الــــرب

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

   إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنغسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

 { ياايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ، ولا تموتن

ألا وأنتم مسلمون } [سـورة آل عمران الآية / 120  ]    

 { ياايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساء لون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيـيباً} [ سـورة النسـاء الآية / 1  ]

 { يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } [ سـورة الأحزاب الآيتان / 70 ، 71 ]  و بـعـــــــد :

فهذه الحلقة الأولى في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان : المقدمة

 فوائد تعلم الأسماء الحسنى كثيرة جليلة :

فمنها: المعرفة بالله سبحانه، فإن العلم بمعاني أسمائه عز

وجل وصفاته العُلا يحقق العلم الصحيح بفاطر

الأرض والسماوات، قال قوام السنة الأصفهاني: قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ(محمد: من الآية19) فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجل أن يعامل رجلاً طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه واسم جده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله خلقنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه وتفسيرها. ويقول ابن القيم رحمه الله: لا يستقر للعبد قدم في المعرفة بل ولا الإيمان حتى يؤمن بصفات الرب جل جلاله ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه، فالإيمان بالصفات وتعرفها هو أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان، وثمرة شجرة الإحسان.

ومنها: أن معرفة الله بأسمائه وصفاته وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء والتوكل وسائر العبادات القلبية، قال العز بن عبد السلام -رحمه الله-: فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء والمهابة والمحبة والتوكل.. وغير ذلك من ثمرات معرفة تلك الصفات. ويقول أيضاً: ذكر الله بأوصاف الجمال موجب للرحمة وبأوصاف الكمال موجب للمهابة، وبالتوحد بالأفعال موجب للتوكل، وبسعة الرحمة موجب للرجاء، وبشدة النعمة موجب للخوف، والتفرد بالإنعام موجب للشكر، ولذلك قال سبحانه: اذْكُرُوا اللَّهَ

ذِكْراً كَثِيراً(الأحزاب: من الآية41)

 ومنها: العمل بها، نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن ابن بطال قوله: طريق العمل بها: أن الذي يسوغ الاقتداء به فيها كالرحيم والكريم فإن الله يحب أن يرى حالها على عبده، فليعرف العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها، وما كان يختص بالله كالجبار والعظيم فيجب على العبد الإقرار بها والخضوع لها، وعدم التحلي بصفة منها، وما كان فيه معنى الوعد: نقف منه عند الطمع والرغبة، وما كان فيه معنى الوعيد: نقف منه عند الخشية والرهبة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة الثانية في موضوع ( الرب ) وهي

 بعنوان : المقدمة(فوائد تعلم الأسماء الحسنى كثيرة جليلة) :

ومنها: تحقيق التوحيد والبراءة من الشرك، فهناك تلازم وثيق بين إثبات الأسماء والصفات لله وتوحيد الله، فكلما حقق العبد أسماء الله وصفاته علماً وعملاً كان أعظم وأكمل توحيداً، وفي المقابل: فإن هناك تلازماً وطيداً بين إنكار الأسماء أو الصفات وبين الشرك، يقول ابن القيم في تقرير هذا التلازم: كل شرك في العالم فأصله التعطيل، فإنه لولا تعطيل كلامه -سبحانه- أو بعضه وظن السوء به ما أشرك به، كما قال إمام الحنفاء لقومه: أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ*فما ظنكم برب العالمين (الصافات:86-87) أي فما ظنكم به أن يجازيكم، وقد عبدتم معه غيره؟ وما الذي ظننتم به حتى جعلتم معه شركاء؟ أظننتم أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟ أم ظننتم أنه يخفى عليه شيء من أحوال عباده حتى يحتاج إلى شركاء تعرفه بهم كالملوك؟ أم ظننتم أنه لا يقدر وحده على الاستقلال بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟ أم هو قاسٍ فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟... والمقصود أن التعطيل مبدأ الشرك وأساسه، فلا تجد معطلاً إلا وشركه على حسب تعطيله فمستقل ومستكثر.

ومنها: الصبر على المكروهات والمصائب النازلة بالعبد، فهو سبحانه حكيم عليم، حكم عدل، ولا يظلم أحداً فمن عرف رباًّ كذلك صبر على قضائه وقدره، يقول ابن القيم : من صحت له معرفة ربه والفقه في أسمائه وصفاته علم يقيناً أن المكروهات التي تصيبه والمحن الذي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يحصيها علمه ولا فكرته، بل مصلحة العبد في ما كره أعظم منها في ما يحب. ومنها: حسن الظن بالله والثقة به تعالى، فمعرفة أنه قادر حكيم، فعال لما يريد، يوجب ذلك، يقول ابن القيم : وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفي ما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وعرف موجب حكمته وحمده.. ولو فتشت لرأيت عنده تعتباً على القَدَر وملامة له.. وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم من ذلك.

 ومنها: حسن الخلق وسلامة السلوك والسلامة من الآفات كالعجب والكبر والحسد... إلخ. فالمبتدعة الذي يزعمون أن العبد يخلق فعل نفسه، فالخير هو الذي أوجده وفعله، والجنة ثمن عمله يورثهم ذلك غروراً وعجباً، ولو عرف ربه بصفات الكمال ونعوت الجلال وأنه المنعم المتفضل وما بالعباد من نعمة فمنه وحده لا شريك له، ومن تلك النعم التوفيق للعمل الصالح، بالشكر والتواضع ولم يعجب بعمله. وكذلك لو عرف ربه بأسمائه وصفاته لم يتكبر ولم يحسد أحداً على ما آتاه الله، لأن الحسد في الحقيقة مضادة لله في حكمته، فإنعام الله على عبده تابع لحكمته والحاسد يكره هذا الإنعام وقد اقتضته حكمة الله، فهو مضاد لله تعالى في حكمته وقضائه وقدره.

ومنها: لهج العبد بدعاء ربه، فالدعاء من آكد العبادات وأعظمها فالدعاء هو العبادة، كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو لا ينفك عن إثبات وفِـقْـه أسماء الله تعالى وصفاته، ويشير ابن عقيل -رضي الله عنه- إلى ذلك بقوله: قد ندب الله تعالى إلى الدعاء وفي ذلك معان: أحدها: الوجود، فإن من ليس بموجود لا يدعى. الثاني: الغنى، فإن الفقير لا يدعى. الثالث: السمع، فإن الأصم لا يدعى. الرابع: الكرم، فإن البخيل لا يدعى. السادس: القدرة، فإن العاجز لا يدعى. وبالجملة ففوائد تعلم أسماء الله الحسنى وصفاته العُلا كثيرة جداً، وفي ما ذكرناه تنبيه على ذلك، وإلا فإن الأمر يحتاج إلى مجلد.

[الأنترنت – موقع إسلام ويب- المنجد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة الثالثة في موضوع ( الرب ) وهي

 بعنوان : المقدمة(الرب اسم من أسماء الله الحسنى) :

 وهو اسمٌ عظيم لله جلّ وعلا، تكرّر وروده في القرآن الكريم في مقامات عديدة وسياقات متنوعة تزيد على خمسمائة مرَّة، قال الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام: 162]، وقال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام: 164]، وقال تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [التكوير: 29]، وقال تعالى: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس: 54].

ومعنى الربِّ أي: ذو الرُّبوبية على خلقه أجمعين خلقاً ومُلكاً وتصرُّفاً وتدبيراً، وهو من الأسماء الدالة على جملةِ معانٍ لا على معنى واحد.

قال ابن جرير الطبري رحمه الله: "الرب في كلام العرب متصرف على معان، فالسيد المطاع فيهم يدعى ربّاً، والرجل المصلح الشيء يدعى ربّاً، والمالك للشيء يدعى ربه، وقد يتصرف أيضاً في وجوه غير ذلك، غير أنها تعود على بعض هذه الوجوه الثلاثة، فربنا جل ثناؤه السيد الذي لا شبه له ولا مثل في سؤدده، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر"[ "تفسيره" (1/ 142  باختصار

وقال ابن الأثير رحمه الله: "الرب يطلق في اللغة على المالك والسيد والمدبِّر والمربِّي والقيِّم والمنعم، ولا يطلق غير مضافٍ إلا على الله تعالى، وإذا أطلق على غيره أُضيف، فيقال: رب كذا" [ "النهاية في غريب الحديث" (1/ 179).]

بل إنَّ هذا الاسم إذا أُفرد تناول في دلالاته سائرَ أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، وفي هذا يقول العلاّمة ابن القيم رحمه الله: "إن الرب هو القادر الخالق البارئ المصوِّر الحيُّ القيُّوم العليم السميع البصير المحسن المنعم الجواد، المعطي المانع، الضار النافع، المقدِّم المؤخِّر، الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ويسعد من يشاء ويشقي من يشاء، ويعزُّ من يشاء ويذلُّ من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقُّه من الأسماء الحسنى" [ "بدائع الفوائد" (2/ 212)..] أهـ.

وذلك أن من يُمعن النظر في هذا الاسم ويتأمّل في دلالته يشهد "قيوماً قام بنفسه، وقام به كل شيء، فهو قائم على كلِّ نفس بخيرها وشرِّها، قد استوى على عرشه، وتفرّد بتدبير ملكه، فالتدبير كلّه بيديه، ومصير الأمور كلها إليه، فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده على أيدي ملائكته بالعطاء والمنع، والخفض والرّفع، والإحياء والإماتة، والتوبة والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب، وإغاثة الملهوفين، وإجابة المضطرين (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29]. لا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما منع، ولا معقِّب لحكمه، ولا رادّ لأمره، ولا مبدّل لكلماته، تعرج الملائكة والرّوح إليه، وتعرض الأعمال أوّل النهار وآخره عليه، فيقدّر المقادير، ويوقت المواقيت، ثم يسوق المقادير إلى مواقيتها قائماً بتدبير ذلك كله وحفظه ومصالحه" [ "كتاب الصلاة" (ص/173).(1/80) ]

وربوبية الله للعالمين تشمل العالم كله، فهو الذي رَبَّى جميع المخلوقات بنعمه وأوجدها بمشيئته وقدرته، وأمدها بما تحتاج إليه، أعطى كل شيء خلقه اللائق به، ثم هدى كل مخلوق لما خلق له، وأغدق على عباده النعم، ونماهم وغذَّاهم وربَّاهم أكمل تربية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع ( الرب ) وهي

 بعنوان:المقدمة(وتربيته سبحانه وربوبيته تعالى نوعان:

ربوبية عامة تشمل كل مخلوق بَرّاً أو فاجراً، مؤمناً أو كافراً، سعيداً أو شقيّاً، مهتدياً أو ضالاً، وهي تربيته

لهم أجمعين بالخلق والرزق، والتدبير والإنعام، والعطاء والمنع، والخفض والرفع، والإحياء والإماتة، والتولية والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29].

وتربية خاصة لأوليائه حيث رباهم فوفَّقهم للإيمان به والقيام بعبوديته، وغذَّاهم بمعرفته والإنابة إليه، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسرهم لليسرى وجنبهم العسرى، ويسَّرهم لكلِّ خير، وحفظهم من كلِّ شرٍّ.

ولهذا كانت أدعية أولي الألباب والأصفياء الواردة في القرآن باسم الربِّ استحضاراً لهذا المطلب، وطلباً منهم لهذه التربية الخاصة، فتجد مطالبهم كلها من هذا النوع، واستحضار هذا المعنى عند السؤال نافع جداً للعبد.

ثم إنَّ إيمان العبد بالله ربّاً يستلزم إخلاص العبادة له

وكمال الذل بين يديه، قال تعالى: (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 92]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) [البقرة: 21]، فكونه سبحانه رب العالمين يقتضي ألاَّ يتركهم سُدىً وهملاً لا يؤمرون ولا ينهون، بل خلقهم لطاعته وأوجدهم لعبادته، فالسعيد منهم من أطاعه وعبده، والشقيُّ منهم من عصاه واتبع هواه، ومن آمن بربوبية الله ورضي بالله رباً رضي بما يأمُرُه به وينهاه عنه ويقسمُه له ويقدره عليه ويعطيه إياه ويمنعه منه، ومتى لم يرضَ بذلك لم يكن محقِّقاً الرِّضى بالله رباً من كل الوجوه، وفي الحديث: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً" رواه مسلم [ في "صحيحه" (رقم: 34) من حديث العباس رضي الله عنه.(1/81)]

هذا وإن شهود العبد انفراد الرب تبارك وتعالى بالخلق والحكم وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا تتحرّك ذرّة إلاَّ بإذنه، وأن الخلق مقهورون تحت قبضته، وأنه ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابعه إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه فيه تحقيق لمقام (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) علماً وحالاً فيثبت قدم العبد في توحيد الربوبية ثم يرقى منه صاعداً إلى توحيد الإلهية، فإنه إذا تيقن ذلك لم يتخذ سواه سبحانه إلهاً ومعبوداً، فأوّل ما يتعلق القلب يتعلق بتوحيد الربوبية ثم يرتقي إلى توحيد الإلهية كما يدعو الله سبحانه عباده في كتابه بهذا النوع من التوحيد إلى النوع الآخر ويحتجُّ عليهم به ويقرّرهم به ثم يخبر أنهم ينقضونه بشركهم به

 في الإلهية.

قال الله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [الزخرف: 87]: أي فأين يصرفون عن شهادة أن لا إله إلا الله وعن عبادته وحده وهم يشهدون أنه لا رب غيره ولا خالق سواه، وقال تعالى: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [المؤمنون: 84 - 85]، فتعلمون أنه إذا كان هو وحده مالك الأرض ومن فيها وخالقهم وربهم ومليكهم فهو وحده إلههم ومعبودهم فكما لا رب لهم غيره فهكذا لا إله لهم سواه، وفي هذا احتجاج عليهم بأن من فعل لهم هذا وحده فهو الإله لهم وحده، فإن كان معه رب فعل هذا فينبغي أن تعبدوه وإن لم يكن معه رب فعل هذا فكيف تجعلون معه إلهاً آخر [ انظر: "مدارج السالكين" لابن القيم (1/ 410 - 412).(1/82) ] وهذا من أبين ما يكون دلالةً على فساد الشرك وما عليه أهله من السفه والضلال، تعالى الله عما يشركون.

[الأنترنت – موقع مكتبة الفكر –اسم الله ( الرب ) فقه الأسماء الحسنى  - د عبد الرزاق البدر]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة الخامسة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان:*الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ اللهِ (الرَّب)  :

تعريف و معنى الرب في معجم المعاني الجامع

رَبّ : (اسم) الجمع : أرباب و رُبوب ، المؤنث :

ربَّة ، و الجمع للمؤنث : ربّات و رِباب

الرَّبُّ : اسم الله تعالى { رَبُّ العَالَمِينَ } : اللهُ، مِنْ

أسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلاَ يُقَالُ الرَّبُّ فِي غَيْرِ اللهِ إِلاَّ بِالإِضَافَةِ

الرَّبّ: المالك ،الرَّبُّ :السيد ، ربُّ الأرباب: الله تعالى ، ربَّاه: نداء بتضرُّع وتذلُّل،لَقِي ربَّه: مات، توفّي،

يا ربِّي: أسلوب نداء للتعجُّب ، رَبُّ الْمَعْمَلِ : مَالِكُهُ، صاحِبُهُ ، لِلْبَيْتِ رَبٌّ يَحْمِيهِ : سَيِّدٌ رَبُّ الدَّارِ

رُبّ : (اسم) الجمع : رِبَابٌ ، رُبُوبٌ ، الرُّبُّ : عُصَارَةُ التمر المطبوخة ، الرُّبُّ: ما يطبخ من التمر والعنب

ورُبُّ السَّمن والزيت: ثُفله الأسود والجمع : رُبُوبٌ،رِبابٌ ، الرُّبُّ: : مَا تَخَثَّرَ مِنْ عُصَارَةِ الثِّمَارِ

رَبَّ : (فعل) رَبَّ الوَلَدَ : رَبَّاهُ، تَكَفَّلَ بِغِذَائِهِ وَلِبَاسِهِ، أدَّبَهُ ، رَبَّ القَوْمَ : كَانَ رَئِيسَهُمْ وَسَائِسَهُمْ وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير: لأنْ يَرُبَّني بنو عمَّي أحبُّ إِليّ من أن يرُبَّني غيرهم

رَبَّ الْمَعْدِنَ : أَصْلَحَهُ ، رَبَّ الأثَاثَ : جَمَعَهُ ، رَبَّ الدُّهْنَ : طَيَّبَهُ وَأجَادَهُ

رَبَّ الولدَ رَبَّ: ولِيَه وتعهده بما يغذيه وينميه ويؤدّبه ، رَبَّ الشيءَ: ملكه ، رَبَّ النِّعْمَةَ رَبًّا،: حَفِظَها ونمَّاها

رُبَّ : (اسم) حَرْفُ جَرٍّ، تَدْخُلُ عَلَى النَّكِرَاتِ وَهِيَ بِحُكْمِ الزَّائِدِ لاَ تَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ، وَتُفِيدُ : التَّقْلِيلَ : رُبَّ مَنِيَّةٍ فِي أُمْنِيَةٍ او التَّكْثِيرَ : يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَوْمَ القِيامَةِ (حديث) وَمِنْ أحْكَامِهَا : أ أنْ تَكُونَ النَّكِرَةُ بَعْدَهَا مَوْصُوفَةً لِيَصِحَّ الابْتِدَاء بِهَا حَيْثُ لاَ يَجُوزُ أنْ يَسْبِقَهَا إلاَّ ألاَ الاسْتِفْتَاحِيَّةُ وَيَا التَّنْبِيهِيَّةُ ألاَ رُبَّ مُصِيبَةٍ اِعْتَرَضَتْنِي يَا رُبَّ عَالِمٍ اِسْتَفَادَ...

الرَّبُّ فِي اللغةِ صِفةٌ مشبهَةٌ للموصوف بالرُّبُوبِيَّةِ، فعْله ربَّ يربُّ ربوبية، أو ربَّى يربِّي تربية.

والربُّ هو الذي يُربي غيرَه ويُنشئه شيئًا فشيئًا.

[ الأنترنت – موقع المعاني – الرب ]

ويُطْلَقُ على المالِك والسَّيِّد والمدَّبِّرِ والمُرَبِّي والقيِّم والمُنْعِم.

ولا يُطْلَقُ غيرَ مُضافٍ إلا على اللهِ تعالى، وإذا أُطلقَ على غيرِه أُضِيفَ، كربِّ الإبل ورَبِّ الدارِ؛ أي:

مالكها، ويُطلق أيضًا على السّيدِ المطاعِ، ومنه قولُه تعالى: ﴿ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 41]؛ أي: سيدَهُ المطاعَ، ويطلق الربُّ أيضًا على المعبودِ، ومنه قولُ الشاعر:

أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبَانِ بِرَأْسِهِ **** لقد ذَلَّ من بالتْ عليهِ الثَّعَالِبُ

فوصْفُ الرَّبِّ مِن الناحية اللغوية يكُون لمن أنشَأ الشَّيْءَ حالًا فحالًا إلى حَدِّ التمامِ، أو قام على إصلاحِ شؤونِه وتولَّي أمرَهِ بانتظامٍ .

والرَّبُّ سبحانه وتعالى هو المتكفِّلُ بخلْقِ الموجوداتِ

وإنشائِها، والقائمُ على هدايتِها وإصلاحِها، وهو الذي

نظَّمَ معيشتَها ودبَّر أمْرَهَا، ودليلُ هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54]، فالربُّ سبحانه هو المتكفِّل بالخلائق أجمعين إيجادًا وإمدادًا ورعايةً وقيامًا على كلِّ نفسٍ بما كسبَتْ.قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [الرعد: 33].

[ الأنترنت - شبكة الألوكة  - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة السادسة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان:*الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ اللهِ (الرَّب)  :

وكلمة الرب في اللغة تطلق على عدة معانٍ:

قال ابن منظور: الرب يطلق في اللغة على المالك، والسيد، والمدبِّر، والمربي، والقيِّم، والمنعم .

وقال: ولا يطلق غير مضاف إلا على الله _ عز وجل _ وإذا أطلق على غيره أضيف، فقيل: ربُّ كذا .

وقال: وقد جاء في الشعر مطلقاً على غير الله _ تعالى _ وليس بالكثير، ولم يذكر في غير الشعر  [ لسان العرب 1/399_400.]

وقال: ورب كل شيء: مالكه ومستحقه، وقيل: صاحبه.

ويقال: فلان رب هذا الشيء أي مِلْكُه له.

وكل من ملك شيئاً فهو ربه، يقال: هو ربُّ الدابة، ورب الدار، وفلان رب البيت، وهن ربات الحجال  [ لسان العرب 1/339.]  [الأنترنت – موقع معرفة الله  - معنى كلمة الرب - فريق عمل الموقع] [الأنترنت – موقع العقيدة والخياة – أسماء الله الحسنى  [ اسم الرب ] -  د أحمد القاضي]

ويقول ابن فارس - رحمه الله :

" الراء والباء يدلُّ على أُصولٍ. فالأول إصلاح الشيءِ, والقيامُ عليه . فالرّبُّ: المالكُ، والخالقُ، والصَّاحب. والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. يقال رَبَّ فلانٌ ضَيعتَه، إذا قام على إصلاحها. وهذا سقاء مربُوبٌ بالرُّبِّ. 

 والأصل الآخرُ: لُزوم الشيءِ, والإقامةُ عليه، وهو مناسبٌ للأصل الأوّل. يقال أربَّت السّحابةُ بهذه البلدةِ، إذا دامَتْ. وأرْضٌ مَرَبٌّ: لا يزال بها مَطَرٌ؛ ولذلك سُمِّي السَّحاب رَباباً.   والأصل الثالث: ضمُّ الشيء للشَّيء، وهو أيضاً مناسبٌ لما قبله، ومتى أُمعِنَ النَّظرُ, كان الباب كلُّه قياساً واحداً".

[الأنترنت – موقع العقيدة والحياة – أسماء الله الحسنى  [ اسم الرب ] -  د أحمد القاضي]

والرب لغة يطلق على عدة معانٍ:

يطلق على المالك، كما يقال لمالك الدار: رب الدار ويطلق على السيد، ومنه قوله تعالى: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّك [يوسف:42]، : وفي الحديث: أن تلد الأمة ربتها أي سيدتها، كما يقال لمالك الدار رب الدار، ويطلق على المصلح والمدبر والقائم . قال الهروي وغيره: يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه: قد ربه يربه فهو رب له، ومنه سمي الربانيون لقيامهم بالكتب. وفي الحديث: هل لك من نعمة تربُّها عليه. أي تقوم بها وتصلحها.

وهو بكل هذه المعاني صحيح إطلاقه على الله تعالى فهو المالك وهو السيد وهو المصلح والمدبر وهو المعبود بحق. [الأنترنت – موقع إسلام ويب – المنجد ]

وأيضاً ما يتعلق بهذا الاسم من الناحية اللغوية:

فإن العرب تطلقه على معانٍ، أو تطلقه بإطلاقات

متعددة، وهذا ينبغي أن يراعى عند الكلام على الأسماء الحسنى -الدلالة اللغوية-، على أي شيء تطلق العرب هذه اللفظة؟فالعرب تطلق هذا الاسم على جملة معانٍ، والعلماء -رحمهم الله- منهم من يذكر ثلاثة،ويقتصر عليها، ويرى أن غيرها يرجع إليها، ومنهم من يذكر أربعة, ومنهم من يذكر خمسة، والأمر في هذا يسير. فمن هذه المعاني: أن الرب يطلق على المصلح للشيء، فتقول: ربَّبت الشيء، وربَبْته أربُّه إذا أصلحته، وقمت عليه، وهذا له تعلق بمعنى آخر -سنذكره- وهو ما يتصل بالتربية، وإنما أشير إلى ذلك؛ تنبيهاً لما ذكرته من أن من أهل العلم من يقول: إن بعض هذه المعاني يرجع إلى بعض، فالمصلح للشيء يقال: له رب.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة السابعة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان:*الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ اللهِ (الرَّب)  :

المعنى الثاني: أنه يقال: للمالك، فكل من ملك شيئاً فهو ربه في لغة العرب، فتقول: هذا رب الدار، وهذا رب السيارة، وهذا رب الثوب، وهذا رب الدابة، ونحو ذلك؛ يعني: صاحب الشيء، ومالك الشيء.

المعنى الثالث: أنه الذي يسُوس غيره، ويدبر شئونه، ويصرفه، فسياسة الشيء تربيب له، تقول: ربَبتُ القوم؛ أي: سستهم، ومنه قول صفوان بن أمية حينما خرج في يوم حنين، حينما رأى المسلمين قد انهزموا، فقال رجل معه: "بطل سحر محمد، والله لا يرد هزيمتهم إلا البحر"، فقال له صفوان بن أمية -وهو أخوه لأمه-: "اسكت، فض الله فاك، فوالله لأن يَرُبّنِي رجل من قريش أحب إليّ من أن يَرُبّنِي رجل من هوازن".

 ومعنى أن يربني: أي يسوسني، وأن يدبر شئوني، وبهذا الاعتبار يلتقي معنى الرب على أنه الذي يسوس غيره مع معنى السيد.

والله -تبارك وتعالى- ذكر عن قيل يوسف ﷺ حينما فسر الرؤيا، فقال: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} [يوسف:41]، يعني: يسقي سيده، الملك، وبهذا الاعتبار يلتقي معنى اسم الرب مع معنى اسم المَلِك؛ لأن المُلك: هو التصرف المطلق.

المعنى الرابع: وهو: المربي؛ ولهذا قال بعضهم -كالراغب الأصفهاني-: "إن الرب في الأصل من التربية"، وهو إنشاء الشيء حالاً، فحالاً إلى حد التمام.

هذه أربعة معانٍ، وقد اقتصر على الثلاثة الأولى دون الأخير -هذا الذي بمعنى: التربية- جمع من أهل العلم، كابن الأنباري، والزجّاجي، والخطّابي، والقرطبي، وأبو جعفر الطبري -صاحب التفسير-، وجعل أبو جعفر الطبري -رحمه الله- سائر المعاني الأخرى التي يذكرها العلماء في معنى الرب تعود إلى هذه الثلاثة فقط، وهذا توجيهه ما ذكرت عند الكلام عليها.

وزاد بعضهم -كابن الأثير- "القيم على الشيء"، والواقع أن القيم على الشيء يدخل في معنى الذي يسوسه، ويدبر شئونه، ونحو ذلك.

وهكذا المنعم: فإن هذا عائد إلى معنى التربية؛ لأن التربية يدخل فيها تربية الأبدان بالغذاء، والنماء، والتخليق، طوراً بعد طور، ويدخل فيه المعنى

الآخر، وهو تربيتها بالإيمان، والعلوم الصحيحة النافعة.

رب بمعني: معبود، فإذا أردنا أن نتكلم على (الرب) فإن هذا يقتضي أن نتكلم على اسمه -تبارك وتعالى- الآخر وهو (السيد).

وإذا تحدثنا عن (السيد)؛ فإن ذلك يقودنا ولابد لنتكلم على الاسم الآخر، وهو (الصمد)؛ لأن من معاني الصمد: السيد.

وإذا تكلمنا على (الرب)؛ فإن هذا يقودنا لنتكلم على اسمه الآخر (الملِك)؛ لأنه داخل فيه، ثم إنه يقودنا إلى الكلام على الاسم الآخر، وهو (المالك)، كما يقودنا ذلك -أيضاً- للكلام على (الخالق)؛ لأن ذلك من معاني الربوبية -كما سيأتي.

وإذا تكلمنا عن (الخالق)، فلابد من أن نتكلم عن

 (البارئ)؛ لأن (الخالق)، و(البارئ) بينهما ارتباط لا

يخفى، فهما يرجعان إلى أصل واحد في المعنى.

ويأتي الخلق بمعنى: التقدير –أحيانًا-، فانظروا إلى هذا الترابط؛ ولذلك رأيت أن أقتصر على الكلام على اسم (الرب)؛ من أجل ألا أضغط على هذه المعاني، ومن أجل أن لا أثقل عليكم بكثرة ما أورده، ثم في الدرس القادم أتحدث عن (السيد)، و(الصمد)، ثم بعد ذلك نتحدث عن (الملك)، و(المالك)، ثم نتحدث عن (الخالق) و(البارئ)، و(المصور)؛ لأن من معاني الخلق: التصوير، والتشكيل؛ فلابد من الكلام على هذه الثلاثة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة الثامنة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان:*الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ اللهِ (الرَّب)  :

بعد ذلك أنتقل إلى الكلام على معنى هذا الاسم الكريم في حق الله --؛ أي: هذه المعاني التي سمعنا سواء الثلاثة التي قال كبير المفسرين أبو جعفر بن جرير -رحمه الله-: إن سائر المعاني ترجع إليها، أو كان ذلك باعتبار المعاني الأخرى التي ذكرها غيره، هذه المعاني يفسر بها هذا الاسم الكريم.

فإذا أُطلق على الله هل نقول: هو المالك؟، أو نقول: الرب هو المربي، خلقه بألوان الفيوض، والنعم الحسية، والمعنوية؟، أو نقول بأن الرب -- هو السيد، أو الملك الذي يتصرف في خلقه تصرفًا مطلقاً؟

الواقع أن جميع هذه المعاني السابقة صحيحة، وكل ذلك داخل في معناه، وثابت في حق الله -تبارك وتعالى-، وهذا الذي ذهب إليه المحققون، كابن جرير، وابن كثير، وغير هؤلاء.

فالله -- هو السيد الذي لا شبه له، ولا مثيل له في سؤدده، وهو المصلح، أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، وهو المالك الذي له الخلق، والأمر، وهو المعبود وحده لا شريك له، كما أنه المربي الذي يربي عباده بنعمه تربية مادية بالأغذية، والأقوات، وتربية روحية بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، والشرائع التي تهذب نفوسهم، وأخلاقهم، وأعمالهم، وترتقي بإنسانيتهم، وكرامتهم، فيكون الإنسان على أكمل الأحوال، وأحسنها.

فالمربي -كما يقول بعضهم-: له صفتان أساسيتان: الأولى: الإمداد، والثانية: الرعاية.

فالذي يعطينا، ويمدنا بما نحتاج إليه هو الله --، هو ربنا، المالك، المعبود -، والذي يربي نفوسنا، ويهدينا إلى صراطه المستقيم هو الله --.

الذي يعطينا، ويمدنا بما نحتاج إليه هو الله --، هو ربنا، المالك، المعبود --، والذي يربي نفوسنا، ويهدينا إلى صراطه المستقيم هو الله --.

أما المربي من الخلق فهو الأب، فحينما يقال: فلان يربي أولاده، هذه التربية تكون بما يعطيهم من الغذاء، والكساء، وما يحتاجون إليه من المراكب، والمسكن، وبما يلقنهم، ويعلمهم، وبما يهذب به نفوسهم، وأخلاقهم، فهذا كله داخل في هذا المعنى.

وهكذا كل من يقوم على تربية شيء؛ فإنه يدخل في تربيته هذان الأمران؛ ولهذا قال من قال كالراغب -كما سبق- "إن الربوبية: مشتقة من التربية"، ولا شك أن لها تعلقاً بهذه المادة، فذلك يرجع إلى شيء واحد، فالأب مربي، والمعلم مربي، ونحن حينما يربينا ربنا -- فإن ذلك يعني أنه أوجدنا، وأنه الذي ينقلنا من طور إلى طور، وأنه الذي يعطينا، ويمدنا بهذه الأقوات.

فمن أين يأتي هذا الرزق المدرار؟ هذه الألبسة التي نلبسها من أين؟ من الله --، فنعمة الإمداد، ونعمة الهدى، والإرشاد، وكل ما بنا من نعمة فهي من الله -تبارك وتعالى.

فالله حينما خلقنا، ونقلنا من طور إلى طور، وأفاض علينا ألوان النعم، لم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا الرسل، وأنزل علينا الكتب، فهدانا، وأرشدنا، ووفق من شاء إلى ما شاء من ألوان الهدايات؛ ولهذا قيل بأن الرب هو المبلِّغ كل ما أبدع حد كماله، يبلِّغه حد الكمال شيئاً فشيئاً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة التاسعة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان:*الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ اللهِ (الرَّب)  :

فإذا نظرت إلى التربية المادية المحسوسة -تربية الأجسام- فالله -تبارك وتعالى- يسلّ النطفة من الصلب، ثم يجعلها علقة، ثم مضغة، ثم يخلق المضغة عظاماً، ثم يكسو العظم لحماً، ثم بعد ذلك يخلق هذه الروح، تُنفخ الروح في هذا البدن؛ فتبدأ الحياة، والحركة، ويتحول ذلك الجسد إلى مخلوق آخر، ثم يخرجه الله إلى هذه الدنيا في حال من الضعف، والصغر، والضآلة، فلا يزال ينميه، وينشئه حتى يجعله رجلاً، بعدما ينتقل من طور إلى طور، الطفولة, ثم الشباب، ثم الكهولة، ثم يكون شيخاً، وهكذا كل شيء خلقه الله فهو القائم عليه، المبلغ إياه الحد الذي وضعه له، وجعله نهاية ومقداراً له.

فهذه تربية للأبدان، تربية حسية، ينقله من طور إلى طور حتى يكتمل، تقول: فلان يربي فُلوّه -فرسه الصغير-، فلان يربي دابته، فلان يربي ولده.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- إلى أن الربوبية ترجع إلى معنى: الخلق، والتقدير، وأن هاتين الصفتين غالبتان على معنى الربوبية، على معنى اسم الرب -تبارك وتعالى-، وعللا ذلك بأن الخلق،والتقدير من أخص صفات الربوبية التي وصف الله تعالى بها نفسه في آيات كثيرة من القرآن

ولهذا قلت: إن ذلك يقودنا إلى الكلام على معنى الخالق، وإن من معاني الخالق الموجد، المنشئ من العدم، وكذلك المقدر.

ومما سبق ندرك بأن الرب هو: الذي يخلق، ويدبر ما خلق، كما قال الله عن قيل موسى ﷺ عندما بين حقيقة الربوبية ومعناها لفرعون لما سأله: فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (طه:)49 )، فأجابه: رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى  (طه:50) فأجاب موسى ﷺ عن معنى الربوبية بهذين المعنيين الجامعين:

الأول: إفراد الله بتخليق الأشياء، وتكوينها، وإنشائها

من العدم، حيث أعطى كل شيء خلقه، ووجوده،

ومن ذلك الصورة، أعطاه صورته؛ ولهذا أقول: لابد من الكلام على اسم الله المصور. 

الثاني: إفراد الله بتدبير الأمر في خلقه، وهدايتهم إلى قيام شئونهم، وتصريف أحوالهم، والعناية بهم، اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون  (الزمر:62-63)

فهذا الاسم الكريم هو من أصول الأسماء الحسنى التي ترجع إليها كثير من الأسماء؛ لأنه متضمن لصفات الخلق، والرزق، الذي يعطي، ويغدق النعم، ويمد، هذا هو الرزق الحسي، والمعنوي.

وكذلك الملك، والتدبير، والحفظ، ونفوذ المشيئة،

 والحكم، وغير ذلك من شئون الربوبية المختصة به --، ولا شك أن الإقرار بهذه المعاني أمر مركوز في فطر الخلق، فكما سيأتي أنه حتى المشركون الذين حاربوا النبي ﷺ، وردوا دعوته كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، والله يقول: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ (يونس:31)، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (العنكبوت:61)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد :فهذه الحلقة العاشرة في موضوع ( الرب ) وهي

 بعنوان:*الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ اللهِ (الرَّب)  :

 وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله-: "أن هذا الاسم الكريم (الرب) له الجمع الجامع لجميع المخلوقات، فهو رب كل شيء، وخالقه، والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السموات، والأرض عبد له في قبضته، وتحت قهره".

فربنا -جل وعلا- هو مالك هذا الوجود، {رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ } الصافات:5، وهو المتولي خلقه بالإنشاء، والتربية، والرعاية، والإصلاح.

وإبراهيم ﷺ قال -كما أخبر الله عنه-: أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (الشعراء:75-77)، ثم قال:        {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } الشعراء:78-82، كما أنه -تبارك وتعالى- هو السيد المطاع، صاحب السلطة النافذة، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه: { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ } (الأعراف:54)، { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون} (الأنبياء:23) ، {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}  (هود:107)

وهكذا بالنسبة للمُلك، وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا (المائدة:17)، لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ (المائدة:120)، فهو الملك، المالك، المستغني في ذاته، وصفاته عن كل شيء، ولا يستغني عنه شيء. [الأنترنت – موقع د خالد السبت  - الرب ]

والرب في اللُغة : هو المالك ، المصلح ، المربِّي .

وهو من الألفاظ  المشتركة لغويا أي يطلق على الله حقيقة وعلى العبد مجازا  لكن إذا نسب إلى العبد فإنه يأتي مضافا لشئ كقولنا : ربُّ الدار أي صاحبها، وربة البيت ومنه قول يوسف للرجل (ارجع إلى ربك …) أي سيدك ،وقول عبد المطلب (أما الإبل فأنا ربها وأما البيت فللبيت رب يحميه) والمعنى أنا صاحب الإبل ومالكها.

إذن فمعنى اسم الرب :هو المصلح أحوال خلقه القائم على أمورهم .

وتحمل هذه المعاني ما يسميه العلماء بتوحيد الربوبية ؛ وهو الاعتقاد أن الله هو الفاعل لكل شئ في الكون فهو الذي يخلق ويرزق ويعطي ويمنع ويقبض ويبسط ….الخ[ الأنترنت - موقع الراشدون - شرح أسماء الله الحسنى -  الرب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد :فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان:

*حقيقةُ معنى الربوبية في القرآن تقوم على رُكْنَين اثنين وَرَدَا في آياتٍ كثيرة:

أحدُهما: إفرادُ اللهِ بالخلْقِ.

والثاني: إفرادُه بالأَمْرِ وتدبير ما خلقَ.

كما قال تعالى عن موسى؛ وهو يُبين حقيقةَ الربوبية لفرعونَ لما سأله: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 49، 50]، فأجاب فرعونَ عن الربوبية بحصْرِ معانيها فِي معنيَين جامِعَين؛ الأول: إفرادُ الله بتخليقِ الأشياء وتكوينها وإنشائها من العدم حيث أعطى كلَّ شيءٍ خلْقَهُ وكمالَ وجودِهِ، والثاني: إفرادُ اللهِ بتدبيرِ الأمْرِ في خلْقِهِ كهِدايتِهم، والقيام على شؤونِهم، وتصريفِ أحوالهم، والعنايةِ بهم؛ فهو سبحانه الذي تَوكَّل بالخلائق أجمعين قال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62].

قال اللهُ عز وجل: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

وعن العباسِ رضي الله عنه؛ أنه سَمعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: "ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَنْ رَضِي بِاللِه رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم رَسُولًا".

قال الحليميُّ فِي معنى الربِّ: "هو المُبْلِغُ كلَّ ما أبدعَ حدَّ كمالِهِ الذي قدَّرَ له.

فهو يسلُّ النطفةَ من الصُّلبِ ثم يجعلُها علقةً، ثم العلقةَ مُضغةً، ثم يخلق المُضْغَةَ عظامًا، ثم يكسو العَظمَ لحمًا، ثم يخلقُ الرُّوحَ فِي البدَنِ، ويخرجُه خلقًا آخر، وهو صغيرٌ ضعيفٌ، فلا يزال يُنميه ويُنشيه حتى يجعلَهُ رجلًا، ويكونُ فِي بدءِ أمرِهِ شابًّا، ثم يجعلهُ كهلًا، ثم شيخًا وهكذا كلُّ شيءٍ خلقَهُ، فهو القائِمُ عليه، والمُبلِغُ إياه الحدَّ الذي وضَعَه له، وجعله نهايةً ومقدارًا له.

وقال أبو سليمان فيما أُخبرتُ عنه: قد رَوَى غيرُ واحدٍ من أهلِ التَّفْسيرِ فِي قوله جل وعلا: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، إِنَّ معنى الرَّبِّ السَّيِّدُ، وهذا يستقيمُ إذا جعلنا العالمين معناه المميّزون دون الجمادِ؛ لأنه لا يصحُّ أن يُقالَ: سَيّدُ الشجرِ والجبالِ ونحوِها. كما يُقال: سَيِّدُ النَّاسِ، ومِنْ هذا قولُه:      ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ

أَيْدِيَهُنَّ ﴾ [يوسف: 50]؛ أي: إلى سيدك.

وقيل: إِنَّ الرَّبَّ المالِكُ، وعلى هذا تستقيُم الإضافةُ

إلى العمومِ، وذَهَبَ كثيرٌ منهم إلى أَنَّ اسم العالَم يقع على جميع المكوناتِ، واحتجّوا بقوله سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴾ [الشعراء: 23، 24].

والرَّبُّ: المُصلِحُ والجابِرُ والمدَبِّرُ والقائِمُ.

قال الهَرَويُّ وغيرُه: ويقال لمن قام بمصالح شيءٍ وإتمامِهِ: قد رَبَّه يربُّه فهو رَبٌّ، ومنه سُمِّي الرَّبَّانيُّون لقيامهم بالكتُبِ وإصلاح الناس بها، ومنه الحديث "هَلْ لَكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُرَبُّهَا عَلَيْهِ"؛ أي تقومُ بها. ومنه قول النابغة:

وَرَبَّ عَلَيْــهِ اللهُ أَحْسَنَ صُنْعِهِ *** وَكَانَ لَهُ خَيْرُ البَرِيَّـةِ ناصرًا

ورببْتُ الأديمَ: دهنتُه بالرُّبِّ قال:

فَإِنْ كُنْتِ مِنِّى أَوْ تُرِيدِينَ صُحْبَتِي *** فَكُونِي لَهُ كَالسَّمْنِ رُبَّ لَهُ الأدمُ

وهو يرجعُ إلى معـنى الإصـلاح يُقال: رببتُ الزق

بالـرُبِّ، والـربُّ السلافُ الخـائر مِن كـلِّ الثمـار،

ويُقـال مِـن ذلك (رببت الزقَّ) بالقـير إذا أصلحْته.

والرَّبُّ المعبودُ يدل عليه حديثُ عذابِ القبرِ؛ يقال له: "مَنْ ربُّك"؛ المرادُ: مَنْ معبودُك.

وقال ابنُ الأنباري : "الرَّبُّ ينقسِمُ على ثلاثةِ أَقْسامٍ:

يكونُ الرَّبُّ المالِكَ، ويكونُ الربُّ السِّيدَ المُطاعَ، قال الله تعالى: ﴿ فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 41]؛         أي: سَيِّدَهُ . ويكون الربُّ المُصلِحَ، ربَّ الشيءَ إذا أصلحَه".

وقال الراغبُ: "الربُّ في الأصلِ التربيةُ، وهو إنشاءُ

الشَّيءِ حالًا فحالًا إلى حدِّ التَّمامِ".

[ الأنترنت - شبكة الألوكة  - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد :فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع ( الرب )

وهي بعنوان:*(الرب) من أسماء الله –عز وجل- الحسنى التي يدعى بها، ويمجد بها، ويقدس بها وعامة ما جاء في ذكر هذا الاسم الكريم إنما جاء مضافاً إلى الخلق عموماً وخصوصاً مثل: (رب العالمين)، (رب السماوات والأرض)، (رب الملائكة)، (رب العرش) ونحو ذلك.  [الأنترنت – موقع الدرر السنة ]

*وُرُودُ اسم ( الرب ) فِي القرآنِ الكريمِ:

    وَرَدَ هذا الاسمُ في القرآنِ مَرَّاتٍ كثيرةً جدًّا، في أكثر من 900 موضع أما عن ورُودِهِ مفردًا فقد وَرَدَ في إحدى وخمسينَ ومائةِ مَرَّةً، منها:

قولهُ تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ وقولهُ: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131].

وقولهُ: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ

 رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]. وقولهُ: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ

 اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 164].

وقولهُ:﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54]. وقولهُ: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الدخان: 8]. وقال: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ﴾ [الرحمن: 17].

وقال:﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّاأَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾

[التكوير: 29]. وغيرها من الآيات الكثيرة.

[ الأنترنت - الألوكة  - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي ]                                          وهذا الاسم من أكثر الأسماء وروداً في القرآن، وقد جاء مفرداً، وجاء غير مفرد، فمن الأمثلة على سبيل الإفراد: قوله تعالى:{بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (سبأ:15)، وقوله -تعالى-: سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ يس:58، يعني: لم يأتِ مضافاً.

ويقول النبي ﷺ كما في حديث ابن عباس (فأما

الركوع فعظموا فيه الرب (ويقول ﷺ: (أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر) ، فالرب هنا على سبيل الإفراد.

أما إضافته: فهي كثيرة جدًّا، وذلك أكثر من ذكره على سبيل الإفراد، فقد جاء مضافاً إلى الْعَالَمِينَ (الفاتحة:2)، وغيرها، وإلى كُلِّ شَيْءٍ(الأنعام:164)، وإلى مُوسَى وَهَارُونَ (الأعراف:122)، وإلى الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (التوبة:129)، وإلى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (الرعد:16)، وإلى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِب (الشعراء:28).

وقد ذكر بعضهم: أن المضاف في القرآن من ذلك يزيد على مائة وثلاثين موضعاً.

كما أنه جاء مضافاً إلى بعض الضمائر، مثل: ربك، ربكما، ربنا، ربهم، ربي، وقد ذكر بعض من عد ذلك أنه يزيد على أربعين وسبعمائة موضع في القرآن، ولم أحصِ هذا، ولكن هكذا ذكر بعضهم، ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً (الأعراف:55)، قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا (سبأ:26)، والآيات في هذا كثيرة جدًّا.

[ الأنترنت – موقع د خالد السبت  - الرب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد :فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان*المَعْنَى فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قال الطبريُّ بعد ذكرِهِ للوجوهِ الثلاثةِ التي تقدَّمَتْ في معنى الرَّبِّ:"وقد يتصرَّفُ أيضًا معنى الربِّ في وجوهٍ غيرِ ذلك، غيرَ أَنَّها تعُودُ إلى بعضِ هذه الوجوهِ الثلاثةِ، فربُّنا جلَّ ثناؤُه السَّيِّدُ الذي لا شِبْهَ له ولا مِثْلَ في سُؤْددِهِ، والمصْلحُ في أمْرِ خلْقِهِ بِما أسبغَ عليهم مِنْ نِعَمِهِ، والمالِكُ الذي له الخلْقُ والأمْرُ".

قال ابنُ الأثير: "الرَّبُّ يُطْلَقُ في اللُّغةِ على المالكِ والسَّيِّدِ والمدَبِّرِ والمُرَبِّي والقيِّم والمُنْعِمِ.

ولا يُطلقُ غيرَ مضافٍ إلا على اللهِ تعالى، وإذا أُطْلِقَ على غيرِهِ أُضيفَ، فيقال: رَبُّ كذا".

قال ابنُ كثيرٍ: "والرَّبُّ هو المالِكُ المتصرِّفُ، ويُطلقُ فِي اللُّغةِ على السَّيِّدِ وعلى المتصرِّفِ للإصْلاحِ، وكلُّ ذلك صحيحٌ في حقِّ اللهِ تعالى.

ولا يُستعملُ الربُّ لغيرِ اللهِ، بل بالإضافةِ، تقولُ: رَبُّ الدارِ، رَبُّ كذا، وأما الربُّ فلا يُقال إلا للهِ عز وجل".

وقال عبد الرحمن السعدي: "(الربُّ) هو المُرَبِّي جميع عباده بالتدبيرِ وأصنافِ النِّعَمِ.

وأَخَصُّ مِن هذا: تربيتُه لأصْفيائِهِ بإصْلاحِ قلوبِهم

وأرواحِهم وأخلاقِهم؛ ولهذا كَثُر دعاؤهم له بهذا الاسمِ الجليلِ، لأنهم يَطلبون منه هذه التربيةَ الخاصَّةَ".

 [ الأنترنت - شبكة الألوكة  - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي ]

وقد ورد كثيراً في أدعية الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – والصالحين قولهم: (ربنا)...

يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (و"الرب"

هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم. وأخص من هذا: تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم، وأخلاقهم. ولهذا أكثر دعائهم له بهذا الاسم الجليل؛ لأنهم يطلبون منه التربية الخاصة) 

وهذا واضح وجلي فيما ذكره الله – عز وجل – في كتابه الكريم عن أنبيائه – عليهم الصلاة والسلام – وأوليائه الصالحين حيث صدروا دعاءهم بهذا الاسم الكريم ومن ذلك.

- دعاء الأبوين عليهما السلام بقولهما:  { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ  } [الأعراف: 23].

- دعاء نوح – عليه الصلاة والسلام – بقوله: رَبِّ

 اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ... الآية [نوح: 28]، وقوله: رَبِّ

إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي [هود: 54].

- ودعاء موسى – عليه الصلاة والسلام – بقوله: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ [الأعراف: 151]، وقوله:رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ}الأعراف: 155

- ودعاء يوسف عليه الصلاة والسلام: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [يوسف: 33]، وقوله: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ...

الآية [يوسف: 101].

- ودعاء زكريا عليه الصلاة والسلام: رَبِّ هَبْ لِي

مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً [آل عمران: 38].

- ودعاء أيوب عليه الصلاة والسلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي.

- ودعاء امرأة عمران في قولها: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا... الآية [آل عمران: 35].

- ودعاء عباد الله الصالحين في قولهم: رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران: 193-194]، وقولهم: رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا [الفرقان: 65]

- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله كثيراً باسم (الرب)، ويمجده ويعظمه به، فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((ألا أدلك على سيد الاستغفار، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت...))  .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد :فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع ( الرب ) وهي بعنوان*المَعْنَى فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه يقول: ((اللهم رب السماوات، ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن...))  . وكان إذا افتتح صلاته من الليل قال: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض...))  .

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب بقوله: ((لا إله إلا الله

العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش الكريم))  .والنصوص الواردة في ذلك كثيرة.

...وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: ("والرب" هو المالك المتصرف ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح. وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى).

ويبين الإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى- معنى قوله تعالى: رَبِّ الْعَالَمِينَ فيقول: (قوله: رَبِّ الْعَالَمِينَ: ربوبيته للعالم تتضمن تصرفه فيه، وتدبيره له، ونفاذ أمره كل وقت فيه، وكونه معه كل ساعة في شأن، يخلق ويرزق؛ ويميت ويحيي، ويخفض ويرفع؛ ويعطي ويمنع؛ ويعز ويذل، ويصرف الأمور بمشيئته وإرادته، وإنكار ذلك إنكار لربوبيته وإلهيته وملكه)  .

ويتحدث –رحمه الله تعالى- عما يشاهده العبد من اسمه سبحانه (رب العالمين) فيقول: (وشاهد من ذكر اسمه: رَبِّ الْعَالَمِينَ قيوماً قام بنفسه؛ وقام به كل شيء، فهو قائم على كل نفس بخيرها وشرها، قد استوى على عرشه، وتفرد بتدبير ملكه، فالتدبير كله بيديه، ومصير الأمور كلها إليه، فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده على أيدي ملائكته بالعطاء والمنع، والخفض والرفع، والإحياء والإماتة، والتوبة والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين: يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن: 29]. لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، ولا مبدل لكلماته، تعرج الملائكة والروح إليه، وتعرض الأعمال – أول النهار وآخره – عليه، فيقدر المقادير ويوقت المواقيت، ثم يسوق المقادير إلى مواقيتها، قائماً بتدبير ذلك كله وحفظه ومصالحه)  .

اسم (الرب) من أعظم الممادح التي مجد الله – عز وجل - نفسه بها: ومن ذلك:

امتداح الله – عز وجل – نفسه بأنه: رَبِّ الْعَالَمِينَ والعالمون جمع عالم. وكل ما سوى الله فهو عالم: قال تعالى: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ والنصوص المعرفة بأنه رب العالمين كثيرة جداً، كما مدح نفسه رب كل شيء كما في قوله تعالى: أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام: 164].

تمجيده سبحانه نفسه بأنه رب العرش العظيم كما في قوله تعالى: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [النمل: 26]، وقوله – عز وجل -: فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون: 116].

