العــــدل

 

 

 

العدل

 

تأليف

 

الدكتور/ مسفر بن سعيد دماس الغامدي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(العدل ) المختصر

   إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ      آل عمران: ١٠

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ  ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ  ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ النساء: ١

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ  ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ  ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ الأحزاب: ٧٠ – ٧١   وبعد:

فهذه الحلقة الأولى في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان التمهيد والمقدمة :

إن العدل هو: الإنصاف وعدم الجور، وهو أمرٌ أمرَ الله به، لما يترتب على إقامته من مصالح عظيمة في الدنيا والآخرة، وحث عليه في أمور كثيرة منها: العدل بين الناس في الحكم، وفي القول، والكتابة، والإملاء، والإشهاد، وفي المعاملات المالية، والأسرية، وفي الوصية، وفي السياسة، وبين الأولاد، ولليتامى، وفي القصاص في القتلى، وفي الصلح بين الطائفتين، وبين الزوجات ،بل الله هو العدل، وشريعته مبنية على العدل.

 ولأهمية العدل وما يترتب على إقامته كان هذا البحث

المتواضع. أسأل الله أن يجعله علما نافعا وعملا

صالحا متقبلا.

المقدمة: دلالات كلمة العدل:

   العدل ما قام في النفوس أنه مستقيم وهو ضد الجور، عَدَلَ الحاكم في الحكم يعدلُ عدلاً وهو عادلٌ من قوم عدول، وعدل: اسم للجمع كَتَجَرَ وشَرِبَ، وعدل عليه في القضية فهو عادل وبسط الوالي عدله ومعدلته، وفي أسماء الله سبحانه ( العدل ) وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم وهو في الأصل مصدر سمي به فوضع موضع العادل وهو أبلغ منه لأنه جعل المسمى نفسه عدلاً، وفلان من أهل المعدلة أي من أهل العدل، والعدل الحكم بالحق يقال هو يقضي بالحق ويعدل وهو حكم عادل ذو معدلة في حكمه والعدل من الناس المرضي قوله وحكمه.

وقال الباهلي: رجلٌ عدلٌ وعادل جائز الشهادة، عدل رضا ومقنع في الشهادة.

قال ابن بري: ومنه قول كثير:

بايعت ليلى في الخلاء     ولم يكن شهود على ليلى

والعدالة وصف بالمصدر معناه: ذو عدل ، قال تعالى في موضعين: الأول ﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ الطلاق: ٢

وقال تعالى: ﱡﭐ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ المائدة: ٩٥

   وقال ابن جنى: قولهم رجل عدل وامرأة عدل إنما اجتمعا في الصفة المذكرة لأن التذكير إنما أتاها من قبل المصدرية فإذا قيل رجل عدل فكأنه وصف بجميع الجنس مبالغة كما تقول: استولى على الفضل وحاز[1].

   وقال الفراء: العدل بالفتح ما عدل شيء من غير جنسه والعدل بالكسر المثل تقول عندي عدل غلامك وعدل شاتك إذا كان غلاما يعدل غلاما أو شاة تعدل شاة فإن أردت قيمته من غير جنسه فتحت العين وربما كسرا بعض العرب وكأنه غلط منه قال: وأجمعوا على واحد الأعدال أنه عدل بالكسر والعديل الذي يعادلك في الفوز والقدر وعدل عن الطريق جار وبابه جلس وانعدل عنه مثله وعادلت بين الشيئين وعدلت فلانا بفلان إذا سويت بينهما وبابه ضرب وتعديل الشيء تقويمه يقال عدله تعديلا فاعتدل أي قومه فاستقام وكل مثقف معدل وتعديل الشهود أن تقول إنهم عدول ولا يقبل منها صرف ولا عدل فالصرف التوبة والعدل الفدية ومنه قوله تعالى: ﱡﭐ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ الأنعام: ٧٠

أي وإن تفد كل فداء وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ المائدة: ٩٥ ؛ أي فداء ذلك والعادل المشرك الذي يعدل بربه ومنه قول ذلك المرأة للحجاج إنك لقاسط عادل[2].

   والجور: نقيض العدل جار يجور جوراً وقوم جورة وجارة أي: ظلمة والجور ضد القصد والجور ترك القصد في السير والفعل جار يجور وكل ما مال فقد جار وجار عن الطريق عدل والجور الميل عن القصد وجار عليه في الحكم وجوره تجويرا نسبه إلى الجور[3].

   وقال القرطبي: والطغيان مجاوزة الحد فمن قال: الميزان العدل قال طغيانه الجور ومن قال إنه الميزان الذي يوزن به قال طغيانه البخس.

قال ابن عباس: أي لا تخونوا من وزنتم له وعنه أنه

قال: يا معشر الموالي وليتم أمرين بهما هلك الناس المكيال والميزان ومن قال إنه الحكم قال طغيانه التحريف وقيل فيه إضمار أي وضع الميزان وأمركم

ألا تطغوا فيه[4].

وقال الشنقيطي: اعلم أن العدل في اللغة القسط والإنصاف وعدم الجور وأصله التوسط بين المرتبتين أي الإفراط والتفريط فمن جانب الإفراط والتفريط فقد عدل[5].

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ الرحمن: ٧

والميزان يراد به العدل والآلة التي يعرف بها العدل[6].

وقال الرازي: لا بد من معرفة العدل الذي هو الخط المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط في الأعمال الشهوانية وفي الأعمال الغضبية وفي كيفية إنفاق المال فالمؤمن يطلب من الله تعالى أن يهديه إلى الصراط المستقيم الذ هو الوسط بين طرفي الإفراط

والتفريط في كل الأخلاق وفي كل الأعمال[7].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية في موضوع (العدل)والتي هي بعنوان : المقدمة ‘العدل والقسط والفرق بينهما:

وأما قوله تعالى:ﱡﭐﱞ ﱟ ﱠ ﱡ آل عمران: ٦٤

فالمعنى هلموا إلى كلمة فيها إنصاف من بعضنا لبعض لا ميل فيه لأحد على صاحبه والسواء هو العدل والإنصاف وذلك لأن حقيقة الإنصاف إعطاء النصف فإن الواجب في العقول ترك الظلم على النفس وعلى الغير وذلك لا يحصل إلا بإعطاء النصف فإذا أنصف وترك ظلمه أعطاه النصف فقد سوى بين نفسه وبين غيره وحصل الاعتدال وإذا ظلم وأخذ أكثر مما أعطى زال الاعتدال فلما كان من لوازم العدل والإنصاف التسوية جعل لفظ التسوية عبارة عن العدل[8].

   وقال ابن العربي: العدل بين العبد وبين ربه إيثار حقه تعالى على حظ نفسه وتقديم رضاه على هواه والاجتناب والامتثال للأوامر، وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعها مما فيه هلاكها قال الله تعالى:

 ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ  النازعات: ٤٠

والمعنى: عزوب الأطماع عن الإتباع ولزوم القناعة في كل حال.

   وأما العدل بينه وبين الخلق، فبذل النصيحة وترك الخيانة فيما قل وكثر والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل لا في سر ولا في علن والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى[9].

   وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يجيء نوح وأمته فيقول الله تعالى: [ هل بلغت؟ ] فيقول: نعم أي رب، فيقول لأمته: [ هل بَلَّغَكُم؟ ] فيقولون: لا ما جاءنا من نبي، فيقول لنوح:    [ من يشهد لك؟ ] فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فنشهد أنه قد بلّغ وهو قوله جل ذكره: ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ  ﱟ ﱠ ﱡ البقرة: ١٤٣   والوسط العدل[10].

وقال ابن حزم: ومن وجه آخر حد العدل أن تعطي من نفسك الواجب وتأخذه وحد الجور أن تأخذه ولا تعطيه[11].

*العدل والقسط والفرق بينهما:

ورود اللفظين في القرآن في آية واحدة من سورة الحجرات قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲞ ﲟ ﲠ  ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ  الحجرات: ٩

يفيد المعنى أن هناك فروقا في المعنى، وإلا لما جعلهما المولى في آية واحدة وفرّق بينهما بحرف الواو الذي يفيد المغايرة. إذا كانت المعاجم لم تفرق كثيرا بين العدل والقسط، فإن التدبر المتأني لآيات العدل والقسط في القرآن ربما يرشدنا إلى معنيين: الأول: أن العدل كقيمة أساسية وخلق عام هو أشمل وأعم من القسط، فالقسط هو لون من العدل. والثاني: أن العدل هو في الحقوق المعنوية، أما القسط فهو في الحقوق المادية، ولعل ارتباط لفظ القسط في كثير من الآيات بالميزان ربما يرجح هذا المعنى، وكذلك تكرار لفظ إن الله يحب المقسطين ربما على اعتبار أن العدل في الحقوق المادية أصعب وأشق على النفس من العدل في الحقوق المعنوية.

   والنظر في الآيات المتضمنة لمشتقات الفعل الرباعي "أقسط" مما يرجح ذلك المعنى .

-      الإقساط في اليتامى:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ  ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ النساء: ٣

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ  ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ  ﳀﳁ  النساء: ١٢٧

-      في الميزان والمكيال:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ الأنعام:١٥٢

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ    ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ هود: ٨٥

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲄ ﲅ ﲆ  ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ الرحمن: ٩

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷﲸ  الإسراء: ٣٥ ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ  ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ  الشعراء: ١٨١  ١٨٢

-      في الإصلاح بين الناس:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲟ ﲠ  ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ  الحجرات: ٩

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان : *العدل والقسط والفرق بينهما:

-      في العلاقة مع غير المسلمين:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ  ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ  ﱿ الممتحنة: ٨

-      في الشهادة:

-      ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ

ﱇ ﱈ ﱉ  النساء: ١٣٥

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ  ﲞ ﲟﲠ المائدة: ٨

-      في الحكم بين الناس:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙﱚ  ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ المائدة: ٤٢

-      في المكاتبة والإملاء والإشهاد في الدين والمعاملات المالية:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲖ ﲗ  ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞﲟ ﲠ ﲡ  ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ البقرة: ٢٨٢

-      في التبني ونسبة الأبناء:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ  ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﲍ الأحزاب: ٥

-      جعل الله القسط من أمره:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ    ﲵ ﲶ ﲷﲸ الأعراف: ٢٩

-      ومن أمر بقتل المصلحين من الناس وإن لاقوا في سبيل ذلك القتل:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ  ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ  ﲴ ﲵ آل عمران: ٢١

-      وهو سبحانه القوام بالقسط:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ    ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ

ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ  آل عمران: ١٨

-      ويقضي به بين الناس:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ  ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ

ﱠ ﱡ ﱢﱣ الأنبياء: ٤٧

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ يونس: ٥٤

 

-      وجعل جزاءه للمؤمنين بالقسط:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ  ﲘﲙ يونس: ٤

-      وهو سبحانه الذي جعل القسط من أسمى أهداف رسالاته:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱅ ﱆ ﱇ  ﱈ ﱉ ﱊ ﱋﱌ الحديد: ٢٥

فهلا اهتدينا بهدي الرسالات وأقمنا العدل والقسط في أخلاقنا وسلوكنا، ليعتدل ميزان الحياة من حولنا؟[12].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان : *العدل والفضل :

   يروى عن بعض الحكماء أنه قال: طريق الآخرة واحد والناس فيه صنفان، فصنف أهل العدل، وصنف أهل الفضل والعدل عدلان: عدل ظاهر فيما بينك وبين الناس وعدل باطن بينك وبين الله، وطريق العدل طريق الاستقامة، وطريق الفضل طريق طلب الزيادة والذي على الناس لزوم العمل به طريق الاستقامة وليس عليهم لزوم طريق الفضل، والصبر والورع مع العدل وهما واجبان والزهد والرضى مع الفضل وليسا بواجبين والانصاف مع العدل والاحسان مع الفضل، ومن شغله العدل عن الفضل فمعذور ومن شغله الفضل عن العدل فهو مخدوع متبع لهوى نفسه وعلى الانسان معرفة العدل وليس عليه معرفة الفضل إلا تبرعا، وهكذا كل عمل لا يجب على العبد فعله لا يجب عليه عمله[13].

*مشروعية العدل وضده الجور:

   العدل حصن يلجأ إليه كل خائف وذلك أنك ترى الظالم وغير الظالم إذا رأى من يريد ظلمه دعا إلى العدل وأنكر الظلم حينئذ وذمه ولا ترى أحدا يذم العدل فمن كان العدل في طبعه فهو ساكن في ذلك الحصن الحصين[14].

ودليل مشروعية العدل من الكتاب والسنة ما يلي:

-      في الآية 282 من سورة البقرة :  ﭧﭐﭨﭐ              

-                                  ﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ

-      وفي الآية 58 من سورة النساء: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲ  ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷ

-      وفي الآية 129 من سورة النساء: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ  ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ

-      وفي الآية 15 من سورة الشورى:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳇ ﳈ  ﳉﳊ

-      وفي الآية 9 من سورة الحجرات:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲟ ﲠ  ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﲥ الحجرات: ٩

-      والعدل أساسا هو أمر من المولى عز وجل:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ 

ﱰ ﱱ ﱲ النحل: ٩٠

-      العدل بين الناس في جميع الأمور: ففي الآيتين 159 ، و 181 من سورة الأعراف:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ 

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ  ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ

فهو قيمة تستصحب في جميع الأمور وتستحضر دائما الحق معها.

-      العدل في الحكم بين الناس:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲰ ﲱ ﲲ  ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ  ﳂ ﳃ النساء: ٥٨

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ  ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ المائدة: ٩٥

-      العدل في القول:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ الأنعام: ١٥٢

-      العدل في الكتابة والإملاء والإشهاد في المعاملات

-       المالية: ففي سورة البقرة من آية الدين 282 في الكتابة:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ البقرة

والإملاء: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱯ ﱰ ﱱ  ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷﱸ البقرة: ٢٨٢

-      وفي الآية 106 من سورة المائدة من شأن الوصية:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱼ ﱽ  ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ

-       والعدل في الشهادة بين الناس ولهم أو عليهم ولو على النفس أو الوالدين والأقربين: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾﱿ الطلاق: ٢

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ النساء: ١٣5

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان : *العدل والفضل :

-       أن يأمر الإنسان من يملك كلمة عندهم أو عليهم بالعدل:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ  ﲕ ﲖ

ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ النحل: ٧٦

-      العدل في المعاملات الأسرية: ففي علاقة الرجل بنسائه في الآيتان 3 و 129 من سورة النساء:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ 

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ  ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ

-      العدل في الإصلاح بين المتخاصمين:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲟ ﲠ  ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﲥ الحجرات: ٩

   قال الرازي: الدنيا بستان زينت بخمسة أشياء علم العلماء وعدل الأمراء وعبادة العباد وأمانة التجار ونصيحة المحترفين.

