك وقت الشدة إن شاء الله [ الأنترنت – موقع صيد الفوائد - طرق تزيد خبرتك في الحياة  - مجلة حياة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الخبرات التعليمية :

أولا :  تعريف الخبرات التعليمية : هي عملية التفاعل بين الفرد وبين الظروف الخارجية في البيئة التي يستطيع أن يستجيب إليها، سواء كانت بيئة طبيعية او فكرية أو نفسية، أو اجتماعية.

ومن هذا التعريف يتبين لنا أن التلميذ له دور إيجابي ونشط، ويتعلم مما يقوم به بنفسه وليس مما يقوم به المعلم، ومن واجب المعلم تزويد تلاميذه بالخبرات التربوية من خلال تحديد الموقف التعليمي والبيئة المحلية.

ثانيا: أنواع الخبرات :

يوجد هناك نوعان من الخبرات هي: الخبرات المباشرة، والخبرات غير المباشرة.

أ)- الخبرات المباشرة :

وهي تلك الخبرات القائمة على تفاعل التلميذ المباشر مع الشيء المراد إكسابه للتلميذ في العملية التعليمية، وان الخبرات المباشرة تقوم على الإدراك الحسي، أي تعتمد على حواس الشم والبصر والسمع.. الخ، كما أنها لا تقف عند حد المدرسة ذاتها و إنما تشمل الحياة كلها سواء داخل المدرسة أو خارجها، وان التعلم الناتج عن الخبرات الحسية المباشرة لهو أفضل أسمى من أنواع التعلم الأخرى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الخبرات التعليمية : لكن هناك صعوبات منها:

ألا انه توجد صعوبات تحد من استخدام هذا النوع في المدارس ومن هذه الصعوبات ما يلي :

1) البعد الزماني: كدراسة حياة إنسان في مجتمع من المجتمعات.

2) البعد المكاني: كدراسة مشكلات الزنوج في أمريكا.

3) خطورة التواجد على أرض الواقع: تجارب نووية.

4) سرعة وقع الظاهرة: ظاهرة البرق.

5) صغر وكبر حجم الواقع عن الحد المعقول: كدراسة حياة النملة.

نتيجة لذلك اهتم بالخبرات غير المباشرة.

ب)- الخبرات غير المباشرة : وهي خبرات غير واقعية أو مطابقة للحقيقة، في ليست الحقيقة ذاتها و إنما هي صورة منقحة لها مثل (الأفلام الثابتة والمتحركة، النماذج الدراسية،.... الخ

ثالثا: معايير اختيار الخبرات التعليمية :

توجد عدة معايير لاختيار الخبرات التعليمية منها ما يلي :

1- أن توازن الخبرات بين الفرد والبيئة.

2- أن تكون الخبرات مترابطة ومنظمة.

3- أن تكون الخبرات متنوعة وتحقق مبدأ الاستمرارية.

4-أن تكون الخبرات موجهة لتحقيق عدة أهداف تربوية متنوعة.

رابعا: وظائف الخبرات التعليمية :

توجد عدة وظائف أساسية للخبرات التعليمية منها ما يلي :

1- إنها تساعد على اكتساب المعلومات.

2- إنها تساعد على تنمية اتجاهات اجتماعية.

3- إنها تساعد على تنمية ميول واهتمامات التلاميذ.

4- إنها تساعد على تنمية مهارة التفكير وحل المشكلات المتعددة لدى التلاميذ. [ الأنترنت – موقع مداد - الخبرات التعليمية ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

«الخبير» محيط بأحوال خلقه ولا يخفى عليه شيء :

   الله هو الخبير العالم بدقائق الأشياء على ما هي عليه، لا تغيب عنه الأخبار الباطنة ولا يخفى عليه في الملك والملكوت شيء ولا تتحرك ذرة في الكون ولا تضطرب ولا تثور نفس ولا تطمئن إلا ويكون علمه محيطا بها، الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا تتحرك حركة إلا يعلم مستقرها ومستودعها. والخبير سبحانه هو العالم بما كان وما هو كائن وما سيكون، وليس ذلك إلا لله عز وجل، فهو العليم المحيط علمه بكل شيء، لا يخلو من علمه مكان ولا زمان ويعلم الغيب والشهادة، والظواهر والبواطن، والجلي والخفي، لا يعزب عنه مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ولا يغفل ولا ينسى، وعلوم الخلائق على سعتها وتنوعها إذا نسبت إلى علم الله اضمحلت وتلاشت، كما أن قدرتهم إذا نسبت إلى قدرة الله لم تكن لها نسبة بوجه من الوجوه، فهو الذي علمهم ما لم يكونوا يعلمون، وقدرهم على ما لم يكونوا عليه قادرين. وعلم “الخبير” سبحانه محيط بجميع العالم، وما فيه من المخلوقات ذواتها وأوصافها وأفعالها، وجميع أمورها، فهو يعلم ما كان وما يكون في المستقبلات التي لا نهاية لها، وما لم يكن، ويعلم أحوال المكلفين منذ أنشأهم وبعد ما يميتهم وبعد ما يحييهم، أحاط علمه بأعمالهم كلها خيرها وشرها وجزاء تلك الأعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار. والخلاصة كما يقول العلماء، أن الله هو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والأسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات، وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر، والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء. صفة الخبرة ويدل اسم الله الخبير على ذات الله وعلى صفة الخبرة، قال تعالي: “كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا”، “الكهف 90”، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والإحاطة واللطف والحكمة وغير ذلك من صفات الكمال، وقد ذكر الله كمال علمه بخلقه وإحاطته بهم ثم عقب باسمه الخبير فقال: “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير”، “الملك 14”، وقال سبحانه أيضا: “لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، “الأنعام 103”، ليبين أن من لوازم الخبرة العلم والإحاطة فلا يكون خبيرا بغير ذلك.                    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

«الخبير» محيط بأحوال خلقه ولا يخفى عليه شيء :

وورد اسم الخبير في القرآن الكريم في أكثر من أربعين آية، على سبيل الإطلاق والإضافة، وفي بعضها مقترنا بثلاثة أسماء هي الحكيم في قوله تعالي: “وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير” “الأنعام 18”، وباللطيف كما في قوله: “لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير” “الأنعام 103”، ومقترنا باسم الله العليم في قوله تعالي: “فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير”، “التحريم 3”. وقد ورد الاسم في السنة عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لها: “لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير”. ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم يا خبير يا بصير سبحانك وبحمدك توكلت عليك في مسألتي وأنت عليم بذنبي، فاغفر لي وعافني وارزقني واقض حاجتي ويسر أمري”. صنعة الإنسان والخبير هو الذي يخبر الشيء بعلمه، لكن الخبرة أبلغ من العلم لأنها علم وزيادة، فالخبير بالشيء من علمه وقام بمعالجته وبين خصائصه وجربه وامتحنه فأحاط بتفاصيله الدقيقة وألمّ بخصائصه اللصيقة ووصفه على حقيقته، فالعلم نظري والخبرة عملية. وخبرة الله قديمة قدم وجوده، أما صنعة الإنسان فتتطور بحسب خبرته المتنامية، ولا أحد أبداً أعلم بخلق الله منه فهذه حقيقة عظيمة كما يقول تعالى: “ولا ينبئك مثل خبير”، وفي الآية دلالة قاهرة على من اعترض على الأحكام الشرعية فالله هو الخالق لكل موجود، الخبير بهذا الخلق فهو أحق وأعلم وأحكم من حكم وشرع، وقال سبحانه: “وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير”، “الأنعام 18”، هو الذي يعلم كل شيء ولا يغيب عن علمه صغيرة ولا كبيرة، ومطلع على حقيقة كل شيء مهما دقت أو خفيت، عليم بدقائق الأمور ولا تخفى عليه خافية، يعلم الداء والدواء، يعلم الظاهر والباطن، يعلم الشكل والمضمون، يعلم جلائل الأمور ودقائقها، يعلم ما يرى بالعين وما لا يرى. يقول الإمام الغزالي رحمه الله، الخبير هو الذي لا تعزب عنه الأخبار الباطنة ولا يجري في الملك والملكوت شيء إلا بعلمه ولا تتحرك ذرة ولا تسكن إلا بعلمه ولا تضطرب نفس ولا تطمئن إلا بعلمه، ويجب أن يكون العبد خبيرا بأحواله وبإيمانه وخبيرا مشاعره وأحوال قلبه والخفايا التي يتصف بها قلبه وخبيراً بإخلاصه واستقامته، فاسم الخبير يقتضي أن تكون خبيرا بما أنت عليه، ويجب أن يكون العبد خبيرا بما يجري في عالمه، وعالمه هو قلبه وبدنه والخفايا التي يتصف بها القلب من الغش والخيانة، وإضمار الشر وإظهار الخير، ولا يعرف ذلك إلا صاحب خبرة بالغة قد خبِر نفسه ومارسها وعرف مكرها. ومن علم أن الله خبير بأحواله كان محترزا في أقواله وأفعاله واثقاً أن ما قسم له يدركه، فيرى جميع الحوادث من الله فتهون عليه الأمور، ويكتفي باستحضار حاجته في قلبه من غير أن ينطق لسانه. وبعض العلماء لهم دعاء يتعلق باسم الخبير يقول، إلهي أنت الخبير بالدقائق والبصائر والمطلِع على السرائر والناظر إلى الضمائر تجلَّ لي بنور اسمك الخبير بلا حول مني ولا تدبير، حتى أكون خبيراً بالأمور الغائبة عن الجهال وأنجو من الشرك الخفي وما هو أخفى في الأقوال والأعمال، نعم المولى ونعم النصير.[الأنترنت – موقع صحيفة الإتحاد - «الخبير» محيط بأحوال خلقه ولا يخفى عليه شيء - أحمد محمد (القاهرة) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } :

   إذا احتار الإنسان في أمر استشار، وكثيرًا ما يتم نصحه بأن يلجأ إلى خبير، خبير متخصص، جمع بين العلم والخبرة, ولذا يبحث الناس عن الخبراء في شتى مجالات الحياة يصدرون عن آرائهم، والله -سبحانه وتعالى- قال مادحاً نفسه: (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) [الفرقان: 59], وقال تعالى: (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 14].

 جاء اسم الله الخبير في كثير من الآيات مقترنًا بغيره من الأسماء الحسنى,

 فقد جاء مقترناً باسم الله الحكيم، كقول الله تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام:18].

ومقترنا باسم الله العليم، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)النساء: 35

وورد مقترنًا باسم الله اللطيف؛  كما في قوله تعالى: -جل وعلا-: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ) [الأنعام: 103]. ومقترنا بالبصيركقوله سبحانه:(وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) الإسراء: 17

ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وصف ربه -سبحانه- بأنه الخبير، ففي قصة خروج عائشة

-رضي الله عنها- خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة من الليالي في الظلام الدامس؛ غيرةً عليه -صلى الله عليه وسلم-، فقد ظنت أنه ذاهب لإحدى زوجاته، فإذا هو يذهب إلى البقيع حيث قبور أصحابه؛ ليستغفر لهم، فلما رجع, رجعت هي أمامه مسرعةً، فلما دخل وجدها ليست بحال النائم, بل تحت الغطاء وصدرها يخفق بشدة كأنها كانت تجري، ولم تكُ نائمة، فسألها، فلم ترد، فعندها قال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: “لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ” (مسلم).

والخبير لغة: يُطلق على العارف بالشيء العالم بحقيقته وبتفاصيله وخصائصه الدقيقة, ومن ذلك لما سأل أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- عائشة -رضي الله عنها-: “فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ قَالَتْ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ” (مسلم), تعني أنه سأل من يعلم الجواب بتمامه؛ لأن الخَبِير الذي يَخبُرُ الشيء بتفاصيله.

والخبير -سبحانه- هو المنفرد بالعلم وحده، قال ابن القيم -رحمه الله-: “الخبير: الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها“. (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام: 59]؛ فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يتحرك متحرك ولا يسكن إلا بعلمه، ولا تستقيم حياة أي شيء إلا بأمره، قال -سبحانه-: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 34], ولا يجري شيء في الفلك والملكوت إلا والله يعلمه، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 73].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } :

إن من لوازم اسم الله الخبير: العلم والإحاطة، فلا يكون خبيرًا بغير علم

وإحاطة، وإن اسم الله الخبير يدل تمام العلم والخبرة والإحاطة بتفاصيل الأشياء، قال تعالى: (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا) [الكهف: 91]، أي: وقد أحطنا إحاطة تامة، بما كان لدى ذي القرنين من قوة وجنود وإمكانات وآلات وخبرة، وغير ذلك من أسباب النفوذ والملك والغلبة والسلطان. وقد ذكر الله كمال علمه بخلقه وإحاطته بهم، فقال -عز وجل-: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ) [الملك14]

وإن من صور قصور علم البشر وخبرتهم أنهم لا يدركون حقيقة الشيء إلا

بالتجارب، ولهذا إذا أردنا صنع دواء ما، فإننا نقوم بكثير من التجارب لإدراك مدى فاعليته، فعلوم البشر أساسها التجربة، لذلك سموه بالعلم التجريبي، لكن علم الله وخبرته لا يفتقر إلى التجربة، بل علم تام محيط شامل كامل، فسبحان العليم الخبير.

هناك اجتماعٌ بين اسمي الله العليم والخبير من حيث أنهما تضمنا علم الله تعالى المحيط بكل شيء, ولكن الخبير أدق من حيث علمه بخفايا الأمور, قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: “الخبرة هي العلم ببواطن الأمور، والعلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال، لكن العلم بالبواطن أبلغ، فيكون عليم بالظواهر، وخبير بالبواطن، فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ في الإحاطة، وقد يقال إن الخبرة لها معنى زائد عن العلم؛ لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه، بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط، ولكن ليس عنده حذق، فإنه لا يسمى خبيراً، فعلى هذا يكون الخبير متضمناً لمعنى زائد على العلم“. وقال السعدي عند قوله تعالى: (قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ): “الذي لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى“. قَالَ الْغَزَالِيُّ: “الْعِلْمُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْخَفَايَا الْبَاطِنَةِ سُمِّيَ خِبْرَةً وَسُمِّيَ صَاحِبُهَا خَبِيرًا“.

إن من عَلِمَ أن الله خبير بأحوالِهِ احترز في أقواله وأفعاله، محاسباً نفسه عن

كل صغيرة وكبيرة, مستشعراً مراقبة الله إليه في جلواته وخلواته, فلا يحب أن يطلع الله من سره إلا ما هو أحسن من جهرة.

إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل *** خلوتُ ولكن قل عليَّ رقيبُ

ولا تـحسبنَّ اللهَ يغفلُ ســـــاعةً *** ولا أنَّ ما يخفَى عليه يغيبُ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } :

وليحذر العبد أن تكون ذنوبه سبباً في هلاكه يوم القيامة, فعن ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: “لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا” قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، قَالَ: “أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ, وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا“. (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

وينبغي للمسلم الموقن بعلم الله وخبرته المحيطة أن يرضى ويطمئن إلى اختيار الخبير والثقة به، فإن أثر اسم الله الخبير في سلوك العبد يتمثل في اعتماده على اختيار ربه في كل صغيرة وكبيرة من أمره، فطالما آمن العبد بأن الله هو الخبير، سلّم له في جميع شؤونه مطلق التدبير، وهذا شأن أهل التوحيد واليقين ألا يخالفوا مراد الله وتدبيره، بل يسلموا إليه أمورهم؛ ثقةً في كمال تدبيره، سواء كان تدبيرًا يتعلق بتوحيد الربوبية، وتصريف أمور الخلق كالإيجاد والإمداد، والمنع والعطاء على مقتضى حكمته في ترتيب الابتلاء، أو كان تدبيرًا شرعيًّا يتعلق بتوحيد العبودية، وما أمرهم به أو نهاهم، أو ندبهم أو دعاهم.

كما يجب على المسلم أن يجعل الله وكيلاً له ويتخذه كفيلاً، فكل من وحّد الله في اسمه الخبير لزمه أن يجعل الله وكيلاً له وكفيلاً عليه، فنعم المولى هو ونعم النصير، ونعم الخبير، والله -عز وجل- إذا تولى أمر عبده بجميل عنايته، كفاه وأغناه، وأسعده في الدنيا والآخرة، والله -سبحانه- لا يضيره من عبده كثرة مطالبه، كما لا يعجزه كثرة إلحاحه وسؤاله.

فالمسلم الذي يرضى بربه خبيرًا بأمره، هاديًا لعمله، وكيلاً على نفسه, فهو الموحّد لله حقًّا في اسمه الخبير، وترسخ في قرارة نفسه أن ما كُتب في اللوح المحفوظ سوف يناله، ومن ثَم تهون عليه الأمور، ويركن بإيمانه إلى اللطيف الخبير -سبحانه جل وعلا-.

كما ينبغي أن يحرص كل مسلم على أن يتجلى اعتماده على اختيار ربه في كل

 صغيرة وكبيرة من أمره، فيجعل حوله وقوته، واعتماده وثقته وتوكله على ربه الحكيم الخبير، فيستخير الخبير -سبحانه-، ويرضى بما اختاره له.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } :                                                                                                                                           ولقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- كل عبد موفق على اللجوء لعلم الله -تبارك وتعالى- وخبرته, عند إقدامه على أمر مستقبلي لا دراية له بعاقبته؛ كأن يرغب في عملٍ ما: سفرٍ أو زواجٍ أو وظيفة أو غير ذلك، حثه النبي -عليه الصلاة

والسلام- على أن يستخير الله.

قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن، يقول: “إذا هَمَّ أَحَدُكُمْ بالأمر فَلْيَرْكَعْ ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللَّهُمَّ إني أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ من فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فإنك تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وأنت عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فإنْ كنتَ تَعْلَمُ هذا الأَمْرَ ويسميه باسمه خَيْرا لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمري، فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثم بارك لي فيه، اللَّهُمَّ وإنْ كنتَ تَعْلَمُه َ شَرًّا لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمري فَاصْرِفْنِي عنه، وَاصْرِفْهُ عني، وَاقْدُرْ لي الْخَيْرَ حيث كان ثم رَضِّنِي به“. (البخاري).

فاستخيروا ربكم -أيها الإخوة- وارضوا باختياره لكم، واحرصوا على محبة الخبير -سبحانه-، واخضعوا لأمره، وانقادوا لشرعه، وارضوا بحكمه، وفوضوا أموركم إليه وحده، واحذروا غضبه، ولا تجعلوا الله أهون الناظرين إليكم، جنبني الله وإياكم مضلات الفتن، ووقانا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،

وأسأل الله أن يسعدنا بتقواه، وأن يجعل خير أيامنا وأسعد لحظاتنا يوم أن نلقاه.

[ الأنترنت – موقع ملتقى الخطباء – { الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } - الفريق العلمي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ولا ينبئك مثل خبير} :كثيرة هي جمل القرآن التي جرت مجرى الأمثال.

وهذه الجملة في أصلها جزء من آية في سورة فاطر، وهي نفسها سورة الملائكة، آخر سورة مفتتحة بالحمد. وارتبطت كلمة فاطر بالسماوات والأرض، أما الملائكة فارتبطت بالجعل: “الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”. وانسحبت هذه الافتتاحية على مجمل موضوع السورة؛ حيث دقة تدبيره في خلقه، ولطفه سبحانه فيما أرشد إليه. فهو وحده المستحق للعبادة، وكل شيء دونه مخلوق. ولا يعقل أن يكون المخلوق إلها يُعبد. ومن هنا جاء في السورة التأكيد على الرزق وأنه من عند الله، والله هو المتصرف في الشأن كله.