كما مدح سبحانه نفسه بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما. قال الله – عز وجل -: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم: 65]. وامتدح الله نفسه –تبارك وتعالى- بأنه ربنا ورب آبائنا الأولين، قال سبحانه: قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ [الشعراء: 26].

وقال عن نفسه –عز وجل- أيضاً رب المشرق والمغرب، ورب المشارق والمغارب، قال عز وجل: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً [المزمل: 9]، وقال تبارك وتعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ [المعارج: 40]. [ الأنترنت – موقع الدرر السنة ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع (الرب ) وهي بعنوان:ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم: 

الثمرة الأولى: أن ندعو الله به، فالله -كما سبق في أول الكلام على هذه الأسماء الحسنى- يقول: وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَاالأعراف:180، وعرفنا أن الدعاء بها ينتظم دعاء المسألة، ودعاء العبادة، وأرجو أن تتذكروا هذا؛ لأني ذكرت عند الكلام عن المقدمات أننا سنحتاج إليها دائماً في الكلام على هذه الأسماء الحسنى، فهي الأساس الذي ننطلق منه،

دعاء مسألة، ودعاء عبادة.

كيف ندعو الله؟، كيف نتعبد بهذا الاسم الكريم بدعاء المسألة، ودعاء العبادة؟

دعاء المسألة: أن نذكر هذا الاسم في دعائنا، وتضرعنا إلى الله -تبارك وتعالى-، كما كان الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- يفعلون ذلك، فآدم -عليه الصلاة والسلام- مع زوجه قالا: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا (الأعراف:23)، وهذا نوح ﷺ يقول: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا (نوح:28)، وهذا إبراهيم وإسماعيل -عليهما الصلاة والسلام-: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة:127)، وهذا موسى -عليه الصلاة والسلام- يقول: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي (الأعراف:151)، وهذا عيسى -عليه الصلاة والسلام- يقول: اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاء (المائدة:114)، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وكذا أمته: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون (البقرة:285)، إلى أن قال الله في هذا الدعاء: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ (البقرة:286).

وكثيراً ما يتكرر في القرآن الدعاء باسم الرب -تبارك وتعالى-، فتارة مع ياء النداء، وتارة بحذفها للإشعار

بقربه من الداعين، قال الله -تعالى-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان (البقرة:186)، كما يقول الشاطبي -رحمه الله- في

كتابه "الموافقات".

وهكذا هذا الدعاء يتكرر في القرآن كثيراً، هذا تعليم من الله لعباده أن يدعوه، وأن يتعبدوا له بهذا الاسم، وقد ذكر الشاطبي رحمه الله- في "الموافقات" توجيهاً حسناً لهذا المعنى.

لماذا الدعاء يكون باسم الرب --؟، يذكر أن ذلك جاء للتنبيه، والتعليم، من أجل أن يأتي العبد في دعائه بالاسم المقتضي للحال المدعو بها، وذلك أن الرب في اللغة -هذا كلام الشاطبي-: "هو القائم بما يصلح المربوب".

يقوم بما يصلح المربوب، فالإنسان إذا دعا ربه فهو يطلب ما يصلح شأنه، أيًّا كان هذا الأمر الذي يصلح شأنه، إن كان مريضاً يطلب العافية، وإن كان فقيراً يطلب الغنى، وإذا كان ضالا في أمر من الأمور يطلب الهداية، وهذا كله من معاني الرب، فيُدعى باسم الرب؛ لأن الإعطاء والمنع، والدفع، والنفع، وما إلى ذلك كله من معاني الربوبية. 

فيقول الإنسان: يا رب، يا سيدي، ومالكي، وخالقي، والمنعم علي، والقائم على شئوني، والمربي لخلقه، أصلح قلبي، وعملي، وحالي، ونيتي، أصلح لي شأني كله، وارزقني، واجبرني.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في هذا المعنى: "الرب هو المربي جميع عباده بالتدبير، وأصناف النعم، وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم، وأرواحهم، وأخلاقهم؛ ولهذا كثر دعاؤهم بهذا الاسم الجليل؛ لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة".

هذه تعليلات لكثرة ما جاء في القرآن من دعاء المسألة بهذا الاسم الكريم (الرب).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: دعاء العبادة:

فإننا نتعبد لله -تبارك وتعالى- بهذا الاسم، بأن يَظهر العبد بمظهر العبودية، ويخلع عن نفسه أوصاف الربوبية؛ لعلمه أن المنفرد بها هو الله --، فيثبت أوصاف العظمة لله، ويفرده بالعلو، والكبرياء، ولا ينازع رب العالمين في أمره، أو في تدبيره، وتقديره، بل يرضى، ويسلم، فإذا ساق الله له المصيبة، وإذا أصابه الفقر، وإذا مات له قريب، وإذا أصابه المرض لا ينازع ربه -تبارك وتعالى-، ويقول: لماذا يا رب؟ -نسأل الله العافية-، كما يفعل بعضهم، فلا يتخلف عن اتباع شريعة الله، فدعاء العبادة عمل، وتربية،

 وتنفيذ لأوامر الله الشرعية. 

الثمرة الثانية: وهي أن يرضى العبد بالله ربًّا، فالله -تبارك وتعالى- هو الرب على الحقيقة، فلا رب على الحقيقة سواه، هو رب الأرباب، ومالك الملك، وملك الملوك --، فهو معبود العباد، يملك الممالك، ويملك نواصي الخلق، ويصرفهم كما يشاء، وهو الذي يرزقهم.

وكل ما يقال عنه: إنه رب لكذا، فهو غير خالق، ولا رازق، بل هو مملوك ضعيف لله الواحد القهار، وذلك الملك الذي في يده مهما كثر، ومهما عظم فإن الله -تبارك وتعالى- سينتزعه منه لا محالة، إما وهو يشاهد في الدنيا بأن يسلب عنه ملكه، أو حينما يموت، ويفارق، ويئول إلى الضعف، وإذا قرأتم في التاريخ تجدون أشياء عجيبة جدًّا.

اقرءوا في سير بعض خلفاء بني العباس، ما كان أحد يجرؤ أن يتكلم معه، أو أن يراجعه في شيء، وفي مرض موته وقف إخوانه، وأبناء عمومته في خارج الحجرة التي هو فيها، ولم يجرؤ أحد أن يدخل، وينظر إليه، إلا رجل واحد من المقربين إليه، ممن كان يرجع إليهم، ويكل إليهم بعض الأعمال، فكانوا يبعثونه مرة، بعد مرة، هل خرجت روحه أم لا؟ فما أحد يستطيع.

وأظنكم تجدون في ترجمة الواثق، يقول: فأتيته؛ فوجدته حرك عينه، فنظر إليّ نظرة كاد قلبي أن ينخلع من مكانه؛ من شدة الهيبة، والخوف، يقول: فرجعت، وهبته، ولم أكلمه بشيء، يقول: وبقيت مدة، ثم بعثوني، فأتيت، وإذا بروحه قد خرجت، وإذا بتلك العين التي نظرت إليّ قد جاء فأرٌ فقضمها.

انظروا إلى الفأر، هذا المخلوق الضعيف، وانظروا إلى هذه العين التي أخافت هذا الرجل الذي اعتاد الدخول على هذا الخليفة، والجلوس معه، ومن اعتاد على الدخول عليه فإن هيبته تقل في نفسه، ومع ذلك هذا الفأر الضعيف يقضم هذه العين، وهذا لا يستطيع أن يرفع أصبعه، فضلاً عن يده؛ ليرد، أو يدفع عن نفسه، هذا هو المخلوق، ضعيف!.  وحينما يوضع في قبره لا يستطيع أن يرد الدود عن نفسه.

فالحاصل: أن الله -تبارك وتعالى- هو الرب الذي له الربوبية المطلقة، ولما قال فرعون: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (النازعات:24)، أخذه الله، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ

وَالْأُولَى (النازعات:25).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: دعاء العبادة:   

فالمؤمن الموقن بهذا عن علم، ومعرفه يدرك أن الله -تعالى- هو رب كل الأشياء، فلا خالق، ولا رازق، ولا معطي، ولا مانع،ولا مميت، ولا محيي، ولا مدبر لأمر المملكة ظاهراً وباطناً سواه، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه، ولا يجري حادث إلا بمشيئته، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ }سبأ:3، إلا وقد أحصاها علمه، وأحاطت بها قدرته، ونفذت بها مشيئته، واقتضتها حكمته.

فمن عرف ذلك، واستيقنه لم يطلب غير الله -تبارك وتعالى- ربًّا،وإلهاً، بل رضي به -- سيداً، وربًّا، ومن كانت هذه صفته ذاق طعم الإيمان، وحلاوته، كما جاء عن العباس بن عبد المطلب –- أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولا).

 يقول القاضي عياض -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: "صح إيمانه، واطمأنت به نفسه، وخامر باطنه؛ لأن رضاه بالمذكورات دليل لثبوت معرفته، ونفاذ بصيرته، ومخالطة بشاشة الإيمان قلبه، لأن من رضي أمراً سهل عليه، فكذا المؤمن إذا دخل قلبه الإيمان سهل عليه طاعات الله -تعالى-، ولذّت له، وهان عليه القيام بوظائف العبودية"، الذي عرف بأن نواصي الخلق بيد الله، وأن الملك كله له، وأن ما عداه فقراء، ضعفاء، عبيد مساكين، مربوبون لله --، فإنه لا يخافهم، ولا ينتظر منهم شيئا،ً ولا يعبأ بمدحهم، وإطرائهم، ولا يطلب المحمدة، والمنزلة في قلوبهم، يعرف قدر المخلوقين،وكذلك يعلم أن الله هو الرزاق، ذو القوة المتين، فلا يتوكل على المخلوق في رزقه؛ فيصانع هذا، ويداري هذا، فمصانعة وجه واحد أرفق بنا من مصانعة وجوه كثيرة،كل شيء بيد الله، والذي لا يتيقن هذه المعاني حقيقة يتخطف قلبه، ويلتفت هنا وهناك، ويبحث، ويطلب من ينصره، ويرزقه، ويعافيه.

المريض يتعلق قلبه بطبيب، ولربما تعلق قلب الفقير بالغنيّ، ولربما تعلق قلب الموظف بمدير الشركة،

فيتصنع له، ولربما عصى الله من أجله، خشية أن

يبعده، هل هذا يليق؟ هل هذا يكون قد عرف معنى الربوبية؟

الثمرة الثالثة: أن نحسن رعاية وتربية من استرعانا الله إياهم، فنحفظ الأبناء، والتلاميذ، وننشِّئهم على المعاني الصحيحة الطيبة شيئاً فشيئاً، كما أن الصغير يربى على اللبن في أول أمره حينما يكون حديث الولادة، ثم بعد ذلك ينقل من حال إلى حال، حتى يستطيع أن يأكل الطعام ولا يضره، فهكذا -أيضاً- في المعاني، والتربية، والتهذيب، والسلوك، والأخلاق، كونوا ربانيين.

ما معنى كُونُوا رَبَّانِيِّينَ (آل عمران:79)؟ قال ابن عباس -ا-: "الذي يعلم الناس صغار العلم قبل كباره".

فالعالم الرباني هو: الذي يربي الناس بالعلم على مقدار

 ما يتحملون، ولا يحدثهم بما لا تطيقه عقولهم، أو ما لا تطيقه قُدرهم، وإمكاناتهم، أشياء لا يستطيعون تنفيذها أصلاً؛ لأن قُدرهم العملية لا تحتمل هذا، فلماذا يحدثهم؟ 

ينبغي ألا يحدثهم بشيء يكون فتنة لهم؛ لأنهم لم يتأهلوا له، ولم يتهيئوا لسماعه، وفهمه، وقبوله، فيبذل

لخواصهم جوهره، ومكنونه، ويبذل لعوامهم ما ينالون به فضل الله، ويدركونه بحسب ما أعطاهم الله من

الإمكانات، والقُدر.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (الرب )

 وهي بعنوان: الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم: 

الثمرة الرابعة: التأدب مع هذا الاسم الكريم، فالنبي ﷺ، يقول مؤدباً، ومعلماً: (لا يقل أحدكم: أطعِمْ ربك، وضِّئ ربك، اسقِ ربك، وليقل: سيدي، مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي، وفتاتي، وغلامي).

هذا نهي من أن يقول الإنسان مخاطبا لغيره: (وضئ ربك)؛ أي: سيدك، أو أن يتكلم هو عن نفسه، فيقول: ربي يعني: سيدي للمخلوق، وذلك فيما ذكره الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بأن حقيقة الربوبية لله -تعالى-؛ لأن الرب هو المالك، القائم بالشيء، فلا توجد حقيقة ذلك إلا لله --([17]).

وقد ذكر الخطابي أن سبب المنع: "أن الإنسان مربوب، متعبد بإخلاص التوحيد لله، وترك الإشراك معه، فكره له المضاهاة في الاسم؛ لئلا يدخل في معنى الشرك"، قال: ولا فرق في ذلك بين الحر، والعبد، لكنه فرّق -أعني: الخطابي- بين ما من شأنه التعبد، ومن ليس من شأنه التعبد، يقول: فأما ما لا تعبد عليه من سائر الحيوانات، والجمادات فلا يكره إطلاق ذلك عليه عند الإضافة، كما يقال: رب الدار، ورب الثوب

وقد رد الحافظ ابن حجر -رحمه الله- على من قال: إن هذه اللفظة (الرب) لا يجوز أن تقال للمخلوقين، فهماً

من هذا الحديث، وبين الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أن الذي يختص بالله -تعالى- هو إطلاق الرب بلا

إضافة -الرب-، فلا يجوز أن نقول لمخلوق: الرب، فإن الرب بإطلاق هو الله -تبارك وتعالى .

أما بالإضافة تقول: رب الدار، ورب الثوب فإن هذا

 لا إشكال فيه، ويوسف ﷺ قال: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ (يوسف:42)، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ (يوسف:50)؛ يعني: إلى سيدك، وقال النبي ﷺ في أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربتها)

فالنهي الذي يختص بالله هو حال إطلاق الرب، هذا لا يصح أن يقال للمخلوق، أما بالإضافة فلا إشكال في ذلك، فالنهي الوارد في الحديث هو بالإضافة (أطعِمْ ربك، وضِّئ ربك)، ونحو ذلك.

ومن أهل العلم من أراد أن يجمع بين هذه النصوص التي ورد فيها الاستعمال مع النهي، فقال: دل ذلك على أن النهي للتنزيه، فهو من باب الأدب في الألفاظ، وإن ورد استعمال ذلك في بعض المواضع، إلا أن النبي ﷺ يبين ما هو الأكمل، والأفضل، والأحسن، فما ورد إنما هو لبيان الجواز، والنهي يكون للتنزيه، وبعضهم يذكر غير هذا، وتجدون الكلام على ذلك في "فتح الباري"

وممن قال بأن لفظة هذا الاسم الكريم (الرب)، هكذا بدخول "ال" عليه، لا يطلق إلا على الله جمع كثير من أهل العلم، كالزجّاجي، وابن قتيبة، وابن الأثير، وابن كثير، والراغب، وغير هؤلاء.

فالله -تبارك وتعالى- هو الرب حقيقة، المتكفل بخلق الموجودات، وإنشائها، والقائم على إصلاحها، وهو المنظم لمعايشها، وأقواتها، المدبر لأمورها، إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف:54)، أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ (الرعد:33)، إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (فاطر:41.)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم:   

الثمرة الخامسة: هو أن يلتفت العبد، وينظر، ويتأمل في آثار هذا الاسم الكريم في هذا الخلق، فإنه إذا نظر بهذه النظرة سيجد أشياء عجيبة جدًّا، لو نظر الإنسان إلى الطعام، كيف يخرج هذا الطعام؟ كيف ينبت؟ كيف يكون هذا النبات في أوله؟ كيف يكون طعام سائر الحيوانات؟ وكيف يصل إلينا ذلك الطعام حتى يتحول إلى أجزاء من أجسادنا بعد مراحل، وعمليات طويلة، ومعقدة؟

الله يقول: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (الحج:63)، وقد تكلم علماء النبات عن خضرة النبات، وأنه من خضرة النبات يتم صنع غذاء سائر الحيوانات على ظهر الأرض، تكلموا على الخلية الواحدة حينما تقوم ببناء عشرين مركباً عضويًّا في دقيقة واحدة إذا عرضت للشمس، وتلك المركبات مختلفة الأنواع، منها السكرية، والأحماض الأمينية، التي عجز العلم الحديث

عن تحضيرها صناعيًّا بنفس الصفة، أو الصورة.

فما الذي يدفع النبات للقيام بهذه المهمة الشاقة غير الرب المتكفل بمصالح مخلوقاته، والذي يوصلها إليهم من حيث لا يشعرون.

وقد ذكر بعض علماء النبات الورقة الخضراء، يقول: هذه الورقة الخضراء -وعلى الأخص الخلية الخضراء-

هي بمثابة البؤرة التي تتجه نحو الطاقة الشمسية، والتي تنشأ فيها من جهة ثانية كل فعاليات الحياة على

ظهر الأرض، وتكلم عليها، وعلى آثارها، وفصل في ذلك.

والله -تبارك وتعالى- يقول: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ

مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظروا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ

 إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام:99.)

هذه المادة ماذا تصنع في جسم الإنسان الذي يتربى بهذا الغذاء؟ الإنسان أصله حيوان منوي، وبويضة، يقولون: هذا الحيوان المنوي، والبويضة لا يتجاوز حجمهما رأس الدبوس، ثم ينمو الجنين، وما أن يصل المرء إلى سن الشباب إلا ويبلغ وزنه بليون مرة تقريباً قدر وزن البويضة المخصبة التي هي أوله.

كيف نقله الله من هذا الجزء الصغير إلى هذا الجسم الكبير، يتحرك، ويتعجب، ويتأثر، وينظر، ويلتفت، ويتكلم، ويتعبد؟، فمن أين جاءت هذه الزيادة الضخمة؟ ومن الذي ساقها إليه لينمو بها، وهو لا يشعر؟

هذه تربية أبدان، هذه جاءت من الغذاء، فبعد

عمليات من الهضم تتحول هذه الأغذية إلى أجزاء من

 هذا الجسم، بل لا تستطيع أن تميز ذلك الغذاءحينما ينصهر،ويتحول إلى دم، ولحم، وإلى أنسجة، وخلايا.

وقد تحدث بعض العلماء من أهل الاختصاص في هذه العلوم عن جسم الإنسان، وكيف يستفيد من الغذاء، يقول: أي شيء أعجب وأجمل من مكينة تعمر، وترمم نفسها بنفسها بلا انقطاع، يقول: الحيوان يضعف بالعمل، والكد، ولكنه على قدر ما يشتغل يحس بضرورة لتعويض قواه المفقودة بالأكل الغزير.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة العشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم (الرب):  

الماكينات، الآلات تتلف مع كثرة الاستعمال، أما هذا

 الإنسان فإذا عمل فهو يشعربحاجة إلى الغذاء، فالأكل يرِد إليه كل يوم، ويرُدّ عليه ما فقده بالشغل؛ ولهذا تجد الناس الذين يعملون كثيراً يحتاجون إلى كمية أكبر من الطعام.

يقول: فإنه يُدخل إلى بطنه شيئاً غريباً عن جسمه، فلا يلبث أن يستحيل إلى جسمه؛ لأنه ينسحق أولاً، ثم يستحيل إلى سائل، ثم يتصفى حتى يصير كأنه مر من منخل، ليترك عنه الأشياء الغليظة، ثم يصعد إلى مركز العقل -أي: القلب-، وهناك يرق، ويصير دماً،ومنه يسيل، ويسري إلى سائر الأعضاء، ويسقيها بواسطة فروع العروق، والشعيرات الدموية لا عداد لها، فيصفَّى منها حتى يصير لحماً، وكل هذه الأغذية المختلفة في الهيئة، والتركيب ليست إلا لحماً للإنسان، فالغذاء الذي كان جسماً غير حي نراه يقيم أود الحياة في الإنسان، ويصير هو الحيوان نفسه، هذا التربيب، وهذا التصريف لا يمكن لأحد أن يقوم به سوى الله -تبارك وتعالى.

وقد يُذكر في هذا بعض النماذج الأخرى: هذا الجنين الذي يكون في بيضة الدجاجة -مثلاً-، يتكون في داخلها، ثم يثقبها، ويخرج منها، كيف يتم ذلك؟ وكيف يستطيع وهو ضعيف أن يثقب هذا الجسم الصلب المتكور عليه؟ كيف يستطيع هذا؟ وكيف يتنفس في داخل البيضة؟

الإنسان يأتيه الأكسجين عن طريق الحبل السري، لكن هذا الجنين كيف يحصل له مثل هذا؟

بعد أن تلقح البيضة، وتمر في قناة البيض، وبسبب

 حرارة الأنثى التي أوجدها الله -تبارك وتعالى- تنقسم الخلية الأولى، فيتكون بذلك "البلاستودروم"، وبعد ذلك يقف نشاطها بسبب برودة الجو، وما إن تحضن الأم بيضها إلا وتبدأ أعضاء الجنين بالنمو شيئاً فشيئاً، حتى يخرج الجنين من البيضة.

ولكن كيف يتنفس مدة نموه في داخل البيضة؟ لكل بيضة قطب مدبب، وآخر كليل، وعند هذا ينفرج غشاء قشرة البيض؛ ليكوِّن ابتداء وقبل خلق الجنين حجرة هواء؛ ليتنفس منها الجنين الهواء مدة نموه داخل البيضة.

يقولون: لو أخذت بيضة، وقصصتها برفق، ونظرت إلى الجنين في داخلها فإنك تجد رأس الجنين متجهًا إلى القطب الذي توجد فيه تلك الحجرة الهوائية يتنفس منها، أشياء عجيبة.

من الذي يفعل له هذا داخل هذا الجسم؟ وكيف

يستطيع الخروج، وهو ضعيف كليل؟

ترون الجنين كيف يخرج بغاية الضعف، يهتز رأسه، وله شعيرات صغيرة صفراء، في حال من الوهن،

والضعف، وفي اليوم الثامن من حضانة الجنين تنمو الطبقة القرنية التي ستكون المنقار فيما بعد، وفي اليوم التاسع تبدأ المخالب تظهر، وابتداء من اليوم الثالث عشر تتكون العظام جميعاً، ويبدأ جميع الجسم في النمو في اليوم العشرين، أي: قبل خروجه بيوم -تقريباً- تظهر نتوءات على رأس المنقار، تسمى الشاكوش، وهي آلة مدببة يثقب بها الجنين القشرة في اليوم الحادي والعشرين،تطلع هذه في اليوم العشرين، ثم يحطم بجسمه القشرة في اليوم الحادي والعشرين،

ثم ينطلق إلى الحياة، فمن الذي ينشِّئه،ويربيه وهو

 في داخل هذه البيضة؟

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة الواحدةوالعشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم (الرب):    

وهناك نوع من النحل يقال له: النحل الأفريقي، لا يتغذى صغاره إلا بغذاء حي، لابد أن يكون شيئًا فيه حياة، وهذه الصغار لو أنها أرادت أن تتغذى على شيء حي؛ لطردها عنه، فما الذي يحصل؟ 

تأتي هذه النحلة، وتهجم على جرادة، وتلسعها بين جناحيها لسعة خفيفة بحيث لا تموت، ليست كلسعتها للإنسان، لسعة خفيفة، بحيث تكون كأنها مخدرة، لكن لا تموت، وعند ذلك تضع بيضها حينما تكون هذه الجرادة في حال شبه الغيبوبة لمدة خمسة عشر يومًا، فتضع بيضها تحت جناحي الجرادة، ثم تطير، فيجلس الصغار خمسة عشر يوماً في هذا المكان، وهذه الجرادة مخدرة، لكنها ما ماتت، فيتغذون على جسمها خمسة عشر يوماً، وبعد الخمسة العشر يوماً تفيق هذه الجرادة، يمكن أن تموت، ويمكن أن تبقى جريحة مصابة.

فمن الذي علم هذه النحلة أن تفعل هذا، وأن تلسع لسعة خفيفة، بحيث تسبب إغماء، وما تسبب موتاً؟،

كيف يحصل مثل هذا؟، من علمها تضع هذه الكمية، وتدبر؟.

الثمرة السادسة: أن نفرد الله -تبارك وتعالى- بالعبادة، وأنتم تعلمون أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد

الإلهية، ونحن نقول: توحيد الإلهية يتضمن توحيد

 الربوبية، إذا قلت: إن الله هو الواحد الأحد، هو

الإله المعبود وحده فهذا يتضمن أنه هو الرب، وإذا قلت: إن الله هو الرب وحده، الخالق، الرازق إلى آخره، إذن ما الحاجة لغيره؟

يجب أن يكون الله هوالمعبودوحده،وهذا هو المنطلق في القرآن في كثير من المواضع لإثبات توحيد الإلهية، يكون الانطلاق من تقريرهم بتوحيد الربوبية، حيث جحدوا الإلهية، وأثبتوا الربوبية، وتوحيد الإلهية هو المقصود من دعوة الرسل -عليهم الصلاة والسلام-، والله يقول: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (الأنعام:162-163.)

فاسم الرب -كما يقول الحافظ ابن القيم-: له الجمع، ما

يخرج أحد من المخلوقات عن ربوبية الله، واسم الله له الفرق، اجتمعوا في ربوبيته، فالجميع مربوبون لله -تبارك وتعالى-، وافترقوا في إلهيته، فصار فريق إلى الجنة، وفريق إلى السعير.

أقول: المشركون ما كانوا ينكرون توحيد الربوبية، ولكن ذلك لم ينفعهم، وما أغنى عنهم: قال -تعالى-: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} المؤمنون:84-89، قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (يونس:31)، إلى غير ذلك من المواضع الكثيرة في القرآن.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة الثانيةوالعشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم (الرب):   

وقد تكلم على هذه المعاني جمع من أهل العلم، كالحافظ ابن كثير - رحمه الله - عند تفسيرها

وخلاصة ذلك: أن التوحيد الذي بعثت به الرسل، وتتوقف عليه النجاة: هو توحيد الإلهية، وأن من أقر بالربوبية فإن ذلك يستلزم الإقرار بالإلهية، ولم ينفع

أهل الإشراك إقرارهم بربوبية الله، وأنه هو الخالق،

الرازق، إلى آخره.

التوحيد الذي بعثت به الرسل، وتتوقف عليه النجاة: هو توحيد الإلهية، وأن من أقر بالربوبية فإن ذلك يستلزم الإقرار بالإلهية،ولم ينفع أهل الإشراك إقرارهم بربوبية الله، وأنه هو الخالق، الرازق، إلى آخره.

الكثير ممن يفسر كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" -للأسف- يقولون: لا رب، أو لا خالق سوى الله، وقد ذكر بعض من زاغ، وأضله الله في هذا العصر، تكلم بكلام في غاية القبح، وهو جاهل، تكلم بكلام قبيح، وهو أن كلمة لا إله إلا الله قد أضيف إليها إضافات، وقيد لها قيود، وضغط على هذه الكلمة؛ حتى صارت صعبة التحقيق، فهو يرى أن اليهود، والنصارى من أهل النجاة يوم القيامة، وأن هذه الزيادات التي زادها العلماء: "لا معبود بحق إلا الله"، غير صحيحة، إلى آخر ما ذكر، هدى الله الجميع.

يقول الله -تعالى-:{ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }(الأنعام:164)، فالله -تبارك وتعالى- رب كل شيء، فهو رب الذرة، والجُزَيئات التي هي أقل من الذرة، النواة شيء -كما يقولون-، والكُهيرب شيء، والإلكترون شيء، والمدار شيء، والفيروس شيء، والشمس شيء، والقمر شيء، والبعير شيء، والإنسان شيء، والأموال شيء، والله رب كل شيء.

فإذا خِفتَ الجراثيم، أو الفيروسات، أو النوع الفلاني من المرض، أو السرطان، الله رب كل شيء، إذا خفتَ الناس، فالله ربهم، إذا خاف الإنسان الجن، فالله ربهم، الله رب كل شيء، فتلجأ إليه -تبارك وتعالى-: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} (الأنعام:164). 

وبهذا يكون الإنسان منطلقاً في الحياة، لا يلوي على شيء، يوجه همه، وقصده، وإرادته، وحاجته، وفقره إلى الله وحده، لا شريك له،{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (الأعراف:54.)

فالخلق، والأمر كله لله، فإذا أقررت بهذا تنقاد لشرعه، ولدينه، وتخضع لأقداره، وتكون مذعناً، مستسلماً، مسلمًا لله على الحقيقة، فصلاح أمر الإنسان إنما يكون بهذا الإذعان لربوبية الله، ولأمره الكوني، ولأمره الديني، الشرعي، لا نعترض، ما نقول: الله لماذا يحرم الاختلاط؟ لماذا يحرم السفور، والتبرج؟ لماذا يحرم الله الخمر، أو نحو ذلك؟، الله أعلم بنا، وبمصالحنا، وهو ربنا، ومدبرنا، وخالقنا، فنحن عبيده، ومماليكه، ليس لنا الاعتراض، أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف:54). 

الأنترنت – موقع د خالد السبت  - الرب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان: *معنى اسم [ الرب ] في حق الله:-

والله رب العالمين :أي" الخالق المالك لكل شيء

,المدبر لجميع الأمور. والعالمين : اسم لكل ما سوى الله"

اسم (الرب) - سبحانه وتعالى- من أكثر الأسماء التي يدعى بها الله عز وجل .

يقول الشيخ السعدي- رحمه الله تعالى: "و (الرب) هو المربي جميع عباده بالتدبير, وأصناف النعم. وأَخَصُّ من هذا: تربيته لأصفيائه, بإصلاح قلوبهم, وأرواحهم، وأخلاقهم. ولهذا أكثر دعائهم له بهذا الاسم الجليل؛ لأنهم يطلبون منه التربية الخاصة"

   وهذا واضح وجلي فيما ذكره الله - عز وجل - في كتابه الكريم عن أنبيائه- عليهم الصلاة والسلام - وأوليائه الصالحين, حيث صدروا دعاءهم بهذا الاسم الكريم, ومن ذلك :

- دعاء الأبوين - عليهما السلام - بقولهما: (رَبَّناظَلَمْنَا

أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْلَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )

 [الأعراف: 23].

- دعاء نوح - عليه الصلاة والسلام - بقوله: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ) ... الآية [نوح: 28]، وقوله: { رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي } [هود: 54] .

والنصوص الواردة في ذلك كثيرة.

 وهذا يدل على اختصاص هذا الاسم بمعان عظيمة ,كريمة, يتضمنها هذا الاسم الكريم, أو يستلزمها.

[الأنترنت – موقع العقيدة والخياة – أسماء الله الحسنى  [ اسم الرب ] -  د أحمد القاضي]

*ثمراتُ الإيمان بالاسمِ ( الرب ) :

1- إِنَّ اللهَ سُبحانه هو الربُّ على الحقيقةِ، فلا رَبَّ على الحقيقةِ سِواهُ وهو ربُّ الأربابِ ومالكُ المُلكِ، ومَلِكُ الملوكِ سبحانه وتعالى.

قال القرطبيُّ: "فالله سبحانه ربُّ الأربابِ، ومعبودُ العُبَّادِ، يَمْلكُ الممالِكَ والملوكَ[16]، وجميعَ العبادِ، وهو خالقُ ذلك ورازِقُهُ، وكلُّ ربٍّ سواه غيرُ خالقٍ ولا رازقٍ، وكلُّ مخلوقٍ فَمُمَلَّكٌ بعد أَنْ لم يَكُنْ، ومُنتَزَعٌ ذلك مِن يدِهِ، وإنما يملكُ شيئًا دون شيءٍ.

وصفةُ اللهِ مخالفةٌ لهذا المعنى، فهذا الفرقُ بين صفاتِ الخلْقِ والمخلوقين.

فأما قولُ فرعونَ لعَنَهُ اللهُ إِذْ قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، فإِنَّه أرادَ أن يَستبدَّ بالربُوبيةِ

العاليةِ على قومِهِ، ويكونَ ربَّ الأرباب فيُنازِع اللهَ في ربوبيتِهِ ومُلكِهِ الأعلى ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾ [النازعات: 25].

وقد قِيلَ إنَّ الربَّ مُشتقٌّ مِنَ التربيةِ، فاللهُ سُبحانَهُ مدبِّرٌ لخلقِهِ ومُربِّيهم ومُصلحُهم وجابرُهُم والقائِمُ بأمورِهم، قيُّومُ الدُّنيا والآخرةِ، كلُّ شيءٍ خَلْقُه، وكلُّ مذكورٍ سِوَاه عبدُهُ وهو رَبُّه، لا يصلحُ إلا بتدبيرِه، ولا

 يقومُ إلا بأمْرِهِ، ولا يَرُبُّه سِواهُ.

ومنه قولُه تعالى: ﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ﴾ [النساء: 23]، فَسَمَّى ولدَ الزَّوجةِ ربيبةً لتربيةِ الزَّوجِ لها.

فعلى أَنَّه مدبرٌ لخلقِهِ ومُربِّيهم ومُصلِحُهُم وجابرُهم يكونُ صفةَ فعلٍ، وعلى أَنَّ الربَّ المالكُ والسيدُ يكون صفةَ ذاتٍ" اهـ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع (الرب

 ) وهي بعنوان: *معنى اسم [ الرب ] في حق الله:-

ويُبيِّنُ الحليميُّ أن اللهَ سُبحانه يَرْعى العبادَ ويربيهم في

 أحوالِهم وأطوارهم المختلفةِ، فيقولُ: "(الربُّ) وهو

المُبَلِّغُ كلَّ ما أبدعَ حدَّ كمالِهِ الذي قَدَّرَهُ له.

وهو يَسُلُّ النُّطفةَ من الصُّلبِ ويجعلُها علقةً، والعلقةَ مُضْغةً، ثم يجعلُ المُضْغَةَ عِظامًا، ثم يكسو العظامَ لحمًا، ثم يخلُق في البَدَنِ الرُّوحَ، ويخرجُهُ خَلقًا آخَرَ، وهو صَغِيرٌ ضَعِيفٌ، فلا يزال يُنميه ويُنشِئُه حتى يجعلَه رَجُلًا، ويكونُ في بدءِ أمرِهِ شابًّا ثم يجعلُه كهلًا ثُمَّ شيخًا. وهكذا كلُّ شيءٍ خلَقَهُ فهو القائِمُ عليه به، والمُبلغُ إيّاهُ الحدَّ الذي وصَفَهُ وجعلَهُ نهايةً ومقدارًا له"

2- فمَنْ عَرَفَ ذلك لم يَطلبْ غَيرَ اللهِ تعالى له ربًّا وإلهًا، بل رَضِيَ به سبحانه وتعالى ربًّا، ومَنْ كانت هذه صِفَتَهُ ذاق طعمَ الإيمانِ وحلاوتَهُ، كما قال صلى الله عليه وسلم: "ذَاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَنْ رَضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ رسولًا"

قال القاضي عياضٌ رحمه الله: "معنى الحديثِ: صَحَّ إيمانُه، واطْمَأنَّتْ به نفسُه، وخامَر باطِنَهُ؛ لأنَّ رضاه بالمذكوراتِ دليلٌ لثبوتِ معرفَتِهِ، ونفاذِ بصيرتِهِ، ومخالَطَةِ بشاشتِهِ قلبَهُ؛ لأنَّ مَنْ رَضِيَ أمْرًا سَهُلَ عليه، فكذا المؤمنُ إذا دَخَلَ قلبَهُ الإيمانُ سَهُلَ عليه طاعاتُ اللهِ تعالى، ولذَّتْ له، واللهُ أعلم"[20].

3- وقد تكلَّم العلَّامةُ ابنُ القَيِّمِ عن ارتباطِ اسم (الربِّ) باسمِ (اللهِ) و (الرحمن) كلامًا جيدًا حيثُ يقولُ:"وتأمَّلْ ارتباطَ الخَلْقِ والأمْرِ بهذه الأسماءِ الثلاثةِ، وهي (الله، والربُّ، والرَّحمنُ)، كيف نشأ عنها الخلْقُ، والأمرُ، والثوابُ والعِقَابُ؟ وكيف جَمَعتِ الخلْقَ وفرقتْهُم؟ فلها الجمْعُ، ولها الفَرْقُ.

فاسمُ (الربِّ) له الجمْعُ الجامعُ لجميعِ المخلوقاتِ. فهو ربُّ

كلِّ شَيءٍ وخالِقُه، والقادِرُ عليه لا يخرجُ شيءٌ عن ربوبيتِهِ، وكلُّ مَنْ فِي السماواتِ والأرضِ عَبْدٌ له فِي قبضتِهِ، وتحتَ قَهْرِهِ، فاجتمعوا بصفةِ الربوبيةِ، وافترقوا بصفةِ الإلهيَّةِ، فَأَلَّهَهُ وَحْدَهُ السُّعداءُ، وأقرُّوا له طوعًا بأَنَّه اللهُ الذي لا إلَهَ إلا هو، الذي لا تنبغي العبادةُ، والتَّوكُّلُ،والرَّجاءُ،والخوف،والحبُّ،والإنابة، والإخْبَات ، والخشية، والتذلُّل، والخضوع له.

وهُنا افترقَ الناسُ، وصاروا فريقين: فريقًا مشرِكين في السَّعيرِ، وفريقًا موحِّدينَ فِي الجَنَّةِ.

فالإِلهيَّةُ هي التي فَرَّقَتْهُم، كما أَنَّ الرُّبوبيةَ هي التي جمعَتْهُمْ.

فالدِّينُ والشَّرعُ، والأَمرُ والنَّهيُ - مَظهرُه وقيامُه - مِن صِفَةِ الإِلهيَّةِ، والخَلْقُ والإيجادُ والتدبيرُ والفعلُ مِن صِفةِ الربوبيَّةِ، والجزاءُ بالثوابِ والعقابِ والجَنَّةِ والنَّارِ

 مِن صِفةِ المُلكِ، وهو مَلكُ يومِ الدِّينِ. فأمَرهُمْ بإلهيتِهِ، وأعانَهُمْ ووفَّقَهُم وهَداهم وأضلَّهم بربوبيتِهِ. وأَثابَهم وعاقَبَهُمْ بمُلْكِهِ وعَدْلِهِ. وكلُّ واحدةٍ من هذه الأمورِ لا تَنْفكُّ عَنِ الأخرى. وأما الرَّحمةُ: فهي التعلُّقُ، والسَّببُ الذي بَيْنَ اللهِ وبَيْنَ عبادِهِ. فالتأليهُ منهم له، والرّبوبيةُ منه لهم، والرَّحمةُ سَبَبٌ واصلٌ بينه وبَيْنَ عبادِهِ، بها أرسلَ إليهم رُسُلَهُ، وأنزلَ عليهم كُتُبَهُ، وبها هَداهم، وبها أسكنَهم دارَ ثوابِهِ، وبها رَزَقَهم وعافاهم وأَنْعَمَ عليهم، فبيْنهم وبيْنَهُ سَببُ العُبوديةِ، وبيْنَهُ وبيْنهم سَببُ الرَّحمةِ. واقترانُ ربوبيتهِ برَحْمتِهِ كاقترانِ استوائِه على عرشِهِ برحمتِهِ. فـ ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، مطابقٌ لقوله: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ ، فإِنَّ شُمولَ الرُّبوبيَّةِ وسَعتَها بحيثُ لا يخرجُ شيءٌ عنها أقصى شمولٍ الرَّحمةِ وسَعتَها، فوَسِعَ كلَّ شيءٍ برحْمَتِه وربوبيتهِ، مع أَنَّ في كونِهِ ربًّا للعالمين ما يدلُّ على عُلُوِّهِ على خلْقِهِ، وكونهِ فوق كلِّ شيءٍ، كما يأتي بيانُه إِنْ شاءَ اللهُ" اهـ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان:معنى اسم [الرب] في حق الله:

4- قال القرطبيُّ رحمه الله: "فيجبُ على كلِّ مُكلَّفٍ أَنْ يَعلمَ أَنْ لا ربَّ له على الحقيقةِ إلا اللهُ وَحْدَهُ، وأَنْ يُحسِنَ تربيةَ مَنْ جُعلتْ تربيتهُ إليهِ، فيقُومُ بأمرِهِ ومَصالحِهِ كما قامَ الحقُّ فَيُرَقِّيَه شيئًا شيئًا، وطورًا طورًا، ويحفظُه ما استطاع جُهْدَه، كما حفظه الله.

فالعالِمُ الرَّبانيُّ هو الذي يُحقِّقُ عِلْمَ الرُّبوبيةِ وربَّى النَّاسَ بالعلمِ على مقدارِ ما يحتمِلُوه، فبذَلَ لخواصِّهم جوهَرَهُ ومكنونَهُ، وبذل لعوامِّهم ما ينالون به فَضْلَ اللهِ ويُدركونه" اهـ

5- وقد دعا الأنبياءُ والصالحون اللهَ سبحانه وتعالى بهذا الاسمِ وتَضَرَّعوا به إليه.

فدعا آدمُ؛ وحوَّاءُ به كما في قولِهِ تعالى: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].

ونوحٌ؛ في دعائِهِ: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ

 بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ﴾ [نوح: 28].

وإبراهيمُ وإسماعيلُ عليهما السلام؛ ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ

 الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].

وموسى؛ ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأعراف: 151].وعيسى؛  ﴿اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾المائدة: 114

والرسولُ صلى الله عليه وسلم وأُمَّتُه في قولِهِ: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَانُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].

وغيرُ ذلك في كتاب الله كثيرٌ لا يُحصى.

6- وقد نَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم العبدَ أن يقولَ لسَيِّدِهِ (رَبّي)، فقال: "لا يَقُلْ أحدُكم: أطعِمْ ربَّك، وَضِّئْ ربَّك، ولْيَقُلْ: سَيِّدِي مَوْلَايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي

أَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي"

قال الحافظ ابنُ حَجرٍ: "وفيه نهيُ العبدِ أن يقول لسيِّدِهِ ربِّي، وكذلك نهيُ غيرِهِ فلا يقولُ له أحدٌ ربّك، ويدخلُ في ذلك أَنْ يقولَ السَّيِّدُ ذلك عن نفسِهِ، فإِنَّهُ قد يقولُ لعبدهِ اسقِ ربَّك، فيضعُ الظاهرَ مَوْضِعَ الضميرِ على سبيلِ التعظيمِ لنفسِهِ.

والسَّببُ في النهيِ أَنْ حقيقةَ الرُّبوبيَّةِ للهِ تعالى، لأَنَّ الربَّ هو المالِكُ القائِمُ بالشَّيءِ، فلا تُوجَدُ حقيقةُ ذلك إلا للهِ تعالى، قال الخطابيُّ: سَبَبُ المنعِ أَنَّ الإنسانَ مربوبٌ مُتَعَبَّدٌ بإخلاصِ التوحيدِ للهِ، وتَرْكِ الإشراكِ معه، فكُرِهَ له المضاهاةَ في الاسمِ لئلا يَدخلَ في معنى الشّركِ، ولا فرْقَ في ذلك بين الحُرِّ والعبدِ، فأما ما لا تَعَبُّدَ عليه مِن سائرِ الحيوانات والجماداتِ فلا يُكرَهُ إطلاقُ ذلك عليه عند الإضافة كقوله: رَبُّ الدَّارِ، ورَبُّ الثوبِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان:معنى اسم [الرب] في حق الله:

قال ابنُ بطالٍ: لا يجوزُ أَنْ يُقالَ لأحدٍ غيرِ اللِه: ربٌّ، كما لا يجوزُ أَنْ يُقالَ له: إِلهٌ".

وتَعقَّبَهُ الحافظُ بقولِهِ: "والذي يختصُّ باللهِ تعالى إطلاقُ الرَّبِّ بلا إِضافةٍ، أما مع الإضافةِ فيجوزُ إطلاقُهُ كما في قولِهِ تعالى حكايةً عن يُوسفَ: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42].

وقوله: ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 50].

وقوله عليه الصلاةُ والسلامُ في أشراطِ السَّاعةِ: "أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا"؛ فدلَّ على أَنَّ النهيَ في ذلك محمولٌ على الإطلاقِ، ويُحتملُ أَنْ يكونَ النهيُ للتنزيهِ، وما وَرَدَ مِن ذلك فلِبَيانِ الجوازِ.

وقِيْلَ هو مخصوصٌ بغيرِ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يَردُّ ما في القرآنِ، أو المرادُ النهيُ عن الإكْثارِ مِنْ ذلك، واتخاذِ استعمالِ هذه اللفظةِ عادةً، وليس المرادُ النهيَ عن ذِكْرِها في الجُمْلةِ" اهـ[24].

قلتُ: وتَرْكُ استعمالِ هذه الكلمةِ لِوُرُودِ النهيِ عنها أَسْلَمُ وأَحْوَطُ [الأنترنت - الألوكة  - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي]

ومن ثمار الإيمان بهذا الاسم :

1. الاعتقاد بأن الله هو الفاعل لكل شئ في الكون

2. طمأنينة القلب وسكينته في الرضا بالقضاء والقدر

، فكل ما يحدث في الكون بإرادة الله ووفق تدبيره .

3. الربانية وهي أن تكون الحياة كلها لله في التصورات والأقوال والأفعال (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) الأنعام .

[ الأنترنت - موقع الراشدون - شرح أسماء الله الحسنى -  الرب ]

ومن آثار الإيمان باسمه سبحانه (الرب)

إن اسم (الرب) سبحانه وما يستلزم من الأسماء والصفات يتضمن تعريف الناس غايتهم التي خلقوا من أجلها، وتعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم؛ فكونه رب العالمين لا يليق به أن يترك عباده سدى هملاً لا يعرفهم بنفسه ولا بما ينفعهم في معاشهم ومعادهم، وما يضرهم فيها..

فهذا هضم للربوبية ونسبة للرب إلى ما لا يليق{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } (115)  [المؤمنون]. الرضا به سبحانه ربًا وإلهًا وحاكمًا ومشرعًا،لأن الرضا بربوبيته - عز وجل - هو رضا العبد بما يأمره به ربه وينهاه عنه، ويقسمه له ويقدره عليه، ويعطيه إياه ويمنعه منه.

فمن لم يحصل الرضى بذلك كله لم يكن العبد قد رضي به ربًا من جميع الوجوه،ولا يذوق عبد طعم الإيمان حتى يأتي بكل موجبات الربوبية ولوازمها.

وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ  رسولاً).رواه مسلم

ومتى ذاق العبد طعم الإيمان فلا تسأل عن سعادته،

 وأنسه،وطمأنينيته وثباته، ولو احتوشته البلايا والرزايا.

كما أن من هذا شأنه فإن طاعات الله - عز وجل – تسهل عليه وتلذ له ،كما يكون في قلبه كره معاصي الله - عز وجل - والنفور منها.

ولما كان من معاني (الرب) أنه الذي يربي عباده وينقلهم من طور إلى طور وينعم عليهم بما يقيم حياتهم ومعاشهم. وهو الذي أحسن خلقهم وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى.

فإن هذه المعاني من شأنهاأن تورث في قلب العبد المحبة العظيمة لربه سبحانه وحب ما يحبه ومن يحبه،

وبغض ما يبغضه ومن يبغضه، والمسارعة في مرضاته، وتعظيمه وإجلاله وشكره وحمده الحمد اللائق بجلاله

وعظمته وسلطانه وإنعامه.

ولما كان من معاني (الرب):- أنه المتكفل بأرزاق

خلقه، وعنده خزائن السماوات والأرض له الملك وله الحمديحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد:فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع (الرب ) وهي بعنوان:معنى اسم [الرب] في حق الله:

فإن هذه الصفات تورث في قلب العبد العارف لربه سبحانه قوة عظيمة في التوكل عليه سبحانه في جلب المنافع، ودفع المضار، وفي تصريف جميع أموره فلا يتعلق إلا بالله تعالى ولا يرجو إلا هو، ولا يخاف إلا منه سبحانه إذ كيف يتعلق بمخلوق ضعيف مثله لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا. فضلاً عن أن يملكه لغيره.

ومن آثار الإيمان باسمه سبحانه ( الرب ) الإيمان بصفة الربوبية لله - عز وجل - يعني الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، إذ إن من صفات الرب سبحانه كونه قادرًا خالقًا بارئًا مصورًا، حيًا، قيومًا عليمًا، سميعًا، بصيرًا، محسنًا، جوادًا، كريمًا، معطيًا، مانعًا. وقل ذلك في بقية الأسماء والصفات.

إذاً فكل أثر من آثار الإيمان بالأسماء الحسنى - والتي سيأتي تفصيلها - إن شاء الله تعالى - هو في الحقيقة راجع إلى ما يتضمنه اسم (الرب) سبحانه ولما كان من معاني الربوبية اختصاصه سبحانه بجلب المنافع ودفع المضار،وتفريج الكروب، وقضاء الحاجات ؛ فإن العباد - بما أودع الله في فطرهم من معرفة ربهم بهذه الصفات -يلجأون إلى ربهم ويتضرعون إليه في الشدائد والملمات وينفضون أيديهم من كلٍ سوى الله - عز وجل - وكلما عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته أثر هذا في دعائه وقوة رجائه، ولجوئه، وتضرعه لربه سبحانه والوثوق بكفايته سبحانه وقدرته على قضاء حوائج عباده.

ولذلك نرى في أدعية أنبيائه - سبحانه وتعالى - وأوليائه تكرار الدعاء بقولهم: (ربنا، ربنا).

ومن آثار الإيمان باسم (الرب) سبحانه : أن يسعى العبد في تربية وإصلاح نفسه ..

فمن كل حينٍ لآخر عليه أن يبحث عن آفات نفسه وعيوبها،ويسعى في علاجها وتهذيب نفسه ..

وقواعد إصلاح النفس وتهذيبها، هي:

القاعدة الأولى: الاستعانة بالله تعالى .. على تلك

المهمة الصعبة القاسية،ويعلم إنه لن يُهذَّب إلا إذا شاء الله له ذلك.

القاعدة الثانية: الصدق والإخلاص في طلب التغيير .. فلن يتغيَّر إلا إذا كان صادقًا مخلصًا، وإذا صدق بُشِّر.

القاعدة الثالثة: معرفة عيب النفس .. ومن عرف نفسه، عرف ربَّه .. فعليه أن يُبصَّر بعيوبه،من خلال أمرين: الأول نقد الناقد ، ونصيحة الناصح

وأن يُبصِّر الإنسان نفسه بعيوب نفسه،قال تعالى {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (*) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14,15]

القاعدة الرابعة: الشروع في إصلاح عيوب نفسه ..

على علم وبصيرة، بالعلاج الذي يناسب آفاته وعيوبه.

القاعدة الخامسة : التدرُّج والمنهجية في التعامل مع

النفس ..فعليك أن تتدرَّج في معاملتك لنفسك، فتبدأ معها بالأمور اليسيرة إلى أن تصل إلى الأصعب فالأصعب ويتضح ذلك في طريقك لطلب العلم، فينبغي أن تبدأ بتعلُّم الأمور الأساسية التي تُقيم بها دينك وتدرَّج بعدها حتى تصل إلى المسائل الصعبة

أما إذا بدأت بصعاب الأمور، فلن تتمكن من إكمال الطريق وستتعثر لا محالة ..

قال رسول الله "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" [رواه أحمد وحسنه الألباني، صحيح الجامع (2246)] [شرح اسم الرب - هاني حلمي - الكلم الطيب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: أثر الإيمان بربوبية الرب على توكل العبد ، قال ابن القيم رحمه الله:

"إن الله خلق الكون كله من سماء، وأرض، وأنهار، وجبال، وأشجار، وثمر، وطعام، وأسماك،

وكل ذلك خلقه لك، وخلقك أنت لمهمة عظيمة جسيمة،قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]،فانشغل بما خلقت أنت له، ولا تنشغل بما خلق لك،فإن علمت أن رزقك بيد الله جل في علاه  فلن تتوكل إلا على الله." انتهى كلامه على الإنسان أن يعلم أن أمره كله بيد الله، وأن يرضى بقدر الله وبتدبير الله له، فهو الذي

 يعلم ما كان،وما يكون،وما لم يكن لوكان كيف سيكون.

 والله يعلم ما يصلح أمر هذا الإنسان وما يفسده.