فجاء إبليس بخمسة أعلام فأقامها بجنب هذه الخمس جاء بالحسد فركزه في جنب العلم وجاء بالجور فركزه بجنب العدل وجاء بالرياء فركزه بجنب العبادة وجاء بالخيانة فركزها بجنب الأمانة وجاء بالغش فركزه بجنب النصيحة[15].

   وقال ابن كثير: وقوله: ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ النساء: ١٣٥

أي فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إليكم على ترك العدل في أموركم وشؤونكم بل الزموا العدل على أي حال كان كما قال تعالى: ﱡﭐ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ  ﲦ ﲧﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﲭ المائدة: ٨

ومن هذا قول عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزرعهم فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير وما يحملني حبي إياه وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض[16].

   ثم قال ابن كثير على الآية السابقة: أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فإن العدل واجب على كل أحد في كل أحد في كل حال ... بل استعملوا العدل في كل أحد صديقا كان أو عدوا ولهذا قال: ﭐﱡﭐ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﲭ المائدة: ٨

أي أعدلكم أقرب إلى التقوى من تركه ودل الفعل على المصدر الذي عاد الضمير عليه.[17].[18]

   وقال تبارك وتعالى:ﭐﱡﭐ ﲯ ﲰ

ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵﲶ ﲷ ﲸ  ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ النحل: ١٢٦إلى آخر السورة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نصبر ولا نعاقب )

 وهذه الآية الكريمة لها أمثال في القرآن فإنها

مشتملة على مشروعية العدل والندب إلى الفضل كما

في قوله: ﭐﭐﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟﲠ الشورى: ٤٠[19]

   أخرج الأصبهاني والطبراني عن معاوية رضي الله عنه بإسناد رواته ثقات وعن ابن مسعود رضي الله عنه بإسناد رواته ثقات وعن ابن مسعود رضي الله عنه بإسناد جيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقدس الله أمة لا يقضى فيها بالحق ويأخذ الضعيف حقه من القوي غير متمتع، يا أبا هريرة عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة قيام ليلها وصيام نهارها، ويا أبا هريرة جور ساعة في حكم أشد وأعظم عند الله عز وجل من معاصي ستين سنة )[20].

 وقال بعض الحكماء عدل السلطان خير من خصب الزمان[21].

حكاية؛ يقال: إن أبو شروان ركب بعض أيام الربيع على سبيل الفرجة فجعل يسير في الرياض المخضر ويشاهد الأشجار المثمرة وينظر الكروم العامرة فنزل عن فرسه شكرا لربه وخر ساجدا ووضع خده على التراب زمانا طويلا فلما رفع رأسه قال لأصحابه إن خصب السنين من عدل الملوك والسلاطين وحسن نيتهم إلى رعيتهم فالمنة لله الذي أظهر حسن نيتنا في سائر الأشياء[22].

   وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل ... ) الحديث[23].

   وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين

 

يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )[24].

   وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال)[25].

   وأخرج ابن حبان من حديث أبي هريرة أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أربعة يبغضهم الله البياع الحلاف والفقير والمختال والشيخ الزاني والإمام الجائر )[26].

   وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتى يفك عنه العدل أو يوبقه الجور )[27].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول

الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*الله هو العدل :

   إن الظلم وضع الشيء في غير موضعه والعدل وضع كل شيء في موضعه وهو سبحانه [ حكم عدل ] يضع الأشياء مواضعها ولا يضع شيئا إلا في موضعه الذي يناسبه وتقتضيه الحكمة والعدل ولا يفرق بين متماثلين ولا يسوي بين مختلفين ولا يعاقب إلا من يستحق العقوبة فيضعها موضعها لما في ذلك من

الحكمة والعدل.

   وأما أهل البر والتقوى فلا يعاقبهم البتة قال تعالى:

ﭐﱡﭐ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ القلم: ٣٥ – ٣٦ وقال تعالى: ﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ  ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  ص: ٢٨

   وأهل السنة أثبتوا ما أثبته لنفسه له الملك وله الحمد فهو على كل شيء قدير وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو خالق كل شيء، وهو عادل في كل ما خلقه واضع للأشياء مواضعها وهو قادر على أن يظلم لكنه سبحانه منزه عن ذلك لا يفعله لأنه السلام القدوس المستحق للتنزيه عن السوء وهو سبحانه سبوح قدوس يسبح له ما في السماوات والأرض وسبحان الله: هي كلمة يعظم بها الرب ويحاشى بها من السوء.

   وكذلك قال ابن عباس وغير واحد من السلف إنها تنزيه الله من السوء وقال قتادة في اسمه المتكبر إنه الذي تكبر عن السوء وعنه أيضا إنه الذي تكبر عن السيئات.

   فهو سبحانه منزه عن فعل القبائح لا يفعل السوء ولا السيئات مع أنه سبحانه خالق كل شيء أفعال العباد وغيرها والعبد إذا فعل القبيح المنهي عنه كان قد فعل سوءا وظلما وقبيحا وشرا والرب قد جعله فاعلا لذلك الذي خلقه لها هو محمود عليه وهو منه عدل وحكمة وصواب وإن كان في المخلوق عيبا ومثل هذا مفعول في الفاعلين المخلوقين فإن الصانع إذا أخذ الخشبة المعوجة والحجر الردي واللبنة الناقصة فوضعها في موضع يليق بها ويناسبها كان ذلك منه عدلا واستقامة وصوابا وهو محمود وإن كان في تلك عوج وعيب هي به مذمومة ومن أخذ الخبائث فجعلها في المحل الذي يليق بها كان ذلك حكمة وعدلا وإنما السفه والظلم أن يضعها في غير موضعها ومن وضع العمامة على الرأس والنعلين في الرجلين فقد وضع كل شيء موضعه ولم يظلم النعلين إذ هذا محلهما المناسب لهما فهو سبحانه لا يضع شيئا إلا موضعه فلا يكون إلا عدلا ولا يفعل إلا خيرا فلا يكون إلا محسنا جوادا رحيما، وهو سبحانه له الخلق والأمر فكما أنه في أمره لا يأمر إلا بأرجح الأمرين ويأمر بتحصيل المصالح وتكميلها وبتعطيل المفاسد وتقليلها وإذا تعارض أمران رجح أحسنهما وليس في الشريعة أمر بفعل إلا ووجوده للمأمور خير من عدمه ولا نهي عن فعل إلا وعدمه خير من وجوده وهو فيما يأمر به قد أراده إرادة دينية شرعية وأحبه ورضيه فلا يحب ويرضى شيئا إلا ووجوده خير من عدمه ولهذا أمر عباده أن يأخذوا بأحسن ما أنزل إليهم من ربهم فإن الأحسن هو المأمور به وهو خير من المنهي عنه[28].

   وقال ابن القيم: والله سبحانه حي قادر متكلم يأمر

بالعدل وهو على صراط مستقيم وهذا وصف له بغاية الكمال والحمد فإن أمره بالعدل وهو الحق يتضمن أنه سبحانه عالم به معَلِّم له راض آمرٌ لعباده به محب لأهله لا يأمر بسواه بل تَنَرَّهّ عن ضده الذي هو الجَور والظلم والسفه والباطل بل أمره وشرعه عدل كله وأهل العدل هم أولياؤه وأحباؤه وهم المجاورون له عن يمينه على منابر من نور وأمره بالعدل يتناول الأمر الشرعي الديني والأمر القَدَرِيّ الكوني وكلاهما عدلٌ لا جَور فيه بوجهٍ ما كما في الحديث الصحيح: ( اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل فيّ قضاؤك ... ) الحديث فقضاؤه هو أمره الكوني فإنما أمْرُهُ إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فلا يأمر إلا بحق وعدل وقضاؤه وقدره القائم به حق وعدل ...[29] [30]

   وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما فيه يمينه والقسط بيده الأخرى يرفع ويخفض )[31].

   فبين صلى الله عليه وسلم أن الفضل بيده اليمنى والعدل بيده الأخرى

ومعلوم أنه مع أن كلتا يديه يمين فالفضل أعلى من العدل وهو سبحانه كل رحمة منه فضل وكل نقمة منه عدل، ورحمته أفضل من نقمته ولهذا كان المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن ولم يكونوا على يده الأخرى وجعلهم عن يمين الرحمن تفضيل لهم[32].

   فكما أن الخلق لا يخرج عن الحكمة فلم يخلق شيئا عبثا فكذلك لا يأمر ولا ينهى إلا بما هو عدل وحكمة وإحسان[33].

  إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*الله هو العدل :

وقد أظهر سبحانه للعالمين كمال عدله فقال: ﱡﭐ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ ﳨ ﳩ  فصلت: ٤٦

ثم بيّن كيفية العدل فقال: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ

 ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢﱣ

الأنبياء: ٤٧ فظهر بهذا أن كونه ملكا حقا ليوم الدين إنما يظهر بسبب العدل ... [34]

   قال ابن كثير: أي لا يظلم أحدا من خلقه بل هو الحكم العدل الذي لا يجوز تبارك وتعالى وتقدس وتنزه الغني الحميد ولهذا جاء في الحديث الصحيح من رواية أبي ذر رضي الله عنه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: [ يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ... يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه ] الحديث[35] [36]

ومعنى كونه ﭐﱡﭐ  ﱞ ﱟﱠ  آل عمران: ١٨ قائما بالعدل كما يقال فلان قائم بالتدبير أي يجريه على الاستقامة؛ وهذا العدل منه سبحانه ما هو متصل بباب الدنيا ومنه ما هو متصل بباب الدين؛ أما المتصل بالدين فانظر أولاً: في كيفية خلقة أعضاء الإنسان حتى تعرف عدل الله تعالى فيها، ثم انظر إلى اختلاف أحوال الخلق في الحسن والقبح والغنى والفقر والصحة السقم وطول العمر وقصره واللذة والآلام، واقطع بأن كل ذلك عدل من الله وحكمة وصواب، ثم انظر في كيفية خلقة العناصر وأجرام الأفلاك وتقدير كل واحد منها بقدر معين وخاصية معينة واقطع بأن كل ذلك حكمة وصواب، أما ما يتصل بأمر الدين فانظر إلى اختلاف الخلق في العلم والجهل والفطانة والبلادة والهداية والغواية واقطع بأن كل ذلك عدل وقسط...[37]

   وأما قوله: ﭐﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  هود: ٥٦ أي مع كونه مالكا قاهرا متصرفا في عباده نواصيهم بيده فهو على صراط مستقيم وهو العدل الذي يتصرف به فيهم فهو على صراط مستقيم في قوله وفعله وقضائه وقدره وأمره ونهيه وثوابه وعقابه فخبره كله صدق وقضاؤه كله عدل وأمره كله مصلحة والذي نهى عنه كله مفسدة، وثوابه لمن يستحق الثواب بفضله، ورحمته وعقابه لمن يستحق العقاب بعدله وحكمته[38].

   ومن أسمائه الحسنى [ العدل ] الذي كل أفعاله وأحكامه سداد وصواب وحق وهو سبحانه قد أوضح السبل وأرسل الرسل وأنزل الكتب وأزاح العلل ومكن من أسباب الهداية والطاعة بالأسماع والأبصار والعقول وهذا عدله ووفق من شاء بمزيد عناية وأراد من نفسه أن يعينه ويوفقه فهذا فضله وخذل من ليس بأهل لتوفيقه وفضله وخلى بينه وبين نفسه ولم يرد سبحانه من نفسه أن يوفقه فقطع عنه فضله ولم يحرمه عدله وهذا نوعان:

   أحدهما: ما يكون جزاء منه للعبد على إعراضه عنه وإيثار عدوه في الطاعة والموافقة عليه وتناسى ذكره وشكره فهو أهل أن يخذله ويتخلى عنه.

   والثاني: أن لا يشاء له ذلك ابتداء لما يعلم منه أنه لا يعرف قدر نعمة الهداية ولا يشكره عليه ولا يثني عليه بها ولا يحبه فلا يشاؤها له لعدم صلاحية محله قال تعالى: ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ  ﱉ ﱊ ﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ الأنعام: ٥٣

 وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡﲢ  الأنفال: ٢٣

فإذا قضى على هذه النفوس بالضلال والمعصية كان ذلك محض العدل[39].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :

*الشريعة مبناها وأساسها على الحِكًم ومنها العدل :

   إن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجَور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أُدخِلَت فيها بالتأويل فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم وأصدقها وهي نوره الذي به أبصر المبصرون وهداه الذي به اهتدى المهتدون وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل فهي قرة العيون وحياة القلوب ولذة الأرواح فهي بها الحياة والغذاء والدواء والنور والشفاء والعصمة ولك خير في الوجود فإنما هو مستفاد منها وحاصل بها وكل نفص في الوجود فسببه من إضاعتها ولولا رسوم قد بقيت لخربت الدنيا وطوي العالم وهي العصمة للناس وقوام العالم وبها يمسك الله السماوات والأرض أن تزولا فإذا أراد الله سبحانه وتعالى خراب الدنيا وطيّ العالم رفع إليه ما بقي من رسومها فالشريعة التي بعث الله بها رسوله هي عمود العالم وقطب الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة[40].

قضاء الله في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة ؛ متى ظفر العبد بهذه المعرفة سكن في الدنيا قبل الآخرة في جنة لا يشبه فيها إلا نعيم الآخرة فإنه لا يزال راضيا عن ربه والرضا جنة الدنيا ومستراح العارفين فإنه طيب النفس بما يجري عليه من المقادير التي هي عين اختيار الله له وطمأنينتها إلى أحكامه الدينية وهذا هو الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وما ذاق طعم الإيمان من لم يحصل له ذلك وهذا الرضا هو بحسب معرفته بعدل الله وحكمته ورحمته وحسن اختياره فكلما كان بذلك أعرف كان به أرضى فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة لا يخرج عن ذلك البته كما قال في الدعاء المشهور: ( اللهم إن عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي ). ما قالها أحد قط إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرجا قالوا: أفلا نتعلمهن يا رسول الله قال: ( بلى ينبغي لمن يسمعهن أن يتعلمهن ) والمقصود قوله: ( عدل فيّ قضاؤك ) وهذا يتناول كل قضاء يقضيه على عبده من عقوبة أو ألم وسبب ذلك فهو الذي قضى بالسبب وقضى بالمسبب وهو عدل في هذا القضاء وهذا القضاء خير للمؤمن كما قال: ( والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن )[41].