ومن عجيب هذه السورة أنها ذكرت مجموعة من الحقائق الملامسة لواقع الإنسان، من مثل أن وعد الله حق، وغرور الحياة الدنيا، وأن الشيطان عدو، وينبغي أن نتخذه عدوا فهو يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، وأن العزة لله جميعا، وأن الناس فقراء إلى الله والله هو الغني الحميد، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، واستحالة استواء الأعمى والبصير، والظلمات

والنور، والظل والحرور، والأحياء والأموات، وهكذا.

وجاء في السورة تجلية لآية من آيات خلقه تعالى، حيث الاختلاف والتنوع: ثمرات مختلف ألوانها، واختلاف ألوان الجبال والناس والدواب والأنعام، وهنا يأتي قوله تعالى: “… إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ”؛ فالعلماء أكثر من غيرهم يعرفون دقة هذا الخلق وصنعه، وهو دليل قاطع على وجود الخالق ووحدانيته، فلا يخشاه سبحانه حق

 الخشية إلا العلماء أصحاب البصيرة.

أما هذه الجملة التي جرت مجرى الأمثال، فجاءت في سياق التحدي بأن الله هو وحده الخالق، فقال سبحانه: “… ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ”، وبعدها مباشرة آية الفقر إلى الله تعالى.

نص عجيب دقيق، فله سبحانه مطلق التصرف في كونه ومخلوقاته، فهو الله

الملك، وغيره لا يملك “القطمير”، وهو القشرة التي في شق نواة التمر.

وهذه الأصنام لا تسمع دعاءكم إن دعوتموها، ولو سمعت (في حال أن يكون المعبود بشرا أو حيوانا)، فلن تستجيب لكم، والفصل يوم القيامة، حين يتبرأ هؤلاء المعبودون من الذين عبدوهم: “إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ…”، فسيكفر هؤلاء بما أشركتموهم. حتى الشيطان يتبرّأ من الذين عبدوه وأشركوه في العبادة: “… إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ…”. وهنا يقول الله تعالى: “ولا ينبِّئك مثل خبير”، أي إن المنبئ بهذه الأمور هو الخبير بها وبغيرها، ولا يخبرك أحد بمثل ما يخبرك هو به، فهو الخبير.

وعبر سبحانه بكلمة “ينبئك” وهي من النبأ، وهو الخبر العظيم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ولا ينبئك مثل خبير} :

وعبر أيضا باسمه “الخبير”، فهو شامل لأسماء السميع والبصير والعليم، فهو علم بخبرة، فهو الخالق والأعلم بما خلق، فلا ينبئك بهذه الحقائق مثله تعالى. وهو نص باعث على الطمأنينة، وهي مسألة ضرورية في مسيرة الإنسان في هذه الدنيا، هذه الرحلة والمقام المؤقت الراحل عنه بعد حين، فليستجب الإنسان ويخضع لمن خلقه وأرشده وهداه وأنعم عليه وحذّره من الانحراف، وهو بذلك كله يريد به خيرا، فالظلم كل الظلم في هذا الضلال وعبادة غير الله تعالى، تماما كمن يسلك الصراط المستقيم ثم لا يلبث أن ينحرف ويغير طريقه، فأنى له أن يصل هدفه.

ومن العجيب في هذه السورة أن يتحدث الله تعالى عن القرآن وأهله

 ومقدار إقبالهم عليه تلاوة وتدبرا وعناية. والناس في هذا الإقبال والاهتمام أصناف ثلاثة: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات. وهذا ينطبق على معظم أعمال الخير. فالظالم لنفسه هو المعرِض اللاهي المقصِّر، فلم يسمع نداء الله، ولم يسخِّر ما أعطاه الله له من سمع وبصر وعقل، لتدله كلها على الله تعالى، بل انغمس في شهواته وضلالاته وهواه. أما الآخر فهو المقتصد، الذي اقتصر على القليل الواجب عليه، وربما أداه متثاقلا، أو ربما كان ناقصا بحكم أن البشر عموما فيهم العجلة والجهل والنسيان. والقسم الأخير هو السابق بالخيرات، الذي يفعل ما يأمره به الله ويزيد. وهذه الزيادة علامة على الرضا والاستسلام والحب له سبحانه. ومرة أخرى، فإن هذا ينطبق على القرآن وغيره من الصالحات؛ على الصلاة والزكاة والصيام والأذكار وحسن المعشر والأخلاق وفعل الخير. فمثلا، هناك الذي لا يصلي، وهناك الذي يصلي الفريضة فقط، وهناك الذي يصليها ويزيد من النوافل، وهكذا.

لا ينبئك أيها الإنسان مثل خبير، حُذف متعلق الإنباء ليجري هذا مجرى الأمثال. وجدير بالإنسان أن يكون عاقلا واعيا متنبها، فلينتبه وليعقل ويعي ما يهمه من أمور، فهو محتاج إلى الله تعالى، والله هو الغني الحميد، ولا تغرنه صحة أو مال أو جاه، فكل ذلك زائل لا محالة، وهو نفسه يشعر بهذا من خلال نفسه، ومن خلال ما يسمعه. وسبحان من جعل الجملة متعلقة بالإنباء، وهي كلمة فيها الوعظ والتوجيه والنصح، والعاقل من يسمع ويتعظ، ومن نعمته تعالى على الإنسان أن تجري الأحداث وتنتقل أنباؤها، وفي ذلك عبرة، فالقصص عبرة للناس وقد كثر ذكرها في القرآن، وفيه كل العبر والإرشاد، فلا ينأى أحدنا بنفسه ويغتر ويتكبر على الحق، خاصة إن جاءك الإنباء والإرشاد من خبير، وبالذات من الخالق الخبير.

ليضع أحدنا لنفسه حدا في هذه المكابرة والإعراض، فآيات الله دالة على عظمته واستحقاقه بالعبادة والقصد. ونظرة بسيطة في النفس تبين كم نحن فقراء إلى الله تعالى، فما أجدرنا بالانكسار له تعالى، والتوجه له عن قناعة، وهنا لحظة الحب والرضا، وهو سبحانه أشد فرحا بتوبة أحدنا ولجوئه إليه، وهو الغفور الرحيم. [الأنترنت – موقع الغد - بحث عن {ولا ينبئك مثل خبير} - أ. د. محمد خازر المجالي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{السميع البصير العليم الخبير} :

هذه الأسماء الجليلة الأربعة غالبا ما يذكر بعضها مع بعض، فيقول الله تعالى: (إِنَ اللَهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) [النساء: من الآية58] (وَكَانَ اللَهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [النساء: من الآية134] (وَكَانَ اللَهُ سَمِيعاً عَلِيماً) [النساء: من الآية148] (وَكَفَى بِرَبِكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) [الإسراء: من الآية17] (إِنَهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) [الإسراء: من الآية30] (إِنَ اللَهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء: من الآية35] (وَكَانَ اللَهُ سَمِيعاً عَلِيماً) [النساء: من الآية148] (وَأَنَ اللَهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج: من الآية61] (إِنَ اللَهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: من الآية34] (إِنَهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى: من الآية27] (قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) [التحريم: من الآية3] وغيرها من الآيات.

السميع -عز وجل-: المعنى اللغوي :

السميع: هو من السمع، ويستعمل في كلام العرب على ثلاثة أوجه:

1- بمعنى إدراك الصوت، وهو الغالب في استعمالهم.

2- ويأتي بمعنى الفهم وإدراك العلم، ومنه قوله تعالى: (وَلَوْ عَلِمَ اللَهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [الأنفال:23]

 أي لأفهمهم، ولو أفهمهم لتولوا، فجمعوا بين صفتي الجهل والكِبر.

ومنه أيضا قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَا فِي أَصْحَابِ السَعِيرِ) [الملك:10].                                                      3-والاستعمال الثالث هو بمعنى الإجابة والاتباع، كقوله تعالى: (سَمَاعُونَ

للْكَذِبِ سَمَاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) [المائدة: من الآية41) (سَمَاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَالُونَ لِلسُحْتِ) [المائدة: من الآية42] (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَاعُونَ لَهُمْ وَاللَهُ عَلِيمٌ بِالظَالِمِينَ) [التوبة:47].معنى اسم الله تعالى السميع : هو سبحانه الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات.

فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الأصوات يسمع سرها وعلنها، وكأنها لديه صوت واحد، لا تختلط عليه الأصوات، ولا تخفى عليه جميع اللغات، والقريب منها والبعيد، والسر والعلانية عنده سواء، قال تعالى: (وَأَسِرُوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُدُورِ) [الملك:13] وقال:(سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَهَارِ) الرعد:10

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{السميع البصير العليم الخبير} :

أنواع سمعه -عز وجل- : إن سمعه -جل ذكره- نوعان:

1- سمع عام: وهو يعم جميع الأصوات الظاهرة والباطنة، الخفية والجلية، وإحاطته التامة بها.

قال الله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَهُ قَوْلَ الَتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَهِ وَاللَهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَ اللَهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة:1].

روى البخاري وابن ماجه –واللفظ له– عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "الْحَمْدُ لِلَهِ الَذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتْ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَبِيِ –

صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَشْكُو زَوْجَهَا وَمَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، فَأَنْزَلَ اللَهُ:(قَدْ سَمِعَ اللَهُ قَوْلَ الَتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)".

2- سمع خاص: وهو إجابته السائلين والداعين والعابدين، فالسائل والداعي يجيبه، والعابد يُثيبه.

قال تعالى حكاية عن إبراهيم -عليه السلام-: (إِنَ رَبِي لَسَمِيعُ الدُعَاءِ) [إبراهيم:39] أي: مجيب، ويقول المصلي عند الرفع من الركوع: "سمع الله لمن حمده"، أي: استجاب.

وقد يكون خاصاً بأهل عقوبته للدلالة على شدة غضبه وسخطه، كقوله تعالى: (لَقَدْ سَمِعَ اللَهُ قَوْلَ الَذِينَ قَالُوا إِنَ اللَهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) آل عمران:181

ومثله ما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَهُ عَنْهَا- في قصة رجوعه -صلى الله عليه وسلم- من الطائف، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ عليه السلام فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَ اللَهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ)).

البصير: فهو الذي أحاط بصره بجميع المبصَرات في أقطار الأرض والسماوات ، فلا يغيب عنه شيء، ويرى كل شيء وكأنه شيء واحد، لا تختلط عليه المتشابهات، ولا تتشابه عليه المختلطات.

قال الله -تبارك وتعالى-: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَا كُنَا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [يونس:61] لذلك قال تعالى:(أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) [الكهف: من الآية26] أي: ما أبصره ! وما أسمعه!

العليم : فهو المحيط علمه بكل شيء، فلا يخفى عليه شيء، يعلم الموجودات كلها، والمعدومات لو كانت كيف تكون.

قال -عز وجل-: (وَهُوَ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: من الآية29] (وَاعْلَمُوا أَنَ اللَهَ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: من الآية231] (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام:59] (لِتَعْلَمُوا أَنَ اللَهَ عَلَى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَ اللَهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: من الآية12] (وَسِعَ رَبِي كُلَ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَرُونَ) [الأنعام: من الآية80].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{السميع البصير العليم الخبير} : الخبير:

فمصدره الخُبر، كما قال تعالى: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) [الكهف:68] (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً) [الكهف:91]..

ومعنى الخبير هو: "العالم بما كان، وما سيكون" قاله ابن منظور -رحمه الله،

وعليه فلا فرق بينه وبين العلم.

وأحسن منه قول الخطابي -رحمه الله- في (شأن الدعاء) (ص63): "هو العالم بكنه الشيء، المطلع على حقيقته".

وقال أبو هلال العسكري في (الفروق) (ص74): "الفرق بين العلم والخُبر: أن الخبر هو العلم بكنه المعلومات على حقائقها، ففيه معنى زائد على العلم".

ثمرات معرفة هذه الأسماء الجليلة:

الثمرة الأولى: إثبات ما أثبته الله لنفسه سبحانه:

فإن صفة السمع والبصر صفتا كمال وتعظيم للمولى تبارك وتعالى، وقد أنكر الله على المشركين الذين يعبدون ما لا سمع له ولا بصر، فدل ذلك أن لله

سمعا وبصرا يليق بجلاله.

قال تعالى: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) [مريم:42]، وقال: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) [الأعراف:198]، وقال: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ

يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) [الأعراف:195]..

وقد روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: (إِنَ اللَهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (سَمِيعًا بَصِيرًا) قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَهِ -صلى الله عليه وسلم- يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ". قال أبو داود -رحمه الله-: "وهذا رد على الجهمية".

الثمرة الثانية: تعظيم المولى تبارك وتعالى:

فهو القائل: (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) فيسمع ويرى دبيب النملة السوداء في الليلة

الظلماء، على الحجرة الصماء.

بل يرى ويسمع ما هو دون ذلك من أحقر وأصغر الكائنات، فيرى جميع أعضائها الباطنة والظاهرة، وسريان القوت في أوصالها، على اختلاف أنواعها وصغرها ودقتها، ويرى سريان المياه في أغصان الأشجار أصولها وفروعها.

يا من يرى مد البعوض جناحها*** في ظلمة الليل البهيم الأليل

ويرى مناط عروقها في نحرها*** والمخ من تلك العظام النُحَل

ويرى خرير الدم في أوداجها*** متنقلاً من مفصل في مفصل

ويرى وصول غذى الجنين ببطنها***في ظلمة الأحشاء بغير تمقل

ويرى مكان الوطء من أقدامها*** في سيرها وحثيثها المستعجل

ويرى ويسمع حِسَ ما هو دونها***في قاع بحر مظلم متهول

فسبحان من تحيرت العقول في جلاله! وانحنت الجباه والجبال لكماله! الذي يرى خيانات الأعين وتقلبات الأجفان، وحركات الجَنان!

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{السميع البصير العليم الخبير} : الخبير:

الثمرة الثالثة: اليقين بسماع الدعاء:

إن الله الذي من شأنه أنه يسمع دبيب النمل، فلا شك أنه يسمع دعاء أوليائه وأحبائه.

ولكي يُغرس هذا الاعتقاد في القلوب غرسا، ذكر الله -عز وجل- صفة

(سماع الدعاء والنداء) ضمن الأمور التي تحيلها العادة، حتى يستحضر العبد قرب ربه منه أكثر من قرب نفسه إليه.

فقال تعالى: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَا رَبَهُ قَالَ رَبِ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِيَةً طَيِبَةً إِنَكَ سَمِيعُ الدُعَاءِ) [آل عمران:38] (الْحَمْدُ لِلَهِ الَذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَ رَبِي لَسَمِيعُ الدُعَاءِ) [إبراهيم:39].

فالذي سمع دعاء العقيم بأن يصير ولودا لا شك أنه يسمع دعاء من ضاق عليه الرزق، وعظم عليه الهم، وضاقت عليه الأرض.

ألا ترى أن العادة جرت ألا يناهض أحدٌ فِرعون، فذكر الله نبييه موسى وهارون بهذه الصفة (سماع الدعاء) وأن حالهما وحال عدوهما لا يخفى عليه تعالى، فقال: (قَالَ لا تَخَافَا إِنَنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) [طه:46].

قال ابن القيم -رحمه الله- في (البدائع) (2/238): "وتأمل حكمة القرآن الكريم:كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ: (السميع العليم) في الأعراف والسجدة.

وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذين يؤنَسون ويُرَون بالإبصار بلفظ

(السميع البصير) في سورة حم المؤمن، فقال: (إِنَ الَذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَهِ إِنَهُ هُوَ السَمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر:56] لأن أفعال هؤلاء أفعال معاينة ترى بالبصر، وأما نزغ الشيطان فوساوس، وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم.

فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها، وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يُرى بالبصر ويدرَك بالرؤية، والله أعلم ".

الثمرة الرابعة: مراعاة الإخلاص:

فإن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فلا ينبغي أن يكون باطن العبد مخالفاً لظاهره، وهذا أشد أنواع المجاهدة.

روى الإمام أحمد عن أبي علي -رجلٍ من بني كاهل- قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُ -رضي الله عنه- فَقَالَ: يَا أَيُهَا النَاسُ! اتَقُوا هَذَا الشِرْكَ، فَإِنَهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَمْلِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رجلان فَقَالَا: وَاللَهِ لَتَخْرُجَنَ مِمَا قُلْتَ، أَوْ لَنَأْتِيَنَ عُمَرَ مَأْذُونٌ لَنَا أَوْ غَيْرُ مَأْذُونٍ، قَالَ: بَلْ أَخْرُجُ مِمَا قُلْتُ، خَطَبَنَا رَسُولُ اللَهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: ((أَيُهَا النَاسُ! اتَقُوا هَذَا الشِرْكَ، فَإِنَهُ

أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَمْلِ)).

فَقَالَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللَهُ أَنْ يَقُولَ: وَكَيْفَ نَتَقِيهِ، وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَمْلِ يَا رَسُولَ اللَه؟! قَالَ: ((قُولُوا: اللَهُمَ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا نَعْلَمُ)).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{السميع البصير العليم الخبير} : الخبير:

الثمرة الخامسة: التأدب في الدعاء:

فلا ينبغي للعبد وهو يعلم أن له رباً سميعاً بصراً، عليماً خبيراً، أن يجهر بالذكر والدعاء إلا فيما جاء الدليل على استحباب الجهر فيه.

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَا مَعَ النَبِيِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَكُنَا إِذَا عَلَوْنَا كَبَرْنَا، فَقَالَ النَبِيُ -صلى الله عليه وسلم-: ((أَيُهَا النَاسُ! ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ! فَإِنَكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَ وَلَا غَائِبًا وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا)).

الثمرة السادسة: نسبة العلم إلى الله دائماً.

فقد قال تعالى: (وَاللَهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [البقرة: من الآية216] وقال: (وَفَوْقَ كُلِ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) [يوسف: من الآية76] وقال: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُوحِ قُلِ الرُوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَا قَلِيلاً) [الإسراء:85].

وقد روى البخاري ومسلم عَنْ أُبَيِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لَا! فَأَوْحَى اللَهُ -عَزَ وَجَلَ- إِلَى

 مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ... فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَذِي قَصَ اللَهُ -عَزَ وَجَلَ- فِي كِتَابِهِ)).

وكذلك لا يستحي من أن يقول للشيء لا يعلمه: لا أعلم، فهو العلم كله، ولم تستح الملائكة أن قالت: (قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَا مَا عَلَمْتَنَا إِنَكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [البقرة:32].

الثمرة السابعة: التسليم والانقياد لأمره حاضراً ومستقبلاً:

فإنه سبحانه عليم بأمره، وخبير بالمأمور، لذلك قال: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ

 اللَطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك:14] فلا يُخالف أمره خلقه أبداً (أَلا لَهُ الْخَلْقُ

وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَهُ رَبُ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: من الآية54].

تنبيه : أثبت بعض أهل العلم لله تعالى اسمين آخرين يقتضيان العلم، وهما: العالم، والعلام.

أما العالم: فاستدلوا له بما ذكره البخاري في (كتاب التفسير) فقال: "الرَحْمَنِ الرَحِيمِ اسْمَانِ مِنْ الرَحْمَةِ، الرَحِيمُ وَالرَاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْعَلِيمِ وَالْعَالِمِ" اهـ.