إن الله سبحانه أحسن تدبير يوسف عليه السلام وهو طفل صغير عندما كان في غيابة الجب،

حتى أعطاه خزائن مصر، وجعله ملكاً عليهم، بعد أن عانى ما عانى في غيابة الجب،فالله دبرأمره وقال : {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21].

هذا الاعتقاد غاب عند كثير من الناس، فما علموا أن القوة والقدرة والعدة بيد الله، وأن الخلق والرزق والتدبير كله بيده جل في علاه،بل إن من الملتزمين من يضعف اعتقاده بالله وبتدبيره لشئون الكون،  فيميل قلبه لمديره أو رئيسه في العمل، ولا يميل قلبه

لله جل في علاه،يميل قلبه للسبب ولا يميل للمسبب.

 *صفات الله وآثارها في إيمان العبد :

أثر الإيمان بالربوبية في الحياة الآخرة :

إن الذين اعتقدوا في ربهم الاعتقاد الصحيح وآمنوا بربوبيته،وتعبدوه بها حق التعبديدخلون الجنة على صورة القمر، كل منهم يأخذ بيد أخيه ويدخلونها من أول وهلة، دون عذاب ولا حساب،كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(سبعون ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب،

قالوا: من يا رسول الله!فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون

- وجماع كل هذه الصفات صفة الربوبية-وعلى ربهم يتوكلون)،وفي رواية سبعون ألفاً يدخلون الجنة مع كل واحد سبعون ألف،وهذا هو الفوز العظيم،نسأل الله أن يجعلنا ممن يتدبر في صفات الله جل في علاه.  [الأنترنت – موقع حياة القلوب في معرفة علام الغيوب - من آثار الايمان باسم "الرب" ولله الأسماء الحسنى - عبدالعزيز الجليل ] – [محمد حسن عبد الغفار]

*آثار توحيد الربوبية وثمراته :

للإيمان بالربوبية آثار عظيمة، وثمرات كثيرة، فإذا أيقن المؤمن أن له ربّاً خالقاً هو الله تبارك وتعالى وأن هذا الرب هو رب كلِّ شيءٍ ومليكُه وهو مصرف الأمور، وأنه هو القاهر فوق عباده، وأنه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات والأرض، أَنِسَت رُوحُه بالله، واطمأنت نفسه بذكره، ولم تزلزله الأعاصير والفتن، وتوجه إلى ربه بالدعاء، والالتجاء، والاستعاذة، وكان دائماً خائفاً من تقصيره، وذنبه؛ لأنه يعلم قدرة ربه عليه، ووقوعه تحت قهره وسلطانه، فتحصل له بذلك التقوى، والتقوى رأس الأمر، بل هي غاية الوجود الإنساني.

ولهذا قال  - صلى الله عليه وسلم - : (ذاق طعم الإيمان من رضي الله ربَّاً وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ رسولاً).

ومن ثمراته أن الإنسان إذا علم أن الله هو الرزاق، وآمن بذلك، وأيقن أن الله بيده خزائن السموات والأرض، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع قطع الطمع من المخلوقين، واستغنى عما بأيديهم، وانبعث إلى إفراد الله بالدعاء والإرادة والقصد.

ثم إذا علم أن الله هو المحيي المميت، النافع الضار، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن

ليصيبه، وأن أمره كلَّه بيد الله انبعث إلى الإقدام

والشجاعة غير هياب، وتحرر من رق المخلوقين، ولم

يعد في قلبه خوف من سوى الله عز وجل.

وهكذا نجد أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.

والكلام في مقتضيات الربوبية وما تثمره من ثمرات يفوق الحصر والعد، وما مضى إنما هو إشارات عابرة يقاس عليها غيرُها. [ الأنترنت – موقع الألوكة  آثار توحيد الربوبية وثمراته - أكرم غانم إسماعيل تكاي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: *ما تضمنه الأسم من معاني عظيمة :

وهذا يدل على اختصاص هذا الاسم بمعان عظيمة كريمة يتضمنها هذا الاسم الكريم أو يستلزمها.

فمما يتضمنه هذا الاسم الكريم:

أن الله – عز وجل – رب كل شيء وخالقه ومليكه، والقادر عليه، والمتصرف في جميع أموره؛ وبهذا فإنه لا يخرج شيء عن ربوبيته. وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته وتحت قهره لأن أحداً لا يدعي أنه أو غيره من المخلوقين هو الخالق البارئ المحيي المميت القادرعلى كل شيء، والمتصرف في كل شيء. إلا شذراً من ملاحدة الصوفية، والباطنية والنصرانية التي تزعم أنه مع الله عز وجل – شريك في ربوبيته وتصريفه لهذا الكون تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

أما أكثر طوائف المشركين فقد أقروا بربوبية الله – عز وجل – ولم ينكروها. وهم عبيد الله – عز وجل – بهذا المعنى قال تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ

فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  [يونس: 31]

وهم الذين قال الله – عز وجل – عنهم: إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [مريم: 93]، وقال فيهم: وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران: 83].

فالذين آمنوا بربوبية الله – عز وجل – وحدها دون أن يوحدوه ويعبدوه هم الذين أسلموا لله – عز وجل

– كرهاً. وأما الذين وحدوه وعبدوه وأطاعوه فهم أهل العبودية الخاصة الذين عبدوا الله – عز وجل – طوعاً واختياراً وانقياداً.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: العبودية نوعان: عامة،

 وخاصة. فالعبودية العامة: عبودية أهل السماوات والأرض كلهم لله، برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم. فهذه عبودية القهر والملك. قال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [مريم: 88-93] فهذا يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم.

وقال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاء [الفرقان: 17]

فسماهم عباده مع ضلالهم. لكن تسمية مقيدة بالإشارة. وأما المطلقة: فلم تجئ إلا لأهل النوع الثاني، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

وقال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الزمر: 46]، وقال: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ [غافر: 31]، إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ [الزمر: 48] فهذا يتناول العبودية الخاصة والعامة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع (الرب)

 وهي بعنوان: *ما تضمنه الأسم من معاني عظيمة :

وأما النوع الثاني: فعبودية الطاعة والمحبة، واتباع الأوامر.

قال تعالى: يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ [الزخرف: 68]، فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر: 78-18]، وقال: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان: 63]، وقال تعالى عن إبليس: وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [الحجر: 39-40]، وقال تعالى: عنهم: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الإسراء: 65]

وقال في موطن آخر:(فهو رب كل شيء وخالقه، والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته. وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته، وتحت قهره، فاجتمعوا بصفة الربوبية، وافترقوا بصفة الإلهية، فألهه وحده السعداء، وأقروا له طوعاً بأنه الله الذي لا إله إلا هو،الذي لاتنبغي العبادة والتوكل،والرجاء والخوف ، والحب والإنابة والإخبات والخشية، والتذلل والخضوع إلا له.

وهنا افتراق الناس، وصاروا فريقين: فريقاً مشركين في السعير، وفريقاً موحدين في الجنة)  .

وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (ولما كان علم النفوس بحاجتهم وفقرهم إلى الرب قبل علمهم بحاجتهم وفقرهم إلى الإله المعبود، وقصدهم لدفع حاجاتهم العاجلة قبل الآجلة، كان إقرارهم بالله من جهة ربوبيته أسبق من إقرارهم به من جهة ألوهيته، وكان الدعاء له، والاستعانة به، والتوكل عليه فيهم أكثر من العبادة له، والإنابة إليه.

ولهذا إنما بعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له الذي هو المقصود المستلزم للإقرار بالربوبية، وقد أخبر عنهم أنهم: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف: 87]، وأنهم إذا مسهم الضر ضل من يدعون إلا إياه وقال: وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [لقمان: 32]، فأخبر أنهم مقرون بربوبيته، وأنهم مخلصون له الدين إذا مسهم الضر في دعائهم واستعانتهم، ثم يعرضون عن عبادته في حال حصول أغراضهم.

وكثير من المتكلمين إنما يقررون الوحدانية من جهة الربوبية، وأما الرسل فهم دعوا إليها من جهة الألوهية. وكذلك كثير من المتصوفة المتعبدة، وأرباب الأحوال إنما توجههم إلى الله من جهة ربوبيته؛ لما يمدهم به في الباطن من الأحوال التي بها يتصرفون، وهؤلاء من جنس الملوك. وقد ذم الله – عز وجل – في القرآن هذا الصنف كثيراً، فتدبرهذا فإنه تنكشف به أحوال قوم يتكلمون في الحقائق، ويعملون عليها، وهم لعمري في نوع من الحقائق الكونية القدرية الربوبية لا في الحقائق الدينية الشرعية الإلهية، وقد تكلمت على هذا المعنى في مواضع متعددة، وهو أصل عظيم يجب الاعتناء به، والله سبحانه أعلم)  .

 [الأنترنت – موقع الدرر السنة]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: *الرب والإله بينهما اجتماع وافتراق:

أي: أنهما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، وبيان ذلك أن يقال: إذا اجتمع (الرب) و(الإله) في موضع ونص واحد فإنهما يفترقان في المعنى؛ حيث يتوجه معنى (الرب) إلى المالك المتصرف القادر الخالق المحيي المميت المتفرد بخصائص الربوبية. و(الإله) يتوجه إلى المعبود المألوه الذي يجب أن يوحده العباد بأفعالهم. أما إذا افترقا حيث ذكر كل منهما في موضع فإنهما يجتمعان بحيث يدل أحدهما على معناه كما يتضمن معنى الآخر.

مثال لحالة الاجتماع، قوله تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ الناس: 1-3[ فذكر سبحانه هنا رَبِّ النَّاس، إِلَهِ النَّاسِ وهنا يتوجه معنى (الرب) إلى المالك المتصرف المحيي المميت الخالق البارئ المتفرد بصفات الربوبية. كما يتوجه معنى (الإله) إلى المعبود المألوه المطاع.

مثال لحالة الافتراق: قوله تعالى: وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة: 163].

وقوله تعالى في كثيرمن الأدعية القرآنية:(ربنا)،(رب).

فهنا يتوجه معنى (الإله) في الآية الأولى إلى معنى الألوهية والعبودية لله – عز وجل – مع تضمنه لمعنى الربوبية، ويتوجه معنى (الرب) في الآية الثانية إلى معنى الربوبية والملك والتدبير والخلق مع تضمنه لمعنى العبودية.  [الأنترنت – موقع الدرر السنة]

*ما الفرق بين الرب والإله؟

السؤال: ما الفرق بين الرب والإله؟ وعندما رأى سيدنا إبراهيم القمر، لماذا قال: هذا ربي. ولم يقل: هذا إلهي؟

الإجابة: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الرب: هو المربي المالك المتصرف، والإله: هو المألوه المعبود بالمحبة والخوف والرجاء، وبينهما عموم وخصوص، فالرب الحق هو وحده المستحق للألوهية (العبادة) والعبادة والألوهية لا يستحقها إلا الرب سبحانه. وإبراهيم عليه السلام قال: "هذا ربي". للقمر وللنجم والشمس؛ لأن مقام الربوبية هو المقام الأول في الإثبات والمعرفة، فلا يمكن أن تكون الألوهية إلا بعد ثبوت الربوبية، والله أعلم. المصدر: [الأنترنت – موقع طريق الإسلام –موقع الشيخ ناصر بن عبد الكريم العقل ]

*معنى كلمة الرب من حيث هي اسم لله تعالى :

 قال - ابن جرير - في معنى اسم (الرب) لله سبحانه وتعالى: (فربنا جل ثناؤه: السيد الذي لا شبه له، ولا مثل في سؤدده، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر)  .

ولا تستعمل كلمة (الرب) في حق المخلوق إلا مضافة فيقال: رب الدار ورب المال.

قال ابن قتيبة رحمه الله: (ولا يقال للمخلوق: هذا (الرب) معرفاً بالألف واللام كما يقال لله، إنما يقال رب كذا فيعرف بالإضافة لأن الله مالك كل شيء، فإذا قيل: (الرب) دلت الألف واللام على معنى العموم، وإذا قيل لمخلوق: رب كذا ورب كذا نسب إلى شيء خاص لأنه لا يملك شيئاً غيره)  .

وعلى هذا إذا ذكر اسم الرب معرفاً فلا يطلق إلا على الله تعالى، وزاد الراغب أن كلمة (رب) غير مضافة ولا معرفة لا تطلق إلا على الله فقال   : (ولا يقال الرب مطلقاً إلا الله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات نحو قوله تعالى: لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ.) اهـ، وقال ابن الأثير أيضاً: (ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى)  .

وأما كلمة (رب) بالإضافة فتقال لله ولغيره بحسب الإضافة فمن الأول قوله تعالى:الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ومن الثاني اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ [يوسف: 42] في قول يوسف عليه السلام لأحد صاحبيه في السجن 

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: *الرب والإله بينهما اجتماع وافتراق:

ومصدر رب يرب الربوبية والرباية، إلا أن الرباية لا تقال في الله، وإنما في غيره، قال الراغب: (والربوبية مصدر يقال في الله عز وجل، والرباية تقال في غيره). [ الأنترنت – موقع الدرر السنية ]

  والرب من حيث إنه اسم من أسماء الله فمعناه:من له الخلق والأمر والملك، قال _ تعالى _:[أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ] (الأعراف: 54). وقال: [ذَلِكُمْ اللَّهُ

رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ](فاطر:13).

قال ابن منظور:  الرب: هو الله _ عز وجل _ هو

 رب كل شيء، أي مالكه، وله الربوبية على جميع الخلق لا شريك له، وهو رب الأرباب، ومالك الملوك والأملاك [ لسان العرب 1/399.][ الأنترنت – موقع معرفة الله  - معنى كلمة الرب - فريق عمل الموقع ]

*أدلة توحيد الربوبية:

   أدلة توحيد الربوبية كثيرة متنوعة، تدل على تفرد الله بالربوبية على خلقه أجمعين؛ فقد جعل الله لخلقه أموراً لو تأملوها حق التأمل وتفكروا بها _ لَدَلَّتْهُمْ إلى أن هناك خالقاً مدبراً لهذا الكون.

والقرآن مليء بذكر الأدلة على ربوبية الله، فمن ذلك قوله _ تعالى _:[الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] ، وقوله [إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ] (الذاريات:58)، وقولــه:[إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَـيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)] (يس)، وقوله:[إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ](البقرة:164)، وقوله _ تعالى _:[اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ](الروم: 40).

ومن الدلالات على ربوبية الله على خلقه ما يلي:

1_دلالة الفطرة:ذلك أن الله _ سبحانه _ فطر

خلقه على الإقرار بربوبيته، وأنه الخالق، الرازق المدبر، المحيي المميت؛ فالإيمان بالربوبية أمر جبلي مركوز في فطرة كل إنسان، ولا يستطيع أحد دفعه ولا رفعه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولما كان الإقرار بالصانع فطريّاً كما قال ":  كل مولود يولد على الفطرة [ أخرجه البخاري (1358)، ومسلم (2658).] الحديث _ فإن الفطرة تتضمن الإقرار بالله، والإنابة إليه، وهو معنى لا إله إلا الله، فإن الإله هو الذي يُعْرَفُ ويُعْبَدُ [ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 2/6.]

ولهذا فإن المشركين في الجاهلية كانوا مقرين بتوحيد الربوبية مع شركهم بالألوهية.

ومما يدل على ذلك ما هو مبثوث في ثنايا أشعارهم، ومن ذلك قول عنترة:

يا عبل أين  من  المنية مهربي ***إن كان ربي في السماء قضاها

  [ ديوان عنترة ص 74.]

وقول زهير ابن أبي سلمى:

فلا تكتُمُنَّ الله ما في نفوسكم ***ليخفى  ومهما  يُكْتم  الله  يعلمِ

يُؤَخر فَيُوضَعْ في كتاب فيُدَّخرْ***ليوم الحساب أو يُعَجَّلْ فينقمِ 

[  ديوان زهير بن أبي سلمى ص24.]

لقد بين الله _ سبحانه وتعالى _ ذلك في القرآن كما في قوله : [وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّا يُؤْفَكُونَ] (العنكبوت:61).

2_ دلالة الأنفس: فالنفس آيةٌ كبيرةٌ من آيات الله الدالة على ربوبيته، ولو أمعن الإنسان النظر في نفسه وما فيها من العجائب لعلم أن وراء ذلك رباً حكيماً خالقاً قديراً. قال _ تعالى_:[وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ] (التغابن:3)، وقال:[وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا]

(الشمس: 7).

3_ دلالة الآفاق:كما قال _ سبحانه _:[سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ](فصلت: 53). فلو تأمل الإنسان الآفاق وما أودع الله فيها من الغرائب والعجائب _ لأدرك أن هناك خالقاً لهذه الأكوان، وأنه عليم حكيم[ انظر الشيخ عبدالرحمن بن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة 71_72 للشيخ عبد الرزاق العباد، والإيمان بالله للكاتب ص14_59/ ط1.]  [=الأنترنت – موقع معرفة الله - أدلة توحيد الربوبية - فريق عمل الموقع ]*

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان:*تعريف توحيد الربوبية :

هو الإقرار الجازم بأن الله وحده ربُّ كلِّ شيءٍ

ومليكه، وأنه الخالق للعالم، المحيي المميت، الرزاق ذو القوة المتين، لم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، لا رادَّ لأمره، ولا معقب لحكمه، ولا مضاد له، ولا مماثل، ولا سمي، ولا منازع له في شيء من معاني ربوبيته ومقتضيات أسمائه وصفاته([1]).

وهناك تعريف آخر مختصر وهو: توحيد الله بأفعاله.

أسماء هذا النوع من التوحيد

لهذا النوع من التوحيد أسماء أخرى منها:

1_توحيد الربوبية

2_التوحيد العلمي.

3_التوحيد الخبري.

4_توحيد المعرفة والإثبات.

5_التوحيد الاعتقادي.

[انظر تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبدالله، ص33_34، وأعلام السنة المنشورة للشيخ حافظ الحكمي ص55، وانظر الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان، ص16.]

 [الأنترنت – موقع معرفة الله - تعريف توحيد الربوبية - فريق عمل الموقع ]

*أنواع ربوبية الله على خلقه :

ربوبية الله على خلقه على نوعين:

1_الربوبية العامة:وهي لجميع الناس؛ بَرِّهم وفاجرِهم مؤمنِهم وكافرِهم؛ وهي خَلقه للمخلوقين، ورزقُهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا.

2_الربوبية الخاصة:وهي تربيته لأوليائه المؤمنين، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكملهم، ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه.

ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب؛ فإن مطالبهم كلَّها داخلةٌ تحت ربوبيته الخاصة. [الأنترنت – موقع معرفة الله - أنواع ربوبية الله على خلقه - فريق عمل الموقع] [انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ ابن سعدي 1/288.]

*هذا الاسم من أعظم أسمائه جل في علاه , وأشملها معاني : والرب هو الذي يربي غيره وينشئه شيئا فشيئا ويُطْلقُ على المالِك والسَّيِّد والمدَبّر والمُرَبِّي والقَيِّم والمُنْعِم فربنا سبحانه هو الذي يخلق ويرزق ويدبر الأمر ويعطي ويمنع ويهدي ويضل وكل ما في الكون مربوب له سبحانه ,خاضع له , لا يخرج أحد عن ملكه .

وإلى هذا الاسم مع اسمه (الله ) , واسمه (الرحمن) مرجع الأسماء الحسنى وبها استفتح الله كلامه , واجتمعت في أعظم سورة في القرآن , قال ابن القيم

"تأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة وهي الله , والرب , والرحمن, كيف نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب , وكيف جمعت الخلق وفرقتهم , فلها الجمع ولها الفرق: فاسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه لا يخرج شيء عن ربوبيته , وكل من في السموات والأرض عبد له, في قبضته وتحت قهره , فاجتمعوا بصفة الربوبية , وافترقوا بصفة الإلهية ؛ فألّهه وحده السعداء وأقروا له طوعا بأنه الله الذي لا إله إلا هو"  والرب سبحانه وتعالى هو المتكفل بخلق الموجودات وإنشائها والقائم على هدايتها وإصلاحها وهو الذي نظم معيشتها ودبرأمرها(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف:54]

وهذه الربوبية عامة لكل أحد وليس فيها فضل لأحد على آخر , والشأن كل الشأن في الربوبية الخاصة وهي التي يمد الله بها أولياءه ويصنعهم على عينه, قال ابن سعدي" الرب هو: المربي جميع عباده، بالتدبير، وأصناف النعم. وأخص من هذا، تربيته لأصفيائه، بإصلاح قلوبهم، وأرواحهم وأخلاقهم.ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة."

"فالرب سبحانه إذا علم من محل أهلية لفضله ومحبته ومعرفته وتوحيده حبب إليه ذلك ووضعه فيه وكتبه في قلبه ووفقه له وأعانه عليه ويسر له طرقه , وأغلق دونه الأبواب التي تحول بينه وبين ذلك , ثم تولاه بلطفه وتدبيره وتيسيره وتربيته أحسن من تربية الوالد الشفيق الرحيم المحسن لولده الذي هو أحب شيء إليه, فلا يزال يعامله بلطفه ويختصه بفضله ويؤثره برحمته ويمده بمعونته ويؤيده بتوفيقه ويريه مواقع إحسانه إليه وبره به ؛ فيزداد العبد به معرفة وله محبة وإليه إنابة وعليه توكلا ولا يتولى معه غيره ولا يعبد معه سواه ,وهذا هو الذي عرف قدر النعمة وعرف المنعم وأقر بنعمته وصرفها في مرضاته "

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: إذا تحققت المعرفةأثمرت ثمرات مباركات:

ومتى تحققت هذه المعرفة من قلب العبد , تحولت

هذه المعرفة إلى منهج حياة , وأثمرت ثمرات مباركات .

 منها :امتلاء القلب من محبة هذا الرب العظيم ,فالمحبة إنما تنشأ من أحد أمرين ـوكلاهما يقتضيهما هذاالاسم :

أحدهما : يتعلق بذاته وصفاته وأنه أهل لذلك . والثاني متعلق بإحسانه وانعامه ولا سيما مع غناه عن عباده , وانه إنما يحسن إليهم رحمة منه وجودا وكرما ,

 لا لمعاوضة ولا لاستجلاب منفعة ولا لدفع مضرة

1- ومنها : الفرح بالله والرضى به ,فليس في الدنيا من يفعل فعل ربنا سبحانه , قال الله تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) [سورة الأنعام 6/164]

فيعتز بدينه ويكره أن يكون كافرا كما يكره أن يقذف في النار فتتحق له من هذا ثمرة عظيمة وهي : حلاوة الإيمان فتغدو حياته سعادة كلها ,ويتقلب في النعيم وهو لايزال في دار العمل كما ثبت في الصحيح عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا) [صحيح مسلم].

وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) [صحيح البخاري]

ومن أعظم الثمرات : التوجه لله وحده بالعبادة , وإسلام الوجه له دون من سواه فكيف يعبد من هو مربوب له , وكيف ُيسأل من لا ينفع نفسه , وقد وبخ الله عز وجل الكفاركثيرا في القرآن بكفرهم مع إقرارهم بأنه الخالق الرازق وحده ,واعترافهم بأن آلهتهم ليس لها من الأمر شيء (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) ) [سورة يونس]

"ومضمونه أنه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها ورازقهم فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة : 22] أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من التوحيد هو الحق الذي لاشك فيه . وهذا أعظم الذنب كما ثبت عن بن مسعود قال قلت: يا رسول الله (أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك ) الحديث

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: إذا تحققت المعرفةأثمرت ثمرات مباركات:

ومنها : البراءة من كل ما يعبد من دونه والتضحية من إجل إبطال الشرك وإزالته والسعي في الأرض لإقامة دين هذا الرب قال تعالى عن نبيه إبراهيم عليه السلام : (قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) ) [الشعراء:75-85] ، فجعل إبراهيم عليه السلام توحيد الله بالربوبية والألوهية مسلكا له في حياته ، وزادا له في ابتلاءاته وذخرا له عند مماته ، وهذا هو العبد الرباني الذي أمر الله عباده أن يتصفوا بوصفه في الاعتقاد والقول والعمل ؛ قال عز وجل : (وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّـنِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ لْكِتَـبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ) [آل عمران:79] ، وعند البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في تفسير الآية : ( كُونُوا رَبَّانِيِّينَ حُكَمَاءَ فُقَهَاءَ )

ومنها : أنه إذا علم العبد بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة ؛أثمر له عبودية التوكل عليه باطنا ,ولوازم التوكل وثمراته ظاهرا ,فأنزل بربه حاجته , وأحسن ظنه به .

ومنها : أن يظهر العبد في ثوب العبودية ، ويخلع عن نفسه رداء الربوبية ؛ لعلمه أن المنفرد بها من له علو الشأن والقهر والفوقية ، فيثبت لله عز وجل أوصاف العظمة والكبرياء ، ولا ينازع رب العالمين في كمال

شريعته أو يتخلف عن درب النبي وسنته

ومنها : أن يتطلع لربوبية الله الخاصة ويتعرض لها ما استطاع ,ويلح على ربه بهذا الاسم ويناشد ربه على حال وفي كل حين أن يكون من أوليائه الذين غرس الرب كرامتهم بيده ,وسبقت لهم من ربهم الحسنى وزيادة , ويديم ذلك كما فعل أصفياؤه الذين أخبر عنهم ربهم (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران : 191] وملاحظة الربوبية الخاصة هو السر والله أعلم في دعاء الأنبياء وعباد الرحمن بهذا الاسم كثيرا , دون غيره .وملاحظة هذا المعنى عند الدعاء نافع جدا

ومنها : أن يتقي العبد ربه فيمن ولاه عليهم ، وألا يصف نفسه بأنه رب كذا تواضعا لربه وتوحيدا لله في اسمه ووصفه ، وإن جاز أن يصفه غيره بذلك ، فعند أبي داود وصححه الألباني من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : ( أن رَسُول اللهِ دَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ فَقَالَ : مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ ؟ فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ : لِي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ : أَفَلاَ تَتَّقِى اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ التِي مَلكَكَ اللهُ إِيَّاهَا ، فَإِنَّهُ شَكَى إِلَىَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ )

وأما النهي عن ذلك تواضعا لله ؛ فقد ورد عند البخاري من حديث أَبِى هريرة رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه قال لا يقل أحدكم أطعم ربك وضئ ربك , اسق ربك وليقل سيدي مولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي وفتاتي وغلامي ) زاد أبوداود (وَلْيَقُلِ الْمَمْلُوكُ : سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي ، فَإِنَّكُمُ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللهُ عَزَّ وَجَل )

 [ الأنترنت – صيد الفوائد - خالد بن محمد السليم - عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم . قسم القرآن وعلومه ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان:

* اسم الله الرب يشعربنوع من الطمأنينة والسكينة :

اسم الله الرب تشعر فيه -حين تفهم مدلوله ومعناه- بنوع من الطمأنينة والسكينة؛ إذ أن هذا الاسم في ثنايا معناه: أنه هو سبحانه وتعالى هو الرازق والخالق ومدبر الأمر؛ فتشعر بأنك ترمى كل حملك على هذا الرب السيد سبحانه وتعالى فتشعر بالطمأنينة والسكينة، وتشعر أنه لا ينبغي لك أن تخاف من شيء، تشعر بنوعٍ من الأمان في ثنايا مدلول هذا الاسم الشريف. اسم الله الرب تشعر فيه -حين تفهم مدلوله ومعناه- بنوع من الطمأنينة والسكينة؛ إذ أن هذا الاسم في ثنايا معناه: أنه هو سبحانه وتعالى هو الرازق والخالق ومدبر الأمر؛ فتشعر بأنك ترمى كل حملك على هذا الرب السيد سبحانه وتعالى فتشعر بالطمأنينة والسكينة، وتشعر أنه لا ينبغي لك أن تخاف من شيء، تشعر بنوعٍ من الأمان في ثنايا مدلول هذا الاسم الشريف. فهيا نشرع سويًا في التقاط معاني هذا الاسم العظيم. أولًا: ورود الاسم في الكتاب والسنة. في القرآن: ورد في قول الله: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس:58]، وكذلك: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَ‌بٌّ غَفُورٌ‌} [سبأ من الآية:15]. وورد هذا الاسم الشريف في السنة في مواضع كثيرة منها: - ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا وإني نُهيتُ أن أقرأَ القرآنَ راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوعُ فعظموا فيه الربَّ» (صحيح مسلم: [479]). هنا أتى اسم الله الرب مُعرّفًا مطلقًا ودالًّا على كمال الوصفية؛ كما هي الشروط. - والحديث كذلك عند الترمذي وصحّحه الألباني من حديث عمرو بن عبس أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أقرَبُ ما يَكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جوفِ اللَّيلِ الآخرِ، فإن استَطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ في تلكَ السَّاعةِ فَكُن» (صحّحه الألباني في صحيح الترمذي: [3579]). - وورد عند البخاري من حديث مالك بن صعصعة -في حديث الإسراء- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فأتيتُ على موسى فسلمتُ عليه، فقال: مرحبًا بك من أخٍ ونبيٍّ، فلما جاوزتُ بكى، فقيل: ما أبكاكَ؟ قال: يا ربِّ هذا الغلامُ الذي بُعِثَ بعدي، يدخلُ الجنةَ من أمتِه أفضلُ مما يدخُلُ من أمتي» (صحيح البخاري: [3207]). والأدلة كثيرة على أن الرب اسم من أسماء الله تعالى الحسنى؛ سمّى الله به نفسه في كتابه، وسمّاه به رسوله صلى الله عليه وسلم، واجتمعت فيه الشروط. ثانيًا: معنى الاسم في اللغة. ابن الأنباري -الإمام الحافظ اللغوي ذو الفنون- كان يقول: "الرب على ثلاثة أقسام: يكون الرب بمعنى المالك، ويكون الرب بمعنى السيد المطاع، ويكون الرب بمعنى المصلح". 1- قال الزجاجي: "هو المصلح للشيء، تقول: رببت الشيء أربه ربًا وربابة؛ إذا أصلحته وقمت عليه". قال الراغب: "الرب في الأصل التربية وهي إنشاء الشيء حالًا فحالًا إلى حدِّ التمام". وفي حق الله سبحانه وتعالى: الرب هو المُتكفِّل بخلق الموجودات وإنشائها، القائم على هدايتها وإصلاحها الذي نظّم معيشتها ودبّر لها أمورها. يقول الله جل وعلا: {إِنَّ رَ‌بَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْ‌شِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ‌ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ‌ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَ‌اتٍ بِأَمْرِ‌هِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ‌ ۗ تَبَارَ‌كَ اللَّهُ رَ‌بُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54]. فالرب هو الذي أوجد كل شيء، وأمدّه، ورعاه، وقام على كل نفسٍ بما كسبت. ففي معنى اسم الله الرب تجد: صفة الخلق، وصفة الرزق، وصفة التدبير، وتجد كذلك صفة القيويمة؛ يقول الله: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد من الآية:33].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان:

* اسم الله الرب يشعربنوع من الطمأنينة والسكينة :

 2- المعنى الثاني لغةً.. الرب بمعنى المالك، رب الشيء هو مالكه.   وهذا يفتح معنا الكلام الذي ذكرناه في اسم الله (المالك، والملك، والمليك} حينما تدارسنا ذلك: قلنا أنت عبدٌ له يصرفه كيف شاء ولا ينبغي للعبد أن يخرج عن إذن مالكه ولا عن أمره. هو الذي ملك أمرك ففوِّض له أمرك واسمع ما يدعوك إليه واستجب له {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّ‌سُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال من الآية:24]؛ يدعوك إلى ما فيه النفع لك، فهو الأولى سبحانه وتعالى بأن يكون له هذه المنزلة عندك، فأولى بأن تذعن له وتخضع لقوله وتذل بين يديه. 3- الرب مصدره الربوبية، وكل من ملك شيئُا فهو ربه؛ يقال: "هذا رب الدار"، و"رب الضيعة"، ولا يقال الرب معرفًا بالألف واللام مطلقًا إلا لله عز وجل؛ لأنه مالك كل شيء؛ فلا يقال: "الرب فلان"؛ لأنه يوهم معنى آخر، فلا يطلق إلا على الله جل وعلا. يقال أيضًا في معنى الربوبية: سياسة الشيء، تدبير أمر المرء. إذن هو سبحانه وتعالى الذي يُدبِّر لك أمرك؛ فسله وحده أن يُدبِّر لك حالك، وفوِّض له أمرك. حقيقة (الربوبية) في القرآن الكريم: حقيقة معنى الربوبية في القرآن تقوم على ركنين اثنين: الركن الأول: إفراد الله بالخلق، والركن الثاني: إفراده بالأمر والتدبير. كما قال الله تعالى عن موسى وهو يُبيِّن حقيقة الربوبية لفرعون: {قَالَ فَمَن رَّ‌بُّكُمَا يَا مُوسَىٰ} [طه:49]. فيشّرح له مُوسى عليه السّلام معنى الربوبية: 1- {قَالَ رَ‌بُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} [طه:50]؛ إذًا.. هو سبحانه وتعالى الخالق له، الموجد له، القائم عليه. 2- {ثُمَّ هَدَىٰ} فيها معنى تدبير الأمر لكل هذه المخلوقات والهداية كما هو معلوم. فالله سبحانه وتعالى أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؛ فبيّن لكل إنسان وجه المطلوب منه {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَ‌هَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس:8]، {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10]؛ فلا حجة لأحدٍ أن ينفي عن نفسه معرفة طريق الحق من الباطل إذ بيّن الله عز وجل هذا الأمر في فطرة الإنسان. إذن سيدنا موسى أجاب عن الربوبية فحصرها في معنيين جامعين: الأول: هو إفراد الله تعالى بخلق الأشياء وتكوينها وإنشائها من العدم. والثاني: إفراد الله تعالى بتدبير الأمر في خلقه كهدايتهم، والقيام على شئونهم، وتصريف أحوالهم؛ فهو سبحانه الذي توكل بالخلائق أجمعين، وهو القائل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:62]. معنى (العبد الرّباني): الله سبحانه وتعالى يقول: {كُونُوا رَ‌بَّانِيِّينَ} [آل عمران من الآية:79].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: حقيقة (الربوبية) في القرآن الكريم

قال الجوهري: "الرباني هو المتأله العارف بالله تعالى". المتأله أي العبد: 1- الذليل. 2- الخاضع. 3- المحب. لأن الألوهية معناها العبادة، والعبادة على ثلاث معانٍ: حب تام، وذل تام، على سبيل الإجلال والتعظيم. 4- عارف بالله؛ لأنه لن يصل لهؤلاء الثلاثة إلا على سبيل المعرفة. فمن عرف الله أحبه، ومن عرف الله ذل بين يديه، ومن عرف الله وأعطاه قدره عظمه وأجله وهابه. إذًا للعبد الرّباني أربع صفات: ذليلً، خاضعٌ، محبٌ، عارفٌ بالله تعالى. تربية النفوس: يقال: "عالِم رباني" و"رجلٌ مربٍّ"؛ معناه أنه يقوم بتهذيب النفوس وتربيتها وإصلاحها. وتقول: "رجل رباني"؛ بمعنى أنه راسخٌ في العلم. والمربي ينبغي أن يكون ابتداءً رباني حتى يكون مربٍ على الجادة؛ فلا بد أن يكون راسخًا في هذا العلم. وعلم تهذيب النفوس ما أصعبه، النفس تتشكل في اليوم الواحد أكثر من مئة مرة كان الجنيد يقول: "الصادق يتقلّب في اليوم أربعين مرة، والمرائي تجده على حالةٍ واحدة أربعين سنة". يُعلِّق ابن القيم رحمه الله على هذا الكلام قائلًا: "وأبو القاسم -يعني الجنيد- رجلٌ راسخٌ في فهم الصدق. فلكي يكون المرء صادقًا يتقلّب أربعين مرة في اليوم، تأتي عليه الواردات من هنا ومن هنا...". دور المربي أنه يُبيِّن لهذا الشخص الذي يربيه كيف نزوع النفس وتقلباتها، وكيف يستطيع أن يتعامل مع هذه الشبهات وهذه الواردات عليه، ولا بد لهذا أن يكون له طول باع في معاملته لنفسه؛ لأنها تتلوّن.. تتقلّب.. فتوصل له هذه الرسالة: لا تمكث على حالةٍ واحدة، وإذا مكثت على حالةٍ واحدة ستُبتلى بالرياء والعجب؛ فلا بد أن تتقلّب من ذكرٍ لقراءة قرآن لصلوات لصدقات، فإذا أعجبت نفسك بشيءٍ توجه لبابٍ آخر كي لا تفتح على نفسك باب إعجاب بالعمل. هذه هي رسالة التربية: أن تصل به إلى معنى الصدق والإخلاص وهما الركنان اللّذان يقوم عليهما هذا البناء. ثالثًا: الدعاء باسم الله (الرب). ورود الدعاء باسم الله الرب مُقيَّدًا ورد في نصوصٍ كثيرة من ذلك؛ قول الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:127]، وقوله: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286]. وقوله: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} [الإسراء:80]. مدخل الصدق ومخرج الصدق: أن يكون دخوله صادقًا وأن يكون خروجه صادقًا؛ دخوله في الشيء يحتاج قبلها إلى أن يكون عنده الإرادة والهمة والعزيمة صادقًا، في كل ذلك هو متصل بالله فالباعث بالله.. بحول الله وقوته، وكذلك المقصد لله وحال القيام بالفعل مع الله؛ فهو بالله، ولله، ومع الله. إلى غير هذا من الآيات التي صدرت حال الدعاء بصفة الربوبية. أما دعاء السؤال: فهناك أدعية تكون بصفة الإلوهية "اللهم.. يا الله.. لا إله إلأنت... إلهي". لكن الغالبية العظمى تدعو بـ"رب" لا بـ"إله" على أن إله معناها: الذل والإخبات والحب والإجلال؛ لكن الأغلب يكون بصفة الربوبية وذلك لخمسة معاني: 1- صفة الخلق. 2- صفة الرزق. 3- صفة التدبير. 4- صفة الإحياء. 5- والإماتة. لذا.. عند طلب المغفرة تقول: "يا رب اغفر لي"، ولا تقول: "يا إلهي اغفر لي".. لأن مقام طلب المغفرة يقتضي أنك عبدٌ ذليلٌ خاضع، واسم الرب بمعانيه يتماشى معه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والثلاثون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان:

مقام الدعاء في قلب العبد يتماشى معه صفة الربوبية، فعندما تقول: "يا رب".. استشعر هذا.. لذا.. من آداب الدعاء كذلك: أن ترفع يديك، وتُنكِّس رأسك، وتقف بين يدي الله عز وجل مستشعرًا مقام العبودية له جل في علاه، وتبدأ في مناجاته والخطاب إليه، وتشعر أن ما طلبته لن يكون إلا منه... فكل ذلك في ثنايا الربوبية وهي تتماشى مع مقام الدعاء بخلاف الألوهية. الألوهية تقتضي أن يكون هناك علوٌ فتوظف في بعض الأدعية كسيد الاستغفار "لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت". ثالثًا: حظ المؤمن من هذا الاسم. 1- أن تعلم أن الله تعالى له علو الشأن والقهر والفوقية وأوصاف العظمة والكبرياء، وأنه لا ينازع في ذلك؛ فتقتضى منك ذلًا وانكسارًا وافتقارًا. أن يكتسي العبد ثوب العبودية، ويخلع عن نفسه رداء الربوبية. 2- أن تستشعر طوال الوقت أنك عبد له

. ففي قصة توبة بِشر الحافي أن أحد الصالحين مرّ على بيته فسمع منه أثر من اللهو والموسيقى، فأطرق على بابه ففتحت له الجارية؛ فقال: هذا بيت عبد؟ أهذا بيت عبد؟! ثم تركها وولّى.

فنادى بِشر على الجارية وسالها: "ماذا هنالك؟ قالت: جاء رجل، فقال: أهذا بيت عبد؟". فوقعت في قلبه بموقعٍ حَسن وطار لها لُبّه وخرج في إثر

الرجل حافيًا وفتح الله عليه باب التوبة.

فلما جرى خلفه، وتمرّغ في التراب، وناجى الله عز وجل وفتح الله عليه باب التوبة بعد ذلك؛ فكان يمشي بعدها كثيرًا حافيًا وعُلِم منه ذلك، فقيل له: ألا تتخذ النعال؟ قال: "كان أول الأمر هكذا حافًيا".

الشاهد: أن الرجل قال كلمة واحدة "أهذا بيت عبد؟"؛ ما يفعل ذلك عبد، هذا ليس عبدًا، لو كان عبدًا ما كان منه هذا العصيان وهو يعلم أن الله مُطَّلِعٌ عليه.

3- من ذلك أيضًا أن يتقيه لا سيما فيمن ولّاه عليهم.

4- ألا يصف نفسه بأنه رب كذا؛ تواضعًا لربه وتوحيدًا له، من باب التأدب، فثبت في ذلك حديث عند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقولن أحدُكم: عبدي وأمتي، ولا يقولن المملوكُ: ربِّي وربَّتي، وليقل: المالك فتاي وفتاتي، وليقلِ: المملوكُ سيدي وسيدتي؛ فإنكم المملوكون والربُّ اللهُ عز وجل» (صحّحه الألباني في صحيح أبي داود: [4975]).

 5- الرضا.. أن يكون هو ربك وأنت راضٍ بقدره وقضائه، وإذا رضيت عنه فاعلم أنه قد رضي عنك؛ فعلامة رضاه عنك رضاك عنه.

 6- أن يسعى في إصلاح نفسه وتهذيبها وفق قواعد أهل العلم من التخلية والتحلية؛ فكما قلنا من معاني الرب الإصلاح والتهذيب، فلا بد أن يضع يده كل فترة على آفاتٍ يسعى في إصلاح نفسه فيها؛ ويدونها ويشرع في تهذيب نفسه بها. التخلية: بأن يتخلى عن

آفات نفسه، وذلك وفق أسس معينة:

 أ- أول مقام هو الاستعانة بالله سبحانه وتعالى على هذا، ويعلم أنه لن يُهذّب إلا إذا شاء الله عز وجل له ذلك، لا بحوله ولا قوته {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ‌ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُ‌وا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد من الآية:11]؛ إذن عليهم فقط أن يشرعوا في التغيير والله عز وجل يُقرِّبهم إليه. ب- ثم بعد ذلك يأتي مقام الصدق وقاعدة الأساس: الصدق والإخلاص في طلب التغيير، وإلا فلن يتغير. قالوا: إن من علامات الصدق التبشير من الله قبل العمل، واستدلوا بحديث أنس بن النضر رضي الله عنه لمّا قال: "ليَرَيَنَّ اللهُ ما أصنعُ"، فبشّره الله فشمّ ريح الجنة.. "الجنةُ وربِّ النضرِ، إني أجدُ ريحها من دونِ أُحُدٍ" (صحيح البخاري: [2805]). فإذا صدقت -مثلًا- في طلب العلم؛ تجد الأمور فُتِحت وتيسّرت، إذا أردت أن تُغير نفسك وتسعى في تهذيبها وصدّقت؛ اعلم أنك ستُرشَد، هذا حال الصادق. أما الكاذب أو المرائي تجده متخبطًا متعثرًا (إنما يتعثّر من لم يُخلِص).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الأربعون في موضوع(الرب)

 وهي بعنوان: ما يشرع في تهذيب نفسه:

ج- القاعدة الثالثة أن يعرف نفسه؛ لأنه إذا عُلم

 السبب سهل، ومن عرف نفسه عرف ربه. فالتغيير هنا يقوم على داعمتين: - معرفته بنفسه وبمقام الذنب: وهذه تحتاج أن يضع يده طوال الوقت على عيوبه وأن تكون عيوبه طوال الوقت أمام عينيه، ولا يُفتش على عيوب الآخرين؛ فلو فتش على عيوب الآخرين سيُبتلى. انجُ بنفسك ابتداءً ثم بمن يكون تحت رعايتك. فكيف تُبصِر عيبك؟

 أولًا: نقد الناقد له ونصيحة الناصح وكيفية تقبله لها؟ هل بتكبّر، أم بالمبرِّرات حتى يظهر نفسه بريئًا؟ لأن «المؤمنُ أخو المؤمنِ» (صحيح مسلم (1414])، وفي لفظ: «المؤمِنُ مرآةُ أخيهِ» (حسّنه الألباني في صحيح الأدب المفرد: [178]). النصيحة رسالة من الله سبحانه وتعالى كي أشرع في تهذيب نفسي؛ لأن الله

ربٌ فيربي.

الأمر الثاني: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَ‌ةٌ . وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَ‌هُ} [القيامة:14-15]، فهو على علمٍ بحقيق نفسه وعيوبه، لكن بتوسط؛ دون أن يُهوِّل اليسير، أو يُهوِّن العظيم. هـ-

المرحلة الرابعة بعد ذلك: الشروع في إصلاح ما بنفسه على علمٍ وبصيرة. لا بد أن يعرف أن كل آفة من هؤلاء لها علاجها.. وأصل العيب هو فراغ القلب، القلب فارغ فيتمكن منه حُب سوى الله؛ فيحتاج أن يشرب القلب محبة الله عز وجل. كيف تأتي محبة الله؟ - نقطع عليه الغفلة التي جعلته ينسى الله ويتعلّق بما سواه، فنعطيه في البداية جرعة ذكر، ونُشرِب القلب محبة الله شيئًا.. فشيئًا.. فشيئًا؛ ونُعلِّقه به ونزيد في الجرعة فنُوِّهن هذا التعلُّق بغيره. وفي هذا الوقت تحتاج إلى ذكر، وقرآن، وخلوة لأنه مبتلىً بسبب الاختلاط. والموضوع له بسطٌ آخر ليس هذا الموضع لكني أردت وضع بعض القواعد الأساسية في تربية الإنسان لنفسه هذا هو مقامها مقام التربية.

 7- تتذكر أن الله لو ابتلاك فهو ربٌ يُربيك. قد تكون لديك آفة لا تستطيع التخلص منها مهما امتثلت

كلام العلماء -كالعُجب مثلًا-، فيمرّ بك ابتلاءً يكسرك ويوقفك على حقيقة نفسك؛ فتقول: "ربّاني الله في

هذا الموقف".

 8- أحد الأشياء التي تستفيدها من اسم الله الرب قضية التدرج.. معاملتك لنفسك في طلب العلم -مثلًا- أحقق فرض العين فأعرف ثم أتدرج، منهجية ومرحلية. أما من يستشرف فيلتقط كبار المسائل في البدايات سينقطع به الطريق لا محالة «إِنَّ هذا الدينَ متينٌ، فأوْغِلُوا فيه بِرِفْقٍ» (حسّنه الألباني في صحيح الجامع: [2246]). هذه كانت بعض اللطائف حول هذا الاسم الجميل.. اسم الله تعالى الرب وأرجو أن نتفاعل مع هذا الاسم وجدانيًا -لا سيما في مقامات الدعاء ربِ-. نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علَّمنا وأن يجعله حُجةً لنا لا علينا.  

[الأنترنت – موقع طريق الإسلام- شرح وأسرار الأسماء الحسنى - اسم الله الرب - هاني حلمي عبد الحميد] [المصدر: موقع الكلم الطيب- هاني حلمي عبد الحميد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*ذكر الأسماء الحسنى التي اقترنت باسم (الرب) تبارك وتعالى.           

ورد اقتران اسم (الرب) - سبحانه وتعالى - في القرآن

الكريم بأسماء كريمة هي: (الرحمن، الرحيم، الغفور، الغفار، العزيز).

- قال سبحانه وتعالى: (( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) )) الفاتحة

- وقال - عز وجل -: (( رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ ))[النبأ:37].

- وقال تبارك وتعالى: (( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66) )) [ص].

- وقال تبارك وتعالى: (( سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) )) [يس].

- وقال سبحانه: (( بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) )) [سبأ:15].

وبتأمل هذه الأسماء المقترنة باسم (الرب) - تعالى-,

 نجد أن فيها صفة الرحمة, والمغفرة، وفي هذا التأكيد على أن من أخص صفات (الرب) - عز وجل -, الرحمة, والرأفة بعباده, وأنها من موجبات ربوبيته. ومن ذلك تربيته لعباده، وإنعامه عليهم، وإرساله الرسل إليهم, وإنذارهم, وتبشيرهم. وهذه هي من لوازم التربية العامة، وأما التربية الخاصة من الله - عز وجل - لأوليائه بتوفيقهم، وحفظهم، ورعايتهم، وتربيتهم. فالرحمة، والرأفة، والمغفرة, واضحة جلية في ذلك, والله أعلم، وفي الآية الثانية ورد اسم: (العزيز الغفار). وصفة: (العزة والغلبة) من موجبات الربوبية, والسؤدد.

[الأنترنت – موقع العقيدة والخياة – أسماء الله الحسنى  [ اسم الرب ] -  د أحمد القاضي ]

فمما يتضمنه هذا الاسم الكريم:

أن الله - عز وجل - رب كل شيء, وخالقه,

ومليكه، والقادر عليه، والمتصرف في جميع أموره؛

وبهذا فإنه لا يخرج شيء عن ربوبيته. وكل من في السماوات والأرض عبد له, في قبضته, وتحت قهره, لأن أحدًا لا يدَّعي أنه, أو غيره من المخلوقين, هو الخالق, البارئ, المحيي, المميت, القادر على كل شيء، والمتصرف في كل شيء. إلا شذرًا من ملاحدة الصوفية، والباطنية, والنصرانية التي تزعم أنه مع الله - عز وجل - شريك في ربوبيته, وتصريفه لهذا الكون, تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

   أما أكثر طوائف المشركين, فقد أقروا بربوبية الله - عز وجل - ولم ينكروها. وهم عبيد لله - عز وجل - بهذا المعنى قال تعالى: ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) ) [يونس: 31]. [الأنترنت – موقع العقيدة والخياة – أسماء الله الحسنى  [ اسم الرب ] -  د أحمد القاضي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:.      

من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الرب):-

  أولاً: إن اسم (الرب) سبحانه, وما يستلزم من الأسماء والصفات, يتضمن تعريف الناس غايتهم التي خلقوا من أجلها، وتعريفهم ما ينفعهم, وما يضرهم؛ فكونه رب العالمين, لا يليق به أن يترك عباده سدى, هملاً,لا يعرفهم بنفسه, ولا بما ينفعهم في معاشهم ومعادهم، وما يضرهم فيها.. فهذا هضم للربوبية, ونسبة للرب إلى ما لا يليق: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) [المؤمنون]

 ثانيًا: الإقرار بربوبية الله - عز وجل - يقتضي ويستلزم توحيد الله - عز وجل -, وعبادته لا شريك له, إذ أن الخالق لهذا الكون, وما فيه, والمتصرف فيه بالإحياء، والإماتة، والخلق، والرزق، والتدبير, هو المستحق للعبادة وحده, إذ كيف يعبد مخلوق ضعيف، ويجعل ندًا لله تعالى في المحبة, والتعظيم, والعبادة, وهو لم يخلق, ولا يملك لنفسه تدبيرًا, فضلاً عن أن يملكه لغيره، وهذا ما احتج الله - عز وجل - به على المشركين الذين أقروا بربوبيته سبحانه, ولكنهم لم يعبدوه وحده، بل أشركوا معه غيره, وقد جاءت هذه الاحتجاجات الكثيرة في

القرآن الكريم بأساليب متنوعة منها:

 - قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) )) [ البقرة:].

- وقوله تعالى: (( أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) )) [الأعراف: 191]، وقوله سبحانه:( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ )[النحل: 17].

- وقوله تعالى: (( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) [المؤمنون:].

 - وقوله تعالى: (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ

وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) ) [الزمر]. والآيات في هذا كثيرة جدًا.

 ثالثًا: الإيمان بصفة الربوبية لله - عز وجل - يعني: الإيمان بأسمائه الحسنى, وصفاته العلا، إذ إن من صفات الرب سبحانه, كونه قادرًا, خالقًا, بارئًا, مصورًا، حيًا، قيومًا, عليمًا، سميعًا، بصيرًا، محسنًا، جوادًا، كريمًا، معطيًا، مانعًا. وقل ذلك في بقية الأسماء والصفات. إذاً فكل أثر من آثار الإيمان بالأسماء الحسنى - والتي سيأتي تفصيلها - إن شاء الله تعالى - هو في الحقيقة راجع إلى ما يتضمنه اسم (الرب) سبحانه,

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:.      