*الرسول أخرج الناس من الظلم إلى العدل :

   العالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين

 معرفة تفصيلية وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريق الموصل إلى مقصوده والطريق الموصل إلى الهلكة فهؤلاء أعلم الخلق وأنفعهم للناس وأنصحهم لهم وهم الأدلاء الهداة برز الصحابة على جميع من أتى بعدهم إلى يوم القيامة فإنهم نشأوا في سبيل الظلال والكفر والشرك والسبل الموصلة إلى الهلاك وعرفوها مفصلة ثم جاءهم الرسول فأخرجهم من تلك الظلمات إلى سبيل الهدى وصراط الله المستقيم فخرجوا من الظلمة الشديدة إلى النور التام ومن الشرك إلى التوحيد ومن الجهل إلى العلم ومن الغي إلى الرشاد ومن الظلم إلى العدل ومن الحيرة والعمى إلى الهدى والبصائر فعرفوا مقدار ما نالوه وظفروا به ومقدار ما كانوا فيه فإن الضد يظهر حسنه الضد إنما تتبين الأشياء بأضدادها فازدادوا رغبة ومحبة فيما انتقلوا إليه ونفرة وبغضا لما انتقلوا عنه وكانوا أحب الناس في التوحيد والإيمان والإسلام وأبغض الناس في ضده عالمين بالسبيل على التفصيل[42].

*أعدل العدل التوحيد، وأظلم الظلم الشرك :

   الحسنات كلها عدل والسيئات كلها ظلم وأن الله إنما أنزل الكتب وأرسل الرسل ليقوم الناس بالقسط، والقسط والظلم نوعان: نوع في حق الله تعالى؛ كالتوحيد فإنه رأس العدل والشرك رأس الظلم، ونوع في حق العباد؛ إما مع حق الله كقتل النفس أو مفردا كالدّين الذي ثبت برضا صاحبه[43].

   والشرك أظلم الظلم كما أن أعدل العدل التوحيد فالعدل قرين التوحيد والظلم قرين الشرك ولهذا يجمع سبحانه بينهما: أما الأول ففي قوله: ﭐﱡﭐ    ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ  آل عمران: ١٨

وأما الثاني فكقوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱠ ﱡ ﱢ  ﱣ ﱤ

لقمان:١٣ ؛

والفاحشة تدعو إلى الشرك والظلم ولا سيما إذا قويت إرادتها ولم تحصل إلا بنوع من الظلم بالمظلوم والاستعانة بالسحر والشيطان، وقد جمع سبحانه بين الزنا والشرك ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ  النور: ٣

فهذه الثلاثة يجر بعضها إلى بعض ويأمر بعضها ببعض ولهذا كلما كان القلب أضعف توحيدا وأعظم شركا كان فاحشاً وأعظم تعلقاً بالصور وعشقاً[44].

   وقوله تعالى: ﭐﱡﭐ    ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ آل عمران: ١٨ القسط هو العدل فشهد الله سبحانه أنه قائم بالعدل في توحيده وبالوحدانية في عدله والتوحيد والعدل هما جماع صفات الكمال فإن التوحيد يتضمن تفرده سبحانه بالكمال والجلال والمجد والتعظيم الذي لا ينبغي لأحد سواه، والعدل يتضمن وقوع أفعاله كلها على السداد والصواب وموافقة الحكمة فهذا توحيد الرسل وعدلهم إثبات الصفات والأمر بعبادة الله وحده لا شريك له وإثبات القدر والحكم والغايات والمطلوبة المحمودة بفعله وأمره لا توحيد الجهمية والمعتزلة والقدرية الذي هو إنكار الصفات وحقائق الأسماء الحسنى وعدلهم الذي هو التكذيب بالقدر أو نفي الحكم والغايات والعواقب الحميدة التي يفعل الله لأجلها ويأمر وقيامه سبحانه بالقسط في شهادته يتضمن أمورا:

   أحدها: أنه قائم بالقسط في هذه الشهادة التي هي أعدل شهادة على الإطلاق وإنكارها وجحودها أعظم الظلم على الإطلاق فلا أعدل من التوحيد ولا أظلم من الشرك فهو سبحانه قائم بالعدل في هذه الشهادة قولا وفعلا حيث شهد بها وأخبر وأعلم عباده وبيّن لهم تحقيقها وصحتها وألزمهم بمقتضاها وحكم به وجعل الثواب والعقاب عليها وجعل الأمر والنهي من حقوقها وواجباتها فالدين كله من حقوقها والثواب كله عليها والعقاب كله على تركها وهذا هو العدل الذي قام به الرب تعالى في هذه الشهادة فأوامره كلها تكميل لها، وأَمَرَ بأداء حقوقها ونواهيه كلها صيانة لها عما يهضمها ويضادها وثوابه كله عليها وعقابه كله على تركها وترك حقوقها وخلقه السموات والأرض وما بينهما كان بها ولأجلها وهي الحق الذي خلقت به وضدها هو الباطل والعبث الذي نزه نفسه عنه وأخبر

أنه لم يخلق به السموات والأرض[45].

   إن توحيد الله الذي هو إخلاص الدين له والعدل الذي نفعله نحن هو جماع الدين يرجع إلى ذلك فإن إخلاص الدين لله أصل العدل كما أن الشرك بالله ظلم عظيم[46].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :

*قواعد الحكم والسياسة ترسى بالعدل :

   لا يمكن إصلاح السياسة والحكم الدولي إلا عن طريق تقرير العدل المطلق والمساواة بين الناس ومراعاة الفضائل في الأحكام والمعاملات من الحق والعدل والوفاء بالعهود والرحمة والمواساة والمحبة واجتناب الرذائل من الظلم والغدر ونقض العهود والكذب والخيانة والغش وأكل أموال الناس بالباطل كالرشوة والربا والتجارة بالدين والخرافات[47].

   قال الحكماء: الملك بيت أسه الإيمان وسقفه التقوى وأركانه الشرائع وفرشه العدل وأستاره السير المحمودة فإذا قعد فيه الملك ابتهجت به الدنيا وتآلفت به النفوس وعمرت به البلاد وشمل الصلاح العباد[48].

   وأخرج الخطيب البغدادي بسنده من حديث يزيد بن الأصم قال سمعت عوف بن مالك في مسجد دابق يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما فيها؟ ) فقمت فناديت بأعلى صوتي  ما هي يا رسول الله؟ فقال: ( أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عار يوم القيامة؛ إلا من عدل وكيف يعدل مع أقربائه؟ )[49].

   قال إبراهيم الحسيني: أخرجه الطبراني في الكبير البزار عن عوف بن مالك رضي الله عنه، وقال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الكبير رجال الصحيح.

   وقال المنذري: رواه البزار والطبراني ورواته رواة الصحيح، وسببه عن المقداد قال استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمل فلما رجعت قال: ( كيف وجدت الإمارة ) ؟ قلتك ما ظننت إلا أن الناس كلهم دخول والله لا ألي على عمل أبدا[50].

*آثار العدل :

   ضمن الله النصر لمن نصر الله ورسوله بالغيب وهو

القيام بالعدل قال الله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ  ﱲ ﱳ الحج: ٤٠

 ثم إنه تعالى أوضح شرائط لنصر الملوك وشرط عليهم شرائط كما ترى فما تضعضعت قواعدهم أو ظهر عليهم عدو أو اضطريت عليهم الامور إلا لإخلالهم بالشرائط المأخوذة عليهم أو بعضها وصلاحهم وفلاحهم بإقامة الميزان بالقسط الذي شرعه الله تعالى لعباده وركوب سبيل الحق والعدل الذي قامت به السموات والأرض ونصر المظلوم والأخذ على يد الظالم وذلك السلطان إذا عدل انتشر العدل في الرعية فأقاموا الوزن بالقسط وتعاطوا الحق فيما بينهم ولزموا قوانين العدل فمات الباطل وذهبت رسوم الجور فأرسلت السماء غيثها وأخرجت الارض بركاتها ونمت تجاراتهم وزكت زروعهم وتناسلت أنعامهم ودرت أرزاقهم ورخصت أسعارهم فواسى البخيل وأفضل الكريم وقضيت الحقوق وأعيرت المواعين وتهادوا فضول الأطعمة والتحف فهان كل الحطام لكثرته وذل بعد عزته فتماسكت على الناس مروءاتهم وحفظت عليهم أديانهم وبهذا يتبين لك أن الوالي مأجور على ما يتعاطاه من إقامة العدل وعلى

ما يتعاطاه الناس بسببه حسن السلوك الحافظ[51].

*صلاح الحاكم صلاح الأمة :

   قال سفيان الثوري لابي جعفر المنصور: إني لأعلم رجلا إن صلح صلحت الأمة؟ قال: ومن هو؟ أنت.

   وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن ملكا من الملوك خرج يسير في مملكته مستخفيا فنزل على رجل له بقرة فراحت فحلبت له وزن ثلاثين بقرة فعجب الملك من ذلك وحدث نفسه بأخذها فلما راحت عليه من الغد حلبت على النصف فقال الملك ما بال حلابها انتقص أرعيت في غير مرعاها بالأمس فقال لا ولكن أظن أن ملكنا هم بأخذها فنقص لبنها فإن الملك إذا ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة فعاهد الله سبحانه في نفسه ألا يأخذها وراحت من الغد فحلبت حلاب ثلاثين بقرة فتاب الملك وعاهد ربه ليعدلن ما بقي.

   ومن المشهور بأرض المغرب أن السلطان بلغه أن امرأة لها حديقة فيها القصب الحلو وأن القصبة الواحدة منها تعصر قدحا فعزم على أخذها منها ثم أتاها وسألها عن ذلك فقالت نعم ثم إنها عصرت قصبة فلم تعصر نصف قدح فقال لها أين الذي كان يقال فقالت هو الذي بلغك إلا أن يكون السلطان عزم على أخذها مني فارتفعت البركة منها فتاب السلطان وأخلص نيته لله تعالى ألا يأخذها أبدا ثم أمرها فعصرت قصبة فجاءت ملء قدح.

   قال صاحب سراج الملوك: وشهدت أنا بالإسكندرية والصيد بالخليج مطلق للرعية والسمك فيه يغلب الماء كثرة ويصيده الأطفال بالخرق ثم حجره الوالي ومنع الناس من صيده فذهب السمك حتى لا تكاد توجد منه إلا الواحدة بعد الواحدة إلى يومنا هذا، قال: وهكذا تتعدى سرائر الملوك وعزائمهم ومكنون ضمائرهم إلى الرعية إن خيرا فخير وإن شرا فشر[52].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العاشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :

*أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر :

   اعلم أن من أعظم أناع الأمر بالمعروف كلمة حق عند سلطان جائر وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر ) أخرجه أبو داوود والترمذي وقال حديث حسن.

وقال طارق بن شهاب رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله فلي الغرز أي الجهاد أفضل؟ قال: ( كلمة حق عند سلطان جائر ). رواه النسائي بإسناد صحيح[53].

*الملوك العادلين :

   قال الله في حق العبد الصالح داوود ﭐﱡﭐ  ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ  ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡ ﲢ  ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ  البقرة: ٢٤٧

فجعله سببا للملك، وقال الجبائي: هذا الحكم مختص بملوك العدل فأما ملوك الظلم فلا يجوز أن ملكهم بإيتاء الله وكيف يصح أن يكون ذلك بإيتاء الله وقد ألزمهم أن لا يمتلكوه ومنعهم من ذلك فصح بما ذكرنا أن الملوك العادلين هم المختصون بأن الله تعالى آتاهم ذلك الملك فأما الظالمون فلا[54].

   وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عدل وشاب نشأ في عبادة الله ... ) الحديث[55]

وأخرج البيهقي بسنده من حديث أبي هريرة مرفوعا

( ما من أمير عشرة – أي فصاعدا – إلا يؤتى به يوم

القيامة ويده مغلولة إلى عنقه – زاد في رواية أحمد – لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل ) وقال المناوي: وإسناده جيد[56].

   وروي: أن الله تعالى خلق الدنيا كالبستان وزينها بخمسة أشياء:

بعلم العلماء-1

وعدل الأمراء-2

وعبادة الصالحين-3

ونصيحة المستشار-4

وأداء الأمانة-5

   فقرن إبليس :مع العلم الكتمان، ومع العدل الجور، ومع العبادة الرياء، ومع النصيحة الغش، ومع الأمانة الخيانة[57].

إذا ظلم الملك الرعية خربت الولاية وتفرق الرعايا إلى الأطراف ويكون الملك في تزلزل واضطراب لأنها وقعت النفرة والتنفير في قلوب الرعية بسبب طمع الملك وظلمه على الرعية وحينئذ تقع الفتن المختلفة في الولاية ولا يدفع ذلك الفتن الخزائن العظمى، أما إذا كانت المملكة على قراره والملك يقعد محله بالعدل والإنصاف ويجري أحكام الشريعة والسياسة على الرعية يكون جمعي ما في الدنيا خزائن ذلك الملك وجميع الناس والملائكة أجناده وأعوانه[58].

*أمة الإسلام أمة العدل :

قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﲅ البقرة: ١٤٣

والوسط هو العدل كما قال في آية أخرى:ﱡﭐ ﱿ ﲀ القلم: ٢٨ ،أي: أخيرهم وأعدلهم، والعرب تقول: فلان من أوسط قومه أي خيارهم وأعدلهم ومن قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هو أوسط قريش حسبا أي جعلناكم عدلا للخلائق، والمعنى: وكما هديتكم للإسلام ولقبلة الكعبة، فكذلك جعلناكم أمة عدلا لتكونوا شهداء على الناس[59].

   قال القرطبي: المعنى وكما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم والوسط العدل وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها، وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﲅ البقرة: ١٤٣ ، قال: عدلا ثم قال: هذا حديث حسن صحيح[60].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الحاديةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان : *العدل بين النساء:

 قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ  ﱦ ﱧ النساء: ١٢٩، أي: لن تقدروا أن تسووا بين النساء في الحب وميل القلب [ ولو حرصتم ] على العدل [ فلا تميلوا ] أي إلى التي تحبونها [ كل الميل ] في القسم والنفقة،أي لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم [ فتذروها كالمعلقة ] أي فتدعوا الأخرى كالمعلقة لا أيما ولا ذات بعل.

   وقال قتادة: كالمحبوسة وفي قراءة أبيّ بن كعب [ كأنها محبوسة ]، وروي عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ).

ورواه بعضهم عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها متصلا.

   وروي عن أبي هريرة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ) [ وإن تصلحوا وتتقوا ] الجور [ فإن الله كان غفورا رحيما ][61].