وبعضهم يرى أنه صفة وليس اسما، وأنه لا يستعمل إلا مضافا، كقوله تعالى:

 (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَهَادَةِ) [الأنعام: من الآية73] وقوله: (ثُمَ تُرَدُونَ إِلَى عَالِمِ

الْغَيْبِ وَالشَهَادَةِ فَيُنَبِئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعَْلُونَ) [التوبة: من الآية94] (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) [الرعد:9] (إِنَ اللَهَ عَالِمُ غَيْبِ السَمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُدُورِ) [فاطر:38] وقوله: (هُوَ اللَهُ الَذِي لا إِلَهَ إِلَا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَهَادَةِ هُوَ الرَحْمَنُ الرَحِيمُ) [الحشر:22].

بخلاف غيره من الأسماء؛ استُعمل مجردا من الإضافة: الرحمن الرحيم، القدير، السميع البصير، وغيرها.

أما العلام: فاستدلوا له بقوله تعالى: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ

 إِنَكَ أَنْتَ عَلَامُ الْغُيُوبِ) [المائدة: من الآية116] وقوله تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَ اللَهَ يَعْلَمُ سِرَهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَ اللَهَ عَلَامُ الْغُيُوبِ) [التوبة:78] وقوله تعالى: (قُلْ إِنَ رَبِي يَقْذِفُ بِالْحَقِ عَلَامُ الْغُيُوبِ) [سبأ:48]. وبما رواه البخاري في حديث الاستخارة من قوله: (وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَامُ الْغُيُوبِ). وأجاب من لم يُثبته بمثل ما أجاب به في (العالم) أنه لم يُستعمل إلا مضافاً.

[ الأنترنت – موقع ستار تايمز-  السميع البصير العليم الخبير - (الكاتب.موقع الكلم الطيب) ]

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الله سبحانه: عالم خبير ومدبر قدير وسميع بصير وعلي كبير :

العالم، من صفات الله تعالى صفة العلم، ذكر الله تعالى أنه بكل شيء عليم، بكل شيء، وأنه عالم بالإنسان  ونعلم ما توسوس به نفسه   أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ  هكذا  أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ  .

كذلك أيضا علمه -سبحانه وتعالى- يعم ما سبق وما لحق وما بقي، يعلم ما

 كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، وقد كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة، وذلك كله من علمه، وعلمه لا يحيط به المخلوقون، ولا يمكن أن يعرفوا إلا ما أطلعهم عليه كما في آية الكرسي:  وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ  وذلك على الله يسير، يقول تعالى:  أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ  ويقول تعالى:  مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا  أي من قبل أن ننشئها ونخلقها قد علمها الله تعالى وقد كتبها  إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ  أخبر سبحانه وتعالى بأنه عالم بكل شيء، ويقول تعالى:  وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ  أنثى أيًّا كانت تلك الأنثى، ومن دواب البر ومن دواب البحر، ومن الحشرات ومن الطيور ومن بهيمة الأنعام، كل أنثى تحمل أو تضع فإن الله تعالى عالم بها قبل حملها وقبل وضعها، وبعدد ما يتكون من ولدها ونحو ذلك،  وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ  .

والعليم الخبير صفتان متقاربتان، فهو الخبير الذي خبر كل شيء، عَلِمه وخبره بحيث أنه عنده خبر كل حادث يحدث، والمدبر الذي يدبر الأمور، قال الله تعالى:  قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ  من يدبر الأمر؟ من الذي يسير النجوم والأفلاك؟ ومن الذي يرسل الرياح؟ ومن الذي ينشئ السحب؟ ومن الذي يرزق هذه المخلوقات؟  وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا  فهو المدبر لها، القدير الذي هو على كل شيء قدير، لا يخرج عن قدرته شيء، أي هو قادر على كل شيء، لا يخرج عن قدرته شيء، ولا يعجزه شيء، قال تعالى:  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ  ما كان الله ليعجزه من شيء، بل هو قادر على كل شيء.

هناك طائفة من بعض المعتزلة يجعلون بدل هذه على كل شيء قدير إنه على ما يشاء قدير هكذا، وهذه العبارة قد أنكرها العلماء -ولو استعملها بعض العلماء كابن كثير في التفسير على حسن ظن- ولكن نقول: إنها عبارة مدخولة، فالواجب أن نقول: إن الله على كل شيء قدير، لا يخرج عن قدرته شيء، ولا يعجزه شيء، قادر على الموجودات وعلى المعدومات، يقدر أن يحدث المعدومات وغيرها، يقدر على أن يجمع بين الضدين ونحوهما، قادر على كل شيء.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الله سبحانه: عالم خبير ومدبر قدير وسميع بصير وعلي كبير :

السميع البصير يعني من صفاته –سبحانه- السمع والبصر، نعرف أن السمع هو إدراك الأصوات، وأن البصر إدراك المرئيات، إدراك الأشخاص، وأن ضد السمع الصمم، الأصم هو الذي لا يسمع، وضد البصر العمى، الأعمى هو الذي لا يبصر، ولا شك أن الذين نفوا السمع والبصر يلزمهم أن يثبتوا -ولا بد- أنه متصف بضد السمع وهو الصمم وبضد البصر وهو العمى، لازم لهم لا محيد لهم عنه.

وإذا قالوا: إنكم إذا قلتم سميع بصير فالإنسان سميع بصير فيكون هذا تشبيها.

فنقول: ننزه الله تعالى عن أن يكون له شبيه، عن أن يكون له شبيه في هذه الصفة التى هي السمع والبصر، فلا نقول إن سمعه مثل سمع المخلوق، يعني يحتاج إلى آذان وإلى طبقات آذان وما أشبهها، ولا إنه يحتاج إلى طبقات الأعين وما أشبهها، لا شك أنا ننزه الله عن أمثال ذلك.

ولكن نقول: إن الله تعالى يدرك الأصوات، وإنه لا يشغله سمع عن سمع، وإنه يسمع كلامه البعيد، والمخلوق إنما يسمع القريب، والمخلوق تشتبه عليه الأصوات، لو تكلم عنده خمسة كلهم في حين واحد ما سمع قولهم كلهم، واشتبه عليه صوت هذا بهذا، وليس كذلك الرب -سبحانه وتعالى-؛ فإنه يسأله مائة ألف أو ألف ألف في آن واحد، ومع ذلك يعطي كل منهم مسألته، ولا يشغله هذا عن هذا.

وكذلك أيضا البصر، المخلوق بصره يستره في الحجب، الرب تعالى لا يستر بصره شيء، فيخرق بصره المخلوقات كلها، ولا يحجزه شيء، ولا يستر بصره

حجاب، وليس كذلك بصر المخلوق، فإنه بصر قاصر، نثبت هذه الصفة لله تعالى.

ثم نقول: ما فائدة الإيمان بأن الله تعالى عليم وبأنه سميع وبأنه بصير؟

 ما الفائدة من ذلك؟ الفائدة هي المراقبة، وهو كون الإنسان يراقب ربه، يعلم أن الله تعالى يراه حيثما كان، جاء في الحديث: أفضل الإيمان أن تعلم أن الله يراك حيثما كنت فمن استحضر أن الله تعالى يراه في كل الحالات امتنع أن يعصيه ولو كان خاليا، فإنه يستحيي من ربه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الله سبحانه: عالم خبير ومدبر قدير وسميع بصير وعلي كبير :

فجاء في بعض نصائح العلماء نصح إنسان أميرا فقال له: استحي من الله أن يراك حيث نهاك وأن يفقدك حيث أمرك يعني يحملك حياؤك من الله أن يراك حيث نهاك تفعل شيئا قد نهاك عنه، فإنه يراك ولو كنت خاليا، فعليك أن تستحيي منه.

وجاء في حديث أن رجلا قال:  يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ فقال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قال: أرأيت إذا كان أحدنا خاليا؟  يعني هل له أن يتجرد ويكشف عورته؟  قال: الله أحق أن يستحيا منه  الله تعالى يراك فكيف مع ذلك تتجرد وأنت في برية وتقول لا يراني أحد، استحي من الله تعالى حق الحياء.

وكذلك أيضا مما أثر من بعض القصص التي يذكرها الواعظون كابن رجب في شرح الخمسين حديثا وغيره، ذكر أن رجلا خلا بامرأة أعرابية في برية في ليلة مظلمة، وروادها على نفسها وقال: ما يرانا إلا الكواكب. فقالت: فأين مكوكبها؟ يعني استحضرت أن الله تعالى هو الذي خلقها وأنه يرانا.

وكذلك أيضا ذكر أن رجلا دخل على امرأة في بيتها، وطلب أن يزني بها، وأمرها أن تغلق الأبواب، ففعلت وقالت: بقي باب واحد وهو الذي بيننا وبين الله. فوجل واقشعر جلده وتركها، استحضر أن الله تعالى لا يستره شيء عن عباده.

فهذه فائدة الإيمان بأن الله سميع، إذا كنت تؤمن بأن الله يسمع كلامك فإياك أن تتكلم بكلمة تعصي ربك بها أيًّا كانت تلك الكلمة ولو كانت خفيه،

وإياك أن تفعل فعلا هو معصية لله ولو كنت في خلوة؛ فإن عليك رقيبا

 وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا  .

من صفات الله تعالى: العلي الكبير، العلي بأنواع العلو، نثبت الأنواع الثلاثة: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات، فهو علي بذاته فوق عباده، وهو علي القدر يعني قدره أعظم من أن يقاس بخلقه وأن يشبه بخلقه، وعلي القهر أي أنه غالب وقاهر لعباده، قد يقول بعض المخلوقين: إني علي يعني قاهر لهؤلاء، كما قال فرعون:  أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى  يعني الغالب والقاهر، فنقول: الله تعالى هو العلي الأعلى، وهو العلي بذاته، وهو العلي بقدره

وبقهره، وبجميع أنواع العلو.

وهو الكبير  الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ  والمتكبر، من أسماء الله تعالى الكبير، الذي لا أكبر منه، ولأجل ذلك يرفع معنى هذه الكلمة رفعا عاما، فالمؤذنون يرفعون أصواتهم بـ الله أكبر، والمصلي يتنقل في صلاته بقول الله أكبر، فيكبر في كل ركعة خمس تكبيرات، يكبر في الرباعية ثنتين وعشرين تكبيرة، وفي المغرب سبعة عشر تكبيرة، وفي الفجر إحدى عشرة تكبيرة الله أكبر، فائدة ذلك أن يستحضر أن الله هو أكبر من كل شيء، وإذا كان كذلك فإنها تصغر عنده نفسه، ويحتقر نفسه، ويحتقر المخلوقات كلها، ويبقى قدر ربه عظيما في قلبه، فلا يكون أحد أكبر من ربه -سبحانه وتعالى- فيحترمه ويعظمه.[ الأنترنت – الموقع الرسمي للشيخ ابن جبرين - الله سبحانه: عالم خبير ومدبر قدير وسميع بصير وعلي كبير ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ۚ إنه كان بعباده خبيرا بصيرا} :

في التفسير الميسر : إن ربك يوسِّع الرزق على بعض الناس، ويضيِّقه على بعضهم، وَفْق علمه وحكمته سبحانه وتعالى. إنه هو المطَّلِع على خفايا عباده، لا يغيب عن علمه شيء من أحوالهم.

قال الطنطاوي في الوسيط : ثم بين- سبحانه- أن مرجع الأمور كلها اليه،

 فهو المعطى وهو المانع، فقال- تعالى-: إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ، إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً.

أى: إن ربك- أيها الإنسان- العاقل- يبسط الرزق ويوسعه لمن يشاء أن يبسطه له ويمسك الرزق ويضيقه ويقدره على من يشاء من خلقه. إذ كل شيء في هذا الكون يسير على حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته، وهو- سبحانه- العليم ببواطن الناس وبظواهرهم، لا يخفى عليه شيء من أحوالهم، ولا يعطى أو يمنع، إلا لحكمة هو يعلمها.

قال- تعالى-: {ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.}

وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد حضت على إيتاء ذوى القربى والمساكين وابن السبيل حقوقهم. وعلى الاعتدال في إنفاق المال، ونهت عن الشح والتبذير، وأسندت العطاء والمنع إلى الله- تعالى- الخبير البصير بالظواهر والبواطن.

ثم يسوق- سبحانه- جملة من النواهي التي يؤدى الوقوع فيها إلى فساد أحوال الأفراد والجماعات، وإلى شيوع الفاحشة في الأمم، مما يؤدى إلى اضمحلالها وذهاب ريحها، فقال- تعالى-:

وقال ابن كثير : وقوله تعالى ] ( إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر )

إخبار أنه تعالى هو الرزاق القابض الباسط المتصرف في خلقه بما يشاء فيغني من يشاء ويفقر من يشاء بما له في ذلك من الحكمة ولهذا قال : ( إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ) أي خبير بصير بمن يستحق الغنى ومن يستحق الفقر ، كما جاء في الحديث إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه وإن من عبادي لمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه وقد يكون الغنى في حق بعض الناس استدراجا والفقر عقوبة عياذا بالله من هذا وهذا

وقال القرطبى : لما ذكر عاقبة البخيل والمنفق بين أنه تعالى الذي يبسط الرزق ويقدر في الدنيا , لأنها دار امتحان ; " ويقدر " أي يضيق ; ومنه " ومن قدر عليه رزقه " [ الطلاق : 7 ] أي ضيق . وقيل : " يقدر " يعطي بقدر الكفاية .

وقال ابن عاشور : { ويقدر } ضد { يبسط }. وقد تقدم عند قوله تعالى : { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } في سورة [ الرعد : 26 ].

وجملة { إنه كان بعباده خبيرا بصيرا } تعليل لجملة  { إن ربك يبسط الرزق

 } إلى آخرها ، أي هو يفعل ذلك لأنه عليم بأحوال عباده وما يليق بكل منهم بحسب ما جبلت عليه نفوسهم ، وما يحف بهم من أحوال النظم العالمية التي اقتضتها الحكمة الإلهية المودعة في هذا العالم .

والخبير : العالم بالأخبار . والبصير : العالم بالمبصرات . وهذان الاسمان الجليلان يرجعان إلى معنى بعض تعلق العلم الإلهي .

[الأنترنت – موقع :  { إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ۚ إنه كان بعباده خبيرا بصيرا} ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الخبير البصير:

 ورد اسم الله (البصير) إحدى وأربعين مرة في كتاب الله، واقترن بـ(السميع) عشر مرات، وبـ(الخبير) خمس مرات، وكان الاسم الثاني دائما (السميع البصير)، و(الخبير البصير)، والآيات التي ورد فيها الاسمان هي:

{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ۚ

إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} (الشورى:27).{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء:17).{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء:30).{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء:96).

{وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ } (فاطر:31).

وفي اللغة (بصر) ابن الأثير في أسماء الله تعالى البصير هو الذي يشاهد

 الأشياء كلها ظاهرها وخافيها، قال سيبويه بصر صار مبصرا وأبصره إذا أخبر بالذي وقعت عينه عليه وحكاه اللحياني بصر به بكسر الصاد أي أبصره وأبصرت الشيء رأيته.

والفعل بصر يبصر، ويقال بصرت وتبصرت الشيء: شبه رمقته. وفي التنزيل العزيز: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}(الأنعام: 103)، قال أبو إسحاق : أعلم الله أنه يدرك الأبصار.

وقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ}(الأنعام: 104)، أي قد جاءكم

القرآن الذي فيه البيان والبصائر {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ}(الأنعام: 104)، نفع ذلك {وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} (الأنعام: 104)، ضرر ذلك؛ لأن الله عز وجل غني عن خلقه.

     وقوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}(القيامة: 14)، قال ابن سيده له معنيان إن شئت كان الإنسان هو البصيرة على نفسه أي الشاهد، وإن شئت جعلت البصيرة هنا غيره فعنيت به يديه ورجليه  ولسانه؛ لأن كل ذلك شاهد عليه يوم القيامة. وقال الأخفش بل الإنسان على نفسه بصيرة جعله هو البصيرة كما تقول للرجل أنت حجة على نفسك.

- وماذا عن المعاني التي وردت في التفسير؟!

- جاء في معنى قوله تعالى: {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} (الشورى:27). أي محيط بخفايا أمورهم مبصر لها، (الخبير) الذي يعلم حقيقة الأشياء (البصير) الذي يرى الأمور على حقيقتها. فاجتماع (الخبير البصير)، جمع بين معرفة الحقيقة ورؤيتها، ولا شيء أعلى من ذلك.

     ولو تدبرنا الآيات التي ختمت بهذين الاسمين (الخبير البصير)، لعلمنا المناسبة، ففي آية الشورى: 27، وآية الإسراء: 30، يخبر سبحانه عن علمه بأحوال عباده فيبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وفي آية الإسراء 17، يخبر سبحانه عن علمه بحقيقة من استحق الهلاك من الأمم السابقة، وفي آية الإسراء:96، يأمر الله رسوله أن يكتفي بالله شهيدا؛ لأنه (الخبير البصير)، سبحانه وتعالى [ الأنترنت – موقع مجلة الفرقان –  مقالات : الخبير البصير -  د أمير الحداد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } :

1- قوله: (إنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ):

فيه تأكيد لمضمون الآية وتلويح إلى أنّ الذي اختاره الله كرامة للناس كرامة حقيقية اختارها الله بعلمه وخبرته بخلاف ما اختاره الناس كرامة وشرفاً لأنفسهم فإنّها وهمية باطلة فإنّها جميعاً من زينة الحياة الدنيا قال تعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت/ 64). وفي الآية دلالة على أنّ من الواجب على الناس أن يتّبعوا في غايات الحياة أمر ربّهم ويختاروا ما يختاره ويهدي إليه وقد اختار لهم التقوى كما أنّ من الواجب عليهم أن يختاروا من سنن الحياة ما يختاره لهم من الدين.

2- قوله: (يا أيُّها النَّاسُ):النداءات التي تكرّرت في الآيات السابقة كانت بلفظ (يا أيُّها الذينَ آمنوا)

 وفي هذه الآية الكريمة جاء الخطاب بلفظ (أيّها الناس). والسبب في تبديل الخطاب هو:أوّلاً: هو تعقيب عام على هذه الأحكام وتلك الآداب، التي كانت خطاباً للذين آمنوا، ليرتّلوها، ويأخذوا أنفسهم بها.. وليس هذا فحسب، بل إنّ عليهم أن يراعوا هذه الأحكام وتلك الآداب مع غير المؤمنين.. مع الناس جميعاً، من كلّ أُمّة، ومن كلّ دين.. إنّها أخلاق إنسانية، يجب أن تكون طبعاً وجبلّة في المؤمن، يعيش بها في الحياة كلّها، ومع الناس جميعاً، فلا تكون ثواباً يلبسه مع المؤمنين، حتى إذا كان مع غير المؤمنين نزعه فإنّه بهذا إنما ينزع كمالاً خلعه الله عليه، ويتعرّى من جلال كساه الله إياه..

ثانياً: الخطاب هو للإنسانية جمعاء، فإنّ كلّ الناس لهم مرجعية واحدة وهم

خلقوا من ذكر وأنثى ولا تفاضل بينهم من هذه الجهة أصلاً، وهذا يدلّ على الوحدة الإنسانية وهي قاعدة مهمة في فهم كلّ التشريعات الإسلامية فأنتم أيّها الناس – مؤمنين وغير مؤمنين – إخوة في الإنسانية. كما كان المؤمنون إخوة في الإيمان. بناء على هذه القاعدة فإنّ علاقة المؤمنين بغيرهم ينبغي أن تقوم على أساس هذه الوحدة الإنسانية، فلا يجوز أن يتعالى العرب على

العجم منهم بلغتهم أو عنصرهم، لأنّ هذه العقيدة الجاهلية ستُشكّل حاجزاً

دون دخول سائر الشعوب في دين الله.    