من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الرب):-

وفي ذلك يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى: "إن ربوبيته سبحانه, إنما تتحقَّق بكونه: فعَّالاً مُدبِّرًا؛ متصرِّفًا في خلقه؛ يعلم، ويقدر، ويريد، ويسمع، ويبصر.

فإذا انتفت أفعاله وصفاته: انتفت ربوبيته، وإذا انتفت عنه صفة الكلام: انتفى الأمر والنهي ولوازمها، وذلك ينفي حقيقة الإلهية" .

والنصوص الواردة في ذلك كثيرة.

وهذا يدل على اختصاص هذا الاسم بمعان عظيمة,

 كريمة, يتضمنها هذا الاسم الكريم, أو يستلزمها.

 رابعًا: الإيمان باسم (الرب) - عز وجل -, وما يتعلق به من صفات, يقتضي الرضا به -سبحانه-, ربًا, وإلهًا, وحاكمًا, ومشرعًا، لأن الرضا بربوبيته - عز وجل - هو رضا العبد بما يأمره به ربه, وينهاه عنه، ويقسمه له, ويقدره عليه، ويعطيه إياه, ويمنعه منه. فإن لم يحصل الرضى بذلك كله, لم يكن العبد قد رضي به ربًا من جميع الوجوه، ولا يذوق عبد طعم الإيمان, حتى يأتي بكل موجبات الربوبية, ولوازمها. وهذا معنى قوله: (ذاق طعم الإيمان, من رضي بالله ربًا, وبالإسلام دينًا, وبمحمدٍ رسولاً).

ومتى ذاق العبد طعم الإيمان, فلا تسأل عن سعادته، وأنسه، وطمأنينيته, وثباته، ولو احتوشته البلايا, والرزايا. كما أن من هذا شأنه, فإن طاعات الله - عز وجل - تسهل عليه, وتلذ له، كما يكون في قلبه كره معاصي الله - عز وجل -, والنفور منها.

خامسًا: لما كان من معاني (الرب), أنه الذي يربي عباده, وينقلهم من طور إلى طور, وينعم عليهم بما يقيم حياتهم, ومعاشهم. وهو الذي أحسن خلقهم,(( وأَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)) }[طه50]. فإن هذه المعاني, من شأنها أن تورث في قلب العبد المحبة العظيمة لربه سبحانه, وحب ما يحبه, ومن يحبه، وبغض ما يبغضه, ومن يبغضه، والمسارعة في مرضاته، وتعظيمه, وإجلاله, وشكره, وحمده الحمد اللائق بجلاله, وعظمته, وسلطانه, وإنعامه.

سادسًا: لما كان من معاني (الرب), أنه المتكفل

بأرزاق خلقه، وعنده خزائن السماوات والأرض, له الملك, وله الحمد, يحيي, ويميت, وهو على كل شيء قدير. فإن هذه الصفات, تورث في قلب العبد العارف لربه – سبحانه- قوة عظيمة, في التوكل عليه –سبحانه-, في جلب المنافع، ودفع المضار، وفي تصريف جميع أموره؛ فلا يتعلق إلا بالله تعالى, ولا يرجو إلا هو، ولا يخاف إلا منه – سبحانه-, إذ كيف يتعلق بمخلوق ضعيف مثله, لا يملك لنفسه نفعًا, ولا ضرًا, ولا موتًا, ولا حياةً, ولا نشورًا. فضلاً عن أن يملكه لغيره. سابعًا: لما كان من معاني الربوبية, اختصاصه سبحانه بجلب المنافع, ودفع المضار، وتفريج الكروب، وقضاء الحاجات, فإن العباد - بما أودع الله في فطرهم, من معرفة ربهم بهذه الصفات - يلجأون إلى ربهم, ويتضرعون إليه في الشدائد, والملمات, وينفضون أيديهم من كلٍ سوى الله - عز وجل -, وكلما عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته, أثر هذا في دعائه, وقوة رجائه، ولجوئه، وتضرعه لربه -سبحانه-, والوثوق بكفايته سبحانه, وقدرته على قضاء حوائج عباده.

ولذلك نرى في أدعية أنبيائه - سبحانه وتعالى -, وأوليائه تكرار الدعاء بقولهم: (ربنا، ربنا).

 ثامنًا: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم-العبد أن يقول لسيده (ربي) فقال: (لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وَضِّئ ربك، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أَمَتي، وليقُل: فتاي، وفتاتي، وغلامي).

 قال الحافظ ابن حجر: "وفيه نهي العبد أن يقول

لسيده (ربي), وكذلك نهي غيره, فلا يقول له أحد ربك، ويدخل في ذلك أن يقول السيد ذلك عن نفسه، فإنه قد يقول لعبده اسق ربك، فيضع الظاهر موضع الضمير على سبيل التعظيم لنفسه.

والسبب في النهي, أن حقيقة الربوبية لله تعالى، لأن (الرب) هو المالك القائم بالشيء، فلا توجد حقيقة ذلك إلا لله تعالى.

قال الخطابي: سبب المنع أن الإنسان مربوب, متعبد

بإخلاص التوحيد لله، وترك الإشراك معه، فكره له المضاهاة في الاسم, لئلا يدخل في معنى الشرك، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد، فأما ما لا تعبد عليه من سائر الحيوانات, والجمادات, فلا يكره إطلاق ذلك عليه عند الإضافة؛ كقوله: رب الدار، ورب الثوب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:.      

من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الرب):-

قال ابن بطال: لا يجوز أن يقال لأحد غير الله رب، كما لا يجوز أن يقال له إله.   [وتعقبه الحافظ بقوله]:

والذي يختص بالله تعالى إطلاق (الرب) بلا إضافة،

 أما مع الإضافة فيجوز إطلاقه كما في قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: (( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ )) [يوسف: 42]، وقوله: (( ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ )) [يوسف: 50]، وقوله عليه الصلاة, والسلام, في أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربها). فدلَّ على أن النهي في ذلك محمول على الإطلاق، ويحتمل أن يكون النهي للتنزيه، وما ورد من ذلك فلبيان الجواز...

وقيل: المراد: النهي عن الإكثار من ذلك, واتخاذ استعمال هذه اللفظة عادة، وليس المراد النهي عن ذكرها في الجملة" أهـ. وترك استعمال هذه الكلمة لورود النهي عنها أسلم, وأحوط, والله أعلم .

[يونس: 31]. الأنترنت – موقع العقيدة والخياة – أسماء الله الحسنى  [ اسم الرب ] -  د أحمد القاضي]

* الفرق بين الله والرب :

ورد في تعريف لفظ الجلالة، ولفظ (الرب) لغة وشرعاً، وهي كالآتي: معنى لفظ (الله) لغةً: علمٌ على الذَّات العليَّة الواجبة الوجود، الجامعة لصفات الألوهيّة، ولذا لا يجوز أن يتسمَّى به أحد.

 معنى لفظ الرب لغةً: هو اسمٌ لله تعالى، ويُقال الرب

 لغير الله لكن بالإضافة،ويأتي بمعنى المالك أو السيد.

 معنى لفظ (الله) اصطلاحاً: هو علم على الذات، فهو الدال على جميع الأسماء الحسنى، والصفات العليا، وهو مشتقٌّ من الألوهيّة، وهي العبودية، فالله هو المعبود جل جلاله، وهو اسم الله الأعظم والأجمع والأشمل كما أورد القرطبي في كتابه.

 معنى لفظ الرب اصطلاحاً: هو المتكفّل بخلق وإنشاء الكائنات كلها، وهو من يقوم على إصلاح شأنها وتسيير أمرها، وقضاء حوائجها، فهو الممد والراعي لكل الكائنات بكل الاحتياجات.

 توحيد الألوهية والربوبية يُقسم توحيد الله الى ثلاثة أصولٍ كما بيّن العلماء وهي: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وفيما يأتي تعريجٌ

على مفهومي توحيد الألوهية والربوبيّة:

 توحيد الألوهية يقصد بتوحيد الألوهية أن يُفرد العبد ربه وحده في التوجّه بالعبادة، والعبادة أقسامٌ أربعةٌ رئيسيةٌ هي: العبادات القولية: كقراءة القرآن الكريم، والأمر بالمعروف. العبادات العملية: كالجهاد في سبيل الله أو الحج. العبادات الظاهرة: وهي عبادات الجوارح كالحجاب أو الصلاة. العبادات الباطنة: وهي العبادات القلبية كالخشوع، والخوف، والرجاء. توحيد الربوبية ويُقصد بتوحيد الربوبيّة أن يعتقد المسلم أنّ الخالق والمالك والمدبّر لكل الكون هو الله وحده لا شريك له سواه، وكان المشركون في عهد النبّيّ -عليه السلام- يؤمنون بربوبيّة الله تعالى، وهو ما أقره القرآن الكريم، لكنّهم كانوا ينكرون إفراد الله بالألوهية، فلم يدخلوا الإسلام مع النبيّ عليه الصلاة والسلام.[ الأنترنت – موقع موضوع - الفرق بين الله والرب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*لفظ(الرب) في القرآن الكريم :

يذكر ابن فارس في "مقاييسه" أن لفظ (الرب) يدل على ثلاثة أصول، هي:

الأصل الأول: إصلاح الشيء والقيام عليه؛ فالرب: المالك، والخالق، والصاحب. والرب: المصلح للشيء، يقال: ربَّ فلان ضيعته، إذا قام على إصلاحها. والله جل ثناؤه الرب؛ لأنه مصلح أحوال خلقه. والرباني: العارف بالله عز وجل، والحبر، منسوب إلى الربان.

وربَّ الولد: أي رباه حتى أدرك، فـ (الربيب) هو

الصبي الذي تربيه، و(الربيبة) الصبية.

الأصل الثاني: لزوم الشيء والإقامة عليه، وهو مناسب للأصل الأول؛ يقال: أربت السحابة بهذه البلدة: إذا دامت. وأرض مُرْب: لا يزال بها مطر؛ ولذلك سمي السحاب رباباً. ويقولون: قد ربّ فلان قومه: أي: ساسهم، وجعلهم ينقادون له. وربيت القوم: أي: حكمتهم وسدتهم، وفي هذا المعنى يقال لصاحب البيت: رب الدار، وصاحب الناقة: رب الناقة، ومالك الضيعة: رب الضيعة.

الأصل الثالث: ضم الشيء للشيء، وهو أيضاً مناسب لما قبله؛ يقولون: فلان يَرُبُّ الناس: أي: يجمعهم، أو يجتمع عليه الناس، ويسمون مكان جمعهم (بالمرّبّ). و(التربُّب) هو الانضمام والتجمع. وتأتي كلمة (الرب) بمعنى السيد أيضاً، فتستعمل بمعنى ضد العبد، أو الخادم.

قال ابن فارس: "ومتى أنعم النظر في هذه الأصول الثلاثة كان الباب كله قياساً واحداً"، ومراده أن هذه الأصول الثلاثة لمعنى (الرب)، ترجع إلى أصل واحد عند النظر والتأمل.

وقيل في اشتقاق لفظ (الرب): إنه مشتق من

التربية، فالله سبحانه وتعالى مدبر لخلقه ومربيهم، ومنه قوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} (النساء:23)، فسمى بنت الزوجة (ربيبة) لتربية الزوج لها. فعلى أنه مدبر لخلقه ومربيهم يكون صفة فعل، وعلى أن (الرب) بمعنى المالك والسيد يكون صفة ذات.

وقد يكون من المفيد القول: ليس من الصواب حصر معنى لفظ (الرب) من حيث الدلالة اللغوية على معنى المربي والمنشئ فحسب، بل هذا المعنى واحد من معاني الكلمة المتعددة الواسعة، وهو معنى تتشعب عنه -بالنظر والتأمل- عدة معان: التصرف، والتعهد، والاستصلاح، والإتمام، والتكميل، ومن ذلك كله تنشأ في الكلمة معاني: العلو، والرئاسة، والتملك، والسيادة.

ثم إن صاحب "الكشاف" ومن تابعه ذهب إلى أن لفظ (الرب) لم يطلق على غيره تعالى إلا مقيداً، وقد رد ابن عاشور قول الزمخشري بقوله: "وجمعه على (أرباب) أدل دليل على إطلاقه على متعدد، فكيف تصح دعوى تخصيص إطلاقه عندهم بالله تعالى؟"، واستدل ابن عاشور على إطلاقه غير مضاف على غيره سبحانه، بقوله تعالى: {أرباب متفرقون} (يوسف:39)، فهذا إطلاق لـ (الرب) غير مضاف على غير الله تعالى.

ولفظ (الرب) ورد في القرآن الكريم في ثمانية وسبعين وتسعمائة موضع (978)، جاء في مواضعه جميعها بصيغة الاسم، من ذلك قوله عز وجل: {إن الله ربي وربكم فاعبدوه} (آل عمران:51). وقد ورد في أكثر مواضعه بصيغة المخاطب المفرد (ربك)، نحو قوله تعالى: {وإنه للحق من ربك} (البقرة:149). ولم يأت لفظ (الرب) بصيغة الفعل بتاتاً. وأول موضع ورد فيه هذ اللفظ قوله سبحانه: {الحمد لله رب العالمين}

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادس والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*لفظ(الرب) في القرآن الكريم :

ولم تذكر كتب الأشباه والنظائر التي رجعنا إليها المعاني التي ورد عليها لفظ (الرب) في القرآن، وغاية ما وقفنا عليه في هذا الصدد ما ذكره الدامغاني في كتابه الأشباه والنظائر،حيث ذكر لهذا اللفظ معنيين:

(الرب) بمعنى المالك والسيد. و(الرب) بمعنى الكبير.

وبالرجوع إلى ما ذكره المفسرون في هذا الصدد نجد الطبري يذكر ثلاثة معان للفظ (الرب) في كلام العرب؛ فالسيد المطاع يدعى ربًّا، والرجل المصلح للشيء يدعى ربًّا، ومن ذلك قيل: إن فلاناً يرب صنيعته عند فلان؛ إذا كان يحاول إصلاحها وإدامتها، والمالك للشيء يدعى ربه. ثم قال الطبري: "وقد يتصرف أيضاً معنى (الرب) في وجوه غير ذلك، غير أنها تعود إلى بعض هذه الوجوه الثلاثة. فربنا جل ثناؤه: (السيد) الذي لا شبه له، ولا مثل في سؤدده، و(المصلح) أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، و(المالك) الذي له الخلق والأمر".

والزمخشري لم يذكر لمعنى (الرب) إلا معنى المالك. وذكر القرطبي أن (الرب) يعني: السيد. و(الرب) يعني: المصلح والمدبر والجابر والقائم، يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه: قد ربَّه يربُّه، فهو ربٌّ له ورابٌّ، ومنه سمي الربانيون؛ لقيامهم بالكتب. وفي الحديث: (هل لك من نعمة تربها عليه) رواه مسلم أي: تقوم بها وتصلحها.

والرب: المعبود. وذهب ابن عاشور إلى أن "الأكثر

 في كلام العرب ورود (الرب) بمعنى المالك والسيد".

وقد تتبع الأستاذ المودودي -رحمه الله- موارد لفظ (الرب) في القرآن الكريم، وذكر أنه ورد على خمسة معان، هي التالية:

الأول: (الرب) بمعنى المربي الكفيل بقضاء الحاجات، ومثَّل له بقوله عز وجل: {قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي} (يوسف:23).

الثاني: (الرب) بمعنى الكفيل والرقيب، والمتكفل بالتعهد وإصلاح الحال، ومثَّل له بقوله عز وجل على لسان إبراهيم عليه السلام: {فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} (الشعراء:77)، وقوله عز وجل: {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا} (المزمل:9).                                                      الثالث: (الرب) بمعنى السيد الرئيس، الذي يكون في قومه كالقطب يجتمعون حوله، وإليه يرجعون في أمورهم كلها، ومثَّل له بقوله سبحانه: {هو ربكم وإليه ترجعون} (هود:34)، وقوله تعالى: {قل يجمع بيننا

ربنا}  (سبأ:26).

الرابع: (الرب) بمعنى السيد المطاع، والرئيس وصاحب السلطة النافذ الحكم، والمعترف له بالرفعة

والسيادة، والمالك لصلاحيات التصرف، ومثَّل له

بقوله سبحانه: {ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون

الله} (آل عمران:64)، وقوله تعالى: {اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه} (يوسف:42).

الخامس: (الرب) بمعنى الملك والسيد، ومثَّل له بقوله تعالى: {فليعبدوا رب هذا البيت} (قريش:3)، وقوله سبحانه: {قل من رب السماوات السبع ورب العرش

العظيم} (المؤمنون:86).

وإذا تأملت المعاني الثلاثة الأخيرة التي ذكرها الأستاذ المودودي وجدتها واحداً، وهو معنى (السيد)، وهو

المعنى الذي ذكره أكثر المفسرين كمعنى من معاني لفظ (الرب).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السابعة والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*لفظ(الرب) في القرآن الكريم :

والذي أرشدنا إليه البحث أن لفظ (الرب) في القرآن الكريم ورد على المعاني التالية:

- (الرب) بمعنى المالك للشيء، والأمثلة عليه كثيرة، نذكر منها قوله عز وجل: {رب العالمين} (الفاتحة:1)، فهو سبحانه مالك كل شيء. ونحو هذا قوله عز وجل: {قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم} (المؤمنون:86)، أي: إنه سبحانه هو مالك السماوات السبع والعرش العظيم وسيدهما، فلا مالك لهما سواه، ولا سيد لهما غيره. ونحوه قوله تعالى: {وهو رب كل شيء} (الأنعام:164)، قال القرطبي: أي: مالكه.

- (الرب) بمعنى المعبود المطاع، والأمثلة عليه كثيرة،

 نذكر منها قوله عز وجل: {قل أغير الله أبغي ربا} (الأنعام:164)، أي: أغير الله أتخذ إلهاً أعبده. ومنها قوله تعالى: {إن ربكم الله} (الأعراف:54)، أي: إن المعبود الحق الذي ينبغي أن يُفرد بالعبادة هو الله دون سواه. ومنها قول الباري سبحانه: {ذلكم الله ربكم فاعبدوه} (يونس:3)، أي: إن الله سبحانه هو

المعبود الحق الذي ينبغي أن تخلص له العبادة.

- (الرب) بمعنى المصلح للشيء والمدبر له، والمثال عليه قوله عز وجل: {رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} (الشعراء:28)، قال ابن كثير: "أي: هو الذي جعل المشرق مشرقاً، تطلع منه الكواكب، والمغرب مغربا تغرب فيه الكواكب، ثوابتها وسياراتها، مع هذا النظام الذي سخرها فيه وقدرها". ونظيره قوله تعالى: {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا} أي: هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب لا إله إلا هو.

- (الرب) بمعنى السيد المطاع، والمثال عليه قوله عز وجل: {قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي} (يوسف:23)، قيل: عنى به الله تعالى، وهو قول يذكره المفسرون، وهو اختيار الأستاذ المودودي، وقيل: عنى به الملك الذي رباه، وهو القول الذي لم يذكر غيره الطبري وابن كثير، قال الأخير: قال ابن كثير: "كانوا يطلقون (الرب) على السيد والكبير". ونظيره قوله تعالى: {اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه} (يوسف:42)، {قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن} (يوسف:50)، فـ (الرب) في هذه الآيات بمعنى: السيد المطاع في قومه.

هذا، وقد ذكر بعض المفسرين أن لفظ (الرب) في القرآن جاء بمعنى كبير القوم، وتأول عليه قوله تعالى على لسان قوم موسى: {فاذهب أنت وربك} (المائدة:24)؛ وذلك أن هارون عليه السلام كان أسن من موسى عليه السلام، وكان معظَّماً في بني إسرائيل محبَّباً؛ لسعة خُلُقه، ورحب صدره، فكأنهم قالوا: اذهب أنت وكبيرك. وقد ذكر هذا القول الدامغاني كأحد معنيين للفظ (الرب). قال ابن عطية معقباً على هذا القول: "وهذا تأويل بعيد، وهارون إنما كان وزيراً لموسى ، وتابعاً له في معنى الرسالة".

ومما تقدم من شواهد آيات القرآن، تتجلى معاني لفظ

 (الرب) في القرآن. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن

المعاني الأربعة التي ورد عليه لفظ (الرب) في القرآن لا فواصل حدِّية بينها، بل هي معاني متداخلة، ومترابطة، ومتكاملة، فذكر معنى منها لا ينفي غيره، ولا يستبعده، واللفظ الواحد قد يحتمل أكثر من معنى، بل قد يحتمل المعاني الأربعة المذكورة. ويبقى المعوَّل عليه في ختام المطاف السياق الذي يرد فيه هذا اللفظ، فللسياق دور أساس ومهم في تحديد معنى من المعاني التي ذكرنها لهذا اللفظ، وعلى الله قصد السبيل.[الأنترنت – موقع إسلام ويب – المنجد]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والأربعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:

*ما يدل عليه هذا الاسم الكريم: 

تقدم في المقدمات أن الأسماء الحسنى تدل بالمطابقة على الذات والصفات التي تضمنتها تلك الأسماء، وتدل بالتضمن على أحدهما، وتكلمنا على دلالة اللزوم، فإذا أردنا أن نطبق هذا على كل اسم من هذه الأسماء الحسنى فنقول: إن اسم الرب يدل على ذات الله، ويدل على صفة الربوبية معاً بالمطابقة، فإذا أطلقناه، وأردنا الذات، والصفة فهذه هي دلالة المطابقة، دلالة اللفظ على تمام معناه، هكذا عرفها الأصوليون.

وإذا أردنا واحداً منهما، أطلقنا اسم الرب وأردنا فقط الذات فهذه دلالة تضمن، أو أطلقنا اسم الرب وأردنا الصفة -الربوبية- فإن هذه دلالة تضمن، ويدل باللزوم على الصفات اللازمة لقيام الربوبية.

فلا يمكن أن يكون ربًّا وليس متصفاً بالحياة، فالحياة من لوازم الربوبية.

ولا يمكن أن يكون ربًّا وليس بمتصف بالقيومية.

ولا يمكن أن يكون ربًّا وليس بمتصف بالعلم،

والمشيئة، والقدرة، والإرادة، والغنى، والقوة، والرزق، والعزة، والإحاطة، وهكذا كل ما يلزم من صفات الذات، وصفات الأفعال، بتخليق الشيء، وإيجاده، وصنعه، وهكذا لتربيته، ونقله من حال إلى حال حتى يكتمل؛ فهذا يحتاج إلى علم محيط، وإلى غنى واسع.

لو قيل لأحد من الناس: ما عليك إلا شيء واحد

فقط هو الدواب التي تعيش في البحر، عليك أن تطعمها من رزق الله، لا يستطيع، ولا يمكنه فعل هذا.

ولو قيل لواحد من الناس: عليك أن تُقيت، وأن تطعم أهل منى كلهم، فإنه لا يستطيع، وهم يُطعَمون، ويمشي كل واحد منهم وهو ضاحك، مستبشر.

من الذي يعطيهم، ويطعمهم، ويكسوهم، ويكفيهم؟ هو الله --.

بل لو طلب من الإنسان ما هو أدنى من هذا، لو قيل للإنسان: هذه الرئة -كما سيأتي إن شاء الله عند الكلام على اسم الله الخالق- ما عليك إلا أن تنفخ فيها في اليوم والليلة فقط، لا يوكل بك شيء غير هذا، فهل يستطيع أن يتكلم مع الناس؟ هل يستطيع أن ينام؟ هل يستطيع أن يأكل؟ هل يستطيع أن يقوم بأعماله، ومصالحه وهو ينفخ في هذه الرئة؟

من الذي يدبر ذلك جميعاً لهذه المخلوقات؟ هو الله --، فهذا يحتاج إلى قدرة عظيمة، هائلة، وغنى واسع،

وإلى علم محيط بهذه المخلوقات على انتشارها، وتنوعها، واختلاف صنوفها، فمنها الدقيق، ومنها الكبير، ومنها ما هو بين ذلك، على تنوع مصالحها، وحاجاتها.

فتنفس الإنسان غير تنفس الأسماك، غير تنفس الجنين في بطن أمه، الجنين في بطن أمه لا يتنفس بأنفه، فكيف يأتيه الأكسجين؟ من الذي يقيم هؤلاء الأجنة في البطون، ويدبرهم حتى يخرج الواحد منهم إلى هذه الدنيا؟ هو الله -.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*ما يدل عليه هذا الاسم الكريم: 

فحينما يوجدهم في بطون أمهاتهم يخلقهم شيئاً فشيئاً، فإذا آن أوان خروجه يكون قد اكتمل له يدان، ورجلان، وعينان، وأذنان، إلى غير ذلك من الأجزاء، والأبعاض التي يحتاج إليها بعد خروجه، وهو في بطن أمه ما يحتاج إلى الرجل، ولا يحتاج إلى اليد، ولا يحتاج إلى الفم، ولا إلى الأنف، ولا إلى العين في ظلمات ثلاث، لكن الله أوجد له ذلك؛ لأنه سيخرج إلى مكان آخر.

ثم إذا خرج هو لا يحتاج إلى الأسنان؛ لأنه لا يأكل،

 وإنما سيحتاج إليها بعد ذلك، فتبدأ بالظهور في أول وقت الحاجة شيئاً فشيئاً، فإذا اكتملت حاجته تكون أسنانه قد اكتملت، فمن الذي يدبر هذا التدبير العجيب اللطيف؟

ولا تجد التفاوت، لا تجد أحداً في بطن أمه تخرج أسنانه جميعاً، وذاك لا تخرج له أسنان طيلة حياته، وهذا لا تخرج يداه إلا بعد ولادته، والآخر تخرج في

 بطن أمه، لا، الأطوار يمر الخلق بها جميعاً.

أقول: إذا عرفنا الآن هذه المعاني في حق الله، وما دل عليه هذا الاسم الكريم بدلالة المطابقة، والتضمن، والالتزام، بقي الآن أن نعرف هل الربوبية -وهي الصفة التي تضمنها هذا الاسم الكريم- صفة ذات، أو صفة فعل؟

نحن ذكرنا أن الصفات: منها ما هي صفة ذات، ومنها ما هي صفة فعل، ومنها ما يقال لها: إنها مركبة، فهي صفة ذاتية فعلية. 

فالآن الربوبية هل هي صفة ذات، أو صفة فعل؟ حينما تُسأل هذا السؤال هل الربوبية صفة ذات، أو صفة فعل؟ ماذا تقول؟، تقول: إذا نظرنا إليها باعتبار معنى التربية، والخلق، والإمداد، وما أشبه ذلك فهذه صفة فعلية، وإذا نظرنا إلى الرب باعتبار أنه بمعنى السيد، والمالك فهذه صفة ذات، السيد صفة ذات، فإذن صفة الربوبية هي صفة ذات باعتبار، وصفة فعل باعتبار.

 [ الأنترنت – موقع د خالد السبت  - الرب]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*الرب: هو الذي له الخلق والأمر:

فكما يعتقد المؤمن أن الله – سبحانه وتعالى- منفرد بالخلق ، فكذلك يعتقد أنه – سبحانه وتعالى- منفرد بالأمر ، فيعتقد المؤمن أنه سبحانه له حق التشريع ؛

 بمعنى أنه له حق الأمر والنهي.

ولذلك من مظاهر الشرك في الربوبية في هذا المعنى ، اعتقاد أن مع الله -عز وجل- من له حق الأمر والنهي والتشريع ، أو حق تبديل الشريعة فبهذا قد جعله رباً مع الله .

والدليل على ذلك :قول الله -عز وجل- عن اليهود والنصارى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) (التوبة: من الآية31) ، فهم لم يعتقدوا أن الأحبار والرهبان خالِقون ، أو رازقون أو يدبرون الأمر ! ليس كذلك.

فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في سورة براءة، فقرأ هذه الآية {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله}، قال: قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم! فقال صلى الله عليه وسلم: (أليس يحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه، ويحلّون ما حرم الله فتحلونه؟!) قال: قلت: بلى. قال: (فتلك عبادتهم)

قال شيخ الإسلام رحمه الله: “فقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل الحرام وتحريم الحلال، لا أنهم صلوا لهم، وصاموا لهم، ودعوهم من دون الله، فهذه عبادة للرجال” مجموع الفتاوى (7/67).

وقال أيضاً: “هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركاً وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم. فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء.

والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال

وتحليل الحرام ثابتاً، لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصٍ، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما الطاعة في المعروف).[ الأنترنت - موقع الراشدون - شرح أسماء الله الحسنى -  الرب ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*تأملات وإيمانيات في رحاب الكتاب والسنة :

لفظ الربّ مشتقٌ من التربية ، فالله سبحانه وتعالى

مربٍّ ومدبِّر لخلقه .

والمربي له صفتان أساسيَّتان :

أنَّه مُمِدّ ، وأنَّه يرعى الذي يمدِّنا بما نحتاج هو ربُّنا ،والذي يهدينا إلى صراطه المستقيم هو ربُّنا .

كمثال الأب يوفِّر لأولاده حاجاتهم الماديَّة ، طعام ، شراب ، كِساء ، حاجات ثم يربِّيهم بمعنىً آخر يرعى

أخلاقهم ، يرعى دينهم ، يرعى تعليمهم ، يرعى

مستقبلهم ، ففي معنى الربوبيَّة المشتقَّة من التربية

معنىً ماديّ ومعنىً روحيّ .

والرب من معانيه أنَّه خالقٌ ورازقٌ ، وكلُّ ربٍ سواه غير خالقٍ وغير رازقٍ .

الأب يربِّي أولاده لكن لم يخلقهم ولم يرزقهم ، فإذا قلنا فلان مُرَبٍّ ، والأب مُرَبٍّ  ، والمعلِّم مُرَبٍّ  أي يقدِّم توجيهات ، يتابع ، يحاسب ، يكافيء ، يعاقب أما إذا قلنا: الله ربُّ العالمين أي خلقنا وأمدَّنا ووجَّهنا

لذلك أنت في نعمٍ ثلاث .. نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، أوجدك ولم تكن شيئاً مِن قبل ، وأمدَّك بما  تحتاج ، ثم هداك إليه .

فهو الذي خلقك ورزقك ودلَّك عليه .. قال الله تعالى  حكاية عن سيدنا إبراهيم :

(الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي

وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢) الشعراء

وكلمة (رب ) ذات خصائص جمة أولاً من خصائص التربية العلم والرحمة ، ومن خصائص التربية القدرة ، يعلم ، وهو على كل شيء قدير ، وهو رحيمٌ بنا، أما معنى قول الله عزَّ وجلَّ في سورة الفاتحة ” الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ” أيْ أنَّه خالق الأكوان وجميع العوالم التي خلقها ، فالعلاقة بين خالق الأكوان وبين جميع العوالم التي خلقها – الأكوان – علاقة تربية أي خلق وإمداد (فهو الخالق وهو الرازق ) وإكرام وعناية  .

هل هناك عالم غير مرئي لنا ؟نعم فهذا الكون الفسيح بمجراته وأفلاكه لم يخلقه الله عبثا ولا سدى

يقول الدكتور حسني حمدان (وكوننا الذي نراه عظيماً في اتساعه واتساقه يمثل دائرة نصف قطرها 30 ألف مليون سنة ضوئية ( بمعنى أننا لو بدأنا السفر من أقصى نقطة في الكون بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية وهى السرعة الكونية العظمى، فسنحتاج إلى 30 مليار سنة لنصل إلى أقصى نقطة في الطرف الآخر من الكون).

وعلماء الكون يتساءلون بشدة هل يوجد عالم غير عالمنا المرئي، وما هي أبعاد الأكوان إن وجدت، إننا لا نراها ولكن ربما تكون موجودة، حقا إننا لا نرى كل موجود، ولا نبصر كل كائن، ورب العالمين يقول:

” فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ”  الحاقة: 38-40 وقال تعالي :وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا

مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (٢٩)الشورى

وقال  (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) النحل

فهاتين الآيتين تدلان على أن هناك خلقا لا نراهم ولا نعلم عنهم شيئا غير الجن والإنس والملائكة والدليل على ذلك أن لفظة دابة ليس المراد بها الملائكة لأنها جاءت معطوفة عليها كما في الآية الثانية والعطف يفيد التغاير فمثلا نقول جاء محمد وأحمد فنحن نخبر عن شخصين متغايرين بخلاف لوقلت جاء محمد أحمد فأنت

تخبر عن شخص واحد فالدواب التي تسجد في السموات لا شك أنها غير الملائكة ونريد أن نصل بهذا إلى أن الله رب العالمين رب كل شئ نراه أو نؤمن به أو خفي عنا علمه وحقيقته وندرك مدى عظمة الله رب العالمين .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:ألا له الخلق والأمر :

وقال تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ

 وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ  الله رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤) الأعراف  ، فهذه الآية أشارت إلى تعريف الربوبيَّة

بعض الدول تصنع طائرة وتبيعُها ، بعد البيع أمرها بيد من اشتراها ، قد يستخدمها لعدوان، أو يستخدمها لنقل ، أو يستخدمها في أعمال الاستطلاع ، أو يجعلها على أرض المطار ساكنة ، أو يخفيها ، الذي اشتراها هو الذي يملك أمرها ، نحن صنعناها ثم بعناها ، لكنَّ الله سبحانه وتعالى ولله المثل الأعلى أيُّ شيءٍ خلقه بيده ، بملكوته .. ” أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ “.

فالمعنى الأول : ” لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ” أمره بيده ، تحت سيطرته ، في قبضته.

المعنى الثاني : أنَّ هذا الشيء الذي خُلق لا يصلُح ولا يستقيم أمره إلا إن اتبع أمر الذي خلق

فأنت بشكل عام والجو برد قارص وابنك الذي تحبه بلا معطف ، تذهب وتشتري له معطفاً، هذه تربية خَلْقِيَّة ، يحتاج إلى غرفة خاصة ، يحتاج إلى مال ، يحتاج إلى كتب ، يحتاج إلى أقساط ، يحتاج إلى أشياء ثانوية .. فتعطيه إياها هذه كلها تربيةٌ خَلقيِة .. لكن أحياناً رأيته يكذب فتؤدبه ، رأيته لا يصلي فتأمره بصلاة ، رأيته يلهو بأشياء سخيفة تنهاه عنها ، أنت الآن عملك شرعي .

يوجد تربية خَلقيِة وتربية شرعية ، فربنا عزَّ وجلَّ

يربي أجسامنا بإمدادها بما تحتاج ، ويربي نفوسنا بتزكيتها  لتكون أهلاً لجنَّته ، فتربية الله تربيتان ، لذلك ليس لغير ربَّ الناس جهةٌ يمكن أن تشرِّع للعبادة أبداً ، العبادة لربِّ العالمين .

معنى الربانية :

الرباني هو المنسوب إلى الرب وزيدت الألف والنون للمبالغة ، ويقال عالمٌ ربَّانيِّ أي راسخٌ في العلم وكما يقول علي : الناس ثلاث .. عالمٌ ربَّانيّ  ، ومستمعٌ على سبيل نجاة ، وهمجٌ رَعاع أتباع كلِّ  ناعق ، لم

يستضيؤوا بنور العلم ولم يلجؤوا إلى ركنٍ وثيق .

،ورجل ربَّانيِّ : أيْ كلُّ حياته محصورةٌ في معرفة الله وذكره وخدمة عباده .

قال الغزالي : هو القريب من الرب وأكثر الناس

ربانية أقربهم من الله عز وجل .

فالربَّاني هو الذي لا يتحرَّك إلا وفق منهج الله ، لا يقف موقفاً ، ولا يُعطي، ولا يمنع ، ولا يغضب ، ولا يرضى ، ولا يصل ، ولا يقطع ، إلا وفق مرضاة الله .

فكلما تخلص الإنسان من جواذب الأرض بروحه وارتفع قلبه إلى السماء وازدادت صلته بالله كان ربانيا

وفي هذا المعني يقول عبد القادر الكيلاني : العبد ملقى بين الله وبين نفسه إن نصر نفسه كان عبدا لها وإن نصر الله كان عبدا له .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

لماذا نتخذ الوسائط بيننا وبين الله ؟:

أتساءل دائما لماذا نفرغ عبادة الدعاء من روحها ، ولماذا لا ندعو الله مباشرة  بلا وسائط ، لقد اختلف العلماء قديما وحديثا في قضية التوسل لكنهم اتفقوا جميعا على أن المسلم لا يحتاج إلى واسطة للدخول على الله فلماذا لا أقصد الباب مباشرة وأدعو دعاء خالصا لله ؟!!

وأذكر أن الشيخ الغزالي في كتاب عقيدة المسلم ذكر أن بعضهم أرسل إليه رسالة  وكان مما قاله فيها : جمهور الناس عصاة والله إنما يتقبل من المتقين فلو ذهب إنسان وهو مثقل بالسيئات لن يجبه الله !!!

فقال له : إن الله قد استجاب لإبليس لما قال (أنظرني إلى يوم يبعثون ) واستجاب للمشركين لما كانوا في البحر ولعبت بهم الأمواج وظنوا أنهم أحيط بهم فدعوا الله مخلصين له الدين فأنجاهم الله منها (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) يونس ) فإذا استجاب الله لإبليس وللمشركين أفلا يستجيب لك ؟!!

ثم إن الرجل إذا كان بحالة لا يقبل منه دعاء معها فلن

يقبل منه دعاء غيره له ولو كان سيد الأنبياء ، فقد رفض استغفار النبي لابن سلول .

وقال رحمه الله في كتابه: «دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين»:قالوا: عندما احتل الانكليز القاهرة في القرن الماضي ذهب حشاش إلى قبر الإمام الشافعي يلومه كيف عجز عن رد هؤلاء المغيرين؟ فقال له حشاش آخر معتذراً: اذا كان الأكبر منه الإمام الحسين نفسه عجز عن ردهم فما يفعل هو؟!…

وقال الغزالي: «ان ناساً عندنا يرسلون شكاوى مكتوبة إلى ضريح الإمام الشافعي وآخرين يفزعون إلى بعض قبور الأولياء متذللين يطلبون منها مالا يقدر عليه إلا رب العالمين».

حكى بعض الظرفاء أنه كان جالساً في مزار مشهور

فجاء رجل يطلب من الولي الميت النجدة! لأن امرأته تلد والولادة متعسرة! وانصرف. واذا رجل يجيء بعده ليطلب مساعدة ابنه الذي دخل الامتحانات العامة! وهنا قال له الظريف الجالس ان الولي ليس هنا فقد

ذهب لتوليد حامل تعسر وضعها!!

وقد يوسوس الشيطان للعبد فيقول له إنك تدعو ولا يستجاب لك فلا فائدة من الدعاء !!!

وهذا كلام باطل لأننا على يقين أننا إذا دعونا فإن الله يسمع كلامنا ويرى مكاننا ولا يخفى عليه شئ من أمرنا لكن عطاؤه رحمة ومنعه رحمة .

كما قال سفيان الثوري إن الله ليس ببخيل ولا فقير وإنما يعطي لحكمة ويمنع لحكمة .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:ألا له الخلق والأمر :

وقال الفضيل بن عياض: تعلمت الرجاء في الله من

 طفل صغير. قالوا كيف ذلك ؟

قال: كنت في طريقي إلى المسجد ، فاذا بأم تفتح باب بيتها وتلقى منه طفلا صغيرا وأُغلق الباب، وبعدها وقف الصغير على الباب يبكي ويستعطف ويرجو ، فرقت له أمه ففتحت له وضمته إليها.

فقلت سبحان الله، هذا طفل وقف بباب أمه يبكي ويستعتب (يعتذر) ففتحت له ولو وقف العبد بباب ربه يبكى ويستعتب لفتح له .

تحريم الحلال،وتحليل الحرام يناقض توحيد الربوبية:

ومن معاني الربوبية : الأمر والنهي والتشريع ، قال -سبحانه وتعالى-: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف.  [الأنترنت - موقع الراشدون - شرح أسماء الله الحسنى -  الرب ]

*هل يجوز إطلاق " الربّ " معرَّفا على الله تعالى ؟

إطلاق اسم " الربّ " على الله تعالى إطلاق صحيح لا محذور فيه ، وقد جاء ذلك في النصوص الشرعية وكلام أهل العلم .

فروى البخاري (4849) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يُقَالُ لِجَهَنَّمَ: هَلِ امْتَلَأْتِ، وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ عَلَيْهَا، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ)

وروى مسلم (479) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ) وغير هذا من الأحاديث .

وقال البخاري رحمه الله في "صحيحه" (9/ 134):

" بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنَ الخَلاَئِقِ ، وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَكَلاَمِهِ، وَهُوَ الخَالِقُ المُكَوِّنُ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ " انتهى .

وقال أيضا (9/ 142):" بَابُ كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ، وَنِدَاءِ اللَّهِ المَلاَئِكَةَ " انتهى .

وقال الترمذي رحمه الله في "سننه" (2/ 307):

" بَابُ مَا جَاءَ فِي نُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى

السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ " انتهى .

و"الرب " من أسماء الله الحسنى الجامعة ، ومعناه : ذو الربوبية على خلقه أجمعين ، خلقا وملكا وتصرفا وتدبيرا .

قال ابن القيم رحمه الله : " الرب هو القادر الخالق البارئ المصور الحي القيوم العليم السميع البصير المحسن المنعم الجواد المعطي المانع الضار النافع المقدم المؤخر الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء ويسعد من يشاء ويشقي ويعز من يشاء ويذل من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقه من الأسماء الحسنى " انتهى من "بدائع الفوائد" (2/ 249)

وقال النووي رحمه الله: " قال العلماء: لا يطلق الرب بالألف واللام، إلا على الله تعالى خاصة " انتهى من "الأذكار للنووي" (ص363) .

فإطلاق " الربّ " على الله تعالى لا محذور فيه ، بل هو من أسماء الله الحسنى .

ولكن اعتياد استعمال هذا الاسم ، والاستعاضة به عن " الله " أو " الرحمن " أو " رب العالمين " كأن يقول القائل : بارك الرب فيك أو : باركك الرب ، أو : أعانك الرب ، أو نسأل الرب لك المغفرة ، ونحو ذلك : لا يجوز ، لما فيه من التشبه بالنصارى ، الذين يعتادون ذلك ، ويتحدثون عن "الإله" باسم "الرب" ، حتى إنهم لا يكادون يذكرون اسم "الله" ، ونحن المسلمين نخالفهم في هذا ، فاسم "الله" هو الاسم العلم على رب العالمين ، الذي تفرد به عمن سواه .

فالذي ينبغي للمسلم ويحسن به أن يكون أكثر استعماله هو لاسم الله تعالى "الله" ، وإذا استعمل اسم "الرب" أحيانا ، وكان السياق مناسبا لذلك فلا بأس بذلك .[ الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب – المنجد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*حكم تعظيم الرب في الركوع بما لم يرد في السنة:

  الحديث المذكور في النهي عن القراءة راكعًا وساجدًا ثابت رواه مسلم في الصحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي ﷺ أنه قال: إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.

المعنى: حري أن يستجاب لكم، وقد روي معنى شطره الأول عن علي ، أنه ثبت عن علي أيضًا  في النهي عن القراءة راكعًا أو ساجدًا، فلا يجوز للمسلم أن يقرأ في الركوع والسجود، لكن لو دعا في السجود بدعاء يوافق ما في القرآن لم يكن قارئًا، إذا أراد الدعاء فقط، كأن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ، رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، لا يقصد القراءة يقصد الدعاء فلا حرج في ذلك، وكذلك إذا عظم الرب بأنواع من التعظيم لم ترد لا بأس؛ لأن الرسول ﷺ قال: عظموا فيه الرب، فعمم، فإذا قال من التعظيم ما قاله السائل، أو اقتصر على الوارد كله طيب، وكونه يقتصر على الوارد ويكثر من الوارد ويكرر أفضل، ولهذا قال ﷺ لما سمع الرجل قال: حمدًا كثيرًا طيبًا، قال: لقد رأيت بضعًا وثلاثين ملكًا يبتدرونها

 أيهم يكتبها، فأقرها.

فدل ذلك على استحباب مثل هذا التحميد، أن يقول: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد؛ لأن الرسول ﷺ فعل بعض هذا وأقر هذه الزيادة "حمدًا كثيرًا"، وكان يقول ﷺ: ربنا ولك الحمد، وربما قال: اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، فلما أقر الرجل على قوله: "حمدًا كثيرًا" إلى آخره دل على شرعية ذلك، وأن يقول: ربنا ولك الحمد أو اللهم ربنا لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد؛ لأن

هذا كله ثناء.

وكان ﷺ ربما زاد: أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، في وقوفه بعد الركوع، في اعتداله بعد الركوع كل هذا مشروع، أقله اللهم ربنا لك الحمد، أو ربنا ولك الحمد، هذا الواجب عند جمع من أهل العلم، وأكثر أهل العلم على أنه سنة، لكن القول بوجوب هذا المقدار هو الأصح؛ لأن الرسول أمر به عليه الصلاة والسلام، وما زاد على ذلك فهو كله سنة.

قوله: حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وقوله: ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، كل هذا سنة، كذلك قوله: أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، يعني: ولا ينفع ذا الغنى والحظ والبخت منك غناه، .... المعنى: كلنا فقراء إلى الله ، فإذا أتى بهذا تارة وحذفه تارة فلا بأس لأنه سنة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*حكم تعظيم الرب في الركوع بما لم يرد في السنة:

والدعاء كذلك يدعو بما يسر الله من الدعاء، ولكن تحري الدعاء الوارد أفضل، كما أنه يتحرى التعظيم الوارد في الركوع والسجود، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، هذا مما ورد في الركوع والسجود سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ولو قال: سبحان الملك العظيم، أو سبحان الله العظيم كله تعظيم كله تعظيم.

لكن كونه يتحرى الأذكار الواردة في الركوع والدعوات الواردة في السجود كله طيب أفضل من غيره، ولكن إذا دعت الحاجة إلى أن يدعو بدعوات أخرى فيدعو، لقوله ﷺ: وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، وللحديث الثاني رواه مسلم في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء، رواه مسلم.

فهذا يدل على أنه يشرع إكثار الدعاء في السجود بما يحتاجه المسلم، فإذا كان محتاجًا للزواج قال: اللهم يسر لي زوجة صالحة، أو للذرية اللهم يسر لي ذرية طيبة، أو لكسب حلال، قال: اللهم يسر لي كسبًا حلالًا كل هذا لا بأس به، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك، وإذا أكثر من الدعوات المشروعة الواردة كان أفضل، مثل: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره؛ لأن هذا ورد عن النبي ﷺ.

كذلك: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر

 الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، هذا دعاء وارد عن النبي ﷺ، أو اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، هذا من الدعاء الوارد، ولكن يشرع مع هذا أن يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح يقوله في السجود كما يقوله في الركوع أيضًا، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي في الركوع والسجود، هذا تعظيم معه دعاء، قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. نعم..[ الأنترنت - موقع الشيخ ابن باز]

*(الرب) من أسماء الله –عز وجل- الحسنى التي يدعى بها، ويمجد بها، ويقدس بها:

وعامة ما جاء في ذكر هذا الاسم الكريم إنما جاء

مضافاً إلى الخلق عموماً وخصوصاً مثل: (رب العالمين)، (رب السماوات والأرض)، (رب الملائكة)، (رب العرش) ونحو ذلك.

وورد ذكره في القرآن في أكثر من 900 موضع؛ كقوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة: 2]، وقوله سبحانه: قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام: 164]، وقوله –عز وجل-: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ [هود: 66]، وقوله سبحانه: وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ [المؤمنون: 97-98]، وقوله تعالى: بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [سبأ: 15]، وقوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة: 74]. وقد ورد كثيراً في أدعية الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – والصالحين

قولهم: (ربنا)...

...وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: ("والرب" هو المالك المتصرف ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح.                                وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى).

ويبين الإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى- معنى قوله تعالى: رَبِّ الْعَالَمِينَ فيقول: (قوله: رَبِّ الْعَالَمِينَ: ربوبيته للعالم تتضمن تصرفه فيه، وتدبيره له، ونفاذ أمره كل وقت فيه، وكونه معه كل ساعة في شأن، يخلق ويرزق؛ ويميت ويحيي، ويخفض ويرفع؛ ويعطي ويمنع؛ ويعز ويذل، ويصرف الأمور بمشيئته وإرادته، وإنكار ذلك إنكار لربوبيته وإلهيته وملكه)  ((الصواعق المرسلة)) (4/1223).      .

ويتحدث –رحمه الله تعالى- عما يشاهده العبد من اسمه سبحانه (رب العالمين) فيقول: (وشاهد من ذكر اسمه: رَبِّ الْعَالَمِينَ قيوماً قام بنفسه؛ وقام به كل شيء، فهو قائم على كل نفس بخيرها وشرها، قد استوى على عرشه، وتفرد بتدبير ملكه، فالتدبير كله بيديه، ومصير الأمور كلها إليه، فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده على أيدي ملائكته بالعطاء والمنع، والخفض والرفع، والإحياء والإماتة، والتوبة والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين: يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن: 29]. لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، ولا مبدل لكلماته، تعرج الملائكة والروح إليه، وتعرض الأعمال – أول النهار وآخره – عليه، فيقدر المقادير ويوقت المواقيت، ثم يسوق المقادير إلى مواقيتها، قائماً بتدبير ذلك كله وحفظه ومصالحه)              ((الصلاة وحكم تاركها)) (ص: 169، 170). [الأنترنت – موقع الموسوعة العقدية – الرب]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*اسم (الرب) من أعظم الممادح التي مجد الله عز وجل - نفسه بها:

ومن ذلك : امتداح الله – عز وجل – نفسه بأنه: رَبِّ الْعَالَمِينَ والعالمون جمع عالم. وكل ما سوى الله فهو عالم: قال تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } والنصوص المعرفة بأنه رب العالمين كثيرة جداً، كما مدح نفسه رب كل شيء كما في قوله تعالى:{ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }[الأنعام: 164].

تمجيده سبحانه نفسه بأنه رب العرش العظيم كما في قوله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } [النمل: 26]، وقوله – عز وجل -: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } [المؤمنون: 116].

كما مدح سبحانه نفسه بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما.

قال الله عز وجل : {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}مريم: 65 ، وامتدح الله نفسه –تبارك وتعالى- بأنه ربنا ورب آبائنا الأولين، قال سبحانه: {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ }[الشعراء: 26].

وقال عن نفسه –عز وجل- أيضاً رب المشرق والمغرب، ورب المشارق والمغارب، قال عز وجل:{ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً } [المزمل: 9]، وقال تبارك وتعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ }[المعارج: 40].

اسم "الرب" –سبحانه وتعالى- من أكثر الأسماء التي يدعى بها الله عز وجل ، يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (و"الرب" هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم. وأخص من هذا: تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم، وأخلاقهم. ولهذا أكثر دعائهم له بهذا الاسم الجليل؛ لأنهم يطلبون منه

 التربية الخاصة) ((تفسير السعدي)) (5/486).     

وهذا واضح وجلي فيما ذكره الله – عز وجل – في كتابه الكريم عن أنبيائه – عليهم الصلاة والسلام – وأوليائه الصالحين حيث صدروا دعاءهم بهذا الاسم الكريم ومن ذلك.

- دعاء الأبوين – عليهما السلام – بقولهما: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 23].

- دعاء نوح – عليه الصلاة والسلام – بقوله: رَبِّ

 اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ... الآية [نوح: 28]، وقوله: رَبِّ

 إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي [هود: 54].

- ودعاء موسى – عليه الصلاة والسلام – بقوله: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ [الأعراف: 151]، وقوله: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ الأعراف: 155[.]

- ودعاء يوسف عليه الصلاة والسلام: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [يوسف: 33]، وقوله: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ... الآية [يوسف: 101].

- ودعاء زكريا عليه الصلاة والسلام: رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً [آل عمران: 38].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*اسم (الرب) من أعظم الممادح التي مجد الله عز وجل - نفسه بها:

- ودعاء أيوب عليه الصلاة والسلام: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي [ص: 35].

- ودعاء امرأة عمران في قولها: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا... الآية [آل عمران: 35].

- ودعاء عباد الله الصالحين في قولهم: رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران: 193-194]، وقولهم: رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا [الفرقان: 65].

- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله كثيراً باسم (الرب)، ويمجده ويعظمه به، فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((ألا أدلك على سيد الاستغفار، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت...))  رواه البخاري (6306). من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.      .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه يقول: ((اللهم رب السماوات، ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن...))  رواه مسلم (1035).      

وكان إذا افتتح صلاته من الليل قال: ((اللهم رب

 جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات

والأرض...))  رواه مسلم (770).      .

وكان صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب بقوله: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش

الكريم))  رواه البخاري (6345)، ومسلم (2730).     

والنصوص الواردة في ذلك كثيرة

وهذا يدل على اختصاص هذا الاسم بمعان عظيمة كريمة يتضمنها هذا الاسم الكريم أو يستلزمها.

فمما يتضمنه هذا الاسم الكريم:

أن الله – عز وجل – رب كل شيء وخالقه ومليكه، والقادر عليه، والمتصرف في جميع أموره؛ وبهذا فإنه لا يخرج شيء عن ربوبيته. وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته وتحت قهره لأن أحداً لا يدعي أنه أو غيره من المخلوقين هو الخالق البارئ المحيي المميت القادر على كل شيء، والمتصرف في كل شيء. إلا شذراً من ملاحدة الصوفية، والباطنية والنصرانية التي تزعم أنه مع الله – عز وجل – شريك في ربوبيته وتصريفه لهذا الكون تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

أما أكثر طوائف المشركين فقد أقروا بربوبية الله – عز وجل – ولم ينكروها. وهم عبيد الله – عز وجل – بهذا المعنى قال تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  [يونس: 31]

وهم الذين قال الله – عز وجل – عنهم: إِن كُلُّ مَن

 فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [مريم: 93]، وقال فيهم: وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [آل عمران: 83].

فالذين آمنوا بربوبية الله – عز وجل – وحدها دون

 أن يوحدوه ويعبدوه هم الذين أسلموا لله – عز وجل – كرهاً. وأما الذين وحدوه وعبدوه وأطاعوه فهم أهل العبودية الخاصة الذين عبدوا الله – عز وجل – طوعاً واختياراً وانقياداً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والخمسون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: مما يتضمنه هذا الاسم الكريم:

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: العبودية نوعان: عامة،

 وخاصة. فالعبودية العامة: عبودية أهل السماوات والأرض كلهم لله، برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم. فهذه عبودية القهر والملك. قال تعالى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [مريم: 88-93] فهذا يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم.

وقال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاء [الفرقان: 17] فسماهم عباده مع ضلالهم. لكن تسمية مقيدة بالإشارة. وأما المطلقة: فلم تجئ إلا لأهل النوع الثاني، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

وقال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الزمر: 46]، وقال: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ [غافر: 31]، إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ

[الزمر: 48] فهذا يتناول العبودية الخاصة والعامة.

وأما النوع الثاني: فعبودية الطاعة والمحبة، واتباع الأوامر.

قال تعالى: يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ [الزخرف: 68]، فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر: 78-18]، وقال: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان: 63]، وقال تعالى عن إبليس: وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [الحجر: 39-40]، وقال تعالى: عنهم: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الإسراء: 65] ((مدارج السالكين)) (1/105)  .

وقال في موطن آخر: (فهو رب كل شيء وخالقه، والقادر عليه، لا يخرج شيء عن ربوبيته. وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته، وتحت قهره، فاجتمعوا بصفة الربوبية، وافترقوا بصفة الإلهية، فألهه وحده السعداء، وأقروا له طوعاً بأنه الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا تنبغي العبادة والتوكل، والرجاء والخوف، والحب والإنابة والإخبات والخشية، والتذلل والخضوع إلا له.

وهنا افتراق الناس، وصاروا فريقين: فريقاً مشركين في السعير، وفريقاً موحدين في الجنة)               ((مدارج السالكين)) (1/34، 35).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الستون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: مما يتضمنه هذا الاسم الكريم:    

وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (ولما كان علم النفوس بحاجتهم وفقرهم إلى الرب قبل علمهم بحاجتهم وفقرهم إلى الإله المعبود، وقصدهم لدفع حاجاتهم العاجلة قبل الآجلة، كان إقرارهم بالله من جهة ربوبيته أسبق من إقرارهم به من جهة ألوهيته، وكان الدعاء له، والاستعانة به،

 والتوكل عليه فيهم أكثر من العبادة له، والإنابة إليه.

ولهذا إنما بعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له الذي هو المقصود المستلزم للإقرار بالربوبية، وقد أخبر عنهم أنهم: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف: 87]، وأنهم إذا مسهم الضر ضل من يدعون إلا إياه وقال: وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [لقمان: 32]، فأخبر أنهم مقرون بربوبيته، وأنهم مخلصون له الدين إذا مسهم الضر في دعائهم واستعانتهم، ثم يعرضون عن عبادته في حال حصول أغراضهم.

وكثير من المتكلمين إنما يقررون الوحدانية من جهة الربوبية، وأما الرسل فهم دعوا إليها من جهة الألوهية. وكذلك كثير من المتصوفة المتعبدة، وأرباب الأحوال إنما توجههم إلى الله من جهة ربوبيته؛ لما يمدهم به في الباطن من الأحوال التي بها يتصرفون، وهؤلاء من جنس الملوك. وقد ذم الله – عز وجل – في القرآن هذا الصنف كثيراً، فتدبر هذا فإنه تنكشف به أحوال قوم يتكلمون في الحقائق، ويعملون عليها، وهم لعمري في نوع من الحقائق الكونية القدرية الربوبية لا في الحقائق الدينية الشرعية الإلهية، وقد تكلمت على هذا المعنى في مواضع متعددة، وهو أصل عظيم يجب الاعتناء به، والله سبحانه أعلم)  ((مجموع الفتاوى)) (14/14، 15).  [ الأنترنت – موقع الموسوعة العقدية – الرب]

* الإيمان بأن الله هو الرب وحده لا شريك له ، له الخلق والأمر: والرب هو الملك الذي له الخلق والأمر في الكون كله.

فلا خالق إلا الله.. ولا مالك إلا الله.. والأمر كله لله.

قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1]} [المُلك:1].

وقال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [54]} [الأعراف:54].

وقال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [26] تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [27]} [آل عمران].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والستون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: معرفة الرب:

الله عز وجل هو العليم بكل شيء.. عالم الغيب والشهادة.. يعلم ما في السماوات وما في الأرض.. ويعلم مثاقيل الجبال.. ويعلم مكاييل البحار.. ويعلم عدد قطر الأمطار.. ويعلم عدد ذرات الرمال.. ويعلم عدد ورق الأشجار، ويعلم بكل ما في العالم العلوي.. ويعلم بكل ما في العالم السفلي.. ويعلم ما في البر والبحر والجو كما قال سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام:59].

والله جل جلاله هو العظيم وحده لا شريك له، وهو الواحد القهار، الكبير المتعال، خلق الخلائق بإرادته، وقهر المخلوقات بقوته، وأمسك السماء بقدرته، ودحا الأرض بمشيئته، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

وهو سبحانه القوي العزيز الجبار المتكبر، الذي خضعت الأعناق لعظمته، وخشعت الأصوات لهيبته، وذل كل مخلوق لقوته وجبروته.

وهو المَلِك الذي بيده المُلك.. القوي الذي بيده القوة.. الغني الذي بيده كل شيء، وعنده خزائن كل شيء.. الرزاق الذي بيده الرزق.

قال الله تعالى: {سهُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [24]} [الحشر:24].

وقال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [21]} [الحِجر:21].

والله جل جلاله هو الكريم الذي قدر فعفا، وعاهد ووفّى، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى.

يعطي من يطيعه ويعصيه.. ومن سأله ومن لم يسأله.. ويعطي الثواب الجزيل على العمل القليل، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وهو الغني وحده، وكل ما

سواه فقير إليه.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [15]} [فاطر:15].

والله سبحانه هو القادر على كل شيء.

أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً،

الخلائق كلها في قبضته، والأمور كلها بيده، هو

القادر وحده، وكل ما سواه عاجز.

قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [67]} [الزُّمَر:67].

والله سبحانه هو الخالق الذي خلق كل شيء، ولا يعجزه شيء، يستوي عنده خلق الكبير والصغير،

والجبل والذرة، والبحر والقطرة.

قال الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [24]} [الحشر:24].

وقال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [62] لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [63]} [الزُّمَر].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية والستون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: والله جل جلاله كل يوم هو في شأن.

يدبر الأمر.. ويرسل الرياح.. ويرسل الصواعق.. وينزل الغيث.. ويحي الأرض بعد موتها.. ويحيي ويميت.. يعز من يشاء.. ويذل من يشاء..

ويهدي من يشاء.. ويضل من يشاء.. ويعطي ويمنع.. ويرفع ويخفض.قال الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ

 وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }[البقرة:164].

وقال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [26] تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ  [آل عمران:26- 27].

والله وحده عنده خزائن كل شيء، ويملك خزائن كل شيء، فكل شيء في الوجود فخزائنه عند الله.

خزائن السماوات.. وخزائن الأرض.. وخزائن الرياح.. وخزائن المياه.. وخزائن النبات.. وخزائن الحيوان.. وخزائن التراب.. وخزائن المعادن.. وخزائن العذاب.. وخزائن الرحمة.. وخزائن الهداية.. وخزائن القوة.. وخزائن العزة. فكل هذه الخزائن وغيرها عند الله..

 وبيد الله.. وملك لله.

قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [21]} [الحِجر].وقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ [7]} [المنافقون].إذا علمنا ذلك كله، وتيقنا على كمال قدرة الله، وكمال عظمة الله، وكمال علم الله، وكمال قوة الله، وكمال كبرياء الله، وكمال رحمة الله، وكمال كرم الله، وعظمة خزائن الله، عرفنا ربنا بأسمائه وصفاته، وأنه وحده له الأسماء الحسنى، والصفات العلا. فإذا حصلت هذه المعرفة بالله وأسمائه وصفاته أقبلت القلوب إليه.. وانشرحت الصدور لعبادته.. وانقادت الجوارح لطاعته.. ولهجت الألسن بذكره.. واجتمعت الألسن والقلوب على

تكبيره وتوحيده وتسبيحه وحمده.

فلا تسأل إلا إياه، ولا تستعين إلا به، ولا تتوكل إلا عليه، ولا تحب إلا هو، ولا تخاف إلا منه، ولا تعبد إلا إياه.

قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الأنعام:102].

وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [21] الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [22]} [البقرة:21- 22]. [الأنترنت – موقع نداء الإيمان ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والستون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: *موازنة بين لفظتي: الله ورب:

قولنا: الله أشرف من قولنا: رب على ما بينا ذلك بالوجوه الكثيرة في تفسير أسماء الله تعالى، ثم أن الداعي في أكثر الأمر يقول: يا رب، يا رب، والسبب فيه النكت والوجوه المذكورة في تفسير أسماء الله تعالى فلا نعيدها. اهـ.

.قال القرطبي: قوله تعالى: {رَبِّ العالمين} أي مالكهم، وكل من ملك شيئًا فهو رَبّه؛ فالربُّ: المالك.

وفي الصحاح: والرب اسم من أسماء الله تعالى، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة؛ وقد قالوه في الجاهلية للملِك، قال الحارث بن حِلِّزة:

وَهُوَ الربّ والشَّهيدُ على يَوْ ** مِ الْحِيَارَيْنِ والْبَلاَءُ بَلاءُ

والرب: السيد؛ ومنه قوله تعالى: {اذكرني عِندَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]. وفي الحديث: «أنْ تلد الأَمَةُ ربَّتها» أي سيدتها؛ وقد بينّاه في كتاب التذكرة.

والربّ: المصلح والمدبّر والجابر والقائم.

قال الهَرَوِيّ وغيره: يقال لمن قام بإصلاح شيء

وإتمامه: قد رَبّه يَرُبّه فهو رَبّ له ورابّ؛ ومنه سمي الربّانيون لقيامهم بالكتب. وفي الحديث: «هل لك مِن نعمة تَرُبُّها عليه» أي تقوم بها وتصلحها.

ويقال على التكثير: ربّاه وربّبه وربَّتَه؛ حكاه النحاس.

وفي الصحاح: ورَبّ فلان ولدَه يُرُّبه رَبًّا، وربَّبَه وَتَرَبَّبه بمعنىً؛ أي ربّاه. والمَرْبوب: المربَّى.

.فائدة الاختلاف في كون كلمة: رب اسم الله الأعظم:

قال بعض العلماء: إن هذا الاسم هو اسم الله الأعظم؛ لكثرة دعوة الداعين به، وتأمل ذلك في القرآن، كما في آخر آل عمران وسورة إبراهيم وغيرهما، ولما يشعر به هذا الوصف من الصلة بين الربّ والمَرْبوب، مع ما يتضمّنه من العطف والرحمة والافتقار في كل حال.

واختلف في اشتقاقه؛ فقيل: إنه مشتق من التربية؛

 فالله سبحانه وتعالى مدبِّر لخلقه ومربيّهم، ومنه قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23].

فسمى بنت الزوجة رَبِيبة لتربية الزوج لها. فعلى أنه مدبر لخلقه ومربيهم يكون صفة فعل؛ وعلى أن الربّ بمعنى المالك والسيد يكون صفة ذات.

.فائدة: دخول الألف واللام على ربّ اختصاص بالله تعالى: متى أدخلت الألف واللام على ربّ اختص الله تعالى به؛ لأنها للعهد، وإن حذفنا منه صار مشتركًا بين الله وبين عباده. فيقال: الله رَبّ العباد، وزيد رَبّ الدّار؛ فالله سبحانه رَبّ الأرباب؛ يملك المالك والمملوك، وهو خالق ذلك ورازقه، وكل رَبٍّ سواه غير خالق ولا رازق، وكل مملوك فَمُملَّك بعد أن لم يكن، ومنتزع ذلك من يده، وإنما يملك شيئًا دون شيء؛ وصفة الله تعالى مخالفة لهذه المعاني، فهذا الفرق بين صفة الخالق والمخلوقين.[ الأنترنت – موقع نداء الإيمان ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والستون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: *اسم الله الرب- خطبة جمعة

عباد الله: إن لهذا الكون مالكًا يملكه ويدبر أمره ويقوم على شئونه، يرزق ويكلأ ويمنح ويرعى ويحفظ، يربي ويؤدب ويقوِّم، يتصرف في الأمور والأقدار والآجال، يصون أولياءه ويدني أصفياءه، يمهل العاصي ويثيب الطائع، يصلح الأجساد والأرواح والقلوب؛ وإننا إن أردنا أن نجمع كل ما مر في كلمة واحدة قلنا: “إن لهذا الكون ربًا“، فإن كلمة الرب شاملة لكل هذا، ذاك هو الله رب العالمين.

أيها المسلمون: إن من أسماء الله الحسنى اسم الله الرب، ومعناه: المربي لجميع خلقه بالرزق والتدبير والحفظ والعناية، والمربي لأوليائه بإصلاح قلوبهم وتصفية أرواحهم وتهذيب أخلاقهم، ومنه قول الله -تعالى-: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) [النساء: 23]؛ فإن “الربائب جمع ربيبة وهي بنت المرأة من رجل آخر، سميت ربيبة لتربيتها في حجر الرجل” (تفسير الخازن).

ومن معاني اسم الله الرب: القائم بالشيء المصلح له، “يقال: رببت الشيء أربه ربًا وربابة: إذا أصلحته وقمت عليه” (اشتقاق أسماء الله للزجاجي)، و”يقال: رب فلان الضيعة يربها: إذا أصلحها فالله -تعالى- مالك العالمين ومربيهم ومصلحهم” (الخازن)، وفي الحديث: “هل لك عليه من نعمة تربها” (مسلم)، أي تقوم عليها وتصلحها.

ومن معانيه: المالك، ومنه قوله -تعالى-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، أي مالكهم، يقال: رب الدار ورب الشيء أي مالكه، قال القرطبي: “رب العالمين: أي مالكهم، وكل من ملك شيئًا فهو ربه، فالرب: المالك” (تفسير القرطبي)، “ورب الشيء، مالكه، فالله -عز وجل- مالك العباد… ومصدر الرب: الربوبية، وكل من ملك شيئًا فهو ربه، يقال: هذا رب الدار ورب الضيعة” (اشتقاق أسماء الله للزجاجي).

وعليه: فالرب -سبحانه وتعالى- هو الخالق لجميع

المخلوقات، والمالك لكل الموجودات، والمتكفل برعايتها

وهدايتها، والمدبر لها أمورها.

ويجب الانتباه هنا إلى أنه لا يصح أن يطلق اسم  الرب معرفًا بالألف واللام كقوله -صلى الله عليه وسلم-: “فأما الركوع فعظموا فيه الرب -عز وجل-” (رواه مسلم)، كما لا يحوز أن يطلق لفظ: “رب” بلا تعريف ولا إضافة كقوله -تعالى-: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس: 58]؛ إلا على الله -عز وجل- وحده لا شريك له، وفي هذه الحالة لا يجوز تأنيثه أبدًا، يقول الزجاجي: “ولا يقال:  الرب معرفًا بالألف واللام مطلقًا إلا لله -عز وجل-؛ لأنه مالك كل شيء” (اشتقاق أسماء الله للزجاجي)، ولا يطلق على المخلوق إلا مضافًا إلى غيره، فيقال: “رب البيت” مثلًا، وهنا يجوز تأنيثه فيقال: “ربة المنزل”…

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والستون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: *اسم الله الرب- خطبة جمعة

وحقيقة الربوبية ومعناها: “الإقرار الجازم بأن الله -تعالى- رب كل شيء ومليكه وخالقه ومدبره والمتصرف فيه، لم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، ولا راد لأمره ولا معقب لحكمه، ولا مضاد له ولا مماثل، ولا سمي له ولا منازع في شيء من معاني ربوبيته، ومقتضيات أسمائه وصفاته، قال الله -تعالى-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة: 2]، وقال تعالى: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16].

وتوحيد الله -تعالى- ربًا مالكًا وخالقًا ورازقًا مما لم يستطع أحد أن يجحده حتى الكفار والمشركون، بل الجميع قد أقروا به، قال الله -تعالى-: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [العنكبوت: 61]، وقال -عز من قائل-: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) [العنكبوت: 63]، وقال -سبحانه-: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى

يُؤْفَكُونَ) [الزخرف: 87].

وهذا النوع من التوحيد لا يُدخل الكافر في الإسلام ولا يعصم دمه ولا ماله؛ فقد قاتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل مكة واستحل دماءهم وأموالهم رغم إقرارهم السابق، لأنه لا بد من توحيد الألوهية والأسماء والصفات، أما توحيد الربوبية؛ فمما فطر الله الناس عليه.

أيها المؤمنون: يقول بعض علمائنا أن اسم الله الرب هو اسم الله الأعظم، ويمكن أن يُستدل لذلك بقول اثنين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هما: أبو الدرداء وابن عباس -رضي الله عنهم- فقد كانا يقولان: “اسم الله الأكبر رب رب” (الحاكم والطبراني وحسنه الألباني).

وقالوا: أن اسم الله  الرب هو أول اسم نزل به

القرآن، وهو كذلك أول اسم من أسماء الله الحسنى يأمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يقرأ به قائلًا -عز من قائل-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: 1]، كذلك؛ فإنه أكثر أسماء الله -عز وجل- الذي يردده الخلق ويدعونه به ويسألونه به، وإلى اسم الله الرب يُنسب الأفذاذ المخلصون من عباده فيقال: “عالم رباني” أي راسخ في العلم، -وأيضًا-؛ فاسم الله الرب اسم يشمل العديد من الأسماء الحسنى الأخرى؛ فالرب هو الخالق وهو المالك وهو القيوم وهو المنعم؛ كما وضحنا عند الكلام عن معاني هذا الاسم الكريم.

وقد اختلف العلماء في اسم الله الأعظم على أقوال كثيرة، وليس هذا القول بأقواها، “وهناك اجتهاد مقبول أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي يتعلق بحالك؛ فاسم الله الأعظم المتعلق بالمريض الشافي، والفقير اسم الله الأعظم له المغني، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل، والمقهور اسم الله الأعظم له الناصر” (شرح أسماء الله الحسنى للنابلسي).

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السادسة والستون في موضوع

 (الرب) وهي بعنوان: *اسم الله الرب- خطبة جمعة

إن ركون قلب العبد إلى اسم الله الرب ليولد في هذا القلب أنوارًا وهدايات، ومنها:

الطمأنينة إلى أقدار الله وأفعاله: فالرب -عز وجل- لا يفعل بخلقه إلا ما فيه خيرهم وإلا الأصلح لهم، فهو من تفضل بخلقهم ولم يكونوا شيئًا، ثم تكفل برزقهم وحفظهم وهدايتهم، ووهبهم وامتن عليهم، وحتى في ابتلاءاته -عز وجل- لهم فما يبتلي إلا لينبِّه ويُحذِّر، كما قال -عز وجل-: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]؛ بل قال -تعالى- عن الفاسقين: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [السجدة: 21]؛ فما يحرِم إلا ليمنح، ولا يمرِض إلا ليشفي، ولا يمتحن إلا ليرفع… سبحانه هو الرب -عز وجل-.

ومنها: عدم التطلع إلا إليه ولا الرجاء إلا فيما عنده؛ فما دام الله -تعالى- هو الرب المالك لكل شيء والخالق لكل شيء والمدبر لكل أمر، فما عسانا نحتاج من سواه؟! وسواه لا يملك إلا صورة؛ فإن الملك الحقيقي لله وحده، ففي الحديث القدسي يقول الرب -تبارك وتعالى-: “يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر” (رواه مسلم)، ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات

 والأرض، فإنه لم يغض ما في يده” (متفق عليه).

ومنها: العودة والتوبة إليه -سبحانه- مهما زادت الذنوب والخطايا؛ وكيف لا؛ والأب أو الأم يقبلان ولدهما

ويصفحان عنه مهما أساء ومهما ابتعد؛ فالولد من صلب أبيه ومن رحم أمه؛ قطعة منهما، ولله المثل الأعلى؛ فالرب -عز وجل- هو الذي خلق وهو الذي فطر وابتدئ وهو اللطيف بعبده: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14]؛ فهما أخطأ العبد؛ فالرب -عز وجل- يقبله ويفرح بتوبته ويعفو عن قبيحه، وهو -تبارك وتعالى- الذي يهتف بعبده؛ فيقول: “يا ابن آدم: إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة” (الترمذي)،

وهو الذي يبسط يده إليهم صباح مساء ليتوبوا.

ومنها: دعاء الله باسمه الرب؛ فإن العبد ليشعر أنه أقرب أسماء الله -تعالى- إلى لسانه وأسرعها تبادرًا إليه عند الدعاء؛ بل لقد أكثر القرآن من تعليمنا أن ندعو به؛ فقد ورد لفظ “ربنا” في القرآن أكثر من تسعين مرة، ولفظ: “رب” أكثر من مائة وعشرين مرة، ولفظ: “ربي” أكثر من ثمانين مرة، فلعله أكثر أسماء الله الحسنى ذكرًا في القرآن بعد اسمه -تعالى- (الله) يقول -سبحانه تعالى- معلِّمًا إيانا الدعاء به: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) [البقرة: 286]. [ الأنترنت – موقع ملتقى الخطباء – خطبة جمعة]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السابعة والستون في موضوع

 (الرب) وهي بعنوان:

*ما سر هذا الاسم من أسماء الله تعالى, وتعلق الأنبياء به في القرآن..؟؟

فإن المتتبع لدعوات الأنبياء عليهم وعلى إمامنا وإمامهم أزكى صلوات الله وأتم تسليماته يجد اتفاق ألفاظها في كثير من المواضع على نداء الله باسم (الرب) وأريد أن أسأل المشايخ الفضلاء عن هذا الاسم من أسماء الله تعالى هل قال أحد من أهل العلم أنه هو الاسم الأعظم لله, وإلا فما سر إطباق الأنبياء وإجماعهم على دعاء الله به , سيـَّما وأن كثيراً من تلك الدعوات أُتبع بالفاء الدالة على التعقيب بالإجابة, كقول الله عن آدم  حين دعاه هو وحواء بقولهما ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين فقال الله فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيموقوله عن داود وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب * فغفرنا لهوقوله عن أيوب وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين*فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين وقول الله عن زكريا هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء * فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين وقوله عنه في موضع آخر: وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعينوقول الله عن إبراهيم فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير *فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين وقول الله عن لوط رب نجني وأهلي مما يعملون * فنجيناه وأهله أجمعينوقول الله عن يوسف قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين *فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم وغير ذلك من المواطن في كتاب الله فما سر ذلك أيها الفضلاء..؟؟

نقَلَ بعض أهلِ العلمِ كالْعُتْبِيُّ وغيرهِ عن الإمامِ مالكٍ كراهةَ الدعـاءِ للهِ بغير هذا الاسمِ (رَبَّنَـا) وعلل  ذلك بأنَّ أكثر دعاءِ الأنبياءِ إنَّما كان بهِ , وفصَّـلَ شيخُ الإسلامِ في ذلك بوجهٍ حسنٍ خلاصتُـهُ أنَّ من سبَقَ في قلبهِ قصدُ الطلبِ والسؤالِ نَاسبَ أَنْ يَسألَهُ بِاسْمه الرَّب , أَمَّا إذَا سبَق إلَى قَلبِه قَصد الْعِبَادة فَاسمُ (اللَّهِ) أَوْلَى بالمسألةِ , قال :

(وَلِهَذَا قَالَ يُونُسُ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ الظَّالِمِينَ وَقَالَ آدَم: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ فَإِنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ مُغَاضِبًا، وَقَالَ تَعَالَى: فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّك وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ قَالَ تَعَالَى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَفَعَلَ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ )فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِحَالِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالثَّنَاءِ عَلَى رَبِّهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يُطَاعُ الْهَوَى، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يُضْعِفُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَدِمَ عَلَى ارْتِفَاعِ الْعَذَابِ عَنْ قَوْمِهِ بَعْدَ أَنْ أَظَلَّهُمْ وَخَافَ أَنْ يَنْسُبُوهُ إلَى الْكَذِبِ فَغَاضَبَ وَفَعَلَ مَا اقْتَضَى الْكَلَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْ يُقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَهَذَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ مَا سِوَى اللَّهِ مِنْ الْإِلَهِيَّةِ، سَوَاءٌ صَدَرَ ذَلِكَ عَنْ هَوَى النَّفْسِ أَوْ طَاعَةِ الْخَلْقِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ: سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ الظَّالِمِينَ. وَالْعَبْدُ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ فِيمَا يَظُنُّهُ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ، وَفِيمَا يُرِيدُهُ وَهُوَ غَيْرُ حَسَنٍ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والستون في موضوع

 (الرب) وهي بعنوان:

*ما سر هذا الاسم من أسماء الله تعالى, وتعلق الأنبياء به في القرآن..؟؟

وَأَمَّا آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ اعْتَرَفَ أَوَّلًا بِذَنْبِهِ فَقَالَ:

 ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ آدَمَ مَنْ يُنَازِعُهُ الْإِرَادَةَ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، مِمَّا يُزَاحِمُ الْإِلَهِيَّةَ بَلْ ظَنَّ صِدْقَ الشَّيْطَانِ الَّذِي وَقَاسَمَهُمَا إنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ، فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَالشَّيْطَانُ غَرَّهُمَا وَأَظْهَرَ نُصْحَهُمَا فَكَانَا فِي قَبُولِ غُرُورِهِ وَمَا أَظْهَرَ مِنْ نُصْحِهِ حَالُهُمَا مُنَاسِبًا لِقَوْلِهِمَا: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا لِمَا حَصَلَ مِنْ التَّفْرِيطِ، لَا لِأَجْلِ هَوًى وَحَظٍّ يُزَاحِمُ الْإِلَهِيَّةَ وَكَانَا مُحْتَاجَيْنِ إلَى أَنْ يَرُبَّهُمَا رُبُوبِيَّةً تُكْمِلُ عِلْمَهُمَا وَقَصْدَهُمَا حَتَّى لَا يَغْتَرَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَهُمَا يَشْهَدَانِ حَاجَتَهُمَا إلَى اللَّهِ رَبِّهِمَا الَّذِي لَا يَقْضِي حَاجَتَهُمَا غَيْرُهُ.

وَذُو النُّونِ شَهِدَ مَا حَصَلَ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ الْإِلَهِيَّةِ بِمَا حَصَلَ مِنْ الْمُغَاضَبَةِ وَكَرَاهَةِ إنْجَاءِ أُولَئِكَ، فَفِي ذَلِكَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي الْفِعْلِ لِحُبِّ شَيْءٍ آخَرَ مَا يُوجِبُ تَجْرِيدَ مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ وَتَأَلُّهِهِ لَهُ وَأَنْ يَقُولَ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ فَإِنَّ قَوْلَ الْعَبْدِ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، يَمْحُو أَنْ يَتَّخِذَ إلَهَهُ هَوَاهُ.

وَقَدْ رُوِيَ مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ إلَهٌ يُعْبَدُ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ هَوَى مُتَّبِعٍ فَكَمَّلَ يُونُسُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَحْقِيقَ إلَهِيَّتِهِ لِلَّهِ، وَمَحْوَ الْهَوَى الَّذِي يُتَّخَذُ إلَهًا مِنْ دُونِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ عِنْدَ تَحْقِيقِ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ إرَادَةُ تَزَاحُمِ إلَهِيَّةَ الْحَقِّ، بَلْ كَانَ مُخْلِصًا لِلَّهِ الدِّينَ إذْ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) انتـهى.

ومن الفوائد المتعلقة بهذا الاسمِ ما أشارَ إليهِ الشيخُ عبدُ الله بنُ عبد العزيز الحكمة حفظهُ الله تعالى من

أنَّ الكفرةَ والجبابرةَ على العُمومِ لا يمسُّـهم من العقوبةِ

أدناها وأقلها إلا خاروا واعترفوا واستحالت جبروتهم وكبرياءهم ضعفاً وذلةً ومسكنةً وندماً , ودليلهُ على ذلك أنَّ الله تعالى حين تحدَّثَ عن الكفرةِ المكذبين بالله ورُسله وصفهم بقوله (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) فتأمَّل أنَّـهُ عبَّـرَ بإنْ وهي تحتملُ الوقوعَ وعدمَـهُ , ثمَّ أتبعها بلفظِ المسيسِ وهو أدنى ما تحصلُ به الملاقاةُ , ثمَّ جاءَ بكلمةِ النفحةِ وهي تعبيرٌ عن الشيء اليسير القليل , وأردف ذلك بمن التبعيضيَّـةِ , ثُمَّ أضافَ العذابَ إلى اسمِ الرَّبِّ المشعرِ بالرحمة واللطفِ ثم أتبع ذلك كلهُ بقوله (لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) وأكَّـدَ هذه النتيجةَ باللامِ والنونِ الثقيلةِ وإنَّ , فكيف لو خلا التعبيرُ من المسيسِ والنفحةِ ومن التبعيضيةِ والإضافةِ إلى اسمِ الربِّ ؟ [ الأنترنت – موقع ملتقى أهل التفسير- ما سر هذا الاسم من أسماء الله تعالى, وتعلق الأنبياء به في القرآن..؟؟- محمود الشنقيطي (سمر) ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع

 (الرب) وهي بعنوان:

*الفرق بين كلمة (الله)، وكلمة (رب العالمين) في قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَم}

في قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } سبق لنا أن تناولنا التوسل بالألوهية والربوبية في القرآن،

وملخص ذلك أن أدعية الأنبياء في القرآن الكريم أكثرها توسل بالربوبية وحدها،ويندر خلاف ذلك.

وإذا راجعنا أدعية السنة من كتاب الدعوات في

صحيح البخاري ،أو كتاب صفة صلاة النبي  للألباني

أو غير ذلك من كتب السنة الصحيحة، سنجدها على العكس من أدعية القرآن،وهي كالآتي:

1- أغلب هذه الأدعية مصدرة بكلمة (اللهم)، أو نحو ذلك مما هو توسل بالألوهية وحدها.

2- وبعضها توسل بالألوهية والربوبية معا، في نحو:

((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)) ،

أو في سيد الاستغفار: ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ...)) ، وغير ذلك، ولكن هذا القسم أقل من القسم الأول.

3- ويندر أن يكون الدعاء في السنة توسل بالربوبية وحدها، في نحو: ((باسمك ربي وضعت جنبي))[4]،

وذلك كله على العكس من أدعية القرآن.

وكذلك، فأدعية التنزيه والتعظيم التي تخلو من سؤال أكثرها توسل بالألوهية وحدها،مثل: (الحمدُ للهِ)، و(سبحانَ اللهِ)، و(لا إلهَ إلَّا اللهُ)، و(الله أكبر).

والسبب في ذلك، والله أعلم: أن الألوهية أعم من الربوبية،فتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية وليس العكس.

وبيان ذلك أنك إذا قلت سبحان الله أكمل من أن تقول سبحان ربي،لأن لفظ الجلالة الله يتضمن استحقاقه للعبادة وحده،ويتضمن كذلك الاعتراف بتفرده بالملك والأمر والخلق.

فإن قال قائل :نحن نقول في أدعية السجود والركوع والرفع من الركوع:

(سبحان ربي العظيم)، و(ربنا لك الحمد)،

و(سبحان ربي الأعلى) ، ونحو ذلك.

نقول والله أعلم، أن (ربنا لك الحمد) مقام شكر، وقولنا: (اللهم ربنا لك الحمد)، مقام شكر ومدح، وكلاهما ثابت وصحيح، فالأول شكر على النعم التي أنعم الله علينا، أما الثاني مدح وشكر للنعم وللصفات الأزلية والفعلية جميعا،كما مر معنا .

أما قولنا سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى، فهذا من باب الجمع بين الألوهية والربوبية، فاسم الله العظيم والأعلى متضمنان مقام الألوهية، لأن العظيم والأعلى ليس في أفعاله فقط، بل في ذاته وصفاته وأفعاله جميعا.

فإن قال قائل كيف يكون الأكمل مقام الألوهية،

 والأنبياء أكثر دعوتهم كانت بألفاظ: (ربي)، و(ربنا)، ونحو ذلك ؟

نقول: إن الأفضل لمن كانت حاله تطابق الأحوال التي حكاها القرآن عن الأنبياء،الأفضل له أن يهتدي

بهديهم، فالتائب من المعصية يقول كما قال آدم ،والذي يريد الولد يقول كما قال زكريا ، وعلى هذا فقس.

وكل طلب له أسباب معلومة لتحصيله، فالأفضل فيه أن نتوسل فيه بالربوبية فقط،لأن أكثر الحاجات

التي يطلبها السائلون لها أسباب يربي بها ربنا عباده، فناسب أن نسأله أن ييسر لنا الأسباب لصلاح أحوالنا.

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السبعون في موضوع (الرب)

 وهي بعنوان: *الفرق بين كلمة (الله)، وكلمة (رب

 العالمين) في قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَم}

أما أدعية السنة فأكثرها بألفاظ الألوهية؛ لأن الرسول الكريم معلم لأمة كاملة ولأحوال كثيرة، فناسب أن يدعو بالأعم، فيشمل مقامات الألوهية والربوبية معا.

أما هنا في قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين } فنحن نعظم العظيم ثم نسأل فنقول:{اهدنا الصراط المستقيم } نطلب الهداية نتوسل بالألوهية والربوبية معا، فالهداية إذا كانت هداية توفيق فهي من الله وحده، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، فناسب أن يدعو بالألوهية، وإذا كانت هداية إرشاد فمن أسبابها اتباع الكتاب والسنة وأقوال العلماء الربانين وغير ذلك، فناسب أن يدعو بالربوبية.

وعلى هذا فنحن في الفاتحة نسأل الهداية بجميع

أنواعها: هداية التوفيق وهداية الإرشاد.

[الأنترنت – موقع ملتقى أهل التفسير-  الفرق بين كلمة (الله)، وكلمة (رب العالمين) - المعتزبالله محمد]

* صيغ الدعاء في القرآن:

اشهر الصيغ القرانيه في الدعاء واكثرها (ربنا) للجمع وردت في قرابه (70) موضعا، و(رب) وردت في

اكثر من (مئه) موضع للمفرد.

وجاء الدعاء بصيغه (اللهم) في اربعه مواضع فقط:

الاول والثاني: في سياق الامر بهذه الصيغه؛ وذلك في قوله تعالي: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ اِنَّكَ عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.. [آل عمران: 26] وقوله تعالي: {قُلِ اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَهِ اَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ

فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.. [الزُّمر: 46].

الثالث: في الاخبار عن دعاء المشركين يوم بدر، قال تعالي: {وَاِذْ قَالُوا اللهُمَّ اِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَاَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَهً مِنَ السَّمَاءِ اَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ اَلِيمٍ}.. [الانفال: 32].

الرابع: في الاخبار عن دعاء اهل الجنه قوله تعالي:

{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَاَخِرُ دَعْوَاهُمْ اَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ}.. [يونس: 10].

وجاء الجمع بين الصيغتين في موضع واحد، وهو قول الله تعالي: {قَالَ عِيسَي ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنَا اَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَهً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِاَوَّلِنَا وَاَخِرِنَا وَاَيَهً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَاَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ}.. [المائده: 114].

واما بقيه الصيغ المتداوله عند الناس نحو: الهنا،

 وسيدنا، ومولانا... فلم اعثر علي شيء منها في القران الكريم.

ولذا استحب الامام مالك رحمه الله تعالي ان يدعو بصيغه الربوبيه؛ لانها اكثر ما ورد في القران، فيقول الداعي او الداعون (رب او ربنا) عن ابن وهب قال: سئل مالك عن الداعي يقول: يا سيدي، فقال:

يعجبني دعاء الانبياء: ربنا. [الحليه: 6/320].

 ونقل ابن تيميه عن مالك انه قال: اكره للرجل ان يقول في دعائه: يا سيدي يا سيدي، يا حنان يا حنان ولكن يدعو بما دعت به الانبياء؛ ربنا ربنا. نقله عنه العتبي في العتبيه. [الفتاوي: 10/285].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والسبعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: * صيغ الدعاء في القرآن:

ووجَّه شيخ الاسلام ابن تيميه وابن القيم رحمها الله تعالي ذلك بان الاليق في دعاء المساله استخدام صيغه الربوبيه، وفي دعاء الثناء استخدام صيغه الالوهيه.

"الله" هو الاله المعبود فهذا الاسم احق بالعباده؛

 ولهذا يقال: الله اكبر، الحمد لله، سبحان الله، لا اله الا الله و"الرب" هو المربي الخالق الرازق الناصر الهادي وهذا الاسم احق باسم الاستعانه والمساله. [الفتاوي: 14/ 12-13].

فاذا سبق الي قلب العبد قصد السؤال ناسب ان يساله باسمه الرب. وان ساله باسمه الله لتضمنه اسم الرب كان حسنا، واما اذا سبق الي قلبه قصد العباده فاسم الله اولي بذلك. اذا بدا بالثناء ذكر اسم الله، واذا قصد الدعاء دعا باسم الرب. [الفتاوي: 10/ 286].

وتامل كيف صدر الدعاء المتضمن للثناء والطلب بلفظه (اللهم) كما في سيد الاستغفار...وجاء الدعاء المجرد مصدرا بلفظ الرب نحو قول المؤمنين: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا}... وسر ذلك: ان الله تعالي يسال بربوبيته المتضمنه قدرته واحسانه وتربيته عبده واصلاح امره، ويثني عليه بالهيته المتضمنه اثبات ما يجب له من الصفات العلي والاسماء الحسني، وتدبر طريقه القران تجدها كما ذكرت لك. [بدائع الفوائد: 2/193-194].

فالامام مالك رحمه الله تعالي يري ان الدعاء بلفظ الربوبيه (رب، ربنا) دعاء الانبياء فاعجبه، وكره غيره، وفسر ابن تيميه وابن القيم ان ذلك اليق بدعاء المساله، كما ان الاليق بدعاء الثناء ان يكون بلفظ الالوهيه (اللهم)، واكدا ذلك في مواضع من كتبهم.

قلت: ما قرره الائمه الاجلاء فائق من جهه المعني، ولكنه يحتاج الي مزيد نظر وتحقيق، فالظاهر ان الغالب علي الدعاء الوارد في القران ان يكون بلفظ الربوبيه ولو كان فيه ثناء علي الله تعالي، واغلبه دعاء الانبياء عليهم السلام، والا ففي القران دعاء الملائكه، ودعاء الصالحين، وكله بلفظ الربوبيه سواء اقتصر علي مساله او سبق بثناء قبلها، ففي دعاء الملائكه {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَهً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ}.. [غافر: 7]. وفي دعاء اولي الالباب {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار}.. [ال عمران: 191] فهذه مسائل سُبقت بثناء علي الله تعالي، ومع ذلك كانت صيغه الدعاء فيها بلفظ الربوبيه لا بلفظ الالوهيه.

والسنه علي العكس من ذلك فالغالب في ادعيتها ان

 تكون بلفظ الالوهيه سواء كانت ثناء ام مسائل، وسواء كان دعاء انبياء ام ملائكه ام صالحين:

ففي مسائل الانبياء عليهم السلام دعوه الخليل لما زار اهل اسماعيل في مكه قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ" [رواه البخاري: 3364].

وفي مسائل الملائكه قول النَّبِيّ - صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ -: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، اِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ اَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ اَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الاخَرُ: اللَّهُمَّ اَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا" [رواه مسلم: 1442]. ودعاؤهم لمن جلس في المسجد اللهم اغفر له اللهم ارحمه.

وفي دعاء الصالحين دعاء الثلاثه اصحاب الغار فان كل واحد منهم سال الله تعالي بعمل صالح وصدر سؤاله بـ(اللهم) [رواه البخاري: 2215، ومسلم: 2743]. وفي دعاء الثناء علي الله تعالي قبل المساله حديث ابي هريره رضي الله عنه عن النبي - صلي الله عليه وسلم - "اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْاَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَي، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاهِ وَالْاِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، اَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ اَنْتَ اخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللهُمَّ اَنْتَ الْاَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَاَنْتَ الْاخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَاَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَاَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَاَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ" [رواه مسلم: 2713]. [ الأنترنت – موقع أخبارك - صيغ الدعاء في القرآن ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثانية والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:

*الفرق بين ( رب ) و ( يارب ) في الدعاء :

كان انتشار المعلومات الخطأ يبقى محصوراً قبل ظهور مواقع التواصل المتنوعة ، ولكن بعد ظهور هذه الوسائل فإنها أدت إلى انتشار الأخطاء بصورة كبيرة ، وصار الناس يتناقلونه دون دراية ، من هذه المنشورات المتداولة منشور يدعو صاحبه إلى عدم الدعاء بـ ( يا ربِّ ) أو ( يا ربِّنا ) اعتمادا على بعض الآيات التي حذف فيها حرف النداء ، وهذا هو المنشور :[ بعد الآن لا تقل: ( يا ربِّ ) بل قل: ( ربِّ )ما هو السر في حذف حرف النداء " يا " قبل الدعاء في القرآن ؟ تأمل الآيات : (ربِ أرني أنظر إليك) (ربنا أفرغ علينا صبرا) (ربِ لا تذرني فردا)

(ربِ إن ابني من أهلي) (ربِ اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي ) ( ربِ إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) ( ربِ هب لي من لدنك ذرية طيبه انك سميع الدعاء ) ففي مواطن الدعاء لم يرد في القرآن العظيم نداء الله تعالى بحرف المنادى " يا " قبل     ( ربِّ ) البتة ، وإنما حذفت في كل القرآن ، والسر في ذلك : أن " يا " النداء تستعمل لنداء البعيد ، والله تعالى أقرب لعبده من حبل الوريد ، فكان اقتضى ذلك حذفها ، قال تعالى: " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" قال تعالى: ( واذا سألك عبادي عني فإني قريب ) ]

#الجواب :1- سبب هذا الخطأ الذي وقع فيه الكاتب عدم إحاطته ببقية الآيات التي جاء فيها حرف النداء مقترنا بـ  ( رب ) ، واكتفى بالآيات التي حذف معها حرف النداء ، ومن هذه الآيات التي جاء فيها اقتران حرف النداء بـ ( رب ) :

قوله تعالى : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) [ سورة الفرقان : 30 ]

وقوله تعالى :(وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ)

[ الزخرف : 88 ] ففي الآيتين(يا رب) نداء متضمن معنى الدعاء

2- إسقاط حرف النداء "يا" في الدعاء بـ ( رب ، أو ربنا ) إنما لأمر يتعلق بالبلاغة الهدف منه شعور العبد بقرب الحق سبحانه وتعالى .

ولكن إسقاط حرف النداء في الدعاء لا يعني أن استعمال حرف النداء خطأ , أو مكروه ؛ بل هي مقدرة في هذه السياقات السابقة ، والمقدر كالمذكور ، وإنما قصارى ما في الأمر : التنبيه إلى نكتة بلاغية ، وليس قاعدة مطردة في كل حال .

3- جاءت في كثير من الأحاديث الصحيحة استعمال حرف النداء في الدعاء فمن ذلك : أ- ما أخرجه البخاري من دعاء إبراهيم ربه يوم القيام : " يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَر، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ؟فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى :( إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ ) .

ب- وفي حديث الشفاعة الذي أخرجه البخاري :    ( ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَقُولُ : أُمَّتِي يَا رَبِّ ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ ) .

ج- روى رواه مُسْلمٌ عن أبي هريرةَ -رَضِي اللهُ عَنْهُ-

قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}.ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ

إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ،وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟)).

4- وبخصوص الدعاء بلفظ " اللهم " و " يا الله " فليس هناك فرق من حيث المعنى ؛ لأن الراجح من كلام اللغويين أن " اللهم " هي " يا الله " ولكن حُذِف من (يا الله ) أداة النداء وعُوِّض عنها ميم مشددة مفتوحة في آخر الكلمة , جاء في تفسير القرطبي في تفسيره (4 / 53) عند قَوْلُهُ تَعَالَى: "قُلِ اللَّهُمَّ" : ( قَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَجَمِيعُ الْبَصْرِيِّينَ: إِنَّ أَصْلَ اللَّهُمَّ : يَا أَللَّهُ ، فَلَمَّا اسْتُعْمِلَتِ الْكَلِمَةُ دُونَ حَرْفِ النِّدَاءِ الَّذِي هُوَ" يَا" ، جَعَلُوا بَدَلَهُ هَذِهِ الْمِيمَ الْمُشَدَّدَةَ ، فَجَاءُوا بِحَرْفَيْنِ ، وَهُمَا الْمِيمَانِ ، عِوَضًا مِنْ حَرْفَيْنِ وَهُمَا الْيَاءُ وَالْأَلِفُ ، وَالضَّمَّةُ فِي الْهَاءِ هِيَ ضَمَّةُ الِاسْمِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ . ) ورد في سبب نزول قوله تعالى: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) [الإسراء: 110]

فقد ذكر الطبري عند تفسير الآية: عن الأوزاعي، عن مكحول، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم " كان يتهجَّد بمكة ذات ليلة، يقول في سجوده: يا رَحْمَنُ يا رَحيمُ ، فسمعه رجل من المشركين، فلما أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة، يدعو الليلة الرحمن الذي باليمامة، وكان باليمامة رجل يقال له الرحمن: فنـزلت (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ

الأسْمَاءُ الْحُسْنَى). [الأنترنت – موقع  رابطة العلماء السوريين ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: *الإفراد والجمع في الدعاء :

مسائل في الدعاء القرآني  :الأدعية في القرآن تأتي تارة بصيغة الجمع (ربنا) وتارة بصيغة المفرد(رب) فهل يغير الداعي الصيغة أم يدعو بها كما هي؟!

لا يخلو الداعي من حالين:

الأولى: أن يدعو بمفرده، وحينئذ لا يغير صيغة الجمع الواردة في الدعاء القرآني إلى المفرد، ويكون في الإتيان

بضمير الجمع تعظيم لله تعالى؛ وذلك لأن جملة من دعوات الأنبياء عليهم السلام كانت بصيغة الجمع كدعوات الخليل عليه السلام في أواخر سورة إبراهيم.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذا كما يقول العبد للملك المعظم شأنه نحن عبيدك ومماليكك وتحت طاعتك ولا نخالف أمرك فيكون هذا أحسن وأعظم موقعا عند الملك من أن يقول أنا عبدك ومملوكك .[بدائع الفوائد: 2/39].

الثانية: أن يدعو بجماعة يؤمنون على دعائه في صلاة أو غيرها، فيغير الصيغة من المفرد إلى الجمع؛ لأنه يدعو وليس يقرأ القرآن. نحو دعائه بـ ﴿ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114] يجعلها (ربنا زدنا علما) ونحو دعاء الخليل عليه السلام ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴾ [الشعراء: 83 - 85] يجعلها (ربنا هب لنا حكما وألحقنا بالصالحين، واجعل لنا ألسن صدق في الآخرين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم) وهكذا..لأنه إن دعا بصيغة المفرد الواردة في القرآن اختص هو بهذا الدعاء دون من يُؤمِّنون على دعائه، وهذا فيه حرمان لهم، ولا يحل له أن يستأثر بالدعاء دونهم.

وفي النهي عنه حديث ضعيف عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

:«لَا يَؤُمُّ عَبْدٌ فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» [رواه الترمذي وحسنه: 357].

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: وإذا كان المأموم

 مُؤمِّنا على دعاء الإمام فيدعو بصيغة الجمع كما في دعاء الفاتحة في قوله: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6] فإن المأموم إنما أمَّن لاعتقاده أن الإمام يدعو لهما جميعا، فإن لم يفعل فقد خان الإمام المأموم. [الفتاوى: 23/118].

وفي فتاوى اللجنة الدائمة (5/308): إن كان الإمام

يدعو لنفسه ولغيره جهرة حال القنوت والدعاء في خطب الجمعة وغيرها فلا يخص نفسه بالدعاء دونهم، بل يأتي بصيغة الجمع.اهـ.

فقولهم (جهرة) خرج منه الدعاء الذي يخص الإمام به نفسه في السجود وبعد التشهد ونحوه؛ لأن الإمام لا يجهر به، فله أن يفرده ولا يجمعه، ولو جمعه وقصدهم أو قصد غيرهم فلا بأس؛ لأنه يجوز له أن يدعو

لنفسه ولغيره داخل الصلاة وخارجها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: والمراد بالدعاء الدعاء الذي يؤمن عليه المأموم، فإن الإمام لا يخص به نفسه، أما الدعاء الذي لا يؤمن عليه المأموم فله أن يخص نفسه به. [فتاوى ورسائل العثيمين: 13/140].

ويجوز للداعي أن ينتقل من صيغة المفرد إلى الجمع،

 ومن الجمع للمفرد في دعاء واحد، وحجة ذلك دعاء الخليل عليه السلام ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ إبراهيم: 41

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: *الإفراد والجمع في الدعاء :

فدعا عليه السلام بصيغة المفرد، ثم انتقل منها إلى الجمع، ثم رجع مرة أخرى للمفرد ثم إلى الجمع، وأكثر المفسرين لم يبينوا لم فعل ذلك، لكن من بينوا ذلك اختلفوا على أقوال:

الأول: قال أبو حيان رحمه الله تعالى: وأتى بضمير جماعة المتكلمين؛ لأنه تقدم ذكره وذكر بنيه في قوله: (واجنبني وبني). [البحر المحيط: 6/ 446].

وهذا متعقب بالإفراد بعد ذلك ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ

 كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ﴾ [إبراهيم: 36] و ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي

 مُقِيمَ الصَّلَاةِ﴾ [إبراهيم: 40].

الثاني: قال ابن جزي رحمه الله تعالى: وجمع الضمير يدل على أنه كان علم أن ابنه يعقب هناك نسلا.اهـ. وهو كسابقه متعقب بـ ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ ﴾ [إبراهيم: 40].

الثالث: وقال أبو السعود: آثر عليه السلام ضمير الجماعةِ لا لما قيلَ من تقدم ذكرِه وذكرِ بنيه، وإلا لراعاه في قوله (ربَّ إنهن... الخ) بل لأن الدعاء المصدّرَ به، وما أورده بصدد تمهيدِ مبادي إجابتهِ من قوله (إِنَّى

أَسْكَنتُ...الآية) متعلقٌ بذريته، فالتعرضُ لوصف ربوبيته تعالى لهم أدخلُ في القبول وإجابة المسئول.