   وقال السعدي: يخبر تعالى أن الأزواج لا يستطيعون وليس في قدرتهم العدل التام بين النساء وذلك لأن العدل يستلزم وجود المحبة على السواء والداعي على السواء والميل في القلب إليهن على السواء ثم العمل بمقتضى ذلك وهذا متعذر غير ممكن فلذلك عفا الله عمالا يستطاع ونهى عما هو ممكن بقوله:ﱡﭐﱫ ﱬ ﱭ ﱮ  ﱯ ﱰﱱ ﱲ ﱳ النساء: ١٢٩

أي لا تميلوا ميلا كثيرا بحيث لا تؤدون حقوقهن الواجبة بل افعلوا ما هو باستطاعتكم في العدل والنفقة والكسوة والقسم ونحوها، عليكم أن تعدلوا بينهن فيها بخلاف الحب والوطء ونحو ذلك فإن الزوجة إذا ترك زوجها ما يجب لها صارت كالمعلقة التي لا زوج لها

فتستريح وتستعد للتزوج ولا ذات زوج يقوم بحقوقها[62].

   وقوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ  ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ  ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ النساء: ٣

أجمع المسلمون على أن من لم يخف القسط في اليتامى له أن ينكح أكثر من واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا، كمن خاف فدل على أن الآية نزلت جوابا لمن خاف ذلك وأن حكمها أعم من ذلك، والذي يظهر في الآية على ما فسرتها به عائشة وارتضاه القرطبي وغير واحد من المحققين ودل عليه القرآن أن لها مفهوما معتبر لأن معناها، وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتيمات فانكحوا ما طاب لكم من سواهن ومفهومه أنهم إن لم يخافوا عدم القسط  لم يؤمروا بمجاوزتهن إلى غيرهن بل يجوز لهم حينئذ الاقتصار عليهن وهو واضح كما ترى إلا أنه تعالى لما أمر بمجاوزتهن إلى غيرهن عند خوفهم أن لا يقسطوا فيهن أشار إلى القدر الجائز من تعدد الزوجات.

   وقال بعض العلماء معنى الآية ﱡﭐ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ النساء: ٣

أي إن خشيتم ذلك فتحرجتم من ظلم اليتامى فاخشوا أيضا وتحرجوا من ظلم النساء بعد العدل بينهن وعدم القيام بحقوقهن فقللوا عدد المنكوحات ولا تزيدوا على أربع وإن خفتم عدم إمكان ذلك مع التعدد فاقتصروا على الواحدة لأن المرأة شبيهة باليتيم لضعف كل واحد منهما وعدم قدرته على المدافعة عن حقه فكما خشيتم من ظلمه فاخشوا من ظلمها[63].

   وأخرج البخاري بسنده من حديث عائشة رضي الله عنها أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كنّ حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسَودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخّرها حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة فلكلّم حزب أم سلمة فقلن لها كلّمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلِّم الناس فيقول من أراد أن يهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فليهدها إليه حيث كان بيوت نسائه فكلّمته أم سلمة بما قلن لها فلم يقل لها شيئا فسألنها فقالت ما قال بي شيئا فقلن لها فكلّميه قالت فكلّمته حين دار إليها أيضا فلم يقل لها شيئا فسألنها فقالت ما قال لي شيئا فقلن لها كلّميه حتى يكلّمك فدار إليها فكلّمته فقال لها لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة قالت فقالت أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله ثم إنهن دَعَونَ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول إن نسائك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر فكلّمته فقال يا بنيّة ألا تحبين ما أحب قال بلى فرجعت إليهن فأخبرتهن فقلن ارجعي إليه فأبت أن ترجع فأرسلن زينب بنت جحش فأتته فأغلظت وقالت إن نساءك ينشدنك الله تعالى العدل في بنت  بن أبي قحافة فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبّتها حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تكلّم قال فتكلّمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها قالت فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة وقال إنها بنت أبي بكر[64].

وقال ابن حجر: ﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ  ﱦ ﱧ النساء: ١٢٩

أشار بذكر الآية إلى أن المنتهى فيها العدل بينهم من كل جهة وبالحديث إلى أن المراد بالعدل التسوية بينهن بما يليق بكل منهن فإذا وفى لكل واحدة منهن كسوتها وفقتها والإيواء إليها لم يضره ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة وقد روى الأربعة وصححه بن حبان والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك قال الترمذي يعني به الحب والمودة كذلك فسره أهل العلم قال الترمذي وراه غير واحد عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلا وهو أصح من رواية حماد بن سلمة وقد أخرج البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله[ ولن تستطيعوا ] الآية قال في الحب والجماع وعن عبيدة بن عمرو السلماني مثله[65].

   وقال الشوكاني: عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد رواه الجماعة إلا البخاري ولأحمد والنسائي في ليلة بغُسل واحد رواه الجماعة الحديث أخرجه البخاري أيضا من حديث قتادة عن أنس بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهنّ إحدى عشرة قال: قلت لأنس بن مالك أو كان يُطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أُعطِيَ قوة ثلاثين ولم يذكر فيه الغُسل.

   قال بن عبد البر: ومعنى الحديث: أنه فعل ذلك عند قدومه من سفر سافره ونحوه في وقت ليس لواحدة منهن يوم معيّن معلوم فجمعهنّ يومئذ ثم دار بالقسم عليهنّ بعد؛ لأنهن كنّ حرائر وسنّته صلى الله عليه وسلم فيهنّ العدل بالقسم بينهنّ وأن لا يمسّ الواحدة في يوم الأخرى[66].

   وقال ابن القيم: ومنع من تجاوز أربع زوجات لكونه ذريعة ظاهرة إلى الجور وعدم العدل بينهن وقصر الرجال على الأربع فسحة لهم في التخلص من الزنى وإن وقع منهم بعض الجور فاحتماله أقل مفسدة من مفسدة الزنى[67].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانيةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان : *العدل بين الأولاد :

   أخرج الهيثمي بسنده من حديث النعمان بن بشير قال إن والدي بشير بن سعد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن عمرة بنت رواحة نفست بغلام وإني سميته نعمان وإنها أبت أن تربيه حتى جعلت له حديقة لي هي أفضل مالي وأنها قال: أشهد النبي صلى الله عليه وسلم: ( هل لك ولد غيره؟ ) قال: نعم قال:  ( لا تشهدي إلا على عدل فإني لا أشهد على جور )[68].

   وأخرجه – مختصرا – ابن أبي الدنيا بسنده من حديث النعمان بن بشير قال: نحلني أبي نحلا  فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أشهده، فقال: ( لا أشهد ، إني لا أشهد إلا

على حق ) حديث حسن وله شواهد في الصحيح[69].

   وقال ابن القيم: ومن حقوق الأولاد العدل بينهم في العطاء والمنع ففي السنن ومسند أحمد وصحيح ابن حبان من حديث النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم ).

   وفي صحيح مسلم أن امرأة بشير قالت له: انحل ابني غلاما وأشهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي قال: ( له إخوة؟ ) قال: نعم ، قال: ( أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ ) قال: لا ، قال: ( فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق ) ورواه الإمام أحمد وقال فيه: ( لا تشهدني على جور إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم ).

   وفي الصحيحين عن  النعمان بن بشير أن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكُلَ ولدك نحلت مثل هذا؟ ) فقال: لا ، فقال: ( أرجعه ) وفي رواية لمسلم فقال: ( أفعلت هذا بولدك كلهم؟ ) قال: لا ، قال: ( اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) فرجع أبي في تلك الصدقة.

 

   وفي الصحيح ( أشهد على هذا غيري ) وهذا أمر

تهديد لا إباحة فإن تلك العطية كانت جورا بنص الحديث ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأذن لأحد أن يشهد على صحة الجور ومن ذا الذي كان يشهد على تلك العطية وقد أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشهد عليها وأخبر أنها لا تصلح وأنها جور وأنها خلاف العدل.

   ومن العجب أن يحمل قوله ( اعدلوا بين أولادكم ) على غير الوجوب وهو أمر مطلق مؤكد ثلاث مرات، وقد أخبر الآمر به أن خلافه وأنه لا يصلح وأنه ليس بحق وما بعد الحق إلا الباطل هذا والعدل واجب في كل حال فلو كان الأمر به مطلقا لوجب حمله على الوجوب فكيف وقد اقترن به عشرة أشياء تؤكد وجوبه فتأملها في ألفاظ القصة.

   وقد ذكر البيهقي بسنده من حديث أنس أن رجلا كان جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فجاء بني له فقبله وأجلسه في حجره ثم جاءت بنية فأخذها فأجلسها إلى جنبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فما عدلت بينهما ) وكان السلف يستحبون

أن يعدلوا بين الأولاد في القبلة.

   وقال بعض أهل العلم: إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده فإنه كما أن للأب على ابنه حقا فللإبن على أبيه حق كما قال تعالى:ﱡﭐﱎ ﱏ  ﱐ ﱑﱒ العنكبوت: ٨

وقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲭ ﲮ ﲯ  ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ التحريم: ٦

   وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اعدلوا بين أولادكم ) فوصية الله للآباء بأولادهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم قال الله تعالى:ﱡﭐﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮﱯ الإسراء: ٣١

   فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم  صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا[70].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*القيام بالعدل لليتامى :

   قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ  ﳀﳁ النساء: ١٢٧

القسط العدل ولم يبين هنا هذا القسط الذي أمر به لليتامى ولكنه أشار له في مواضع أخر كقوله: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ الأنعام: ١٥٢

وقوله: ﭐﱡﭐ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ  ﱌﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ  ﱖﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ  البقرة: ٢٢٠

وقوله: ﭐﱡﭐ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ  الضحى: ٩

وقوله: ﱡﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ 

البقرة: ١٧٧ ،

ونحو ذلك من الآيات فكل ذلك فيه القيام بالقسط لليتامى[71].

*العدل في الشهادة حتى مع الأعداء:

   ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ ﱑ ﱒ ﱓ  ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ النساء: ١٣٥

   قال القرطبي: قوامين بناء مبالغة أي ليتكرر منكم القيام بالقسط وهو العدل في شهادتكم على أنفسكم وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها ثم ذكر الوالدين لوجوب برهما وعظم قدرهما ثم ثنى بالأقربين إذ هم مظنة المودة والتعصب فكان الأجنبي من الناس أحرى أن يقام عليه بالقسط ويشهد عليه فجاء الكلام في السورة في حفظ حقوق الخلق في الأموال[72].

   ثم قال: والمعنى أتممت عليكم نعمتي فكونوا قوامين لله أي لأجل ثواب الله فقوموا بحقه واشهدوا بالحق من غير ميل إلى أقاربكم وحيف على أعدائكم ولا يجرمنكم شنآن قوم على ترك العدل وإيثار العدوان على الحق وفي هذا دليل على نفوذ حكم العدو على عدوه في الله تعالى ونفوذ شهادته عليه لأنه أمر بالعدل وإن أبغضه ولو كان حكمه عليه وشهادته لا تجوز فيه مع البغض له لما كان لأمره بالعدل فيه وجه ودلت الآية أيضا على أن كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه وأن يقتصر بهم على المستحق من القتال والاسترقاق وأن المثلة بهم غير جائزة وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا وغمونا بذلك فليس لنا أن نقتلهم بمثلة قصدا لإيصال الغم والحزن إليهم[73].

 وقوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ  ﲞ ﲟﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ  ﲦ ﲧﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﲭ ﲮ ﲯﲰ ﲱ  ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ المائدة: ٨

أي كونوا له قائمين بالعدل قوالين بالصدق أمرهم بالعدل والصدق في أعمالهم وأقوالهم [ ولا يجرمنكم ] ولا يحملنكم [ شنآن قوم ] بغض قوم [ على أن لا تعدلوا ] أي على ترك العدل فيهم لعداوتهم[74].

 

*القصاص في القتلى كله عدل :

   ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ 

ﱾ ﱿ ﲀﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ  ﲇﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ  ﲒ ﲓﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙﲚ ﲛ ﲜ  ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ البقرة: ١٧٨

   يمتن تعالى على عباده المؤمنين بأنه فرض عليهم [ القصاص في القتلى ] أي المساواة فيه وأن يقتل القاتل على الصفة التي قتل عليها المقتول إقامة للعدل والقسط بين العباد.

   وتوجيه الخطاب لعموم المؤمنين فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم حتى أولياء القاتل حتى القاتل بنفسه إعانة ولي المقتول إذا طلب القصاص وتمكينه من القاتل أنه لا يجوز لهم أن يحولوا بين هذا الحد ويمنعوا الولي من الاقتصاص كما عليه عادة الجاهلية ومن أشبههم من أيواء المحدثين.

   ثم بين تفصيل ذلك فقال[الحر بالحر]يدخل بمنطوقها الذكر بالذكر والذكر بالأنثى فيكون منطوقها مقدما على مفهوم قوله الأنثى بالأنثى مع دلالة السنة على أن الذكر يُقتل بالأنثى وخرج من عموم هذا الأبوان وإن علوا فلا يقتلان بالولد لورود السنة بذلك مع أن في قوله [ القصاص ] ما يدل على أنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده ولأن ما في قلب الوالد من الشفقة والرحمة ما يمنعه من القتل لولده إلا بسبب اختلال في

عقله أو أذية شديدة جدا من الولد له.

   وخرج من العموم أيضا الكافر بالسنة مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة.

   وأيضا فليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه، والعبد بالعبد ذكرا كان أو أنثى تساوت قيمهما أو اختلفت ودل بمفهومها على أن الحر لا يقتل بالعبد لكونه غير مساو له[75].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*الكلمة السواء هي العدل :

   ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ  ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳ ﱴ ﱵ

ﱶ ﱷ ﱸ  ﱹ ﱺ آل عمران: ٦٤

أي قل لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، [ تعالوا إلى كلمة سواء ... ] أي هلموا نجتمع عليها وهي الكلمة التي اتفق عليها الأنبياء والمرسلون ولم يخالفها إلا المعاندون والضالون ليست مختصة بأحدنا دون الآخر بل مشتركة بيننا وبينكم وهذا من العدل في المقال والإنصاف في الجدال ثم فسرها بقوله ﭐﱡﭐ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ آل عمران: ٦٤   فنفرد الله بالعبادة ونخصه بالحب والخوف والرجاء ولا نشرك به نبيا ولا ملكا ولا وليا ولا صنما ولا وثنا ولا حيوانا ولا جمادا، ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ  ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳ آل عمران: ٦٤ بل تكون الطاعة كلها لله ولرسله فلا نطيع المخلوقين في معصية الخالق؛ لأن ذلك جعل المخلوقين في منزلة الربوبية فإذا دعي أهل الكتاب أو غيرهم إلى ذلك فإن أجابوا كانوا مثلكم لهم ما لكم وعليهم ما عليكم وإن تولوا فهم معاندون متبعون أهواءهم فاشهدوهم أنكم مسلمون ولعل الفائدة في ذلك أنكم إذا قلتم لهم ذلك وأنتم أهل العلم على الحقيقة كان ذلك زيادة على إقامة الحجة عليهم كما استشهد تعالى بأهل العلم حجة على المعاندين وأيضا فإنكم إذا أسلمتم أنتم وآمنتم فلا يعبأ الله بعد إسلام غيركم لعدم زكائهم ولخبث طويتهم ...[76]

   وأخرج ابن خزيمة بسنده من حديث كدير الضبي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة؟ قال: ( تقول العدل وتعطي الفضل )[77].