    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } :

تنفي العنصرية : هذه الآية الكريمة تهدينا إلى الأمور التالية:

أوّلاً: إلى مشروعية هذه التقسيمات الطبيعية وأنّها – في الأساس – نافعة، وعلينا أن نُعيدها إلى طهرها، بعيداً عن كلّ ألوان العصبية والتعالي لنجني ثمارها الطيبة. وهذا ما يدعو إليه الإسلام كما جاء في النصوص الدينية من ضرورة صلة الرحم والتواصل مع العشيرة وما شابه ذلك.

ثانياً: أنّ التعارف بين الناس واحد من أهم مقاصد الشريعة الغرّاء، لماذا؟.

لأنّه لولا معرفة الناس لما اكتملت حكمة الابتلاء في الخلق؟ أو لأنّ الابتلاء لا يتم إلّا بالحرّية والمسؤولية فلو اختلط الناس ببعضهم كيف يميز الصالح فيثاب عن المجرم فيعاقب؟ أم كيف تتراكم مكاسب المحسنين وتحصّن من أن يسرقها الكسالى والمجرمون؟ كلا. لابدّ أن يُميَّز الناس عن بعضهم تمييزاً كافياً ليأخذ كلّ ذي حقٍّ حقّه، فيشجعه ذلك على المزيد من العطاء، ويأخذ التنافس دوره في دفع عجلة الحياة قدماً إلى الأمام.

ثالثاً: إنّ حكمة الاختلاف هو التكامل – بعد التنافس على الخيرات –

وليس الصراع والتطاحن، وقد قال ربّنا سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة/ 2)، ومن دون التعارف كيف يتمّ التعاون، إنّ على الناس أن يكتشفوا إمكانات بعضهم ليتبادلوا الخيرات، أما إذا تقوقعت كلّ طائفة في حدودها الجغرافية أو الاجتماعية ولم يتعارفوا فكيف يمكن التعاون بينهم؟.

قيمة التسابق على العمل الصالح:

ونفهم من هذه الآية: إنّ التنافس على العمل الصالح والتسابق في الخيرات هو هدف اختلاف الشعوب، وإنّ لكلٍّ منهم شرعة ومنهاجاً، بل إنّ هذا الاختلاف والتنوّع مطلوب إذا كان وسيلة للتنافس البنّاء، والتعارف والتعاون، كما أنّ الاختلاف بين الناس في مجتمع واحد هدفه التسارع إلى الخيرات، والتعاون فيها، كذلك التفرع بين الشعوب والمجتمعات المتنوعة أليس يقول ربّنا سبحانه: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف/ 32). وإذا كان الهدف من هذا التنوّع التسارع في الخيرات، فإنّ أكرم الخلق عند الله من استبق إليها، فالأقرب إلى الصراط المستقيم، والأسبق في الصالحات هو الأكرم، لأنّه الذي يُحقّق الهدف دون غيره، وإلى هذه تشير كلمة التقوى.. أليست التقوى هي المعرفة بالله والعلم بشريعته، والاجتهاد في تنفيذها؟. وأصل الكلمة من الوقاية، أي التحصّن ضدّ أسباب الهلاك ولا تحصل هذه الوقاية من دون معرفة الطريق والاستقامة عليه، بعيداً عن أمواج الفتن، وضغوط الهوى ورياح الشهوات، لذلك كانت التقوى أرفع درجة من الإيمان، كما إنّ الإيمان أرفع درجة من الإسلام. وإنما رفع الإسلام قواعد المجتمع الفاضل على أساس التقوى، لأنّه من دونها تُمزّق العصبيات الجاهلية التجمّع البشري، ولا تدعه يتكامل، بل في كثير من الأوقات يتقابل مع بعضه، ويسير في طريق الهدم.

قال الله سبحانه: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ

فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا

أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (الفتح/ 26).

إنّ كلمة التقوى هي صبغة التجمُّع الإيماني ومحوره، وعماد تماسكه، ومبعث

قوّته، بينما العصبيات الجاهلية هي صبغة سائر المجتمعات غير الإيمانية.. وحين حارب الإسلام هذه العصبيات استطاع أن يصهر المجتمع الجاهلي المتشرذم في بوتقة التوحيد، ويبني منه تلك الحضارة التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.

    إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } :

وظيفة التقوى في الإسلام:

1- حقيقة التقوى: التقوى من الوقاية بمعنى: التوقّي. وفي عرف المتشرّعة يقصد بها: التوقّي من عذاب الآخرة، أو من غضب الرحمن، أو من الابتعاد عن الله تعالى أو ما إلى ذلك.

ويستفاد من مجموع الآيات القرآنية أنّ التقوى هي الإحساس بالمسؤولية والتعهُّد الذي يحكم وجود الإنسان وذلك نتيجة لرسوخ إيمانه في قلبه حيث يصدّه عن الفجور والذنب ويدعوه إلى العمل الصالح والبرّ ويغسل أعمال الإنسان من التلوّثات ويجعل فكره ونيته في خلوص من أية شائبة. وحين نعود إلى الجذر اللغوي لهذه الكلمة نصل إلى هذه النتيجة أيضاً لأنّ "التقوى" مشتقة من "الوقاية" ومعناها المواظبة والسعي على حفظ الشيء، والمراد في هذه الموارد حفظ النفس من التلوُّث بشكل عام، وجعل القوى تتمركز في أمور يكون رضا الله فيها.

2- مراتب التقوى: وقد قسّمها العلامة المجلسي (رض) إلى ثلاث مراتب:

-حفظ النفس من العذاب الخالدعن طريق تحصيل الاعتقادات الصحيحة.

- تجنُّب كلّ إثم وهو أعمّ من أن يكون تركاً لواجب أو فعلاً لمعصية.

- التجلُّد والاصطبار عن كلّ ما يشغل القلب ويصرفه عن الحقّ، وهذه تقوى الخواص بل خاص الخاص.

- واستظهر أن يكون المقصود بالتقوى في الروايات التي جعلتها فوق الإيمان وجعلت اليقين أعلى منها: المعنى الثاني؛ إذ لو كان المقصود هو الأوّل لمّا صحّ جعلها فوق الإيمان، ولو كان المقصود الثالث لأشكل الفرق عن اليقين وكون اليقين فوقه. ثمّ قال: لكن درجات المرتبة الأخيرة – أيضاً – كثيرة، فيمكن

حمل اليقين على أعلى درجاتها، فيجتمع مع تفسير التقوى بالمعنى الثالث أيضاً.

نماذج من موارد التقوى في القرآن : إنّ القرآن جعل التمايز الأكبر بين البشر

هو للتقوى، وعدّها معياراً لمعرفة القيم الإنسانية فحسب!.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

والعناوين التي تحدّثت عنها الآيات عن التقوى كثيرة منها:

1- خير الزاد: عدها خير الزاد إذ يقول: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ) (البقرة/ 197).

2- اللباس: فقد عبّر عنها باللباس: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (الأعراف/ 26).

3- أسس الدعوة: كما أنّه عبّر عنها في آيات أخرى بأنّها واحدة من أوّل أسس دعوة الأنبياء.

4- نسبها الله إلى نفسه: ويسمو بها في بعض الآيات إلى أن يُعبّر عن الله

بأنّه أهل التقوى فيقول: (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر/ 56).

5- التقوى باب العلم: والقرآن يعدّ التقوى نوراً من الله، فحيثما رسخت

 التقوى كان العلم والمعرفة إذ يقول: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة/ 282).

6- التقوى والبر: ويقرن بالبر في بعض آياته فيقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة/ 2). أو يقرن العدالة بالتقوى فيقول: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) (المائدة/ 8).

يعدّ القرآن كلّ عمل ينبع من روح الإيمان والإخلاص والنية الصادقة أساسه التقوى، كما جاء في وصفه في شأن "مسجد قبا" في المدينة حيث بنى المنافقون في قباله "مسجد ضرار" فيقول: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) (التوبة/ 108).

تلازم العمل والتقوى:

عن مُفضَّل بن عُمَرَ قال كنت عند أبي عبد الله (ع) فذكرنا الأعمال فقُلتُ: أنا ما أضعَفَ عملي فقال: "مَه استغفِرِ الله ثم قال لي إنّ قليل العمل مع التقوى خيرٌ من كثير العمل بلا تقوى، قُلتُ: كيف يكون كثيرٌ بلا تقوى؟ قالَ: نعم، مثل الرّجُل يُطعِم طعامه ويَرفُقُ جيرانه ويُوَطِّئ رحلَه" كناية عن كثرة الضيافة وقضاء حوائج المؤمنين بكثرة الواردين إلى منزله "فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه فهذا العمل بلا تقوى ويكون الآخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخُل فيه".

وقد بيّن القرآن الكريم هذه الحقيقة وهي أنّ العمل يُتقبّل من المتقين، ومَن يسلب صفة التقوى لا يُقبل عمله قل أم كثر فلا عبرة بذلك قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة/ 27).

واعلم أنّ الصادق سُئل عن تفسير التقوى فقال :أن لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك. وهذا هو بعينه قوله في أوّل الباب: ولكن ذكر الله عندما أحلّ وحرّم، فإن كان طاعة عمل بها، وإن كان معصية تركها. وهذا هو حدّ التقوى وهي العدّة الكافية في قطع الطريق إلى الجنّة، بل هي الجنّة الواقية من متالف الدنيا والآخرة، وهي الممدوحة بكلّ لسان. والمشرِّقة لكلّ إنسان، ولقد شُحن بمدحها القرآن، وكفاها شرفاً قوله تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) (النساء/ 131)، ولو كان في العالم خصلة أصلح للعبد وأجمع للخير وأعظم في القدر، وأنجح للآمال من هذه الخصلة التي هي التقوى لكان الله سبحانه أوصى بها عباده لمكان حكمته ورحمته، فلما أوصى بهذه الخصلة الواحدة جمع الأولين وآخرين واقتصر عليها علم أنّها الغاية التي لا يتجاوز عنها ولا مقتصر دونها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الدروس المستفادة من الآية: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ

وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) :

1- الذكورة والأنوثة والأعراق والقبائل وما شابه ذلك ليست مورد افتخار وتفاضل بين الناس "خلقنا، جعلنا".

2-إنّ الحكمة من خلق البشر مختلفين في الأجناس والأعراق والألوان

واللغات هو التعارف لا التفاخر. (لِتَعارَفُوا).

3-إنّ الكرامة الظاهرية التي يكتسبها الإنسان في المجتمع من خلال بعض

العناوين الاجتماعية هي زائلة لا محالة ولا ثبات لها، إنّما العبرة بالكرامة

الحقيقية التي يكتسبها الإنسان عند الله تعالى ومدى قربه منه، (أكرُمَكُم عِندَ اللهِ).

4- القرآن الكريم لا يعترف بأي تميُّز عنصري أو قبلي أو اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي أو فكري أو سياسي بل يعتبر كلّ هذه الأمور وغيرها ليست

مورداً للتمايز والتفاضل، إنما ملاك التمايز والتفاضل عنده هو التقوى، (إنّ أكرَمَكُم عِندَ اللهِ أتْقاكُم).

5- إنّ التمايز موجود في الفطرة الإنسانية والقرآن الكريم حدّد المسار التصاعدي لهذا التمايز الفطري بالتقوى، (إنّ أكرَمَكُم عِندَ اللهِ أتْقاكُم).

6- لا يمكن ادعاء التقوى لأنّه حالة باطنية تتجسّد بالأعمال الصالحة، لأنّ الله (عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

ربط آية التقوى بالمحور:

إنّ المقطع السابق تضمّن المنهيات التي لا تتناسب مع أخلاقية المؤمن والمجتمع الإيماني، وهذه الآية الكريمة دعت إلى التقوى وجعلته المعيار الأساس للتفاضل بين البشر، وبيّنت أنّ أصل البشر واحد وهو الإنسانية، فترك المنهيات السابقة والعمل بما يوجب التقوى هو الذي يُجسّد الأخلاق في

مجتمعنا الإسلامي وهذا ما دعت له سورة الحجرات في كلّ آياتها.

رسالة آية التقوى : إنّ على الناس أن يتقرّبوا إلى الله تعالى كما يريد وذلك من خلال العمل الصالح في المجتمع وأن يسارعوا إلى عمل ما يُقرّبهم من الله

تعالى وأن يعلموا أنّ الأساس في علاقتهم مع بعضهم بعضاً هو تقوى الله وأن لا يتفاخروا ويتفاضلوا بالأعراق والأجناس والألوان والتي لا قيمة لها عند الله تعالى لأنّ (أكرَمَكُم عِندَ الله أتقاكُم) (خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) + (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) + (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)

 = التربية الأخلاقية للمجتمع.[ الأنترنت – موقع البلاغ - التقوى معيار التفاضل { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

شرح قوله: ( وهو العليم الخبير ) :

 (( وهو الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ )) (( الْعَلِيمُ )) سبق القول فيه وفيه صفة العلم لله

عز وجل وهل هو عالم بصفة العلم أو عالم بذاته ؟ نقول عالم بصفة العلم لأن المعتزلة يقولون ما له صفة العلم عالم بذاته ولا تقول إنه عليم بمعنى ذو علم هذا ما يصلح بل هو ذاته هي العلم ولهذا لا يفرقون بين سميع وعليم وخبير وبصير لأنها كلها عندهم هي الذات يقولون ليش ؟ لأنك لو أثبت لله سبحانه وتعالى صفات قديمة كالعلم والسمع والبصير صرت أكفر من النصارى أعوذ بالله ليش ؟ قال لأن النصارى أثبتوا ثلاثة قدماء وأنت أثبت تسعة وتسعين أكثر من تسعة وتسعين كل من أثبت لله صفة قديمة فقد أثبت تعدد القدماء يعني الآلهة عندهم الله قدير هذا قدير ذات قدرة صاروا كم ؟ اثنين سمع ها ثلاثة بصر علم ها حياة وهكذا إذا لا تثبت صفة طيب عليم قال إي عليم ذو علم بذاته لا بعلمه يعلم بذاته لا بعلمه يسمع بذاته لا بسمع ولهذا يجعلون كل المعاني هذه شيئا واحدا كلام باطل يعني ومن الغرائب والغرائب جمة أنهم يقولون إنهم هم أصحاب العقول لا أصحاب العقول يقولون هذا العقل سبحان الله أنت تجي امرأة عجوز يمكن ما بقي من شعر رأسها إلا شعرة واحدة يمكن منسلخ من الكبر وتسألها هل العليم والسميع والحكيم معناهم واحد ويش تقول ؟ ها تقول لا كل أحد إذا نحن نقول إنه عليم بعلم هو وصفه وهكذا بقية الصفات ونقول لهم أنتم نسال الله لكم الهداية أنت رجل فيك سمع وفيك بصر وفيك علم وفيك حياة وفيك قدرة كم أنت ؟ واحد على رأيكم أنت أكثر من واحد ولا لا ؟ فكيف تجيزون لأنفسكم أن تتعدد الصفات فيكم ولا تجيزون ذلك لله رب العالمين وأي خلل أو نقص يحصل بهذا ؟ قال : " (( وهو العليم الخبير )) " شوف العليم الخبير جمع الله عز وجل بين العليم والخبير ولو أنه أتى اسم العليم لكان شاملا لاسم الخبير لماذا ؟ لأن قلنا العليم عليم بكل شيء الظاهر والباطن، (( الْخَبِيرُ )) هو العليم ببواطن الأمور فيكون هنا وصفا أخص بعد وصف أعم هل إذا جاء وصف أخص بعد وصف أعم نحمل الأعم على معنى يخرج به الأخص أو نقول إنه لما جاء الأخص كأنه كرر مرتين مثال يتضح بالمثال هل نقول : إذا اقترنت العليم الخبير جعلنا العليم بظواهر الأمور يعني العليم بظواهر الأمور والخبير ببواطن الأمور فيكون كل اسم دالا على معنى مستقل عن الآخر أو نقول : العليم بظواهر الأمور وبواطنها وأكد الخبير وهو العلم ببواطن الأمور لأن العلم بالظواهر دون العلم بالبواطن العلم بالبواطن أعمق أليس كذلك ؟ أيهما أولى الأخير لأجل أن يكون العلم ببواطن الأمور مكررا مرتين مرة بطريق العموم ومرة بطريق الخصوص وكما يكون هذا في المعاني يكون هذا في الأعيان فمثلا (( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا )) الروح من ؟ جبريل من الملائكة هل نقول إن جبريل دخل في الملائكة ثم نص عليه من باب التشريف أو نقول إنه لم يدخل في الملائكة أولا لأنه نص عليه ؟ فهمتم الفرق يعني مثلا نقول : (( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ )) إلا جبريل ثم قال : (( والروح )) دل على نزول جبريل أو نقول : الملائكة ومنهم جبريل وخص جبريل بالذكر تشريفا له الأخير كذا ولا لا طيب إذا الخبير هو العليم ببواطن الأمور ونص عليه لأن العلم بالبواطن أعمق من العلم بالظواهر نعم طيب . [ الأنترنت – موقع أهل الحديث - شرح العقيدة الواسطية-  - والأثر للشيخ محمد بن صالح العثيمين ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقةالثانية والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الفرق بين ( عليم ) و ( خبير ) :

قال الله تعالى: [وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الـْخَبِيرُ]. [إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ].

فهو العليم المحي للممكنات، فيعلم تعالى نفسه الكريمة، ونعوته المقدسة،

 وأوصافه العظيمة، وهي علمه بكل شيء: بالواجبات، والممتنعات،الواجبات

التي لا يمكن إلا وجودها، ويعلم الممتنعات حال امتناعها، ويعلم ما يترتّب على وجودها لو وُجدت. كما قال تعالى:[لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلهَةٌ إِلاّ اللَّهُ

لَفَسَدَتَا]. وقال تعالى: [مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ].

فهذا وشبهه من ذكر علمه بالممتنعات التي يعلمها، وإخباره بما ينشأ عنها لو وُجدت على وجه الفرض والتقدير، ويعلم تعالى الممكنات، وهي التي يجوز

وجودها وعدمها ما وجد منها وما لم يوجد مما لم تقتض الحكمة إيجاده، فهو

العليم الذي أحاط علمه بالعالم العلوي والسفلي، لا يخلو عن علمه مكان ولا زمان، ويعلم الغيب والشهادة، والظواهر والبواطن، والجليّ والخفيّ. قال الله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ] ، والنصوص في ذكر إحاطة علم الله وتفصيل دقائق معلوماته كثيرة جداً لا يمكن حصرها ولا إحصاؤها، وأنّه لا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنه لا يغفل ولا ينسى، وأنّ علوم الخلائق على سعتها وتنوعها إذا نسبت إلى علم الله اضمحلت وتلاشت، كما أن قُدَرَهُم إذا نسبت إلى قدرة الله لم يكن لها نسبة إليها بوجهٍ من الوجوه، فهو الذي علّمهم ما لم يكونوا يعلمون، وأقدرهم على ما لم يكونوا عليه قادرين.

وكما أن علمه محيط بجميع العالم العلوي والسفلي، وما فيه من المخلوقات: ذواتها، وأوصافها، وأفعالها، وجميع أمورها، فهو يعلم ما كان وما يكون في المستقبلات التي لا نهاية لها، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون، ويعلم أحوال المكلفين منذ أنشأهم وبعد ما يُميتهم وبعد ما يُحييهم، قد أحاط علمه بأعمالهم كلها: خيرها وشرها،وجزاء تلك الأعمال وتفاصيل ذلك في دار القرار.