[تفسير أبي السعود: 5/51]. وهو كسابقيه متعقب بـ ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ ﴾ [إبراهيم: 40].

الرابع: وقال ابن عاشور: وأضيف الرب هنا إلى ضمير

الجمع خلافا لسابقيه؛ لأن الدعاء الذي افتتح به فيه حظ للداعي ولأبنائه. ولعل إسماعيل عليه السلام حاضر معه حين الدعاء كما تدل له الآية الأخرى: [التحرير والتنوير 13/240].

ويظهر لي أن هذا الوجه هو أحسن أوجه تخريج ذلك، ومع ذلك فهو متعقب بأول الدعاء، وهو قول الخليل عليه السلام ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾ [البقرة: 126] فإن هذه الدعوة عامة ونافعة لكل من أتى البيت الحرام وهي بلفظ الإفراد، إلا أن يقال: إنه وقت الدعاء لم يكن فيه إلا زوجه وابنه.

وعلى كل حال: فإن الداعي لو راعى أن تكون دعوته بلفظ الإفراد إن كانت دعوة خاصة به، وبلفظ الجمع إن كانت عامة كان موافقا لهذا القول. ولو دعا بلفظ الجمع باعتبار تعظيم الله تعالى كما هو قول ابن القيم الذي سقته آنفا فحسن أيضا. [ الأنترنت- موقع الألوكة  - الإفراد والجمع في الدعاء - الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:

*الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية:

الفرق كما ذكره البخاري - رحمه الله - ، و العلاقة بين توحيد الربوبية و بين توحيد الأوهية : أن توحيد الربوبية يستلزم و يقتضي توحيد الربوبية ، إذ لا يصح من العبد أن يؤمن بوحدانية الله و تفرده بالخلق و الرزق و التدبير و الملك و الإحياء و الإماتة ، ثم ينكر هذا العبد الضعيف أن الله متفرد بالعبادة ، لأنه يستحقها و لا يستحقها غيره ، قال الله تعالى : و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم و قال تعالى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنَّى يؤفكون و قال تعالى : " و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون و نحوها من الآيات الدالة على الإنكار على من يعرف توحيد الربوبية و لا يفرد الله في عبادته بل يشرك معه غيره ،أو لا يعبد الله أصــــلاً،وهذا غلط واضح،وذنب قبيح

ثم توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية ، ذلك أن من يعتقد تفرد الله في ألوهيته و أنه لا يعبد سواه ، لا بد أن يكون عالما مؤمنا بأن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت سبحانه و تعالى ، و كل ذلك جليٌّ إن شاء الله سبحانه و تعالى ،،،و في هذا السياق يقول شيخنا أبو عبد المعـــزِّ محمد فركوس في فتوى له حول العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد يقول حفظه الله : (( اعلم أنَّه لا يكمل لأحد توحيدُه إلاَّ باجتماعِ أنواعِ التوحيدِ الثلاثةِ وهي: توحيدُ الربوبيةِ، والأسماءِ والصفاتِ، والألوهيةِ، فلا ينفعُ توحيدُ الربوبيةِ بدونِ توحيدِ الألوهيةِ، ولا يقومُ توحيدُ الألوهيةِ بدونِ توحيدِ الربوبيةِ، ولاَ يَسْتَقيمُ تَوحيدُ الله في رُبُوبيتِهِ وأُلُوهِيَتِهِ بِدُونِ توحيدِه في أسمائِه وصفاتِه، فهذِه الثلاثةُ متلازِمَةٌ يُكَمِّلُ بعضُهَا بعضًا، ولا يَسَعُ الاستِغْناءُ بِبعضِها عن البعْضِ الآخرِ، فالعلاقَةُ الرابطةُ بينَ هذِه الأقسامِ هي علاقةُ تلازُمٍ وتضمُّنٍ وشُمُولٍ. وتوحيدُ الربوبيةِ يستلْزِمُ توحيدَ الألوهيةِ، ومَعْنى ذلكَ أنَّ تَوحيدَ الألوهيةِ خَارجٌ عَن مَدلُولِ توحيدِ الربوبيةِ، فلا يتحَقَّقُ توحيدُ الربوبيةِ إلاَّ بتوحيدِ الألوهيةِ، أي: أنَّ تَوحيدَ الربُوبيةِ لا يُدْخِل مَنْ آمن بِه في الإسْلاَمِ، بِخلافِ تَوْحِيدِ الألُوهِيةِ فَإنَّه يَتَضمَّنُ تَوْحيدَ الربوبيةِ ، أي: أنَّ توحيدَ الربوبيةِ جزْءٌ مِن معنى توحيدِ الألُوهيةِ فالإيمانُ بتوحيدِ الألُوهيةِ يُدْخِلُ في الإسلامِ.

فيتقَرَّرُ عِنْدئذٍ أنَّ توْحيدَ الربُوبيةِ عِلْمِيٌّ اعْتِقَادِيٌّ، وتَوحِيدُ الألُوهيةِ عَمَلِيٌّ طَلَبِيٌّ، والعمليُّ متضَمِّنٌ للعِلْمِيِّ؛ ذلك لأنَّ متعلّقاتِ الربوبيةِ الأمورُ الكونيةُ، كالخلقِ والرِّزقِ، والتدبيرِ والإحياءِ، والإمَاتَةِ وغيرِ ذلكِ، بينَمَا مُتعلّقَاتُ تَوحِيدِ الألُوهِيةِ الأوامِرُ والنواهِي، فإذَا عَلِم العَبْدُ أنَّ الله ربُّهُ لا شَرِيكَ لَه في خَلْقِه وأسمائِه وصفاتِه ترتَّبَ عنه أن يعمَلَ عَلى طاعتِه وامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهِيهِ، أي: يعْمَلَ عَلَى عبادتِه ، ومنهُ يُفْهَم أنَّ عبادَةَ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ هِي نتيجةٌ لاعترافٍ أَوَّليٍّ بأنَّه لا ربَّ غيرُ الله يُشْرِكهُ في خلْقِهِ وأَمْرِه، أي: تَعلّقُ القَلْبِ ابتداءً بتوحيدِ الربوبيةِ ثمَّ يَرتَقِي بعدهَا إلى توحيدِ الألوهيةِ، ولهذا قال ابنُ القيِّم: «إنَّ الإلهية التي دعت الرسل أُممَهم إلى توحيد الربِّ بها هي العبادة والتألُّه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أُمر به المشركون فاحتجَّ الله عليهم به، فإنَّه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الألوهية» ، ومعنى كلامِ ابن القيِّمِ أنَّ الله تعالى احتَجَّ على المشْرِكينَ بتوحِيدِ الربوبيةِ عَلى توحيدِ الألوهيةِ والعبادةِ ولا العكسُ، ومنْهُ يُفْهمُ –أيضًا- أنَّ توحيدَ الربوبيةِ والأسماءِ والصفاتِ وحدهُ لا يكفِي لإدْخَالِ صاحبِه في الإسلامِ ولا يُنْقِذُه من النَّارِ، ولا يَعْصِمُ مالَه ودَمَهُ إلاَّ بتوحِيدِ الألوهيةِ والعبادةِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السادسة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:

*الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية:

أمَّا توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ فهو شَاملٌ للنوعينِ معًا (توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية)؛ وذلك لأنَّه يقومُ على إفرادِ الله تعالى بكلِّ مَا لَهُ منَ الأسماءِ الحسْنَى والصِّفاتِ العُلَى التي لا تُبْتَغَى إلاَّ لهُ سبحانَه، والتي من جُمْلتِها: الربُّ، الخالقُ، الرَّازِقُ، الملِكُ وهذا هو توحيدُ الربوبيةِ، وكذلِك من جُمْلتِها: الله، الغفُورُ، الرَّحيمُ، التوَّابُ، وهذا توحيد الألوهيةِ. [الأنترنت – موقع الفيس بوك ]

*صفة الوحدانية أو توحيد الربوبية

إننا حينما نمعن الفكر في هذا الكون، ونلاحظ وحدة نظامه من أبعد كوكب فيه عنا إلى أصغر ذرة من ذراته، ونلاحظ تسياره البديع دون خلل أو اضطراب، أو فساد في أرضه وسمائه، في حركة نجومه وكواكبه، في وحدة نظام مجراته، في كل جامد أو متحرك، في كل نامٍ أو ذي حياة، في ترابط بعضه ببعضه ترابطاً تاماً، مع أن كل جزء فيه يعمل في نطاقه ومجاله، دون أن يكون عمله هذا سبباً في فساد عمل أي جزء آخر من الأجزاء التي لا حصر لها في هذا الكون الكبير. فدراسة ظواهر الكون دلت على أن هذا الكون خاضع لقوانين واحدة، وأنه سائر ضمن خطط من الخلق لا تفاوت فيها. إن القوانين السائدة في الأرض هي القوانين السائدة في السماء. ثم إن الأرض وما فيها جزء مرتبط مع سائر ما في الكون، فهي خاضعة لنظام شامل مسيطر على الكون كله.

وهذا يدل على أن الخالق المهيمن على الكون كله واحد، ولو أنه كان متعدداً لتباينت قوانين الكون ولتعارضت ولانتهى الأمر بها إلى التصادم والفساد في الكون.

لذلك نعلم جازمين أن المهيمن على الكون كله، والمنظم له، والموجه لكل جزء فيه، واحد لا يشركه في أمره شريك. وهذا المعنى هو ما نسميه «بصفة الوحدانية» أو «توحيد الربوبية» أي: أن الله واحد لا شريط له في الخلق والتدبير والملك، وغير ذلك من الصفات التي يدل عليها اسم الرب.

وقد وصف الله نفسه في القرآن الكريم بأنه واحد في ربوبيته لا شريك له. فقال تعالى: ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[ وقال تعالى، يعلّم رسوله ـ أن يقول للمشركين في سورة (صَ): {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}. كما أقام سبحانه وتعالى الدليل العقلي على وحدانيتة في ربوبيته فقال تعالى في سورة الأنبياء: {أَمْ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنْ الْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} وفي هذا النص دليل على نفي الآلهة المشاركة في الكون الواحد.

وقال تعالى في سورة الإسراء: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} وفي هذا النص دليل على نفي الآلهة في الأرض دون إله العرش.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السابعة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:

*الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية:

وقد استخدم القرآن أيضاً بيانات خطابية غير برهانية للتنفير من الشرك أوضح فيها أن عقيدة التوحيد أكرم للإنسان وأصلح له من عقيدة الشرك. ومن هذه البيانات الخطابية قول الله تعالى في سورة (الزمر): ]ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ

أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ[, متشاكسون: متعارضون لا يتفقون. سلماً لرجل: خالصاً له لا يشاركه فيه أحد.

أي أن عقيدة التوحيد تجعل الإنسان عبداً لأله واحد فقط. أما عقيدة الشرك بالله فتجعله عبداً لآلهة متعددة متشاكسه. وأيهما أكرم للإنسان: أن يكون عبداً لواحد فقط أو عبداً لمتعددين؟! قال تعالى في سورة يوسف: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.

إذا قسنا هذا بالأمثلة الإنسانية، وجدنا أن العبد الرقيق من الناس يفضل أن يكون ملكاً لرجل واحد، لا ملكاً لرجال متعددين متشاكين لا يتفقون، لأن عبوديته للواحد أحب لنفسه وأكرم لها، فكيف يختار هؤلاء لأنفسهم عقيدة الشرك مع أن عقيدة التوحيد هي الأكرم لها، وهي العقيدة الحقة التي تدعمها الأدلة البرهانية؟!

وبأسلوب البيان الخطابي النفسي هذا ـ مع البيانات البرهانية السابقة ـ تمت محاصرة الإنسان المتجه للشرك

محاصرة تامة، فكرياً ونفسياً، وبهذا الحصار تنقطع جميع أعذار المشركين.

ثم أن كون وحده هو الرب الخالق المدبر للأمر كله، ولا شريك له في ربوبيته يستلزم عقلياً أن يكون هو وحده المستحق للعبادة، فلا يصح أن يعبد غيره، وكل عبادة لغيره شرك له، وإفراد الله وحده بالعبادة دون سواه هو ما يطلق عليه عبارة: (توحيد الألوهية) وبهذا يتم الربط بين توحيد الربوبية وتوحدي الألوهية، ويشملها جميعاً لفظ: (الوحدانية).

وصفة الوحدانية هذه: من صفات الله التي نادى بها جميع الأنبياء والمرسلين دون استثناء، وهي من الصفات التي تتقبلها بديهة العقل عند من لفظ إلى الحقيقة الربانية أدنى نظر، وقد أعلنها جميع أصحاب الفلسفات المضيئة وأقاموا عليه البراهين الواضحة والحجج الدامغة.

لذلك فإننا في عقيدتها الإسلامية: نؤمن إيماناً عميقاً راسخاً بأن الله وحده لا شريك له، بيده الخلق، وبيده الأمر، وهو على كل شيء قدير.

وحيث أنه تعالى واحد، وبيده النفع والضر، فنحن لا نعبد غيره ولا نشرك بعبادته أحداً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:

وبذلك نستجمع في عقيدتنا :

1- مبدأ توحيد الربوبية لله تعالى: فهو رب السماوات والأرض لم يشركه في حلقها وتربيتها ومدها بالبقاء شريك.

2- ومبدأ توحيد الألوهية لله تعالى: فله تعالى الأمر

 والنهي والحكم والقضاء وهو الذي يستحق وحده العبادة ولذا فنحن نعبده وحده، ولا نشرك بعبادته أحداً. ومن توحيد الألوهية: عبادة الله وحده بما أمرنا أن نعبده به على الشكل الذي امرنا به، دون أن نخترع من عند أنفسنا عبادة لم يأذن بها الله.

ومن توحيد الألوهية أن نحكم شريعة الله لنا في كل

 أعمالنا الفردية والجماعية لأن الله سبحانه له الخلق ومن له الخلق فله الأمر، وعبادة الله تكون بطاعته فيما أمرنا به وفيما نهانا عنه، وكل حكم على خلاف حكم الله يمثل استنكافاً عن طاعته في ذلك الحكم، فإذا كان ذلك طاعة لغير الله تعالى فهو شرك بالله فيما هو من خصائص ألوهيته، وهو يمثل نقضاً جزئياً لتوحيد الألوهية وإذا كان ذلك اتباعاً لهوى النفس

فهو لون من ألوان عبادة الهوى.

وأمام هذه الحقيقة من حقائق الألوهية التي نثبتها في عقيدتنا الإسلامية ، وهي «أحدية الربوبية والألوهية» تتضح نقطة خلاف كبرى بيننا وبين كثير من مثبتي الألوهية الضالين عن منهج الحق وتتحدد أمامنا طريق من طرق الافتراق بيننا وبينهم.

وأما إثبات اصل الربوبية فهم شركاء معنا فيه ولكنهم افترقوا عنا:

أ- إما بإثبات أرباب متعددين غير الله تعالى يتقاسمون الخلق والتكوين بينما نحن نثبت أن الله وحده الخالق

ولا خالق سواه.

ب- وأما إثبات آلهة غير الله تعالى لهم نوع تصرف في أمور الكون فهم بذلك يستحقون العبادة مع الله تعالى بينما نحن نثبت أن الله وحده هو الإله الحق المتصرف في كل شيء ولا يستحق أحد سواه العبادة مهما كان شأنه ومهما ارتفعت منزلته.

فالمجوس مثلاً: يعتقدون بالرب الثنائي.

والنصارى يجعلون الرب ثلاثياً، مركباً من ثلاثة أصول تجتمع وتفترق في صورة لا يمكن أن تهضمها العقول.

وبعض الناس من الوثنيين: يعتقدون بأرباب كثيرة جداً.

وبعض الوثنيين الآخرين يعتقدون بالآلهة المتصرفة

التي تستحق العبادة مع الله تعالى فيعبدونهم ليقربوهم

من الله زلفى.

وكل هذه المعتقدات: معتقدات باطلة مردودة لا يمكن التسليم بها إلا في حالة تعطيل العقول عن التفكير، وشد الأفهام بعصائب من التقليد الأعمى أو تغشيتها بحجب كثيفة من الهوى الجامح والغرض الجانح.

أما عقيدتنا: فلا إله إلا الله ولا رب ولا خالق سواه ولا يستحق العبادة أحد غيره.

ولما كانت هذه عقيدتنا التي لا محيد عنها: فإننا نكفر كل من أشرك بالله فجعل معه إلهاً آخر، سواء كان من أهل الأوثان، أو ينتسب إلى أي دين من الأديان السماوية، لأن بعقيدته هذه قد خالف قطعاً أصول الدين الذي ينتسب إليه، وناقض في اعتقاده الفاسد الباطل مبادئه المنزلة الصحيحة.

ولما كان الشرك في العبادة يستلزم في مضمونه عدم توحيد الربوبية اقتضت حكمة تصحيح عقيدة المشركين الرجوع بهم إلى الأدلة التي تثبت وجود الله وتفرده بالربوبية لتكون هذه العقيدة الصحيحة هي الأساس لتصحيح الفقرة الثانية من العقيدة الإسلامية وهي فقرة توحيد الألوهية أي إفراد الخالق وحده بالعبادة. وإثبات أن أية عبادة لغيره شرك به جل وعلا، وكفر بحق إفراده بالعبودية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: صفة مخالفته تعالى للحوادث :

وحيث كان من أظهر الأدلة العلمية والعقلية ـ التي

أكدت لدينا وجود تلك القوة الخلاقة وراء هذه الظواهر الطبيعية ـ هو أن كل ما في هذه الظواهر لا يصلح أن يكون هو بنفسه الإله الخالق.           لأنه متصف كما نشاهد دائمً بصفات تدل على أنه حادث، كصفات التغير والحركة، والزيادة والنقصان، والجمع والتفريق، والتناكح والتناسل، والضعف والعجز، والحاجة إلى أكل أو شرب أو نوم، أو غير ذلك مما نراه في موجودات كوننا المادي.

وحيث أننا نعلم أن كل شيء حادث لا بد وأن يكون قد أوجده موجد، وأحدثه محدث قبله، بدليل أننا لا نرى حدثاً يحدث في عالمنا المادي إلا وهو متأثر بسبب سبقه. لذلك: فإننا نحكم عقلاً بأنه لا يمكن أن يكون الخالق العظيم الذي آمنا به، من نوع هذه الظواهر المادية التي تعتريها صفات الحوادث، أو مشابهاً لها ولو بوجه من الوجوه فلا يمكن إذن أن يكون للخالق سبحانه زوجة أو ولد، أو يكون بحاجة إلى أكل أو شرب أو نوم، أو مكان يوجد فيه، أو زمان يجري عليه لأنه سبحانه هو خالق هذه الأشياء

كلها فكيف يكون بحاجة لها، وقد كان الله ولا شيء معه.

ولو كان الخالق سبحانه يشبه شيئاً من هذه الظواهر المادية، لكان هو أيضاً مثل هذا الشيء في احتياجه إلى خالق يخلقه، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً. وهذا المعنى هو ما نسميه بصفة: (مخالفته تعالى للحوادث) أو تنزهه تعالى عن مشابهة الحوادث.

وقد جاءت الديانات السماوية كلها توضح وتؤكد هذه الحقيقة في تنزيه الخالق سبحانه، ولذلك أجمعت على: أن الإله لا يمكن أن يتجسد في صورة إنسان أو حيوان أو جماد، أو يحل في جسد مادي، أو يكون له زوجة أو ولد، أو أن تأخذه سنة أو نوم، أو أن يأكل ويشرب، أو نحو ذلك من صفات المخلوقات، رداً على الوثنيين والمجسدين والمشبهة، الذين يشبهون

 الله سبحانه وتعالى بخلقه فيكفرون بذلك.

وقد أوضح القرآن الكريم هذه الحقيقة بقول الله تعالى في سورة (الشورى): ]لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ[. وقوله تعالى: ]قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ[. وقوله تعالى في سورة البقرة: ]اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ[. وقوله تعالى في سورة المائدة: ]لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ[، وقوله تعالى في سورة الأنعام: ]وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: صفة مخالفته تعالى للحوادث :

ولما كان من صفات المخلوقات الدالة على حدوثها وأنها بحاجة إلى محدث: أن لها بداءة وأن لها نهاية وجب أن يكون من صفات الخالق السلبية أن لا بداءة له، وهذا معنى (القدم)وأن لانهاية له وهذا معنى (البقاء) فمن صفات التنزيه لله تعالى (القدم والبقاء) بمعنى: أنه سبحانه لا بداءة ولا نهاية. وفي الدلالة على ذلك جاء في أسماء الله الحسنى ]هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ[ فالأول: هو الذي لا شيء قبله، والآخر: هو الذي لا شيء بعده. وأمام هذه الحقيقة الثانية من حقائق الألوهية التي نثبتها في عقيدتنا الإسلامية وهي «خالفته تعالى للحديث» تتضح نقطة خلاف كبرى ثابتة بيننا وبين كثيرين من مثبتي الألوهية الضالين عن منهج الحق، وتتحدد أمامنا طريق ثانية من طرق الافتراق بيننا وبينهم.وتجمع هذه النقطة المبادئ الثلاثة التالية:

المبدأ الأول: مبدأ صمدية الله تعالى (أو صمدية الألوهية).

المبدأ الثاني: مبدأ استحالة التولد بكل معانيه بالنسبة للألوهية.

المبدأ الثالث: مبدأ انفراد الألوهية بصفات الكمال.

وفيما يلي إيضاح لهذه المبادئ الثلاثة:

أ- مبدأ صمدية الله تعالى: والصمدية تعنى معنيين اثنين:

المعنى الأول: معنى إيجابي وهو: أن الله سبحانه هو الذي يُصمد إليه أي يرجع إليه في كل أمر وذلك لأنه هو المتصف بجميع صفات الكمال، فهو القادر على كل شيء، والفعال لما يريد، والذي بيده الخلق والأمر والجزاء، وما من قوة لغيره تعالى إلا بهبة منه، إذا شاء أبقاها، ومتى شاء سلبها، لذلك فلا رجوع في أي مطلب ـ لمن تدبر وعقل ـ إلا إلى الله تعالى.

المعنى الثاني: معنى سلبي وهو: أن الله سبحانه غني عن كل شيء، لأنه متصف بالكمال التام في كل شيء. فهو الموجود الذي له الوجود الذاتي ـ الذي لم يسبقه العدم، ولا يلحقه الفناء ـ إذ الأصل بالنسبة له سبحانه هو الوجود، فهو غني عن أن يمده بالبقاء أحد، كما هو غني عن أي شيء يتصل بمطلب يعود عليه سبحانه بنفع أو فائدة أو إرضاء شهوة أو إشباع غريزة لأن الله جل وعلا منزه عن كل ذلك. وأما الذي يحتاج إلى شيء من ذلك: فهو من أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً، وهو من أصله العدم، وإنما وجد بإيجاد الله له، على صورة مليئة بالغرائز الطالبة لحاجاتها، والطبائع المساقة إلى أطوارها من تأليف وبناء، إلى تفريق وهدم، كما أنه لا يمتد بقاؤه إلا بإمداد الخالق له بالبقاء عن طريق الأسباب التي هيأها له في بيئة وجوده، وعلى وفق حكمته تعالى التي ينظم بها مخلوقاته. وهذان المعنيان لمفهوم صمدية الله تعالى يوضحان أساسين رئيسيين من أسس المفهوم الحقيقي للألوهية:

ذلك أن الإله الحق ـ الذي يؤمن به العقل بالبداهة والاستدلال البرهاني ـ وهو: الغني بذاته وصفاته الذي لا يحتاج إلى شيء والكامل في قدرته وعلمه وحكمته، الذي يفعل ما يشاء ويختار، والذي يرجع إلى قدرته وحده فعل كل شيء وخلق كل شيء وتقديره.

وحيث يدرك العقلاء هذه الحقيقة لمفهوم الألوهية، فإنهم ـ لا غرو ـ يرجعون إليه في كل حاجة من حاجاتهم التي يرجونها، أو يلحون في طلبها، فإن كانت من المطالب التي لها أسباب دارية معروفة فإنهم يسألون الله تعالى أن ييسر لهم أسبابها ويسهل لهم طرقها ويدفع عنهم العوائق والعقبات. وإن لم تكن لها أسباب مادية معروفة: فإنهم يرجعون إلى الله تعالى، سائلين أن يحققها لهم كيف يشاء وعلى ما يريد. ثم لا يشركون مع الله أحداً فيما يسألون، لأنهم يعلمون ويعتقدون اعتقاداً جازماً أن الله هو وحده القادر على كل شيء وهو حده الفعال لما يريد.

وتمكيناً لهذه العقيدة الإسلامية فقد علمها رسول الله إلى ابن عمه عبد الله بن عباس ـ وهو غلام صغير ـ

وقد كان راكباً خلفه، فعن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله يوماً فقال: «يا غلام: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف» رواه أحمد والترمذي وهو حديث صحيح.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: صفة مخالفته تعالى للحوادث :

وحيث يعلم المؤمن هذه الحقيقة، ويحيي في فكره وقلبه صمدية الله تعالى، فإنه لا يرجع في أي أمر من أموره إلا إليه سبحانه، ولا يتقرب بأي قربى إلا قربى تدنيه من طاعة ربه ومرضاته. [ الأنترنت – موقع مجلة الوعي - توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية  - ]

*خصائص توحيد الربوبية :

1- أن توحيد الربوبية دليل على توحيد العبادة فإن الله سبحانه وتعالى احتج على المشركين الذي أخلوا بتوحيد الألوهية بإقرارهم بالربوبية كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة: 21- 22].

فأمر سبحانه وتعالى بعبادته وذكر البرهان على أنه مستحق للعبادة وهو قوله: ﴿ الَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾ إلى قوله: ﴿ رِزْقاً لَكُمْ ﴾ وهو برهان على بطلان إلهية ما سواه ولهذا قال: ﴿ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً ﴾ وقوله تعالى: ﴿ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ إلزاما لهم بما يقرون به

2- أن إقرار الناس بالربوبية أسبق من إقرارهم بتوحيد الألوهية، وفي ذلك يقول ابن تيمية: (ولما كان علم النفوس بحاجتهم وفقرهم إلى الرب قبل علمهم بحاجتهم وفقرهم إلى الإله المعبود وقصدهم لدفع حاجتهم العاجلة قبل الآجلة كان إقرارهم بالله من جهة ربوبيته أسبق من إقرارهم به من جهة ألوهيته...) إلى أن قال: (ولهذا إنما بعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له الذي هو المقصود المستلزم الإقرار بالربوبية وقد أخبر عنهم أنهم: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [ الزخرف: 87].

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ ﴾ [سورة الإسراء: 67].

وقال: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [سورة لقمان: 32].

فأخبرهم أنهم مقرون بتوحيد الربوبية وأنهم مخلصون له الدين إذا مسهم الضر في دعائهم واستعانتهم، ثم يعرضون عن عبادته في حال حصول أغراضهم وكثير من المتكلمين إنما يقررون الوحدانية من جهة الربوبية،

 أما الرسل فهم دعوا إليها من جهة الألوهية).

3- أن توحيد الربوبية قد أقر به المشركون كما قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ

اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31].

وقال تعالى: ﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 84 - 89].

وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة لقمان: 25].

وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [سورة الزخرف: 87].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثانية والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان: صفة مخالفته تعالى للحوادث :

وقال المقريزي: (ولا ريب أن توحيد الربوبية لم ينكره المشركون، بل أقروا بأنه سبحانه وحده خالقهم، وخالق السموات والأرض، والقائم بمصالح العالم كله، وإنما أنكروا توحيد الألوهية) إلى أن قال: (من عدل به غيره فقد أشرك في ألوهيته ولو وحد في ربوبيته، فتوحيد الربوبية هو الذي اجتمعت فيه الخلائق مؤمنها وكافرها، وتوحيد الألوهية مفترق الطرق بين المؤمنين والمشركين ).

فلأن الإقرار بالربوبية كان مسلما به عند المشركين لم يرسل الله رسولا لتحقيق هذا التوحيد، ولم تعرض له الكتب السماوية كما عرضت لتوحيد العبادة لأنه تحصيل حاصل.

والمصيبة أن أهل الكلام أفنوا أعمارهم لتحقيق هذه القضية المسلَّم بها حتى عند المشركين. وليتهم وقفوا عند هذا الباب بل زعموا أن توحيد الربوبية هو الغاية العظمى من بعثة الرسل، وأنهم إذا أثبتوه بالدليل فقد أثبتوا غاية التوحيد.

وفي ذلك يقول الشيخ محمد عبده: (أصل معنى التوحيد اعتقاد أن الله واحد لا شريك له... وهو إثبات الوحدة لله في الذات والفعل في خلق الأكوان، وأنه وحده مرجع كل كون ومنتهى كل قصد. وهذا المطلب كان الغاية العظمى من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما تشهد به آيات الكتاب العزيز).

والرد على هذا ما يلي:

أ- أن توحيد الربوبية نوع من التوحيد فهو بعضه لا جميعه، وقد أقر به المشركون، فكيف مع ذلك يكون هو الغاية العظمى من بعثة الرسل؟.

ب- أن مجرد الإقرار بهذا التوحيد فقط لا يوجب الدخول في الإسلام ولا يصير به الرجل مسلما.

فمشركو العرب كانوا مقرين بأن الله تعالى وحده خالق

 كل شيء، ومع هذا سماهم مشركين، حيث قال عنهم: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ [سورة يوسف: 106]. فالمراد بقوله تعالى: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ ﴾ هو تصديقهم واعترافهم بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المحيي المميت، والمراد من قوله تعالى: ﴿ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ أي أنهم أشركوا مع الله في

 عبادته وهذا ما فسر به السلف هذه الآية

قال محمود الألوسي الحنفي في تفسير هذه الآية: (يندرج فيهم كل من أقر بالله تعالى وخالقيته مثلا وكان مرتكبا شركا كيفما كان، ومن أولئك عبدة القبور الناذرون لها المعتقدون للنفع والضر، ممن الله تعالى أعلم بحاله فيه وهم اليوم أكثر من الدود)

ج- أن توحيد الألوهية هو الغاية العظمى والمقصد الأعلى وهو أول دعوة الرسل والغاية من خلق الجن والإنس كما يشهد بذلك الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة. قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾ [سورة النحل: 36].

ومن السنة حديث ابن عباس وفيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال: (إنك تقدم على قوم أهل كتاب. فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عزَّ وجلَّ... ) فهذان النصان الشرعيان دالان على أن أول دعوة الرسل والغاية من بعثتهم هي الدعوة إلى توحيد الله في العبادة والنصوص الشرعية في ذلك كثيرة. اھ

[الأنترنت – موقع شبكة الألوكة  - خصائص توحيد الربوبية - أكرم غانم إسماعيل تكاي]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*مظاهر الانحراف في توحيد الربوبية :

(الشرك في الربوبية)

بالرغم من أن توحيد الربوبية أمر مركوز في الفطر، مجبولة عليه النفوس، متكاثرة على تقريره الأدلة، إلا أنه وجد في الناس من حصل عنده انحراف فيه.

  إن الشرك في الربوبية أحد أقسام الشرك الأكبر، وهو شرك يتعلق بذات الله - عز وجل -.

أولاً: تعريفه:

هو صرف خصائص الربوبية كلها، أو بعضها لغير الله

 - عز وجل -، أو تعطيله - عز وجل - عنها بالكلية.

وخصائص الربوبية هي: التفرد بالخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، والإعطاء والمنع، والضر، والنفع، وغير ذلك.

ثانيا: نوعاه: الشرك في الربوبية نوعان؛ شرك تعطيل، وشرك تمثيل:1- شرك التعطيل: تعريفه:

هو تعطيل المصنوع عن صانع، وتعطيل الصانع عن

 أفعاله ويكون ذلك بتعطيل خصائص الربوبية، وإنكار أن يكون الله رب العالمين. ومن الأمثلة عليه:

شرك فرعون الذي عطل الربوبية ظاهرا؛ ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِين ﴾ [الشعراء/ 23]، وقال لهامان: ﴿ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ۞ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ﴾ [غافر/ 36-37].

ومن هذا الشرك : شرك أهل وحدة الوجود؛ كابن عربي، وابن سبعين، وغيرهم الذين يقولون: إن الخالق عين المخلوق؛ فعطلوا لله - عز وجل - عن أن يكون رب العالمين، ولم يفرقوا بين رب، وعبد.

2- شرك التمثيل:

تعريفه: هو التسوية بين الله وخلقه في شيء من

خصائص الربوبية، أو نسبتها إلى غيره - عز وجل -

ومن الأمثلة عليه : شرك النصارى الذين اتخذوا معه أربابا، فجعلوه ثالث ثلاثة؛ وشرك المجوس القائلين بأن للعالم ربين أحدهما خالق للخير، والآخر خالق للشر؛ وشرك الصابئة الذين زعموا أن الكواكب هي المدبرة لأمر العالم؛ وشرك القدرية (مجوس هذه الأمة) القائلين بأن كل إنسان يخلق فعل نفسه؛ وشرك عباد القبور الذين يزعم أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت، فتقضى الحاجات، وتفرج الكربات، وتنصر من دعاها، وتحفظ من لاذ بحماها.

ومثلهم مزاعم غلاة الصوفية في الأولياء: أنهم ينفعون، ويضرون، ويتصرفون في الأكوان إلخ.). ا. ھ.

[ الأنترنت – موقع شبكة الألوكة  - مظاهر الانحراف في توحيد الربوبية ( الشرك في الربوبية ) أكرم غانم إسماعيل تكاي ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والثمانون في موضوع(الرب) وهي بعنوان:*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

الإيمان بالقدر هو من ربوبية الله عز وجل، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: (القدر قدرة الله). لأنه من قدرته ومن عمومها بلا شك، وهو أيضا سر الله تعالى المكتوم الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، مكتوب في اللوح المحفوظ، في الكتاب المكنون الذي لا يطلع عليه أحد، ونحن لا نعلم بما قدره الله لنا أو علينا، أو بما قدره الله تعالى في مخلوقاته إلا بعد وقوعه أو الخبر الصادق عنه.

والإيمان بالقضاء والقدر يدخل في توحيد الربوبية؛

 لأنه من أفعال الله جل وعلا، فمن جحد القضاء والقدر لم يكن مؤمناً بتوحيد الربوبية. ومن تأمل توحيد الربوبية وآمَنَ حَقَّاً بربوبية الله تعالى فإنه يؤمن بالقَدَرْ؛ لأنَّ الإيمان بالقدر من ثمرات الإيمان التام بربوبية الله تعالى، فإنَّ المؤمن بالربوبية، مؤمن بأنَّ الله تعالى هو الرب المتصرف في ملكه، وهو السيد المطاع، وهو الذي لا معقب لحكمه ولا راد لأمره، وهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في الوجود شيء إلا بمشيئته وقدرته، ولا يمتنع عليه شيء شاءه، بل هو قادر على كل شيء، وهو الذي لا يُغالَب في ملكه، وهو الذي يعطي ويمنع ويخلق ويرزق ويميت ويحيي، ومن آمن بالربوبية على تفاصيلها فإنه لن يجادل في القدر؛ لأنه يعلم أنه مربوب مستسلم لله تعالى. قَالَ الله عز وجل فِي كِتَابِهِ الكريم ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2]، وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾ [الأحزاب:38]، ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

وأنّ مَن أنكر القدر فقد أشرك في توحيد الربوبيّة، لأنّه جَحد قدره وعلمَه وأنكر أن يكون ما يجري في هذا الكون بتقدير الله ومشيئَتِه، ووصف الله تعالى بالجهل وبالعجز، إلى غير ذلك.

ومن هذا نعلم أن من تمام توحيد الربوبية أن يؤمن الإنسان بالقدر، فمن ضل في مسألة القدر فإنه لم يحقق الإيمان بتوحيد الربوبية؛ لأن من توحيد الربوبية الإيمان بأن الله خالق، وأنه مالك، ولابد للخلق

والملك من قدرة ومشيئة وعلم.

ويرى الشيخ محمد صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - بأن القدر له مساس بأقسام التوحيد الثلاثة:

(مسألة: الإيمان بالقدر هل هو متعلق بتوحيد الربوبية، أو بالألوهية، أو بالأسماء والصفات؟

الجواب: تعلقه بالربوبية أكثر من تعلقه بالألوهية والأسماء والصفات، ثم تعلقه بالأسماء والصفات أكثر من تعلقه بالألوهية، وتعلقه بالألوهية أيضا ظاهر; لأن الألوهية بالنسبة لله يسمى توحيد الألوهية، وبالنسبة للعبد يسمى توحيد العبادة، والعبادة فعل العبد; فلها تعلق بالقدر، فالإيمان بالقدر له مساس بأقسام التوحيد الثلاثة.).

وقال الشيخ محمد أمان بن علي: (هكذا يتضح أن

 مدار القضاء والقدر وما يترتب عليهما إنما هو على أسماء الله وصفاته بصرف النظر عن نوع المقضي والمُقدّر.

فكل ذلك من الله ومن آثار أسمائه وصفاته. ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والشأن كل الشأن في فقه ذلك: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

(فلو قيل إن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من حفظها دخل الجنة) هو إدراك آثار الأسماء الحسنى والصفات العلى إدراك آثارها في الكون بما يقضيه الله ويقدره وفي النفس البشرية والتصرفات الإنسانية اليومية وغيرها ثم التزام التعبد بآثار كل اسم دون أن يحجبه التعبد بآثار اسم معين

عن التعبد بآثار أسمائه الأخرى، لو قيل: إن هذا من معاني الحديث لما كان هذا القول بعيداً فيما يبدو لي.

ولو كنت أعلم أن لي سلفاً في هذا المعنى لاخترته وأيدته. وإن كان تحقيقه صعباً، ولكنه يسير على من يسره الله عليه. فالجنة سلعة غالية، فثمنها ليس في

متناول كل أحد، (حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات)

قال الشيخ السعدي: (وقوله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، يشتمل دعاء المسألة ودعاء العبادة.

أما دعاء المسألة: فإنه يسأل الله تعالى في كل مطلوب

 باسم يناسب ذلك المطلوب ويقتضيه، فمن سأل

رحمة الله ومغفرته دعاه باسم الغفور الرحيم. ومن سأل الرزق سأله باسم الرزاق، وهكذا.

وأما دعاء العبادة: فهو التعبد لله تعالى بأسمائه الحسنى، فيفهم أولاً معنى ذلك الاسم الكريم، ثم يديم استحضاره بقلبه، حتى يمتلئ قلبه منه.

فالأسماء الدالة على العظمة والجلال والكبرياء تملأ القلب تعظيماً وإجلالاً لله تعالى.

والأسماء الدالة على الرحمة والفضل والإحسان تملأ القلب طمعاً في فضل الله ورجاءً لرَوْحِه ورحمته.

والأسماء الدالة على الود والحب والكمال تملأ القلب محبة ووداً وتألهاً وإنابة لله تعالى.

والأسماء الدالة على سعة علمه ولطيف خبره توجب

 للعبد مراقبة الله تعالى والحياء منه.

وهذه الأحوال التي تتصف بها القلوب هي أكمل الأحوال، وأجل وصف يتصف به القلب وينصبغ به، ولا يزال العبد يمرن نفسه عليها حتى تنجذب نفسه وروحه بدواعيه منقادة راغبة، وبهذه الأعمال القلبية تكمل الأعمال البدنية.

فنسأل الله تعالى أن يملأ قلوبنا من معرفته ومحبته والإنابة إليه، فإنه أكرم الأكرمين وأجود الجوادين)

[الأنترنت – موقع الألوكة  - توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر - أكرم غانم إسماعيل تكاي ]

*توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية :

إن صفات الله تعالى تنقسم إلى صفات ذات وصفات أفعال، فأما صفات الذات كصفة الوجود، والحياة، والسمع، والبصر...، وأما صفات الأفعال

فتنقسم إلى قسمين:

الأول: صفات أفعال متعلقة بذات الله تعالى: كالاستواء والنزول والمجيء، نؤمن بها كما أخبر بها ربنا تبارك وتعالى دون تعطيل أو تشبيه أو تكييف.

والثاني: صفات أفعال متعلقة بالخلق: كالإحياء والإماتة والخلق والرزق والتدبير وتسمى بصفات الربوبية.

توحيد الربوبية:

وهو إفراد الله بأفعاله المتعلقة بالخلق (كالإحياء

والإماتة والخلق والرزق والتدبير) وقد جعله العلماء في قسم مستقل رغم أنه من الأسماء والصفات من باب عطف الخاص على العام لبيان أهميته في أمرين:

1) للتذكير بعظمة صنع الله وقدرته وآلائه ونعمه على خلقه واستثارة العبودية فيهم، وهي طريقة القرآن في الدعوة إلى توحيد الله قال تعالى: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ﴾ [الأنعام: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ ﴾ [فاطر: 3].

2) لبيان ما كان عليه المشركون من توحيدهم لله تعالى في ربوبيته وأن ذلك لم يخرجهم عن كونهم مشركين لأنهم لم يفردوا الله بالعبادة. قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾ [يونس: 31].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السادسة والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

وتوحيد الربوبية مجمل في قوله تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ أي أن الله هو الذي خلق ورزق ودبر الأمر وحده، وكذلك له الملك والسلطان والأمر وحده.

يؤمنون بالقدر خيره وشره كل من عند الله وأن القدر على أربعة مراتب:

(1)العلم: وهو أن الله علم ما كان وما يكون وما

سيكون (عالم الغيب والشهادة).

(2) الكتابة: وهو أن الله كتب كل ما هو كائن قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة (وكل صغير وكبير مستطر).

(3) المشيئة: وهو أن كل شيء يحدث في الوجود إنما هو بمشيئة الله وحده وإرادته (وما تشاءون إلا أن يشاء الله).

(4) الخلق والإيجاد: وهو أن الله خلق كل شيء وما يؤول إليه، والعباد وأفعالهم. (والله خلقكم وما تعملون) ويعتقدون أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد حدوثها، وأن العباد خالقين لأفعالهم ولا دخل لله فيها سبحانه وتعالى عما يقولون علوًا كبيرا، وهؤلاء هم مجوس الأمة، فالله خلق الخلق وهو عليم بما يستحقونه من الجنة أو النار، فهؤلاء أهل النار بعدما وقفوا عليها وقالوا: (يا ليتنا نرد ونعمل غير الذي كنا نعمل) فيكذبهم الله (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) وهذا من حكمته وعلمه وعدله، وفي المقابل فإن الله قبل توبة من قتل مائة نفس وفتح باب التوبة لكي لا يكون حجة لأحد وهذا من رحمته وفضله.

وهم الذين يحتجون على المعصية بالقدر، فإذا فعلوا فاحشة قالوا إن الله قدرها علينا ويصرون عليها ويقولون (أقام العباد فيما أراد)، وهم أتباع مشركي قريش إذ قالوا (لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا)، يرد عليهم بأن الله خلقهم بقدره مختارين لما يرونه صالحًا لأنفسهم، فإذا رأى أحدهم نارًا ابتعد عنها ولم يسلم نفسه لها ويقول هذا قدر الله، وإذا علم أحدهم تجارة أو وظيفة رابحة سابق إليها، ولم يتوانى عنها ويقول هذا قدر الله. كذلك فإن أمر الآخرة أولى بامتثال الأمر لتحصيل المصلحة واجتناب المفسدة في الدنيا والآخرة.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السابعة والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

أن الدين أو الشرع أو الإيمان :اعتقاد وقول وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأن أصحاب الكبائر لا يخلدون في النار، وأنهم إن ماتوا على كبيرة دون توبة فأمرهم إلى الله إن شاء عفا عنهم بخالص

توحيدهم وإن شاء عذبهم.

أن الإيمان تصديق فقط، أو تصديق وقول، وأن المرء قد يتخلى عن كل أعمال الشرع والدين ويكون مؤمنًا وسبحان الله فقد فتحوا ببدعتهم هذه أعظم باب

 لتعطيل الشرع، ويرد عليهم:

1) أن الإيمان هو التصديق الذي يطمئن إليه القلب فتنقاد إليه الجوارح فإن أبا طالب كان مصدقًا للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم ينقد إليه.

2) أن العبودية في الائتمار، فمن لم يأتمر بأوامر الله فليست له عبودية لله.

3) أن الشرع جاء بأن الإيمان قيام بأعمال وترك لأعمال، وكذلك الكفر.

وهؤلاء غالوا في إثبات الأعمال في مقابل المرجئة

الذين فرطوا في إثبات الأعمال في الإيمان فقال الخوارج إن مرتكب الكبيرة كافر ومخلد في النار.

[ الأنترنت – موقع شبكة الألوكة  - توحيد الأسماء والصفات واشتماله على توحيد الربوبية- الشيخ محمد صديق ]

* تعريف التوحيد وما هي أنواعه :

 السؤال: ما هو تعريف التوحيد وما هي أنواعه؟

الإجابة: التوحيد لغة:"مصدر وحّد يوحّد، أي جعل الشيء واحداً"، وهذا لا يتحقق إلا بنفيٍ وإثبات، نفي الحكم عما سوى المُوحَّد، وإثباته له، فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل ويثبتها لله وحده، وذلك أن النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة الغير في الحكم، فلو قلت مثلاً:"فلان قائم"فهنا أثبتَّ له القيام لكنك لم توحده به، لأنه من الجائز أن يشاركه غيره في هذا القيام، ولو قلت:"لا قائم"فقد نفيت محضاً ولم تثبت القيام لأحد، فإذا قلت:"لا قائم إلا زيد"فحينئذ تكون وحدت زيداً بالقيام حيث نفيت القيام عمن سواه، وهذا هو تحقيق التوحيد في الواقع، أي أن التوحيد لا يكون توحيداً حتى يتضمن نفياً وإثباتاً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

وأنواع التوحيد بالنسبة لله عز وجل تدخل كلها في

تعريف عام وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص

 به". وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة:

 الأول: توحيد الربوبية. الثاني: توحيد الألوهية. الثالث: توحيد الأسماء والصفات. وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوعوا

التوحيد إلى ثلاثة أنواع: الأول:

 توحيد الربوبية: وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير"، وتفصيل ذلك:

 أولاً: بالنسبة لإفراد الله تعالى بالخلق: فالله تعالى وحده هو الخالق ولا خالق سواه، قال الله تعالى:

{هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو} [فاطر:3]، وقال تعالى مبيناً بطلان آلهة الكفار: {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [النحل:17]. فالله تعالى وحده هو الخالق، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخَلْقُهُ يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالقاً لأفعال العباد كما قال الله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [الصافات:96]. ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله عز وجل وخالق السبب التام خالق للمسبب. فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله عز وجل بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: {فتبارك الله أحسن الخالقين}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين:"يقال لهم: أحيوا ما خلقتم"؟ الجواب على ذلك أنَّ غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله عز وجل، فالمصور مثلاً إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئاً، غاية ما هنالك أنه حوَّل شيئاً إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد من خلق الله عز وجل، والورقة البيضاء من خلق الله عز وجل. هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله، عز وجل وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق. وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به. ثانياً: إفراد الله تعالى بالملك فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير}، وقال تعالى: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه}، فالمالك الملك المطلق العام الشامل هو الله سبحانه وتعالى وحده، ونسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله عز وجل لغيره الملك كما في قوله تعالى: {أو ما ملكتم مفاتحه}، وقوله: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أنَّ لغير الله تعالى ملكاً، لكن هذا الملك ليس كملك الله عز وجل فهو مُلك قاصر، ومُلك مقيد، مُلك قاصر لا يشمل، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد، ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما ملك إلا على الوجه الذي أذن الله فيه ولهذا نهى النبي، صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وقال الله تبارك وتعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً}، وهذا دليل على أن ملك الإنسان ملك قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله سبحانه وتعالى فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله سبحانه وتعالى ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ثالثاً: التدبير، فالله عز وجل منفرد بالتدبير، فهو الذي يدبر الخلق ويدبر السماوات والأرض كما قال الله سبحانه وتعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}، وهذا التدبير شامل لا يحول دونه شيء ولا يعارضه شيء. والتدبير الذي يكون لبعض المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه ذلك هو تدبير ضيق محدود، ومقيد غير مطلق فظهر بذلك صدق صحة قولنا: إن توحيد الربوبية هو"إفراد الله بالخلق والملك، والتدبير".

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والثمانون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

النوع الثاني: توحيد الألوهية وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة"بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليه كما يعبد الله تعالى ويتقرب إليه وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضل فيه المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم وأرضهم وديارهم وسبى نساءهم وذريتهم، وهو الذي بعثت به الرسل وأنزلت به الكتب مع أخويه توحيدي الربوبية، والأسماء والصفات، لكنَّ أكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد وهو توحيد الألوهية بحيث لا يصرف الإنسان شيئاً من العبادة لغير الله سبحانه وتعالى لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح، ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العبادة لا تصح إلا لله عز وجل، ومن أخلَّ بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية، وبتوحيد الأسماء والصفات. فلو أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، وأنه سبحانه وتعالى المستحق لما يستحقه من الأسماء والصفات لكن يعبد مع الله غيره لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات. فلو فرض أن رجلاً يقر إقراراً كاملاً بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لكن يذهب إلى القبر فيعبد صاحبه أو ينذر له قرباناً يتقرب به إليه فإن هذا مشرك كافر خالد في النار، قال الله تبارك وتعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}، ومن المعلوم لكل من قرأ كتاب الله عز وجل أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستحل دماءهم، وأموالهم وسبى نساءهم، وذريتهم، وغنم أرضهم كانوا مقرين بأن الله تعالى وحده هو الرب الخالق لا يشكون في ذلك، ولكن لما كانوا يعبدون معه غيره صاروا بذلك مشركين مباحي الدم والمال.

 النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل". فلابد من الإيمان بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا المجاز، ولكن من غير تكييف، ولا تمثيل، وهذا النوع من أنواع التوحيد ضل فيه طوائف من هذه الأمة من أهل القبلة الذين ينتسبون للإسلام على أوجه شتى: منهم من غلا في النفي والتنزيه غلوّاً يخرج به من الإسلام، ومنهم متوسط، ومنهم قريب من أهل السنة. لكن طريقة السلف في هذا النوع من التوحيد هو أن يسمى الله ويوصف بما سمى ووصف به نفسه على وجه الحقيقة، لا تحريف ولا تعطيل،ولا تكييف، ولا تمثيل. مثال ذلك : أن الله سبحانه وتعالى سمى نفسه بالحي القيوم، فيجب علينا أن نؤمن بأن الحي اسم من أسماء الله تعالى ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الاسم من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تُسبق بعدم ولا يلحقها فناء. وسمى الله نفسه بالسميع فعلينا أن نؤمن بالسميع اسماً من أسماء الله سبحانه وتعالى وبالسمع صفة من صفاته، وبأنه يسمع وهو الحكم الذي اقتضاه ذلك الاسم وتلك الصفة، فإن سميعاً بلا سمع أو سمعاً بلا إدراك مسموع هذا شيء محال وعلى هذا فقس. مثال آخر: قال الله تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء}، فهنا قال الله تعالى: {بل يداه مبسوطتان}، فأثبت لنفسه يدين موصوفتين بالبسط وهو العطاء الواسع، فيجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى يدين اثنتين مبسوطتين بالعطاء والنعم، ولكن يجب علينا أن لا نحاول بقلوبنا تصوراً، ولا بألسنتنا نطقاً أن نكيَّف تينك اليدين ولا أن نمثلِّهما بأيدي المخلوقين، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، ويقول الله تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، ويقول عز وجل: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر :

 فمن مثَّل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذَّب قول الله تعالى: {ليس كمثله شيء}، وقد عصى الله تعالى في قوله: {فلا تضربوا لله الأمثال}. وأما من كيفهما وقال: هما على كيفية معينة أيّاً كانت هذه الكيفية فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفا ما ليس له به علم.