 وقوله ﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞﱟ الأنعام: ١٥٢

 كقوله: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ النساء: ١٣٥

يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد في كل وقت وفي كل حال.

 قال قتادة: السواء: العدل قاله الفراء، ويقال في معنى العدل سوى وسوى قال: وفي قراءة عبد الله [ إلى كلمة عدل بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ] على البدل من

[ كلمة ] وإن شئت كان التقديرهي أن لا نعبد إلا الله[78].

 

*الصلح بين الطائفتين بالعدل :

   قوله تعالى: ﭐﱡﭐ ﲟ ﲠ  ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ  الحجرات: ٩

   ومن العدل في صلحهم ألا يطالبوا بما جرى بينهم من دم ولا مال فإنه تلف على تأويل وفي طلبهم تنفير لهم عن الصلح واستشراء في البغي وهذا أصل في المصلحة وقد قال لسان الأمة إن حكمة الله تعالى في حرب الصحابة التعريف منهم لأحكام قتال أهل التأويل إذا كان أحكام قتال أهل الشرك قد عرفت على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله[79].

   وقال الرازي: [ بالعدل ] فكأنه قال: واحكموا بينهما بعد تركهما القتال بالحق وأصلحوا بالعدل مما يكون بينهما لئلا يؤدي إلى ثوران الفتنة بينهما مرة أخرى، وقوله [ وأقسطوا ] أي في أمر مفض إلى أشرف درجة وأرفع منزلة وهي محبة الله[80].

*فضل العدل :

   ذكر الإمام أحمد في مسنده في ضمن حديث قال: وجدت في خزائن بعض بني أمية حنطة الحبة بقدر نواة التمرة وهي في صرة مكتوب عليها كان هذا ينبت في زمن من العدل وكثير من هذه الآفات أحدثها الله سبحانه وتعالى بما أحدث العباد من الذنوب[81].

   وقال ابن حجر في شرحه لحديث إفاضة المال: قوله ( ويفيض المال ) أي: يكثر وفي رواية عطاء بن ميناء المذكورة ( وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد ) وسبب كثرته نزول البركات وتوالي الخيرات بسبب العدل وعدم الظلم وحينئذ تخرج الأرض كنوزها وتقل الرغبات في اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة[82].

   والله تعالى أمر بالعدل ثم علم سبحانه وتعالى أنه ليس كل النفوس تصلح على العدل بل تطلب الإحسان وهو فوق العدل فقال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ  ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ النحل: ٩٠  فلو وسع الخلائق العدل ما قرن الله به الاحسان.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*فضل العدل ::

   والعدل ميزان الله تعالى في الأرض الذي يؤخذ به للضعيف من القوي والمحق من المبطل واعلم أن عدل الملك يوجب محبته وجوره يوجب الافتراق عنه وأفضل الأزمنة ثوابا أيام العدل.

   وروينا من طريق أبي نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لعمل الإمام العادل في رعيته يوما واحدا أفضل من عمل العابد في أهله مائة عام أو خمسين عاما ).

   وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة ).

   وروينا في سنن أبي داوود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:      ( ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ).

   وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لكعب الاحبار أخبرني عن جنة عدن؟ قال يا أمير المؤمنين: "لا يسكنها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عادل" فقال عمر: والله ما أنا نبي وقد صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الإمام العادل فإني أرجو أن لا أجور وأما الشهادة فأنى لي بها؟

   قال الحسن: فجعله الله صديقا شهيدا حكما عدلا.

 وسأل الاسكندر حكماء أهل بابل: إيما أبلغ عندكم

الشجاعة أو العدل قالوا إذا استعملنا العدل استغنينا به عن الشجاعة.

 ويقال عدل السلطان أنفع من خصب الزمان

 وقيل إذا رغب السلطان عن العدل رغبت الرعية عن طاعته.

   وكتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يشكو إليه من خراب مدينته ويسأله مالا يرمها به فكتب إليه عمر: قد فهمت كتابك فإذا قرأت كتابي فحصن مدينتك بالعدل ونق طرقها من الظلم فإنه مرمتها والسلام.

   ويقال: إن الحاصل من خراج سواد العراق في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مائة ألف ألف وسبعة وثلاثين ألف ألف فلم يزل يتناقص حتى صار في زمن الحجاج ثمانية عشر ألف ألف، فما ولي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ارتفع في السنة الأولى إلى ثلاثين ألف ألف وفي الثانية إلى ستين ألف ألف وقيل أكثر، وقال: إن عشت لأبلغنه إلى ما كان في أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمات في تلك السنة.

ومن كلام كسرى لا ملك إلا بالجند ولا جند إلا بالمال ولا مال إلا بالبلاد ولا بلاد إلا بالرعايا ولا رعايا إلا بالعدل.

   ولما مات سلمة بن سعيد كان عليه ديون للناس

ولأمير المؤمنين المنصور فكتب المنصور لعامله

استوف لأمير المؤمنين حقه وفرق ما بقي بين الغرماء فلم يلتفت إلى كتابه وضرب للمنصور بسهم من المال كما ضرب لأحد الغرماء ثم كتب للمنصور إني رأيت أمير المؤمنين كأحد الغرماء فكتب إليه المنصور ملئت الأرض بك عدلا.

   وكان أحمد بن طولون والي مصر متحليا بالعدل مع تجبره وسفكه للدماء وكان يجلس للمظالم وينصف المظلوم من الظالم.

   حكى أن ولده العباس استدعى بمغنية وهو يصطبح يوما فلقيها بعض صالحي مصر ومعها غلام يحمل عودها فكسره فدخل العباس إليه وأخبره بذلك فأمر بإحضار ذلك الرجل الصالح فلما أحضر إليه قال أنت الذي كسرت العود قال نعم قال أعلمت لمن هو؟ قال نعم هو لابنك العباس قال أفما أكرمته لي قال أكرمه لك بمعصية الله عز وجل والله تعالى يقول والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهونه عن المنكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فأطرق أحمد بن طولون

عند ذلك ثم قال كل منكر رأيته فغيره وأنا من ورائك.

   والعدل ميزان الله في أرضه وضعه للخلق ونصبه للحق فمن خالفه في ميزانه وعارضه في سلطانه فقد عرض دينه للخبال ودولته للزوال وعزه للذل وكثرته للقل.

   وقيل كل دولة بني أساسها على العدل أمنت الإنعدام وسلمت والإنهدام.

   وفي الزبور: العدل ميزان الباري فلذلك هو مبرأ من كل زلل وميل.

   وقال صلى الله عليه وسلم: ( عدل ساعة في حكومة خير من عبادة ستين سنة )

   وقال بعض الحكماء عدل السلطان خير من خصب الزمان.

  قال أردشير: الملك لا يصلح إلا بأعداد ولا تعد الأجناد إلا بإدرار الأرزاق ولا تدر الأرزاق بكثرة الأموال إلا بعمارة البلاد ولا تعمر البلاد إلا بالأمن والعدل في العباد.

   وقال جعفر بن يحيى بن خالد الخراج عماد الملك فما استغفر بمثل العدل وما استئزر بمثل الجور.

   وقال أنو شروان إن الملك إذا كثرت أمواله مما يأخذ من رعيته كان كمن يعمر سطح بيته بما يقتلع من قواعد بنيانه.

   وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج في أمر أهل

السواد ابق لهم لحوما يعقدوا بها شحوما.

وقال بعض الحكماء لا يكون العمران حيث يجور السلطان

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*فضل العدل ::

وقيل العدل أقوى جيش والأمن أهنئ عيش وقال بعضهم الدول إذا افتتحت بالعدل امتدت آمادها وثبت أعمادها.

   ومن كتاب المبهج إذا ملك العادل زال الروع وأفرخ وإذا ملك الظالم عشش الشر وفرخ وقال إذا نطق العدل في دار الإمارة فلها البشرى بالعز والعمارة.

   وقال عدل السلطان لدينه أحوط ولدنياه أضبط ولأوليائه أثبت ولأعدائه أكبت.

   وقيل إذا عقد السلطان بالعدل عقيدته وطوى على الإحسان طويته فليبشر بالنجم الأسعد والجد الأصعد.

   وقال ما أحرى الملك العادل بالارتفاع إلى نفاع الملك والصعود إلى سعود الفلك.

   قال من عدل نفذ حكمه وقرطس في المطالب سهمه ومن ظلم تعجل زوال النعم وحلول النقم.

وقيل من عدل حصن ملكه ومن ظلم فقد استعجل هلكه

   وقيل من عدل زاد قدره ومن ظلم نقص عمره

   وقيل من عدل في سلطانه استغنى عن أعوانه.

   وقيل أفضل الملوك من أحسن في فعله ونيته وعدل في جنده ورعيته وفي التوراة من يظلم يخرب بيته.

وفي الزبور إذا ظلمت من دونك فلا تأمن من فوقك.

وفي الحديث دار الظالم خراب ولو ببعد حين

وقال معاوية أنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه

 وفي بعض الأحاديث اتقوا ظلم من لا ناصر له إلا الله

   وقيل ألْأَم الظلم : ظلم الضعيف

   وقيل الظلم : مسلبة للنعم مجلبة للنقم

   وقيل أقرب الأشياء صرعة الظلوم وأنفذ السهام دعوة المظلوم، قال: ( اتقوا دعوة المظلوم فإنها ترفع على الغمام ) ويقول الله عز وجل: [ وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ]

 وقال عليه الصلاة والسلام: ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده )

   وقال عمر رضي الله عنه لمولى له وقد استعمله على الحمى اتق دعوة المظلوم فإنها مجابة.

   وقال بعض الحكماء من ساءت سيرته سرت منيته ومن قبح ملكه حسن هلكه ومن كال تعديه كثر أعاديه ومن طالت عداوته زال سلطانه من طال اعتداؤه قرب فناؤه من تغذى بسوء السيرة تعشى بزوال القدرة

   وفي بعض الآثار الملك يبقى على الكفر ولا يبقى على الظلم

   وقال بعض البلغاء من ظلم أولاده ومن أفسد أمره أفسد معاده

   ومن كتاب ( المبهج ) أخلق بالملك الظلوم أن يصير عظة للرائين وعبرة للراوين بشر الملك الغشوم بالمحن من وجوه المنح والنوائب من مواضع المواهب والفتوق من جهة الفتوح

إذا كان الملك جائرا فسلام على سلامة الرعية

أخلق بالظالم أن ينهار في جرف هار

ومن نتائج الظلم قصر المدة وانقطاع المدد وانفصال العدد ظل المال المستثمر من ظلم الرجال كسحاب تمزقه أيدي الجنوب والشمال وذات الشمال

   قيل للظالم قليل المعونة قبيح الذكر والأحدوثة الظلم لا يقال صريعه ولا يساغ ضريعه ما أبين سوء الشؤم في وجه الغشوم

   قال ابن المعتز: الظالم يعيد الوثبة قريب الصرعة قيل من لم يعدل عدل الله فيه ومن حكم لنفسه حكم الله عليه

   وقال اذكر عند الظلم عدل الله فيك وعند القدرة قدرة الله عليك، وقال الظلم من اللؤم والإنصاف من السخاء

وقال: آخر الظلم أسرع إلى تبديل نعمة وتعجيل نقمة

   وقيل: الظلم طريق إلى سخط الله تعالى

   وقيل يحيى بن خالد البرمكي:

بئس الزاد إلى المعاد ظلم **أما والله إن الظلم لؤم

وما زال المسيء هوالظلوم إلى ديان يوم الدين نمضي

وعند الله تجتمع الخصوم

   وقال آخر:

وما من يد إلا يد الله فوقها   وما ظالم إلا سيبلى بظالم

   وقال آخر:

إذا جارالأميروكاتباه وقاضي الأرض أسرف في القضاء

فويل للأمير وكاتبيه وقاضي الأرض من قاضي السماء[83]

   ووقف يهودي لعبد الملك بن مروان فقال يا أمير المؤمنين إن بعض خاصتك ظلمني فانصفني منه وأذقني حلاوة العدل فاعرض عنه فوقف له ثانيا فلم يلتفت إليه فوقف له مرة ثالثة وقال يا أمير المؤمنين إنا نجد في التوراة المنزلة على كليم الله موسى صلوات الله وسلامه عليه إن الإمام لا يكون شريكا في ظلم أحد حتى يرفع إليه فإذا رفع إليه ذلك ولم يزله فقد شاركه في الظلم والجور فلما سمع عبد الله كلامه فزع وبعث في الحال إلى من ظلمه فعزله وأخذ لليهودي حقه منه.