والخلاصة أن لله تعالى هو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والإسرار والإعلان،وبالواجبات،والمستحيلات،والممكنات،وبالعالم العلوي،والسفلي،

وبالماضي، والحاضر، والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء.     وهذا شرح للشيخ العثيمين رحمه الله مقتبس من بعض شروحاته):

 العليم :متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى). العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

) الخبير :الخبرة هي العلم ببواطن الأمور، والعلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال، لكن العلم بالبواطن أبلغ، فيكون عليم بالظواهر، وخبير بالبواطن، فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ في الإحاطة، وقد يقال إن الخبرة لها معنى زائد عن العلم، لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه، بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط، ولكن ليس عنده حذق، فإنه لا يسمى خبيراً، فعلى هذا يكون الخبير متضمناً لمعنى زائد على العلم[ الأنترنت – موقع  الفرق بين ( عليم ) و ( خبير ) شرح أسماء الله الحُسنى: - العَلِيمُ، - الخَبـِـيرُ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقةالثالثة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ۚ والله بما تعملون خبير :

قال الطنطاوي في الوسيط : وجملة ( والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) تذييل قصد به الوعد والوعيد ، أى : والله تعالى  مطلع إطلاعا تاما على كل تصرفاتكم ، وسيمنحكم الخير إن آمنتم ، وسيلقى بكم فى النار إن بقيتم على كفركم .

وقال ابن عاشور : {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ

 خَبِيرٌ } من جملة القول المأمور رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقوله .

والفاء فصيحة تفصح عن شرط مقدّر ، والتقدير : فإذا علمتم هذه الحجج وتذكّرتم ما حلّ بنظرائكم من العقاب وما ستَنبّؤونَ به من أعمالكم فآمنوا بالله ورسوله والقرآن ، أي بنصه .

وجملة { والله بما تعملون خبير } تذييل لجملة { فآمنوا بالله ورسوله } يقتضي وعداً إنْ آمنوا ، ووعيداً إن لم يؤمنوا .

وفي ذكر اسم الجلالة إظهار في مقام الإِضمار لتكون الجملة مستقلة جارية

مجرى المثل والكلمِ الجوامع ، ولأن الاسم الظاهر أقوى دلالة من الضمير لاستغنائه عن تطلب المعاد . وفيه من تربيَة المهابة ما في قول الخليفة «أمير المؤمنين يأمركم بكذا» .

والخبير : العَليم ، وجيء هنا بصفة «الخبير» دون : البصير، لأن ما يعلمونه منه محسوسات ومنه غير محسوسات كالمعتقدات ، ومنها الإِيمان بالبعث ، فعُلق بالوصف الدال على تعلق العلم الإلهي بالموجودات كلها ، بخلاف قوله فيما تقدم { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير } [ التغابن : 2 ] فإن لكفر الكافرين وإيمان المؤمنين آثاراً ظاهرة محسوسة فعلقت بالوصف الدال على تعلق العلم الإلهي بالمحسوسات .

[ الأنترنت – موقع : {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ۚ والله بما تعملون خبير} ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقةالرابعة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:{ وكم أهلكنا من

 القرون من بعد نوح ۗ وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا }

   قال السعدى : وهؤلاء أمم كثيرة أبادهم الله بالعذاب من بعد قوم نوح كعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ممن عاقبهم الله لما كثر بغيهم واشتد كفرهم أنزل [الله] بهم عقابه العظيم.{ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } فلا يخافوا منه ظلما وأنه يعاقبهم على ما عملوه.

    وقال ابن كثير : ودل هذا على أن القرون التى كانت بين آدم ونوح على

 الإِسلام ،كما قاله ابن عباس:كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإِسلام .

ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بالتهديد الشديد لمن يخالف أمره فقال - تعالى - : ( وكفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً ) .

أى : وكفى بربك - أيها الرسول الكريم - إحاطة واطلاعا وعلما بما يقدمه الناس من خير أو شر ، فإنه - سبحانه - يعلم السر وأخفى .

والآية الكريمة بجانب أنها تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم فهى - أيضا - تهديد للمشركين ، وإنذار لهم بأنهم إذا ما استمروا على كفرهم ، ومعاداتهم للحق ، وتطاولهم على من جاء به وهو الرسول صلى الله عليه وسلم فسيكونون محلا لغضب الله - تعالى –

وسخطه ، ولنزول عذابه الذى أهلك به أمثالهم فى الشرك والكفر والجحود .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : ( أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ الله عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ) وقوله - تعالى - : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد )

وقوله [ تعالى ] ( وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا ) أي : هو عالم

بجميع أعمالهم ، خيرها وشرها ، لا يخفى عليه منها خافية [ سبحانه وتعالى ]

وقال ابن عاشور : وجملة { وكفى بربك بذنوب عباده خبيراً بصيراً } إقبال على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بالخصوص ، لأن كل ما سبق من الوعيد والتهديد إنما مآله إلى حمل الناس على تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من القرآن بعد أن لجوا في الكفر وتفننوا في التكذيب ، فلا جرم خُتم ذلك بتطمين النبي بأن الله مطلع على ذنوب القوم . وهو تعريض بأنه مجازيهم بذنوبهم بما يناسب فظاعتها ، ولذلك جاء بفعل { كفى } وبوصفي { خبيراً بصيراً } المكنى بذكرهما عن عدم إفلات شيء من ذنوبهم المرئية والمعلومة من ضمائرهم أعني أعمالهم ونواياهم .

وقدم ما هو متعلق بالضمائر والنوايا لأن العقائد أصل الأعمال في الفساد والصلاح . وفي الحديث : « ألا وإن في الجسد مضعة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب » .

[ الأنترنت موقع  : { وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح ۗ وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا } ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{ إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ۗ إن الله كان عليما خبيرا } :

قال السعدى : { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } أي: عالمًا بجميع الظواهر والبواطن، مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها. فمن علمه وخبره أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة والشرائع الجميلة.

وقال ا لطنطاوي : ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله:  { إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً  } أى: إنه- سبحانه- عليم بظواهر الأمور وبواطنها. خبير بأحوال النفوس وطرق علاجها، ولا يخفى عليه شيء من تصرفات الناس وأعمالهم، وسيحاسبهم عليها.

فالجملة الكريمة تذييل المقصود منه الوعيد للحكمين إذا ما سلكوا طريقا يخالف الحق والعدل. وبهذا نرى أن هاتين الآيتين الكريمتين قد بينتا جانبا هاما مما يجب للرجال على النساء، ومما يجب للنساء على الرجال، فقد مدحت أولاهما النساء الصالحات المطيعات الحافظات لحق أزواجهن، ورسمت العلاج الناجع الذي يجب على الرجال أن يستعملوه إذا ما حدث نشوز من زوجاتهم، وحذرت الرجال من البغي على النساء إذا ما تركن النشوز وعدن إلى الطاعة والاستقامة  { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً }

وقال ابن كثير : ذكر [ تعالى ] الحال الأول ، وهو إذا كان النفور والنشوز من الزوجة ، ثم ذكر الحال الثاني وهو : إذا كان النفور من الزوجين فقال تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها )

قال الفقهاء : إذا وقع الشقاق بين الزوجين ، أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ،

 ينظر في أمرهما ، ويمنع الظالم منهما من الظلم ، فإن تفاقم أمرهما وطالت

خصومتهما ، بعث الحاكم ثقة من أهل المرأة ، وثقة من قوم الرجل ، ليجتمعا وينظرا في أمرهما ، ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق ،وتشوف الشارع إلى التوفيق;ولهذا قال:(إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أمر الله عز وجل ، أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ، ورجلا مثله من أهل المرأة ، فينظران أيهما المسيء ، فإن كان الرجل هو المسيء ، حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة ، وإن كانت المرأة هي المسيئة ، قصروها على زوجها ومنعوها النفقة . فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا ، فأمرهما جائز . فإن رأيا أن يجمعا ، فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ، ثم مات أحدهما ، فإن الذي رضي يرث الذي كره ولا يرث الكاره الراضي . رواه ابن أبي حاتم وابن جرير .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد ، عن ابن عباس قال : بعثت أنا ومعاوية حكمين ، قال معمر : بلغني أن عثمان بعثهما ، وقال لهما : إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما

[الأنترنت – موقع قوله تعالى  : وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ۗ إن الله كان عليما خبيرا]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السادسة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

{فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا ۖ قال نبأني العليم الخبير } :

قال السعدى : وفى تذ ييل الآية الكريمة بقوله : ( العليم الخبير ) إشارة

حكيمة وتنبيه بليغ ، إلى أن من الواجب على كل عاقل ، أن يكون ملتزما لكتمان الأسرار التى يؤتمن عليها ، وأن إذاعتها - ولو فى أضيق الحدود - لا تخفى على الله - عز وجل - لأنه - سبحانه - عليم بكل معلوم ، ومحيط بخبايا النفوس وخلجاتها .

وقال القرطبى : {فلما نبأها به} أي أخبر حفصة بما أظهره الله عليه .

قالت : من أنبأك هذا يا رسول الله عني ؟ .فظنت أن عائشة أخبرته ، فقال عليه السلام :

نبأني العليم الخبير أي الذي لا يخفى عليه شيء . وهذا سد مسد مفعولي " أنبأ " . و " نبأ " الأول تعدى إلى مفعولين ، و " نبأ " الثاني تعدى إلى مفعول واحد ، لأن نبأ وأنبأ إذا لم يدخلا على المبتدأ والخبر جاز أن يكتفى فيهما بمفعول واحد وبمفعولين ، فإذا دخلا على الابتداء والخبر تعدى كل واحد منهما إلى ثلاثة مفاعيل . ولم يجز الاقتصار على الاثنين دون الثالث ، لأن الثالث هو خبر المبتدأ في الأصل فلا يقتصر دونه ، كما لا يقتصر على المبتدأ دون الخبر .

وقال  ابن عاشور :  وإيثار وصفي { العليم الخبير } هنا دون الاسم العَلَم لما فيهما من التذكير بما يجب أن يعلمه الناس من إحاطة الله تعالى علماً وخُبْراً بكل شيء .

و { العليم } : القوي العلم وهو في أسمائه تعالى دالّ على أكمل العلم ، أي العلم المحيط بكل معلوم .

و { الخبير } : أخص من العليم لأنه مشتق من خبر الشيء إذا أحاط بمعانيه ودخائله ولذلك يُقال خبرته ، أي بلوته وتطلعتُ بواطن أمره ، قال ابن بُرَّجان ( بضم الموحدة وبجيم مشددة ) في «شرح الأسماء» : «الفرق بين الخُبر والعلم وسائر الأشياء الدالة على صفة العلم أن تتعرف حصول الفائدة من وجه وأضِف ذلك إلى تلك الصفة وسَم الفائدة بذلك الوجه الذي عنه حَصَلَتْ فمتى حصلت من موضع الحُضور سميت مشاهدة والمتصف بها هو الشاهد والشهيد .

وكذلك إن حصلت من وجه سمع أو بصر فالمتصف بها سميع وبصير . وكذلك إن حصَلت من عِلْم أو علامة فهو العلم والمتصف به العالم والعليم ، وإن حصلت عن استكشاف ظاهر المخبُور عن باطنه بِبَلوى أو امتحان أو تجربة أو تبليغ فهو الخبْر . والمسمّى به الخبير» اه .

وقال الغزالي في «المقصد الأسنى» : «العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمي خِبرة وسمي صاحبها خبيراً » أهـ .

فيتضح أن أتباع وصف { العليم } بوصف { الخبير } إيماء إلى أن الله علم دخيلة المخاطبة وما قصدته من إفشاء السرّ للأخرى .

وقد حصل من هذا الجواب تعليمها بأن الله يطلع رسول صلى الله عليه وسلم على ما غاب

إن شاء قال تعالى : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول } [ الجن : 26 ، 27 ] وتنبيهاً على ما أبطنته من الأمر .

واعلم أن نبّأ وأنبأ مُترادفان وهما بمعنى أخبر وأن حقهما التعدية إلى مفعول واحد لأجل ما فيهما من همزة تعدية أو تضعيف . وإن كان لم يسمع فعل مجرد لهما وهو مما أميت في كلامهم استغناء بفعل علم . والأكثر أن يتعديا إلى ما زاد على المفعول بحرف جر نحو : نَبأتُ به . وقد يحذف حرف الجر فيعدّيان إلى مفعولين ، كقوله هنا : { من أنبأك هذا }

[ الأنترنت – موقع قوله تعالى : { قال نبأني العليم الخبير } ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السابعة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

مع اسم الله الخبير- اللطيف ‏ :

اسم الله اللطيف : اسم الله الخبير يرجع في مدلوله إلى العلم بالأمور التي هي في غاية اللطف والصغر وفي غاية الخفاء «اللطيف» هو الذي يوصل إلى عباده مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لا يشعرون بها من لطفه تعالى بعباده أنه يقيهم طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء فيوفقهم لنهي النفس عن الهوى معرفة معنى اسم الله اللطيف ودلالاته تملأ قلب العبد رجاء وطمعا في نيل فضل الله ورحمته .

«اللطيف» اسم من أسماء الله الحسنى التي أثبتها سبحانه وتعالى لنفسه، والإيمان بها عقيدة،كما الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له،ولكل اسم من هذه الأسماء معانٍ ودلالات وفضائل وأسرار.

يقول الدكتور عبدالرزاق البدر في كتابه (فقه الأسماء الحسنى): كُرر اسم الله اللطيف مقترنا باسمه الخبير في آيات منها قوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }، وقوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}.

ومعنى الخبير: أي الذي أدرك بعلمه السرائر، واطلع على مكنون الضمائر، وعلم بطائن الأمور، فهو اسم يرجع في مدلوله إلى العلم بالأمور التي هي في غاية اللطف والصّغر وفي غاية الخفاء. ومن باب أولى وأحرى علمه

 بالظواهر والجليات؛ فقد أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا.

وأما اللطيف فله معنيان: أحدهما: بمعنى الخبير وهو أن علمه دقّ ولطُف حتى أدرك السرائر والضمائر والخفيات.

المعنى الثاني: الذي يوصل إلى عباده مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لايشعرون بها.

قال ابن القيم- رحمه الله- في نونيته :                                وهــواللطيف بــعبده ولــعبده *** والـلـطف في أوصـافه نـوعـانِ

   إدراك أســرار الأمــور بخُـبره *** والـلـطف عند مواقع الإحـسـانِ

  فيــُريك عزته ويُـبدي لطـــفه **** والعبد في الغفلات عن ذا الشانِ

ولطف الله بالعبد من الرحمة بل هو رحمة خاصة ؛ فالرحــمة التي تصل إلى العبد من حيث لا يشعر بها أو بأسبابها هـي اللطف. يقال: (لطف بعبده، ولطف له) أي تولاه ولاية خاصة بها تصلح أحواله الظاهرة والباطنة، وبها تندفع عنه جميع المكروهات من الأمور الداخلية والأمور الخارجية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

مع اسم الله الخبير- اللطيف ‏ :

فالأمور الداخلية لطفٌ بالعبد، والأمور الخارجية لطف للعبد ، فإذا يسر الله لعبده وسهل له طرق الخير، وأعانه عليها فقد لطف به، وإذا قيض له أسبابا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد فيها صلاحه فقد لطف له.

و في قصة يوسف عليه السلام قدر الله له أمورا كثيرة خارجية عادت

 عاقبتها الحميدة على يوسف وأبيه عليهما السلام وكانت في مبدأها مكروهة ولكن كانت عواقبها أحمدَ العواقب، وفوائدها أجلّ الفوائد ولهذا قال عليه السلام:«إن ربي لطيف لما يشاء» أي أن هذه الأشياء التي حصلت لطفٌ لطفه الله له فاعترف عليه السلام بهذه النعمة.

قيل: (من لطف الله لعبده يعقوب أن قرن قدره بلطفه فالقدر فراق ابنه ولطفه المبشرات التي ستحصل ليوسف في المنام).

ولطف الله بعبده وله باب واسع، يتفضل الله تعالى بما شاء منه على من

 يشاء من عباده ممن يعلمه محلا لذلك وأهلا:

• فمن لطفه بعباده المؤمنين أنه جل وعلا يتولاهم بلطفه فيخرجهم من ظلمات الجهل والكفر والبدع والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة.

•ومن لطفه بهم أنه يقيهم طاعة أنفسهم الأمارة بالسوء فيوفقهم لنهي النفس عن الهوى، ويصرف عنهم السوء والفحشاء مع توافر أسباب الفتنة وجواذب المعاصي والشهوات ؛ فيمنّ عليهم ببرهان لطفه ونور إيمانه فيدعونها مطمئنة لتركها نفوسهم، منشرحة بالبعد عنها صدورهم.

•ومن لطفه بعباده أنه يقدر لهم أرزاقهم بعلمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتِهم؛ فقد يريدون شيئا وغيره أصلح ؛ فيقدر لهم الأصلح وأن كرهوه لطفاً بهم، قال تعالى: «الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز».

• ومن لطفه جل وعلا بهم: أنه يقدر عليهم أنواعا من المصائب وضروبا من البلايا والمحن سوقاً لهم إلى كمالهم وكمال نعيمهم.

• ومن لطفه بعبده -سبحانه- أن يقدر له أن يتربى في ولاية أهل الصلاح

 والعلم والإيمان،وبين أهل الخير ليكتسب من أدبهم وتأديبهم. وأن ينشأ

كذلك بين أبوين صالحين، وأقارب أتقياء، وفي مجتمع صالح.

• ومن لطفه بعبده أن يجعل رزقه حلالاً في راحة وقناعة يحصل به المقصود ولايشغله عما خلق له من العبادة والعلم والعمل به، بل يعينه على ذلك.

• ومن لطفه بعبده أن يقيض له إخوانا صالحين ورفقاء متقين يعينونه على

الخير ويشدون من أزره في سلوكه سبيل الاستقامة والبعد عن سبل

الهلاك والانحراف.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

مع اسم الله الخبير- اللطيف ‏ :

• ومن لطفه - جل وعلا - بعبده أن يبتـليه ببعض المصائب فيوفـقه للقيام بوظيفة الصبر فيها، فيُـنيله رفيع الدرجات وعالي الرتب.

• ومن لطفه سبحانه بعبده أن يكرمه بأن يوجد في قلبه حلاوة روح الرجاء وانتظار الفرج

لم انتبه من قبل لمعنى اللطف فى منع الإنسان من الوقوع في المحرم ولم افهمه ابدا انه كان مقصود يوسف عليه السلام من قوله ان ربي لطيف لما يشاء

سبحان ربي لطيـــف جلَّ جلاله

سبحــــان اللطيف الخبيــــر .. يرفق بعبـــاده ويلطف بهم، يرزق من يشــاء بغير حســـاب ومنعه هو خيـــر العطــــاء .. يعلم مصالح جميع الخلائق؛ الجن والإنس والطير والحيوان والجماد والنبـــات، ثم يسلك سبيلَ الرفق في إيصال هذه المصالح إلى مستحقِّها دون العُنْف ..

ولو نظر الإنسان إلى الكون من حوله، لوجد آثـــار لطف الله تعالى بخلقه واضحةً جليَّة .. ولوجد المرءَ نفسه في نهاية العجز، واللهُ تعالى في نهاية اللطف، ولطفُه به هو الذي جعله على هذا الحال الحسن، فليس لك إلا أن تدعوه سبحــــانه قائلاً: يـــــا لَطِيــــــف.. الْطُفْ بِنـــــا ..