ونضرب مثالاً ثانياً في الصفات: وهو استواء الله على عرشه فإن الله تعالى أثبت لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كلها بلفظ {استوى} وبلفظ {على العرش}، وإذا رجعنا إلى الاستواء في اللغة العربية وجدناه إذا عُدي بعلى لا يقتضي إلا الارتفاع والعلو، فيكون معنى قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} وأمثالها من الآيات: أنه علا على عرشه علوّاً خاصاً غير العلو العام على جميع الأكوان وهذا العلو ثابت لله تعالى على وجه الحقيقة فهو عالٍ على عرشه علوّاً يليق به عزَّ وجلَّ لا يشبه علو الإنسان على السرير، ولا علوه على الأنعام، ولا علوه على الفلك الذي ذكره الله في قوله: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون}. فاستواء المخلوق على شيء لا يمكن أن يماثله استواء الله على عرشه، لأن الله ليس كمثله شيء. وقد أخطأ خطأ عظيماً من قال: إن معنى استوى على العرش استولى على العرش، لأن هذا تحريف للكلم عن مواضعه، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم و التابعون لهم بإحسان، ومستلزم للوازم باطلة لا يمكن لمؤمن أن يتفوه بها بالنسبة لله عز وجل. والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك كما قال الله سبحانه وتعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون}، ومقتضى صيغة"استوى على كذا"في اللغة العربية العلو والاستقرار، بل هو معناها المطابق للفظ. فمعنى استوى على العرش أي: علا عليه علوّاً خاصاً يليق بجلاله وعظمته، فإذا فسر الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه حيث نفي المعنى الذي تدل عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً. ثم إن السلف والتابعين لهم بإحسان مجمعون على هذا المعنى إذ لم يأت عنهم حرف واحد في تفسيره بخلاف ذلك، وإذا جاء اللفظ في القرآن والسنة ولم يرد عن السلف تفسيره بما يخالف ظاهره فالأصل أنهم أبقوه على ظاهره واعتقدوا ما يدل عليه. فإن قال قائل: هل ورد لفظٌ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ"علا"؟ قلنا: نعم ورد ذلك عن السلف، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحاً فإن الأصل فيما دل عليه اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية أنه باق على ما تقتضيه اللغة العربية من المعنى فيكون إثبات السلف له على هذا المعنى.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والتسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

أما اللوازم الباطلة التي تلزم من فسر الاستواء بالاستيلاء فهي:

 أولاً: أن العرش قبل خلق السماوات والأرض ليس ملكاً لله تعالى لأن الله تعالى قال: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش}، وعلى هذا فلا يكون الله مستولياً على العرش قبل خلق السماوات ولا حين خلق السماوات والأرض.

ثانياً: أنه يصح التعبير بقولنا: إن الله استوى على الأرض، واستوى على أي شيء من مخلوقاته وهذا بلا شك ولا ريب معنى باطل لا يليق بالله عز وجل. ثالثاً: أنه تحريف للكلم عن مواضعه. رابعاً: أنه مخالف لإجماع السلف الصالح رضوان الله عليهم. وخلاصةُ الكلام في هذا النوع -توحيد الأسماء والصفات- أنه يجب علينا أن نثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات على وجه الحقيقة من غير تحريف، ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل. [ الأنترنت – موقع طريق الإسلام - ما هو تعريف التوحيد وما هي أنواعه؟- مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب التوحيد ]

* العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد :

اعلم أنَّه لا يكمل لأحد توحيدُه إلاَّ باجتماعِ أنواعِ التوحيدِ الثلاثةِ وهي: توحيدُ الربوبيةِ، والأسماءِ والصفاتِ، والألوهيةِ، فلا ينفعُ توحيدُ الربوبيةِ بدونِ توحيدِ الألوهيةِ، ولا يقومُ توحيدُ الألوهيةِ بدونِ توحيدِ الربوبيةِ، ولاَ يَسْتَقيمُ تَوحيدُ الله في رُبُوبيتِهِ وأُلُوهِيَتِهِ بِدُونِ توحيدِه في أسمائِه وصفاتِه، فهذِه الثلاثةُ متلازِمَةٌ يُكَمِّلُ بعضُهَا بعضًا، ولا يَسَعُ الاستِغْناءُ بِبعضِها عن البعْضِ الآخرِ، فالعلاقَةُ الرابطةُ بينَ هذِه الأقسامِ هي علاقةُ تلازُمٍ وتضمُّنٍ وشُمُولٍ.

وتوحيدُ الربوبيةِ يستلْزِمُ توحيدَ الألوهيةِ، ومَعْنى ذلكَ أنَّ تَوحيدَ الألوهيةِ خَارجٌ عَن مَدلُولِ توحيدِ الربوبيةِ، فلا يتحَقَّقُ توحيدُ الربوبيةِ إلاَّ بتوحيدِ الألوهيةِ، أي: أنَّ تَوحيدَ الربُوبيةِ لا يُدْخِل مَنْ آمن بِه في الإسْلاَمِ، بِخلافِ تَوْحِيدِ الألُوهِيةِ فَإنَّه يَتَضمَّنُ تَوْحيدَ الربوبيةِ، أي: أنَّ توحيدَ الربوبيةِ جزْءٌ مِن معنى توحيدِ الألُوهيةِ فالإيمانُ بتوحيدِ الألُوهيةِ يُدْخِلُ في الإسلامِ.

فيتقَرَّرُ عِنْدئذٍ أنَّ توْحيدَ الربُوبيةِ عِلْمِيٌّ اعْتِقَادِيٌّ،

 وتَوحِيدُ الألُوهيةِ عَمَلِيٌّ طَلَبِيٌّ، والعمليُّ متضَمِّنٌ للعِلْمِيِّ؛ ذلك لأنَّ متعلّقاتِ الربوبيةِ الأمورُ الكونيةُ، كالخلقِ والرِّزقِ، والتدبيرِ والإحياءِ، والإمَاتَةِ وغيرِ ذلكِ، بينَمَا مُتعلّقَاتُ تَوحِيدِ الألُوهِيةِ الأوامِرُ والنواهِي، فإذَا عَلِم العَبْدُ أنَّ الله ربُّهُ لا شَرِيكَ لَه في خَلْقِه وأسمائِه وصفاتِه ترتَّبَ عنه أن يعمَلَ عَلى طاعتِه وامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهِيهِ، أي: يعْمَلُ عَلَى عبادتِه، ومنهُ يُفْهَم أنَّ عبادَةَ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ هِي نتيجةٌ لاعترافٍ أَوَّليٍّ بأنَّه لا ربَّ غيرُ الله يُشْرِكهُ في خلْقِهِ وأَمْرِه، أي: تَعلّقُ القَلْبِ ابتداءً بتوحيدِ الربوبيةِ ثمَّ يَرتَقِي بعدهَا إلى توحيدِ الألوهيةِ، ولهذا قال ابنُ القيِّم: «والإلهية التي دعت الرسل أُممَهم إلى توحيد الربِّ بها هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أقرّ به المشركون فاحتجَّ الله عليهم به، فإنَّه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلهية»، ومعنى كلامِ ابن القيِّمِ أنَّ الله تعالى احتَجَّ على المشْرِكينَ بتوحِيدِ الربوبيةِ عَلى توحيدِ الألوهيةِ والعبادةِ لا العكسُ، ومنْهُ يُفْهمُ -أيضًا- أنَّ توحيدَ الربوبيةِ والأسماءِ والصفاتِ وحدهُ لا يكفِي لإدْخَالِ صاحبِه في الإسلامِ ولا يُنْقِذُه من النَّارِ، ولا يَعْصِمُ مالَه ودَمَهُ إلاَّ بتوحِيدِ الألوهيةِ والعبادةِ.

أما توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ فهو شَاملٌ للنوعينِ معًا (توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية)؛ وذلك لأنَّه يقومُ على إفرادِ الله تعالى بكلِّ مَا لَهُ منَ الأسماءِ الحسْنَى والصِّفاتِ العُلَى التي لا تُبْتَغَى إلاَّ لهُ سبحانَه، والتي من جُمْلتِها: الربُّ، الخالقُ، الرَّازِقُ، الملِكُ وهذا هو توحيدُ الربوبيةِ، وكذلِك من جُمْلتِها: الله، الغفُورُ، الرَّحيمُ، التوَّابُ، وهذا توحيد الألوهيةِ.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.[ الأنترنت – موقع  فركوس - في العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثانية والتسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ }

قال بن كثير في التفسير: ينزه تبارك وتعالى نفسه الكريمة ويقدسها، ويبرئها عما يقول الظالمون المكذبون المعتدون، تعالى وتنزه وتقدس عن قولهم علواً كبيراً، ولهذا قال تبارك وتعالى‏:‏ ‏ { ‏سبحان ربك رب العزة‏} ‏ أي ذي العزة التي لا ترام ‏ { ‏عما يصفون‏} ‏ أي عن قول هؤلاء المعتدين المفترين، ‏ { ‏وسلام على المرسلين‏} ‏ أي سلام اللّه عليهم في الدنيا والآخرة، ‏ { ‏والحمد للّه رب العالمين‏} ‏ أي له الحمد في الأولى والآخرة في كل حال، عن قتادة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا سلمتم عليَّ فسلموا على المرسلين، فإنما أنا رسول من المرسلين‏)‏ "أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم مرسلاً ورواه ابن أبي حاتم مسنداً عن أبي طلحة رضي اللّه عنه‏" وعن أبي سعيد رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ أنه كان إذا أراد أن يسلم قال‏:‏ ‏(‏سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين‏ ثم يسلم) ‏"‏أخرجه الحافظ أبو يعلى، قال ابن كثير‏:‏ إسناده ضعيف، أقول‏:‏ وله ما يؤيده من الشواهد الصحيحة" وروى ابن أبي حاتم عن الشعبي قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏‏من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم‏:‏ ‏ { ‏سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين‏} ‏‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم مرسلاً، وروي موقوفاً عن علي رضي اللّه عنه‏" وقد وردت أحاديث في كفارة المجلس‏:‏ سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، قال وقال ابن كثير‏:‏ وقد أفردت لها جزءاً على حدة، وللّه

الحمد والمنة‏.

تفسير الطبري

وَقَوْله : { سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة عَمَّا يَصِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَنْزِيهًا لِرَبِّك يَا مُحَمَّد وَتَبْرِئَة لَهُ. { رَبّ الْعِزَّة } يَقُول : رَبّ الْقُوَّة وَالْبَطْش { عَمَّا يَصِفُونَ } يَقُول : عَمَّا يَصِف هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرَوْنَ عَلَيْهِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش , مِنْ قَوْلهمْ وَلَد اللَّه , وَقَوْلهمْ : الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ شِرْكهمْ وَفِرْيَتهمْ عَلَى رَبّهمْ , كَمَا : 22805 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة عَمَّا يَصِفُونَ } : أَيْ عَمَّا يَكْذِبُونَ يُسَبِّح نَفْسه إِذَا قِيلَ عَلَيْهِ الْبُهْتَان . وَقَوْله : { سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة عَمَّا يَصِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره تَنْزِيهًا لِرَبِّك يَا مُحَمَّد وَتَبْرِئَة لَهُ. { رَبّ الْعِزَّة } يَقُول : رَبّ الْقُوَّة وَالْبَطْش { عَمَّا يَصِفُونَ } يَقُول : عَمَّا يَصِف هَؤُلَاءِ الْمُفْتَرَوْنَ عَلَيْهِ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش , مِنْ قَوْلهمْ وَلَد اللَّه , وَقَوْلهمْ : الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه , وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ شِرْكهمْ وَفِرْيَتهمْ عَلَى رَبّهمْ , كَمَا : 22805 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { سُبْحَان رَبّك رَبّ الْعِزَّة عَمَّا يَصِفُونَ } : أَيْ عَمَّا يَكْذِبُونَ يُسَبِّح نَفْسه إِذَا قِيلَ عَلَيْهِ الْبُهْتَان . '

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والتسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ }

قال القرطبي في التفسير:

فيه أربع مسائل: الأولى: قوله تعالى: { سبحان ربك}

 نزه سبحانه نفسه عما أضاف إليه المشركون. { رب العزة} على البدل. ويجوز النصب على المدح، والرفع بمعنى هو رب العزة. { عما يصفون} أي من الصاحبة والولد. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى { سبحان الله} فقال : (هو تنزيه الله عن كل سوء) وقد مضى في { البقرة} مستوفى. الثانية: سئل محمد بن سحنون عن معنى { رب العزة} لم جاز ذلك والعزة من صفات الذات، ولا يقال رب القدرة ونحوها من صفات ذاته جل وعز؟ فقال : العزة تكون صفة ذات وصفة فعل، فصفة الذات نحو قوله: { فلله العزة جميعا} وصفه الفعل نحو قوله: { رب العزة} والمعنى رب العزة التي يتعاز بها الخلق فيما بينهم فهي من خلق الله عز وجل. قال : وقد جاء في التفسير إن العزة ها هنا يراد بها الملائكة. قال : وقال بعض علمائنا : من حلف بعزة الله فإن أراد عزته التي هي صفته فحنث فعليه الكفارة، وإن أراد التي جعلها الله بين عباده فلا كفارة عليه. الماوردي: { رب العزة} يحتمل وجهين : أحدهما مالك العزة، والثاني رب كل شيء متعزز من ملك أو متجبر. قلت : وعلى الوجهين فلا كفارة إذا نواها الحالف. الثالثة: روي من حديث أبى سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول قبل أن يسلم: { سبحان ربك رب العزة} إلى آخر السورة؛ ذكره الثعلبي. قلت : قرأت على الشيخ الإمام المحدث الحافظ أبي علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك البكري بالجزيرة قبالة المنصورة من الديار المصرية، قال أخبرتنا الحرة أم المؤيد زينب بنت عبدالرحمن بن الحسن الشعري بنيسابور في المرة الأولى، أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن أبي بكر القارئ، قال حدثنا أبو الحسن عبدالقادر بن محمد الفارسي، قال حدثنا أبو سهل بشر بن أحمد الإسفرايني، قال حدثنا أبو سليمان داود بن الحسين البيهقي، قال حدثنا أبو زكرياء يحيى بن يحيى بن عبدالرحمن التميمي النيسابوري، قال حدثنا هشيم عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف { سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين} . قال الماوردي : روى الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم { سبحان ربك رب العزة عما يصفون. وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين} ). ذكره الثعلبي من حديت علي رضي الله عنه مرفوعا. الرابعة: قوله تعالى: { وسلام على المرسلين} أي الذين بلغوا عن الله تعالى التوحيد والرسالة. وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا رسول من المرسلين) وقيل : معنى: { وسلام على المرسلين} أي أمن لهم من الله جل وعز يوم الفزع الأكبر. { والحمد لله رب العالمين} أي على إرسال المرسلين مبشرين ومنذرين. وقيل : أي على جميع ما أنعم الله به على الخلق أجمعين. وقيل : أي على هلاك المشركين؛ دليله: { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} [الأنعام : 45]. قلت : والكل مراد والحمد يعم. ومعنى { يصفون} يكذبون، والتقدير عما يصفون من الكذب. تم تفسير الصافات.

 [ الأنترنت – موقع  {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

* دعاء من القرآن الكريم بـ (ربنا ، رب )

قال تعالى {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127 - البقرة) {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (201 - البقرة)

{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى

الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }(250 - البقرة) {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } (286 - البقرة) {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } (8-آل عمران) {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }(9 – آل عمران)

{رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }(16 – آل عمران) {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }(53 – آل عمران)

{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا

 وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }(147 – آل عمران)

{رَبَّنَامَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (191 – آل عمران) {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }(192 – آل عمران)

{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ }(193 – آل عمران) {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ }(194 – آل عمران) {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا }(75 - النساء) {رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }(83 - المائدة) {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ }(23 - الأعراف)

{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }(47 - الأعراف)

{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} (89 - الأعراف) {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ }(126 - الأعراف) {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } (85/86 - يونس)

{رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ }(38 - إبراهيم)

{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ }(40 - إبراهيم) {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ }(41 - إبراهيم)

{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}

(10 - الكهف) {رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ

خَيْرُ الرَّاحِمِينَ }(109 - المؤمنون) {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا }(65 - الفرقان)

{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }(74 الفرقان) {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }(7 - غافر) {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِي السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }(8/9 - غافر) {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ }(12 - الدخان) {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ }(10 - الحشر)     {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير}(4 - الممتحنة) {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }(5 - الممتحنة) {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }(8 - التحريم)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*دعاء من القرآن الكريم ( رَبِّ )

قال تعالى : {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (126 - البقرة) رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ

الدُّعَاءِ }(38 – آل عمران) {رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا

نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ }(25 - المائدة) {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }(151 - الأعراف) {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }(101 - يوسف){رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ } (40 – إبراهيم) {رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (24 - الإسراء) {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا } (80 – الإسراء) {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي } (25 - طه) {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا }(114 - طه)

{رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }(89 –

الأنبياء) {رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَانُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } (112 – الأنبياء) {رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِي }(26 - المؤمنون) {رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ }(29 - المؤمنون)

{رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(94 - المؤمنون)

{رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ }(97/98 - المؤمنون){رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ }(118 - المؤمنون)

{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنْ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى

 اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }(83/89 - الشعراء){رَبِّ نَجِّنِي

 وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ }(169 - الشعراء){رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }(19 - النمل) {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي }(16 - القصص) {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ }(17 - القصص)

{رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }(21 - القصص)

{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (24 - القصص)

{رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} (30 - العنكبوت)

{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ }(100 - الصافات)

{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (35 - ص)

{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ

وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ} (15 – الأحقاف) {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا}  (28 - نوح)

اللهم إني أسألك حسن الخاتمة والرحمة والمغفرة والفوز بالجنة والنجاة من النار. اللهم اجعل هذا العمل وسائر أعمالي خالصا لوجهك الكريم وتقبله مني وانفع به المسلمين.

[ الأنترنت – موقع صيد الفوائد - دعاء من القرآن الكريم - محمد حسن يوسف ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السادسة والتسعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:*ما سر تنويع إبراهيم عليه السلام في دعائه بين"ربنا" و"ربي"..؟

في قول الله عز وحل: ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)رَبَّنَاإِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )) نلحظ تنوع الأسلوب في دعاء إبراهيم ربه، فبدأ بــ(ربِّ)، ثم (ربنا)، ثم (ربِّ)..فما الغرض من ذلك..؟

ما تلا الدعاء بصيغة المفرد قال فيه "رب" وما تلا الدعاء بصيغة الجمع قال فيه "ربنا"

في الآية الأولى (٣٥) اصلها يدعو  لنفسه واتبع ذريته عطفا فكانت "ربِّ"

في الآية التالية (٣٦) تابعة للاية التي سبقتها فاستمر السياق تكرارا للمفرد "ربِّ"

اما في الآية (٣٧) فكانت بصيغة الجمع لشمول الذرية في الدعوة فدعوته طلبا لشمول من اسكنهم في

الوادي بالعناية الربانية لما يلزم بقائهم هناك من خطر

 ووحشة فقال "ربنا" ثم اتبعها بسبب اسكانهم والتأكيد على دعوته حين قال "ربنا ليقيموا الصلاة" .

في الآية (٣٨) كانت (ربنا) حيث قال (ما نخفي وما نعلن ) بصيغة الجمع

اما في الاية (٤٠) فكانت افرادا لانه دعى اولا لنفسه وادخل ذريته تاليا فكان اصل دعاؤه مفرداً (رب اجعلني مقيم الصلاة) ثم اتبع بالذرية (ومن ذريتي)

فكانت صيغة الجمع والافراد تبعا لمن يشملهم الدعاء فردا او جمعا والله اعلى واعلم

[الأنترنت – موقع ملتقى أهل التفسير - ما سر تنويع إبراهيم عليه السلام في دعائه بين"ربنا" و"ربي"..؟  لطيفة ، عدنان الغامدي ]

*السيد الصمد :السيد والصمد"، والحديث سيكون عن أربع قضايا:

الأولى: في معنى الاسم الكريم من حيث اللغة، وفيما

 يتعلق بمعناه عند إضافته إلى الله -تبارك وتعالى-.

والثاني: ورود هذا الاسم في الكتاب أو السنة.

والثالث: في الكلام على ما يدل عليه هذا الاسم.

والرابع: في الكلام على ثمرات الإيمان بهذا الاسم.

ففي مثل هذه الأسماء المتقاربة في المعنى سأتحدث عن القضايا الثلاث أولاً في كل اسم على حدة، ثم بعد ذلك في الكلام على الثمرات سأتحدث عن الجميع بحديث متحد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السابعة والتسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*اسم الله (السيد):

نبدأ بهذا الاسم الكريم: (السيد)، والسيد في كلام العرب يطلق على معانٍ متعددة:

منها: "الرب"، وقد مضى الحديث عن هذا الاسم، عند الكلام على اسم (الرب)، وقلت: إن من معاني (الرب) السيد، ولهذا نحتاج إلى أن نتحدث عن جملة من معاني الرب كالسيد، وإذا تحدثنا عن السيد فإننا نحتاج إلى الحديث عن الصمد؛ لأن من معاني الصمد السيد الذي قد كمل في سؤدده، بل هو أشهر معانيه، فالسيد يطلق في كلام العرب على الرب، وعلى المالك، يقال له: سيد، فالرجل سيد في بيته، وهو أيضاً سيد بالنسبة للمملوك، للرقيق، يقال: هذا سيد لفلان، وهكذا أيضا يطلق على الشريف، فالسؤدد عند العرب بمعنى الشرف، وهكذا يطلق على الفاضل.

السيد يطلق في كلام العرب على الرب، وعلى

المالك، يقال له: سيد، فالرجل سيد في بيته، وهو أيضاً سيد بالنسبة للمملوك، للرقيق، يقال: هذا سيد لفلان، وهكذا أيضا يطلق على الشريف، فالسؤدد عند العرب بمعنى الشرف، وهكذا يطلق على الفاضل، وعلى الكريم، وعلى السخي، وعلى الحليم، وقد جاء عن عكرمة -رحمه الله-: "السيد الذي لا يغلبه غضبه"وهذا من المعاني التي ترتبط بالسيد؛ لأن الإنسان إنما يكمل في سؤدده إذا كان حليمًا كريمًا وما إلى ذلك من الأوصاف.

وهكذا يطلق أيضا على الرئيس، كما قال الله: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } يوسف:25، فالرجل سيد بالنسبة لامرأته، فهو سيدها أي: هو رئيسها، وكذا في قوله -تبارك وتعالى-: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا } الأحزاب:67، وهم الرؤساء، وهكذا يطلق أيضا على الملك، وهو يرجع أو يرتبط بما قبله، وقد قال بعضهم: السيد هو الذي فاق غيره بالعقل، والمال، والدفع، والنفع، وهو المعطي ماله في حقوقه، المعين بنفسه، وسيد كل شيء أشرفه وأرفعه، تقول: هذا سيد المال، بمعنى أشرف المال.

إذا عرفت هذه المعاني وهذه الإطلاقات في كلام العرب بقي أن تعرف معنى هذا الاسم في حق الله -تبارك وتعالى-، حينما يسمى به، يقول الخطابي -رحمه الله-: (السيد الله) ، هكذا قال النبي ﷺ، وتفسيره أن السؤدد إنما يكون حقيقة لله، وأما الخلق فكلهم عبيده، السيد الذي له السيادة الكاملة من كل وجه هو الله --، فالملائكة والإنس والجن كل هؤلاء إنما هم خلق من خلق الله -تبارك وتعالى-، فهؤلاء لا يستغنون عن الله طرفة عين، لا يستغنون عنه في مبدئهم، فالله هو الذي أوجدهم وخلقهم، فلو لم يوجدهم لم يوجدوا، كما أنهم أيضاً لا يستغنون عنه طرفة عين في بقائهم بعد إيجادهم، وهكذا أيضاً فيما يتصل بالعوارض العارضة أثناء البقاء، الخلق بحاجة إلى ألطاف الله المتنوعة، فلو تخلى الله عنهم بعد إيجادهم فإنهم سيهلكون ويضمحلون لا محالة، فالله -تبارك وتعالى- هو السيد حقًّا، لا يستحق ذلك على الإطلاق لا ملك عظيم مقرب، ولا أحد من المخلوقين مهما كان قدره، ولهذا قال النبي ﷺ: (السيد الله)، وفي هذا المعنى يقول الحافظ ابن القيم -رحمه الله- في النونية:

وهو الإلهُ السيد الصمد الذي *** صمدت إليه الخلقُ بالإذعانِ

الكاملُ الأوصافِ من كل الوجوه *** كمالُه ما فيه من نقصانِ

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*اسم الله (السيد):

فالسيد إذا أطلق عليه -تبارك وتعالى- فإنه يكون بمعنى المالك، والمولى، والرب وما إلى ذلك من المعاني السابقة، والمخلوق وإن كان يقال له: سيد إلا أن ما يقال بالنسبة لله لا يكون كالذي يقال بالنسبة للمخلوق، وقد ذكر الحافظ ابن القيم -رحمه الله- في (تحفة المودود) أن قول النبي ﷺ: (أنا سيد ولد آدم) ، لا يعارض قوله ﷺ: (السيد الله)، يقول: "إن قوله: (أنا سيد ولد آدم)، هذا إخبار منه عما أعطاه الله من سيادة النوع الإنساني، وفضله وشرفه عليهم، أما وصف الرب تعالى بأنه السيد فذلك وصف لربه على الإطلاق، فإن سيد الخلق هو مالك أمرهم الذي إليه يرجعون، وبأمره يعملون، وعن قوله يصدرون، فإذا كانت الملائكة والإنس والجن خلقًا له --، وملكًا له، وليس لهم غنًى عنه طرفة عين، وكل رغباتهم إليه، وكل حوائجهم إليه كان هو -- السيد على الحقيقة، وقد جاء عن ابن عباس -- عن طريق علي بن أبي طلحة -رحمه الله- في تفسير قوله: (الصمد)، قال: "السيد الذي كمل في سؤدده"

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "والمقصود أنه لا يجوز لأحد أن يتسمى بأسماء الله المختصة به، وأما الأسماء

التي تطلق عليه وعلى غيره، كـ(السميع)، و(البصير)، و(الرءوف)، و(الرحيم)، فيجوز أن يخبر بمعانيها عن المخلوق ولا يجوز أن يتسمى بها المخلوق على سبيل الإطلاق، بحيث يطلق عليه كما يطلق على الرب تعالى"؛ ولذلك من أهل العلم من يقول: إن المخلوق لا يصح أن يسمى، أو يلقب بالسيد على سبيل الإطلاق بدخول (ال)، أما ما جاء عن النبي ﷺ: (أنا سيد ولد آدم)، فهذا بالإضافة والقيد.

وهكذا في قوله ﷺ: (قوموا إلى سيدكم) ، يعني سعد بن معاذ - وأرضاه-، ومثل هذا بالإضافة لا بأس به، والإنسان ممكن أن ينسب إليه شيء من ذلك كما سبق أن الرجل يكون سيداً في بيته، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } يوسف:25، ولكن حينما يكون ذلك على سبيل الإطلاق فذلك لا يصح إلا لله --، فالله هو السيد السيادة المطلقة، لا بأس أن أورد لكم كلاماً لبعض أهل العلم على هذه الجزئية بالذات هل يقال ذلك للمخلوق أو لا؟

الله -تبارك وتعالى- يقول عن يحيى ﷺ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا } آل عمران:39، كيف سماه سيداً وهو مخلوق؟ والنبي ﷺ قال: (السيد هو الله) في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود.

وابن الأنباري -رحمه الله- يقول: "إن قوله تعالى عن يحيى ﷺ بأنه سيد ليس المقصود به المالك، وإنما الرئيس، والإمام في الخير، كما تقول العرب: فلان سيدنا، أي: رئيسنا الذي نعظمه".

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والتسعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:*اسم الله (السيد):

وهكذا ما جاء في الحديث لما قالوا له ﷺ: أنت سيدنا، قال: (السيد الله)، يقول الأزهري: "كره النبي ﷺ أن يُمدح في وجهه"، يعني أن الأزهري يقول: إن ذلك لا لأن هذا يحرم، لكن لتواضعه -عليه الصلاة والسلام-، ولكراهيته للمدح، "وأحبَّ التواضع لله -تبارك وتعالى-، وجعل السيادة للذي ساد الخلق أجمعين، وليس هذا بمخالف لقوله ﷺ لسعد بن معاذ حين قال لقومه الأنصار: (قوموا إلى سيدكم)، أراد أنه أفضلكم، وأكرمكم"، وأما صفة الله -تبارك وتعالى- حينما نصفه بالسيد فمعناه أنه مالك الخلق، والخلق كلهم عبيده، وبهذا الاعتبار لا يصح أن يقال ذلك للمخلوق إذا قصد به هذا المعنى، ولكن

 هل يقال ويراد به هذا؟

الجواب: لا، بالنسبة للمخلوقين، والنبي ﷺ يقول: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر)، أراد أنه أول شفيع، وأول من تفتح له أبواب الجنة، فقال ذلك على سبيل الإخبار، ولهذا قال: (ولا فخر)، فله ﷺ من المنزلة والمكانة والسؤدد ما لا يخفى، وقالوا في قوله ﷺ لما قال: "قولوا بقولكم" للذين قالوا: أنت سيدنا، قالوا: إنه أراد ادعوني نبيًّا ورسولاً، كما سماني الله، ولا تسموني سيداً كما تسمون رؤساءكم، فإني لست كأحدهم ممن يسودكم في أسباب الدنيا، ونحن نعلم أن النبوة منحة إلهية خلافاً لبعض الفلاسفة كابن سينا الذي قال: إنها مكتسبة بتحصيل الكمالات، وهذا القول كفر، فالنبوة ليست مكتسبة، وإنما هي منحة وموهبة يهبها الله ويصطفي من شاء، لكن هؤلاء الذين يصطفيهم هم خيار خيار قومهم.

والخطابي -رحمه الله- يعلل ذلك بأن هؤلاء الذين نهاهم كانوا حدثاء عهد بالإسلام، وإلا فالنبي ﷺ قال

للأنصار -أعني الأوس منهم-: (قوموا إلى سيدكم)، فلما كان أولئك الذين جاءوا إليه وقالوا: أنت سيدنا حدثاء عهد بالإسلام، نهاهم عن ذلك؛ لئلا يتجارى بهم الشيطان فيقعون في شيء من الغلو.

يقول الخطابي: "وكانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كهي بأسباب الدنيا، باعتبار أنهم كانوا يعظمون رؤساءهم، ويسمونهم السادات، فعلمهم الثناء عليه، وأرشدهم إلى الأدب في ذلك، فقال: (قولوا بقولكم)"

وابن القيم -رحمه الله- لما ذكر الخلاف في إطلاق

 السيد يقول: "منعه قوم كمالك -رحمه الله-، -الإمام مالك رأى أن ذلك لا يجوز أن يقال للمخلوقين-، واحتجوا بقول النبي ﷺ لما قيل له: يا سيدنا، أو أنت سيدنا، قال: (إنما السيد الله)، وجوزه آخرون؛ لقوله ﷺ: (قوموا إلى سيدكم)، وهذا أصح من الحديث الأول"، ابن القيم -رحمه الله- يذكر علة لهؤلاء يقول: "احتج المانعون بهذا، قالوا: إنه إذا قيل: فلان سيد كذا فهو أحد ما يضاف إليه، سيد كندة واحد من كندة، سيد تميم هو واحد من تميم، فإذا قيل: إن الله -تبارك وتعالى- هو السيد قالوا: فالله ليس من خلقه، ليس مما يضاف إليه، طبعًا هذا الكلام غلط، قالوا: وإنما ذلك يقال للمخلوق، يقول: فالسيد إذا أطلق عليه تعالى فهو بمعنى المالك، والمولى، والرب لا بالمعنى الذي يطلق على المخلوق، والله تعالى أعلم" ويمكن تلخيص كلام ابن القيم بأن هؤلاء الذين أجازوا إطلاقه على المخلوق قالوا: إن ذلك لا يليق بالله، ولا يصح نسبته إليه، لماذا؟ قالوا: لأن السيد إذا أضيف فهو واحد من هؤلاء الذين أضيف إليهم، تقول: سيد كندة هو واحد من كندة، سيد تميم هو واحد من تميم، والله لا يصح أن يكون من خلقه، قالوا: إذن لا يقال لله، عكس من منعه في المخلوق، هؤلاء قالوا: لا يجوز أن يقال لله.

والأقرب -والله -تبارك وتعالى- أعلم- أنه لا مانع من أن يقال ذلك للمخلوق باعتبار أنه الرئيس صاحب السؤدد، وما شابه ذلك، ولا يقال: إن هذا يحرم، والنبي ﷺ يقول: (إذا نصح العبد سيده، وأحسن

عبادة ربه، كان له أجره مرتين)

وهكذا في الحديث الآخر: (لا يقول أحدهم: أطعِمْ ربك، وضِّئ ربك، وليقل: سيدي ومولاي) وهكذا قول عمر: "أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا"، يعني: بلالاً .

والحافظ ابن حجر -رحمه الله- لما ذكر حديث: (السيد الله)، قال: "ويمكن الجمع بأن يحمل النهي على غير المالك، والإذن بإطلاقه على المالك، وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا، ويكره أن يخاطب أحداً بلفظه أو كتابته بالسيد، ويتأكد هذا إذا كان المخاطب غير تقي باعتبار الحديث: (لا تقولواللمنافق سيدًا)" ، هذا الكلام على موضوع إطلاق السيد على غير الله

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*اسم الله (السيد):

ثانياً: في الكلام على ورود هذا الاسم الكريم في الكتاب والسنة:

هذا الاسم لم يرد في القرآن مسمى به الله، وإنما ورد في الحديث، كما جاء من حديث مطرف بن عبد الله

بن الشخير  قال: "قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ﷺ فقلنا: أنت سيدنا، فقال:

(السيد الله -تبارك وتعالى)، قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا قولاً, فقال: (قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يستجرينّكم الشيطان).فإذن نخرج من هذا أن السيادة المضافة إلى المخلوقين هي سيادة نسبية، وأن

 السيادة المضافة لله سيادة مطلقة.

ثالثاً: ما يدل عليه هذا الاسم الكريم:

هذا الاسم يدل بدلالة المطابقة على مجموع أمرين: إذا أطلقناه، وقصدنا به المسمى وهو الذات -ذات الله، وقصدنا به الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإن ذلك يكون بدلالة المطابقة، وإذا قصدنا واحداً منهما بأن أطلقنا هذا الاسم وأردنا الذات فقط، أو أردنا الصفة فقط فهذه هي دلالة التضمن، فيدل بالتضمن على أحدهما، كما أنه يدل أيضاً بدلالة اللزوم على الحياة، والأحادية، والقيومية، وكمال العلم والقدرة والعزة إلى غير ذلك مما لابد منه لتحقيق السيادة، العطاء، الكرم كل هذه الأمور لابد منها حتى يحصل السؤدد، الغِنى فإن الذي لا يكون غنيًّا لا يستطيع أن يعطي ويمنح، هذه الثلاثة الأمور التي تتعلق بهذا الاسم الكريم.[ الأنترنت – الموقع الرسمي للدكتور خالد السبت ]

* ما حكم قول: "رب البيت"؟ "رب المنزل"؟ :

السؤال: ما حكم قول: "رب البيت"؟ "رب المنزل"؟ الإجابة: رب البيت ونحوه ينقسم أقساماً أربعة: القسم الأول: أن تكون الإضافة إلى ضمير المخاطب في معنى لا يليق بالله عز وجل مثل أن يقول: "أطعم ربك" فهذا منهي عنه لوجهين: الوجه الأول: من جهة الصيغة لأنه يوهم معنى فاسداً بالنسبة لكلمة رب، لأن الرب من أسمائه سبحانه، وهو سبحانه يُطعِم ولا يطعَم، وإن كان لا شك أن الرب هنا غير الرب الذي يطعم ولا يطعم. الوجه الثاني: من جهة أنك تشعر العبد أو الأمة بالذل لأنه إذا كان السيد ربّاً كان العبد مربوباً والأمة مربوبة. وأما إذا كان في معنى يليق بالله تعالى مثل أطع ربك كان النهي عنه من أجل الوجه الثاني. القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب مثل ربه، وربها، فإن كان في معنى لا يليق بالله كان من الأدب اجتنابه، مثل أطعم العبد ربه أو أطعمت الأمة ربها، لئلا يتبادر منه إلى الذهن معنى لا يليق بالله. وإن كان في معنى يليق بالله مثل أطاع العبد ربه وأطاعت الأمة ربها فلا بأس بذلك لانتفاء المحذور. ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث اللقطة في ضالة الإبل وهو حديث متفق عليه: "حتى يجدها ربها"، وقال بعض أهل العلم: إن حديث اللقطة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل كالإنسان، والصحيح عدم الفارق لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة بها، قال تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب}، وقال في العباد: {وكثير من الناس} ليس جميعهم: {وكثير حق عليه العذاب}. القسم الثالث: أن تكون الإضافة إلى ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف: {إنه ربي أحسن مثواي} أي سيدي، وإن المحذور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتفٍ لأن هذا من العبد لسيده. القسم الرابع: أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال: هذا رب الغلام فظاهر الحديث الجواز، وهو كذلك ما لم يوجد محذور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالق لمملوكه.        [ الأنترنت – موقع طريق الإسلام – الفتاوى ما حكم قول: "رب البيت"؟ "رب المنزل"؟] مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلدالاول - باب المناهي اللفظية. محمد بن صالح العثيمين ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الواحدة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:* رب ضارة نافعة:

رب ضارة نافعة، أي أنه قد يحصل للإنسان ظروف وأمور تحزنه، وتشعره أنه خسر خسائر عظيمة ، وقد يدخل قلبه الشك أنه خسر ويحزن حزنا شديدا ، ذلك أن الانسان لا يحب الخسائر ، ولكن قد تكون فيما حصل له من مضرة في هذا الوقت منفعة كبيرة نتيجة ما حصل الآن لك من ضرر، فنقول رب ضارة نافعة،فبهذا الضرر قد يزيل عنك مصيبة كبيرة قد تحصل لك مستقبلا، أو قد تتحصل على منفعة عظيمة نتيجة لذلك.

لهذا لا يتعجل الانسان في طلب الخير إن أصابه ضر الآن بل يصبر ويقول :"لا حول ولا قوة الا بالله ، اللهم آجرني في مصيبتي وارزقني خيرا منها"، والله سيعوضه خيرا منها بإذنه سبحانه وتعالى.

[الأنترنت – موقع ما المقصود ب عبارة "رب ضارة نافعة "؟ - يوسف المومني ]

* حديث(أي رب نطفة، أي رب علقة...)

السؤال: سُئِلَ رَحِمِهَ اللَّهُ عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏"إن النطفة تكون أربعين يومًا نطفة، ثم أربعين يومًاعلقة، ثم أربعين مضغة، ثم يكون التصوير والتخطيط والتشكيل"‏‏ ثم ورد عن حذيفة بن أسيد‏:‏ ‏‏"‏أنه إذا مر للنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث اللّه تعالى إليها ملكًا فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها، وعظامها، ثم يقول‏:‏ يا رب، أذكر، أم أنثى ‏؟‏ شقي أم سعيد ‏؟‏ فما الرزق وما الأجل‏؟‏‏"

وذكر الحديث، فما الجمع بين الحديثين‏؟‏

الإجابة: الحمد للّه رب العالمين، أما الحديث الأول، فهو في الصحيحين عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ حدثنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق‏:‏"إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات‏:‏ بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد‏.‏ فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ،حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ،حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها‏"‏‏ وفي طريق آخر‏:‏ وفي رواية‏:‏"ثم يبعث اللّه ملكًا ويؤمر بأربع كلمات، ويقال‏:‏ اكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد‏.‏ ثم ينفخ فيه الروح‏"‏‏‏.‏

فهذا الحديث الصحيح ليس فيه ذكر التصوير متى يكون، لكن فيه أن الملك يكتب رزقه وأجله، وعمله وشقي أو سعيد، قبل نفخ الروح وبعد أن يكون مضغة‏.‏

وحديث أنس بن مالك الذي في الصحيح يوافق هذا وهو مرفوع قال‏:‏ ‏"‏إن اللّه عز وجل وكل بالرحم ملكا فيقول‏:‏ أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد اللّه أن يقضي خلقها قال الملك‏:‏ أي رب، ذكر أم أنثى ‏؟‏ شقي أو سعيد ‏؟‏ فما الرزق فما الأجل‏؟‏ فيكتب كذلك في بطن أمه‏"‏‏‏.‏ فبين في هذا أن الكتابة تكون بعد أن يكون مضغة‏.‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثانية بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

* حديث(أي رب نطفة، أي رب علقة...)

وأما حديث حذيفة بن أسيد، فهو من أفراد مسلم، ولفظه‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏‏"‏إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث اللّه إليها ملكًا، فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها‏.‏ ثم يقول‏:‏ يا رب، أذكر أم أنثى ‏؟‏ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول‏:‏ يارب، رزقه‏؟‏ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك؛ ثم يقول‏:‏ يا رب، أجله‏؟‏ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في

يده، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص‏"‏‏‏.‏

فهذا الحديث، فيه أن تصويرها بعد اثنتين وأربعين ليلة، وأنه بعد تصويرها وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها، يقول الملك‏:‏ يا رب، أذكر أم أنثى‏؟‏ ومعلوم أنها لا تكون لحما وعظامًا حتى تكون مضغة، فهذا موافق لذلك الحديث في أن كتابة الملك تكون بعد ذلك، إلا أن يقال‏:‏ المراد تقدير اللحم والعظام‏.

وقد روى هذا الحديث بألفاظ فيها إجمال بعضها أبين من بعض، فمن ذلك ما رواه مسلم أيضًا عن حذيفة، سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏: ‏‏‏"‏إن النطفة تكون في الرحم أربعين ليلة، ثم يَتَسَوَّرُ عليها الذي يخلِّقها فيقول‏:‏ يا رب، أذكر، أم أنثى‏؟‏ فيجعله اللّه ذكرًا، أو أنثى‏.‏ ثم يقول‏:‏ يا رب، سوَىٌّ، أو غير سوَىٌّ ‏؟‏ فيجعله اللّه تعالى سويًا أو غير سوي ثم يقول‏:‏ يا رب، ما أجله وخلقه‏؟‏ ثم يجعله اللّه شقيًا أو سعيدًا"‏‏ ‏[يَتَسَوَّرُ عليها، أي‏:‏ ينزل عليها‏]‏‏.‏

فهذا فيه بيان أن كتابة رزقه وأجله، وشقاوته وسعادته، بعد أن يجعله ذكرًا أو أنثى، وسويًا، أو غير سوي‏.‏

وفي لفظ لمسلم قال‏:‏"يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين ليلة أو بخمس وأربعين ليلة‏.‏ فيقول‏:‏ يا رب، أشقي، أو سعيد ‏؟‏ فيكتب‏.‏ يا رب، أذكر، أم أنثى ‏؟‏ فيكتب رزقه، ويكتب عمله، وأثره، وأجله، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص‏" فهذا اللفظ فيه تقديم كتابة السعادة والشقاوة، ولكن يشعر بأن ذلك يكتب بحيث مضت الأربعون‏.‏

ولكن هذا اللفظ لم يحفظه رواته كما حفظ غيره‏.‏

ولهذا شك‏:‏ أبَعْدَ الأربعين، أو خمس وأربعين‏؟‏ وغيره إنما ذكر أربعين، أو اثنين وأربعين، وهو الصواب ؛ لأن من ذكر اثنين وأربعين ذكر طرفى الزمان، ومن قال‏:‏أربعين حذفهما، ومثل هذا كثير في ذكر الأوقات، فقدم المؤخر وأخر المقدم‏.‏ أو يقال‏:‏ إنه لم يذكر ذلك بحرف‏ [‏ثم]‏ فلا تقتضي ترتيبًا، وإنما قصد أن هذه الأشياء تكون بعد الأربعين‏.

وحينئذ فيقال‏:‏ أحد الأمرين لازم، إما أن تكون هذه الأمور عقيب الأربعين،ثم تكون عقب المائة والعشرين، ولا محذور في الكتابة مرتين، ويكون المكتوب أولا فيه كتابة الذكر والأنثى‏.‏

أو يقال‏:‏ إن ألفاظ هذا الحديث لم تضبط حق الضبط‏.

ولهذا اختلفت رواته في ألفاظه، ولهذا أعرض البخاري عن روايته، وقد يكون أصل الحديث صحيحًا، ويقع في بعض ألفاظه اضطراب، فلا يصلح حينئذ أن يعارض بها ما ثبت في الحديث الصحيح المتفق عليه، الذي لم تختلف ألفاظه، بل قد صدقه غيره من الحديث الصحيح، فقد تلخص الجواب أن ما عارض الحديث المتفق عليه‏:‏ إما أن يكون موافقًا له في الحقيقة، وإما أن يكون غير محفوظ، فلا معارضة، ولا ريب أن ألفاظه لم تضبط، كما تقدم ذكر الاختلاف فيها، وأقربها اللفظ الذي فيه تقدم التصوير على تقدير الأجل والعمل، و الشقاوة والسعادة، وغاية ما يقال فيه‏:‏ إنه يقتضي أنه قد يخلق في الأربعين الثانية قبل دخوله في الأربعين الثالثة، وهذا لا يخالف الحديث الصحيح، ولا نعلم أنه باطل، بل قد ذكر النساء‏:‏ أن الجنين يخلق بعد الأربعين، وأن الذكر يخلق قبل الأنثى‏.

وهذا يقدم على قول من قال من الفقهاء‏:‏ إن الجنين لا يخلق في أقل من واحد وثمانين يومًا، فإن هذا إنما بنوه على أن التخليق إنما يكون إذا صار مضغة، ولا يكون مضغة إلا بعد الثمانين، والتخليق ممكن قبل ذلك، وقد أخبر به من أخبر من النساء، ونفس العلقة يمكن تخليقها .

[الأنترنت – موقع طريق الإسلام - حديث "إن النطفة تكون أربعين يومًا نطفة...( يقول‏:‏ يا رب، أذكر...)مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثالثة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*من الذي يستحق أن يُطلق عليه اسم: مربي ؟

السؤال : من هو الشخص الذي يستحق أن يُطلق عليه لفظ مربي ؟

وهل يجوز أن يكون من غير الوالدين ، خاصة إذا كان المربي رجلا والمتربي فتاة ؟ وإن جاز ذلك فما هي الحدود التي لا بد أن يقف عندها كل من الشيخ والتلميذة ؟ وجزاكم الله خيرا .

نص الجواب : الحمد لله : أولا :

ليعلم أن سياسة الناس بدين الله جل جلاله ، وتربيتهم عليه هي وظيفة الأنبياء والمرسلين ، والقيام بها من ميراث

النبوة الذي يصطفي الله تعالى له من شاء من عباده . وإذا كان ذلك كذلك فإن مدار الصفات التي ينبغي توافرها في هؤلاء المربين أن يكونوا " ربانيين " ، أي مسنوبين إلى الرب جل جلاله ، فمن وحيه يستمدون ،

 ولأجله يعلمون ، وإياه يقصدون .

قال الله تعالى : ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) آل عمران/79.

قال القاسمي رحمه الله : " بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ  أي : بسبب مثابرتكم على تعليم الناس الكتابَ ودراسته ، أي : قراءته ؛ فإن ذلك يجركم إلى الله تعالى بالإخلاص في عبادته " انتهى .

" محاسن التأويل" ، للقاسمي .

وعلى ذلك تدور عبارات السلف في تعريف الربانيين ، وهم أولى الناس بتربية الناس ، ودعوتهم إلى الله ؛ أن يتصفوا بالعلم بالشرع الذي إليه يدعون ، والعمل

بعلمهم ، وحسن سياسة الناس بذلك .

قال ابن كثير رحمه الله :" يقول الرسول للناسِ : كونوا رَبَّانيين . قال ابن عباس وأبو رَزِين وغير واحد : أي : حكماء ، علماء ، حلماء . وقال الحسن وغير واحد : فقهاء . وكذا رُوِي عن ابن عباس وسعيد بن جُبير، وقتادة وعطاء الخراساني وعطية العوفي والربيع بن أنس . وعن الحسن أيضا: يعني أهل عبادة وأهل تقوى " . انتهى .["تفسير ابن كثير" (2/66) ، وينظر : "مفتاح دار السعادة" ، لابن القيم (124) ، "تفسير السعدي" (136) ].

ومن غير تحصيل القدر اللازم من العلم والعمل ، وتربية الناس عليه ، وسياسة الخلق به : لا يستحق الشخص اسم المربي ؛ ولا يمكنه أن يسير بمن يعلمه ويربيه في طريق الجنة ، ويجنبه طريق النار ، وهو أعظم ما يطلب من المربي أن يقوم به ، بل هذا هو خلاصة دعوته وتربيته . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ) التحريم/6 .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الرابعة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*من الذي يستحق أن يُطلق عليه اسم: مربي ؟

قال ابن كثير رحمه الله : " أي : مروهم بالمعروف ، وانهوهم عن المنكر، ولا تَدَعوهم هَمَلا فتأكلهم النار يوم القيامة " انتهى . "تفسير ابن كثير" (5/240)

وهذا المعنى هو المروي عن السلف في وقاية النفس والأهل من النار :

قال علي رضي الله عنه : أدّبوهم ، علموهم .

وقال ابن عباس رضي الله عنه : اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أهليكم بالذكر ، ينْجيكم الله من النار. "تفسير الطبري" (23/491) .

وخلاصة ذلك كله : أن ينبغي للعالم والمربي أن يكون من أهل طاعة الله وذكره ، والدلالة عليه ، والإرشاد

إليه بالقول والعمل ؛ فمن كان كذلك فهو العالم المربي ، ومن حرم ذلك كله ، لم يكن له من العلم والتربية

نصيب ، ومن نقصت منزلته في العلم ، أو همته في العمل ، فاته من منزلة العالم الرباني بقدر ما فاته من ذلك .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل ، فلينظر : هل هو من أهل الذكر أو من الغافلين ؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي ؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى ، وهو من أهل الغفلة : كان أمره فُرُطا ؛ ومعنى الفُرُط : قد فُسِّر بالتضييع ؛ أي : أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به ، وبه رشده وفلاحه : ضائع ، قد فَرَّط فيه . وفسر بالإسراف ، أي : قد أفرط . وفسر بالإهلاك ، وفسر بالخلاف للحق .

وكلها أقوال متقاربة ؛ والمقصود أن الله سبحانه وتعالى نهى عن طاعة من جمع هذه الصفات ؛ فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته ومتبوعه : فإن وجده كذلك فليبعد منه ، وإن وجده ممن غلب عليه ذكر الله تعالى عز وجل ، واتباع السنة ، وأمره غير مفروط عليه ، بل هو حازم في أمره : فليستمسك بغرزه " انتهى . "الوابل الصيب" (56) .

ثانيا : التربية الطبيعية للمرأة : إنما تكون في بيتها ، فمنه تأخذ أدبها ، وخلقها ، وما يلزمها في دينها ، وخاصة نفسها .

فإن كان في الوالدين من حصل قدرا من العلم والدين يعينه على ذلك ، لم تحتج المرأة إلى شيء آخر معهما ، مع اجتهادها في تحصيل ما نقص من العلم بالمطالعة ، والسماع ، وكل ذلك ميسور ، وسبله متنوعة ، والحمد لله .

و إذا لم يكن في الأسرة ، من يقوم بهذه المهمة : فلتبحث عن الصالحات من أقربائها وجيرانها وأهل بيتها ، وتخالط أقربهن إلى الله ، وأحسنهن دلالة عليه ، وإرشادا إليه ، فلتتعلم من دينها وخلقها ، ما تحتاجه هي في دينها ، وأدبها في نفسها .

وليكن همتها في قبول الزوج الصالح ، المستقيم على

 أمر الله ، ليكمل لها ما فاتها من ذلك ، ويصبرها

على طريق الالتزام بدين الله .