   وروى أن رجلا من العقلاء غصبه بعض الولاة ضيعة له فأتى إلى المنصور فقال له أصلحك الله يا أمير المؤمنين أأذكر لك حاجتي أم أضرب لك قبلها مثلا فقال بل اضرب المثل فقال إن الطفل الصغير إذا نابه أمر يكرهه فإنما يفزع إلى أمة إذا لا يعرف غيرها وظنا منه أن لا ناصر له غيرها فإذا ترعرع واشتد كان فرارة إلى أبيه فإذا بلغ وصار رجلا وحدث به أمر شكاه إلى الوالي لعلمه أنه أقوى من أبيه فإذا زاد عقله شكاه إلى السلطان لعلمه أنه أقوى ممن سواه فإن لم ينصفه السلطان شكاه إلى الله تعالى لعلمه أنه أقوى من السلطان وقد نزلت بي نازلة وليس أحد فوقك أقوى منك إلا الله تعالى فإن أنصفتني وإلا رفعت أمري إلى الله تعالى في الموسم فإني متوجه إلى بيته وحرمه فقال المنصور بلك ننصفك وأمر أن يكتب إلى واليه برد ضيعته إليه.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :*فضل العدل

   وكان الاسكندر يقول يا عباد الله إنما إلهكم الله الذي في السماء الذي نصر نوحا بعد حين، الذي يسقيكم الغيث عند الحاجة وإليه مفزعكم عند الكرب والله لا يبلغني أ، الله تعالى أحب شيئا إلا أحببته واستعملته إلى يوم أجلي ولا أبغض شيئا إلا أبغضته وهجرته إلى يوم أجلي وقد أنبئت أن الله تعالى يحب العدل في عباده ويبغض الجور من بعضهم على بعض فويل للظالم من سيفي وسوطي ومن ظهر منه العدل من عمالي فليتكئ في مجلسي كيف شاء وليتمنّ على ما شاء فلن تخطئه أمنيته والله تعالى المجازي كلا بعمله ويقال إذا لم يعمر الملك ملكه بالإنصاف خرب ملكه بالعصيان.

   وقيل مات بعض الأكاسرة فوجدوا له سفطا ففتح فوجد فيه حبة رمان كأكبر ما يكون من النوى معها رقعة مكتوب فيها هذه من حب رمان عمل في إخراجه بالعدل.

 وقيل تظلم أهل الكوفة من واليهم فشكوه إلى المأمون فقال ما علمت في عمالي أعدل ولا أقوم بأمر الرعية وأعود بالرفق عليهم منه فقال رجل منهم يا أمير المؤمنين ما أحد أولى بالعدل والإنصاف منك فإن كان بهذه الصفة فعلى أمير المؤمنين أن يوليه بلدا بلدا حتى يلحق كل بلد من عدله مثل الذي لحقنا ويأخذ بقسطه

   منه كما أخذنا وإذا فعل ذلك لم يصبنا منه أكثر من ثلاث سنين فضحك المأمون من قوله وعزله عنهم.

   وقدم المنصور البصرة قبل الخلافة فنزل بواصل بن عطاء وقال: بلغني أبيات عن سليم بن يزيد العدوي في العدل فقم بنا إليه فأشرف عليهم من غرفة فقال لواصل من هذا الذي معك؟ قال: عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم فقال: رحب على رحب وقرب على قرب فقال: إنه يحب أن يسمع أبياتك في العدل فقال: سمعا وطاعة وأنشد يقول:

حتى متى لا نرى عدلا نسر به **ولا نرى لولاة الحق أعوانا

مستمسكين بحق قائمين به **إذا تلون أهل الجور ألوانا

يا للرجال لداء لا دواء له  **وقائد ذي عمى يقتاد عميانا

   فقال المنصور: وددت لو أني رأيت يوم عدل ثم مت

   وقيل: لما ولي عمر بن عبد العزيز أخذ في رد المظالم فابتدأ بأهل بيته فاجتمعوا إلى عمة له كان يكرمها وسألوها أن تكلمه فقال لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلك طريقا فلما قبض سلك أصحابه ذلك الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضي الأمر إلى معاوية جره يمينا وشمالا وأيم الله لئن مد في عمري لأردنّه إلى ذلك الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالت لي: يا ابن أخي إني أخاف عليك منهم يوما عصيبا فقال كل يوم أخافه دون يوم القيامة فلا أمننيه الله وقال وهب بن منبه إذا هم الوالي بالجور أو عمل به أدخل الله النقص في أهل مملكته في الأسواق والزروع والضروع وكل شيء وإذا هم بالخير والعدل أو عمل به أدخل البركة في أهل مملكته كذلك قال الوليد بن هشام إن الرعية لتصلح بصلاح الوالي وتفسد بفساده.

   وحكى أبو بكر الطرطوشي رحمه الله في كتابه سراج الملوك قال حدثني بعض الشيوخ ممن كان يروي الأخبار بمصر قال: كان بصعيد مصر نخلة تحمل عشرة أرادب ولم يكن في ذلك الزمان نخلة تحمل نصف ذلك فغصبها السلطان فلم تحمل شيئا في ذلك العام ولا تمرة واحدة[84].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان:الفرق بين العدل والإحسان

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ النحل: ٩٠

   فالإحسان فوق العدل، وذلك أن العدل هو أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له.

   قال بن التين: العدل والإحسان في أمر واحد والعدل واجب والإحسان مندوب قلت: وهو مبني على تفسير العدل والإحسان وقد اختلف السلف في المراد بهما في الآية فقيل:

1- العدل لا إله إلا الله والإحسان الفرائض،

2- وقيل العدل لا إله إلا الله والإحسان الإخلاص

3- وقيل العدل خلع الأنداد والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه وهو بمعنى الذي قبله

4- العدل الفرائض والإحسان النافلة

5- العدل العبادة والإحسان الخشوع فيها

6- وقيل العدل الإنصاف والإحسان التفضل

7- وقيل العدل امتثال المأمورات والإحسان اجتناب المنهيات

8- وقيل العدل بذل الحق والإحسان ترك الظلم

9- وقيل العدل استواء السر والعلانية والإحسان فضل العلانية

10- وقيل العدل البذل والإحسان العفو

11- وقيل العدل في الأفعال والإحسان في الأقوال

وقيل غير ذلك وأقربها: الخامس والسادس

   وقال القاضي أبو بكر بن العربي: العدل بين العبد وربه بامتثال أوامره واجتناب مناهيه، وبين العبد وبين نفسه بمزيد الطاعات وتوقي الشبهات والشهوات، وبين العبد وبين غيره بالإنصاف انتهى ملخصا.

   وقال الراغب: العدل ضربان مطلق يقتضي العقل حسنه ولا يكون في شيء من الأزمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو أن تحسن لمن أحسن إليك وتكف الأذى عمن كف أذاه عنك وعدل يعرف بالشرع ويمكن أن يدخله النسخ ويوصف بالاعتداء مقابلة كالقصاص وأرش الجنايات وأخذ مال المرتد ولذا ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱷ ﱸ  ﱹ ﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ  ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ  ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ البقرة: ١٩٤ - ١٩٥

وهذا النحو هو المعنى بقوله تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ  ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ  ﱶ ﱷﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  النحل: ٩٠

فإن العدل هو المساواة في المكافأة في خير أو شر

والإحسان مقابلة الخير بأكثر منه والشر بالترك أو

بأقل منه[85].

   وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إمام عادل خير من مطر وابل، وأسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خير من فتنة تدوم[86].

*كلمة العدل في الرضا والغضب :

 قال المناوي: روى الحكيم أن المصطفى قال في

قوله تعالى: ﱡﭐ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀﳁ سبأ: ١٣

قال: ( من كان فيه ثلاث خصال فقد أوتى ما أوتى آل داوود:

 1 ) خشية الله في السر والعلانية

 2 ) والقصد في الغنى والفقر

 3 ) وكلمة العدل في الرضا والغضب ... الحديث رواه البزار عن حذيفة بن اليمان وإسناده حسن أو صحيح

*درجات الجنة تنال بالأعمال وهذا مقتضى العدل :

   قال علي القارئ: عن جابر قال: قال رسول الله: ( لا يدخل ) بضم أوله ( أحدا منكم عمله الجنة ) فاعله      ( ولا يجيره ) أي لا يخلصه ولا ينجيه ( من النار ولا أنا ) أي أياى ( إلا برحمة الله ) أي إلا عملا مقرونا برحمته؛ فالإستثناء متصل فدخول الجنة بمحض الرحمة، ودرجاتها على حسب أعمال أصحابها بمقتضى العدل" رواه مسلم[87].

*قتل الخنزير من العدل :

قال ابن حزم: " وأما الخنازير فروّينا من طريق البخاري بسنده من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ) فأخبر عليه السلام أن قتل الخنزير من العدل الثابت في ملّته التي يحييها عيسى أخوه عليهما السلام[88].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعةعشرة في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان: *كمال حد الأخلاق العدل:

    - للغضب حد وهو الشجاعة المحمودة والأنفة من الرذائل والنقائص وهذا كماله فإذا جاوز حده تعدى صاحبه وجار وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل.

   -وللحرص حد وهو الكفاية في أمور الدنيا وحصول البلاغ منها فمتى نقص من ذلك كان مهانة وإضاعة ومتى زاد عليه كان شرها ورغبة فيما لا تحمد الرغبة فيه. 

 -وللحسد حد وهو المنافسة في طلب الكمال والأنفة أن يتقدم عليه نظيرة فمتى تعدى ذلك صار بغيا وظلما يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه ومتى نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همة وصغر نفس قال النبي: ( لا حسن إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها الناس ) فهذا حسن منافسة يطالب الحاسد به نفسه أن يكون مثل المحسود لا حسد مهانة يتمنى به زوال النعمة عن المحسود.

-وللشهوة حد وهو راحة القلب والعقل من كد الطاعة واكتساب الفضائل والاستعانة بقضائها على ذلك فمتى زادت على ذلك صارت نهمة وشبقا والتحق صاحبها بدرجة الحيوانات ومتى نقصت عنه ولم يكن فراغا في طلب الكمال والفضل كانت ضعفا وعجزا ومهانة.

-وللراحة حد وهو اجمام النفس والقوى المدركة والفعالة للاستعداد للطاعة واكتساب الفضائل وتوفرها على ذلك بحيث لا يضعفها الكد والتعب ويضعف أثرها فمتى زاد على ذلك صار توانيا وكسلا وإضاعة وفات به أكثر مصالح العبد ومتى نقص عنه صار مضرا بالقوى موهنا لها  وربما انقطع به ( كالمنبت الذي لا أرضا قطع ولا ظهر أبقى ).

-وللجود له حد بين الطرفين فمتى جاوز حده صار

إسرافا وتبذيرا أو متى نقص عنه كان بخلا وتقتيرا.

 -وللشجاعة حد متى جاوزته صارت تهورا ومتى نقصت عنه صارت جبنا وخورا وحدها الأقدام في مواضع الأقدام والأحجام في مواضع الأحجام كما قال معاوية لعمرو بن العاص: " أعياني أن أعرف أشجاعا أنت أم جبانا تقدم حتى أقول من أشجع الناس وتجبن حتى أقول من أجبن الناس " فقال: شجاع إذا ما أمكنتني فرصة فإن لم تكن لي فرصة فجبان.

-والغيرة لها حد إذا جاوزته صارت تهمة وظنا سيئا بالبريء وإن قصرت عنه كانت تغافلا ومبادئ دياثة وللتواضع حد إذا جاوزه كان ذلا ومهانة ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر.

 -وللعز حد إذا جاوزه كان كبرا وخلقا مذموما وإن قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.

وضابط هذا كله [ العدل ] وهو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط وعليه بناء مصالح الدنيا والآخرة بل لا تقوم مصلحة البدن لا به فإنه متى خرج بعض أخلاطه عن العدل وجاوزه أو نقص عنه ذهب من صحته وقوته بحسب ذلك وكذلك الأفعال الطبيعية كالنوم والسهر والأكل والشرب والجماع والحركة والرياضة والخلوة والمخالطة وغير ذلك إذا كانت وسطا بين الطرفين المذمومين كان عدلا وإن انحرفت إلى أحدهما كانت نقصا وأثمرت نقصا فمن أشرف العلوم وأنفعها علم الحدود ولا سيما حدود المشروع المأمور والمنهي فأعلم الناس أعلمهم بتلك الحدود حتى لا يدخل فيها ما ليس منها ولا يخرج منها ما هو داخل فيها قال تعالى: ﱡﭐ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ  ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ التوبة: ٩٧

  فأعدل الناس من قام بحدود الأخلاق والأعمال والمشروعات معرفة وفعلا[89].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العشرون في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان: *هداية العبد وإسعاده فضل من الله ورحمة وإضلاله وإبعاده عدل منه وحكمة :

   قال ابن القيم: " إذا دخل مسيئهم النار بعدل الله فدخول محسنهم الجنة بفضله ورحمته أولى؛ فإن رحمته سبقت غضبه والفضل أغلب من العدل ولهذا لا يدخل النار إلا من عمل أعمال أهل النار، وأما الجنة فيدخلها من لم يعمل خيرا قط بل ينشئ لها أقواما يسكنهم إياها من غير عمل عملوه ويرفع فيها درجات العبد من غير سعي منه بل بما يصل إليه من دعاء المؤمنين وصلاتهم وصدقتهم وأعمال البر التي يهدونها إليه بخلاف أهل النار فإنه لا يعذب فيها بغير عمل أصلا وقد ثبت بنص القرآن.

   وإجماع الأمة أن مسيء الجن في النار بعدل الله وبما كانوا يكسبون فمحسنهم في الجنة بفضل الله بما كانوا يعملون[90].

    وقال الحكمي: فهدايته العبد وإسعاده فضل ورحمة وإضلاله وإبعاده عدل منه وحكمة وهو أعلم بمواقع فضله وعدله وهو الحكيم العليم الذي يضع الأشياء مواضعها وهو أعلم بمن هو محل الهداية فيهديه ومن هو محل الإضلال فيضله وهو أحكم الحاكمين وهو عليم بالمتقين وعليم بالظالمين وعليم بالمهتدين وهو أعلم بالشاكرين وأعلم بما في صدور العالمين وهو أعلم حيث يجعل رسالته وهو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى وله في ذلك الحكمة البالغة والحجة الدامغة[91].