ورود الاسم في القرآن الكريم :

ورد اسم الله تعالى اللطيـــف سبع مرات في القرآن الكريم، منها قوله تعالى

{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 103]

.. وقوله جلَّ وعلا {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]

وقوله تعالى {.. إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف:

100] .. وقوله { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج: 63]

معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى :

 اللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقهِ مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ ..

قال تعالى {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..} [الشورى:19] فالله لطيفٌ بعباده رفيقٌ بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، قال تعالى: { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14]، وقال لقمان لابنه وهو يعظه: { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 16].                           ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير .. فالله تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه الخير .. وقد يخفى على العبد هذا الخير، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض .. والله تعالى يقول {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]

يقول ابن القيم "ما يَبْتَلِي الله بهِ عبادَهُ من المصائبِ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى سعادتِهِم في العاجلِ

والآجلِ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ، وَحُفَّت النارُ بالشهواتِ ، وقدْ قَالَ :

 "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ

سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" [صحيح مسلم]

فالقضاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ لِمَنْ أُعْطِيَ الشكرَ والصبرَ جَالِبًا ما جَلَبَ .. وكذلكَ ما

فَعَلَهُ بآدَمَ وإبراهيمَ وموسَى وعيسَى ومحمَّدٍ من الأمورِ التي هيَ في الظاهرِ

مِحَنٌ وابتلاءٌ، وهيَ في الباطنِ طُرُقٌ خَفِيَّةٌ أَدْخَلَهُم بها إلى غايَةِ كَمَالِهِم وَسَعَادَتِهِم" [شفاء العليل (1:104)]. الأنترنت- موقع فيس بوك - مع اسم الله الخبير-اللطيف]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

بيانِ بعضِ ما تَضَمَّنَهُ اقترانُ بعضِ الأسماءِ الحُسْنَى ببعضٍ مِن اللطائفِ العجيبةِ والفوائدِ البديعةِ :

قال ابن القيم :كما في المرتع الأسنى: (البابُ العشرونَ: في بيانِ بعضِ ما تَضَمَّنَهُ اقترانُ بعضِ الأسماءِ الحُسْنَى ببعضٍ مِن اللطائفِ العجيبةِ والفوائدِ البديعةِ.

إنَّ  اقترانَ أَحَدِ الاسمينِ والوصفينِ بالآخَرِ... قَدْرٌ زائدٌ على مُفْرَدَيْهِمَا)

(فلهُ بذلكَ جميعُ أقسامِ الكمالِ: كمالٌ مِنْ هذا الاسمِ بِمُفردِهِ، وكمالٌ مِن الآخَرِ بِمُفْرَدِهِ، وكمالٌ مِن اقترانِ أَحَدِهما بالآخَرِ.

مثالُ ذلكَ: قولُهُ تعالى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)} [التغابن: 6] {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)} [التوبة: 106] {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)} [الممتحنة: 7] فالغِنَى صِفةُ كمالٍ. والحمْدُ صِفةُ كمالٍ، واقترانُ غِناهُ بِحَمْدِهِ كَمَالٌ) (آخَرُ؛ فلهُ ثناءٌ مِنْ غِناهُ، وثناءٌ مِنْ حَمْدِهِ، وثناءٌ مِن اجتماعِهما)

(وعِلْمُهُ كمالٌ، وحِكمتُهُ كمالٌ، واقترانُ العلْمِ بالحكمةِ كمالٌ أيضاً. وقُدرتُهُ كمالٌ

ومَغفرتُهُ كَمالٌ، واقترانُ القُدرةِ بالمغفرةِ كمالٌ، وكذلكَ العفوُ بعدَ القُدرةِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)} [النساء: 43] واقترانُ العلْمِ بالحِلْمِ {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} [النساء: 12]... فما قُرِنَ شيءٌ إلى شيءٍ أَزْيَنُ مِنْ حِــلْمٍ إلى عِـلْمٍ، ومِنْ عَفْوٍ إلى قُدْرَةٍ، ومِنْ مُلْكٍ إلى حَمْدٍ، ومِنْ عِزَّةٍ إلى رَحمةٍ {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الشعراء: 9]). (وهكذا عامَّةُ الصِّفَاتِ المقترِنةِ والأسماءِ المزدَوِجَةِ في القرآنِ... فتَأَمَّلْهُ فإنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ المعارِفِ)......

 [الْخَلاَّقُ العليمُ، اللطيفُ الخبيرُ]:

(ومِنْ ذلكَ احتجاجُهُ سُبحانَهُ على إثباتِ عِلْمِهِ بالجزئِيَّاتِ كلِّها بأَحْسَنِ دليلٍ وأَوْضَحِهِ وأَصَحِّهِ حيث يقولُ: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ

الصُّدُورِ (13)} [الملك: 13] ثُمَّ قَرَّرَ عِلْمَهُ بذلكَ بقولِهِ: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك: 14].

وهذا مِنْ أَبْلَغِ التقريرِ، فإنَّ الخالقَ لا بُدَّ أن يَعْلَمَ مخلوقَهُ، والصانعَ يَعْلَمُ مَصنوعَهُ، وإذا كنتم مُقِرِّينَ بأنَّهُ خالِقُكم وخالقُ صدورِكم وما تَضَمَّنَتْهُ، فكيفَ تَخْفَى عليهِ وهيَ خَلْقُهُ. وهذا التقريرُ مِمَّا يَصْعُبُ على القَدَرِيَّةِ فَهْمُهُ، فإنَّهُ لم يَخْلُقْ عندَهم ما في الصدورِ فلم يكنْ في الآيَةِ على أصولِهم دليلٌ على عِلْمِهِ بها، ولهذا طَرَدَ غُلاةُ القومِ ذلكَ، ونَفَوْا عِلْمَهُ فأَكْفَرَهُم السلَفُ قاطبةً.

وهذا التقريرُ مِن الآيَةِ صحيحٌ على التقديرينِ أَعْنِي تقديرَ أن تكونَ (مَنْ): في مَحَلِّ رفْعٍ على الفاعليَّةِ، وفي مَحَلِّ نَصْبٍ على الْمَفْعُولِيَّةِ.

- فعلى التقديرِ الأَوَّلِ: ألا يَعْلَمُ الخالقُ الذي شأنُهُ الْخَلْقُ.

- وعلى التقديرِ الثاني: ألا يَعلَمُ الربُّ مَخلوقَهُ ومَصنوعَهُ.

ثُمَّ ختَمَ الْحُجَّةَ باسمينِ مُقتضيينِ لثُبوتِها وهما :  ((اللطيفُ)) الذي لَطُفَ

 صُنْعُهُ وحِكْمَتُهُ ودَقَّ حتَّى عَجَزَتْ عنهُ الأفهامُ.

و ((الخبيرُ)) الذي انتهى عِلْمُهُ إلى الإحاطةِ ببَواطِنِ الأشياءِ وخَفاياها، كما أحاطَ بظَواهِرِها.

فكيفَ يَخْفَى على ((اللطيفِ الخبيرِ)) ما تَحويهِ الضمائرُ وتُخفيهِ الصدورُ).

[ الأنترنت – موقع جمهرة العلوم - جمهرة علوم الاعتقاد - كتاب الأسماء والصفات - حكم اقتران بعض الأسماء الحسنى ببعض ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

اقتران اسم الله "الخبير" باسمه -سبحانه- "العليم" :

وقد جاء اقتران هذين الاسمين الكريمين في القرآن *أربع مرات*.

 والخبير: هو الذي لا تَعزُبُ عنه الأخبار الباطنة؛ وهو العالم بكنه الشيء، المطَّلع على حقيقته.

و"الخبير" أخصُّ من "العليم" لأنه مشتقّ من خبر الشيء إذا أحاط بمعانيه ودخائله.

أما عن المعنى الزَّائد من الجمع بين هذين الاسمين الجليلين (العليم الخبير):

فإن "العليم" دالٌّ على شمول العلم، و"الخبير" هو العالم بكنه الشيء المطّلع على حقيقته، والذي لا تعزب عنه الأمور الباطنة؛ فإذا اقترن باسمه -سبحانه- "العليم" كان مقام الاقتران في سياق الآية يناسبه ذكر هذين الاسمين الكريمين.

  فإمّا أن يكون المقام مقام اختصاص الله -عزّ وجلّ- بعلمٍ وحكمة ينفردان عن عِلم الخلق في أمره وشرعه.

 أو يكون المقام مقام اختصاص الله -عز وجل- بالغيب المحجوب عن الخَلق في قضائه وقدره، أو في مقام اطّلاع الله -عزّ وجلّ- على مكنونات الصدور ووساوس القلوب.

وعند تدبّر الآيات التي خُتِمَت بهذين الاسمين الكريمين يتضح ذلك جليًا.

وقد يقال: إن (العليم الخبير) إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا؛ بمعنى أنّه إذا ذُكِرَ اسمه -سبحانه- (العليم) مفردًا فإنه يشمل إحاطة علم الله -عز وجل- بالظواهر والبواطن، وكذلك لو ذُكر اسمه (الخبير) مفردًا.

أما إذا اجتمعا في آية واحدة فإن "العليم" يفيد الإحاطة العلمية بالعالم المشهود، و"الخبير" بعالم الغيب والبواطن .

[ الأنترنت – موقع حياة القلوب في معرفة علام الغيوب متقدمات - اقتران اسم الله "الخبير" باسمه -سبحانه- "العليم" عبد العزيز الجليل ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثانية والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

اثر الايمان  با سم ( الخبير ) على العبد :

قال تعالى :(أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ، إِن رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ (11) ) وايضا قال تعالى : ( ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴾

قال ابن القيم : :( وفي التعبير عن الأعمال "بالسر" لطيفة : وهو أن الأعمال نتائج السرائر الباطنة ؛ فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحاً ، فتبدو سريرته على وجهه نوراً وإشراقاً وحياء  ، ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعاً لسريرته ، لا اعتبار بصورته ، فتبدو سريرته على وجهه سواداً وظلمة وشيناً  ، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته ، فيوم القيامة تبدو عليه سريرته ، ويكون الحكم والظهور لها )

فمن عرف الله باسمه الخبير راقب هذه السريرة لانه يعلم تماما انه سبحانه مطلع عليها وانها ستظهر وتصبح علانية يوما ما الأعمال بالنيات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم والنية محلها القلب كما يقول الفقهاء ، ومعنى ذلك أنه لا يطلع على حقيقة ما في القلب من نوايا لأي عمل إلا الله ؛ قد تعمل عملاً لا يشك أحد من الخلق أنه عمل طيب لكن النية ليست كذلك فالله عز وجل خبير

 ببواعثك، وقد تدّعي شيئاً وأنت على خلافه من يعلم الحقيقة ؟

وقد تريد شيئاً في الظاهر ولكنك في الباطن لا تريد، تقول لأحدهم والله اشتقنا لك وأنت ما اشتقت له أبداً ولا تستطيع أن تراه ولكن تقولها مجاملة، قد تريد شيئاً بالظاهر لكنك في الباطن تريد غيره، وقد ترحب وأنت تبغض وقد تغضب وأنت تحب، إنسان قريب منك جداً وأخطأ تغضب أشد الغضب ويرتفع صوتك لكنك تحبه .قد تجد إنساناً يعمل عملاً طيباً ويسوق الله له مصائب كثيرة تحتار، يا أخي مستقيم يصلي ويصوم ويؤدي زكاة ماله وله سمعة طيبة والمصائب تتوالى عليه أنت لا تعلم لكن الله يعلم.

قصة لها العجب :

يقول الدكتور محمد راتب النابلسي : قصة أرويها كثيراً لأنني تأثرت بها، كنت أمشي في بعض أسواق دمشق، خرج من أحد المحلات رجل، واعترضني، وقال: أنت تخطب في المسجد ؟ قلت: نعم، قال لي: البارحة إنسان بأحد أسواق دمشق المغطاة بائع أقمشة سمع إطلاق رصاص، فمدّ رأسه ليرى ما الخبر، فإذا رصاصة تستقر في نخاعه الشوكي فشُلَّ فوراً، قال لي: ما ذنبه ؟! أليس العمل عبادة ؟ إنسان عنده عيال، عنده أولاد جاء لمحله التجاري وفتحه حتى يسترزق أين الخطأ ؟ أين الذنب ؟ هو في عمل في بيع وشراء ؟ عمل مباح، قلت: والله أنا لا أعلم، أنا أثق أن الله عادل لكن لا أعلم هذا الجواب.

لحكمة بالغة بالغة بالغة في عندي في المسجد مدير معهد بعد عشرين يوماً قال لي أنا ساكن في الميدان أحد أحياء دمشق قال لي: لنا جار فوقنا مغتصب بيت لأولاد أخيه الأيتام وخلال ثماني سنوات رفض أن يعطيهم إياه، فشكوه إلى عالم جليل هو شيخ قراء الشام توفي رحمه الله فاستدعاه ورفض أن يعطيهم البيت بوقاحة، هذا العالم حكيم خاطب أبناء أخوته وقال لهم: يا أولادي هذا عمكم، لا يليق بكم أن تشكوه إلى القضاء، اشكوه إلى الله، هذا الكلام كان الساعة التاسعة مساءً الساعة التاسعة صباحاً هو نفسه الذي أطلّ برأسه ليرى ما الخبر فجاءت رصاصة لا تقول طائشة قل مصيبة، رصاصة مصيبة فاستقرت في عموده الفقري فشل (أصيب بالشلل).

فعلى العبد ان يوقن تماما انه مكشوف أمام الله ، لا تخفى على الله منه

خافية ، فيراقب الله في جميع أحواله وخواطره وقلبه بتهذيب سره وتطهير

باطنه ، ويخلص أعماله لله .

وايضا : من ثمرات الايمان بهذا الاسم :

ان يعلم العبد ان الله عز وجل ما احل الحلال ولا حرم الحرام الا لانه خبير بعباده ولا احد اعلم بهم ولا اخبر من الله وانه لو اجتمع اهل الارض جميعا بعلمائهم وقضاتهم ومصلحيهم على وضع دستور للحياة والله لن يفلحوا ولن ينجحوا بل ستجدهم في عناء وشقاء يرجعون الى مواد هم انشأوها وكل يوم هم في اجتماعات لتغيرها لانهم اكتشغوا انها لا تناسبهم كما هو الحال فيما يسمى بالدول المتقدمة وهي والله متاخرة وقد اتخذت من تشريعاتها الوضعية دستورا لها في الحياة فتعبت وما استراحت وشقيت وما سعدت ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا لعرفوا معنى السعادة في الدارين.

[الأنترنت – موقع مع اسم الله الخبير- اثر الايمان بهذا الاسم على العبد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

*الطبري وبيان معاني الأسماء الحسنى في سياقاتها القرآنية :

والأسماء الحسنى وإن كانت لها معانٍ ودلالاتٌ عامةٌ، إلا أنها وردت في القرآن الكريم في سياقات معيَّنة؛ مما يكون له أثر -بلا شكّ- في فهم الأسماء الحسنى وبيان معانيها، ومِن ثَمَّ فإن تأمُّلَها في ضوء سياقاتها التي وردت فيها مهمٌّ جدًّا لحسن تدبرها وإدراك مغازيها التي قد تختص بها في

 سياق معيَّن خلافًا لمعناها العام.

ولا تخفى عناية المفسرين على امتداد الزمان ببيان معاني أسماء الله الحسنى

؛ كونها ضمن القرآن الكريم والذي يمثّل تفسيره وبيان معانيه محلّ اشتغال لهم، وقد تباينت طرق المفسِّرين في بيان معاني أسماء الله الحسنى بين مُقتضِب ومُسهِب بحسب غايات كلّ مفسِّر وطريقته التي درج عليها في التفسير.

ولما كان الإمام الطبري أحد أهمّ أجلَّاء المفسرين عبر التاريخ فقد أحببتُ تسليط الضوء على كيفية عنايته بهذه الأسماء وطريقة تعامله معها، لا سيما وأنه -رحمه الله- مشتهر بالتفسير بالأثر، وقد يغيب عن كثيرٍ من الناس إمامته في هذا الباب، مع أنه -رحمه الله- كما سيظهر من مطالعة نماذج من كلامه قد اجتهد وأبان، بل لم يكد يُخِلُّ بموضع فيه ذكر لاسم من أسماء الله إلَّا وأبدع في بيان معناه في هذا السياق غير مكتفٍ بمعناه العام؛ ولذا أردت إرشاد المعتنين بأسماء الله -تبارك وتعالى- إليه، وتنبيه قُرَّاء تفسير الطبري ألَّا يفوتهم ذلك.

وتحصيل المراد أن الإمام الطبري -رحمه الله- مع كونه من أجلّاء أئمة التفسير بالأثر؛ فله من الجهد في التفسير بالرأي المحمود ما لا يقل عن جهده في التفسير بالأثر، ومن هذا الباب عنايته بمعاني أسماء الله في سياقاتها القرآنية، ومرادي هنا كلامه هو في أسماء الله لا ما يأثِره عن السلف في ذلك، على أن ما يأثره عن السلف في تفسير الأسماء لا يخلو من إتحاف، وهو بهذا يقدم تحفة جديدة في هذا الباب؛ فعموم مَن كَتَبَ في أسماء الله إنما يعتني بتفسير الاسم العام دون النظر في خصوص دلالته في السياقات القرآنية ولمَّا تَلاحَظ لي حال مطالعتي لتفسير الإمام الطبري اعتناؤه بهذا المعنى، وأنه لا يفتؤ يبين معنى الاسم في سياقه مهما تكرّر؛ قمتُ بجمع بعض الأسماء المفردة ثم المقترنة، ثم تتبعها في تفسير الطبري في عامة مواضعها التي أمكنني حصرها، ثم قمتُ بتحليل هذه النتائج، وسوف أقوم بسرد حاصل ما ظهر لي مما تأملته من طريقة الطبري في التعامل مع الأسماء الحسنى في سياقاتها القرآنية في صورة عناصر كلية ليسهل تصوّرها، ثم أشفعها ببعض التطبيقات التي توضِّحها وتبينها، مع ذكر بعض الملاحظات عليها، غير أنني سأكتفي في هذه المقالة بما يتعلق بالأسماء المفردة على أن يكون لنا عَوْدٌ لاحق -بإذن الله- للأسماء المقترنة والمجتمعة وبيان مسلك الإمام الطبري في التعامل معها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

*الطبري وبيان معاني الأسماء الحسنى في سياقاتها القرآنية :

أولًا: نظرة عامة على طريقة الطبري في بيان معاني الأسماء الحسنى:

من خلال تأملي لطريقة الطبري في التعامل مع بيان معاني الأسماء الحسنى تحصَّلَ ما يلي:

1- أنه يُفسر الاسم بحسب دلالة الآية، ولا يلتزم تفسيرًا ثابتًا للاسم يُكرره كلما ذُكِر.

2- وهو مترتب على الأول: أنه يُفسر الاسم حيث ورَد، ولا يكتفي بتكرره أول مرة؛ فإن في سياقه في كلّ موضع دلالة مغايرة.

3- يُستثنى من ذلك مواضع قليلة ترك الاسم بلا تفسير ولا تعليق.

4- الغالب أن هذا التفسير أخصّ من المعنى العام للاسم، إلا أنه يوضح صورة قد تخفى دلالتها؛ فيكون الانتفاع به أيسر وأقرب إلى الهداية القرآنية، والتعبد لله بذاك الاسم الشريف.

5- قد يُفسِّر الاسم بنفس التفسير تقريبًا، ولعلّ ذلك في حال تكرار الآية

بقريب من تمامها، أو في حال اكتفائه بالتعبير العام عن معنى الاسم عن المعنى الخاصّ.