ولا يجوز للفتاة أن يكون لها علاقة مباشرة مع رجل أجنبي عنها ، ولو كان شيخا صالحا ، وداعية ومربيا ، تحت مسمى التربية والدعوة والتأديب ، أو غير ذلك من المسميات والمظلات ، فأضر فتنة على الرجال : النساء ، وأضر فتنة على النساء : الرجال .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لما قدم المهاجرون المدينة كان العزاب ينزلون دارا معروفة لهم ، متميزة عن دور المتأهلين ؛ فلا ينزل

العَزَب بين المتأهلين ؛ وهذا كله لأن اختلاط أحد الصنفين بالآخر سبب الفتنة ؛ فالرجال إذا اختلطوا

بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب " انتهى ." الاستقامة " (1/361) .

واعلمي أن من صدق الله ، صدقه الله ، ومن يتحر الخير : يعطه ، ومن يتوق الشر : يوقه : ( يَا أَيُّهَا

الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) الأنفال/29 [ الأنترنت – موقع الإسلام سؤال وجواب – المنجد ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الخامسة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان: *ما معنى رباني؟ :

قال تعالى ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾[سورة آل عمران الآية: 79]

ومعنى ربانيين: أنكم مؤمنون برب العالمين، طائعون له، محبون له، متقربون إليه، فماذا يعني الإيمان برب العالمين؟ ماذا يعني الإيمان بالربوبية؟ لماذا اجتهد بعض العلماء, فقال: إن كلمة رب من أسماء الله الحسنى, بل هو اسم الله الأعظم؟.

أيها الأخوة, معنى أن تكون ربانياً، معنى أن تكون مؤمناً برب العالمين: أن تقر بأن الله عز وجل هو الفعال المطلق، هو الذي خلق ودبر، هو الذي يغير، هو الذي يسير، هو الذي يزيد، هو الذي ينقص، هو الذي يحيي، هو الذي يميت، هو الحكم، هو المشرع، هو الضار، هو النافع, لا فعال في الكون إلا الله، هذا معنى أن تكون ربانياً، وهذا معنى أن تؤمن برب العالمين, والله عز وجل يقول:

﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾

[سورة يونس الآية: 31]﴿لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾[سورة الأعراف الآية: 54]

ما معنى رب العالمين؟ : معنى رب العالمين الحكاية، أو معنى رب العالمين على الإعراب: أنه خالق، وأن الأمر بيده، له الخلق والأمر.

أيها الأخوة, معنى الرب أي المربي، من التربية، بل إن أقرب أسماء الله تعالى إلى الإنسان: اسم رب العالمين، هو الذي يربيك، هو الذي منحك نعمة الوجود، هو الذي يمدك بما تحتاج من هواء، وماء، وطعام، وشراب، وأهل، وأولاد، وعقل، وفكر، وتوازن، وأعضاء، منحك نعمة الوجود، ومنحك نعمة الإمداد، ثم دلك عليه، منحك نعمة الهدى والرشاد.

إذاً: الرب بمعنى المربي، من التربية والإصلاح،

والرباني هو الذي يؤمن بهذا المربي، ويحب هذا

المربي، ويخضع لهذا المربي، ويتصل بهذا المربي، ويخلص لهذا المربي ، ويتقرب إلى هذا المربي، هذا الرباني أمر إلهي، وكل أمر في القرآن يقتضي الوجوب:

﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾[سورة آل عمران الآية: 79]

قال ابن عباس: معنى ربانيين: أي حكماء علماء حلماء.

وقال الحسن: ربانيين؛ أي فقهاء، أي أهل عبادة وتقوى.

من معاني رب العالمين أنه المربي، ومن معاني الرب أيضاً أنه المالك، ماذا عبد المطلب؟ قال لأبرهة الأشرم, حينما أراد هدم الكعبة, قال: إني أنا رب الإبل، يعني مالك هذه الإبل، وإن للبيت رباً سيمنعك.

وأنا أطمئنكم، ذكرت هذا كثيراً، لا تقلقوا على هذا الدين، إنه دين الله الذي بيده كل شيء، هو الذي يحميه، ولولا أن هذا دين الله, لتلاشى من مئات السنين، ولكن ينبغي أن تقلق ما إذا سمح لك أو لم يسمح, أن تكون جندياً له.الرب بمعنى المالك، ولكني أنا رب الإبل، وإن للبيت رباً سيمنعه، والرب بمعنى السيد ، حينما قال سيدنا يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ﴾[سورة يوسف الآية: 50] أي إلى سيدك، الرب هو المربي، والرب هو المالك، والرب هو السيد.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السادسة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*من مقتضيات أن تكون ربانياً مؤمناً برب العالمين :

1-أن تؤمن أنه لا خالق إلا الله :

أيها الأخوة, ماذا يعني أن تكون ربانياً؟ وماذا يعني أن تؤمن برب العالمين؟ يجب أن تؤمن أنه لا خالق إلا الله، فكل من آمن أن أحداً غير الله, ينشئ شيئاً من العدم فهو كافر، لذلك قلما تسمع من مؤمن كلمة خلقتُ، وكثيراً ما تسمع من كافر كلمة خلقتُ، لأن الله عز وجل يقول: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ﴾[سورة الطور الآية: 35-36]

أول بديهيات أن تكون ربانياً، وأن تكون مؤمناً برب العالمين: أن تعتقد اعتقاداً جازماً أنه لا خالق إلا الله، طبعاً كل شيء في الكون يدل على الله.

وفي كل شي له آية تدل على أنه واحد

من القواسم المشتركة بين كل البشر : يقول الله عز

 وجل: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأعراف الآية: 54] لكن أن تؤمن أن لهذا الكون خالقاً, هذا شيء يكاد يكون قاسماً مشتركاً بين كل البشر، بدليل أن الله عز وجل يقول:﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [سورة العنكبوت الآية: 61] إلى أي جهة يتجهون؟ إلى أن جهة ينصرفون؟.

إذاً: من مقتضيات أن تكون ربانياً، أو أنك تؤمن برب العالمين: أن تعتقد أنه لا خالق إلا الله، إلا أنك إذا رأيت فئةً شاذةً قليلةً, محدودة العدد في الأرض, تتوهم أنه لا إله, فاعلم علم اليقين: أنه كلام فيه مكابرة، بدليل أن الله عز وجل يقول: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا

وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [سورة النمل الآية: 14]

أيها الأخوة, حتى الذي ينكر وجود الله عز وجل, ينكر هذا الوجود إرضاءً لجهة أو لمصلحة، أما في أعماق أعماقه, فهو يؤمن بالفطرة أن لهذا الكون خالقاً:﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى﴾[سورة طه الآية: 49]

جاء التعريف الدقيق لرب العالمين من موسى لفرعون، قال:﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾[سورة طه الآية: 50] يعني خلق وهدى.

ما الدليل على أن الله خلق السموات والأرض؟ :

الآن: أدلة أن الله خلق السموات والأرض، طبعاً الإنسان وهبه الله قوة إدراكية، وهذه القوة الإدراكية تتعرف إلى الأشياء بالأدلة، فما دليل أن الله خلق السموات والأرض؟ قالوا: هناك دليل الفطرة، يعني أي إنسان من دون تعليم، من دون توجيه, يعرف ابتداءً أن لهذا الكون خالقاً عظيماً.

إليكم هذا المثال الذي يبرهن على أن الإيمان بالله موجود بالفطرة :

حدثني أخ كريم, يركب طائرةً إلى بلد, يؤمن في مجموعه أن لا إله، فالإلحاد مذهب رسمي في هذه البلاد، ودخلت الطائرة في سحابة مكهربة، وكانت على وشك السقوط، وعلى متن الطائرة عدد كبير من الخبراء, الذين يؤمنون أنه لا إله، أقسم لي بالله, أن معظمهم قال: يا الله.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السابعة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

إذا ركب البحر، وكان على وشك الغرق، أو ركب طائرةً، وكان على وشك السقوط, لا يدعو إلا الله، واسأل إنساناً ينكر وجود الله, لو جاءه مرض خبيث, يقول: يا الله، هذا الإيمان الفطري, لا يحتاج إلى دليل، ولا إلى تعليم، ولا إلى إعجاز علمي في الكتاب والسنة، ولا إلى شيء، أنت مؤمن بالله فطرةً, والدليل:﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾[سورة النمل الآية: 62]

المضطر يقول: يا الله.

العقل يقول: لا بد لكل شيء من خالق، العقل يقول لك، وهذا شيء مجمع عليه: إن النظام يحتاج إلى منظم، والتسيير يحتاج إلى مسير، والخلق يحتاج إلى خالق، والحكمة تحتاج إلى حكيم، والبعرة تدل على البعير، والماء يدل على الغدير، والأقدام تدل على المسير، أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا

تدلان على الحكيم الخبير؟.

هذا الإيمان العقلي، هل أنت مصدق أنه في مستودع للحديد, جئنا بمتفجرات وفجرناها، وفي نهاية التفجير

طائرة بوينج 777، هل تصدق هذه الحقيقة؟ هل تصدق انفجاراً حصل في مطبعة المحصلة قاموس لاروس الأحمر, والأبيض, والأسود, والصور, ودائرة المعارف، والفعل, والفاعل، واسم مكان، هل يعقل ذلك؟.

هذا الذي يعتقد أن هذا الكون لا إله له, يحتاج إلى مستشفى للأمراض العقلية، هذا الدليل الثاني، والدليل الثالث دليل الشرع، يقول الله عز وجل:

﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

[سورة إبراهيم الآية: 10] وأما الحس فحينما يجاب دعاء المضطرين, يزداد يقين المؤمنين، قالوا: إجابة الدعاء من الله عز وجل يقوي العقيدة، الله سمعك.

ما وراء هذا المثال :

حدثني أخ, كنت في سفر إلى الساحل، فإذا بمسجد رائع بني في مكان بعيد عن البيوت،وكأنه للمسافرين، صليت به فريضة الظهر، فإذا برجل يدعوني إلى غرفة في المسجد ، وهو مدير المسجد، من حديث لآخر, أخبرني أنه هو الذي أنشأ هذا المسجد، أقسم لي بالله, أنه حينما انتهى من الخدمة الإلزامية قبل عشرين عاماً تقريباً, أخذ من أخته سِوارين من الذهب وباعهما، واشترى بثمنهما بطاقة طائرة إلى الخليج ، قال لي: وأنا على متن الطائرة، ولم تتحرك شفتاي، ولم أنطق بكلمة, إلا أن خاطراً جاء لي: لو أن الله أكرمني هناك, لعمرت لله مسجداً في بانياس، قال: أقمت مدة لا بأس بها، وقد أكرمني الله كثيراً, جئت إلى بلدي، أنظمة عمارة المساجد تقتضي أن يكون المسجد ضمن المدينة، ضمن منطقة سكنية، أما في الفلاة فلا ترخيص، هكذا الأنظمة النافذة، رد طلبه, فالتقى بمسؤول كبير في المحافظة، وذكر له مشكلته، يرفع الهاتف ، يخبر رئيس البلدية، يقول له: غض البصرعن بناء هذا المسجد، وبعد حين تحققت، أقسم لي أنه ما تكلم بكلمة خاطر.

فأنت حين تدعو الله ولو بقلبك، قال تعالى:﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً﴾[سورة مريم الآية: 3]

ويستجيب الله لك, يزداد يقينك بالله عز وجل.

أول مقتضيات أن تكون ربانياً: أن تؤمن أنه لا خالق لهذا الكون إلا الله، والأدلة فطرية، وعقلية، وتشريعية، وحسية.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثامنة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

2- يجب أن تؤمن يقيناً أنه لا مالك ولا متصرف في الكون إلا الله :

الآن من مقتضيات الإيمان برب العالمين، ومن مقتضيات أن تكون ربانياً: يجب أن تؤمن يقيناً أنه لا مالك ولا متصرف في الكون إلا الله، استمع إلى الأخبار، قد تتوهم أن زيداً قصف، وأن عبيداً قتل، وأن فلاناً هدم، يجب أن تعلم علم اليقين: أنه لا فعال إلا الله، وأن كائناً من كان لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا إذا سمح الله، والله يخاطب سيد البشر بقوله:﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾[سورة الأنفال الآية: 17]

هذا الإيمان.

ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم أحد الأنبياء الكرام يقول:﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾[سورة هود الآية: 55-56] الآن دققوا:﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾

[سورة هود الآية: 56] فوحيد القرن أيضاً دابة، والله عز وجل أخذ بناصيتها:﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[سورة هود الآية: 56] هذا الإيمان، لذلك الإيمان أمن وسلام، الإيمان راحة، الإيمان شعور أن علاقتك بالله، وأن الله مطلع عليك، ويعلم كل شيء، وهو يعلم السر وأخفى.

﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[سورة آل عمران الآية: 189]

﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾[سورة هود الآية: 123]﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾

[سورة الزمر الآية: 63]﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾[سورة آل عمران الآية: 128]

﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾[سورة الأعراف الآية: 188]

ما محور هذا الحديث؟ :

أيها الأخوة, في مسند الإمام أحمد بسند صحيح, عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ, عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ قَالَ:

((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِلَامَ تَدْعُو؟ قَالَ: أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ؛ الَّذِي إِنْ مَسَّكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَ عَنْكَ, وَالَّذِي إِنْ ضَلَلْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ دَعَوْتَهُ رَدَّ عَلَيْكَ, وَالَّذِي إِنْ أَصَابَتْكَ سَنَةٌ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَ عَلَيْكَ, قَالَ: قُلْتُ: فَأَوْصِنِي, قَالَ: لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا, وَلَا تَزْهَدَنَّ فِي الْمَعْرُوفِ, وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ, وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي, وَاتَّزِرْ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ, فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ, وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ, فَإِنَّ إِسْبَالَ الْإِزَارِ مِنْ الْمَخِيلَةِ, وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ))

بالمناسبة: دخل أعرابي على رسول الله، وهو بين

 أصحابه, فقال:((أيكم محمد؟))ماذا تستنبط؟ يعني ما كان متميزاً على أصحابه. وفي رواية: قال أحد أصحابه :((ذاك الوضيء)) عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ قَالَ:

((قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِلَامَ تَدْعُ؟ قَالَ: أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ؛ الَّذِي إِنْ مَسَّكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَ عَنْكَ -من هو الله؟ من إذا كان بك ضر فدعوته فكشفه عنك-, وَالَّذِي إِنْ ضَلَلْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ دَعَوْتَهُ رَدَّ عَلَيْكَ , وَالَّذِي إِنْ أَصَابَتْكَ سَنَةٌ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَ عَلَيْكَ))

في المرض الشديد: يا رب اشفني فيشفيك، غابت عنك حاجة: يا رب اجمعني بها فيجمعك، في قحط: صلينا صلاة الاستسقاء فأمطر علينا السماء؛ هو وحده المالك والمتصرف.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التاسعة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

3- أن تعتقد اعتقاداً قاطعاً أنه لا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا الله :

الآن من لوازم أن تكون ربانياً، ومن لوازم أن تؤمن بالله رب العالمين: أن تعتقد اعتقاداً قاطعاً: أنه لا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا الله، مهما رأيت من بطش الطغاة، ومهما رأيت من إكرام الكرماء, لا ضار ولا نافع إلا الله، من أسماء الله النافع، ومن أسماء الله الضار، ولكن علماء العقيدة لا يستحسنون أن تقول: الله ضار فقط، ينبغي أن تذكر هذين الاثنين معاً، الضار النافع، يضر لينفع، ويمنع ليعطي، ويخفض ليرفع، ويذل ليعز، فينبغي أن تعتقد اعتقاداً جازماً على وجه اليقين: أنه لا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا الله، لذلك:

﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا﴾ بربكم إن كانت لك قضية, لا تحل إلا مع مدير مؤسسة, فهل تبذل ماء وجهك لحاجب على بابه أو لموظف صغير؟ أليس هذا من الحمق؟ القضية مع الله وحده, لذلك قال تعالى: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا﴾[سورة الأنعام الآية: 71]

اعتقاد باطل :

ما يعتقده العوام من التمائم، التمائم حلقة توضع في الرقبة, لئلا يموت من يضعها في رقبته, قال الشاعر:

وتجلدي للشامتين أريهم أني بغيب الدهر لا أتضعضع

 فرد عليه, فقال:

وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفـــع أكثر أصحاب السيارات يضعون نعل حصان، أو حذاءً لطفل صغير، أو حدوة، أو نعلا قديمة، أو عجينة، ويتشاءمون من يوم الأربعاء، ومن صوت البوم، ومن القط الأسود، هذا كله اعتقادات جاهلية , ما أنزل الله بها من سلطان, تبيع وتشتري, دخل شخص فلم تتم البيعة قدمه شؤم، لا شؤم ولا طيرة، كل شيء تقدير الله عز وجل، حتى إن كلمة فلان محظوظ، مسكينة ابنتي حظها قليل، كلام ليس له معنى، هناك توفيق وتعسير، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ

بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾[سورة الليل الآية: 5-10]

تيسير وتعسير، والتيسير سببه الإيمان بالحسنى، بالجنة، وأن يتقي أن يعصي الله، وأن يعطي مما أعطاه الله، رد الإله على هذا الإنسان, أنه ييسره لما خلقه له، وأما الذي يؤمن بالدنيا فقط، ويستغني عن طاعة الله، ويبني حياته على الأخذ, ييسر إلى هلاكه في الدنيا والآخرة.

اعلم :كلام قطعي، ما نزل بلاء إلا بذنب، ولكن الناس يقولون لك: استعمار، وإمبريالية، وماسونية, وشارون.

لا يخافن العبد إلا ذنبه,ولايرجون إلا ربه.

ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة، هذا كلام جامع مانع قاطع, قال تعالى: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ

مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ

حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾[سورة الزمر الآية: 38]

الإيمان مريح، ولا سيما هذه الأيام؛ أيام القهر، أيام القتل، أيام القصف، أوقات الأسر ، أوقات الإفقار، أوقات الإذلال، أوقات الإضلال، أوقات القهر، في الأوقات العصيبة ينفع الإيمان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة العاشرة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

ما موضوع هذه الأحاديث؟ :

أخرج الإمام أحمد بسند حسن عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً أُرَاهُ, قَالَ:((مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟ قَالَ: مِنْ الْوَاهِنَةِ، قَالَ: أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا، انْبِذْهَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ, مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا))

أنا أمسك بهذه الحلقة, لئلا أصاب بهذا المرض,

فقال عليه الصلاة والسلام:((أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا، انْبِذْهَا عَنْكَ، فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ, مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا))

عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ:((كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ, فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ تَنَحْنَحَ, وَبَزَقَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَهْجُمَ مِنَّا عَلَى شَيْءٍ يَكْرَهُهُ, قَالَتْ: وَإِنَّهُ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَتَنَحْنَحَ, قَالَتْ: وَعِنْدِي عَجُوزٌ تَرْقِينِي مِنْ الْحُمْرَةِ, فَأَدْخَلْتُهَا تَحْتَ السَّرِيرِ, فَدَخَلَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي, فَرَأَى فِي عُنُقِي خَيْطًا, قَالَ: مَا هَذَا

الْخَيْطُ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: خَيْطٌ أُرْقِيَ لِي فِيهِ.

-يعني يحفظني هذا الخيط، والله أنا أقول أحياناً لا سمح الله ولا قدر: لو أن الإنسان ما كان مستقيماً، ووضع مصحفاً, لا يحميه من عقاب الله، فكيف بخيط إذا وضعه، ولم يعمل به؟ لأنه رُبَّ تال للقرآن والقرآن يلعنه، وما آمن بالقرآن من استحل محارمه-.

قَالَتْ: فَأَخَذَهُ فَقَطَعَهُ, ثُمَّ قَالَ: إِنَّ آلَ عَبْدِ اللَّهِ لَأَغْنِيَاءُ عَنْ الشِّرْكِ, سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ))

خرزة زرقاء, نعل, فرس, وحذاء طفل صغير, هذا كله من الشرك.

في السنة الصحيحة: عَنْ أَبِي بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ, قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ, وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ, فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ))

كانوا يضعون قلادة في عنق البعير لئلا يمرض، أو لئلايموت،هذا من الشرك؛التبرك بالأحجار,والأشجار, والقبور, والتماثيل, والأصنام, هذا كله من الشرك، العوام أحياناً يا شيخ محي الدين أريد ولدًا، الشيخ محي الدين لا يأتي بالولد، الله والباز, مَن هذا الباز؟ هذا كله شرك.

أنواع الرقى في الإسلام : توضيحاً للحقيقة: الرقى نوعان: مشروعة وممنوعة، فالمشروعة ما كانت بالقرآن الكريم، إذا قرأ الإنسان القرآن الكريم, هذا من الرقى المشروعة، أو وضع آية في جيبه، هذا من الرقى المشروعة، أو أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، أو ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أدعية ومأثورات، هذا كله صحيح، أما الممنوعة فرقى الجاهلية، تعاويذ مجهولة ، شبروش موبروش،أوكلام بغير العربية، أو بحروف مقطعة، أو بأرقام، أو بخطوط ، هذا كله بالحجب, تجدونها خطوطًا، وأرقامًا،وحروفًا، أو قرآنًا معكوسًا، حرف عكس حرف.

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ:((كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ شِرْكٌ))[أخرجه الحاكم في مستدركه]

إنسان قرأ القرآن، دعا بدعاء النبي، وضع مصحفاً في

 جيبه، لا مانع، هذه رقى مشروعة، أما الرقى الممنوعة فبلغة أجنبية، بحروف، بتقاطيع، بصور عفاريت، أو بكلام غير مفهوم.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الحاديةعشرة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

4- أن تعتقد أنه لا مشرع للخلق إلا الله وحده :

ومن لوازم أن تكون ربانياً مؤمناً برب العالمين: أن تعتقد أنه لا مشرع للخلق إلا الله وحده، من يحل الحلال؟ الله وحده, من يحرم الحرام؟ الله وحده, من يقول: هذا حق؟ الله وحده, من يقول: هذا باطل؟الله وحده,من يقول: هذا خطأ؟الله وحده,

من يقول: هذا صواب؟ الله وحده.

معقول!!! :

في ندوة دينية، والمتكلم دعي لهذه الندوة, على أنه رجل دين، فقال أحدهم: قطع اليد سلوك عنيف لا يتناسب مع الحضارة الحديثة، إلله يقول لك: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾[سورة المائدة الآية: 38]

لذلك كنت أقول دائماً: خذوا دينكم عن الأرضيات لا عن الفضائيات، هناك انحرافات في الفكر، وأسبابها معروفة، الفضائية لها ممول، وله خط معين، وله هدف معين، قال تعالى:﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾[سورة الشورى الآية: 21]

الله وحده ما أحله فهو حلال، وما حرمه فهو حرام،

 ما قال عنه باطل فهو باطل، ما قال عنه شرك فهو شرك.

قف عند هذه الآيات :الآيات كثيرة, قال تعالى:﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾

[سورة الأعراف الآية: 54]﴿وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾[سورة الرعد الآية: 41]﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾[سورة الكهف الآية: 26]﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً[سورة الإسراء الآية:12] ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾[سورة النحل الآية: 89]

نقطة دقيقة :هناك نقطة دقيقة في هذه الآية، قال تعالى:﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾[سورة التوبة الآية: 31]  رجل الدين لا يمكن أن يكون مشرعاً، لا يقبل منه أن ينطق بكلمة من دون دليل، نحن في حياتناكمسلمين,رجل واحد كلامه هو الدليل ، هو رسول الله، وما سوى رسول الله, يحتاج كلامه إلى دليل, مهما عظم شأنه، يقول لك إنسان:

 أنا أقول لك كذا، ينبغي أن تطيعني.

عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:((بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً, فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ,

وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ, فَغَضِبَ, فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى, قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا, فَجَمَعُوا, فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا؟ فَأَوْقَدُوهَا, فَقَالَ: ادْخُلُوهَا؟ فَهَمُّوا, وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا, وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّارِ, فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتْ النَّارُ, فَسَكَنَ غَضَبُهُ,

فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ))

الله يرضى عليك طلقها يا بني، لماذا؟ لم أحبها،

 مؤمنة, صالحة, طاهرة, محجبة، يحتجون بحجة سيدنا عمر, حين أمر ابنه أن يطلق زوجته فطلقها، إذا كان أبوك عمر فطلقها ، عمر عملاق الإسلام، عمر صحابي كبير، إذا قال لابنه: طلق امرأتك؛ فلسبب كبير، ولسبب وجيه، ولسبب ديني، أما كلما عنّ لأب خاطر, لم يعجب بزوجة ابنه, يقول له: طلقها, إنما الطاعة في معروف، الأبلغ من ذلك: أن الله حينما وصف معصية رسول الله, قال:﴿وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾[سورة الممتحنة الآية: 12] المعصية مقيدة في المعروف، هناك أمر تشريعي، وأمر تنظيمي، حتى النبي عليه الصلاة والسلام حينما عصاه الرماة في أُحد صلى عليهم, لمَ؟ لأنهم عصوا أمراً تنظيمياً، ولم يعصوا أمراً تشريعياً.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثانية عشرة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

أصغ السمع إلى النبي في شرح هذه الآية : قال تعالى:﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[سورة التوبة الآية: 31]

الآن استمعوا إلى شرح النبي لهذه الآية: في جامع الترمذي بسند حسن, عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: ((أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ, فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ, وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ, قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ, وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ, وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ))[أخرجه الترمذي في سننه]

إنسان يطيع إنساناقوياً، ويعصي الله، لو قلت له:

 أنت تعبده من دون الله, يقول: أعوذ بالله، أنا أعبده؟! أنت حينما أمرك بمعصية فعلتها، وأغضبت الله، وحينما أمرك بطاعة فلم تفعلها خوفاً منه، وحينما أمرك بمعصية ففعلتها، ولم تعبأ بأمر الله عز وجل، أو حينما نهاك عن طاعة فتركتها خوفاً منه، أنت بهذا تعبده من دون الله، هذه عبادته، لمجرد أن تطيع مخلوقاً، وتعصي خالقاً، فأنت تعبده من دون الله.

هناك أشخاص يتوهمون بسذاجة أنه يقول: هذا ربي، لا، لا أحد يقول: هذا ربي، لمجرد أن تطيعه وتسخط الله عز وجل، ولمجرد أن تعصي الله إرضاءً له, فأنت

 تعبده من دون الله.

منعطف خطير :

أيها الأخوة, كل من شرّع للناس أو رضي بتشريع مخالف لتشريع الله سبحانه وتعالى, داخلاً في وعيد الله وتهديده، أي إنسان مُشرع أو يرضى بهذا التشريع، ليس بعيداً عنا أن بعض الأسر في بلاد الغرب, إذا اختصمت الزوجة مع زوجها, لا ترفع قضيتها لقاض مسلم في المركز الإسلامي، بل ترفع قضيتها لحاكم أمريكي, لماذا؟ لأن القانون الأمريكي يعطي المطلقة نصف أملاك زوجها، بينما الشريعة تعطي المطلقة مهرها فقط، فهذا الذي يحتكم لغير شرع الله, داخلاً في وعيد الله:﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[سورة المائدة الآية: 44]

5-أن تعتقد أن كل شيء بقضاء وقدر :

شيء آخر من لوازم أن تكون ربانياً أو مؤمناً برب العالمين: أن تعتقد أن كل شيء بقضاء وقدر، كلمة لو ليس في قاموس المسلم، أحداث الحادي عشر من أيلول, وقعت بقضاء وقدر.

أشخاص كثيرون يقولون: لو لما تقع, لم تحدث حرب أفغانستان، ولا حرب العراق، كل شيء بقضاء وقدر، كل شيء وقع أراده الله لحكمة بالغة، وكل شيء أراده الله وقع، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق، زلزال، بركان، اجتياح، لكن قد يكون المقضي شراً، فأنت مكلف أن تدفعه وأن تقاومه.

إن كل شيء خلقناه بقدر، القضاء والقدر نظام التوحيد, كل شيء بقضاء من الله وقدره ، هذا الاعتقاد يريح النفوس، إنسان لم ينجب أطفالاً بقضاء من الله و قدره، يسعى، يعالج نفسه ، بعد كل المحاولات لم ينجح، هكذا يريد الله عز وجل.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثالثة عشرة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

6- أن تعلم علم اليقين أنه لا يعلم الغيب إلا الله :

أيها الأخوة, ومن لوازم أن تكون ربانياً مؤمنًا برب العالمين: أن تعلم علم اليقين أنه لا يعلم الغيب إلا الله، فكل أنواع السحر, والشعوذة, وقراءة الفنجان, وقراءة حظك هذا الأسبوع, وبرج التيس, والثور، وهذه الأبراج كلها, هذا كله كفر.

من أتى كاهناً فصدقه فقد كفر، من أتى ساحراً فلم يصدقه, لن تقبل له صلاة أربعين صباحاً، ولا دعاء أربعين ليلة. لا يعلم الغيب إلا الله:

﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي

الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾[سورة الأنعام الآية: 59]

بربكم. إذاً: لا تسقط من ورقة إلا هو يعلمها، والقنبلة أخطر، من باب أولى أن يعلمها، الأمر بيد الله عز وجل، هذا الكلام ليس فيه دعوة إلى الاستسلام، لا، القضاء والقدر, الشرير الذي ظاهره فيه شر يجب أن يقاوم، لكن ينبغي ألا تنهار معنوياتك، الأمر بيد الله عز وجل، قاوم، أما أن تستخذي فلا، يقول الله عز وجل:﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[سورة آل عمران الآية: 139]

إذاً: من مقتضيات أن تكون ربانياً مؤمناً برب العالمين : أن تعتقد اعتقاداً جازماً أنه لا يعلم الغيب إلا الله،

وحينما تعتقد هذا الاعتقاد, تلغي من حياتك مليون قصة لا أصل لها، و مليون توهم لا أصل له، لا يعلم الغيب إلا الله.

إليكم هذه الأدلة من الكتاب والسنة على أنه لا يعلم الغيب إلا الله :والله عز وجل يقول:

﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[سورة النمل الآية: 65]

وفي سورة الجن:﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾[سورة الجن الآية: 26]

وفي صحيح البخاري: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ؛ لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ, وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ, وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ, وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَّا اللَّهُ, وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ))

[أخرجه البخاري في الصحيح]

قصة :

يروى أن أحد كبار الأئمة؛ الإمام مالك, رأى في منامه ملك الموت, قال له: يا ملك الموت كم بقي لي؟ فأشار له ملك الموت بخمسة أصابع، فلما استيقظ الإمام مالك, ازداد اضطراباً، يا ترى خمس سنوات، أم خمسة أشهر، أم خمسة أسابيع، أم خمسة أيام، أم خمس ساعات، فسأل أحد من اشتهر بتعبير الرؤيا، الإمام ابن سيرين، فقال له: يا إمام, إن ملك الموت يقول لك: إن سؤالك هذا من خمسة أشياء لا يعلمها إلا الله، هذا الجواب.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المائة في موضوع

(الرب) وهي بعنوان: أدلة الإيمان بالله :

قف هنا :

أيها الأخوة, لكن من يقول: إنهم عرفوا نوع الجنين ذكراً أو أنثى، هذا الكلام صحيح، لكن الله عز وجل يقول:﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾[سورة لقمان الآية: 34]

لم يقل: ويعلم من في الأرحام، من أي ذكر أم أنثى، يوجد خمسة آلاف مليون مورث وجين في النواة, في الحوين, وفي البويضة، خمسة آلاف مليون معلومة مبرمجة لا يعلمها إلا الله.

من مفسدات العقيدة :الآن: حينما تعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب, فقد فسدت عقيدتك، النبي لا يعلم إلا أن يعلمه الله، فإذا تكلم بما سيكون, هذا من إعلام الله له, كحديث قيام الساعة ، أما إنه يعلم الغيب, لولا أنه بشر, تجري عليه كل خصائص البشر, لما كان سيد البشر، لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب, لما خفيت عليه أمور كثيرة.

  يروي الشيخان عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ, وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ,

وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ, وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ, فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْه, فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ))

    ألم يأت النبي وفد، وطلبوا منه قراء القرآن الكريم، أعطاهم سبعين قارئاً، وذبحوهم في الطريق؟ معنى هذا أنه لا يعلم الغيب، لا يعلم إلا أن يُعلم، ويوجد قضايا كثيرة جداً أعلمه الله ، ويوجد قضايا لم يعلمه، هو بشر، لولا أنه بشر تجري عليه كل خصائص البشر, لما كان سيد البشر، كل من يعتقد أن بشراً كائناً من كان يعلم الغيب فقد كفر، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما ينبئنا بما سيكون من إعلام الله له:﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾[سورة الجن الآية: 26-27]

الرسول وحده، ما سوى الرسول لا يعلم الغيب إلا الله، بربكم أنتم تعيشون هذه المرحلة, هل كان يخطر ببال أحد أن تضرب أمريكا؟ أبداً، هذه الأحداث المتلاحقة التي جرت, هل كانت تخطر على بال أحد؟:

﴿لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [سورة النمل الآية: 65]

والآن: لا تقل: انتهينا، لا يعلم الغيب إلا الله، وقد تكون هذه الأحداث المريرة سبباً لخير كبير لا يعلمه إلا الله، التبصر بالكف,والرمل, والفنجان, والأبراج, والسحر, والكهانة, كله كفر, والعياذ بالله.

ملخص الدرس :هذا الدرس ملخص آية واحدة:

﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾[سورة آل عمران الآية: 79]

الرباني هكذا يعتقد، والرباني هكذا يفعل، أرجو الله

سبحانه و تعالى أن ينفعنا بعلم العقيدة، هذا العلم

أخطر علم في الدين، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً إلى توضيح الحقائق من منابعها الأصيلة من كتاب الله, ومما صح من سنة رسول الله.

[الأنترنت – موقع  العقيدة من مفهوم القرآن والسنة - الدرس : 04 – الربوبية ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

*المعاني السامية في سورة الفاتحة :

سياسة الله في معاملة عباده تبدأ بـ

1 – الهدى البياني :

و لأن من سياسة الله عز وجل في معاملة عبادة أنه

يبدأ بهدايتهم عن طريق الهدى البياني توضيح وأكمل

موقف لهذا الهدى البياني أن تستجيب ، قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ (24) ﴾(سورة الأنفال)

فإن لم تستجب في تأديب تربوي هذه المصائب ، قال تعالى :﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) (سورة السجدة)

تماماً كالطبيب حينما يخير المريض الذي أصيب بالتهاب معدة حاد ، بالحمية الصارمة تشفى فإن لم تتبع هذه

الحمية الصارمة لا بد من عمل جراحي ، والإنسان حينما يستجيب لله وللرسول إذا دعاه الله لما يحيه تزول عنه احتمالات المصائب ، الدليل :﴿ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ﴾ .( سورة النساء الآية : 174 )

الإنسان حينما يحقق وجوده تنتهي المعالجات .

2 ـ التأديب التربوي :

أما إذا لم يستجب الآن يخضعه الله لمرحلة أقصى يخضعه الله للتأديب التربوي ، لذلك :﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾( سورة السجدة)

3 ـ الإكرام الاستدراجي :

فإن لم يستجب في حالة ثالثة قلما ينجو منها الإنسان :﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً ﴾ ( سورة الأنعام الآية : 44 ) هذا الإكرام الاستدراجي

4 ـ القصم :

فإن لم يستجب كان القصم .

الهدى البياني الموقف الكامل الاستجابة ، التأديب

 التربوي الموقف الكامل التوبة ، الإكرام الاستدراجي الموقف الكامل الشكر ، فإن لم يستجب كان القصم ، قال تعالى :﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) ( سورة الأنعام الآية )

لذلك أفضل ألف مرة أن تكون خاضعاً للتأديب الإلهي من أن تكون خارج التأديب الإلهي ، إن كنت خاضعاً للتأديب الإلهي فهناك خير كبير ينتظرك ، إذا أحب الله عبده ابتلاه فإن صبر اجتباه وإن شكر اقتناه .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السادسة عشرة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

المصائب التي يسوقها الله للإنسان هي :

1 – مصائب المؤمنين مصائب دفع ورفع :

فهم المصائب يحتاج إلى إيمان ، لذلك قالوا مصائب المؤمنين مصائب دفع ورفع ، الله عز وجل يدفعنا إلى بابه ، يسوق لنا من الشدائد ما يدفعنا إلى بابه

:﴿ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ( سورة التوبة)

أي ساق لهم من الشدائد ، في آية :﴿ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) ( سورة البقرة)

إذا جاءت توبة الله بعد توبة العبد فهي قبول التوبة ، وإذا جاءت توبة الله قبل توبة العبد فهي سبب التوبة ، لذلك حينما تفهم على الله حكمته تكون قد قطعت أربعة أخماس الطريق إلى الله ، حينما تفهم حكمة المصائب ، و في بعض الآثار :(( ما من عثرة ، ولا اختلاج عرق ، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر )) .[ أخرجه ابن عساكر عن البراء ]

الله عز وجل غني عن تعذيب عباده لكنه يسوق لنا بعض الشدائد ليرفع مقامنا : الله عز وجل عني عن تعذيبنا ، غني عن أن يسوق لنا الشدائد لكن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ )) .[ البخاري وأبو داود ، واللفظ لأبي داود عن أبي هريرة ]

وأنا أؤكد لكم أنك إذا دخلت إلى مسجد ورأيت فيه جمعاً غفيراً فاعتقد جازماً أن عدداً كبيراً من هؤلاء كان إقباله على الله عز وجل عقب معالجة حكيمة ، ومعنى مصيبة أن الله عز وجل خبير بهذا الإنسان يعرف نقطة ضعفه ، الذي عنده مال وفير لا يتأثر بفقد المال قد تخدش كرامته ، والذي يحتاج أشد الحاجة إلى المال قد يكون نقص المال أحد وسائل تأديبه ، فينبغي أن تفهم على الله حكمته وأنك إذا فهمت على الله قطعت أربعة أخماس الطريق على الله .

لذلك مصائب المؤمنين مصائب دفع ورفع ، أحياناً لك عند الله مرتبة عملك لا يكفي كي تنالها ، لا بد من أن يسوق الله لك من بعض الشدائد حتى يرفع مقامك عنده ،إذاً للمؤمنين الآية الكريمة :﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) ﴾( سورة البقرة)

مصائب المؤمنين مصائب دفع ورفع ، دفع إلى باب الله ؛ ورفع لمقام المؤمن عند الله.

2 ـ مصائب الذين شردوا عن الله مصائب ردع أو قصم : لكن مصائب الذين شردوا عنه مصائب ردع أو قصم ، هؤلاء زمرة أخرى .

3 ـ مصائب الأنبياء مصائب كشف : أما الأنبياء مصائبهم مصائب كشف ، في كمالات بأنفسهم لا يمكن أن تظهر إلا عن طريق الشدائد ، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام مشى على قدميه إلى الطائف ثمانين كيلو متراً ليدعوهم إلى الله فبالغوا بتكذيبه ، وبالسخرية منه ، وأغروا صبيانهم أن ينالوا منه ، حتى سال الدم من قدميه الشريفتين ، وحتى ألجؤوه إلى حائط وهنا قال :(( رب ، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولك العتبى حتى ترضى ، لكن عافيتك أوسع لي )) .[ الطبراني عن عبد الله بن جعفر بسند فيه ضعف ]

و مكنه الله من أن ينتقم ، جاءه ملك الجبال ، و قال له :(( إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا )) .[ متفق عليه عن عائشة]

مصائب الأنبياء مصائب كشف ، مصائب الذين شردوا عن الله مصائب ردع أو قصم ، مصائب المؤمنين مصائب دفع أو رفع .

مرة ثانية :﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (20) ( سورة لقمان) النعم الظاهرة ظاهرة وفهمها سهل ، لكن النعم الباطنة تحتاج إلى تأمل ، وتحتاج إلى إيمان كي تفهمها .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة السابعة عشرة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

ما يسوقه الله عز وجل لعبده المؤمن من مصائب هو بالحقيقة رسالة عليه أن يفهمها :

آية دقيقة جداً يقول الله عز وجل :﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) ﴾( سورة القصص )

في الآية الكريمة المصيبة رسالة ، والآن في السياسة المعاصرة في رسائل غير كتابية وغير شفهية ، يصير عرضاً عسكرياً ، يقال هذا العرض العسكري رسالة إلى دول الجوار أحياناً ، الآن بالسياسة المعاصرة يوجد رسائل كثيرة جداً (عمل معين) سحب سفير فرضاً يسموه رسالة ، الآن يجب أن نفهم فهماً عميقاً أن ما يسوقه الله عز وجل لعبده المؤمن من مصائب هو بالحقيقة رسالة والدليل هذه الآية :﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) ( سورة القصص )

العاقل من عرف حكمة المصيبة التي ساقها الله له :

يوجد آية أخرى : ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) ( سورة طه )

هذه الآية دقيقة جداً إنها تعني أن كل شيء وقع أراده الله وكل شيء أراده الله وقع ، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، و الحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق .

هذه الآية تبين أنه : ” من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ” ، أوضح هذه المسألة بمثل : لو أن طالباً في الصف الرابع الابتدائي قال لأبيه مرة : أريد أن أترك المدرسة (والمثل تركيبي) فالأب ببساطة ما بعدها بساطة قال لابنه : كما تريد يا بني ، في اليوم الثاني لا يوجد مدرسة ، لا يوجد وظائف ، لا يوجد أستاذ ، لا يوجد شدة ، لا يوجد قسوة ، لا يوجد تكليف ، لا يوجد رسالة للأب تعال ابحث معنا مشكلة ابنك ، شعر أنه أفضل من أي طفل آخر في الأرض ، نشأ على العطالة والبطالة ، وارتياد الملاهي ، ودور السينما ، وصحبة الأراذل ، فلما كبر لا عمل ولا وظيفة ولا شهادة ولا زوجة ولا بيت فحقد على والده ، قال له مرة يا أبتِ ، لمّا قلت لك : لا أريد أن أدرس لمَ لمْ تضربني ، لما لم تسق لي بعض الشدة ، لذلك يوم القيامة حينما يكشف الله عز وجل لنا سر هذا القضاء والقدر الذي ساقه لنا ليحملنا على طاعته ، والإقبال عليه ، والنجاة من النار ، لذابت نفوسنا محبة له .

لذلك العبرة أن تعرف حكمة المصيبة ومرة ثالثة :” من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر ” .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الثامنة عشرة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

المصيبة ليست عشوائية إنما من جنس العمل :

الآن :﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا (22) ( سورة الحديد )

لك عند الله كتاب أعمال ، إنسان اختلس مالاً حراماً أحياناً تأتي المصيبة بتدمير هذا المال ، إنسان استعلى في الأرض أحياناً يأتيه عذاب مهين ، هذه المصيبة لم تكن عشوائية الدليل :﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) ﴾( سورة المؤمنون )

مستحيل أن تُخلَقوا عبثاً ، قال تعالى :﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) ( سورة القيامة)

أحياناً تكف يد موظف بقرار سبقه همسات ،

وسبقه وشايات ، وسبقه تقارير ، ولجنة تحقيق ، وسبقه دراسة معمقة ، وسبقه اجتماع الكبراء لتقرير مصير هذا الموظف ، وتمت التحقيقات ، والأدلة كافية وقطعية ، والموقف موضوعي وعادل ، تكتب مسودة قرار ، يوقع المدير على المسودة والمجلس يوقع عليها أيضاً ، تطبع على الآلة الكاتبة يوقعها المدير نسخة إلى كذا ، إلى كذا ، آخر شيء يبلغ هذا القرار ، هذا القرار لم يكن مرتجلاً سبقته دراسة طويلة جداً .

بطولة الإنسان أن يحسن فهم المصيبة لأنه إذا أحسن فهمها استفاد منها :

كل شيء يصيب الإنسان في حكمة ما بعدها حكمة ، فبطولة الإنسان أن يحسن فهم المصيبة لأنه إذا أحسن فهمها استفاد منها ، وإن لم يحسن فهمها لم ينتفع بها ، لذلك يقول : الدهر يومان : يوم لك ويوم عليك . هذا فهم غير صحيح للمصيبة ، تحدث مشكلات في بعض البلاد الله عز وجل قال :﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (65) (سورة الأنعام :65) ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ . ( سورة النحل )

بطولة المؤمن أن يعتمد التفسير القرآني في تفسير المصائب :

البطولة أن تملك التفسير القرآني لما يجري ، الآن في

تحليلات لا تنتهي ، ودراسات للأحداث ، وتأملات

، وتطورات ، وطروحات ما أكثرها ، بطولتك كمؤمن أن تعتمد التفسير القرآني :﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ . ( سورة النحل )

الآيات القرآنية المتعلقة بالمصائب لفظاً ومعنىً تقترب من مئة آية ، في القرآن الكريم ، في كتاب الله ، في وحي السماء ، ينبغي أن نفهم على الله حكمته من الشدة ، وأحياناً الشدة سبب النجاة وفي بعض الحكم : ” ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك ” ، وإذا فهمت الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء ، ف بطولة المؤمن أن يفهم حكمة المصائب عندئذ بدل أن يحقد ، بدل أن يتألم ، بدل أن يسحق ، بدل أن يصاب بالإحباط ، يستبشر ويتفاءل ويتحرك .

الله عز وجل غنيّ عن تعذيب عباده :الآية التي بعدها :﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ (165) ( سورة آل عمران)

اعتقد يقيناً أن الله غني عن تعذيبنا ، وما يفعل هذا الإله العظيم ، الرب الكريم ، خالق السماوات والأرض ، بعبد ضعيف ؟ ما يفعل بهذه المصيبة التي يسوقها إليه ؟ حتى إنه ورد في بعض أحداث السيرة :(( رَأَى رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْنِ لَهُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا ، فَقَالَ :

إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِهِ نَفْسَهُ فَلْيَرْكَب )) .[ أحمد عن أنس ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة التاسعة عشرة بعد المائة في موضوع (الرب) وهي بعنوان:

المصيبة ليست عشوائية إنما من جنس العمل :

الله غني عن تعذيبنا ، لذلك هناك حقيقة بالإسلام خطيرة جداً ، لا يمكن أن تكون المشقة مطلوبة لذاتها إطلاقاً .

صباحاً في أيام الشتاء القارس يوجد صنبور ماء بارد لا يحتمل ، وصنبور ماء دافئ ، تقول: أنا أريد أن أتوضأ بالماء البارد حتى يكبر أجري ، ما لك أجر ، لأن المشقة في الإسلام ليست مطلوبة لذاتها توضأ بالماء الدافئ .

تقول أنا سأسافر إلى الحج ماشياً حتى يتضاعف الأجر ، ما لك أجر ، لما كان الحج طريقه الوحيد هو المشي أو ركوب الجمل لك أجر كبير .

أثناء الطواف يوجد ازدحام كبير لك أجر كبير ، أما حينما تبتغى المشقة لذاتها هذا فهم خاطئ في الإسلام ( إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِهِ نَفْسَهُ فَلْيَرْكَب) أحمد عن أنس

آيات التوحيد :الآن﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾

ومن يؤمن بالله ، الذي يؤمن بأن الله في يده كل شيء .

﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾ .( سورة الزخرف ) وأن الله عز وجل :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123) ( سورة هود)

﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) ﴾( سورة هود)وأنه :﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) ﴾( سورة الكهف) هذه آيات التوحيد ، ومن يؤمن أن الله فعال ، في الأرض إله وفي السماء إله ، والأمر كله بيده ، قال تعالى :﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا

يَعْلَمُهَا (59) ﴾( سورة الأنعام)

من آمن بالله يكتشف الحكمة من وراء المصيبة التي أصابته :أنت حينما تؤمن بالله إيماناً دقيقاً تكتشف أن هذه المصيبة وراءها حكمة بالغة.

﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ (11) ﴾( سورة التغابن)

إلى حكمتها .

أحياناً تأتي المصيبة من جنس المعصية ، كمثل إنسان عليه زكاة مال ، أحد عشر ألفاً وخمسمئة وعشرين ليرة بالضبط ، ضغطت عليه زوجته ضغطاً لا يحتمل ليصلح البيت بهذا المبلغ فاستجاب لها ، مركبته أصابها حادث ، بعد أن أصلحها الفاتورة بالضبط أحد عشر ألفاً وخمسمئة وعشرين ليرة ، توافق الرقمين رسالة من الله عز وجل ، إذاً هذا إعلام من الله عز وجل .

بالمناسبة لا يمكن لمربي أن يعاقب دون أن يبين .

﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا (22) ( سورة الحديد )

إلى حكمتها :

لكل مصيبة حكمة فإذا فهم الإنسان الحكمة عاد المنع عين العطاء : أنت اسأل الله عز وجل : يا رب ما حكمة هذه المصيبة ؟ لكل مصيبة حكمة ابحث عنها ، أما أن تقبل هذا الأمر من دون فهم أو بفهم ساذج يقول : قلب لي القدر ظهر المجن .

فهذا كلام مضحك لا معنى إطلاقاً ، الأيام يومان :

يوم لك ويوم عليك ، هكذا شأن الحياة ، حينما تفهم

المصيبة فهماً وثنياً ، فهماً بعيداً عن فهم الإيمان ، فأنت

واقع في خطأ كبير ، يجب أن تفهم أن الله سبحانه وتعالى غني عن تعذيب عباده ، فإذا ساق لهم بعض الشدائد لحكمة بالغة ، وينبغي أن نفهم أيضاً أن تقنين الله ـ إن صحّ التعبير ـ لا يمكن أن يكون تقنين عجز ، لا بد من أن يكون تقنين تأديب ، حتى في الأمطار ، قال تعالى :﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾( سورة الجن )

﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾ .( سورة الأعراف الآية : 96 )

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة العشرون بعد المائة في موضوع

 (الرب) وهي بعنوان:

ألصق الموضوعات لاسم (الرب) المصائب:                   

آيات كثيرة ، فمن ألصق الموضوعات لاسم (الرب) المصائب التي يسوقها الله لعباده ، و المؤمن في ضوء القرآن الكريم ، وفي ضوء النور الذي ألقي في قلبه يفهم حكمة الله من المصائب ، فإذا فهم الحكمة عاد المنع عين العطاء .

[ الأنترنت- موقع البلاغ - المعاني السامية في سورة الفاتحة - عفيف عبدالفتّاح طبّارة ]

 

الخاتمة

  وفي الختام نحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات ،وقد تم هذا البحث الجميل والذي هو بعنوان  ( الرب ) وهو اسمٌ عظيم لله جلّ وعلا، تكرّر وروده في القرآن الكريم في مقامات عديدة وسياقات متنوعة تزيد على خمسمائة مرَّة ،وذلك أن من يُمعن النظر في هذا الاسم ويتأمّل في دلالته يشهد "قيوماً قام بنفسه، وقام به كل شيء، فهو قائم على كلِّ نفس بخيرها وشرِّها، قد استوى على عرشه، وتفرّد بتدبير ملكه، فالتدبير كلّه بيديه، ومصير الأمور كلها إليه، فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده على أيدي ملائكته بالعطاء والمنع، والخفض والرّفع، والإحياء والإماتة، والتوبة والعزل، والقبض والبسط، وكشف الكروب، وإغاثة الملهوفين، وإجابة المضطرين (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن: 29]. لا مانع لما أعطى، ولا مُعطي لما منع، ولا معقِّب لحكمه، ولا رادّ لأمره، ولا مبدّل لكلماته، تعرج الملائكة والرّوح إليه، وتعرض الأعمال أوّل النهار وآخره عليه، فيقدّر المقادير، ويوقت المواقيت، ثم يسوق المقادير إلى مواقيتها قائماً بتدبير ذلك كله وحفظه ومصالحه" وربوبية الله للعالمين تشمل العالم كله، فهو الذي رَبَّى جميع المخلوقات بنعمه وأوجدها بمشيئته وقدرته، وأمدها بما تحتاج إليه، أعطى كل شيء خلقه اللائق به، ثم هدى كل مخلوق لما خلق له، وأغدق على عباده النعم، ونماهم وغذَّاهم وربَّاهم أكمل تربية. [فقه الأسماء الحسنى  - د عبد الرزاق البدر ] .

وفي يوم الأحد الموافق 6/8/1441هـ في منزلي بمدينة العقيق في منطقة الباحة بالمملكة العربية السعودية تم الإنتهاء من جمع وتاليف هذا الكتاب وقد بذلت قصارى جهدي فيه وهو أشبه ما يكون بالتفسير الموضوعي ، إن اصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله ، اسأل الله أن يجعله علما نافعاً وعملا صالحاً ، وأن ينفع به من كتبه وقرأه وسمعه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وكتبه : د / مسفر بن سعيد دماس الغامدي

جوال / 0555516289