 وقال تعالى في استغفار الملائكة للمؤمنين: ﭐﱡﭐ

ﱔﱕ ﱖ ﱗ ﱘ  ﱙ ﱚ ﱛﱜ غافر: ٩

ومن وقاه الله السيئات وأعاذه منها فقد وقاه عقوبتها من باب الاستلزام فإذا علم أن موجب السيئات هو الظلم والجهل وذلك من نفس العبد وهي أمور ذاتية لها وأن السيئات هي موجب العقوبة والعقوبة من الله عدل محض وإنما تكون شرا في حق العبد لما يلحقه من ألمها وذلك بما كسبت يداه جزاء وفاقا كما قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ  ﳑ ﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ الشورى: ٣٠

وقال تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ  ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ يونس: ٤٤

فأفعال الله عز وجل كلها خير بصدورها عن علمه وحكمته وعدله وغناه التي هي من صفات ذاته فإذا أراد بعبده الخير أعطاه من فضله علما وعدلا وحكمة، فيصدر منه الإحسان والطاعة والبر والخير وإذا أراد به شرا أمسكه عنه وخلاه ودواعي نفسه وطبعه وموجبها فصدر منه موجب الجهل والظلم من كل شر وقبيح وليس منعه لذلك ظلما منه سبحانه فإنه فضله يؤتيه من يشاء وليس من منع فضله ظالما ولا سيما إذا منعه عن ممحل لا يستحقه ولا يليق به وأيضا فإن هذا الفضل هو توفيقه وإرادته تعالى أن يلطف بعبده ويعينه ويوفقه ولا يخلي بينه وبين نفسه وهذا محض فعله وفضله وهو أعلم بمن يصلح لذلك ولهذا قال تعالى: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ  ﱉ ﱊ ﱋﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ الأنعام: [92]٥٣

   ومن نعمه على عبده المؤمن ما ييسره له من الإيمان والحسنات فإنها من فضله وإحسانه ورحمته وحكمته وسيئات العبد من عدله وحكمته إذ كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل وهو لا يسأل عما يفعل لكمال حكمته ورحمته وعدله لا لمجرد قهره وقدرته[93].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :

*العدل أساس لسائر الأساسات :

   يجب على الإمام نشر دعوة الحق وإقامة ميزان العدل وحماية الدين من الاعتداء والبدع والمشاورة في كل ما ليس فيه نص وهو مسؤول عن عمله يراجعه كل أحد من الأمة فيما يراه أخطأ فيه يحاسبه عليه أهل الحل والعقد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ... فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ... ) رواه الشيخان من حديث لابن عمر وغيرهما[94].

   واتفق حكماء العرب والعجم على هذه الكلمات فقالوا: الملك بناء والجند أساسه فإذا قوي الاساس دام البناء وإذا ضعف الاساس انهار البناء فلا سلطان إلا بالجند ولا جند إلا بمال ولا مال إلا بجباية ولا جباية إلا بعمارة ولا عمارة إلا بعدل فصار العدل أساسا لسائر الأساسات[95].

*كيف يتحقق العدل :

   من أراد من ودلاة الأمور العدل الذي أمر الله به

والتوصل إليه فليسلك الطرق التي تحفظ عليه ملكه في الدنيا ويكون سببا إلى الملك الحق في الدار الأخرى.

   وجملة القول فيه أن يجمع السلطان إلي نفسه حملة العلم الذين هم حفاظه ورعاته وفقهاؤه فهم الأدلاء على الله والقائمون بأمر الله والحافظون لحدود الله والناصحون لعباد الله.

   وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم )، فيتخذ العلماء شعارا والصالحين دثارا فتدور المملكة على نصائح العلماء ودعوات الصلحاء فيا سعد ملك يدور بين هاتين الخصلتين لقدم قام عوده وأورق عموده وكيف لا وقد قرنهم الله حين الشهادة بالوحدانية بالملائكة المقربين فقال تعالى: ﭐﱡﭐ    ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ آل عمران: ١٨

فبدأ سبحانه بنفسه ثم ثنى بملائكته ثم ثلث بالعلماء الذين هم ورثة الأنبياء ففي تعظيمهم وتوقيرهم وتقريبهم امتثال لأمر الله وتعظيم لمن أثنى الله تعالى عليه واستمالة لقلوب الرعية فلا يقطع أمرا دونهم ولا يفصل أمرا ولا حكما إلا بمشاورتهم لأنه في ملك الله يحكم وفي رعيته يتصرف وفي شريعته يقطع ينزل نفسه مع الله تعالى منزلة ولاته معه.

   وأقل الواجبات على السلطان أن ينزل نفسه مع الله

تعالى منزلة ولاته معه أليس إذا خالف واليه أمره وما

رسم به له من الأحكام عزله وعاقبه ولم يأمن سطوته وإذا امتثل أوامره وانتهى عن مناهيه حل عنده محل الرضا فواعجبا ممن يغضب على واليه إذا خالفه ثم لا يخاف سطوة ربه عليه إذا خالفه[96].

   قال الطحاوي: ونحب أهل العدل والأمانة ونبغض أهل الجور والخيانة[97].

*نَسَبَ إبليس إلى الله الجور وعدم العدل فَكَفَرَ :

   إبليس كفر بنسبة الله تعالى إلى الجور وأنه أمر بالسجود لمن هو أولى أن يسجد له وأن ذلك ليس عدلا لقوله: ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ  ﱐ ﱑ ﱒ الأعراف: ١٢

فهذا منه إشارة إلى التجوير والتسفيه ومن نسب الله تعالى إلى ذلك فلا شك في كفره فهذه الجراءة على الله تعالى هي سبب كفره ولا يقال إنما كفر بسبب الكبر على آدم لقوله: [ أنا خير منه ] فإنه كان يلزم منه أن كل متكبر كافر وليس الأمر كذلك نعم أن من تكبر على الله تعالى وعن أن يكون مطيعا له في أوامره فهو كافر[98].

*أدنى الشرك الحب على شيء من الجور والبغض على شيء من العدل :

   أخرج الحاكم بسنده من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور وتبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا الحب والبغض: ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ  ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ ﱪ ﱫ ﱬ  آل عمران: [99]٣١

   فهذا يدل على أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة عليه من الشرك الخفي ويدل على ذلك الآية المتقدمة، فجعل الله علامة الصدق في محبته واتباع رسوله فدل على أن المحبة لا تتم بدون الطاعة والموافقة[100].

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم

 

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والعشرون في موضوع (العدل) والتي هي بعنوان :

*إذا لم يعدل الله ورسوله فمن يعدل؟ :

   أخرج البخاري ومسلم بسنديهما من حديث أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسا في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وأعطى عيينة مثل ذلك وأعطى أناسا من أشراف العرب فآثرهم يومئذ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها وما أريد بها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فأخبرته فقال: ( فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر )[101].

*عدل الصيام :

   أخرج البخاري بسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أُخبِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّي أقول " والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنت الذي تقول والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت؟ ) قلت: قد قلته ، قال: ( إنك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر وقم ونم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر ) فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك يا رسول الله قال: ( فصم يوما وأفطر يومين ) قال: قلت: إني أُطيقُ أفضل من ذلك، قال:( فصم يوما وأفطر يوما وذلك صيام داود وهو عدل الصيام ) قلت: إني أُطيقُ أفضل منه يا رسول الله، قال: ( لا أفضل من ذلك )[102]

*العدل يوم القيامة أن يوالي كل إنسان ما كان يعبد في الدنيا :

   أخرج الحاكم بسنده من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( يجمع الله الناس يوم القيامة فينادى مناد يا أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يوالي كل إنسان ما كان يعبد في الدنيا ويتولى أليس ذلك عدل من ربكم قالوا بلى قال فينطلق كل إنسان منكم إلى ما كان يتولى في الدنيا ويمثل لهم ما كانوا يعبدون في الدنيا ... ) الحديث[103].

*الله عدل في قضائه :

   أخرج الحاكم بسنده من حديث القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حُزن اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل فيّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي وإلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا ) قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات؟ قال: ( أجل ينبغي لمن سمعهنّ أن يتعلمهنّ )[104].

 قال ابن القيم:دلّ هذا الحديث الصحيح على أمور منها:

أنه استوعب أقسام المكروه الواردة على القلب؛ فالهم يكون على مكروه يتوقع في المستقبل يهتم به القلب، والحزن على مكروه ماض من فوات محبوب أو حصول مكروه إذا تذكره أحدث له حزنا، والغم يكون على مكروه حاصل في الحال يوجب لصاحبه الغم فهذه المكروهات هي من أعظم أمراض القلب وأدوائه، وقد تنوع الناس في طرق أدويتها والخلاص منها وتباينت طرقهم في ذلك تباينا لا يحصيه إلا الله، بل كل أحد يسعى في التخلص منها بما يظن أو يتوهم أنه يخلصه منها، وأكثر الطرق والأدوية التي يستعملها الناس في الخلاص منها لا يزيدها إلا شدة لمن يتداوى منها بالمعاصي على اختلافها من أكبر كبائرها إلى أصغرها وكمن يتداوى منها باللهو واللعب والغناء وسماع الأصوات المطربة وغير ذلك فأكثر سعي بني آدم أو كله إنما هو لدفع هذه الأمور والتخلص منها وكلهم قد أخطأ الطريق إلا من سعى في إزالتها بالدواء الذي وصفه الله لإزالتها وهو دواء مركب من مجموع أمور متى نقص منها جزء نقص من الشفاء بقدره وأعظم أجزاء هذا الدواء هو التوحيد والاستغفار قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ  ﳡ ﳢﳣ محمد: ١٩

وفي الحديث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك

أهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أنهم مهتدون )[105].

ولذلك كان الدعاء المفرج للكرب محض التوحيد

وهو ( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم )، وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( دعوة أخي ذي النون ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه [ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ] ).

   فالتوحيد يدخل العبد على الله، والاستغفار والتوبة يرفع المانع ويزيل الحجاب الذي يحجب القلب عن الوصول إليه؛ فإذا وصل القلب إليه زال عنه همه وغمه وحزنه، وإذا انقطع عنه حصرته الهموم والغموم والأحزان وأتته من كل طريق ودخلت عليه من كل باب، فلذلك صدر هذا الدعاء المذهب للهم والغم والحزن بالاعتراف له بالعبودية حقا منه ومن آياته، وثم أتبع ذلك باعترافه بأنه في قبضته وملكه وتحت تصرفه بكون ناصيته في يده يصرفه كيف يشاء كما يقاد من أمسك بناصيته شديد القوى لا يستطيع إلا القياد له، ثم اتبع ذلك بإقراره له بنفاذ حكمه فيه وجريانه عليه شاء أم أبى وإذا حكم فيه بحكم لم يستطع غيره برده أبدا وهذا اعتراف لربه بكمال القدرة عليه واعتراف من نفسه بغاية العجز الضعف فكأنه قال: أنا عبد ضعيف مسكين يحكم فيه قوي قاهر غالب وإذا حكم فيه بحكم مضى حكمه فيه ولا بد، ثم اتبع ذلك باعترافه بأن كل حكم وكل قضية ينفذها فيه هذا الحاكم فهي عدل محض منه لا جور فيها ولا ظلم بوجه من الوجوه فقال: ( ماض فيّ حكمك عدل فيّ قضائك ) وهذا يعم جميع أقضيته سبحانه في عبده، قضائه السابق فيه قبل إيجاده، وقضائه فيه المقارن لحياته، وقضائه فيه بعد مماته، وقضائه فيه يوم معاده، ويتناول قضاءه فيه بالذنب وقضائه فيه بالجزاء عليه، ومن لم يثلج صدره لهذا ويكون له كالعلم الضروري لم يعرف ربه وكماله ونفسه وعينه ولا عدل في حكمه بل هو جهول ظلوم فلا علم ولا إنصاف ... قال تعالى: ﭐﱡﭐ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ  ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ  هود: ٥٦

فقوله:   ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩﱪ

مثل قوله: ( ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك ) وقوله: ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ 

مثل قوله ( عدل فيّ قضائك ) أي لا يتصرف في تلك النواصي إلا بالعدل والحكمة والمصلحة والرحمة لا يظلم أصحابها ولا يعاقبهم بما لم يعلموه ولا يهضمهم حسنات ما عملوه فهو سبحانه على صراط مستقيم في قوله وفعله يقول الحق ويفعل الخير والرشد[106].

   وقد بيّن أن كل قضائه في عبده عدل ولهذا يقال كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل ويقال أطعتك بفضلك والمنة لك وعصيتك بعلمك أو بعدلك والحجة لك فأسألك بوجوب حجتك عليّ وانقطاع حجتي إلا ما غفرت لي[107].

 

*الإمام العادل لا ترد دعوته :

   أخرج ابن خزيمة بسنده من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر، وإمام عادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماوات فيقول الرب عز وجل وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين )[108].

*لا نكاح إلى بولي وشاهدي عدل :

   أخرج الهيثمي بسنده من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له )[109].

هذا ما تيسر لي أن أجمعه وأسطره في هذا البحث المهم، وقد اجتهدت وسعي، إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان وأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.  



[1] انظر لسان العرب ج11/ص 430 ، تأليف: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دار النشر: دار صادر – بيروت، الطبعة: الأولى.

[2] مختار الصحاح ج1/ص 176 تأليف: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، دار النشر: مكتبة لبنان ناشرون – بيروت – 1415 – 1995 ، الطبعة: طبعة جديدة، تحقيق: محمود خاطر.

[3] لسان العرب ج4/ص 153 .

[4] الجامع لأحكام القرآن، ج17/ص155 ، تأليف: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، دار النشر: دار الشعب – القاهرة، وانظر المعجم الوسيط: ج2/ص 588 ، تأليف: إبراهيم مصطفى / أحمد الزيات / حامد عبد القادر / محمد النجار، دار النشر: دار الدعوة، تحقيق: مجمع اللغة العربية.

[5] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ج2/ص 437 ، تأليف: محمد الأمين بن محمد بن المختار الجنكي الشنقيطي، دار النشر: دار الفكر للطباعة والنشر – بيروت – 1415 – 1995 ، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات.

[6] أضواء البيان ج4/ص 18 ، وانظر: أضواء البيان ج7/ص64.

[7] لتفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج1/ص 206 ، تأليف: فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت – 1421 هـ - 2000م ، الطبعة: الأولى.

[8] التفسير الكبير ج8/ص 76 .

[9] تفسير القرطبي ج10/ص166 ، الجامع لأحكام القرآن، تأليف: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، دار النشر: دار الشعب – القاهرة.

[10] الجامع الصحيح المختصر ج3/ص1215 ، تأليف: محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، دار النشر: دار ابن كثير، اليمامة – بيروت – 1407 – 1987 ، الطبعة: الثالثة، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا.

[11] الأخلاق والسير في مداواة النفوس ج1/ص33 ، تأليف: أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري، دار النشر: دار الأفاق الجديدة – بيروت – 1399هـ - 1979م ، الطبعة: الثانية.

[12] انظر العدل والقسط ميزان السماوات والأرض للدكتور مجدي سعيد، الشبكة العنكبوتية، أون لاين "بتصرف".

[13] آداب النفوس ج1/ص57، تأليف: أبو عبد الله حارث بن أسد المحاسبي، دار النشر: دار الجيل – بيروت – لبنان – 1984م، تحقيق: عبد القادر أحمد عطا.

[14] مداواة النفوس ج1/ص80.

[15] التفسير الكبير، للرازي ، ج2/ص168 .

[16] تفسير القرآن العظيم ج1/ص566 ، تأليف: إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي أبو الفداء، دار النشر: دار الفكر – بيروت – 1401.