6- قد تُختم الآية باسمين كريمين لله -تعالى- بين معنيهما تداخل؛ كالعليم الخبير، أو: الغفور الرحيم؛ فيعتني -رحمه الله- بذكر المعنى الخاصّ للاسم في تفسير الاسم الأول منهما، وقد يختصره في الثاني، وقد يجتهد في الإتيان بالفرق في الدلالة بين الاسمين في هذا الموضع كالسميع العليم، وغيره.

7- قد يبيّن الإمام الطبري معنى الاسم أولَ وروده مفصَّلًا، أو الفرق بينه

 وبين ما اقترن به، وقد لا يُكرر ذلك؛ فكان من الواجب التنبه لأول موضع إيراد الأسماء.

ينظر على سبيل المثال كلامه في آية البقرة عن اسمي: (الرؤوف الرحيم)؛ قال -رحمه الله-: «ويعني بقوله -جل ثناؤه-: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143]، أنّ اللهَ بجميع عباده ذو رأفة، و(الرأفة)، أعلى معاني الرحمة، وهي عامّة لجميع الخلق في الدنيا، ولبعضهم في الآخرة. وأما (الرحيم): فإنه ذو الرحمة للمؤمنين في الدنيا والآخرة، على ما قد بينَّا فيما مضى قبل»[ تفسير الطبري، ط. شاكر، (3/ 170-171). يلاحظ أننا سنعتمد على طبعة شاكر في إحالاتنا لتفسير الطبري.]

ثم إنه لم يبيّن في عموم مواضع ذكر (الرؤوف الرحيم) الفرق بين دلالتيهما، وبيِّنٌ -أيضًا- من النص المذكور الإحالةُ على كلامه المتقدم في المعنى العام لاسم الرحيم، الذي تقدَّم في أول وروده في البسملة[ينظر: تفسير الطبري، (1/ 126)، القول في تأويل قوله -جل ثناؤه-: {الرحمن الرحيم}.]

ولا يتعارض هذا مع ما قررتُه من كونه يفسر الاسم حيث ورد؛ فغرضه

بيان ما لم يُبيّن قبل ذلك من دلالة الاسم في هذا السياق، والله أعلم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

*الطبري وبيان معاني الأسماء الحسنى في سياقاتها القرآنية :

ثانيًا: الطبري وبيان معاني الأسماء الحسنى المفردة؛ نماذج تطبيقية:

بعد ما مرَّ معنا تقرير مسلك الطبري في التعامل مع الأسماء الحسنى، نستعرض بعض النماذج التطبيقية التي تبين هذا المسلك، ونستعرض في هذا المقال التطبيق على الأسماء التي وردت منفردة.

وسوف أكتفي بإيراد جملة مما وقفتُ عليه، يبدأ -غالبًا- من أول موضع ذُكِر فيه الاسم في القرآن الكريم، ثم مواضع مختارة، ثم أُعقِّب بالتنبيه على بعض

مسالكه في بيان المعنى.

اسم الله الخبير:

قال الطبري رحمه الله في تفسير سورة البقرة: «القول في تأويل قوله -تعالى-: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[البقرة: 234]. يعني -تعالى ذكره- بذلك: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} أيها الأولياء، في أمْرِ مَن أنتم وليُّه من نسائكم، من عضلهن وإنكاحهن ممن أردن نكاحه بالمعروف، ولغير ذلك من أموركم وأمورهم {خَبِيرٌ}، يعني: ذو خبرة وعلم، لا يخفى عليه منه شيء» تفسير الطبري (5/ 94)

وقال في تفسير سورة البقرة -أيضًا-: «القول في تأويل قوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[البقرة: 271]. يعني بذلك -جل ثناؤه-: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} في صَدقاتكم؛ من إخفائها، وإعلانٍ وإسرارٍ بها وجهارٍ، وفي غير ذلك من أعمالكم {خَبِيرٌ}، يعني بذلك: ذو خبرة وعلم، لا يخفى عليه شيء من ذلك، فهو بجميعه محيط، ولكلِّه مُحْصٍ على أهله، حتى يوفيهم ثواب جميعه،

وجزاء قليله وكثيره»[تفسير الطبري (5/ 586).]

وقال في تفسير سورة آل عمران: «وأما قوله: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 153]، فإنه يعني -جل ثناؤه-: والله بالذي تعملون -أيها المؤمنون- من إصعادكم في الوادي هربًا من عدوكم، وانهزامكم منهم، وترككم نبيكم وهو يدعوكم في أُخراكم، وحزنكم على ما فاتكم من عدوكم وما أصابكم في أنفسكم -ذو خبرة وعلم، وهو مُحْصٍ ذلك كلّه عليكم؛ حتى يجازيكم به: المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته، أو يعفو عنه»[ تفسير الطبري (7/ 314-315)].

وقال في تفسير سورة آل عمران -أيضًا- في قوله -تعالى-: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[آل عمران: 180]: «ثم أخبر -تعالى ذكره- أنه بما يعمل هؤلاء الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضل وغيرهم من سائر خلقه، ذو خبرة وعلم، مُحيط بذلك كله؛ حتى يجازي كُلًّا منهم على قدر استحقاقه: المحسن بالإحسان، والمسيء على ما يرى -تعالى ذكره-»[تفسير الطبري (7/ 441).]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السادسة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

*الطبري وبيان معاني الأسماء الحسنى في سياقاتها القرآنية : التعقيب:

1- يظهر بجلاء من هذه المواضع ما قدمته من بيان المعاني المخصوصة المناسبة للآية؛ ففي الموضع الأول فسَّر اسم الله (الخبير) بما يتعلق بالأولياء، وما يقومون به على مولياتهم، وفي الثاني فسَّره بما يتعلق بإخفاء الصدقات، وفي الثالث فسَّره بما يتعلق بالإصعاد في الوادي يومَ أحد، وفي الرابع بما يتعلق بالبخل بما آتى اللهُ -تعالى- عبدَه. ولا يعني هذا أنه يُلغي دلالة الاسم العامة، بل قد نصّ على العموم في هذا الموضع بقوله: «ولغير ذلك من أموركم وأمورهم».

2- لم ينصّ الإمام ابن جرير -رحمه الله- على كيفية التعبد لله بهذا الاسم في هذا الموضع، ولكن ما كتبه كافٍ للناسِك في أن يتبيّن ذلك؛ فإذا كان الرب -تعالى- خبيرًا بأفعالنا؛ فالواجب أن نحذره، فلا نعضل النساء، ولا نبخل بما آتانا، وغير ذلك، ومعلوم أن الأئمة المتقدمين كانوا يكتفون بمثل هذا النوع من البيان لا يسلكون طرق المتأخرين التفصيلية في بيان الأمور عمومًا.

3-لم يظهر في هذه النصوص معنى اسم الله (الخبير) في معناه العام، ولعلّه

اكتفاء بما ذكره في أول سورة البقرة: «وقد قيل: إن معنى الحكيم: الحاكم، كما

أن العليم بمعنى: العالم، والخبير بمعنى: الخابر»[ تفسير الطبري (1/ 496).]

أمثلة أخرى على نفس الاسم:

وقال في تفسير سورة النساء في قوله -تعالى-: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا

فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}[النساء: 35]: «القول في تأويل قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}، يعني -جل ثناؤه-: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا} بما أراد الحَكَمَان من إصلاحٍ بين الزوجين وغيره، {خَبِيرًا} بذلك وبغيره من أمورهما وأمور غيرهما، لا يخفى عليه شيء منه، حافظ عليهم، حتى يجازي كلًّا منهم جزاءه: بالإحسان إحسانًا، وبالإساءة غفرانًا أو عقابًا»[ تفسير الطبري (8/ 334). ]

وقال في تفسير سورة النساء -أيضًا- في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[النساء: 94]: «{إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}، يقول: إن الله كان بقتلكم مَن تقتلون، وكفِّكم عمَّن تكُفُّون عن قتله مِن أعداء الله وأعدائكم، وغير ذلك من أموركم وأمور غيركم -{خَبِيرًا}، يعني: ذا خبرة وعلم به، يحفظه عليكم وعليهم، حتى يجازى جميعكم به يوم القيامة جزاءه: المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته»[تفسير الطبري (9/ 71).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السابعة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

*الطبري وبيان معاني الأسماء الحسنى في سياقاتها القرآنية : التعقيب:

وقال في تفسير سورة النساء أيضًا في قوله -تعالى-: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[النساء: 128]: «{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}، يقول: فإن الله كان بما تعلمون في أمور نسائكم، أيها الرجال، من الإحسان إليهن والعشرة بالمعروف، والجور عليهن فيما يلزمكم لهن ويجب -{خَبِيرًا}، يعني: عالمًا خابرًا ، لا يخفى عليه منه شيء، بل هو به عالم، وله مُحْصٍ عليكم، حتى يوفيكم جزاء ذلك: المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بإساءته»[ تفسير الطبري (9/ 283-284).

وقال في تفسير سورة الأحزاب في قوله -تعالى-: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[الأحزاب: 2]: «{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}، يقول: واعمل بما ينزل الله عليك من وَحْيه وآي كتابه {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}، يقول: إن الله بما تعمل به أنت وأصحابك من هذا القرآن، وغير ذلك من أموركم وأمور عباده خبيرًا، أي: ذا خبرة، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو مُجازِيكم على ذلك بما وعدكم من الجزاء» [تفسير الطبري (20/ 202).]

وقال في تفسير سورة الحشر في قوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر: 18]: «وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}، يقول: وخافوا الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، يقول: إن الله ذو خبرة وعلم بأعمالكم خيرها وشرها، لا يخفى عليه منها شيء، وهو مجازِيكم على جميعها»[ تفسير

الطبري (23/ 299).]

وقال في تفسير سورة العاديات في قوله -تعالى-: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}[العاديات: 11]: «وقوله: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ}، يقول: إنّ ربهم بأعمالهم، وما أسرُّوا في صدورهم، وأضمروه فيها، وما أعلنوه بجوارحهم منها -عليم لا يخفى عليه منها شيء، وهو مجازيهم على جميع ذلك يومئذ» [تفسير الطبري (24/ 569). ويظهر من هذا التتبع والتطواف على مواضع اسم الله (الخبير)، وكيف فسَّرها الإمام الطبري ما قدمته أولًا، ولم أُرِد به الاستيعاب، بل أسقطتُ بعضها لئلا يطول المقام، ولكن حرَصت على تنويع الأمثلة من أول القرآن الكريم ووسطه وآخره؛ ليتبين أن الإمام لم يغيّر شيئًا مذ بدأ الكتاب، بل هو منهج واحد.

كما يُلاحَظ أن الغالب على الأسماء التي خُتِمَتْ بها الآيات أن يُفسِّرها

الإمام الطبري في نهاية الآية، إلا أنه في عدة مواضع تعجّل تفسيرها، وأخّر تفسير بعض المواضع من الآية أو ذكر بعض الأخبار المتعلقة بتفسير الآية، مما قد يذهل معها القارئ عن موضع التفسير[ينظر على سبيل المثال: تفسير الطبري (8/ 334)، (9/ 71).

خاتمة : تبيَّن مما سبق عناية الإمام الطبري -رحمه الله- ببيان معاني أسماء الله الحسنى، ومدى مراعاته لتفسيرها بما يناسب سياقاتها القرآنية، كما ظهر لنا من خلال هذا العرض بعض الخصائص لطريقته في تفسير الأسماء في مواضعها، خاصّة في الأسماء التي ذكرت مفردة، والتي ركز الجانب التطبيقي في هذا المقال عليها، على أن يُتبع بمقال آخر –إن شاء الله- يتناول ما تميز به تناول الأسماء المقترنة عند الإمام الطبري في تفسيره.

والله المسؤول أن ينفعنا بالقرآن العظيم، وأن يرزقنا التعبد بأسمائه وصفاته على النحو الذي يُرضيه عنا، وأن يجزل المثوبة للإمام محمد بن جرير الطبري -رحمه الله- على ما أَوْلاه في ذلك.

[الأنترنت  - موقع مركز تفسير للدراسات القرآنية- الطبري وبيان معاني الأسماء الحسنى في سياقاتها القرآنية - الكاتب : عبد الرحمن صابر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

*اسم الله ( الخبير ) :

اسم الله الخبير ورد في الكتاب والسنة على سبيل الإطلاق والإضافة :

 ففي القرآن ورد مطلقا معرفا مقترنا بثلاثة أسماء هي الحكيم في قوله تعالى: } وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ { [الأنعام:18]، واللطيف كما في قوله: } لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ { [الأنعام:103]، ومقترنا باسم الله العليم في قوله تعالى: [ } فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ {التحريم:3]، وورد الاسم مطلقا منونا في نصوص كثيرة منها قوله تعالى: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } [الأحزاب:34]، وقد ورد الاسم في السنة عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ( لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللطِيفُ الْخَبِيرُ ) .

· شرح الاسم وتفسير معناه :

الخبير في اللغة من مباني المبالغة، فعله خَبَرَ يَخْبُر خُبْرا، وخَبُرْتُ بالأَمر أَي

 علمته وخبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ إِذا عرفته على حقيقته , والخبرة أبلغ من العلم لأنها علم وزيادة، فالخبير بالشيء من عَلِمَه وقام بمعالجته وبيانه وتجربته وامتحانه فأحاط بتفاصيله الدقيقة وألم بكيفية وصفه على الحقيقة .

والخبير سبحانه هو العَالِم بما كَان وما هو كائن وما سيكون وما لو كان كيف يكون وليس ذلك إلا لله عز وجل فهو الذي لا يخفى عليه شيء في

الأرض ولا في السماء ولا يتحرك متحرك ولا يسكن إلا بعلمه، ولا تستقيم حياته إلا بأمره وإذنه .

والله عز وجل خبير له جنود السماوات والأرض يخبرونه بالوقائع لتحقيق الحكمة في الخلق وهو عليم بالأشياء قبل إخبار الملائكة عنها وبعد الإخبار

عنها، ورد في صحيح البخاري من حديث أبي رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِالليْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ) .

فسؤاله سبحانه لهم ليس طلبا للعلم فهو السميع البصير العليم الخبير ولكن لإظهار شرف المؤمن عند ربه، وبيان فضله بين ملائكته وحملة عرشه، قال ابن حجر رحمه الله: ( قيل الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، وذلك لإظهار الحكمة في خلق نوع الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة: } أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ { [البقرة:30]، أي وقد وجد فيهم من يسبح ويقدس مثلكم بنص شهادتكم إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

*اسم الله ( الخبير ) : دلالة الاسم على أوصاف الله :

اسم الله الخبير يدل على ذات الله وعلى صفة الخبرة , قال تعالى: } كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً { [الكهف:90/91]، والاسم يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والإحاطة واللطف والحكمة وغير ذلك من صفات الكمال، وقد ذكر الله كمال علمه بخلقه وإحاطته بهم ثم عقب باسمه الخبير فقال: } أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ { [الملك14]، وقال سبحانه أيضا: } لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ { [الأنعام103]، ليبين أن من لوازم الخبرة العلم والإحاطة فلا يكون خبيرا بغير ذلك .

الدعاء باسم الله الخبير دعاء مسألة :

لم أجد دعاء المسألة بالاسم أو الوصف , ولكن ورد الدعاء بالمعنى الذي دل عليه الاسم , وَقَالَ عيسى عليه السلام : } إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ { [المائدة:118]، وورد رَفَعَ النبى صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهُمَّ أمتي أمتي وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ تعالى : يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ:

 يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ وَلاَ نَسُوءُكَ ).

وكذلك دعاء الاستخارة الذي رواه البخاري من حديث جابر رضى الله عنه قال: ( كَانَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ، يَقُولُ: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَليَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللهمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، اللهمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي ثُمَّ بَارِكْ لي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لي في ديني وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ في عَاجِلِ أمري وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ).

ويمكن الدعاء أيضا بمقتضى قوله تعالى: } وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً { [الفرقان:58].

الدعاء باسم الله الخبير دعاء عبادة :

أثر الاسم في سلوك العبد اعتماده على اختيار ربه في كل صغيرة وكبيرة من أمره فطالما آمن العبد بأن الله هو الخبير، سلم له في جميع شئونه مطلق التدبير، وهذا شأن أهل التوحيد واليقين ألا يخالفوا مراد الله وتدبيره، بل يسلموا إليه أمورهم ثقة في كمال تدبيره، سواء كان تدبيرا يتعلق بتوحيد الربوبية وتصريف أمور الخلق كالإيجاد والإمداد والمنع والعطاء على مقتضى حكمته في ترتيب الابتلاء، أو كان تدبيرا شرعيا يتعلق بتوحيد العبودية وما أمرهم به أو نهاهم أو ندبهم أو دعاهم، فلا ينازعون الله في تدبيره وشرعه أو قضائه وقدره ليقينهم أنه الملك الخبير القادر القدير، القابض على نواصي الخلق والمتولي شئون الملك، وتيقنهم مع ذلك أنه الحكيم في أفعاله وأنه لا تخرج عن العدل والحكمة والفضل والرحمة، فلم يدخلوا أنفسهم معه في تدبيره لملكه وتصريفه لأمور خلقه، ولم يتسخطوا على دينه أو يتمنوا سواه، بل همهم كله في إقامة حدوده والتزام حقه عليهم، فالذي وحد الله في اسمه الخبير يختار الله وكيلا كفيلا، والله عز وجل إذا تولى أمر عبد بجميل عنايته كفاه وأغناه وأسعده في الدنيا والآخرة .

ومهما طلب العبد من مولاه فإنه لا يستكثر حوائجه على الله، لعلمه أن

مولاه كافيه ومعطيه فهو الغني بذاته عمن سواه، ومن جعل الله عز وجل وكيله لزمه أن يكون وكيلا لله على نفسه في إقامة حقوقه وفرائضه، فيخاصم نفسه في ذلك ليلا ونهارا، لا يفتر لحظة ولا يقصر طرفه، والذي يرضى بربه خبيرا لأمره هاديا لعمله وكيلا على نفسه قد وحد الله حقا في اسمه الخبير، ووثق أن ما كتب في اللوح سوف يدركه في أنواع التقدير ومن ثم تهون عليه الأمور ويركن بإيمانه إلي اللطيف الخبير.

 [ الأنترنت – موقع منــهجـــي- اسم الله ( الخبير ) نقلا عن كتاب : أسماء

 الله الحسنى الثابتة فى الكتاب والسنة - للدكتور : محمود عبد الرازق الرضوانى - مرسلة بواسطة راجية الجنة --أم محمد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة التسعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

اللطيف.. الخبير (سبحانه) :

في دراستنا لما اقترن من أسماء الله الحسنى وجدنا أن اسم الله (اللطيف) لم يقترن إلا بالخبير، وورد أربع مرات، مرتين (لطيف خبير) ومرتين (اللطيف الخبير)، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الأنعام: 103)، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك: 14)، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (الحج: 63)، {يَـبُنَىَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل فَتَكُن فِي صَخْرَة أَوْ فِى السَّمَـوَتِ أَو فِى الاَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 16).

وورد (لطيف) مقيداً مرتين في سورة يوسف، وسورة الشورى.

– لنركز على الأسماء التي اقترنت ببعضها، (اللطيف) لم يقترن إلا (بالخبير)، ودائماً يسبقه.

– نعم، حتى في السنة ورد مقترناً بالخبير ويسبقه.

عند مسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها – أن النبي[ قال لها: «لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير».