[17] تفسير ابن كثير ج2/ص6.

[18] تفسير ابن كثير ج2/ص31 .

[19] تفسير ابن كثير ج2/ص593.

[20] الزواجر عن اقتراف الكبائر، ج2/ص735، تأليف: ابن حجر الهيثمي، دار النشر: المكتبة العصرية – لبنان / صيدا – بيروت – 1420هـ - 1999م، الطبعة: الثانية، تحقيق: تم التحقيق والاعداد بمركز الدراسات والبحوث بمكتبة نزار مصطفى الباز.

وانظر: تهذيب الرياسة وترتيب السياسة ج1/ص103، ج1/ص189، تأليف: القلعي (م)، دار النشر: مكتبة المنار – الأردن الزرقاء، الطبعة: الأولى، تحقيق: إبراهيم يوسف مصطفى عجو.

[21] تهذيب الرياسة وترتيب السياسة ج1/ص190.

[22] الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة الأمراء ج1/ص166 ، تأليف: محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي، دار النشر: مكتبة نزار مصطفى الباز – الرياض – 1417 هـ - 1996م.

[23] الجامع الصحيح المختصر، ج6/ص2496 ، تأليف: محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، دار النشر: دار ابن كثير، اليمامة – بيروت – 1407 – 1987م ، الطبعة: الثانية، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا.

[24] صحيح مسلم ج3/ص1458 ، تأليف: مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، دار النشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.

[25] ج4/ص2197 رقم 2865 .

[26] صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، ج12/ص 368 رقم 5558 ، تأليف: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، دار النشر: مؤسسة الرسالة – بيروت – 1414 – 1993 ، الطبعة: الثانية، تحقيق: شعيب الأرناؤوط.

[27] مسند أبي يعلى، ج11: ص506 رقم 669 ، تأليف: أحمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي التميمي، دار النشر: دار المأمون للتراث – دمشق – 1404 – 1984 ، الطبعة: الأولى، تحقيق: حسين سليم أسد قال الشيخ حسين أسد: إسناده حسن.

وانظر: حسن السلوك الحافظ دولة الملوك ج1/ص55-61 ، تأليف محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي الشافعي، دار النشر: دار الوطن – الرياض – 1416 هـ ، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد.

[28] رسالة في معنى كون الرب عادلا، ج1/ص123 – 130 ، تأليف: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، دار النشر: الإدارة العامة للطبع والترجمة – الرياض – 1410 هـ ، الطبعة: الأولى، بتصرف بسيط.

[29] إعلام الموقعين عن رب العالمين، ج1/ص161، 162 ، تأليف: أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، دار النشر: دار الجيل – بيروت -  1973 ، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد.

وانظر: الأمثال في القرآن الكريم، ج1/ص23 ، تأليف: أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، دار النشر: مكتبة الصحابة – طنطا – مصر – 1406 هـ ، الطبعة: الأولى، تحقيق: إبراهيم محمد.

[30] صحيح ابن حبان ج3/ص253 ، مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج1/ص391، دار النشر: مؤسسة قرطبة – مصر ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج1/ص136 ، تأليف: علي بن أبي بكر الهيثمي، دار النشر: دار الريان للتراث/ دار الكتاب العربي – القاهرة، بيروت – 1407 هـ.

ثم قال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار إلا أنه قال: ( وذهاب غمي ) مكان ( همي ) والطبراني ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان.

[31] الجمع بين الصحيحين ج3/ص221 البخاري ومسلم، تأليف: محمد بن فتوح الحميدي، دار النشر: دار ابن حزم – لبنان/بيروت – 1423هـ - 2002م، الطبعة: الثانية، تحقيق: د. علي حسين البواب.

[32] كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، في التفسير ج27/ص93 ، تأليف: أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، دار النشر: مكتبة ابن تيمية، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي.

[33] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج1/ص502، تأليف: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، دار النشر: مؤسسة الرسالة – بيروت – 1421هـ - 2000م ، تحقيق: ابن عثيمين.

[34] التفسير الكبير، للرزي، ج1/ص194 ، 195.

[35] صحيح مسلم ج4/ص1994 رقم 2577.

[36] تفسير ابن كثير ، ج2/ص320.

[37] التفسير الكبير ح7/ص179.

[38] الفوائد ج1/ص23، تأليف: أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي ( ابن القيم )، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت – 1393 – 1973 ، الطبعة: الثانية.

[39] الفوائد ، لابن القيم ج1/ص25.

[40] إعلام الموقعين، لابن القيم، ج3/ص3.

[41] الفوائد، لابن القيم، ج1/ص93.

[42] الفوائد ، لابن القيم، ج1/ص108.

[43] كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج20/ص79 ، تأليف: أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، دار النشر: مكتبة ابن تيمية، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي.

[44] الفوائد ، لابن القيم، ج1/ص81.

[45] مدارج السالكين، لابن القيم ، ج3/ص455 ، 456.

[46] مجموع الفتاوى، لابن تيمية ، ج1/ص87.

[47] مناهل العرفان في علوم القرآن، ج2/ص254 ، تأليف: محمد عبد العظيم الزرقاني، دار النشر: دار الفكر – لبنان – 1416 هـ - 1996م، الطبعة: الأولى.

[48] بدائع السلك ج1/ص193، تأليف: ابن الأزرق، دار النشر: وزارة الإعلام – العراق، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. علي سامي النشار.

[49] تالي تلخيص المتشابه ، ج1/ص295 رقم 173، تأليف: أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، دار النشر: دار العصيمي – الرياض – 1417، الطبعة: الأولى، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، أحمد الشقيرات.

[50] البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف ، ج1ص289 رقم 770، تأليف: إبراهيم بن محمد الحسيني، دار النشر: دار الكتاب العربي – بيروت – 1401، تحقيق: سيف الدين الكاتب.

[51] حسن السلوك الحافظ دولة الملوك، لمحمد الموصلي الشافعي ج1/62، 63، 64.

[52] دولة الملوك ج1/ص66 رقم 27.

[53] أضواء البيان ج1/ص466 ، وانظر: سنن أبي داوود ج4/ص124 رقم 4344، تأليف: سليمان بن الأشعث أبو داوود السجستاني الأزدي، دار النشر: دار الفكر، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.

وانظر: الجامع الصحيح سنن الترمذي ج4/ص471 رقم 2174، تأليف: محمد بن عيسى الترمذي السلمي، دار النشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت – تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون.

وانظر: المستدرك على الصحيحين ج3/ص725 رقم 6628 ، تأليف: محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت – 1411هـ - 1990م ، الطبعة: الأولى، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا.

 

[54] التفسير الكبير ج8/ص6.

[55] صحيح البخاري ج2/ص517 رقم 1357.

[56] التيسير بشرح الجامع الصغير ج2ص/359، تأليف: الإمام الحافظ زين الدين عبد الرؤوف المناوي، دار النشر: مكتبة الإمام الشافعي – الرياض – 1408 هـ - 1988م، الطبعة: الثالثة.

[57] الزواجر ج1/ص514.

[58] الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء ج1/ص223، تأليف: محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي، دار النشر: مكتبة نزار مصطفى الباز – الرياض – 1417هـ - 1996م.

[59] تفسير السمرقندي ج1/ص 126 المسمى بحر العلوم، تأليف: ناصر بن محمد بن أحمد أبو الليث السمرقندي، دار النشر: دار الفكر – بيروت، تحقيق: د. محمود مطرجي.

[60] الجامع لأحكام القرآن ج2/ص153 ، تأليف: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، دار النشر: دار الشعب – القاهرة.

[61] تفسير البغوي ج1/ص487 ، تأليف: البغوي، دار النشر: دار المعرفة – بيروت، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، وانظر: أضواء البيان ج1/ص317.

[62] تفسير السعدي ج1/ص207.

[63] أضواء البيان ج1/ص222، 223.

[64] صحيح البخاري ج2/ص911، رقم 2442.

[65] فتح الباري شرح صحيح البخاري ج9/ص313 ، تأليف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار النشر: دار المعرفة – بيروت، تحقيق: محب الدين الخطيب.

[66] نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار ج1/ص289، تأليف: محمد بن علي بن محمد الشوكاني، دار النشر: دار الجيل- بيروت – 1973.

[67] إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ج1/ص365، تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، دار النشر: دار المعرفة – بيروت – 1395 – 1975 ، الطبعة: الثانية، تحقيق: محمد حامد الفقي.

[68] موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ج1/ص280 رقم 1147، تأليف: علي بن أبي بكر الهيثمي أبو الحسن، دار النشر: دار الكتب العلمية، بيروت ، تحقيق: محمد عبد الرزاق حمزة.

[69] العيال ج1/ص170 رقم 34، تأليف: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد ابن أبي الدنيا القرشي البغدادي، دار النشر: دار ابن القيم – السعودية – الدمام – 1410هـ - 1990م، الطبعة: الأولى، تحقيق: د. نجم عبد الرحمن خلف.

[70] تحفة المودود بأحكام المولود ج1/ص227 -229، تاليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، دار النشر: مكتبة دار البيان – دمشق – 1391 – 1971 ، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد القادر أرناؤوط.

[71] أضواء البيان، للشنقيطي، ج1/316.

[72] تفسير القرطبي ج5/ص410 – 414.

[73] تفسير القرطبي ج6/ص 109 ، 1101.

[74] تفسير البغوي ج2/ص18، تأليف: البغوي، دار النشر: دار المعرفة – بيروت – تحقيق: خالد عبد الرحمن العك.

[75] تفسير السعدي ج1/ص84، 85.

[76] تفسير السعدي ج1/ص 133، 134.

[77] صحيح ابن خزيمة ج4/ص125 رقم 250 ، تأليف: محمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلمي النيسابوري، دار النشر: المكتب الإسلامي – بيروت – 1390 – 1970 ، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي.

وانظر: البرهان في علوم القرآن ج2/ص433 ، تأليف: محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي أبو عبد الله، دار النشر: دار المعرفة – بيروت – 1391، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.

[78] تفسير ابن كثير ج2/ص191.

[79] تفسير القرطبي ج16/ص319.

[80] التفسير الكبير ج28/ص111.

[81] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ( الداء والدواء ) ج1/ص34، تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت.

[82] فتح الباري ج6/492.

[83] تهذيب الرياسة وترتيب السياسة ج1/ص 189 – 198.

[84] المستطرف في كل فن مستظرف ج1/227 – 232 ، تأليف: شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح الأبشيهي، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت – 1406 هـ 1986م، الطبعة: الثانية، تحقيق: مفيد محمد قميحة.

وانظر: المفردات في غريب القرآن ج1/ص119، تأليف: أبو القاسم الحسين بن محمد، دار النشر: دار المعرفة – لبنان، تحقيق: محمد سيد كيلاني.

[85] فتح الباري ج10/ص480.

[86] حسن السلوك الحافظ دولة الملوك ج1/ص70، تأليف: محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي الشافعي، دار النشر: دار الوطن – الرياض – 1416هـ، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد.

[87] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج5/ص280 رقم 2372، تأليف: علي بن سلطان محمد القاري، دار النشر: دار الكتب العلمية – لبنان/ بيروت – 1422 هـ - 2001م ، الطبعة: الأولى، تحقيق: جمال عيتاني.

[88] المحلى ج7/ص296، تأليف: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري أبو محمد، دار النشر: دار الآفاق الجديدة – بيروت، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي.

[89] الفوائد، لابن القيم ج1/ص 139 – 140.

[90] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة ج1/ص39، تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت.

[91] معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول ج1/ص225، تأليف: حافظ بن أحمد حكمي، دار النشر: دار ابن القيم – الدمام – 1410 – 1990، الطبعة: الأولى، تحقيق: عمر بن محمود أبو عمر.

[92] معارج القبول ج1/ص 226 ، 227.

[93] توحيد الألوهية ج8/ص 511 وهو كتب ورسائل وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، تأليف: أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، دار النشر: مكتبة ابن تيمية، الطبعة: الثانية، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي.

[94] الخلافة ج1/ص35، وهو: مرد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة، تأليف: يوسف بن تغرري بردي الأتابكي، دار النشر: دار الكتب المصرية – القاهرة – 1997م، تحقيق: نبيل محمد عبد العزيز أحمد.

[95] حسن السلوك الحافظ دولة الملوك ج1/ص70، تأليف: محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي الشافعي، دار النشر: دار الوطن – الرياض – 1416هـ، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد.

[96] حسن السلوك الحافظ دولة الملوك ج1/ص 71 – 79.

[97] شرح العقيدة الطحاوية ج1/ص432.

[98] الفروق أو أنوار البروق في أنواء الفروق ( مع الهوامش ) ج1/ص226، تأليف: أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي، دار النشر: دار الكتب العلمية – بيروت – 1418هـ - 1998م ، الطبعة: الأولى: تحقيق: خليل المنصور.

[99] المستدرك على الصحيحين ج2/319 رقم 3148.

[100] جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم ج1/ص75، تأليف: زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي، دار النشر: مؤسسة الرسالة – بيروت – 1417 هـ - 1997م، الطبعة: السابعة، تحقيق: شعيب الأرناؤوط/ إبراهيم باجس.

[101] صحيح البخاري ج3/ص1148 رقم 2981، صحيح مسلم ج2/ص739 رقم 1062.

[102] صحيح البخاري ج3/ص256 رقم 3236.

[103] المستدرك على الصحيحين ج4/ص632 رقم 8751.

[104] صحيح ابن حبان ج3/ص253 رقم 972.

[105] معجم أبي يعلى ج1/ص238 رقم 291، تأليف: أحمد بن علي بن المثنى الموصلي أبو يعلى، دار النشر: إدارة العلوم الأثرية – فيصل آباد – 1407، الطبعة: الأولى، تحقيق: إرشاد الحق الأثري.

[106] شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج1/ص274، 275، 276، تأليف: أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، دار النشر: دار الفكر – بيروت – 1398، تحقيق: محمد بدر الدين أبو فراس النعساني الحلبي.

[107] الفتاوى الكبرى ج1/ص404، تأليف: شيخ الإسلام أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، دار النشر: درا المعرفة – بيروت، تحقيق: قدم له حسنين محمد مخلوف.

[108] صحيح ابن خزيمة ج3/ص199 رقم 1901.

[109] موارد الظمآن، للهيثمي، ج1/ص305 رقم 1247.