وماذا عن اسم الله (الخبير)؟

– اسم الله عز وجل (الخبير) ورد مقترناً بثلاثة أسماء، ولكن أكثر ما ورد في كتاب الله كان متعلقاً بأعمال العباد، فقد ورد ثلاثين مرة في مثل قوله تعالى: {والله بما تعملون خبير}، {والله خبير بما تعملون}، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ} (النور: 30)، {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}(النمل: 88)، {إن الله كان بما تعملون خبيراً}، {وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}(الفرقان: 58)، { بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴿11﴾}(الفتح: 11).

– وماذا عن الأسماء التي اقترن بها؟

– اقترن اسم (الخبير) بأربعة أسماء: (الحكيم)، (اللطيف)، (العليم)، وهذه تأتي قبل (الخبير)، أما (البصير) فيأتي بعد الخبير.

بعض الأمثلة:– (حكيم خبير) وردت أربع مرات، (الحكيم الخبير) ثلاث، ومرة واحدة (حكيم خبير)، الأنعام: 18، الأنعام:73، سبأ: 1، هود: 1.

– (عليم خبير) ثلاث مرات، (العليم الخبير) مرة واحدة، و(عليم خبير) مرتين. التحريم: 3، لقمان: 34، الحجرات: 13.

– لم يرد اسم (الخبير) مقترناً (بالبصير) معرفاً بألـ، وإنما ورد منوناً (خبيراً

 بصيراً) ثلاث مرات، و(خبير بصير) مرة واحدة. الإسراء: 17و 30 و96، والشورى: 27.

– (البصير) هو الاسم الوحيد الذي جاء بعد (الخبير)، أما (العليم، والحكيم، واللطيف) أتت قبل الخبير.

فالحكمة والعلم واللطف تسبق الخبرة، والخبرة تسبق البصيرة، ووردت (خبيراً بصيراً) كلها في سورة الإسراء التي تبدأ بقول الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي

بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (الإسراء: 1).

[ الأنترنت – موقع الدكتور أمير الحداد - اللطيف.. الخبير (سبحانه) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

اسم الله "الخبير"مقترنا بغيره :

    هناك اجتماعٌ بين العليم والخبير من حيث أنهما تضمنا علم الله -تعالى-

المحيط بكل شيء, ولكن الخبير أدق من حيث علمه بخفايا الأمور, قَالَ الْغَزَالِيُّ: "الْعِلْمُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْخَفَايَا الْبَاطِنَةِ سُمِّيَ خِبْرَةً وَسُمِّيَ صَاحِبُهَا خَبِيرًا" (المقصد الأسنى؛ للغزالي:103)، وقال الشيخ ابن عثيمين: "الخبرة هي العلم ببواطن الأمور، والعلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال، لكن العلم بالبواطن أبلغ؛ فيكون عليم بالظواهر، وخبير بالبواطن، فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ في الإحاطة، وقد يقال إن الخبرة لها معنى زائد عن العلم، لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه، بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط، ولكن ليس عنده حذق، فإنه لا يسمى خبيراً، فعلى هذا يكون الخبير متضمناً لمعنى زائد على العلم"( تفسير الحجرات – الحديد؛ لابن عثيمين:59).

أخي المسلم: اعلم أن من آمن بأن الله خبيرٌ بأحوالِهِ وتفاصيله كلها؛ احترز

 في أقواله وأفعاله، وحاسب نفسه عن كل صغيرة وكبيرة, واستشعر مراقبة الله له في جلواته وخلواته؛ فلا يحب أن يطلع الله من سره إلا ما هو أحسن منه جهرة.

فلتحذر -أيها المؤمن- أن تكون ذنوبك سبباً في هلاكك يوم القيامة, قال

 النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ, وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا". (رواه ابن ماجه:3442, وصححه الألباني).

وينبغي للمسلم الموقن بعلم الله وخبرته المحيطة بكل شيء أن يطمئن لاختيار الخبير -تعالى- والثقة به؛ فإن أثر اسم الله الخبير في سلوك العبد يتمثل في اعتماده على اختيار ربه في كل صغيرة وكبيرة من أمره؛ فطالما آمن العبد بأن الله هو الخبير سلّم له في جميع شؤونه، وهذا شأن أهل الإيمان أن يسلموا إليه أمورهم؛ ثقةً في كمال تدبيره.

كما ينبغي للمسلم أن يحرص على أن يتجلى اعتماده على اختيار ربه في كل صغيرة وكبيرة من أمره؛ فيجعل حوله وقوته، واعتماده وثقته وتوكله على ربه الحكيم الخبير، فيستخير الخبير -سبحانه-، ويرضى بما اختاره له.

لقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- كل عبد مؤمن على استخارة الخبير -تعالى-, عند

إقدامه على أمر مستقبلي لا دراية له بعاقبته؛ كسفرٍ أو زواجٍ أو وعمل أو غير ذلك، قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن، يقول: "إذا هَمَّ أَحَدُكُمْ بالأمر فَلْيَرْكَعْ ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللَّهُمَّ إني أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ من فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فإنك تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وأنت عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فإنْ كنتَ تَعْلَمُ هذا الأَمْرَ ويسميه باسمه خَيْرا لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمري فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثم بارك لي فيه، اللَّهُمَّ وإنْ كنتَ تَعْلَمُه شَرًّا لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمري فَاصْرِفْنِي عنه، وَاصْرِفْهُ عني، وَاقْدُرْ لي الْخَيْرَ حيث كان ثم رَضِّنِي به" (رواه البخاري:7390).

لِيوقنِ المؤمنُ أنه مكشوف أمام الله، لا تخفى عليه منه خافية؛ فيراقبه في جميع أحواله وخواطره؛ بتهذيب سره وتطهير باطنه، ويخلص أعماله لله وحده.

[ الأنترنت – موقع واعظ الاستشارات - أسماء الله الحسنى - اسم الله "الخبير"]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثانية والتسعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

الفرق بين العلم والخبرة :

– ورد ذكر اسم  الله الخبير خمسة وأربعين مرة في القرآن الكريم  حتى يتذكر العباد  أن الله محيط  بكل ما يدور قبل أن يفعلوه  وكل ما بداخل نواياهم قبل أن يقولوه، قال تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا..) إلى قوله تعالى (..قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)

– ويوجد معني آخر لإسم الله الخبير فهذه الصفة  تعني أن الله خبير فيما

قدره الله للعباد من فقر وغني وشدة ورخاء حيث أنه عليم بخبرته تلك بما يصلح لجميع الناس   وهذا دليل علي الإحاطة الكاملة بمصلحة العبد .

   كما أن الله تعالي سبحانه ليس بغافل عما يعمل الظالمون في كل عصر من العصور،  قال تعالى في المنافقين الأعراب الذين تخلفوا عن رسول الله: (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ –الله يعلم ما في قلوبهم- قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)

  تكررت صفة الخبير كي يعظم  الخلق خالقهم،  حيث قال سبحانه: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)

  قال السعدي رحمه الله تعالى في معني الخبير- وهو الذي أحاط علمِه بالظواهر والبواطن، والإسرار والإعلان، وبالمس وبالماضي والحاضر والمستقبل، وبالأشياءالمستحيلة والممكنة )

أَثَرُ الإيمان بإسم الله الخبير :

جاء ترغيب العبد في التقوي وترك المعاصي مقترنا بإسم الله الخبير كما قال تعالي (“وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”.

الله وحده خبير بمفاتح الغيب فلايعلمها إلا هو “وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)

والله بما تعملون خبير :

الأعمال بالنيات ولكل امرىء مانوي ما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حيث أن النية محلها القلب والله وحده عالم بمدي صدق نوايا العباد فقد تعمل عملاً لا يشك أحد من الخلق أنه عمل طيب لكن النية ليست كذلك فالله عز وجل خبير ببواعثك، وقد تدّعي شيئاً وأنت على خلافه من يعلم الحقيقة ؟ وقد تريد شيئاً في الظاهر ولكنك في الباطن لا تريد،

قد تجد إنساناً يعمل عملاً طيباً ويسوق الله له مصائب كثيرة تحتار، يا أخي مستقيم يصلي ويصوم ويؤدي زكاة ماله وله سمعة طيبة والمصائب تتوالى عليه أنت لا تعلم لكن الله يعلم.[ الانترنت – موقع معنى اسم الله الخبير ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

خطبة جمعة – الخبير :

إذا احتار الإنسان في أمر استشار، وكثيرًا ما يتم نصحه بأن يلجأ إلى خبير، خبير متخصص، جمع بين العلم والخبرة, ولذا يبحث الناس عن الخبراء في شتى مجالات الحياة يصدرون عن آرائهم، والله -سبحانه وتعالى- قال مادحاً نفسه: (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) [الفرقان: 59], وقال تعالى: (وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 14].

جاء اسم الله الخبير في كثير من الآيات مقترنًا بغيره من الأسماء الحسنى,

 فقد جاء مقترناً باسم الله الحكيم، كقول الله تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ

عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام:18].

ومقترنا باسم الله العليم، قال الله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)النساء: 35

وورد مقترنًا باسم الله اللطيف؛  كما في قوله تعالى: -جل وعلا-: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ) [الأنعام: 103].

ومقترنا بالبصير كقوله -سبحانه-: (وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا)

[الإسراء: 17].

ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وصف ربه -سبحانه- بأنه الخبير، ففي قصة خروج عائشة

 -رضي الله عنها- خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة من الليالي في الظلام الدامس؛ غيرةً عليه -صلى الله عليه وسلم-، فقد ظنت أنه ذاهب لإحدى زوجاته، فإذا هو يذهب إلى البقيع حيث قبور أصحابه؛ ليستغفر لهم، فلما رجع, رجعت هي أمامه مسرعةً، فلما دخل وجدها ليست بحال النائم, بل تحت الغطاء وصدرها يخفق بشدة كأنها كانت تجري، ولم تكُ نائمة، فسألها، فلم ترد، فعندها قال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: “لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ” (مسلم).

والخبير لغة: يُطلق على العارف بالشيء العالم بحقيقته وبتفاصيله وخصائصه الدقيقة, ومن ذلك لما سأل أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- عائشة -رضي الله عنها-: “فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؟ قَالَتْ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ” (مسلم), تعني أنه سأل من يعلم الجواب بتمامه؛ لأن الخَبِير الذي يَخبُرُ الشيء بتفاصيله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

خطبة جمعة – الخبير :

والخبير -سبحانه- هو المنفرد بالعلم وحده، قال ابن القيم -رحمه الله-: “الخبير: الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء وخفاياها كما أحاط بظواهرها“. (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام: 59]؛ فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يتحرك متحرك ولا يسكن إلا بعلمه، ولا تستقيم حياة أي شيء إلا بأمره، قال -سبحانه-: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 34], ولا يجري شيء في الفلك والملكوت إلا والله يعلمه، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام: 73].

  إن من لوازم اسم الله الخبير: العلم والإحاطة، فلا يكون خبيرًا بغير علم وإحاطة، وإن اسم الله الخبير يدل تمام العلم والخبرة والإحاطة بتفاصيل الأشياء، قال تعالى: (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا) [الكهف: 91]، أي: وقد أحطنا إحاطة تامة، بما كان لدى ذي القرنين من قوة وجنود وإمكانات وآلات وخبرة، وغير ذلك من أسباب النفوذ والملك والغلبة والسلطان. وقد ذكر الله كمال علمه بخلقه وإحاطته بهم، فقال -عز وجل-: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الخَبِيرُ) [الملك14].

وإن من صور قصور علم البشر وخبرتهم أنهم لا يدركون حقيقة الشيء إلا بالتجارب، ولهذا إذا أردنا صنع دواء ما، فإننا نقوم بكثير من التجارب لإدراك مدى فاعليته، فعلوم البشر أساسها التجربة، لذلك سموه بالعلم التجريبي، لكن علم الله وخبرته لا يفتقر إلى التجربة، بل علم تام محيط شامل كامل، فسبحان العليم الخبير.

  هناك اجتماعٌ بين اسمي الله العليم والخبير من حيث أنهما تضمنا علم الله تعالى المحيط بكل شيء, ولكن الخبير أدق من حيث علمه بخفايا الأمور, قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: “الخبرة هي العلم ببواطن الأمور، والعلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال، لكن العلم بالبواطن أبلغ، فيكون عليم بالظواهر، وخبير بالبواطن، فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ في الإحاطة، وقد يقال إن الخبرة لها معنى زائد عن العلم؛ لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه، بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط، ولكن ليس عنده حذق، فإنه لا يسمى خبيراً، فعلى هذا يكون الخبير متضمناً لمعنى زائد على العلم“. وقال السعدي عند قوله تعالى: (قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ): “الذي لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى“. قَالَ

الْغَزَالِيُّ: “الْعِلْمُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْخَفَايَا الْبَاطِنَةِ سُمِّيَ خِبْرَةً وَسُمِّيَ صَاحِبُهَا خَبِيرًا“.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

خطبة جمعة – الخبير :

   إن من عَلِمَ أن الله خبير بأحوالِهِ احترز في أقواله وأفعاله، محاسباً نفسه

عن كل صغيرة وكبيرة, مستشعراً مراقبة الله إليه في جلواته وخلواته, فلا

يحب أن يطلع الله من سره إلا ما هو أحسن من جهرة.

إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل *** خلوتُ ولكن قل عليَّ رقيبُ

ولا تـحسبنَّ اللهَ يغفلُ ســـــاعةً *** ولا أنَّ ما يخفَى عليه يغيبُ

وليحذر العبد أن تكون ذنوبه سبباً في هلاكه يوم القيامة, فعن ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: “لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا” قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، قَالَ: “أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ, وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا“. (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

  وينبغي للمسلم الموقن بعلم الله وخبرته المحيطة أن يرضى ويطمئن إلى اختيار الخبير والثقة به، فإن أثر اسم الله الخبير في سلوك العبد يتمثل في اعتماده على اختيار ربه في كل صغيرة وكبيرة من أمره، فطالما آمن العبد بأن الله هو الخبير، سلّم له في جميع شؤونه مطلق التدبير، وهذا شأن أهل التوحيد واليقين ألا يخالفوا مراد الله وتدبيره، بل يسلموا إليه أمورهم؛ ثقةً في كمال تدبيره، سواء كان تدبيرًا يتعلق بتوحيد الربوبية، وتصريف أمور الخلق كالإيجاد والإمداد، والمنع والعطاء على مقتضى حكمته في ترتيب الابتلاء، أو كان تدبيرًا شرعيًّا يتعلق بتوحيد العبودية، وما أمرهم به أو نهاهم، أو ندبهم أو دعاهم

كما يجب على المسلم أن يجعل الله وكيلاً له ويتخذه كفيلاً، فكل من وحّد

الله في اسمه الخبير لزمه أن يجعل الله وكيلاً له وكفيلاً عليه، فنعم المولى هو

نعم النصير، ونعم الخبير، والله -عز وجل- إذا تولى أمر عبده بجميل

عنايته، كفاه وأغناه، وأسعده في الدنيا والآخرة، والله -سبحانه- لا يضيره من عبده كثرة مطالبه، كما لا يعجزه كثرة إلحاحه وسؤاله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السادسة والتسعون في موضوع (الخبير) وهي بعنوان:

خطبة جمعة – الخبير :

فالمسلم الذي يرضى بربه خبيرًا بأمره، هاديًا لعمله، وكيلاً على نفسه, فهو

الموحّد لله حقًّا في اسمه الخبير، وترسخ في قرارة نفسه أن ما كُتب في اللوح المحفوظ سوف يناله، ومن ثَم تهون عليه الأمور، ويركن بإيمانه إلى اللطيف الخبير -سبحانه جل وعلا-.

  كما ينبغي أن يحرص كل مسلم على أن يتجلى اعتماده على اختيار ربه في

 كل صغيرة وكبيرة من أمره، فيجعل حوله وقوته، واعتماده وثقته وتوكله على

 ربه الحكيم الخبير، فيستخير الخبير -سبحانه-، ويرضى بما اختاره له.

ولقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- كل عبد موفق على اللجوء لعلم الله -تبارك وتعالى-

وخبرته, عند إقدامه على أمر مستقبلي لا دراية له بعاقبته؛ كأن يرغب في عملٍ ما: سفرٍ أو زواجٍ أو وظيفة أو غير ذلك، حثه النبي -عليه الصلاة والسلام- على أن يستخير الله.

قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمنا

الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن، يقول: “إذا هَمَّ

 أَحَدُكُمْ بالأمر فَلْيَرْكَعْ ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللَّهُمَّ إني أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ من فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فإنك تَقْدِرُ ولا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ ولا أَعْلَمُ، وأنت عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فإنْ كنتَ تَعْلَمُ هذا الأَمْرَ ويسميه باسمه خَيْرا لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمري، فَاقْدُرْهُ لي وَيَسِّرْهُ لي، ثم بارك لي فيه، اللَّهُمَّ وإنْ كنتَ تَعْلَمُه َ شَرًّا لي في دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمري فَاصْرِفْنِي عنه، وَاصْرِفْهُ عني، وَاقْدُرْ لي الْخَيْرَ حيث كان ثم رَضِّنِي به“. (البخاري). [الأنترنت – موقع ملتقى الخطباء – خطبة جمعة - الخبير ]

الخاتمة :

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء

والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين فقد انتهيت من كتابة مؤلفي هذا والذي هو بعنوان ( الخبير ) وهو اسم من اسماء الله الحسنى ، والمقصود من (العليم) الذي يعلم كل شيء، فهو سبحانه لا يعزب عن علمه شيء، ولا يخفى عليه شيء : { مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ } [المجادلة:7]، فهذا العلم.

أما الخبير فإن الخبرة أخص من العلم، الخبير: هو الذي يكون عنده معرفة بالتفاصيل والدقائق والأسرار، ولهذا نحن الآن لما نتكلم نقول مثلاً: فلان خبير بالقضية الفلانية، أو هذا مجلس الخبراء، أو هذه مجموعة الخبراء، أو هذه الشركة فيها خبراء، يعني: ليسوا فقط علماء، وإنما هم مختصون بأمر معين أو بشيء معين يعرفون أدق التفاصيل عنه ، فلما قال : { نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ } [التحريم:3]، ذكر أولاً: علمه الواسع المحيط بكل شيء، ثم ذكر خبرته وهي المعرفة الدقيقة اللطيفة المطابقة للواقع بتفاصيل الأشياء.

وكان ذلك في يوم الأحد الموافق 26/12/1441هـ بمنزلي في مدينة العقيق بمنطقة الباحة بالمملكة العربية السعودية  ، وهو أشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي ، وقد بذلت جهدي في جمع مادته العلمية وتنسيقها وتوثيقها ونسبتها الى قائلها ؛ سواء كانت هذه النصوص من كتاب الله الحكيم الخبير أو من السنة المشرفة أو من أقوال الصحابة والتابعين أو من أقوال العلماء والمفسرين والأئمة والمربين والدعاة والمؤلفين وطلبة العلم وقد استفدت منه فوائد كبيرة ، وأرجو أن يستفيد منه كل من قرأه أو سمعه أو اطلع عليه ، إن أحسنت واصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله وأتوب إليه ، اسأل الله أن يجعله علماً نافعاً وعملاً متقبلا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وكتبه الدكتور / مسفر بن سعيد دماس الغامدي _ المملكة العربية السعودية _ منطقة الباحة – مدينة العقيق – حي الغوث بجوار مسجد الوالدين جوال /0555516289